إنتخابات ٢٠٢٢

استعدّوا، انطلقوا، ونفّذوا المهمة بنجاح...
إعداد: الرقيب أول كرستينا عباس

على بُعد أيّام من الاستحقاق الكبير، استعدادات مختلفة شهدتها المناطق اللبنانية كافة، والهدف تنفيذ مهمة حسّاسة لعلها الأكبر والأصعب بين مهمات حفظ الأمن في لبنان. إنّها مهمة حفظ أمن وسلامة الانتخابات النيابية. ففي حين نشطت الماكينات الانتخابية لتعبئة المواطنين وبلغ الشحن أوجه، كُلّفت عيون نسورٍ بالسهر على أمن المرشّحين والمواطنين على حدٍ سواء، وبضمان حسن سير العملية الانتخابية. إنّها عيون ضباط وعناصر الجيش اللبناني التي واكبت العملية من قبل انطلاقها إلى حين انتهاء عمليات الفرز وإعلان النتائج. كيف نفّذت المؤسسة العسكرية هذه المهمة؟ وما كان دور غرفة العمليات المركزية في اليرزة، ودور غرف العمليات في المناطق؟

 

«الدولة قادرة والأمور مضبوطة وكل الفضل يعود للقوى الأمنية وخصوصًا الجيش»، هذا ما أكّده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي زار غرفة العمليات المركزية في وزارة الدفاع في حضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وقد نوّه رئيس الحكومة بالإجراءات المتّخذة من قبل المؤسسة العسكرية وبأداء عسكرييها لمهماتهم بكل مناقبية على الرغم من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها. كما أثنى على أنّ «عين الجيش ساهرة على الوطن وستبقى كذلك». من جهته، حيّا وزير الدفاع جهود العسكريين خلال هذا اليوم الانتخابي، وأضاف قائلًا: «بفضل إيمانهم بوطنهم وحكمة قيادتهم يستطيع المواطنون ممارسة حقهم الديموقراطي في الاقتراع». فيما أشار قائد الجيش إلى أنّ إرادة العسكريين الصلبة وإيمانهم بوطنهم هما الحافز لاستمرارهم في تنفيذ مهماتهم على الرغم من الظروف البالغة الصعوبة.

 

المهمة انطلقت، اللوائح بأسماء مراكز الاقتراع والأقلام سُلّمت إلى قيادة الجيش - مديرية العمليات، المعلومات والمعطيات المتوافرة نُظّمت كلها ضمن برامج ورُمّزت، أُرسلت إلى القطع والوحدات، وهكذا بدأت عملية السهر على أمن الانتخابات في المناطق اللبنانية كافة. فقد أنشأت غرفة عمليات القيادة غرَفًا في المناطق يترأّسها قادة هذه المناطق، بالإضافة إلى غرَف العمليات المصغّرة في الدوائر الانتخابية الكبرى، المسؤولة عن الوحدات الثابتة المتمركزة خارج مراكز الاقتراع المعتَمدة.

 

جهازية المراقبة والتدخل والاحتياط

شكّلت هذه الوحدات «جهازية المراقبة» التي وُضعت تحت الإمرة المباشرة لقادة المناطق وتولت المراقبة من خارج المراكز، من دون أن يكون لها أي وجود في الداخل إلا بطلب خطّي من قوى الأمن الداخلي ورئيس القلم، وبعد موافقة قيادة الجيش على ذلك.

 

تؤازر «جهازية المراقبة» المتمثّلة بالوحدات الثابتة «جهازية تدخل» تتألّف من الألوية والأفواج (الوحدات العملانية) المنتشرة في المناطق، مهمتها القيام بِدوريات ربط بين المراكز وحواجز ثابتة، ودوريات راجلة وأخرى مؤلّلة ومدَولَبة. وهي كانت جاهزة للتدخّل عند حصول أي إشكال أمام مراكز الانتخاب. يُضاف إلى ما سبق ذكره وحدات الاحتياط، وتكون منتشرة في المدن والمناطق الحساسة لمؤازرة الوحدات العملانية عند حدوث إشكالات كبرى تستدعي تدخّلها.

 

إلى العمل!

عندما حان الموعد في الرابع عشر من أيار، استيقظ العسكريون وتجهّزوا وانتظروا الآليات العسكرية التي نقلتهم إلى الثكنات ومراكز عملهم على دفعات. وفي تمام الساعة الخامسة عصرًا، كان جميع ضباط وعناصر «جاهزية المراقبة» متمركزين أمام مراكز الاقتراع في القرى والبلدات كافة من أجل ضمان إنجاح هذه الانتخابات وعدم السماح بالإخلال بالأمن.

 

أتى اليوم المنتظر، جهوزية 100% في الثكنات ومراكز الاقتراع، والهدف الأساس تأمين سير العملية الانتخابية بأمن وسلامة، وتوقيف كلّ مخلٍ بالأمن. وهذا ما نفّذه الجيش من دون تردّد عندما أطلق أحد المسلّحين النار من سلاح حربي باتّجاه مركز عسكري في منطقة ضهر نصار، وعندما وقعت الإشكالات في عدة مناطق (194 إشكالًا خلال اليوم الانتخابي) أمام مراكز الاقتراع.

وبالتزامن مع انتشار القوى على الأرض، استنفرت غرفة عمليات القيادة المجهّزة بأحدث تقنيات المعلوماتية والمرتبطة بغرَف العمليات في المناطق والدوائر، لمواكبة طريقة سير العملية الانتخابية والتدخّل الفوري عند حدوث أي إشكال يتطلّب وحدات الاحتياط التي تنتظر أوامر القيادة للتحرّك.

 

سَير العمليات

في غرفة العمليات المركزية، إلى جانب ضباط غرفة الدوام الذين يتواصلون مع مختلف المناطق وممثّلين عن غرف عمليات الدوائر، التي أنشأتها قيادة الجيش، ضباط ارتباط من المديرية العامة للأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة ومن القوات الجوية والقوات البحرية وممثل عن الصليب الأحمر اللبناني (للتواصل مع آلياته الموجودة على الأرض في حال وقوع جرحى)، والجميع عملوا بالتنسيق مع قادتهم من أجل الإفادة عن أي مستجدّات أو أي إشكال يتطلّب تدخلًا من الوحدات المنتشرة. وعلى شاشاتها المتصلة بمختلف المحطات التلفزيونية والخرائط والبرنامج الذي استُحدث عن مراكز الاقتراع، تابع الضباط في الغرفة مختلف المعطيات، وتلقّوا الاتصالات من غرَف عمليات المناطق التي كانت ترسل المعلومات وتبلّغ عن الإشكالات التي وقعت.

 

بدأت غرفة العمليات المركزية بمواكبة تنفيذ المهمة من قبل انتشار الوحدات وحتى إقفال الصناديق وإرسالها إلى لجان القيد للفرز، ثمّ إرسال الوحدات العملانية لاستيعاب ردات الفعل بعد فرز الأصوات وعودة الوحدات إلى المراكز. ولفت رئيس قسم العمليات في مديرية العمليات العقيد الركن ريمون بو رجيلي إلى أنّ الإشكالات التي وقعت كانت تُفضّ فورًا بعد التدخّل المباشر من القوى المتمركزة أمام المراكز، تفيد غرفة عمليات المناطق التي بدورها تفيد غرفة العمليات المركزية التي ترسل الدورية. وفي الإشكالات الكبيرة تمّت الاستعانة بوحدات الاحتياط.

 

انتهى اليوم الانتخابي الطويل، هنّأ العماد عون العسكريين على الجهود التي بذلوها خلاله والمسؤولية التي تحلّوا بها، مشيرًا إلى أنّ هذه الجهود «هي التي وفّرت الأجواء الآمنة لإنجاز هذا الاستحقاق، وفضّ بعض الإشكالات بشكل سريع ومحترف. بفضلكم، اكتملت الصورة الديموقراطية لهذا اليوم». وشدّد على أنّهم أثبتوا مجدّدًا جدارتهم بالثقة والاحترام والتقدير لتنفيذهم المهمة التي أُوكلت إليهم بأفضل طريقة ممكنة وبأقل عدد ممكن من الإشكالات والإصابات.

 

لا يتلكّأ العسكريون يومًا عن القيام بواجباتهم. ولا يرتاح بالهم إلا بعد إنجاز المهمة بنجاح، سواء كانت على الحدود أو في الحرب ضدّ الإرهاب أو في الداخل لمؤازرة القوى الأمنية. وقد كان أداؤه الناجح في هذه الانتخابات تجسيدًا للمناقبية والانضباط وحسن التنظيم.

 

عسكريونا يتحدّون الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، يتفانون في أداء واجبهم أيًا كان الاستحقاق الذي يواجهونه، وهم دائمًا جاهزون للتضحية من أجل وطنهم حتى آخر قطرة دمٍ في عروقهم.

 

ألف تحية للجهود الاستثنائية

الجهود الاستثنائية التي بُذلت لإنجاح العملية الانتخابية هي جهود جميع الوحدات، وقد تكاملت لتحقق النجاح وتثبت مرة جيدة أنّ جيشنا لا يمكن أن يخذل وطنه وشعبه. لكن من الضروري الإشارة إلى المسؤوليات الضخمة التي تولتها قيادات المناطق العسكرية. فغرف العمليات التي أنشئت فيها شكّلت حلقة الوصل بين غرفة عمليات القيادة والغرف المصغّرة الموجودة في الدوائر الانتخابية، وهذا ما جعلها تتلقى ضغوطًا ضخمة.

 

إلى ذلك كان على عاتق قيادات المناطق مهمات كثيرة تتصل باللوجستية، وتأمين تغذية العسكريين بالتنسيق مع مديرية القوامة، وتأمين أماكن لمنامتهم حيث أمكن ذلك.

 

بالأرقام...

عديد الوحدات الثابتة المشارِكة على الأرض: 512 ضابطًا و13135 عنصرًا بين رتيب وفرد.

 

الوحدات العملانية: 30 ألف عنصر.

 

مراكز الاقتراع التي يتوزع عليها العسكريون: 1755 مركزًا.

 

عدد الإشكالات التي تمّ فضّها: 194 إشكالًا.