الأبعاد القانونية والدولية لأزمة دارفور

الأبعاد القانونية والدولية لأزمة دارفور
إعداد: د.كمال حداد
عميد كلية السياحة والفنادق، الجامعة اللبنانية - استاذ مادة ادارة الازمات في كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان
  1. الأبعاد التاريخية والسياسية لأزمة دارفور وعلاقتها بأزمة جنوب السودان

يشكل السودان 8 % من مساحة القارة الأفريقية أي 2.5 مليون كلم2 ، وتمتد أراضيه من شرق القارة الأفريقية على البحر الأحمر حتى وسطها على الحدود التشادية(1)، كما يبلغ عدد سكانه حوالى 30 مليون نسمة. ويجاور السودان عدة دول هي مصر وليبيا من ناحية الشمال وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد من ناحية الغرب، وزائير وأوغندا وكينيا من ناحية الجنوب، وأريتريا من ناحية الشرق، وهذا ما يجعله عرضة للتأثر السلبي والإيجابي من جيرانه وفقاً للتأثيرات الإقليمية والدولية.

أما إقليم دارفور فيقع في غرب السودان وتعادل مساحته حوالى 20% من مساحة السودان، أي أنه أكبر من مساحة العراق، وبمثل مساحة فرنسا. ويحدُّه شمالاً ليبيا، غرباً تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى، جنوباً بحر العرب ومديرية بحر الغزال السودانية، وشرقاً إقليم كردفان(2).

 

ينقسم الإقليم إدارياً منذ العام 1994 إلى ثلاث ولايات:

الأولى هي ولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر، وهي المدينة التاريخية والسياسية للإقليم كله.

الثانية هي ولاية جنوب دارفور وعاصمتها نيالا وهي المدينة التجارية.

الثالثة هي ولاية غرب دارفور وعاصمتها الجنينة.

 

يبلغ عدد سكانه حوالى 6.7 مليون نسمة(3)، وتعيش فيه أكثر من 100 قبيلة  من أشهرها الفور التي سمّيت بها المنطقة، وقبائل أخرى عديدة منها الرزيقات، وهي قبيلة عربية تنقسم إلى رزيقات بقارة، وتعيش في جنوب الإقليم منطقة الضعين، ورزيقات أبالة وأهلها من رعاة الإبل، وهذا هو الفرع الذي ينسب إليه الجنجويد. ومن القبائل أيضاً الزغاوة والتنجر والميدوب والزيادية والبرتى والمساليت والتامة والفلاتة والقمر والمعاليا والبني هلبة والتعايشة والسلامات، وهي تتواصل وتتزاوج(4).

تنقسم هذه القبائل إلى قسمين أساسيين:

القسم الأول: يضم القبائل الأفريقية وأهمها الفور والزغاوة والمساليت والبرتى والرحق والقلاتة.

القسم الثاني: يضم القبائل العربية وأهمها التعايشة والبني هلبة والرزيقات والمسيرية والمعاليا(5).

وقد مرّ إقليم دارفور بحقبات متعددة، راوحت بين قيام مملكة دارفور في العام 1445 وخضوعها للحكم المصري التركي العام 1874، ثم خضوعها لحكم الدولة المهدية بقيادة محمد أحمد المهدي العام 1885 وبعد وفاة المهدي سيطر الخليفة عبد الله التعايشي، وهو من قبيلة التعايشة في جنوب غرب دارفور، على شؤون الدولة المهدية، وقد فشل في صدّ الهجوم الإنكليزي-المصري الذي كان يقوده الجنرال الإنكليزي كتشنر في موقعة (كررى)، فاحتلت الجيوش الإنكليزية-المصرية أم درمان عاصمة المهدي. وفي دارفور استرد علي دينار(6) ملك آبائه وحكم باستقلال تام عن حكومة السودان لمدة 28 عاماً، إلى أن وقعت الحرب العالمية الأولى ووقف السلطان علي دينار إلى جانب الدولة العثمانية في حربها ضد الحلفاء، وهنا قرر الإنكليز وحكومة السودان الثنائية الاستيلاء الكامل على دارفور الذي أصبح خاضعاً خضوعاً فعلياً للحكم الثنائي كباقي أقاليم السودان وذلك في العام 1916 بعد القضاء على جيوش علي دينار ومقتله(7). وبذلك دخل إقليم دارفور تحت الإدارة الثنائية حتى نهاية الحكم الثنائي واستقلال السودان العام  1956(8).

تعيد الأحداث الجارية في إقليم دارفور طرح الأزمة السياسية الشاملة في السودان. فللصراع فيه عنوان واحد لأحد أوجه الأزمة المترابطة. ولخطورة الوضع فيه وما قد يتمخض عنه من عواقب تمس أمن السودان بأكمله، فقد أظهرت القوى السياسية السودانية على اختلافها اهتماماً كبيراً بما يدور هناك.

فالهيئة العليا للتجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم القوى المعارضة للحكومة السودانية (شاركت فيها حركة تحرير السودان من دارفور)، وفي أثناء اجتماعها في أسمرا (14-22 تموز/يوليو 2004)، قررت إنهاء الحرب وإحداث التحول الديمقراطي، وخلق نظام لا مركزي ينقل السلطة من المركز إلى الولايات، بصورة تنتهي معها ظاهرة التهميش الذي يعدّ سبباً مباشراً يذكي نار الحرب. وخرج الاجتماع بعدة مطالب أهمها: احترام وقف اطلاق النار بين الحكومة وحركة تحرير السودان، وتصفية ميليشيات الجنجويد وتجريدها من السلاح فوراً وتقديم قادتها للمحاكمة، والتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وتحديد المسؤولين عنها وتقديمهم للمحاكمة، وإعادة تأهيل القرى وتعويض المتضررين.

ويرى المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي أن الحكومة تبنت خطة تنقل بموجبها الآلة العسكرية من الجنوب بعد توقيع اتفاق السلام إلى دارفور ومناطق الصراع الأخرى المناطق المهمشة في غرب السودان وشرقه. وطالب المؤتمر الشعبي بالحريات السياسية وإشراك القوى السياسية الأخرى في حل قضية دارفور وبالإصلاحات والتعويض للمتضررين.

أما حركة العدل والمساواة التي تعد من روافد المؤتمر الشعبي، فهي ضد التهميش وهيمنة مجموعات بعينها على السلطة والثروة في البلد، وتقف مع وحدة السودان، وتحرص على تناول الأزمة السياسية في السودان عامة من دون التركيز على خصوصية الوضع في دارفور باعتباره انعكاساً لحالة عامة. فالإتفاق على برنامج للإجماع الوطني يعيد بناء السودان على أسس جديدة تراعي تحقيق اللامركزية الواسعة، وتضمن الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمشاركة العادلة في السلطة المركزية.

ويجمل حزب الأمة المطلوب عمله لمواجهة الوضع في دارفور في عدة نقاط أبرزها دعوته إلى الاعتراف بالأخطاء السياسية التي أدَّت إلى الخلل في التوازن التنموي وتسييس الجهاز الإداري الأهلي وتحويلهما إلى ذراع حزبية وأمنية، وكذلك التفريط في مسألة التسليح والتدريب ما أدى إلى الإنفلات الأمني وعدم التصدي للفساد. ويدعو حزب الأمة إلى التسليم بحقائق موضوعية مثل الحقوق المشروعة للمزارعين والرعاة مع ضرورة التزام الحياد وتوافر الكفاءة للإدارة المدنية والأهلية. هذا إلى جانب كيفية إزالة آثار ثقافة العنف ومشروع نزع السلاح وإعادة الإنضباط، ووضع خارطة استثمارية تعالج الصراع على الموارد(9).

 

2- الأسباب والخلفيات التي أدت إلى النزاع في دارفور

على الرغم من أن انفجار الوضع بصورة واسعة في دارفور يعود إلى العام 2003 ، إلا أن الأضواء كانت مسلّطة عليه منذ ثلاثة عقود حيث شهد أوضاعاً مضطربة، ولم يعرف الإستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب عدة ظواهر أمنية وسياسية وطبيعية (جفاف وتصحّر) أدت إلى ثلاث مجاعات كبيرة في الأعوام 1973 و1985 و1992.

 كذلك أدّى الصراع التشادي - التشادي، والصراع الليبي - التشادي خلال الثمانينات وبداية التسعينات من القرن المنصرم إلى انتشار السلاح والجماعات المسلحة في الإقليم، وبالتالي قاد إلى ظاهرة النهب المسلح التي استفحلت في المنطقة، متزامنة مع الجفاف والتصحّر، وقد ذهب ضحيتها أكثر من 15 ألف نسمة.

كذلك استوطن أكثر من ثلاثة ملايين تشادي في السودان، نصفهم في دارفور وخصوصاً في المناطق الحدودية الجنوبية الغربية والشرقية (علماً أن هناك أكثر من 50 قبيلة مشتركة بين السودان وتشاد)، وأصبح العنصر التشادي، سواء من القبائل الأفريقية أو العربية، القاسم المشترك في التدهور الأمني في دارفور على مدى السنوات الماضية.

ولعبت حرب الجنوب وتطورات الأوضاع في أثيوبيا دوراً مهماً في تأجيج الوضع الأمني في دارفور. وقد استفادت القبائل المختلفة من توافر السلاح الذي يتم تهريبه إلى المنطقة، كما استفادت القبائل من السياسة التي انتهجتها الحكومة السودانية بتدريب الأفراد للدفاع الشعبي في مواجهة حرب الجنوب والتدرّب على السلاح بطريقة رسمية لحماية قبائلهم في مواجهة القبائل الأخرى.

وأدّت الهجرة بسبب الجفاف والبحث عن مراعٍ وأرض زراعية خصبة إلى الاحتكاك مع القبائل المحلية التي دخلت في صراعات محلية شملت القبائل العربية في ما بينها، كما حدث بين قبيلتي البني هلبة والمهرية العام 1984 والقبائل ذات الأصول الأفريقية بين دار القمر والفلاتة في العام 1987.

بيد أن هذه الصراعات القبلية تطوَّرت إلى تحالف بعض القبائل العربية ضد قبيلة الفور ذات الأصول الأفريقية في مناطق جبل مرة ووادي صالح، بعد الإنفلات الأمني العام 1986.

أما في بداية الثمانينات فقد انتظمت هذه القبائل في ما يسمى التجمع العربي الذي أنشأه حاكم الإقليم أحمد ابراهيم دريج، وهو من الفور، ليشكل كياناً سياسياً سرياً هدفه السيطرة على جميع أراضي دارفور وطرد جميع القبائل غير العربية من المنطقة. ونتج عن هذ الكيان تنظيم سري آخر عرف بتنظيم قريش وهدفه تجميع القبائل العربية في دارفور وكردفان وفق برنامج لحكم السودان على مراحل، ومنافسة قبائل الشمال التي استأثرت بالحكم منذ العام 1956 (تاريخ الإستقلال). وفي مواجهة التجمع العربي المدعوم من السلطات الرسمية في الخرطوم إبان عهد حكومة الصادق المهدي، حاول الفور إحياء حركة سوني التي تأسست كمنظمة عسكرية سرية وكذراع لنهضة دارفور التي كانت تضم معظم مثقفي المنطقة في الخرطوم، لكن الفور فشلوا في إحياء هذا التنظيم بسبب التضييق القبائلي العربي والحكومي عليهم.

والواقع أن مشكلة دارفور ليست وليدة أحداث العام 2003 فحسب، إنما هي حصيلة نزاعات وتراكمات ورواسب ساهمت فيها الأوضاع السياسية والنخبة الحاكمة في السودان منذ الإستقلال. وبقيت هذه الأزمة مكتومة ولم تسلّط عليها الأضواء على الرغم من تحذير بعض المراقبين من أن هناك ناراً تحت الرماد قد تشتعل في أي لحظة، وبخاصة أن المنطقة لم تشهد وجود مشاريع تنموية ملحوظة باستثناء مشروع غرب السافانا ومشروع تنمية جبل مرّة ومشروع أبحاث غزالة، بالإضافة إلى وجود نقص كبير في المدارس والمستشفيات. وقد ساهمت كل هذه العوامل في استفحال الأمر الذي تحوَّل من غبن محلي ونزوح داخلي إلى تمرد مسلح ضد الحكومة له أهداف سياسية وارتباطات خارجية، وقد ساعدت في ذلك سياسات الحكومة المركزية في الخرطوم التي بقيت تنظر إلى دارفور على أنها منطقة مرشحة للتمرد بعد ثورة داوود بولاد القيادي في الجبهة الإسلامية القومية، والذي انضمّ إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق (غارانغ)(10) في بداية التسعينات، بسبب موقف الجبهة من الصراع القبلي بين قبيلته الفور وبعض القبائل العربية، كما قاد مجموعة من مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان في تشرين الثاني 1991 بهدف السيطرة على منطقة جبل مرة لإعلان انضمام قبيلة الفور للتمرد، إلا أن الحكومة استطاعت القضاء على قواته بمساعدة القبائل العربية، وأُلقي القبض عليه وأُعدم لاحقاً رمياً بالرصاص.

وبعد مقتل داوود بولاد بدأت قبيلة الفور في وضع الترتيبات اللازمة لإنشاء كيان عسكري بدلاً من الميليشيات غير المنظمة، وأجرت اتصالات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون قرنق، ومع قياداتها السياسية في الخارج وعلى رأسهم أحمد ابراهيم دريج حاكم إقليم دارفور ورئيس الحزب الفيدرالي. بيد أن الصراع لم يتطوَّر إلى صراع سياسي عسكري وتمرد مسلح إلا بعد قيام مجموعة مسلحة من أبناء قبيلة الفور بالتحالف مع الزغاوة بإحتلال مدينة قولو عاصمة محافظة جبل مرة غرب دارفور في 19 تموز/يوليو 2002 ، حيث تم وللمرة الأولى إعلان الحركة المسلحة، وقاموا بتوزيع منشورات سياسية باسم جيش تحرير دارفور، وكانت أهداف الحركة الجديدة  تحرير الإقليم من سيطرة الشماليين بحجة مساهمتهم في تهميش المنطقة.

العام 2003 تحوَّلت دارفور إلى منطقة عمليات عسكرية لمواجهة التحالف الجديد بقيادة جيش تحرير السودان، خصوصاً وأن الحكومة بدأت في التنبه إلى خطورة الادعاءات التي أخذت تنتشر من أن مسلحي الزغاوة يسعون لإقامة دولة الزغاوة الكبرى التي تضم دارفور وتشاد وأجزاء من ليبيا والنيجر. وقد استفاد التجمع العربي من هذا الإدعاء في التقرب من الحكومة في الخرطوم والتنسيق معها لمواجهة التهديد الأمني، وتزامن ذلك مع انضمام أعداد كبيرة من الزغاوة إلى حركة تحرير السودان وإلى حركة العدالة  والمساواة التي أسسها الدكتور خليل ابراهيم(11).

 

3- الأبعاد الخارجية لأزمة دارفور في ضوء اتفاق «أبوجا»

عقب النجاح الذي حققته جولة المفاوضات الخامسة في أبوجا، بدأ يلوح في الأفق بعض الأمل بقرب الوصول إلى حل سلمي لأزمة دارفور، ولا سيّما بعد توقيع الطرفين (الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون غارانغ والحكومة السودانية) إعلان مبادئ في 5 تموز/يوليو 2005 ،أشير فيه إلى أن الجولة السادسة ستناقش قضايا مهمة تتعلق بنسب توزيع السلطة والثروة، فضلاً عن الترتيبات الأمنية، وعملية التنمية في إقليم دارفور. وهذه القضايا استغرقت من الحكومة وقتاً طويلاً كي تصل إلى تسوية بشأنها مع حركة غارانغ، لكن يلاحظ أن الوضع كان أكثر تعقيداً في حالة دارفور، لأن المشكلة لم تقتصر على النسبة التي ستتخلَّى عنها الحكومة لهؤلاء، بل تعدّت ذلك إلى نسبة توزيع هذه العوائد بين القوى. فقد تردد أن الحكومة ستعطي القوى المناوئة للحكومة (القبائل غير العربية) نسبة تراوح ما بين 3 و4 % من عائدات الإقليم، في حين طالبت القوى المناوئة بنسبة 40 % منها. وفي ما يتعلق بعملية تقسيم هذه النسبة، فإن حركة تحرير السودان تعتبر نفسها الحركة الكبرى في إقليم دارفور، وتعلن أن الحكومة وافقت على منحها 80 % من ثروة إقليم دارفور وسلطته مقابل 20 % لحركة العدل والمساواة(12).

وقبيل انعقاد الجولة السادسة من مفاوضات أبوجا وصل الصراع بين رئيس حركة تحرير السودان (عبد الواحد نور) وأمينها العام (مني أركوى) إلى نقطة اللاعودة، وحصل الإنقسام بين الفريقين على أسس قبلية، حيث ينتمي عبد الواحد نور إلى قبيلة الفور بينما ينتمي مني أركوى إلى الزغاوة، ويستعمل كل منهما آلية الإنتماء القبلي في حشد الموالين والأتباع، علماً أن كل المحاولات الأوروبية والأميركية والدولية (الأمم المتحدة) فشلت في رأب الصدع في الحركة التي انقسمت إلى نصفين، وتوسط جون غارانغ بين القوى المناوئة للحكومة والحكومة السودانية في أبوجا، الأمر الذي فسّرته أوساط الحكومة بـ «أن الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة جون غارانغ تساند متمردي دارفور بالعتاد والنصائح والمستشارين بهدف إرباك الخرطوم ودفعها إلى التنازل أكثر، وتقديم مكاسب جديدة لمتمردي الجنوب للوصول إلى اتفاق سلام نهائي سريع كي تتفرَّغ لتمرد غرب السودان (إقليم دارفور)، وقد ثبت وجود معدات وأسلحة وعربات من دول معادية منها اسرائيل تركها المتمردون في المعارك التي دارت بين القوات الحكومية والمتمردين»(13).

 

أ- الأدوار الخارجية في أزمة دارفور

أولاً: الولايات المتحدة الأميركية

بدأت الولايات المتحدة الإهتمام بالملف السوداني بعد 11 أيلول/سبتمبر 2001 في إطار استراتيجية جديدة تسعى إلى الإحتواء بآليات الترهيب والترغيب. وتبلورت هذه التوجهات الأميركية في تدشين مشروع سلام سوداني مؤسس وقائم على فكرة محورية هي دولة واحدة ولكن بنظامين، وأثمرت في نهاية المطاف إتفاقية السلام السوداني التي وقعت في كينيا في كانون الثاني/يناير2005.

وعلى الرغم من التنازلات الهامة التي قدَّمتها الحكومة للجنوبيين في الاتفاقية، إلا أن ذلك لم يغيِّر في السياسة الأميركية تجاه الحكومة السودانية، فتمَّ استخدام ملف دارفور كورقة ضغط على الحكومة في مفاوضات نيفاشا، وذلك من أجل نصرة الجنوبيين في ترسيم الحدود في منطقة «أبي»، وهي من الملفات العالقة بين الشمال والجنوب.

وقد مارست قوى اليمين في الجمعيات الأميركية غير الحكومية وفي الكونغرس الأميركي أدواراً هامة لإيجاد الأدوات والذرائع للإدارة الأميركية كي تمارس بدورها ضغوطاً على الحكومة السودانية. ونتيجة لذلك أمكن رصد «قانون سلام السودان» الذي أصدره الكونغرس الأميركي العام 2003، متوعداً بفرض عقوبات في حال عدم الامتثال لما أسماه القانون « متطلبات السلام».

وبين العامين 2003 و2004، ونتيجة لتصاعد أعمال العنف في دارفور، أصدر مجلس الأمن الدولي تسعة قرارات دولية خاصة بأزمة دارفور، والآليات المطلوبة لدعم مسار تطبيق اتفاقيات السلام الموقعة في نيفاشا، إلى جانب آليات الضغط والتلويح بالعقوبات ثم محاكمة المتهمين بالإبادة الجماعية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

استمر النهج الأميركي التصعيدي في سياق تصاعد أزمة دارفور، فتم إنشاء لجنة خاصة للسودان داخل الكونغرس في كانون الأول/ديسمبر 2005، لإقرار مشروع قانون لمحاسبة السودان، واقترح المشروع ما يلي:

1- تدخلاً جوياً مباشراً من حلف الناتو في دارفور.

2- حرمان السودان من آليات استفادة موازنته العامة من عوائد البترول.

3- إستثناء المناطق المهمشة في السودان، وعلى رأسها الجنوب من توقيع العقوبات المقترحة.

4- تعيين مبعوث خاص في السودان لحين عقد استفتاء مهمته تقرير المصير في جنوب السودان(14).

ومع نهاية العام 2005 تم افتتاح ثلاث قنصليات أميركية في جنوب السودان، بالتزامن مع إعداد مشروع محاسبة السودان، وهي من مؤشرات الضغط الذي تمارسه الإدارة الأميركية على الحكومة السودانية، ومن بين أغراضها مراقبة مؤشرات إنتاج البترول السوداني والفرص الإستثمارية الواعدة في المجالات كافة في السودان.

أما منهج الترغيب فاقتصر على عقد مؤتمر المانحين في نيسان/أبريل 2005 وتقديم وعود من الدول الثماني الصناعية بدفع 5,4 مليار دولار لتمويل مشروع السلام على الصعيد التنموي، إلا أنه حتى الآن لم يتم وضع برنامج محدد للوفاء بالإلتزامات المالية(15).

وفي اتجاه آخر يصب في منهج الترغيب، شجعت الإدارة الأميركية المفاوضات التي تولاها الإتحاد الأفريقي في العاصمة النيجيرية (أبوجا)، وأوصت المناوئين للحكومة السودانية بدخول هذه المفاوضات، ورفضت الحكومة الأميركية طلب الكونغرس بفرض منطقة حظر للطيران في دارفور شبيه لما حصل في العراق. وقد وصف الوزير السوداني نجيب الخير عبد الوهاب الموقف الأميركي الجديد بأنه مؤشر جديد وتحوّل إيجابي من جانب الإدارة الأميركية تجاه السودان(16).

 

ثانياً: بريطانيا

استعمرت بريطانيا السودان وكانت الدولة الثانية إلى جانب مصر في الحكم الثنائي فيه لغاية العام 1956.

ونظراً إلى كون بريطانيا تسير خلف السياسة الأميركية (وخصوصاً في أيام توني بلير)، ولأنها تطمع كما تطمع الولايات المتحدة في الحصول على نصيبها من الثروة البترولية السودانية المنتظرة، فقد جاء ردّ الفعل البريطاني شبيهاً بالردّ الأميركي تجاه أزمة دارفور، وقال الوزير البريطاني للتنمية الدولية (هلاري بن) «إن ما يحدث في دارفور هو أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم» مبرراً بذلك اشتراك بريطانيا إلى جانب أميركا بغزو قسم من السودان واحتلاله كما حصل في أفغانستان والعراق. وقد اعترفت جريدة الغارديان البريطانية بحقيقة الأهداف البريطانية حين أكدت «أن النفط سيكون القوة الدافعة الرئيسة في أي غزو عسكري للسودان، وأن توني بلير يستخدم الضرورة الأخلاقية في كل مرة يشن فيها حرباً»(17).

هذا مع العلم أن بريطانيا وأستراليا كانتا أعلنتا مراراً خلال العامين 2003 و2004 استعدادهما لإرسال قوات عسكرية إلى إقليم دارفور لضمان وصول المساعدات الإنسانية للنازحين من الإقليم إلى تشاد وجنوب دارفور. وجاء هذا الإعلان متزامناً مع رغبة الولايات المتحدة آنذاك بإرسال قوات أميركية إلى دارفور، إلا أن ذلك جوبه بالرفض من قِبل الحكومة السودانية والجامعة العربية ومصر التي اعتبرت أن أي تدخل في دارفور والسودان هو بمتابة تدخل في شؤون مصر ذاتها لأن البلدين يمثلان عمقاً استراتيجياً وبشرياً لبعضهما(18).

 

ثالثاً: فرنسا

دعت فرنسا على لسان وزير خارجيتها السابق ميشال بارنييه إلى تسوية النزاع في دارفور عن طريق الإتحاد الأفريقي وعبر تشجيع التحاور بين جميع الأطراف المرتبطة بالنزاع، ودعت إلى حل النزاع من دون تدخل قوى خارجية، أي باستبعاد الدور الأميركي الذي ينافس ويزاحم المصالح الفرنسية في هذه المنطقة وخصوصاً في تشاد (البلد الذي كان محتلاً من قبل فرنسا بالسابق وما زالت قوات فرنسية مرابطة على أراضيه لغاية اليوم).

وقد حدّد وزير الخارجية الفرنسية موقف بلاده من أزمة دارفور على الشكل الآتي:

1- أن تتم تسوية مشكلة دارفور عن طريق الإتحاد الأفريقي مع تشجيع جميع الأطراف المتنازعة على التحاور.

2- ضرورة احترام التعهدات التي تمّ التوافق عليها، ولذلك على الحكومة اتخاذ إجراءات لنزع سلاح الجنجويد، وتقديم المتهمين بأعمال عنف إلى المحاكمة، واحترام وقف إطلاق النار من قبل الحركات المناوئة للحكومة، والدخول في مفاوضات التسوية السلمية.

3- تشجيع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة (يان برونك) لاستكمال محادثاته وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء.

4- يتعيَّن على الإتحاد الأفريقي والمجموعة الدولية إقامة جهاز مراقبة ملائم من أجل السهر على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ما يتطلَّب زيادة عدد القوات وتعزيزها للإضطلاع بدورها في حفظ السلام في إقليم دارفور(19).

 

رابعاً: الصين

ينطلق دور الصين في أزمة دارفور من منطق الحفاظ على مصالح الصين في السودان (حيث أن شركاتها البترولية تعمل هناك). لذلك كانت الصين مع تسوية أزمة دارفور عن طريق الإتحاد الأفريقي حتى لا تجد الولايات المتحدة لها منفذاً للتغلغل بشكل أكبر في دارفور خاصة وفي السودان عامة. لذلك لم توافق الصين على مشروع قرار الولايات المتحدة في مجلس الأمن بفرض عقوبات على السودان وخصوصاً العقوبات المتعلقة بالبترول، لأن ذلك يضرّ بمصالحها. وتشير التقارير إلى أن الشراكة بين الصين والسودان في مجال النفط ستصل إلى 800 ألف برميل العام 2007 وهو ما يوازي كامل انتاج دولة قطر، علماً أن التقديرات والدراسات الجيولوجية تشير إلى أن احتياطات النفط السوداني قد تكون مذهلة(20).

 

خامساً: إسرائيل

إضطلعت إسرائيل بدور كبير في مشكلة دارفور ودعم المتمردين في هذا الإقليم. وقد عقدت 53 منظمة يهودية ندوة في فيينا برئاسة ياناي برس بعنوان: «دارفور: دروس وعبر الإبادة الجماعية»، وذلك بالتنسيق مع المتحف التذكاري الأميركي للإبادات، تحدث فيها نيل فرانجرس مدير مكتب معونة اليهود المهاجرين في فيينا، فقال إن الأحداث في دارفور تمثل أكبر مظاهر الإبادة الجماعية في العالم. وفي تشاد قامت مجموعة ائتلاف اليهود بإنشاء مكتب خاص مهمته جمع التبرعات لدعم اللاجئين السودانيين في تشاد. وفي تقرير وكالة «جويش تلغراف» في 8 تموز 2004 والذي حمل عنوان السودان يصبح موضوعاً يهودياً قال الكاتب اليهودي «بيتر إيغروس»، إن الجماعات اليهودية ضاعفت جهودها لإيقاف قتل عشرات الآلاف من المسلمين السود في أفريقيا (دارفور)(21).

وتؤكد قيادات حركتي التمرد في دارفور أن البعض منهم يزور اسرائيل بشكل منتظم. وبسبب الإهتمام الإسرائيلي بمسألة دارفور قامت الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية بتوزيع منشورات على أعضائها تعتبر فيها قضية دارفور قضية يهودية إسرائيلية(22).

وقد اتهم والي شمال دارفور عثمان كبر إسرائيل بالتعاون مع بعض الدول الأفريقية بالوقوف وراء الحملات العسكرية والإعلامية والسياسية الموجهة ضد بلاده بهدف تمزيق وحدة السودان، كما اتهم رئيس وفد الحكومة السودانية في مفاوضات أبوجا مجذوب الخليفة خلال زيارته لشمال دارفور، إسرائيل، بدعم المتمردين بالمال والسلاح عن طريق أريتريا في إطار مخططها للتآمر على السودان(23).

 

ب- الأدوار الإقليمية في أزمة دارفور

أولاً: مصر

تبلور الموقف المصري تجاه الأزمة في دارفور على أساس منطلقات حاكمة تمثلت    في ما يلي:

الوقوف ضد أي مسعى لتدويل الأزمة، وضرورة التزام الجهود الدولية كافة خطاً ثابتاً يحترم سيادة السودان ووحدة أراضيه.

الحرص على معالجة الأزمة تحت مظلة الإتحاد الأفريقي وفي إطار أفريقي-عربي.

عدم اللجوء إلى استخدام القوة ورفض الالتجاء إلى فرض عقوبات دولية على الحكومة السودانية كآلية لحل الأزمة، أو تحسين الأوضاع الإنسانية للمتضررين من السكان، لما لذلك من آثار خطيرة على الوضع في السودان.

ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين الحكومة السودانية والحركات المتمردة التي تحمل السلاح في دارفور، حتى يعم السلام أرجاء الإقليم كافة، وتمارس قوات حفظ السلام تحت مظلة الإتحاد الأفريقي مهمامها الحقيقية.

بعد صدور القرار الدولي الرقم 1706 في 31 آب/أغسطس 2006، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة القاضي بنشر قوات دولية في إقليم دارفور ونقل مهام الإتحاد الأفريقي في الإقليم إلى الأمم المتحدة، قامت مصر بمساندة ودعم موقف الحكومة السودانية الرافض للقرار، وسعت بعد ذلك من خلال قنواتها المختلفة إلى نزع فتيل الأزمة من خلال اقتراح توفيقي بين السودان والأمم المتحدة، يسمح بالخروج من الأزمة عبر إقناع مجلس السلم والأمن الأفريقي بأن يبقي على قواته حتى حزيران/يونيو 2007 وذلك لتجنب حدوث فراغ أمني في الإقليم(24).

 

ثانياً:ليبيا

لمّا كانت مشكلة دارفور تؤثر على دول الجوار، وليبيا واحدة منها، جاء الموقف الليبي على لسان أمين الاتصال والتعاون الدولي الليبي عبد الرحمن شلقم، بأن أي خلل في الجغرافيا السياسية والبشرية في السودان سوف ينعكس على دول المنطقة كلها، وأشار إلى أنه إذا تقرر إرسال قوات أجنبية إلى دارفور، سيشكّل ذلك كارثة تستعصي على الحل، وسيأتي إسلاميون أصوليون من كل أرجاء العالم بهدف الجهاد مع أهالي دارفور، وستصبح دارفور أفغانستان أو عراق آخر، ولذلك يجب أن يكون الحل عن طريق الإتحاد الأفريقي والدول العربية حتى لا نعطي ذريعة للآخرين للتدخل(25)، كما قال.

وأبدت ليبيا استعدادها للمشاركة في تشكيل قوات مراقبة أفريقية، وحاولت من جانب آخر كبح جماح أريتريا للتوقف عن دعم متمردي دارفور، وحاولت أيضاً تأدية دور على صعيد توحيد مواقف حركات التمرد وإقناعها بضرورة التمسك بالسلام وبوقف إطلاق النار، وبقيت لبعض الوقت بمثابة همزة الوصل بين الحكومة السودانية وحركات التمرد، وقد ساعدها في ذلك الارتباط التاريخي والقبلي بين القبائل الليبية وقبائل دارفور، وكانت ليبيا قد قامت باحتضان الحركات المتمردة في دارفور على أراضيها.

وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 2004 استضافت ليبيا قمة خماسية في مدينة سرت، ضمت كلاً من رؤساء السودان، نيجيريا، تشاد، وليبيا، أسفرت عن التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي في قضية دارفور باعتبارها قضية أفريقية صرفة، وتفويض الزعيم الليبي معمر القذافي القيام باتصالات مع زعماء المعارضة في الإقليم للمساعدة في تضييق الهوة بين مختلف الأطراف للتوصل إلى حل نهائي للأزمة(26). بعد ذلك استضافت ليبيا مؤتمر القمة السباعية في مدينة طرابلس الغرب في 16 أيار/مايو 2005  في إطار محاولات الإتحاد الأفريقي والدول المجاورة للسودان للبحث عن حل لأزمة دارفور.

 

ثالثاً:الإتحاد الأفريقي

خلال الأعوام الثلاثة الماضية 2004-2005-2006 كان الإتحاد الأفريقي صاحب الدور المحوري في التعامل المباشر مع أزمة دارفور باعتباره المنظمة الإقليمية المعنية بقضايا السلم والإستقرار في أفريقيا، وقد نالت هذه الأزمة اهتماماً مكثفاً في قمة الإتحاد الأفريقي المنعقدة في تموز/يوليو 2004 في أديس أبابا، وتمحور الاتجاه الرئيس للاتحاد بخصوص أزمة دارفور حول أولوية الحل الأفريقي مع دعوة المجتمع الدولي للمساعدة في بذل الجهود لإنهاء المأساة الإنسانية في الإقليم وللتوصل إلى تسوية سياسية.

وعقب قمة اديس أبابا، قام رئيس الإتحاد الأفريقي أوليسجون أوباسنجو بزيارة إلى الخرطوم في 2 آب/أغسطس 2004 ، من أجل زيادة ما يلزم من مراقبي وقف إطلاق النار في الإقليم، ومن القوات الأفريقية لحماية هؤلاء المراقبين. ونتيجة لتدهور الأوضاع هناك اقترح تحويل مهمة القوة الأفريقية من قوة لحماية المراقبين إلى قوة لحفظ السلام، وزيادة عديدها من 200 جندي إلى 3500 جندي وذلك بموجب الإتفاق الذي تم بين الإتحاد الأفريقي والحكومة السودانية في مقر الإتحاد في أديس أبابا في أيلول/سبتمبر 2004 وهكذا دخل الاتحاد الأوروبي بثقله في أزمة دارفور، سواء عن طريق تبنّيه مفاوضات السلام في أبوجا وأديس أبابا أو عن طريق عقد مؤتمرات القمة الأفريقية المصغرة، أو في تشكيله للقوة العسكرية التابعة له. وهذا ما أدى إلى إبقاء الأزمة داخل المسرح الأفريقي حتى نهاية العام 2004 ، وذلك يعود لإصرار مصر وجنوب أفريقيا على ضرورة احترام حق الإتحاد الأفريقي في إدارة الأزمة من ناحية، ولرفض فرنسا وروسيا والصين مبدأ فرض عقوبات على السودان من ناحية أخرى.

 

رابعاً:تشاد

إن مجاورة جمهورية تشاد لإقليم دارفور، ووجود قبائل مشتركة بينهما، ونزوح عشرات الألوف إلى الأراضي التشادية، كلّ ذلك أدخل تشاد في أزمة الإقليم من أوسع الأبواب، ولذلك قامت بدور أساسي في محادثات السلام بين الحكومة والمتمردين، مفوّضة من قبل الإتحاد الأفريقي، فاستضافت عاصمتها (انجامينا) ومدينة (أبش) المفاوضات التي أدّت إلى عقد اتفاق وقف إطلاق النار في إقليم دارفور في نيسان/أبريل 2004.   

وفي مقابل العلاقات الودية بين البلدين، السودان وتشاد، اتهمت المجموعة الدولية للأزمات تشاد بأداء دور سري في دعم متمردي إقليم دارفور لخلق نوع من التوازن بين فريقي النزاع.

 

خامساً:نيجيريا

عانت نيجيريا كالسودان الحروب الأهلية، ومحاولات الإنفصال (إقليم بيافرا العام 1967). وعلى الرغم من عدم وجود حدود مشتركة بين البلدين، إلا أن نيجيريا حرصت على الاضطلاع بدور فعّال في أزمة دارفور انطلاقاً من مبدأ أن أي تدخل أجنبي أو دولي في هذه الأزمة سيؤدي إلى عدم استقرار في منطقتي وسط وغرب أفريقيا، ما سيؤثر على نيجيريا حتماً. وكان للرئيس النيجيري أوباسنجو، وهو رئيس الإتحاد الأفريقي، دور بارز في رفض التدخل الخارجي والتعويل على دور الإتحاد الأفريقي في حل الأزمة من خلال إرسال مراقبين لوقف إطلاق النار، ومن ثم توسيع صلاحيات القوة الأفريقية لتشمل حماية المدنيين(27).

 

سادساً: أريتريا

تجاور أريتريا السودان من ناحية الشرق فقط، وهي استقبلت كل القوى المعارضة للحكومة السودانية على أراضيها، ودعمت حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان، وخصوصاً بعد أن أصبحت الحركتان عضوين في التجمع السوداني المعارض الذي يتخذ من العاصمة الأريترية (أسمره) مقراً له.

 تحاول أريتريا من خلال تصعيدها لأزمة دارفور تحقيق عدة أهداف منها:

تخفيف حدة الضغط الإقليمي الذي يشكله محور صنعاء المؤلف من اليمن وأثيوبيا والسودان.

تخفيف الضغوط التي تفرضها القوات الحكومية السودانية على منطقة الشرق وذلك بغية تحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات مع المعارضة الأريترية المدعومة من الخرطوم.

هناك أطماع أريترية بالأراضي الزراعية في منطقة البجا في شرق السودان.

الأخذ بعين الاعتبار لدور الولايات المتحدة وإسرائيل في دعمهما للمتمردين بالسلاح والعمل على تصعيد الموقف في دارفور.

 

سابعاً:أفريقيا الوسطى

تعتبر جمهورية أفريقيا الوسطى أن الدول المجاورة تمثل عمقاً استراتيجياً لها ويجب أن تكون مناطق مستقرة وآمنة. لذلك فمن مصلحتها حل أزمة دارفور سلمياً ومنع التدخلات الدولية فيها، ولتحقيق ذلك تحركت على مستويين:

أ- توثيق العلاقة مع جارتيها السودان وتشاد لضبط الحدود.

ب- تأييد التحركات الإقليمية لحل أزمة دارفور سلمياً(28).

 

4- أزمة دارفور والقانون الدولي

إستناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 1564 في 18 أيلول/سبتمبر 2004 الذي نصّ على أن يقوم الأمين العام بإنشاء لجنة تحقيق دولية على وجه السرعة تضطلع فوراً بالتحقيق في التقارير المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ترتكبها جميع الأطراف في دارفور، ولتحدد أيضاً ما إذا كانت وقعت أعمال إبادة جماعية، وتحديد هوية مرتكبيها ومحاسبة المسؤولين عنها.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2004 عيّن الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة تحقيق دولية برئاسة انطونيو كاسيسيه، وطلب إليها تقديم تقرير عن نتائج تحقيقاتها خلال ثلاثة أشهر، وعملت هذه اللجنة على تأدية أربع مهام رئيسة هي:

1- التحقيق في التقارير المتعلقة بالإنتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي وللقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها جميع الأطراف في دارفور.

2- تحديد ما إذا كانت قد ارتكبت أعمال إبادة جماعية أم لا.

3- تحديد مرتكبي انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في دارفور.

4- إقتراح الوسائل الكفيلة بمحاسبة المسؤولين عن تلك الإنتهاكات.

وقد ركزت اللجنة أعمالها بصفة خاصة على الأحداث التي وقعت في دارفور في الفترة بين شباط/فبراير 2003 ومنتصف كانون الثاني/يناير2005.

 

وقدّمت اللجنة تقريراً كاملاً عن نتائج تحقيقاتها إلى الأمين العام في 25 كانون الثاني/يناير 2005 وتضمن مايلي:

أ- تبيَّن للجنة مسؤولية حكومة السودان وميليشيات الجنجويد(29) عن انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان تشكّل جرائم بموجب القانون الدولي العام، وتبيّن للجنة على وجه الخصوص أن قوات الحكومة والميليشات شنّت هجمات عشوائية، شملت قتل المدنيين، التعذيب، الإختفاءات القسرية، تدمير القرى، الإغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والنهب والتشريد القسري في جميع أرجاء دارفور. وقد نفذت هذه الأعمال على نطاق واسع وبصورة منهجية وهي بالتالي تشكل جرائم ضد الإنسانية. وأدت أعمال التدمير والتشريد إلى فقدان عدد لا يحصى من الرجال والنساء والأطفال. وإضافة إلى الهجمات الواسعة النطاق، جرى اعتقال واحتجاز وعزل الكثيرين في أماكن مجهولة لفترات طويلة، وتعذيبهم، وكانت الأغلبية الساحقة من ضحايا هذه الإنتهاكات من قبائل الفور والزغاوة والمساليت والجبل والأرنجا وغيرها من القبائل المسماة بالقبائل الأفريقية. وذكر مسؤولو حكومة السودان في مناقشاتهم مع اللجنة، أن أي هجمات شنتها القوات المسلحة الحكومية في دارفور كانت لأغراض التصدّي للتمرد واقتضتها ضرورات عسكرية. ومع ذلك فقد اتضح من نتائج تحقيقات اللجنة أن معظم الهجمات استهدفت المدنيين عمداً وبصورة عشوائية. وما أثار انزعاج اللجنة الشديد أن أعمال الهجوم على القرى وقتل المدنيين والاغتصاب والنهب والتشريد القسري استمرت خلال فترة ولاية لجنة التحقيق في دارفور، ولذلك ترى اللجنة أنه ينبغي اتخاذ اجراءات عاجلة لوقف هذه الإنتهاكات. وبالنسبة إلى المتمردين أشارت اللجنة إلى أنه لم يتبيَّن وقوع هذه الانتهاكات وفق نمط منهجي ولكنها وجدت أدلة موثوق بها، تشير إلى أن قوات التمرد وجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة مسؤولة أيضاً عن وقوع انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، قد تشكل جرائم حرب، ومن بينها بوجه خاص قتل المدنيين وأعمال النهب.

ب- خلصت اللجنة إلى أن حكومة السودان لم تتبع سياسة الإبادة الجماعية، ويمكن القول هنا بتوافر ركنين من أركان الإبادة الجماعية، استناداً إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها القوات الحكومية المسلحة وميليشيات الجنجويد الواقعة تحت سيطرتها، والركنان هما: أولاً، الفعل الإجرامي، فعل القتل أو إلحاق الأذى الجسدي أو المعنوي أو تعمد إخضاع آخرين لظروف معيشية تؤدي على الأرجح إلى الهلاك البدني، وثانياً، وهذا معيار ذاتي، وجود جماعة محمية يستهدفها مقترفو السلوك الإجرامي. ومع ذلك يبدو أن العنصر الجوهري، عنصر عقد النية للإبادة الجماعية، غير موجود، على الأقل في ما يتعلق بالسلطات الحكومية المركزية. وتقرّ اللجنة بأنه ربما يكون هناك أفراد، ومن ضمنهم مسؤولون حكوميون، ارتكبوا أعمالاً بنيّة الإبادة الجماعية. إلا أن البتّ في صحة ذلك أو عدم صحته في دارفور أمر لا يتسنّى إلا لمحكمة مختصة وعلى أساس كل حالة على حدة.

ج- جمعت اللجنة عناصر موثوق بها ومتسقة تشير إلى مسؤولية بعض الأفراد عن ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما فيها جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب في دارفور. وبغية تحديد هوية مرتكبي هذه الإنتهاكات قررت اللجنة أنه لا بد من توافر مجموعة مواد موثوق بها تكون متسقة مع ظروف أخرى جرى التحقق منها وتنحو إلى إظهار جواز ومعقولية اتهام شخص بالضلوع في ارتكاب جريمة، ومن ثم تجري اللجنة تقييماً لمن يحتمل الإشتباه فيهم، من دون إصدار حكم نهائي بإسناد الذنب الجنائي. وقررت اللجنة عدم الإفصاح عن اسماء هؤلاء الأشخاص، ويستند هذا القرار إلى ثلاثة أسس رئيسة هي:

1- أهمية مبدأي أصول المحاكمات واحترام حقوق المشتبه بهم.

2- عدم منح اللجنة سلطة التحقيق أو الادعاء القانوني.

3- شدة الحاجة إلى كفالة حماية الشهود من احتمال التعرّض للمضايقة أو التخويف، وعوضاً عن ذلك تعدّ اللجنة قائمة بالأسماء تودع لدى الأمين العام على أن تسلّم لاحقاً إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وفقاً لتوصيات اللجنة.

 

د- توصي اللجنة بشدة بأن يحيل مجلس الأمن الدولي الحالة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية فوراً، عملاً بالمادة 13- فقرة ب من النظام الأساسي للمحكمة.

 والجرائم المدّعى بارتكابها والتي جرى توثيقها في دارفور تفي بمعايير نظام روما الأساسي حسب ما تعرّفه المواد 7 (أ)، 8 (أ)، و8 (و)، ونظام العدالة السوداني غير قادر على معالجة الحالة في دارفور، ولا رغبة للمعنيين في ذلك. وقد اُضعف هذا النظام كثيراً خلال العقد الماضي. والمعروف أن كثيراً من القوانين السارية في السودان اليوم تخالف المعايير الأساسية لحقوق الإنسان، حتى أن القوانين الجزائية السودانية لا تحرّم بالقدر الكافي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من قبيل الجرائم التي ترتكب في دارفور. وقانون الإجراءات الجزائية يتضمن أحكاماً تحول دون المقاضاة الفعالة على هذه الأعمال. بالإضافة إلى ذلك فقد أبلغ ضحايا كثيرون اللجنة بأنهم لا يثقون كثيراً بحياد نظام العدالة السوداني وقدرته على محاكمة المسؤولين عن الجرائم الخطيرة المرتكبة في دارفور.

وترى اللجنة أن على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات، ليس ضد مرتكبي الجرائم وحسب، وإنما أيضاً نيابة عن الضحايا. ومن ثم توصي اللجنة بإنشاء لجنة لتقديم التعويضات لضحايا الجرائم، سواء جرى تحديد مرتكبي الجرائم أم لا.

وتوصي اللجنة أيضاً باتخاذ عدد من التدابير للمساعدة في كسر دائرة الإفلات من العقاب، ومن بين هذه التدابير ممارسة دول أخرى لمبدأ الولاية العالمية، وقيام لجنة حقوق الإنسان بإعادة إنشاء ولاية المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في السودان، وتقديم مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان تقارير علنية ودورية عن حالة حقوق الإنسان في دارفور(30).

وقبل إيفاد لجنة التحقيق الدولية إلى دارفور، كان مجلس الأمن قد اتخذ في 11 حزيران/يونيو 2004القرار الرقم 1547 ويتضمن الترحيب بالتوقيع الذي تم في 5 حزيران/يونيو 2004 في نيروبي (كينيا)، والإعلان الذي أكّد فيه الطرفان موافقتهما على البروتوكولات الستة الموقعة بين حكومة السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان، وأعادا تأكيد التزامهما إتمام المراحل المتبقية للمفاوضات. وقد رحّب مجلس الأمن باقتراح الأمين العام بتشكيل فريق متقدم للأمم المتحدة في السودان بوصفه بعثة سياسية تحت سلطة ممثل الأمين العام، ويكون من بين مهماته الإعداد لبدء عملية السلام التي سيليها توقيع اتفاق شامل للسلام. ويهيب مجلس الأمن بالطرفين أن يستخدما نفوذهما كي يتوقف القتال الدائر في منطقة دارفور، ويرحب بجهود الإتحاد الأفريقي الرامية إلى تحقيق هذا الهدف، ويدعو المجتمع الدولي إلى المشاركة، بما في ذلك التمويل الواسع النطاق دعماً للسلام في السودان(31).

وفي 23 تموز/يوليو 2004 تبنّى الكونغرس الأميركي قراراً بالإجماع يعلن فيه أن الفظائع التي ترتكب في دارفور تمثل عملية إبادة جماعية، ودعا القرار البيت الأبيض إلى تدخل أحادي الجانب أو متعدد الأطراف لوقف العنف هناك. لكن وزير الخارجية الأميركي رفض شكوى السودان بأن الولايات المتحدة تتدخل في شؤونه، وجاء نداء الكونغرس للرئيس الأميركي ولإدارته، المقدمة الأساسية التي أدّت إلى تبنّي الولايات المتحدة لمشروع قرار إلى مجلس الأمن بشأن دارفور، ومحاولة حشد التأييد له.

  وبعد المشاورات وإعادة الصياغة، صدر قرار مجلس الأمن الرقم 1556 في 30 تموز/يوليو 2004 بشأن دارفور، ووجه إلى الخرطوم تحذيراً بإنهاء العنف، ومنحها مهلة 30 يوماً وإلا فستواجه عقوبات إقتصادية ودبلوماسية إذا لم تفِ بالتزاماتها. وفي الحقيقة فإن القرار الصادر عن مجلس الأمن لم يختلف كثيراً عن النص الأصلي الذي قدمته الولايات المتحدة، والتعديل الأساسي الذي طرأ عليه تمثل في إستبدال كلمة «عقوبات» الواردة في النص الأميركي بكلمة «تدابير» مع ربطها بالمادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، بما يعني أنه في حال اتخاذ قرار بتنفيذ التدابير فستكون تدابير إقتصادية ودبلوماسية ولا تقع في المجال العسكري. إلا أن هذا الإنطباع لم يكن دقيقاً، إذ أن مقدمة القرار تشير إلى أن النزاع في دارفور يهدد السلم والأمن الدوليين وبالتالي فهو يقع في نطاق أحكام الفصل السابع من الميثاق، ما يعني إمكان استخدام القوة العسكرية لتنفيذه(32).

في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 وفي جلسته الإستثنائية التي عقدت في نيروبي، اتخذ مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 1574 طالب فيه الحكومة السودانية وقوات التمرد وجميع المجموعات المسلحة الأخرى بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف، والامتناع عن التهجير القسري للمدنيين، والتعاون مع الجهود الإنسانية الدولية، كما دعا المجلس جميع الأطراف إلى التعاون الكامل مع اللجنة الدولية للتحقيق التي أنشأها الأمين العام، وأعرب عن تأييده لقرارات الإتحاد الأفريقي بشأن زيادة عدد أفراد بعثته في دارفور إلى 3320 فرداً، وحثّ الدول الأعضاء على توفير المعدات والموارد اللوجستية والمالية والمادية اللازمة، كما حث حكومة السودان وجميع المجموعات المتمردة على التعاون الكامل مع الإتحاد الأفريقي(33).

في 24 آذار/مارس 2005 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 1590 الذي أكد مجدداً بموجبه أن الحالة في السودان ما تزال تشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين.

قرر وفقاً للمادة الأولى من القرار إنشاء بعثة الأمم المتحدة في السودان لفترة أولية مدتها ستة أشهر، على أن تتألف هذه البعثة من قوام يصل إلى 10 آلاف من الأفراد العسكريين و715 عنصراً من أفراد الشرطة المدنية، وطلب من هذه البعثة الإتصال والتنسيق بشكل وثيق ومستمر مع بعثة الإتحاد الأفريقي في السودان بغية الإسراع في تعزيز الجهود الرامية إلى دعم السلام في دارفور، لا سيما في ما يتعلق بعملية أبوجا للسلام (المادة الثانية). وفي المادة السابعة من القرار أكّد المجلس أنه لن يكون هناك حلّ عسكري للصراع الدائر في دارفور، ودعا حكومة السودان والجماعات المتمردة إلى استئناف محادثات أبوجا على وجه السرعة من دون شروط مسبقة، والتفاوض بحسن نية للتوصل سريعاً إلى اتفاق، واتخاذ إجراءات فورية لدعم التوصل إلى تسوية سلمية للصراع الدائر في دارفور.

في 29 آذار/مارس 2005 وبعد خمسة أيام على اتخاذ القرار الرقم 1590 وبسبب تفاقم الأوضاع في دارفور، اجتمع مجلس الأمن مجدداً واتخذ القرار الرقم .1591 وفي المادة الأولى من هذا القرار أعرب المجلس عن استيائه الشديد لأن حكومة السودان والقوات المتمردة وسائر المجموعات المسلحة في دارفور لم تمتثل امتثالاً كاملاً لالتزاماتها ولمطالب المجلس المشار إليها في القرارات 1556 (2004) و1564 (2004) و1574 (2004)، وأدان انتهاك اتفاق نجامينا لوقف إطلاق النار المبرم في 8 نيسان/أبريل 2004 وبروتوكولي أبوجا المبرمين في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 بما في ذلك عمليات القصف الجوي التي قامت بها حكومة السودان في كانون الأول/ديسمبر 2004 وكانون الثاني/يناير 2005 وهجمات المتمردين على قرى دارفور في كانون الثاني/يناير 2005 وعدم قيام حكومة السودان بنزع سلاح أفراد ميليشيات الجنجويد والقبض على زعمائهم وأعوانهم الذين ارتكبوا انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي وتقديمهم للمحاكمة.

أما في المادة السادسة من القرار 1591 فقد طالب مجلس الأمن حكومة السودان بالكفّ فوراً عن القيام بتحليقات عسكرية هجومية في أجواء منطقة دارفور وداخلها، وذلك وفقاً لالتزاماتها بموجب اتفاق نجامينا وبروتوكولي أبوجا الأمنيين المؤرخين في 9 تشرين الثاني/نوفمبر2004.

أكد المجلس مجدداً أنه سينظر في اتخاذ تدابير إضافية وفقاً لأحكام المادة 41 من الميثاق، في حال عدم وفاء الأطراف بإلتزاماتها وبما هو مطلوب منها، وإستمرار تدهور الحالة في دارفور (المادة 8).

في نيسان/أبريل 2005 أصدر مجلس الأمن القرار الرقم 1593 والمتضمن إحالة المشتبه في ارتكابهم جرائم في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، بموافقة إحدى عشرة دولة وامتناع أربع دول هي روسيا، الصين، الولايات المتحدة، والجزائر عن التصويت. وتكون المرة الأولى التي يحال فيها ملف قضية من مجلس الأمن إلى المحكمة منذ أن أصبحت نافذة في تموز/يوليو .2002 قبل ذلك كان مجلس الأمن يلجأ ومن خلال السلطات الممنوحة له بموجب الفصل السابع، إلى تأليف محاكم جنائية مؤقتة لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية على غرار محكمة يوغوسلافيا السابقة ومحكمة رواندا.

قرر مجلس الأمن أيضاً إحالة الوضع في دارفور منذ تموز/يوليو 2002 إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة في لاهاي، مع جميع المستندات والوثائق التي جمعتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في دارفور.

والواقع أن الأسس القانونية التي استند عليها قرار مجلس الأمن الرقم 1593 واعتبرها في أساس اتهامه لعدد من السودانيين بالمسؤولية عما وقع في دارفور من جرائم ترتكز على «تقرير لجنة التحقيق الدولية المكلفة من قِبل مجلس الأمن الدولي التحقيق في إنتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في دارفور».

حدد قرار مجلس الأمن الرقم 1593 أن وقوع جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية في دارفور، تشكل الإختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية، بالنسبة إلى الإختصاص الزماني الذي حدده القرار بالأفعال المرتكبة بعد تموز/يوليو 2002 في إقليم دارفور. وأما بالنسبة إلى مكان ممارسة المحكمة لإجراءاتها، فالأصل أن تعقد في المقر الدائم في لاهاي، ولكن للمحكمة أن تعقد جلساتها في أي مكان آخر تراه مناسباً، وقد أعطيت حرية بحث واختيار مكان انعقاد المحكمة للمدعي العام الخاص بها بالإتفاق مع الإتحاد الأفريقي(34).

في 31 آب/أغسطس 2006 اتخذ مجلس الأمن القرار الرقم 1706 القاضي بإرسال قوات دولية إلى إقليم دارفور، وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا قدمتا مشروع القرار ووقفتا خلف إجازته في مجلس الأمن بأغلبية 12 صوتاً مع امتناع كل من الصين وروسيا وقطر عن التصويت، وقد حرصتا على التأكيد بشكل مستمر أن الأهداف المتوخاة من إرسال القوات الدولية هي المساعدة على تنفيذ اتفاق أبوجا للسلام وحماية المدنيين النازحين في الإقليم وتأمين إيصال الإغاثة لهم. وأضاف الأميركيون سبباً آخر يتمثل في القول إن هناك جرائم إبادة جماعية في الإقليم يجب إيقافها من دون إبطاء.

 

أما أهم مضامين القرار 1706 فهي:

تعزيز بعثة الأمم المتحدة بـ 17300 جندي و 3300 من أفراد الشرطة بالإضافة إلى وحدات الشرطة المشكلة، والتي تشمل المهمات التالية:

1- إعادة هيكلة مرفق الشرطة وجعل أنشطته تتماشى مع الديمقراطية، فضلاً عن تدريب أفراد الشرطة وتقييمهم.

2- المساعدة في إقامة جهاز قضائي مستقل وحماية حقوق الإنسان ووضع استراتيجية شاملة ومنسقة تهدف إلى مكافحة الإفلات من العقاب.

3- رصد الأنشطة العابرة للحدود بين السودان وكل من تشاد وأفريقيا الوسطى من خلال عمليات منتظمة للاستطلاع البري والجوي، والمساعدة في معالجة القضايا الأمنية الإقليمية بين السودان وكل من تشاد وأفريقيا الوسطى، مع إنشاء نقاط أو مراكز تابعة للأمم المتحدة في هاتين الدولتين والاستعانة بموظفين دوليين في الشؤون السياسية والإنسانية والعسكرية وشؤون الشرطة للتنسيق في هذا الأمر.

4- وضع وتنفيذ برنامج شامل لنزع السلاح وعمليات التسريح وإعادة الدمج.

5- مراقبة ورصد تحركات الجماعات المسلحة والقيام حسب الحاجة بمصادرة وجمع الأسلحة والعتاد.

6- إنه وطبقاً للفصل السابع من الميثاق فإن مجلس الأمن يقرر أن لبعثة الأمم المتحدة استعمال جميع الوسائل اللازمة في مناطق انتشارها وحسب ما تراه في حدود قدراتها، لحماية أفرادها ومنشآتها والمدنيين.

 

وقد جوبه هذا القرار من قبل السلطات الحكومية بالرفض وذلك للأسباب الآتية:

بالنسبة إلى قوات الأمم المتحدة، فالمشكلة ليست بعددها الكبير بل بالصلاحيات الهائلة الممنوحة لبعثة الأمم المتحدة في الإقليم.

بالنسبة إلى مراقبة تحركات الجماعات المسلحة ورصدها، فإن هذا النص يثير الكثير من المخاوف لدى العديد من الأطراف في السودان. فطبقاً لمجريات الحملات الإعلامية الواسعة في الغرب، وما تصرّ عليه واشنطن من وجود إبادة جماعية في دارفور تقوم بها ميليشيات الجنجويد بدعم من الحكومة السودانية، فإنه من المحتمل وجود نوع من التحيّز المسبق، وضغط عسكري كبير من الممكن أن تتعرَّض له القبائل ذات الأصول العربية والتي يتشكَّل منها الجنجويد، وبالنظر إلى أنها تمثل في معظم التقديرات أكثر من نصف سكان دارفور، ما من شأنه أن يحدث خللاً في التوازن السكاني في حال بقاء الأسلحة في يد الميليشيات التابعة للحركات المسلحة المتمردة في الإقليم، وهذا الأمر قد يؤسس لحرب أهلية واسعة تتجاوز دارفور إلى مالي والنيجر وصولاً إلى السنغال وموريتانيا وجنوب الجزائر.

أما بالنسبة إلى قرار مجلس الأمن المتضمن، وفقاً للفصل السابع من الميثاق، أن للبعثة حق إستعمال جميع الوسائل اللازمة في مناطق انتشارها وحسب ما تراه في حدود قدراتها، لحماية أفرادها ومنشآتها، فالحكومة السودانية تفهم من ذلك أن هذه القوات سيكون لها حق استخدام القوة حسب التفسير الذي تراه، وفي الحالات التي تقررها بشكل منفرد، أي أنها سوف تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة في اتخاذ ما تراه من إجراءات، وفي تحديد الحالات التي يجب أن تستخدم فيها القوة وصد أيّ من الأطراف. وهنا تتخوَّف الحكومة السودانية من الصلاحيات المعطاة للبعثة والتي تشمل القضاء والشرطة المدنية والإعلام وحقوق الإنسان والأمن الإقليمي على الحدود وجمع السلاح، وترى أن بعثة الأمم المتحدة في إقليم دارفور ستمثل سلطة انتداب وإدارة كاملة، فأين هي سيادة السودان على أراضيه؟ خصوصاً وأن التفويض الذي يمنحه هذا القرار لبعثة الأمم المتحدة ليس مقيداً بمدة زمنية محددة، بل ينص على إبقاء المسألة قيد النظر في مجلس الأمن طبقاً لتطورات الأوضاع(35).

وقد استمرت الحكومة السودانية برفض القرار 1706 منذ صدوره في 31 آب/أغسطس 2006 ولغاية أيار/مايو 2007 مرتكزة في ذلك على عاملين رئيسين بالإضافة إلى الملاحظات التي سجلتها الحكومة السودانية على نص القرار 1706 والعاملان هما:

العامل الأول: إن نشر قوات دولية في إقليم دارفور من شأنه الإضرار بعملية التسوية في الإقليم، وتقويض النجاح السياسي الذي تحقق بتوقيع اتفاق دارفور للسلام، حيث تؤكد حكومة الخرطوم أنها نجحت في استعادة الهدوء والإستقرار تدريجاً إلى دارفور بعد توقيع اتفاق السلام، كما نجحت في إنهاء بؤرة توتر أخرى من خلال المصالحة التاريخية بين السودان وتشاد، وهذه تطورات إيجابية بالغة الأهمية على صعيد تحقيق الأمن والإستقرار. وترى الحكومة أن قرار مجلس الأمن من شأنه إعادة التوتر وعدم الإستقرار إلى إقليم دارفور.

العامل الثاني: إن قرار مجلس الأمن رقم 1706 يعطي القوات الدولية صلاحيات واختصاصات من شأنها أن تتجاهل حكومة الخرطوم تماماً، بل تلغيها بالكامل، ويجعل من مسألة نشر القوات الدولية بمثابة احتلال لدارفور وخطوة على طريق تقسيم السودان.

منذ بداية العام 2006 مارست الولايات المتحدة والقوى الغربية ضغوطاً على العديد من الدول الأفريقية للموافقة على استبدال قوات الإتحاد الأفريقية بقوات دولية، وهو ما انعكس على اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للإتحاد الأفريقي في 12 كانون الثاني/يناير 2006 الذي وافق من حيث المبدأ على استبدال قوات دولية في دارفور بالقوات الأفريقية، ولم يكترث للرفض السوداني لمبدأ الإستبدال معتمداً على أن حكومة الخرطوم كانت قد فوضت الإتحاد الأفريقي مسألة تسوية النزاع في الإقليم بالصورة التي يراها.

وفي اجتماع هذا المجلس على مستوى وزراء الخارجية الذي انعقد في 10 آذار/مارس 2006 تبنّى المجلس قراراً يقوم على إمهال حكومة الخرطوم سبعة أشهر قبل تحويل مهمة حفظ السلام في إقليم دارفور من الإتحاد الأفريقي إلى الأمم المتحدة، بحيث يجري تمديد التفويض الممنوح لبعثة الإتحاد الأفريقي في دارفور الذي ينتهي في نيسان/ابريل 2006 إلى أيلول/سبتمبر 2006 وجاء هذا القرار بمثابة حل وسط بين الموقف السوداني الرافض لاستبدال القوات وبين المواقف الدولية الداعية إلى ذلك(36).

ولاحقاً نجحت الوساطة المصرية في إبقاء القوات الأفريقية في دارفور لغاية حزيران/يونيو 2007 وذلك مخافة حدوث فراغ أمني في الإقليم، ولإعطاء فرصة إضافية للحوار بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة من أجل الوصول إلى حل توفيقي يرضي الجانبين.

وبالفعل فقد أكدّ الرئيس السوداني عمر البشير في 15 نيسان/أبريل 2007 أن حكومة السودان وقعت اتفاقاً مشتركاً مع كل من الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي، يحدد واجبات القوات الأفريقية والدولية ودورها في إقليم دارفور غرب السودان. ويلحظ الإتفاق زيادة عدد القوات الأفريقية باستقدام كتائب إضافية إلى دارفور، كما يحدد دور الأمم المتحدة بتقديم الدعم اللوجستي ومن بينها طائرات مروحية مقاتلة لقوات الإتحاد الأفريقي، على أن يقودها طيارون من القوات الأفريقية أو دول أخرى يحددها السودان(37).

وفي 16 نيسان/أبريل 2007 أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار السودان دعم قوة الإتحاد الأفريقي في إقليم دارفور، وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستتحرك سريعاً لإعداد عملية نشر قوات دعم الأمم المتحدة للقوة الأفريقية المنتشرة في دارفور والتي يطلق عليها إسم المرحلة الثانية والتي تنص على إرسال قوة مشتركة بين الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي تتألف من حوالى 20 ألف رجل لحماية المدنيين في دارفور(38).

 

5- آفاق التسوية في دارفور في ضوء القانون الدولي العام

علينا أن نسلّم اليوم بأن معظم النزاعات التي يتعيَّن على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية تسويتها ليست بنزاعات محتدمة بين الدول، بل هي نزاعات داخلية كالحروب الأهلية، عمليات الإنسلاخ والتجزئة، الإنقسامات الإثنية والحروب القبلية.

هذه النزاعات الجديدة بعيدة كل البعد عن الحروب التي كانت تجري في السابق داخل أراضي الدول نفسها وتطال في المقام الأول السكان المدنيين، وتدمر المدن والأرياف وتقوِّض المؤسسات وتخرب الهياكل الأساسية للدول.

لهذا تجد الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية نفسها في مواجهة أزمات تتجاوز إلى حد بعيد ما تستطيع حلّه باستخدام المفاهيم التقليدية والكلاسيكية لحفظ السلام والأمن أو استعادة السلام والأمن الدوليين.

فمن بين حوالى 23 عملية حفظ سلام تقوم بها الأمم المتحدة في العالم، تشكل النزاعات الداخلية حوالى الثلثين، كما هو حاصل الآن في السودان التي تتحضَّر الأمم المتحدة للاضطلاع بدور هام فيها من خلال قوات حفظ السلام الدولية المطعَّمة بقوات أفريقية بغالبيتها.

وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي قد أطلق على النزاعات داخل الدول تسمية المنازعات الدولية الجديدة، وكان له رأي صريح برفض التجزئة والتقسيم في الدول التي يطالب بعض الأقليات فيها بحق تقرير المصير، ويقول «إنه بوسعنا أن نحترم الأقليات، وأن نتفهم أوضاعاً معينة وأن نتقبل التنوع، لكن هذا لا يعني التساهل مع التجزئة والتشتت» . هذا الأمر من شأنه أن يمثل تفسيراً في غاية الشذوذ لحق الشعوب في تقرير المصير، بمعنى القول إن من حق أي كيان إجتماعي أو أتني يأنس في نفسه اختلافاً عن جيرانه حتى ولو استند ذلك في غالب الأحيان إلى أسس غامضة أو معيبة، أن يطالب بالإعتراف الدولي(39)، وبالتالي الإستقلال عن الدولة الأم.

لن يستطيع المجتمع الدولي التعامل مع المنازعات الدولية الجديدة ما لم تستأصل الأسباب العميقة لنشوبها، والتي تكون بمعظمها إقتصادية وإجتماعية تراوح ما بين الفقر، التخلف المستوطن، ضعف المؤسسات أو عدم وجودها، التبعية وعدم الإستقرار، وهذه الأسباب بمعظمها تعتبر المصادر الرئيسة لنشوب تلك النزاعات.

أما النزاعات الإثنية - كما هو حاصل الآن في دارفور -  فتنشأ في المجتمعات التي تعاني انقسامات حادة، وتكون غير متجانسة من الناحية الإثنية، وتهدف إلى الحصول على ما هو نادر، بما في ذلك السلطة والمنزلة والقيم المعنوية والمكافآت الإقتصادية.

إن النزاعات الاتنية هي وليدة واحدة من الحالات التالية: الإستعمار، إخفاق الدولة المستقلة في إحراز التقدم والنمو والإزدهار، الفشل في تحقيق النمو للمجموعات المتنازعة، رفض الإعتراف بهوية مجموعة اتنية، واندلاع أعمال العنف(40)، وأزمة دارفور هي خير مثال على النزاعات العرقية القائمة بين القبائل ذات الأصول العربية والقبائل ذات الأصول الأفريقية، وما يحيط بها من أبعاد داخلية وإقليمية ودولية، وانعكاساتها على السلم والأمن الدوليين. من هنا كان اهتمام المجتمع الدولي بأزمة دارفور وسبل تسويتها، علماً أن ميثاق الأمم المتحدة ترك للدول الأعضاء حق اختيار الطرق الدبلوماسية أو السياسية لحل نزاعاتها أو إمكان عرض النزاعات على الجمعية العامة أو مجلس الأمن أو المنظمات الإقليمية، وهذا أيضاً ما جاء في المادة (33) من الميثاق حين حثَّت الأطراف المتنازعة في أي خلاف يؤدي استمراراه إلى تهديد السلم والأمن الدوليين، أن يسعوا إلى الحل بالطرق بالسياسية أو القضائية واللجوء إلى المنظمات الإقليمية أو بغيرها من الوسائل السلمية.

ومنذ العام 2004 ولغاية العام 2007 جرت عدة محاولات ومشاريع للتسوية في دارفور، ابتدأت بالوساطات الإقليمية الليبية والمصرية، وبالمنظمات الإقليمية (الإتحاد الأفريقي، جامعة الدول العربية، والإتحاد الأوروبي)، وأخيراً في الأمم المتحدة، مروراً بمشاريع لحل الأزمة عرضتها قوى سودانية أو مجموعة الأزمات الدولية، لذلك سنعرض أهم مشاريع التسوية للأزمة في دارفور وفقاً لما يلي:

-1- رؤية القوى الوطنية التي ضمَّت القوى السياسية، منظمات وفعاليات المجتمع المدني، فعاليات وشخصيات وطنية سودانية، وممثلين لبعض الهيئات الدولية، اجتمعت بدعوة من حزب الأمة القومي في أم درمان بتاريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر2005.

التأكيد على وحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادة شعبه، مع التشديد على أن أزمة دارفور هي جزء من أزمة البلاد ككل، حلها النهائي يكمن في جملة من المبادئ وهي: بسط الحريات، صيانة الحقوق، سيادة حكم القانون في ظل حكم ديموقراطي لا مركزي يراعي التعددية والتباين ويؤسس للمشاركة الشاملة ويقسم الثروة بشكل عادل بين الأقاليم.

التأكيد على أن أزمة دارفور سياسية وهي جزء لا يتجزأ من الأزمة السودانية، والحل يكون عبر التفاوض مع حاملي السلاح في إطار قومي.

اعتبار دارفور اقليماً واحداً وفقاً لحدود 1/1/1956 متعدد الولايات يتمتع بحقه في السلطة والثروة على المستوى الإتحادي بصورة عادلة.

إتخاذ المزيد من الإجراءات لتعزيز الثقة بين الحكومة ومواطني دارفور، وذلك بتغيير الأجهزة السياسية في الولايات الثلاث على أن يكون معيار الاختيار للولاة هو المؤهلات والكفاءة والحياد والنزاهة.

وقف العداء والتزام الأطراف المتنازعة كافة الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الموقعة وخصوصاً تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار، وإيصال الإغاثات إلى المتضررين برقابة فاعلة من الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

إلتزام تنفيذ القرارات الدولية بشأن دارفور ذات الصلة.

تخصيص الإعتمادات المالية اللازمة من المركز العاصمة (الخرطوم) لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب، مع إنشاء مفوضية للتنمية في إقليم دارفور لتمويل المشروعات الكبرى مثل الطرق، الكهرباء، والمياه، ترصد لها الأموال من المركز ومن المساعدات الدولية.

إستمرار التحقيق في الجرائم التي وقعت وتقع في دارفور ومحاسبة الجناة بما يتماشى وقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1593.

تحريم حيازة الأسلحة القتالية لغير منتسبي القوات المسلحة وقوات الشرطة، مع العمل على جمع السلاح.

إصلاح وتطوير الإدارة الأهلية وعدم تسييسها، وحماية استقلالها وفقاً للعرف السائد والقانون.

مراجعة التشريعات واستحداث قوانين ولوائح جديدة، تحوز رضى المجتمع وتحقق الأهداف المرجوة.

التعويض العادل عن الخسائر البشرية، الممتلكات، والإنتهاكات وفقاً لآليات قضائية شفافة.

العمل على العودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلى مناطقهم الأصلية وإنشاء صندوق خاص لإعادة التوطين تساهم فيه الدول الأجنبية والجهات المانحة الإقليمية والدولية(41).

 

-2- المقترحات التي وضعتها مجموعة الأزمات الدولية

  • بالنسبة إلى حكومة السودان:

أ- التعهد بمفاوضات سياسية بإشراف دولي مع متمردي دارفور، هدفها الأول مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.

ب-  الأمر الفوري بوقف هجمات القوات والميليشيات الحكومية على المدنيين والأهداف المدنية في دارفور.

ج-  نزع سلاح الجنجويد ومحاكمة من يستمر في مهاجمة المدنيين.

د-  توجيه الأمر لقوات الأمن الحكومية بحماية المدنيين ضد الجماعات المسلحة.

هـ - السماح بتدخل إنساني كامل في المناطق المتضررة وإيصال المساعدات العاجلة والإغاثة بإشراف ومراقبة دولية حول كيفية استخدام هذه المساعدات والإغاثات.

و - ضمان العودة الآمنة للقرويين النازحين من جراء الصراع ومساعدتهم في إعادة بناء قراهم.

 

ز-  التفاوض بشأن إقامة مجالس محايدة تتألف من ممثلين عن الحكومة ومتمردي دارفور والمجتمع المدني وبمشاركة الأمم المتحدة، ومهام هذه المجالس ما يأتي:

1- تسجيل الشكاوى الجنائية المتعلقة بالإيذاء الجماعي أو الفردي، القتل الخطأ، والمفقودات المادية.

2- إيجاد آلية للتعويض والتحقيق في دعاوى الضحايا.

3- إشراك طرف ثالث مسؤول في التحقيقات، كفريق مراقبة حماية المدنيين حول انتهاك القانون الإنساني الدولي.

 

-ح-  السماح لفريق مراقبة حماية المدنيين البدء الفوري بالتحقيق في الهجمات ضد المدنيين في دارفور.

 

  • بالنسبة إلى الحكومة الداعمة لميليشيات الجنجويد:

وقف عمليات الإعتداء على الأهداف المدنية، واحترام القانون الإنساني الدولي.

 

  • بالنسبة إلى المتمردين من الحركة الشعبية وحركة العدالة والمساواة:

التعهد بمفاوضات سياسية مع الحكومة تهدف بالأساس إلى مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.

السماح بالدخول الإنساني إلى المناطق المتضررة لإيصال الإغاثات العاجلة ومساعدات إعادة البناء.

 

  • بالنسبة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان:

قبول الصلة بين الصراعين والمساعدة في جهود تعزيز إقرار السلام في دارفور مع مناقشة القضايا الأخرى ضمن محادثات السلام.

 

  • بالنسبة إلى مجلس الأمن:

 تمرير قرار مفاده:

إدانة انتهاك القانون الإنساني الدولي بواسطة أطراف الصراع في دارفور.

المطالبة بمفاوضات سياسية دولية بين الحكومة ومتمردي دارفور تهدف بالأساس إلى مراقبة دولية لوقف إطلاق النار.

دعم الدبلوماسية الإنسانية المستمرة من قبل ممثلي الأمم المتحدة والهيئات الدولية.

الدعم الكامل لإتفاقية السلام بين الحكومة والحركة الشعبية.

 

  • بالنسبة إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين:

ضمان عودة اللاجئين إلى قراهم ومدنهم وتنسيق تمويل دولي لإعادة توطينهم.

 

  • بالنسبة إلى الدول المراقبة (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، النروج،  وايطاليا):

أولاً: تطبيق ضغوط على الطرف المعرقل للتوصل إلى نتائج في ما يتعلق بإدانة القانون الإنساني الدولي في دارفور بشكل صريح.

ثانياً: التنسيق مع الدول الأخرى بما فيها فرنسا وتشاد، لخلق إطار للتفاوض السياسي الدولي بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور.

ثالثاً: دعم عملية التوفيق الإثني والقبلي في دارفور، بداية عبر مساعدة عودة اللاجئين إلى منازلهم وقراهم، ثم في المدى الطويل النهوض بإدارة فعالة للموارد ومحاربة التصحّر(42).

 

3- مقترحات أخرى بشأن آفاق الخروج من أزمة دارفور

أ- إعتراف الحكومة السودانية بوجود أزمة في إقليم دارفور، تستحق منها الإهتمام والسعي الجاد لمعالجتها بطرق واقعية في إطار تنمية حقيقية للإقليم مع الحفاظ على وحدة السودان الوطنية.

ب-  وقف إطلاق النار وتسهيل العمل الإنساني، ومعالجة المظالم التي لحقت بالأبرياء من السكان من قتل وحرق ونهب، وذلك بإجراء تحقيق شامل وعادل ومحاسبة المسؤولين عن ذلك وتقديمهم إلى المحاكمة.

ج-  تسوية أزمة دارفور عن طريق التفاوض السلمي بين الحكومة وحاملي السلاح في الإقليم مباشرة بواسطة الإتحاد الأفريقي مثلاً، وأن تتم المفاوضات بشروط توافر الثقة والأمان لجميع المتفاوضين على أن تتم التسوية النهائية للنزاع في إطار رؤية وطنية شاملة تشارك فيها إلى جانب الحكومة والمتمردين كل القوى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني في السودان.

د- وضع برنامج تنموي متكامل لتطوير الإقليم يتم تنفيذه عبر آلية متخصصة (صندوق تنمية دارفور مثلاً) يخصص لها مصادر تمويل مناسبة من خلال ثروة الإقليم مع الإستفادة من أي موارد خارجية، ويجب على حكومة الخرطوم تحقيق التنمية المتوازنة لكل السودان وذلك لتضييق الفجوة التنموية بين الأقاليم المختلفة وخاصة في مناطق الجنوب والشرق والغرب.

 

هـ- التمثيل المتوازن في المناصب الحكومية.

و- حل مشكلة المزارعين والرعاة على أساس مراعاة العادات والتقاليد الموروثة في دارفور إلى جانب تطبيق العدالة وسلطة القانون وإعطاء كل ذي حق حقه، علماً أن أحد أسباب الأزمة في دارفور هو خلاف بين المزارعين الأفارقة والرعاة العرب(43). علماً أن إقليم دارفور يسهم بحوالى 45% من صادرات السودان - من دون الصادرات البترولية - منها 22% من صادرات السمسم، 15% من صادرات الماشية واللحوم، و5% من صادرات الصمغ العربي، و 9% من صادرات الكركدية وبزر البطيخ(44).

ز- يتم تقاسم العائدات النفطية أو أي ثروات طبيعية بين الحكومة وإقليم دارفور، خصوصاً وأن النفط موجود في غرب كردفان جنوب دارفور وفقاً لخريطة السودان النفطية(45).

وقد ذكر بعض شركات النفط الأميركية (وخصوصاً شركات شفرون) بأن السودان يحتوي على بحيرة بترولية واسعة ربما تعتبر من أكبر المناطق الواعدة لإنتاج البترول في العالم. وكان الإستثمار الأميركي لبترول السودان غير متاح في إبان استعار الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، ولذلك اعتبر بترول السودان مخزوناً احتياطياً للولايات المتحدة في المستقبل.

وما تدخّل الولايات المتحدة في مشكلة دارفور الآن، إضافة إلى تدخّلها في أزمة جنوب السودان، إلا لفتح الباب أمام شركات النفط الأميركية العملاقة لاستغلال الموارد النفطية هناك، وهذا ما أشار إليه الرئيس السوداني عمر البشير في 5 كانون الأول/ديسمبر 2004 حين قال إِن تداعيات الأزمة في دارفور هي لحرمان الشعب السوداني من ثرواته الطبيعية وفي مقدمتها البترول(46).      

 

1 - صلاح الدين على الشامي، السودان، دراسة جغرافية، الإسكندرية 1972، ص. 21 22.

2 - د. زكي البحيري، مشكلة دارفور: الجذور التاريخية، الأبعاد الإجتماعية والتطورات السياسية، القاهرة، 2006، ص. 149-150.

3 - مصطفى حوجلي، دارفور: البيئة والإنسان، الأهرام، 1 آب 2004.

4 - حامد ابراهيم حامد، هل تتحول إلى تدخل دولي في السودان؟ دارفور الأزمة الإنسانية، ص. 2، انظر www.aljazeera.net/NR/exeres/صE73316E2.

5 - كمال حمّاد، إدارة الأزمات، مجلة الدفاع الوطني، العدد 75، تموز 2006، ص. 149- 150.

6 - وهو علي دينار بن زكريا بن السلطان محمد فضل (السلطان التاسع لدارفور)، وهو الذي أصبح سلطاناً فعلياً على دارفور منذ العام 1898 وحتى العام 1916.

7 - محمد ابراهيم أبو سليم، في الشخصية السودانية، دار جامعة الخرطوم، 1979، ص. 44 - 36.

8 - د. زكي البحيري، مشكلة دارفور...، مرجع سبق ذكره، ص. 22.

9 - د. طارق الشيخ، القوى السياسية السودانية وأزمة دارفور، انظر www.aljazeera.net/NR/exeres/2E810D69.

10- توفي على أثر حادث تحطم الطائرة المروحية التي كانت تقله في أثناء عودته من العاصمة الأوغندية (كمبالا) إلى جنوب السودان في 31 تموز 2005.

11 - حامد ابراهيم حامد، هل تتحول إلى تدخل دولي في السودان؟ مرجع سبق ذكره ص. 3 - 4.

12 - سلمى التيجاني، بعد تأجيل مفاوضات أبوجا: عبد الواحد في مصيدة حركة التحرير، جريدة الرأي العام السودانية، 27 آب 2005.

13 - محمد جمال غرفة، دارفور ... قاطرة التدخل الأجنبي في السودان، www.Islamonline.net، ص. 3.

14 - انظر جريدة الشرق الأوسط الصادرة من لندن، العدد 9867 ، كانون الأول 2005.

15 - د. أماني الطويل، الأدوار الخارجية في الأزمة السودانية، مجلة السياسة الدولية، العدد 164، كانون الأول 2006، ص. 212 - 213.

16 - انظر د. زكي البحيري، مشكلة دارفور ... مرجع سبق ذكره، ص. 230- 132.

17 - المرجع السابق،  ص. 245 - 642.

18 - جريدة الأهرام، 3 آب 2004.

19 - ميشال بارنييه، زأزمة دارفور: الطبيب والجندي والدبلوماسيس، جريدة الأهرام، 12 آب 2004.

20 - د. زكي البحيري، مشكلة دارفور، مرجع سبق ذكره، ص. 254.

21 - تقرير بعنوان "تأثيرات اللوبي الصهيوني وآلة الدعاية اليهودية على قضية دارفور"، موقع المركز السوداني للحدمات الصحفية، تاريخ 14 نيسان 2005.

22 - صلاح الدين حمزه الحسن، أزمة دارفور وتوصيات هارتزل، على موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية، تاريخ 25 أيار 2005.

23 - جريدة الأهرام، 9 آب 2004.

24 - سامي صبري عبد القوى، مصر وأزمة دارفور بين الوساطة والحياد، مجلة السياسة الدولية، العدد 168، نيسان 2007، ص. 198.

25 - الأهرام، 12 آب 2004.

26 - عبد الرازق إبراهيم، دور ليبيا والمواقف من أزمة دارفور، على موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية، 28 تموز 2005.

27 - د. زكي البحيري، مشكلة دارفور، مرجع سبق ذكره، ص. 216.

28 - المرجع السابق، ص. 218.

29 - القبائل العربية في دارفور التي تقاتل إلى جانب الحكومة السودانية ضد المتمردين.

30 - تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن دارفور إلى الأمين العام عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 1564 (2004) المؤرخ في 18 أيلول 2004، انظر www.un.org .

31 - انظر قرار مجلس الأمن عبر اعلام الأمم المتحدة في نيويورك، من خلال المستند رقم (S/RES/1547(2004، تاريخ 11 حزيران 2004.

32 - هاني رسلان، أزمة دارفور والإنتقال إلى التدويل، مجلة السياسة الدولية، العدد 158، تشرين الأول 2004، ص. 202.

33 - انظر نص القرار 1574، عبر اعلام الأمم المتحدة وخاصة من خلال www.un.org/s/res/1574(2004)، تاريخ 19 تشرين الثاني 2004.

34 - د. زكي البحيري، مشكلة دارفور، مرجع سبق ذكره، ص. 268 و 272.

35 - هاني رسلان، أزمة دارفور والقرار 1706 ... الأبعاد والتداعيات، مجلة السياسة الدولية، العدد 166، تشرين الأول/أكتوبر 2006، ص. 184-185.

36 - د. أحمد ابراهيم محمود، الأبعاد العسكرية لأزمة نشر القوات الدولية في دارفور، مجلة السياسة الدولية، العدد 166 د 661، تشرين الأول 2006، ص. 190-191.

37 - انظر www.alalam.it/newspage.asp، تاريخ 16 نيسان 2007.

38 - المرجع السابق، تاريخ 17 نيسان 2007.

39 - د. كمال حمّاد، النزاعات الدولية، بيروت، 1998، ص. 36.

40 - غسان رعد، النزاعات الاثنية في الدول التعددية، بيروت، 1997، ص.31-40.

41 - انظر نص الوثيقة على الموقع الإلكتروني www.sudanien.com/sudan-alt/arabic.

42 - لمزيد من المعلومات حول مقترحات مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، انظر www.crisisgroup.org.

43 - د. دفع الله الحاج، رئيس اللجنة السودانية لتقصي الحقائق في دارفور، في مقابلة شخصية بتاريخ 30 حزيران 2005 مع د. زكي البحيري في كتابه مشكلة دارفور، مرجع سبق ذكره، ص. 293.

44 - يوسف خميس أورفاس، ورقة بعنوان أزمة دارفور: اسبابها وتداعياتها الإقتصادية، قدمت في المنتدى العلمي لمستقبل وادي النيل، جامعة القاهرة، 13-14 كانون الأول 2004، ص. 14.

45 - المعتصم أحمد علي أمين، أزمة دارفور: المقدمات - النتائج - الحلول، ورقة مقدمة إلى المنتدى العلمي لمستقبل وادي النيل، جامعة القاهرة، 13 - 14 كانون الأول/ديسمبر 2004، ص. 14.27-مجلة السياسة الدولية، العدد 166 تشرين الأول/أكتوبر 2006 المجلد 41 ص 124.   

46 - د. زكي البحيري، مرجع سبق ذكره، ص. 165.

The legal and international dimensions of the Darfour crisis

The researcher reviewed the geographic position of the Darfour district and its political and administrative conditions and the causes of the conflict with the necessary external dimensions and points out to the roles of the different regional and international forces to examine afterwards the legal and international dimensions of the district’s crisis in the light of the related international resolutions by reviewing the work of the international committees and the positions of the active countries. The researcher examined the international resolutions which were adopted in the light of the current balances of forces. In the second part the researcher moved to review the possible horizons of settlement in the district in the light of the general international law and pointed out that the different regional and international organizations in addition to the United Nations find themselves confronting many crisis that surmount its capabilities if the deep causes of these crisis and their aggravations were not eradicate. Afterwards the researcher stresses on the introduced projects to settle the crisis of the district in the light of information emanating from American petrol companies which indicated the existence of a huge underground petrol lake which is maybe one of the biggest promising regions in the petrol production in the world and considered that these information explain the reality of the American interest and rather the international interest in the district.

Les dimensions légales et internationales de la crise de Darfour

Le chercheur expose la position géographique de la province de Darfour ainsi que sa situation au niveau de l’administration et la politique, les raison du conflit y existant avec les dimensions extérieures nécessaires. Il illumine sur le rôle des différentes forces régionales et internationales, pour arriver aux dimensions légales internationales de la crise de la province, à la lumière des résolutions internationales la concernant. Le chercheur expose le travail des comités internationaux et les positions des états efficients, il cite les résolutions internationales prises à la lumière des balances des forces existantes.

Dans la partie suivante, alors que le chercheur expose les horizons possibles pour effectuer un compromis dans la province à la lumière de la loi internationale, il signale que les différentes organisations internationales et régionales, ainsi que les Nations Unies trouvent qu’elles sont face à des crises dépassant leurs capacités, sauf s’il serait possible d’exterminer les raisons profondes du surgissement de ces crises. Le chercheur attire l’attention sur les projets proposés, les plus importants, pour régler la crise de la province. Tous ces faits s’inscrivent dans le cadre où des compagnies de pétrole américaines font allusion à «un grand lac de pétrole souterrain qui pourra faire partie des plus grandes zones de production du pétrole dans le monde». Le chercheur considère que ce fait explique pourquoi les américains, ou plutôt le monde entier, accorde une telle importance à cette zone.