تكريم

احتفال تكريمي لعائلات العسكريين الشهداء
إعداد: جان دارك أبي ياغي

قائد الجيش: الجيش لم يعمل يومًا إلا للدفاع عن لبنان وعن أبنائه وهو لن يسكت إلا حين يعود الحق إلى أصحابه ويرتاح الشهداء حيث هم

 

في مناسبة هي الأولى من نوعها، التقى قائد الجيش العماد جان قهوجي جميع أفراد عائلات العسكريين الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف، وذلك في احتفال أقيم في اليرزة، حضره رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان وعدد من كبار ضباط القيادة وقادة الوحدات الكبرى وإعلاميون.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم الوقوف دقيقة صمت إكرامًا لأرواح الشهداء. وتابع بعد ذلك الحاضرون فيلمًا وثائقيًا عن الشهداء.
وفي الختام، استمع قائد الجيش إلى مطالب عائلات الشهداء، وتسلّم الحاضرون نسخًا من كتاب «شهداء الجيش» بطبعته الحديثة.

 

كلمة قائد الجيش
توجّه قائد الجيش العماد قهوجي في مستهل كلمته بالتحية إلى أفراد عائلات الشهداء، منوهًا بصبرهم وتعاليهم على الجراح، وبرسوخ إيمانِهم بالوطن الذي قضى في سبيله الشهداء الأبطال، مؤكدًا أن الجيش لم يعمل يومًا إلاّ للدفاع عن لبنان وعن أبنائه، وهو لن يسكت إلاّ حين يعود الحقُّ إلى أصحابه، ويرتاح الشهداءُ حيث هم.
قال العماد قهوجي في كلمته:
«اجتمعنا اليوم لتكريم من رحلوا عنا، وبقيت أسماؤهم محفورة في قلوبنا كما في لوحة الشهداء.
اجتمعنا اليوم، كما تلتقي كل عائلة لبنانية فقدت ابنًا أو أخًا أو والدًا، وكلما سقط منها فرد ازدادت تماسكًا ووحدة.
 فنحن عائلة واحدة، مهما كبرت، كما هي حالها اليوم. ذرفنا الدموع معًا على من غاب عنا، وحملنا صوره، واشتقنا إليه، وصلّينا له، ووضعنا الورد على مثواه الأخير.
ابن كل أم وأب منكم، هو ابننا، وابن المؤسسة العسكرية، التي آمن بها أبناؤكم.
فالجيش لم يعمل يومًا إلا للدفاع عن لبنان، وعن أبنائه، وهو لن يسكت إلا حين يعود الحق إلى أصحابه ويرتاح الشهداء حيث هم.
اليوم تكبر فيكم قيادة الجيش، وتفخر بكم: عائلات بيروت وجبل لبنان والجنوب والشمال والبقاع، يا من فقدتم أبناءكم في سبيل لبنان. وتلتفون اليوم حول قيادته، وتتحدثون بوعي ومسؤولية، عن الشهادة وعن الدماء الزكية، التي بذلها الشهداء.
إن وحدة لبنان هي التي جعلت جنودنا يذهبون إلى الموت غير خائفين، وبشجاعة ما بعدها شجاعة، لأنهم اختاروا قدرهم، وأرادوا أن يكونوا قدوة لعائلاتهم، في الحفاظ على حرية وطننا وسيادته.
أعرف وجعكم، وأنا الذي فقدت رفاقًا لي في السلاح، وأخوة لي وأبناء، خدمْنا معًا كي يبقى لبنان.
أعرف ألمكم وقد التقيت بكم، وأكبرت في الأمهات والآباء والزوجات والإخوة والأبناء، الدموع، والصلاة لراحة أنفس الشهداء، الذين يفخرون اليوم من حيث هم  بتعاليكم على الجراح، وبرسوخ إيمانكم بالوطن الذي بذلوا دماءهم من أجلِ انتصاره.
لقد أقسمنا ألا ننسى شهداءنا، الذين وضعوا ثقتهم في الجيش، لأنه يعمل لجميع اللبنانيين، وليس لفئة من دون أخرى. ونقسم اليوم مجددًا ألاّ ننسى تضحيات رفاقنا».
وختم قائلًا: «نحن وإياكم في مسيرة واحدة لخلاص بلدنا، وكي تكون شهادة أبنائكم وسامًا على صدر لبنان وحده.
تحية إكبار وإجلال إلى أرواح شهدائنا الأبرار، ودامت مآثرهم البطولية، عنوانًا للمجد والخلود، ونبراسًا للجيش وللوطن».

 

كلمة عقيلة اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج
بعد انتهاء كلمة قائد الجيش، ألقت عقيلة اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج السيدة لودي الحاج، كلمة باسم عائلات العسكريين الشهداء، شكرت فيها قيادة الجيش على بادرتها الوطنية والإنسانية، معتبرة أن تكريم الشهداء من قبل هذه القيادة وعلى رأسها العماد جان قهوجي، هو التفاتة لها معناها ورونقها، كيف لا، والجيش لم ولن يتوانى عن تقديم المستحيل حفاظًا على عهده وقسمه، ومما جاء في كلمتها:
«شرف لي أن ألقي في هذا الحفل، كلمة أهالي شهداء الجيش، بتكليف من القيادة، في زمن تكثر فيه الصعاب وتتزاحم الأزمات، ليلقي بثقله على وطن جريح، أبى جيشه إلاّ أن يبذل الغالي من التضحيات في سبيل إنقاذه.
أيها الأحبة، إن تكريم الشهداء من قبل القيادة وعلى رأسها العماد جان قهوجي، هو التفاتة لها معناها ورونقها، كيف لا، والجيش لم ولن يتوانى عن تقديم المستحيل حفاظًا على عهده وقسمه.
يستوقفني هنا ما كتبه اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج على مفكرته بتاريخ 4/9/2007، بعد انتصار الجيش في معركة نهر البارد ضدّ الإرهاب: «بين وجع الشهادة وفرح النصر طريق يجب أن نجتازها ليبقى الوطن»، وكأني به أدرك عن حق مدى أهمية العطاء، ومكانة الشهداء في سلوك دروب المجد وصناعة التاريخ، وهو من توّج مسيرته العسكرية بالاستشهاد البطولي أمثال كثيرين من جيشنا الحبيب.
أيها الأخوة، تعالوا نشمخ برؤوسنا عاليًا ونكبر بشهدائنا، فالشهيد هو أنبل الناس وأكرمهم...
هو البطولة والإخلاص والعنفوان...
هو الصوت الصارخ الذي يزهق الباطل ويعلي الحق...
هو الأمل والحلم وسر بقاء لبنان...
إسمحوا لي أن اعترف لكم أن خسارة الشهداء وجع دائم لا يعوّض، حيث نعاني كل يوم لوعة الفراق ومآسيه.
غير أن إيماننا بالجيش هو خشبة الخلاص، وإن وفاء القيادة للشهداء وعائلاتهم هو فعل إيمان، الأمر الذي يخفف من معاناتنا وينير ظلماتنا. إن جيشًا يقدّم قافلة الشهداء تلو الأخرى، دفاعًا عن الشعب والوطن، لهو جيش حريٌ بالبقاء والتقدير والتكريم.
ختامًا أحيّي الجميع وخصوصًا الشهداء الأحياء الذين شاءت أجسادهم أن تحمل جمر المعاناة ونبل الرسالة.
فلنفخر بشهدائنا الأبطال، إني صراحة ألمح طيفهم في وجوهكم النيّرة وعيونكم المشعة. إني أراهم في خفق بيارقنا وأسمعهم في قرع طبولنا، فهؤلاء صنعوا تاريخ الجيش والوطن».