تحت الضوء

اعتداء الضاحية: الجيش يكشف التفاصيل

عندما يقول الجيش كلمته فإنّه يقطع الشك باليقين واضعًا النقاط على الحروف منهيًا سطور التكهّن والجدل.
الاعتداء على حيّ معوّض في الضاحية الجنوبية يوم ٢٥ آب الماضي نفّذه العدو الإسرائيلي بطائرتَين مسيَّرتَين انطلقتا من البحر، وجرى التحكّم بهما بواسطة طائرة تجسس. هذه كانت نتيجة التحقيق الذي أجراه الجيش وكشف تفاصيله وزير الدفاع في مؤتمر صحفي عقده في اليرزة.


حسم التحقيق الذي أجراه الجيش في الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت بطائرتَين مسيَّرتَين عن بُعد، مسائل أُثيرت حولها تكهنات كثيرة. وأوضح أنّ الطائرتَين إسرائيليتين انطلقتا من البحر، وجرى التحكم بهما بواسطة طائرة تجسس إسرائيلية كانت تواكبهما.
وأكّد الوزير الياس بو صعب، في مؤتمره الصحافي أنّ الجيش تمكّن من إعادة رسم مسار إحدى الطائرتين المسيّرتين، كما تحديد مسار طائرة التجسس. وكشف وزير الدفاع الوطني أنّ مسار الطائرة المسيَّرة التي لم تنفجر يتقاطع ومسار هبوط الطائرات في مطار رفيق الحريري الدولي، ما هدَّد سلامة الطيران المدني، خصوصًا وأنّها كانت مزودة بحمولة متفجرة عبارة عن صندوق (عرضه في المؤتمر) يحتوي على متفجرات بلاستيكية تزن ٤.٥ كيلوغرامات، وهي قابلة للتحرير عن الطائرة المسيّرة ليصار إلى تفجيرها في البقعة المستهدفة.
وعُرضت الطائرة المسيَّرة الأولى في القاعة، وهي طائرة بأربعة أذرع وثماني محركات Octocopter Coax X8، يبلغ وزنها حوالى ٣٢ كلغ مع البطاريات والحمولة، تمَّ تجميعها من قبل العدو بشكل محترف وتجهيزها لتنفيذ مهمة محددة Custom Made.
وأعلن بو صعب أنّ الطائرة الأولى حلقت فوق حي ماضي - شارع معوض، وسقطت في محيط البقعة المستهدفة عند الساعة الأولى والدقيقة ٢٩ فجر الأحد ٢٥ آب، فيما لحقت بها الثانية ووصلت إلى الهدف نفسه عند الثانية والدقيقة الـ١١ فجرًا، حيث انفجرت مخلّفة أضرارًا مادية في الأبنية المحيطة، مشدّدًا على أنّ الجيش اللبناني حضر إلى المكان بعد ١١ دقيقة على انفجار المسيّرة الثانية.
وفي السياق نفسه، قال: كان يُفترض بالطائرة المسيّرة العودة وفق المسار ذاته، وهو ما كان ليهدد الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي، مشيرًا إلى أنّ «العدو الإسرائيلي كان يدير العملية من الجو والبحر، لكن لا يمكن نفي وجود جواسيس في الداخل (اللبناني)».


العرض التقني ومحاكاة سيناريو العملية
جاء في الشرح الذي قدّمه المقدم سمير شمس الدين حول القدرات التقنية للطائرة، «أنّها مزودة بجهاز استقبال يستخدم عند تجربتها وفحصها قبل تنفيذها مهامها ولمسافات قصيرة نسبيًا، إلا أنّها قد زوّدت بنظام وصل للمعلومات نوع M2DLS من تصنيع شركة Ltd Commtact الإسرائيلية، وهو يتميَّز بمواصفات تقنية عالية من قدرة نقل البيانات وتشفير الاتصال، ويصنَّف عتادًا عسكريًا، وقد تمَّ تصميم هوائي خاص للمهمة، حيث يتيح التحكم بالطائرة المسيرة من الأعلى عبر وسيط محمول جوًا. وهذا النوع من التقنيات غير متوافر في الطائرات المسيّرة Drones التجارية من ذات الحجم والقدرات، ما يدل على أن صناعتها محترفة ومهمتها ذات طابع عسكري».
وقد جرى عرض لقدرات الطائرة المسيّرة، والمسار الذي اتخذته من البحر وصولًا إلى البقعة المستهدفة، بالإضافة إلى فيديو محاكاة لسيناريو العملية، كما جرى عرض لحطام الطائرة المسيّرة الثانية (التي انفجرت) والتي تبيَّن أنّها مماثلة للطائرة الأولى نظرًا لتطابق الأجزاء.
وذكر بو صعب أنّ الجيش ثبّت تقنيًا مراحل العملية كافة، حيث تمكَّن من تحديد «نقطة فحص المهمة على بُعد ١١.٦ كلم مقابل مطار Ha Bonim في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، كما تمكَّن من إعادة رسم مسار الطائرة وتحديد سيناريو تنفيذ العملية.
هوية منصة الإطلاق من البحر لم تُحسم تمامًا، إذ تحدّث وزير الدفاع عن احتمال أن تكونا قد أطلقتا من قبل فرقة كومندوس تستخدم زوارق مطاطية، لا تلتقطها الرادارات البحرية.
وقال بو صعب: «هذا لم يكن الخرق الأول للقرار ١٧٠١، ففي الشهريَن الأخيريَن بلغ عدد الخروقات الإسرائيلية ٤٨٠ خرقًا، لكنّ هذا الخرق بالتحديد يُعدّ الأخطر منذ إعلان القرار ١٧٠١، أي منذ حرب تموز٢٠٠٦».


لدى الجيش قرار واضح بالدفاع عن أرضه
في حوار مع الصحافيين، قال بو صعب «إنّ العدو الإسرائيلي هو الذي كان متحكمًا بهذه العملية عبر الجو والبحر». أما الهدف من عملية المسيَّرات، فيعرفه العدو، «وما تبين لدينا أنّها وصلت إلى منطقة سكنية آمنة، وهو مكان مفتوح للجميع، والهدف قد يكون مصلحة تتعلّق بالسياسة الداخلية للعدو». وردًا على سؤال، قال بو صعب: إنّ ما حُكي عن استهداف لحاويةٍ في معوّض تبيّن أنّه غير صحيح، لأنّ هذه الحاوية فيها مولّد كهربائي.
وشدّد على أنّ «هناك قرارًا واضحًا لدى الجيش اللبناني، في الدفاع عن أرضه وهذا حقه والجيش لم يبادر أبدًا إلى الاعتداء، لكنه لن يقصّر في الرد على أي اعتداء على لبنان».
ونوّه بأنّ «الجيش اللبناني لا ينسّق مع أي جهة، وأي عمل يقوم به هو بناء على قرار من الدولة اللبنانية»، مشددًا على أنّ لدى الجيش طائرات مسيّرة يستخدمها في أجواء المعابر غير الشرعية لمنع التهريب ومكافحته.


نقطة الإطلاق
تمكًّن الجيش من تحديد نقطة إطلاق الطائرة من البحر وهي ٤.١٨ كلم مقابل شاطئ منطقة الجناح، كما تمكَّن من إعادة رسم مسار الطائرة المسيّرة من نقطة إطلاقها وصولًا إلى المنطقة المستهدفة في حي ماضي في الضاحية الجنوبية.
 

سيناريو العملية (Drone Path Simulation)
تمكَّن الجيش من تحديد السيناريو الدقيق للعملية على الشكل التالي:
أطلقت الطائرة المسيّرة من البحر مقابل منطقة الجناح، وسُيِّرت بواسطة الطيار الآلي Autopilot على ارتفاع ١٠٠ متر ثمَّ ١٥٠ متر على امتداد شارع الإمام موسى الصدر، وصولًا إلى البقعة المستهدفة، حيث تمَّ الانتقال للتحكم اليدوي Manual Mode للمناورة داخل تلك البقعة.


مواصفات
- المسيّرة الأولى:
الوزن: ٢٦.٤ كلغ من دون الحمولة.
الحمولة القصوى: Maximum Payload تقدَّر بـ١٧.٤ كلغ.
الحمولة: Actual Payload تقدَّر بـ٧.٢ كلغ.
الحمولة المتفجرة: ٤.٥ كلغ قوامها خليط من المتفجرات البلاستيكية.
مدة الطيران القصوى: ما بين ٤٠ و٥٠ دقيقة.
متوسط السرعة: ٦٥كلم/ س تقريبًا.
مسافة الطيران الكاملة Full Trip: ٣٢ كلم.
- المسيّرة الثانية مطابقة للأولى.