هو وهي

اتفقتما على التفاصيل لكن ماذا عن الأمور الأساسيّة؟
إعداد: ريما سليم ضوميط

اقترب موعد الزفاف، وتم الاتفاق بين العروسين على كل ما يغني الحفل ويسعد الحاضرين، من القاعة إلى الطعام والشراب والزينة والأزهار، فثوب الزفاف والموسيقى والزفّة... ولكن مهلًا، هل اتفقتما على الأمور الأساسيّة التي يمكن أن تؤثّر سلبًا أو إيجابًا على مستقبلكما معًا؟ مـاذا عـن الإنفاق المالي، وتربية الأولاد، وعمل الزوجة؟... إن لم تفعـلا، فننصحكمـا بإعـادة النظـر في الموضـوع كـي لا تندمـا في مـا بعـد.

 

يؤكّد الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل أوّل عمّار محمّد أن نجاح الزواج يكمن في تنظيم العلاقات بين أفراد الأسرة ضمن قواعد وأسس ثابتة يتم الاتفاق على معظمها قبل دخول القفص الذهبي بغية التوصّل إلى زواج مستقر وناجح. ويضيف أنّ سر النجاح في الحياة الزوجيّة يبدأ باختيار شريك يكمّل الآخر بتطلعاته ورؤيته للأمور ويحترم ما تفرضه شراكتهما من مسؤوليات وواجبات. من هنا، فهو ينصح الأشخاص المقبلين على الزواج بمناقشة بعض الأمور المهمّة التي يمكن أن تؤثر على علاقتهما الزوجية والاتفاق بوضوح حولها، كي لا يخطوا خطوة ناقصة باتجاه مستقبلهما معًا. من بين هذه المواضيع إدارة دخل العائلة، وتربية الأولاد، والعلاقة مع الأهل، واحترام مساحة الخصوصية لدى الطرفين.
 
إدارة الدخل والمصاريف
يعتبر الموضوع المالي من المواضيع الحسّاسة التي يخجل المرء عادةً من التطرّق إليها. لذا، نادرًا ما يناقش الخطيبان مسألة الإنفاق المالي وكيفيّة المشاركة في المصاريف المنزليّة في حال كان كلاهما يعمل. والواقع أنّه يجب مناقشة هذا الأمر بكل صراحة لإيضاح التساؤلات الممكنة كلّها: هل ستشارك الزوجة في مصاريف المنزل، أم أنّها ستحتفظ براتبها لنفسها؟ هل سيساهم أحد الطرفين في إعالة ذويه بشكلٍ كلّي أو جزئي ما بعد الزواج؟ هل هناك ديون أو قروض مصرفيّة غير مستوفاة سيحملها أحد الطرفين معه إلى منزله الزوجي؟
من الضروري أيضًا أن يراقب كل طرف أسلوب الآخر في الإنفاق المالي لمعرفة ما إذا كان كريمًا أو بخيلًا أو مسرفًا بشكلٍ مبالغ فيه، أو إذا كان ممّن يهملون الأمور المادية أم يدقّقون فيها، فالكثير من الزيجات تعاني مشاكل جمّة بسبب بخل أحد الطرفين أو إسرافه المفرط.
 
عمل المرأة
قد يكون الشاب مطمئنًا إلى ارتباطه بامرأة عاملة تسانده في ظروف الحياة الصعبة، فيما تفكّر الفتاة في اللحظة التي تُزفّ فيها أن تترك العمل وتتفرّغ لإدارة منزلها، وقد يكون العكس صحيحًا، إذ يمكن أن يرفض الرجل عمل المرأة، بينما تأبى الأخيرة أن تُسجن داخل جدران المنزل من دون أن تحقّق ذاتها من خلال عملها. لذلك، من الضروري أن يعلن الخطيبان بصدقٍ موقفهما من عمل المرأة واتخاذ قرارٍ بشأنه.

 

إنجاب الأطفال وتربيتهم
يسعى معظم الأشخاص إلى الزواج بهدف بناء عائلة وإنجاب الأطفال. لذا يجب أن يتأكّد كل من الخطيبين من نيّة الآخر في الإنجاب واستعداده لتحمّل هذه المسؤوليّة. وبما أن المرأة العاملة غير قادرة على البقاء مع أطفالها طوال الوقت، فمن المفيد التشاور في كيفيّة تنظيم الأسرة، والتوافق على الجهة التي ستتولّى الاهتمام بالأولاد في فترة غياب الأم عن المنزل. وفي حال كان الزوجان من خلفية اجتماعيّة أو دينيّة مختلفة، قد يرغب كل طرف في تربية الأطفال وفق الطريقة التى تربّى عليها، ما يؤدّي إلى تشتّت الأولاد، لذا، يجب الاتفاق على صيغة موحّدة للتربية يحترمها الطرفان ويلتزمانها.

 

الأهل والاصدقاء
إن اتفاق الخطيبين على تنظيم العلاقة مع الأهل قد يجنّبهما الكثير من المشاكل في ما بعد. فما يقبله البعض من تدخّل الأهل في شؤونهم الخاصة أو مشاركتهم القرارات المختصّة بتربية الأولاد، قد يرفضه البعض الآخر الذي ينادي بالاستقلاليّة في المواقف والقرارات. من جهة أخرى، يجب على كلٍّ من الطرفين أن يعلن رأيه بصراحة حول ما إذا كان يفضّل الحياة الاجتماعية الغنيّة بالأصدقاء وتبادل الزيارات والخروج ضمن مجموعة، أو الانزواء والاسترخاء في المنزل، والاكتفاء بتبادل الزيارات الرسميّة مع عدد قليل من الأصدقاء.

 

مساحة الحرية
صحيح أنّ الزواج يوحّد الزوجين، لكنّه لا يلغي حريتهما الشخصيّة وحاجتهما إلى مساحة من الخصوصيّة. لذلك، يجب على الطرفين مناقشة مساحة الحرية الشخصية التي يحتاجها كل منهما وتحديدها بما يرضيهما معًا، وأن يقبل كل طرف بأن تكون هناك مساحة للخصوصية التي لا تؤذي الزواج، كمثل تخصيص وقت لممارسة هواية ما، أو قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء.

 

الخطط المستقبلية
من المواضيع التي يجب مناقشتها بدقة، الخطط والمشاريع التي يتمنى كل من الطرفين تحقيقها في المستقبل. فقد يشكّل حلم أحدهما كابوسًا للآخر، وقد يحتاج أحد المشاريع تضحية من الشريك هو غير مستعد لتقديمها، لذلك يفترض أن يكون المستقبل واضحًا منذ البداية أمام الطرفين كي لا يتحوّل القفص الذهبي إلى سجنٍ يتمنّى كل منهما الهروب منه.