قواعد التغذية

إنّه أمر ممكن... «تدريب الدماغ» للمحافظة على كفاءته وتطويره
إعداد: ليال صقر الفحل

مع التقدّم في العمر، تضعف خيوط «الاتصالات» الكيميائية في الدماغ، والتي تتصل مباشرة بالتفكير، وإعطاء أوامر الحركة، ومعالجة المعلومات وحفظها، وغيرها من الوظائف. وقد أجمع العلماء والباحثون على أنّ «تدريب أعصاب الدماغ» من شأنه تفعيل عمل الخلايا العصبية وتجديدها وبالتالي إنتاج خلايا دماغية جديدة ونشيطة. لكن كيف يتمّ هذا التدريب؟ وهل للتغذية دور في ذلك؟

 

مع مرور السنين يخسر الدماغ الكثير من كفاءته، فالروتين اليومي (مشاهدة التلفاز يوميًا، سلوك الطريق عينها إلى العمل...) يكلّفنا كثيرًا على المستويَين النفسي والفيزيولوجي، ما يؤدّي إلى تدهور صحّة الدماغ، وتحديدًا سماكة خيوط الاتصالات التي تربط الخلايا العصبية وتحمل المعلومات. ويرى العلماء أن تفعيل عمل الخلايا العصبيّة من خلال تناول الأطعمة المناسبة وتأدية نشاطات يومية، يحفّز الدماغ على إنتاج مواد كيميائية يحتاج إليها لتأدية وظائفه.
إنّ وظائف الدماغ كالتفكير والتركيز والتذكّر وإعطاء أوامر الحركة لا يمكن أن تتمّ إلاّ بوجود خلايا عصبية قوية وتشعبات (Neurones) كثيرة تربط بين خلايا قشرة الدماغ، وتغذية دموية جيّدة لهذه الخلايا، بالإضافة إلى تكوين وراثي وخلقي جيّد في المراحل الجينية وتلك اللاحقة.
وفي هذا السياق ينصح خبراء بما يلي:

 

• أولاً، في الغذاء:
- تناول الأحماض الأمينية على اختلاف أنواعها، فهي توفّر التريبتوفان المصنّع الأول لمادة السيروتونين وهو ناقل عصبي في المخ. ويشكّل كل من الشوفان والفول السوداني واللوبياء والتونة أهم مصادر هذا الحمض الأميني. في موازاة ذلك يساعد الـ«فينيل ألانين» على تشكيل مادة «ببينفرين» وهي إحدى الناقلات العصبية التي ترتبط بوظائف الذاكرة، وأهم مصادره: البيض، الدجاج، الأرز البني والقريدس. بدوره يعمل الـ«تيروسين» مع «الفينيل ألانين» في تكوين ناقلات المخ، وهو موجود في الفول السوداني، الموز، اللوز والسردين.
أخيرًا في ما يتعلّق بالأحماض الأمينية يدعم الـ«أرجنين» جهاز المناعة، وقد بيّنت دراسات عديدة أن من يعانون مرض الألزهايمر يكون مستوى هذا الحمض الأميني منخفضًا لديهم. أهم مصادره: البندق، اللبن والدواجن...
- الإكثار من استهلاك الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن التي تحافظ على أنسجة سليمة. ويعتبر الفيتامين C الأول في تقليل خطر التعرّض لفقدان الذاكرة والألزهايمر، وهو موجود بكثافة في الفاكهة الحمضية كالليمون والـ«غريب فروت» والغوافة والحامض. ويساعد الفيتامين B1 الموجود في العدس وفول الصويا والسلمون والأفوكا في إتمام الوظيفة عينها. أمّا الغلوكوز، البوتاسيوم والفوسفور، فمن شأنها توفير الطاقة التي يحتاجها الدماغ يوميًا، وتتواجد في الأسماك المختلفة، الشوفان، القمح، الزبيب، المكسرات، البطاطا، السبانخ، البندورة، البروكولي والموز...
- شرب الكثير من الماء يساعد بدوره في إنجاح هذه المهمّة، وينصح الإختصاصيون بالإحتفاظ بزجاجة مياه أينما ذهبنا لضمان حصول جسمنا وبالتالي أنسجتنا على الترطيب المستمر.
- عدم التهاون في توفير تغذية جيّدة للأم الحامل خصوصًا في المراحل الأولى من الحمل التي تتكون خلالها الخلايا العصبيّة للجنين. من أهم هذه الأغذية يذكر الإختصاصيون زيت الزيتون، الموز، واللحوم الحمراء...
- الإبتعاد قدر الإمكان عن تناول القهوة والكحول والمأكولات المشبعة بالدهون والسكريات، التي تؤدي إلى التوتر النفسي والعصبي وبالتالي إلى إتلاف أنسجة الدماغ.

 

• ثانيًا، نشاطات لتدريب الدماغ:
في ما خصّ النشاطات التي تهدف إلى تدريب أعصاب الدماغ، يقترح الخبراء اعتماد عدّة خطوات:
- تدوين اليوميات والملاحظات، وهي خطوة تمنح ممارسيها فرصة التأكد من القدرة على الحفظ وبالتالي الإطمئنان على سلامة الذاكرة، إذ يساعد تدوين الذكريات على استعادة الأحداث القديمة، وتطوير استراتيجيات جديدة للتذكر مثل الربط بين شخص ورائحة، أو بين إحساس معيّن وحدث حصل منذ زمن...
- القراءة والكتابة، بحيث يعمل الدماغ خلال إتمام هاتين المهمّتين على البحث وتسجيل المعلومات الجديدة ما يحفّز خلايا الدماغ على العمل والتكاثر، بعكس ما يحدث عندما نشاهد التلفاز ونتصفّح مواقع الإنترنت لساعات طويلة، حيث تصاب الأعصاب بالخمول وتتعرّض خلايا الدماغ للتلف.
- تذكّر أسماء الأشخاص، أرقام هواتفهم، أبيات من الشعر وأقوال مأثورة،وهي نشاطات تحثّ الدماغ على العمل، كما يؤدّي تعلّم لغة جديدة، وممارسة لعبة الشطرنج والسودوكو والكلمات المتقاطعة لعدّة مرات في الأسبوع إلى تحقيق الهدف عينه.
- النوم من سبع إلى ثماني ساعات يوميًا، ممّا يساعد العقل على تنظيم المعلومات وتذكرها في اليوم التالي بشكل واضح وصحيح.
- المغامرة واستكشاف البيئة المحيطة ومراكمة التجارب المختلفة، لأنّها نشاطات تحفّز الدماغ على توليد خلايا عصبية جديدة، وهو أمر أكّدته الدراسات العديدة التي عمل الباحثون في معهد بلانك ومركز العلاج التجدّدي في المانيا عليها خلال السنوات الأخيرة لتحديد العلاقة بين التجارب التي يعيشها الإنسان وبين تطور دماغه.
- ممارسة التمارين الرياضيّة، فهذا الأمر من شأنه أيضًا أن يرفع نسبة إنتاج خلايا الدماغ العصبية، خصوصًا إذا ترافقت التمارين مع التنفّس العميق والإسترخاء وممارسة تمارين السير واليوغا...