كي لا ننسى

إيليز جوزف القزي تروي بالصوت والصورة «بيي راح مع العسكر...»
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في تحية إلى شهداء الجيش

لم تشأ الطالبة الثانوية في مدرسة يسوع ومريم (الربوة) إيليز جوزف القزي البالغة من العمر 17 عاماً إلا أن تفتتح العام الدراسي بتحية إلى شهداء الجيش الذين سقوا بدمائهم تراب الوطن في معارك نهر البارد من أجل قضية أقسموا يمين المحافظة عليها وهي: لبنان!
العمل حضّرته إيليز بإتقان نصاً وعرضاً مصوراً كي يكون بمستوى التضحية والشهادة، أمّا الهدف فإطلاع رفاقها الذين لم يتسنَ لهم متابعة تفاصيل المعركة لعدة أسباب، على حقيقة ما عاشه العسكريون خلالها.
لقد أرادت تلك الشابة التي تفاعلت مع كل لحظة من لحظات المعركة وتحسست المعاناة التي  سببتها لمئات العائلات أن توجه رسالة: كم كان غالياً الثمن الذي دفعه الجيش ليحقق الانتصار على الإرهاب، ولتظهر مدى بسالته في المعركة.


الفكرة والتنفيذ
تخمّرت الفكرة في رأسها، عرضتها على مدير المدرسة الخوري جوزف طنوس فلاقت إعجاباًً وتشجيعاً. وخصصت الإدارة يوماً عرض خلاله الفيلم بحضور مدراء الأقسام والأساتذة وتلامذة الصفوف الثانوية.
في اليوم المحدد، إرتدت إيليز القزي البذة العسكرية، ووقفت بكل جرأة وثقة بالنفس على مسرح المدرسة وراحت تروي لهم بالصورة والصوت كيف «بيي راح مع العسكر» (عنوان عرضها).
إنطلق العرض من تاريخ 20 أيار 2007، عندما ترك أكثر من 3000 عسكري من الجيش بين ضباط ورتباء وأفراد بيوتهم وعائلاتهم وحياتهم ولبّوا نداء الواجب لمحاربة الإرهاب في مخيم نهر البارد، في معركة شرسة وضارية إستمرّت 106 أيام، إستعملوا خلالها قلبهم وشجاعتهم وكرامتهم ولحمهم الحي سلاحاً، بعدما كان ممنوعاً على الجيش أن يتسلّح طوال 17 عاماً... ومع سقوط كل جريح وكل شهيد كانت عزيمة العسكر تصبح أكبر والمعنويات أعلى، وإصرارهم على متابعة المعركة حتى الرمق الأخير لا بل حتى الإنتصار يزداد رسوخاً.
يشمل العرض مختلف مراحل المعركة ليصل إلى 2 أيلول 2007 يوم الإنتصار، الذي كانت كلفته 170 شهيداً و800 جريح.

 

من الشهادة حتى الانتصار
تتابع إيليز القصة وتطالب أن يتساوى الشهيد العسكري بالشهيد السياسي الذي يُقفل البلد حداداً عليه مدة ثلاثة أيام، بينما ينتهي الشهيد العسكري بتدوين إسمه على لائحة الشرف في وزارة الدفاع. من أجل هذه الشهادة النبيلة، والتي تتمنّاها عادلة، أرادت هذا اللقاء تحية وفاء للجيش ولشهدائه، ولأهلهم وعائلاتهم وزوجاتهم وأبنائهم الذين عانوا ما عانوه من فقدان وحرمان وقلق وحزن ومرارة قد لا ينجح الوقت في محوها أو نزعها من القلب...
وعلى الرغم من الألم الكبير والحزن الشديد والحرقة التي خلّفتها هذه المعركة، فالعمل يضيء على نشوة الإنتصار وإحتفال اللبنانيين بجيشهم العائد من المعركة عالي الجبين موفور الكرامة.
وفي الختام، تمنّت الطالبة إيليز القزي من جميع الفرقاء السياسيين أن يتصرّفوا على مستوى الشهادة التي قدّمها الجيش وكانت لكل لبنان وليس لفريق من دون آخر.

 

مشروع للعيش وليس فقط للذاكرة
بعد إنتهاء العرض، كان التأثّر بادياً على وجوه الحاضرين، ونوّه مدير المدرسة بالعمل الذي أعدّته إيليز فاعتبره مشروعاً للعيش وليس فقط للذاكرة.
وكان لا بدّ من كلمة شكر وجهتها إيليز إلى تلامذة المدرسة الذين تعاونوا معها في تصوير تحية «بالقلب يا وطن» التي أدّوها لأبناء الضباط الذين يتعلمون في المدرسة، في لفتة لما عاناه هؤلاء في أثناء وجود آبائهم في المعركة.
كما شكرت كل الذين أمدّوها بالصور والأرشيف اللازمين خصوصاً مديرية التوجيه في الجيش والمؤسسة اللبنانية للإرسال (Lbc) والـ«OTV».

 

ضمانة الأمل
في ختام اللقاء، شدّدت إيليـز القزي على أن المؤسسة العسكرية هي الضمانة لوجودنا والوحيدة التي تشعرنا بالأمل والثقة والطمأنينـة «ولا أقول هذا من منطلق أنني إبنة ضابط في الجيش (العقيد الإداري جوزف القزي) بل هو شعور ينتابني منذ الطفولة، مع ما للوالد من تأثير في تربيتي».
يجدر بالإشارة أن إيليز تحضّر، مع رفاق صفّها، لزيارة عائلات الشهداء والجرحى المقيمين في المناطق المجاورة للمدرسة بمناسبة حلول عيدي الميلاد ورأس السنة وتقديم هدية رمزية عربون تضامن ومحبة، وهي عادة درجت عليها المدرسة في فترة الأعياد.


زيارة إلى نصب الخالدين
زار وفد من تلامذة مدرسة يسوع ومريم مبنى وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، ووضعوا إكليلاً من الورد على نصب الخالدين حمل عبارة «معافى يا عسكر لبنان».