إقتصاد ومال

اتفاقية «غاتكا»
إعداد: تريز منصور

لبنان ضمن منظومة تبادل المعلومات الضريبية

 

أقرّ مجلس النواب في جلسته التشريعية في 19 تشرين الأول الفائت تعديلات متعلّقة بالقوانين المالية، وذلك انسجامًا مع متطلبات الانضمام إلى اتفاقية «غاتكا»، أو إلى المنتدى العالمي (Global Forum) الذي يدير عملية تبادل المعلومات ضمن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
وبناء عليه تمّ إلغاء القانون الرقم 43 الصادر في العام 2015 واستبداله بقانون جديد يتضمن إعادة صياغة الاجراءات اللازمة لتبادل المعلومات الضريبية مع البلدان التي صادقت على الاتفاقية، وذلك إما بمعاهدة ثنائية، وإما عن طريق معاهدة MCAA أي إتفاقية تبادل المعلومات.

 

ما هي غاتكا؟
يوضح أمين عام جمعية مصارف لبنان الدكتور مكرم صادر أن مجموعة الدول العشرين G20، وتماثلًا مع التشريع الأميركي المعروف بقانون «فاتكا» FATCA، بلّورت على مدى خمس سنوات (2009-2014) مجموعة معايير حول التبادل التلقائي للمعلومات، الى أن أقــرّ رؤساء الدول الأعضاء خلال مؤتمر قمة الدول العشرين في بريسبان Brisbane في شهر تشرين الثاني 2014 الصيغة النهائية لـ«غاتكا». وتهدف هذه الاتفاقية الدولية إلى الحؤول دون تهرّب غير المقيمين من سداد ضرائبهم عن الأموال التي يملكونها خارج أوطانهم أو خارج دول إقامتهم الفعلية. ويُعتبر تبادل المعلومات المدخل لمنع التهرّب الضريبي على هذا الصعيد.
بدوره يوضح أستاذ القانون المصرفي المحامي الدكتور بول مرقس (رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية)، أنّ اتفاقية «غاتكا» تهدف إسوة بقانون «فاتكا» الأميركي إلى تعزيز الإجراءات لمكافحة التهرّب الضريبي وإدخال الشفافية على النظام الضريبي الدولي، إلا أن أبرز الفوارق بينهما يتمثل في الإجراءات العقابية التي تفرضها الولايات المتحدة على غير الممتثلين لقانون «فاتكا» عبر اقتطاع 30 في المئة على بعض أنواع الدخل، في حين تنتفي هذه الإجراءات على صعيد «غاتكا».

 

السرية المصرفية
ويضيف موضحًا أن النطاق التطبيقي لـ«غاتكا» أوسع من ذلك العائد لـ«فاتكا»، بحيث أنه يتطلب مراجعة ملفات العملاء كافة، وليس الأميركيين منهم فقط. وبذلك فإن حجم البيانات المطلوب التدقيق بها أكبر، ما يتطلّب تخصيص الكفاءة المهنية اللازمة، واعتماد أنظمة معلوماتية متخصّصة في جمع المعلومات الخاصة بالعملاء وتحليلها.
وفي ما يتعلّق بالسريّة المصرفية في ظل متطلبات «غاتكا» يقول مرقس: إن لبنان كان قد أقرّ إجراءات، بحيث لم تعد تقف السرية المصرفية حائلاً أمام الاستعلام من الجهات الخارجية وفق قنوات محدّدة، وتاليًا بات من الممكن تبادل المعلومات الضريبية، علمًا أن السرية المصرفية، وخلافًا للحديث «الشعبوي»، ما زالت موجودة إلى حدّ كبير. وبالنتيجة، إن مال الجريمة – ومنها التهرّب من الضريبة – ليس بإمكانه التلطّي وراء السرية المصرفية، وهي أصلاً اعتُمدت لجذب الأموال النظيفة وليس لحماية الأموال القذرة.
ويذكّر مرقس بأن مصرف لبنان كان قد أصدر القـرار الأساسي الرقـم 12309 تاريخ 5 أب 2016 المتعلّق بالتبادل المشمول بالسرية المصرفية، تماشيًا مع المعلومات الضرائبية وفق المعايير الدولية. وهذا القرار يفرض على المصارف والمؤسسات الماليـة، اتخـاذ الإجـراءات الإداريـة والتقنيـة المناسـبة لتزويـد هيئــة التحقيـق الخاصــة بالمعلومات التي تطلبها السلطات الأجنبية المعنية حول حسابات بعـض المقيمـين فـي بلـدانها، وذلـك من خلال وزارة المالية اللبنانية، وضمن إطار تبادل المعلومات الضرائبية تطبيقـًا لتوصيات المنتـدى العالمي، ومنظّمة التعـاون والتنمية الاقتصادية، حـول الشفافية وتبادل المعلومات لأغـراض ضـريبية.

 

إيجابيات القانون
يمكن أن يستفيد لبنان من انضمامه إلى هذه الاتفاقية، والتزامه شروط التبادل التلقائي، فبعد إقراره القوانين اللازمة وتوفير الشروط الضرورية لتأمين السرية التامة للمعلومات، يصبح بإمكانه تلقّي معلومات مفصّلة عن حسابات المقيمين اللبنانيين في الخارج بصورة تلقائية عبر وزارة المالية، حتى من دون أن تطلب ذلك. وبهذه الطريقة سيكون لدى الوزارة علم تام بإيرادات اللبنانيين في الخارج.