عبارة

الأمن في مراحله
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

لو نظرنا إلى أيِّ مؤسسة، صغيرة أو كبيرة، خاصّة أو عامّة، ورحنا نبحث في ضمان أمنها وسلامتها، لرأينا أنّ ذلك لا يحتمل التأجيل إلى المراحل الأخيرة التي يتمّ فيها الحدث، بحيث تصبح المواجهة حتمية وتكون الخسارة أكبر وتصبح ذيول المعالجة متشعّبة، ويصبح عندها التّساؤل: ماذا كنّا نفعل في خلال الفترة السابقة، حيث تمكّن المعتدي من تحضير فعلته، ومتابعة إنضاجها، ومن ثم المباشرة بتنفيذها، سواء نجح في ذلك أم فشل؟
في الجيش، تسمّى هذه المتابعة الأوّلية: الأمن الوقائي، وهي حالة تقتضي السّهر الدائم، في السلم كما في الحرب، وفي حسابات القيّمين على تلك الحالة، لا يوجد تمييز بين ظروف صعبة وظروف سهلة، فهم يعتبرون ذلك تأويلات قابلة للزيادة والنّقصان، وتوقّعات غير مؤكّدة، ويضعون رجالهم في احتمال أنّ العدوّ هو في الطريق إليهم، والإرهابي قد يكون متخفيًا على مقربة منهم، كما أنّهم يفهمونهم أن عملهم متمّم لأعمال رفاقهم في السلاح، المنتشرين في المواقع والمراكز، والموزّعين في أرجاء الوطن، بين المواطنين وعند الحدود، هؤلاء هم من يتولّون مهمات المواجهة المباشرة من دون تردّد أو تراجع.
هذا ما تؤكّد عليه القيادة حين تشير إلى التلازم بين عناصر القوة التي تؤسّس مجتمعة لجهوزية الجيش ومناعته، بهدف تحصين الوطن من الاختراقات، وتجنيب المواطنين الخسائر والأضرار.
ولا بدّ من القول هنا، إنّ الشبكات والخلايا الإرهابية، هي أشبه بالجمر الكامن تحت الرماد، قد يستيقظ ويطلّ برأسه في لحظة معيّنة مع توافر الظروف المؤاتية، إن لم يجرِ إخماده والقضاء عليه في مهده، فيستحيل عندها حرائق تلتهم كلّ ما تقع عليه، وتكون عملية محاصرتها وإخمادها ذات تكلفة ومجهود عاليين، كما أثبتت التجارب مرارًا وتكرارًا.
في الحالين، حال الأمن الوقائي وحال الأمن المباشر، لا بدّ من اليقظة والسهر المقرونين بالعلم والتبصّر، والإلمام بالأحداث وقياسها وتحليل مجرياتها، ولا بدّ أيضاً، وبشكل متلازم، من القوة والإقدام، خصوصًا في ظل الظروف الإقليمية الضاغطة التي نحيا تحت تأثيراتها المختلفة.