موهبة وإرادة

ابنة الخمسة عشر ربيعاً في «أشعة الشمس السرمدية»
إعداد: ريما سليم ضومط

روز ماري طوق:الكتابة ستظل هوايـتـي ولـذتـي

في سن تحمل فيه الفتيات قلم الصباغ الأحمر لترسم على الشفاه البريئة نهاية مرحلة الطفولة وبداية مرحلة المراهقة، حملت روز ماري طوق، إبنة العقيد أنطونيوس طوق قلم الحبر وهموم المجتمع وأوجاع الآخرين لتخط على أوراقها الصغيرة عناوين كبيرة كمثل العدالة والمساواة والثورة والإيمان وحب الوطن والعائلة، وجمعتها في كتاب شعري باللغة الانكليزية يحمل في عنوانه «أشعة الشمس السرمدية» (Perpetual Sunshine) الأمل بغد مشرق. وأقامت لها مدرستها «يسوع وماري» احتفال توقيع لكتابها حضره العقيد المهندس يوسف الميني، وعاد ريعه الى صندوق الطالب.
كلمات الكتاب نابعة من قلب ينبض بالخير والمحبة، وعقل يسعى من خلال موهبة فذّة الى تغيير عالمنا الذي يعمّه الفساد والحقد الى عالم محبة وسلام.
روز ماري طوق التي تضيء وجهها الملائكي البريء عينان تتقدان ذكاءً، والتي تخفي وراء ابتسامتها الخجولة الإرادة والعزم والتصميم، هذه الصبية التي تمتزج في شخصيتها تناقضات فريدة من الهدوء والإتزان الى الحماسة والثورة والتمرد، كانت ضيفتنا في مجلة «الجيش»، وكانت «دردشة» حول كتابها وموهبتها.

 

منذ نعومة الأظافر!
• بدأت الكتابة في سن مبكرة (8 سنوات). كيف تفتّحت لديك الموهبة الشعرية، ومَن ساعدك على تنميتها؟
- منذ سنوات الطفولة الأولى، دخلت عالم الكتاب عن طريق القصص التي كانت تقرأها لي والدتي باستمرار. وقد ساهمت الى حد كبير في تنمية خيالي وفي تعزيز حسّ الإكتشاف لديّ. وما إن بدأت فك رموز الأحرف حتى وجدتني أبحث عن الكتب إنطلاقاً من رغبة قوية بالمعرفة والإكتشاف، فكان والدي كلما أضاعا كتاباً وجداه معي!
ولعل تعلّقي الشديد بالكتب خلق لديّ الرغبة في الكتابة، فكنت أعبّر عن المشاعر التي تختلج في داخلي عن طريق النثر أو الشعر، شأني في ذلك شأن أي فنان يعبّر عن إحساسه من خلال فنّه.
في سن الثامنة، قرأ والداي أولى كتاباتي الشعرية فأعجبا بها كثيراً، وظلّا مذذاك يشجعاني على الكتابة، فكان لهما دور كبير في تطوير موهبتي وإطلاقي لكتابي الشعري.


• يحمل كتابك مواضيع عميقة كالإيمان والمواطنية والعدالة، الخ... كيف تنتقين مواضيعك، ولمَ اخترت هذا الإتجاه؟
- أنا جزء من هذا المجتمع. أتفاعل معه وأراقب العالم بكل ما فيه، بدءاً من الحزن والألم في وطننا الصغير الى الظلم الذي يلف العالم بأسره، حيث ما نزال نجد في القرن الواحد والعشرين العبودية، وعمالة الأطفال، والتمييز العنصري، إضافة الى الحروب الناتجة عن أطماع الدول بعضها بالبعض الآخر. فلا يسعني والحال هذه إلا أن أعبّر بطريقتي عن إحساسي بكل ما يدور حولي، وعن أملي الدائم بأن يتغلّب الخير على الشر.

 

تعبير عن الإحساس
• هل تعتقدين أن الكاتب يمكنه أن يحدث تغييراً ولو طفيفاً في مجتمعه، أم أن الكتابة بالنسبة اليك مجرد تعبير عن إحساس داخلي؟
- مما لا شك فيه أنني أجد راحتي في الكتابة، وهو ما يدفعني اليها في الدرجة الأولى. ولكني في الوقت نفسه، أنطلق من شعار مدرستي لهذا العام، الذي يدعو التلامذة لأن يشعّوا في مجتمعهم ويكونوا علامة فارقة فيه، وأيضاً من إيماني الكبير بالله، لكي آمل أن أستطيع تغيير نظرة الآخرين ودعوتهم الى المحبة والسلام، ولا سيما أن جميع الأديان تدعو الى المحبة وتنشد السلام والخير للبشرية جمعاء.


• في عمر الثماني سنوات كتبت صلاة للعذراء تطلبين اليها أن تمنح حكامنا السلام الداخلي كي يوقفوا الحروب. كيف أمكنك في هذه السن المبكرة إستيعاب مفهوم الحرب والسلم؟
- من يتابع وسائل الإعلام لا بد وأن يكتشف من خلالها الكثير. في طفولتي كنت أشاهد ما يقدمه التلفزيون من صور الحرب والدمار، ومدى الحزن الذي تخلّفه الحروب في قلوب المواطنين. ولطالما شعرت بالألم لما يصيب الناس من نكبات في الحروب، وأردت دائماً أن ينتهي القتل والدمار، فلجأت الى الأسلوب الوحيد الذي أعرفه ألا وهو الصلاة والكتابة لأعبّر عن حزني العميق، وعن رجائي في رؤية عالم خالٍ من الحقد والكره.

 

الوطن والجيش
• يحتل لبنان وجيشه حيّزاً هاماً في كتابك، ما سرّ هذا التعلّق بالوطن والجيش؟
- الجيش بالنسبة اليّ كل شيء. والدي جزء من هذا الجيش، ومن خلاله أدرك مدى التضحية التي يقدّمها العسكريون للوطن. فهم يضعون لبنان فوق كل اعتبار، وقد لاحظت في الحرب الأخيرة (نهر البارد) كيف تخلّى الشبان العسكريون في زهوة شبابهم عن أحلامهم ومشاريعهم للمستقبل، وضحّوا بحياتهم في سبيل الوطن. وأعتقد لو أننا جميعاً نتمتع بروح التضحية والتخلي عن الذات مثلهم، لكنا نعيش في سلام دائم.


• لمن تقرئين من الكتّاب والشعراء؟
- في السنوات السابقة قرأت الكثير من القصص والكتب الخيالية. حالياً، أهوى القراءة لجبران خليل جبران ووليم شكسبير، كما أحب الروايات التي نستخلص منها العبر.


• بين أشعارك أيها الأحب الى قلبك؟
- جميعها تحتل المساحة نفسها في قلبي! فكل منها هو جزء مني، ويعبّر عن إحساس شعرت به في لحظة معينة، كما يحمل في طياته ذكريات خاصة سعيدة كانت أم أليمة، غير أنها تركت في ذهني بصمات لا تُمحى.


• أصـدرت في عمر الخامسة عشر أول كتاب شعر، فهل تفكرين بمعاودة التجربة لاحقاً؟
- طموحي أن تبقى الكتابة هواية ولا أعتقد أنني سأتخصص فيها وإنما في مجال العلوم. لذا لا أستطيع أن أجزم ماذا يحمل المستقبل لكن الكتابة ستظل دائماً هوايتي ولذتي.


• تتمتعين بوجه ملائكي هادئ، في حين يعكس بعض أشعارك الثورة والتمرد. فأي الوجهين أنت؟
- أنا هادئة بطبيعتي، ولكني أشعر في داخلي بحالات متناقضة. فأحس أحياناً بالتمرد على كل شيء، وتراودني رغبة في تغيير الناس ومحاربة الفساد في العالم كله. أؤمن بضرورة إلغاء التمييز والحقد والكره، ومن هذا المنطلق أنا ثائرة أريد تغيير المجتمع وبناء السلام.

 

جمر ورماد
على امتداد 120 صفحة، نشرت روز ماري طوق رؤيتها الخاصة للمجتمع والعالم، وعرضت مواقفها من عدة أمور من بينها الإيمان، والمساواة، والجيش، والوطن والعائلة الخ...
في ما يلي عرض لعدد من هذه المواقف.


• الجيش (ص 54) تحت عنوان «The Uniform» تصف الجيش كالآتي: الجنـود هم المقاتـلون الذين يناضلون في سبيل قضيـتهم، حيث يمنـعون الدخلاء المتعطشـين الى الدمــاء من غرس مخالبــهم في وطنـنا الحبيب، الذي بُني من العرق والدماء. ونحن نعتمد على جيشنا كي ينهي مخاوفنا وشكوكنا.
 

• لبنان (ص 50) تحت عنوان «My Lebanon»، تقول في لبنان: لبنان هو كنز تعرّض للتشويه والأذى بأيدي أبنائه والغرباء الذين أحرقوا جماله وحوّلوه الى رماد، كما حوّلوا عظمته الى جمر منطفئ...
أريد العيش في لبنان من دون أن أضطر الى الإنجرار في حروب قادت الى سقوط وحشي وسادي.
أريد أن أعيش في لبنان حياة خالية من الخوف والكره، بعيداً عن الإرهاب، والمصير المهدّد.


• العدالة (ص 65) تحت عنوان «Justice... Served» كتبـت: هـناك أطفـال تُغــدق عليهم الأموال والألعاب، وهــم بالكاد يعرفون أن هناك فتيـات وصبـيان آخرين، ممـن يستعبـدون ويعذبون ويجوعون ويعمـلون تحت أشعة الشمس الحارقة، متعطشين الى نقطة ماء!