الأهمية الجيو - استراتيجية لبحر الصين الجنوبي، والصراع الأميركي - الصيني حوله

الأهمية الجيو - استراتيجية لبحر الصين الجنوبي، والصراع الأميركي - الصيني حوله
إعداد: العميد الركن حيدر علي سكينه
ضابط في الجيش اللبناني

المقدمة

يقع بحر الصين الجنوبي غرب المحيط الهادئ، ويربط الشرق الأوسط بمنطقة القارة الهندية وبشمال شرق آسيا وتبلغ مساحته 3،5 مليون كلم2، ويعد مع البحر المتوسط أكبر بحار العالم. وقد اكتسب أهمية استراتيجية وبخاصةٍ بعد نمو التجارة العالمية، حيث تمر به ثلث الشحنات البحرية العالمية بقيمة أكثر من 7 تريليون دولار، أي 15 ضعف قناة بنما وثلاثة أضعاف قناة السويس، كما زادت أهميته الاستراتيجية كونه يحوي 7 مليار برميل نفط كاحتياطيٍ محتمل، و900 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى مصائد الأسماك الغنية. وهو ما جعل الدول المطلة عليه تتنافس في الاستيلاء على الجزر المتناثرة فيه، التي يتجاوز عددها 205 جزر، أشهرها براسيل وسبراتلي وعدد من الصخور والكثبان الرملية والشعاب المرجانية، معظمها غير مأهولة بالسكان، ويتشكل بعضها من عدد قليل من الصخور.

وقد شكل بحر الصين الجنوبي أزمة كبرى على مدار السنوات القليلة الماضية، وأصبحت الأوضاع في هذه المنطقة تُنذر باحتمال تحوّلها إلى منطقة نزاع، في ظل عدم التدخل لوقف هذا الخطر المحدق، وشهدت عددًا من النزاعات الإقليمية المتقاطعة في ظل السيادة المتنازع عليها بين العديد من الدول. بالإضافة إلى المزاعم التوسعية للصين، ثمة دول أخرى لها المزاعم نفسها في السيادة على هذه المنطقة، مثل الفيليبين وفييتنام وماليزيا وبروناي وتايوان، ولا تقتصر النزاعات القائمة على حق استغلال الموارد وحسب، بل هناك قلق حقيقي من جانب الولايات المتحدة الأميركية والدول المتنازعة من محاولات الصين تقييد حرية الملاحة في المنطقة من دون مراعاة القيود التي حددتها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار[1].

 

القسم الأول:الموقع الجغرافي للصين وبحر الصين الجنوبي

يعد تحديد الموقع الجغرافي نقطة انطلاق مهمة نظرًا إلى ما يشغله هذا التحديد من أهمية في إبراز الموقع وما يمتاز به من عوامل الجوار الجغرافي، وما يكتسب من أهمية استراتيجية. وبما أنّ تسمية بحر الصين الجنوبي ذات علاقة بالصين، على الأقل من ناحية التشابه بالاسم، فذلك يوجب إبراز موقع الصين وعلاقته بالتسمية، وما إذا كانت الأخيرة جاءت لتعكس أحقية الصين في البحر، أم الموقع الجغرافي هو الذي يسهم في تلك التسمية فحسب؟

تطل الصين على بحر الصين الجنوبي من جهة الشرق والجنوب الشرقي، وهي تعد من بين أطول دول العالم حدودًا من حيث إطلالتها البحرية، يبلغ طول ساحلها 18000 كلم من مصب يالو على الحدود الصينية - الكورية في الشمال إلى مصب نهر بيلون على الحدود الصينية - الفييتنامية في الجنوب، وتطل على بحار مهمة كثيرة تشغل قيمة استراتيجية عليا في العالم، ومن بينها: بحر بوهاي، البحر الأصفر، بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي والذي يعد أهمها من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للصين، وهو يقع بين المحيط الهادئ من الشرق والمحيط الهندي من الغرب، ويغطي مساحة تصل إلى 3،5 مليون كلم2 وبعمقٍ يصل إلى 245،5م في حده الأعلى عند خندق مانيلا البحري، يحاط بتسع دول رئيسية هي: الصين، فييتنام، كمبوديا، تايلاند، ماليزيا، سنغافورة، أندونيسيا، الفيليبين وبروناي[2]، ويرتبط بالمحيط الهادئ عبر مضيقي تايوان وباشي، وببحرَي سولو وسيأتيبس عبر مضيقَي مينداناو وبالاباك، وبالمحيط الهندي عبر مضيق ملقا، وببحر جافا عبر مضيقَي كاليمنتان وكاسبا، وبذلك يعد مضيقا ملقا وباشي الأكثر أهمية في ضوء تبادل المياه بين بحر الصين الجنوبي وباقي المسطحات المائية[3].

 

الأهمية الاستراتيجية لبحر الصين الجنوبي

إنّ الموقع الجغرافي لبحر الصين الجنوبي كممرٍ مائي مهم، ومرور ما يقرب من ثلث سفن شحن التجارة العالمية، ونصف النقل البحري عبره واحتوائه على احتياطات ضخمة من الطاقة أي من النفط والغاز تقدر بين 23 و30 مليار طن من النفط و16 تريأتيون متر مكعب من الغاز الطبيعي، إضافة إلى غناه بالثروات المعدنية والسمكية، وما يضم في أعماقه من الكابلات الحيوية لخدمات الاتصالات الدولية، كل ذلك جعله محط أنظار الدول البعيدة والقريبة، لأنّ السيطرة عليه يعد مدخلًا للتأثير في حركتَي التجارة والملاحة العالميتَين. ويضم مجموعة من الجزر ذات أهمية استراتيجية كبرى، كونها مداخل جغرافية لهذا البحر، والتهديد بإمكان إغلاقها يترك آثارًا سلبية جمة على الدول التي تعتمد على السفن في تجارتها، وهنالك أربع مجموعات من الجزر، وهي: دونغشا أو الجزر الشرقية – شيشا أو الجزر الغربية – تشونغشا أو الجزر الوسطى - ناشا أو الجزر الجنوبية. وفي ظل الإدراك المتنامي لأهمية بحر الصين الجنوبي لدى دول الإقليم والقوى الخارجية المؤثرة في العلاقات الدولية عمومًا، بدأ هذا البحر يدخل صميم التفاعلات الجيوبوليتيكية للقرن الواحد والعشرين، عبر تحوّله إلى واحدة من أهم النقاط الساخنة على خريطة التفاعلات الدولية، بحيث أنّ مستقبل النظام الدولي في الفترة المقبلة من الزمن سيتحدد بفعل مجموعة مهمة من التطورات التي ستحدث في نطاقات جغرافية محددة من العالم، ويقع بحر الصين الجنوبي ضمن النطاقات الأولى منها[4].

ويذهب الباحث ستيفن ج. روشنسكي إلى مقارنة بحر الصين الجنوبي بالخليج العربي وبحر قزوين من حيث الأهمية الاستراتيجية وذلك من زاويتَين:

الأولى: تداخل موارده من الطاقة بين الدول المطلة على المسطحات المائية.

الثانية: استعداد الدول المشتركة جغرافيًا في هذه المسطحات المائية لنشر قواتها العسكرية من أجل الدفاع عما تراه مصلحة وطنية حيوية لها[5].

وأمام هذه الحقائق، ثمة خلاف حاد يدور اليوم بين دول إقليم بحر الصين الجنوبي، حول حقوق السيادة وما يترتب عليها من تبعات قانونية تتعلق بممارسة ضروب النشاط البحري المختلفة، العسكرية والاقتصادية والتجارية والسياحية. في حين تدّعي الصين سيادتها على 80% من مساحته، في المقابل ترفض باقي دول الإقليم هذه الادعاءات، وتدعو للعمل على تدويل الأزمة والاحتكام إلى المحاكم الدولية وقانون الأمم المتحدة للبحار الموقع في العام 1982، والذي حدد ما يأتي:

-  تأسيس حقوق حرية الملاحة.

-  تعيين الحدود البحرية الإقليمية 12 ميلًا بحريًا من الشاطئ.

-  تعيين المناطق الاقتصادية الخالصة إلى 200 ميل بحري من الشاطئ.

-  تعيين قواعد لتوسيع نطاق حقوق الجرف القاري والتي تصل إلى 350 ميلًا بحريًا من الشاطئ.

-  إنشاء سلطة دولية لقاع البحار.

-  وضع آليات أخرى لحل النزاع على سبيل المثال، لجنة الأمم المتحدة لحدود الجرف القاري.

وبالفعل قامت الفيليبين برفع دعوى أمام محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي لإثبات حقها في مياه بحر الصين الجنوبي، واعتبرت المحكمة أنّ الصين لا تمتلك حقًا تاريخيًا في هذا البحر، وأنّها انتهكت حقوق الفيليبين السيادية في بحر الصين الجنوبي. الأمر الذي رفضته الصين وقاطعت جلسات المحكمة معدة أنّ قواتها المسلحة ستحمي سيادتها ومصالحها الوطنية، مدعية أنّ لديها تاريخًا يمتد لأكثر من ألفَي عام في هذا البحر، وأنّها اعلنت للعالم خريطة خط القطاعات التسعة في العام 1948، وهي لن تقبل مطلقًا أي زعم أو عمل يستند إلى ذلك الحكم[6].

يأتي رفض الصين المطلق لأي تدخّل خارجي في شؤون بحر الصين الجنوبي، انطلاقًا من تخوّفها الناتج من محاولة الولايات المتحدة الأميركية استغلال نفوذها في مناطق نفطية كثيرة من العالم، بهدف إحراجها والتأثير في مكانتها المستقبلية، وحرمانها من القيام بأي دور فاعل ومؤثر، وبخاصةٍ وأنّ استثمارها للثروات الواعدة في بحر الصين الجنوبي يقلل من اعتمادها على النفط المستورد من منطقة الخليج العربي بشكلٍ أساسي، إذ إنّ استيرادها للنفط من هذه المنطقة ارتفع من 39% في العام 1990 إلى 60 % في العام 2003 ويتوقع أن يصل إلى 80% في العام 2020.

وينبغي الإشارة إلى أنّ الصين لديها طموحات تهدف إلى تحقيقها عبر استخدام القوة في سلسلتَي سبراتلي وباراسيل وذلك بهدف[7]:

-السيطرة على طرق وخطوط المواصلات البحرية التي تمدها بالطاقة وبخاصةٍ القادمة من الخليج العربي.

-السيطرة على مداخل مضيق ملقا وغيره من المضائق ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لها.

إذ إنّه وبعد الحرب الباردة، أصبح منظور القيادة الصينية لبحر الصين الجنوبي يرتكز على ما يحويه من خطوط مواصلات بحرية، باتت تمثل شريان الحياة للاقتصاد الصيني، وعاملًا محددًا في تحقيق أمنها وبالتالي لأهدافها التنموية الاستراتيجية، والحفاظ على شرعية نظامها الشيوعي.

وقد تحوّل بحر الصين الجنوبي في السنوات الأخيرة إلى أحد أكثر خطوط النقل البحرية الدولية ازدحامًا، حيث يمر عبر مضائق: ملقا – لومبوك – سوندا، أكثر من نصف الشحن العالمي للسلع. ويمثّل النفط والغاز الطبيعي المسال والفحم والحديد أغلبية الشحنات العابرة، بحيث أنّ أكثر من 100 ألف ناقلة للحاويات وسفن تجارية أخرى تعبر تلك المضائق سنويًا. وليس من المبالغة كما قال الباحث الفييتنامي فام كانغ مينه إنّ من يسيطر على بحر الصين الجنوبي، يسيطر على الاقتصاد العالمي، ما دام هو الرابط بين المحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ، وتمر عبره غالبية إمدادات الطاقة المتجهة إلى كل من: الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، لذلك يعد متنفس الحياة لاقتصاديات شرق آسيا[8].

إنّ الترابط الجغرافي لمضيق ملقا وبحر الصين الجنوبي جعلهما من أكثر الممرات الملاحية أهمية في العالم، إذ ينتهي مضيق ملقا من الناحية الجغرافية عند المدخل الجنوبي لهذا البحر، وخصوصًا بالنسبة لدول الإقليم التي تعد غالبيتها مستوردة للنفط، لذا فإنّ إغلاق مضيق ملقا يترك آثارًا سلبية على اقتصادات هذه الدول. وتبرز الخشية الصينية من استغلال الولايات المتحدة لتفوّقها العسكري عبر أساطيلها البحرية الموجودة في المنطقة، لذلك تسعى جاهدة للعمل على ترسيخ أقدامها في مضيق ملقا وبحر الصين الجنوبي.

وتزداد هذه الأهمية كونه أقصر الطرق التي تصل بين المحيطَين الهادئ والهندي، من هنا ترى الصين ضرورة حمايته من أي قوى أخرى، إقليمية كانت أم دولية، يمكن أن تتسبب في تعطيل حركة الملاحة فيه، لما قد تلحقه من ضرر في اقتصادها، واقتصاد المنطقة عمومًا.

ولا تقتصر أهمية بحر الصين الجنوبي على الصين وحدها، بل يعد من الأهمية بمكانٍ لباقي الدول الإقليمية، بغية تنمية اقتصادها. فالفييتنام مثلًا تهدف إلى تحقيق زيادة بنسبة 7% في الحصة البحرية لاقتصادها بحلول العام 2020، والفيليبين تعد الربط البحري ضروريًا ليس لازدهارها فقط وإنّما لوحدتها السياسية أيضًا، لذلك شجعت مواطنيها من سكان المناطق الساحلية على التجارة بحرًا.

 

جزر بحر الصين الجنوبي وأهميتها

تمتاز جزر بحر الصين الجنوبي بأهميةٍ استراتيجية كبرى، ما جعلها محل نزاع بين دوله، لذا تحاول الصين السيطرة على الجزر الأكثر أهمية وهي: سبراتلي، براسيل، براتاس، ماكلسفيلد، وتتنازع عليها مع دول أخرى.

مجموعة جزر سبراتلي وتفوق 100 جزيرة، تتوزع على أحد عشر إقليما، على مساحة 1000كلم2، وانحصر فيها النزاع بين الصين وفييتنام، حيث وصل إلى حد الصدام العسكري في 19 كانون الثاني 1974 وبنتيجتها أصبحت سبراتلي تحت سيطرة الصين.

مجموعة جزر باراسيل وهي تتوسط المسافة بين الساحل الجنوبي لجزيرة هاينان وساحل فييتنام الأوسط وتتكون من عشر جزر وجروف صخرية، وتشغل مساحة 200كلم2، وقد أصبح هذا الأرخبيل تحت السيطرة الصينية بعد انتصارها على فييتنام في العام 1974.

مجموعة جزر براتاس تقع على بُعد 300 كلم جنوب شرق هونغ كونغ و548 كلم جنوب تايوان، و500 كلم شمال غرب جزيرة ليزون أكبر جزر الفيليبين، وقد بقيت لمدةٍ طويلة من الزمن تحت السيطرة التايوانية.

قطاع ماكلسفيلد يقع على بعد حوالى 300 كلم جنوب شرق أرخبيل باراسيل، وطوله 140 كلم وعرضه 60 كلم، وهو جرف رملي يتكون من مجموعة جزر صغيرة منخفضة.

وتحاول أطراف النزاع إثبات أحقيتها في هذه الجزر بادعاءاتٍ تاريخية، ونجد أنّ الصين في الموقع الأفضل على هذا الصعيد، إذ تعد أول من اكتشفها، ويشتد النزاع على جزر سبراتلي وبراسيل بشكلٍ خاص نظرًا لأهميتها وبنسبةٍ أقل على جزر براتاس وقطاع ماكلسفيلد.

 

القسم الثاني: تطور الصراع حول بحر الصين الجنوبي

طوال الفترة الممتدة من العام 1900 وحتى بداية الحرب العالمية الأولى، لم نشهد اهتمامًا كبيرًا من قبل الدول المطلة على بحر الصين الجنوبي أو القوى العظمى، ولم يحصل أي صدام دولي حوله، إلا أنّه بعد ذلك شهد العديد من النزاعات والصدامات بين فرنسا وألمانيا واليابان باتخاذه قواعد بحرية أو مراكز لخطوط إمداداتها[9].

عمدت الدول المطلة على هذا البحر إلى تقديم الأدلة التي تثبت ادعاءاتها حول السيادة على هذه الجزر: فالصين تدّعي أنّ تلك المناطق سُلبت منها عبر اتفاقيات غير عادلة، وأنّ جزر سبراتلي كانت جزءًا مندمجًا فيها لقرابة ألفَي عام، مستعينة بالشواهد الأثرية، والبعثات البحرية الصينية نحوها في عهد سلالة هان في العام ١١٠ وسلالة مينغ ما بين العامَين 1403 و1433. وفي العام 1947، وضعت خريطة تفصيلية لحدودها ذات 11 خطًا، وتمت مراجعتها لتصبح تسعة خطوط تؤشر لسيادتها على جزر باراسيل وسبراتلي. ولكن فييتنام ردت بأحقيتها في ملكية تلك الجزر، عبر القول إنّ الصين لم تدّعِ ملكيتها على هذه الجزر قبل العام 1940، بينما اعلنت فييتنام ذلك منذ القرن السابع عشر، والفيليبين هي الأخرى تدّعي السيادة على السلسلتَين، متخذة من قربها الجغرافي لسلسلة سبراتلي سبب كاف لأحقيتها، كما تدّعي ماليزيا وبروناي سيادتهما على منطقة في بحر الصين الجنوبي، وتقولان إنّها تقع ضمن منطقتَيهما الاقتصاديتَين كما عرفهما ميثاق الأمم المتحدة حول قانون البحار.

فعرض المنطقة الاقتصادية الخالصة لا يمتد لأكثر من 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الإقليمي وفق المادة 57.

وتتمتع الدول ساحلية كانت أو غير ساحلية كافة، في المنطقة الاقتصادية الخالصة وفق المادة 58 من هذه الاتفاقية بالحريات المتعلقة بالملاحة والتحليق ووضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحريات من أوجه استخدام البحر المشروعة دوليًا، كتلك المرتبطة بتشغيل السفن والطائرات والكابلات وخطوط المغمورة والمتفقة مع الأحكام الأخرى من هذه الاتفاقية.

كما تولي الدول في ممارستها لحقوقها وأدائها لواجباتها بموجب هذه الاتفاقية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، المراعاة الواجبة لحقوق الدول الساحلية وواجباتها، وتمتثل للقوانين والأنظمة التي تعتمدها الدولة الساحلية وفق أحكام هذه الاتفاقية وغيرها من قواعد القانون الدولي.

ثم تطورت الادعاءات إلى صدامات عسكرية في بحر الصين الجنوبي ما بين 1988و1999 والتي نصنفها إلى صنفَين، وهما[10]:

الصنف الأول: النزاع بين الصين ودول بحر الصين الجنوبي، حيث شهدت عدة صدامات، ففي العام 1988 اصطدمت البحريتان الصينية والفييتنامية على رصيف جونسون في جزر سبراتلي، نتج عنه: غرق بضعة زوارق فييتنامية، كذلك أودى بحياة 72 بحارًا فييتناميًا، وتجدد الصدام بينهما في العام 1992، حيث عمدت الصين إلى مصادرة 20 سفينة شحن فييتنامية تنقل البضائع من هونغ كونغ، وفي العام 1994 نشبت مواجهة بينهما في المياه الإقليمية المعترف بها دوليًا لفييتنام فوق منصات استكشاف النفط، وفي العام 1995 اصطدمت الصين مع الفيليبين عند احتلالها رصيف "الاذي والدي" الذي تدّعي الفيليبين أحقيتها فيه وتقيم عليه موقعًا عسكريًا، وفي العام 1999 قدّمت الصين احتجاجًا غاضبًا للفيليبين بسبب هجوم سفينة مدفعية فيليبينية على قوارب صيد صينية. وفي العام نفسه أطلقت زوارق ماليزية النار على سفينة صيد صينية بـ "ساراواك" وتجدد النزاع بينهما في العام 1996 عبر حصول اشتباك بالمدفعية لمدة ساعة ونصف قرب جزيرة كامبوس[11].

الصنف الثاني: هو صدام من دون نكهة صينية، إذ شهد إطلاق نار في العام [12]1995 من طرف المدفعية التايوانية في "آيتوآبو" على سفينة إمدادات فييتنامية. بينما حصل اصطدام بين الفيليبين وفييتنام عامَي 1998و 1999 [13] عبر إطلاق الفييتناميين النار على قارب صيد فيليبيني قرب رصيف "تننت"، وعلى الرصيف ذاته أطلقت الفييتنام النار على طائرة استطلاع تابعة للقوات الجوية الفيليبينية، وفي العام 1999 كاد أن يحصل صدام بين ماليزيا والفيليبين فوق رصيف تحتله ماليزيا في سلسلة "سبراتلي".

وعلى الرغم من محاولة الصين صبغ الصراع في بحر الصين الجنوبي بالصبغة الثنائية، عبر تمسكها بالمفاوضات وبمبدأ حسن الجوار وعدم استخدام القوة في حل النزاعات، رغم القدرات العسكرية المتفاوتة، إلا أنّ هذا النزاع شهد تحولًا نمطيًا من النزاعات الثنائية إلى الصراع العالمي، وذلك لسببَين هما:

-توقيع ما عرف بـ"مدونة السلوك" في العام 2002 التي تتيح معالجة النزاع في إطار رابطة الآسيان، أي إضفاء الصفة الإقليمية على هذا النزاع.

-تدخّل الولايات المتحدة الأميركية في النزاع والعمل على تدويله بدءًا من العام 2010.

من هنا تميزت مرحلة ما قبل العام 2002 بغياب الصفة الدولية عن النزاع، بحيث ظل محصورًا في نطاقه الثنائي بين الصين وكل دولة من الدول المتنازعة على بحر الصين الجنوبي، مع استمرار كل دولة بتأكيد حقوقها التاريخية والقانونية في ملكية الجزر والمناطق المتنازع عليها، وتجميد النزاع.

شهدت الفترة الممتدة بين العامَين 2002 و2010 محاولة إيجاد إطار إقليمي لمعالجة النزاع، وهو ما تحقق بالفعل عبر توقيع مدونة السلوك في 4 نوفمبر 2002 خلال القمة الثامنة لرابطة الآسيان، وذلك بهدف تخفيف حدة الصراع، خاصة بين الصين والفيليبين. حيث تعهدت الأطراف الموقعة على المدونة الالتزام بأهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في العام 1982، والالتزام بالبحث عن وسائل بناء الثقة عبر الطرق السلمية، من خلال الآتي[14]:

-تطبيق مبدأ المساواة والاحترام المتبادل، والالتزام بحرية الملاحة والطيران في منطقة بحر الصين الجنوبي وفق مبادئ القانون الدولي.

-التشاور والتفاوض المباشر من دون اللجوء أو التهديد باستخدام القوة.

-الامتناع عن القيام بأي أنشطة من شأنها تعقيد النزاعات وتصعيدها أو التأثير في السلام والاستقرار، بما في ذلك التوطين في الجزر غير المأهولة.

-التعاون الطوعي في عدد من المجالات، مثل حماية البيئة البحرية، والبحث العلمي، والجريمة المنظمة.

أما المرحلة من العام 2010 ولغاية 2016 فقد شهدت انعطافة حاسمة في تاريخ النزاع وإعطائه الصبغة الدولية، عبر التحول المهم في موقف الولايات المتحدة الأميركية، التي عبّرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون" خلال مشاركتها في المنتدى الإقليمي للآسيان، بتشديدها على ما يأتي [15]:

(1)- ضرورة تسوية النزاع لما له من أهمية على الاستقرار الإقليمي وإيجاد آلية لذلك.

(2)- احترام القانون الدولي، من حيث ضمان حرية الملاحة والنفاد إلى المناطق المائية الآسيوية المشتركة، والتي تمثل مصالح أساسية للولايات المتحدة الأميركية.

هذه السياسة الأميركية شجعت الفيليبين على تقديم شكوى ضد الصين إلى محكمة التحكيم الدولية الدائمة في لاهاي، والذي جاء حكمها لصالح الفيليبين، الأمر الذي رفضته الصين مطلقًا لمنع أي تدويل للنزاع والتمسك بالمفاوضات الثنائية كآليةٍ وحيدة لحله، والتعاون الإقليمي وفق مدونة السلوك الموقعة في العام 2002.

وجاء رفض الصين الاعتراف بالمحكمة ونتائجها والإصرار على البُعد التاريخي ببعض الحجج منها:

- إنّ قرار المحكمة المؤيد للفيليبين لا يتوافق مع الاتفاقيات الدولية الموقعة، وبخاصةٍ اتفاقية باريس المبرمة بين أميركا وإسبانيا في العام 1898، وغيرها من الاتفاقيات التي أُقرت وحددت جميعها الحدود الغربية الفيليبينية الإقليمية، بحيث تمتد أقصى درجة إلى خط الطول 118 درجة شرقًا، بينما تقع المطالب الفيليبينية جميعها في الجانب الغربي من هذا الخط.

- تنافي التحكيم مع اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار الموقعة في العام 1982، والتي تنص على احترام حق الدول الموقعة عليها في اختيار سبل حل النزاع، لا سيما المادة 22 التي تعد أنّه يجوز إحالة المنازعات طبق اتفاقيات أخرى، إذا اتفق على ذلك الأطراف كافة في معاهدة أو اتفاقية نافذة تتعلق بالموضوع التي تتناوله هذه الاتفاقية. وبالتالي، لا يحق للفيليبين منفردة اللجوء إلى التحكيم، كما أكدت مدونة السلوك على حل النزاعات عن طريق المفاوضات المباشرة.

- لجوء الفيليبين إلى التحكيم شجع دولًا أخرى مثل أندونيسيا على التهديد باللجوء إليه أيضًا لحل خلافاتها مع الصين.

- كل ذلك هدف إلى توجيه رأي عام عالمي لمحاصرة الموقف الصيني والسياسة الصينية في منطقة بحر الصين الجنوبي. وهذا ما دفعها إلى تحصين قدراتها العسكرية هناك، عبر إنشاء قاعدة بحرية لأسطولها، ما أسهم في انطلاق سباق تسلح بين الدول الإقليمية، نوجزه بالآتي[16]:

- قامت فييتنام المعروفة بتقاليدها البحرية برفع مستوى وتيرة تحديث برنامجها العسكري على الرغم من صعوباتها الاقتصادية، فحصلت على فرقاطتَين وكاسحتَي ألغام وعشرة قوارب هجومية من روسيا.

- اشترت ماليزيا في العام 2009 غواصتَين من طراز "سكوربين" لرفع قدراتها على حماية مياهها.

- تخطط أندونيسيا لبناء 12 غواصة بحلول العام 2024 وشراء غواصات كورية جنوبية من طراز شانبوغو، والحصول على غواصات روسية من طراز كليو.

- أما الفيليبين فلا تتمتع بقدراتٍ عسكرية حقيقية للدفاع عن المناطق المتنازع عليها، ولكنّها تعتمد على اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة مع الولايات المتحدة الأميركية لحماية مصالحها في تلك المناطق.

- يبدو أنّ هناك اختلافًا كبيرًا في موازين القوى لصالح الصين، التي نما إنفاقها العسكري بشكلٍ مطرد، متأثرًا بقضية تايوان، والتنافس الاستراتيجي مع الهند، وتطور الوجود الأميركي في الباسفيك، والشعور باتساع الفجوة التكنولوجية بين القوة الصينية ومثيلاتها الغربية عامة، فضلًا عن النزاع مع اليابان على جزر Senaku DiaoyU، وهذا السباق إلى التسلح الناتج من النمو الاقتصادي لمعظم دول جنوب شرق آسيا، يضع المنطقة برمّتها على صفيح ساخن.

 

الترتيبات الأمنية الصينية لبحر الصين الجنوبي ونلخصها بالآتي[17]

- استعادة جزيرة تايوان وهو يمثل توجهًا استراتيجيًا لها، بحيث أجرت عمليات تهديد وحشد عسكري فعلي، وقامت بنشر صواريخ قصيرة المدى في العام 2010 في مضيق فرموزا، في حين تعارض الولايات المتحدة الأميركية واليابان هذا الخيار لما سينتج عنه من اختلال للتوازن في جنوب وشمال شرق آسيا.

- اعتماد الطرق السلمية والآليات القانونية، والاحتكام إلى الاتفاقات الموقعة خلال قمة الآسيان، لحل النزاعات الإقليمية كافة مع الدول التي تتنازع معها على الجزر.

- التأكيد أنّ الصين هي مركز المنظور بأكمله في المنطقة وعلى بقية الدول التعامل مع قوتها الاقتصادية الكاسحة، وتطورها العسكري ورغبتها المتزايدة في الهيمنة.

- إقامة منشآت وقواعد بحرية في مناطق ساحلية من المحيط الهندي، لحماية طرقها التجارية ووارداتها النفطية، وهو ما يطلق عليه استراتيجية عقد اللؤلؤ، لأنّها تعاني معضلة مضيق ملقا. ولم تقتصر الترتيبات الأمنية للصين على بحر الصين الجنوبي، بل تتعداه لتصل إلى أعالي البحار، والسبب هو حماية مساحتها الشاسعة من أي هجوم أميركي محتمل.

 

الترتيبات الأمنية لدول بحر الصين الجنوبي

وتتجلى في التمسك بقرار محكمة التحكيم الدولية وبالمنطقة الاقتصادية الخالصة، والدخول في شراكات أمنية واقتصادية مع الولايات المتحدة الأميركية واليابان، لكن بشكلٍ عام، نلخص سلوكها وفق ما يأتي:

- تهديد بعض دول المنطقة باللجوء إلى محاكاة الحالة الفيليبينية، بهدف الحصول على أحكام مماثلة لإضعاف الموقف الصيني في النزاع كما حصل مع ماليزيا.

- تعميق علاقاتها العسكرية والدفاعية مع الولايات المتحدة الأميركية كآليةٍ رئيسية لموازنة الصعود الصيني، وهذا يعتمد في استمراره على نجاح كل من الصين والولايات المتحدة في التأثير في دول المنطقة واستمالتها لصالحها.

 

سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه بحر الصين الجنوبي

عمدت الولايات المتحدة الأميركية إلى تغيير سياستها في جنوب شرق آسيا، من الاحتواء الاقتصادي والدبلوماسية الناعمة إلى الاحتواء العسكري لمواجهة التحديات الإقليمية، ويتجلى ذلك في:

-تعزيز الوجود العسكري للولايات المتحدة الأميركية: فهي تعتمد في استراتيجيتها الجديدة على تفعيل وجودها العسكري في دول شمال شرق آسيا، والبالغ عددها 29 قاعدة، في كل من: اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، تحديدًا في جزيرة جوام، وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، إضافة إلى إرسال أعداد كبيرة من جنودها إلى المنطقة. كما تجري مفاوضات جادة لنشر سفن حربية تابعة لسلاح البحرية في كوريا الجنوبية، وتسيير دوريات بحرية انطلاقًا من اليابان، في إطار احتواء الصين.

-توسيع التحالف العسكري الإقليمي: ويتمثل في تقوية الاختراق للمجال الحيوي الصيني، بتوسيع نطاق التحالف الإقليمي، ليشمل دول جديدة جنوب شرق آسيا. مع زيادة تصدير الأسلحة لدول المنطقة، وشرعت واشنطن في توثيق التعاون العسكري مع فييتنام، التي كانت حتى الأمس القريب مناوئة للوجود الأميركي في آسيا، وبدأت منذ العام 2011 باستقبال بوارج البحرية الأميركية في موانئها على شكل بعثات تدريبية، والقيام بعمليات إصلاح السفن الحربية، لدعم قدرتها على مواجهة الأنشطة الصينية في الجزر المتنازع عليها. وتصاعدت وتيرة هذا التعاون بإجراء مناورات بحرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي خلال العام 2013، وفي إطار الاستراتيجية ذاتها، حاولت واشنطن استعادة علاقاتها تدريجًا مع ميانمار، الحليف التقليدي للصين في جنوب شرق آسيا[18]. كما تعمل على خلق تحالف آسيوي يحاكي حلف شمال الأطلسي، بهدف احتواء المد الصيني إقليميًا، ويمتد عبر المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا، وتمثل ذلك بإجراء حوالى 300 مناورة بحرية كبرى في السنتَين الأخيرتَين، كان من أهمها التدريبات العسكرية الأميركية في "خان كويست" في منغوليا على الحدود الشمالية للصين، بمشاركة "ألمانيا وفرنسا وكندا واليابان وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة". أما الأمر الذي لا يقل أهمية عن الحشد العسكري فهو تعزيز التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وشركائها المحليين، بوضع مراكز إضافية في كل من: الفيليبين وتايلاند وأستراليا وسنغافورة، والتي من شأنها تشكيل نقطة انطلاق بالنسبة للجيش الأميركي في حال نشوب أي نزاع مسلح[19].

أما الرهان الأبرز فتمثل في تسليح تايوان بقيمة 12 مليار دولار تقريبًا، ما أثار احتجاج بكين ودفعها في العام 2013 إلى تجميد العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة وإلى اتهام واشنطن بمناوأة وحدة أراضي الصين.

- الشراكات الاقتصادية: يمثل التعاون الاقتصادي مع كل من: اليابان وكوريا الجنوبية أهمية استراتيجية للمصالح الاقتصادية الأميركية، حيث وقّعت واشنطن معهما اتفاقيات جديدة لتحرير التجارة، وتعمل على مضاعفة صادراتها للإقليم. إلا أنّ هناك تحديات تقف أمام السياسة الأميركية في جنوب شرق آسيا، نحددها في النقاط الآتية:

- العجز المالي: والذي شكل عائقًا رئيسيًا أمام الوجود العسكري الأميركي في هذه المنطقة، والمقدر بـ 700 مليار دولار، وهذا ما يفرض على الإدارة الأميركية تحقيق التوازن بين الوفاء بالتزاماتها العسكرية، وخفض تكلفة انتشارها العسكري.

- غياب الثقة بين دول المنطقة وأميركا: بحيث ترى دول بحر الصين الجنوبي أنّ الولايات المتحدة الأميركية غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الأمنية في المنطقة.

- مركزية العلاقات الصينية مع دول الإقليم: لم تتأثر العلاقات بين الصين ودول الإقليم بسبب الخلافات الحدودية، كونها علاقات وثيقة وقائمة على سياسة حسن الجوار، بحيث وصل حجم التبادل التجاري بين الطرفَين إلى مستويات قياسية مع دخول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين دول الآسيان حيز التنفيذ، وهو ما يصعب مهمة الولايات المتحدة الأميركية، كون دول الإقليم تعتمد بصفةٍ أساسية في نموها الاقتصادي ووارداتها على التحالف مع الصين، مثل ميانمار وفييتنام[20]. في حين تعد اليابان وكوريا الجنوبية أنّ الدور الصيني محوري في الحد من الطموحات النووية لكوريا الشمالية، فضلًا عن أنّ غالبية دول الإقليم تضم أقليات صينية تقدّر بنحو 40 مليون نسمة، تمثل قاعدة قوية لتوثيق علاقات دولهم مع الصين.

نستنتج أنّ استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية في المحيط الهادئ تهدف إلى احتواء الصين، وإدخالها في شبكة أوسع من العلاقات التعاونية، والتي تسهم في صياغة الشراكة العالمية، وبالتالي يبرز مفهوم جديد للأمن الإقليمي، غير قائم على التعريف الجغرافي بل دخول قوة من خارج الإقليم، لنقر بما قاله ميرشايمر: "إنّ المهيمن الإقليمي لا يمكنه السيطرة على إقليم آخر ما لم يسيطر على سطح البحار، وهو ما تفعله الولايات المتحدة الأميركية، وتريد الصين تحقيقه أيضًا ضمن الاستراتيجية البحرية بمدى زمني أقصاه في العام 2040 [21]".

 

المصالح الصينية - الأميركية في بحر الصين الجنوبي

المصالح الصينية وتتلخص في الآتي:

- حماية الاستقرار وتأمين ممراتها عبر تأمين الخط التاسع الصيني، ليكون من بين العناصر الأولى المشكّلة لمصالحها الحيوية في بحر الصين الجنوبي. وعملت في 6 أيلول 2013 على إصدار استراتيجيتها الخاصة لتنمية السلام في المنطقة، ومن ضمنها فكرة مهمة تحت عنوان "المصالح الأساسية"، التي تشتمل على عناصر حيوية يتم التركيز فيها على: "الاستقلال الوطني، التكامل الجغرافي، التواصل الوطني"، أي ضرورة ألا تنتهك أي قوة خارجية أو داخلية السيادة الوطنية، وإلا فإنّها مستعدة لاستخدام القوة من أجل حماية مصالحها، ولن تسمح لأي قوة بتهديد نظامها السياسي أو انتهاكه، إضافة إلى تأكيد الإجراءات الرئيسية لترسيخ فكرة حماية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، فضلًا عن الأمن المالي والاستقرار الاقتصادي.

-إقامـة شبكة من العلاقات الاستراتيجية التعاونية مع دول إقليمية مهمة، مثل: كوريا الشمالية، روسيا، باكستان، أندونيسيا، تايلاند، الفيليبين التي ترتبط بعلاقاتٍ وثيقة مع الولايات المتحدة، وهي بذلك تعمل على توسيع نطاق التعاون الإقليمي بما يحقق المصالح المشتركة بين الصين وهذه الدول من خلال:

- إقامة مشروعات كبرى تربط بين الصين ودول مهمة استراتيجيًا في محيطها الإقليمي (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير)، والممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، فضلًا عن الممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين والهند وميانمار، ويسعى حزام طريق الحرير البري الجديد إلى ربط الصين باقتصاديات شرق وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وأوروبا، من خلال شبكات ممتدة من السكك الحديدية، والطرق السريعة، وشبكات الطاقة، وكابلات الألياف الضوئية، وغير ذلك من الشبكات، بهدف تعزيز التجارة عبر المحيط بين منطقة شرق آسيا والمحيط الهندي.

- تعزيز علاقتها مع روسيا عبر ترسيخ التعاون القائم بين الدولتَين، من خلال المؤسسات الدولية Brics والتنسيق في الأمم المتحدة والبنك الدولي، وغيرها من المؤسسات الدولية القائمة بالفعل، كذلك تعزيز التبادل التجاري في مجال الطاقة، فضلًا عن دعم التبادل العسكري بينهما[22].

وهي تميل إلى التقليل من اندفاع دول الإقليم باتجاه إدخال الوسيط الغربي إلى بحر الصين الجنوبي، للمساهمة في استثمار حقول النفط والغاز الطبيعي فيه، لأنّ ذلك سيقود إلى إضعاف رغبة الصين في فرض كلمتها على مستقبل هذا البحر وثرواته، وإعطاء الجانب الغربي الحجة الكافية للتدخل في شؤونه، لذلك تؤكد الصين أنّ الحل السلمي لمشكلة بحر الصين الجنوبي تتم عبر المحادثات الثنائية وليس عبر الأطراف الدولية.

أما بالنسبة لأمن الطاقة فيبدو أنّها ستستمر في تصاعدها كقوةٍ اقتصادية مهمة في القرن الواحد والعشرين، وهو أمر مرتبط بتزايد معدلات التصنيع والتحضر، ما يحتم عليها الاعتماد بشكلٍ أكبر على استيراد المزيد من موارد الطاقة من الخارج، في ظل عدم امتلاكها الموارد الكافية التي تتيح لها إمكان سد حاجاتها المحلية من النفط والغاز.

وهي تعتمد بشكلٍ كبير على النفط المستورد من دول الخليج العربي وأفريقيا لسد قرابة 70 % من حاجتها في ميدان الطاقة، ويتم نقل هذه الكمية بواسطة سفن عبر المحيط الهندي، لتدخل إلى بحر الصين الجنوبي، عبر مجموعة مهمة من المضائق التي تعد جسرًا للوصل مع باقي المحيط الهادئ. لذا ترى الصين في هذا النطاق نقطة حرجة يمكن أن تسهم جيوبوليتيكيًا في التأثير سلبًا في مستقبلها، إذا ما استُغلت هذه الحتمية الجغرافية بشكلٍ خاص من قبل الولايات المتحدة، أو من قبل حليفتها الهند، التي لها هي الأخرى مصلحة مهمة في تعطيل وتخريب حركة الملاحة وأمنها عبر هذه الممرات، وصولًا إلى بحر الصين الجنوبي، بهدف الحيلولة دون خضوعه للسيطرة الصينية بشكلٍ كامل.

لذا تحاول التوجه نحو بحر الصين الجنوبي، باعتباره إحدى المناطق الواعدة في مجال الإنتاج النفطي، في ظل الاحتياطات التي يحتمل اكتشافها هناك، ما يقلل من انكشافها عبر عدم الاعتماد بصورةٍ مطلقة على ما يجري استيراده من نفط الخليج العربي ومناطق أخرى من العالم.

يضاف إلى أهمية النفط، ازدياد أهمية الغاز الطبيعي مصدرًا مهمًا للطاقة، ما يجعل بحر الصين الجنوبي يحظى بأهميةٍ شديدة بفعل الحقيقة التي تشير إلى أنّ العام 2011 شهد مرور نصف حركة التجارة العالمية من الغاز الطبيعي عبر هذا البحر إلى دول كالصين واليابان وكوريا الشمالية. الأمر الذي يعني أنّ تأمين الصين ممرات الملاحة في بحر الصين الجنوبي بشكلٍ خاص كنقطة انطلاق نحو مجالات بحرية أوسع، يعد حجر الزاوية في تأمين سيادتها البحرية من جهة، وفي تمددها بالطريقة التي تسهم من خلالها في التحكم بمصير تجارة النفط والغاز الطبيعي إلى دول مهمة في إقليم آسيا ـــ الهادئ من جهة ثانية، ما ينعكس على سلامة النقل واستدامته عبر هذه الممرات البحرية، وفي فرض إرادتها على باقي الدول التي تعتمد على استيراد الطاقة.

وعملت الصين على اعتماد استراتيجية محددة لتأمين خطوط الملاحة البحرية في بحر الصين الجنوبي، عبر نشر قواعدها العسكرية في هذا النطاق، وذلك وفق استراتيجية تفضي إلى ما يأتي[23]:

"إنّ الصعود القوي للبحرية الصينية يهدف إلى مواجهة القوة البحرية الأميركية على طول خطوط التواصل البحري التي تربط الصين بموارد الطاقة المهمة في الخليج العربي وأفريقيا - لذا وضعت استراتيجية اسمها "سلسلة اللآلئ" التي تصف مظهرًا مهمًا من مظاهر الصعود للنفوذ الجيوبوليتيكي للصين، عبر الجهد الذي تبذله لتسهيل وصولها إلى الموانئ والقواعد الحيوية، وتطوير علاقات دبلوماسية خاصة، وتحديث قواتها العسكرية التي تمتد من بحر الصين الجنوبي عبر مضيق ملقا والمحيط الهندي وصولًا إلى الخليج العربي، وهذا ما أسهم في بروزها كدولةٍ قوية ومتمكنة.

ولم تقتصر المصالح الصينية في بحر الصين الجنوبي على مصادر الطاقة، بل تتعداها إلى موضوع آخر متداخل ومتشابك في أحد أبعاده الخاصة بالطاقة أيضًا، وذات علاقة وثيقة بالاستراتيجية النووية التي تعتمدها الصين وتسعى إلى تحقيق أهدافها كمصلحةٍ عليا للبلاد في الفترة المقبلة، ولا تقتصر على البر، بل تتعداه إلى النطاق البحري أيضًا[24].

 

المصالح الأميركية في بحر الصين الجنوبي

لم يخرج بحر الصين الجنوبي عن دائرة اهتمام صناع القرار الأميركي ومخططي الاستراتيجيات في الإدارات المتعاقبة على هذا البلد، وتصاعدت هذه الأهمية منذ نهاية الحرب الباردة وتوجه الصين بشكلٍ حثيث إلى بناء قدراتها الدفاعية التسليحية، بما فيها القدرات البحرية، التي بدأت تتخذ من هذا البحر مجالًا لحركتها، ومن دوله نطاقًا جغرافيًا لنفوذها، الذي تسعى من خلاله للتحول إلى قوة عالمية تضاهي القوة الأميركية. ومن هنا تجد الإدارة الأميركية نفسها أمام تحد جيوبوليتيكي خطر، يهدد مستقبل وجودها ومصالحها المتنوعة في هذا البحر، والذي بدأ يعيد إلى الأذهان كيفية تأثير الجيوبوليتيك في رسم التصورات الأميركية عن العالم، وفي تفسير السلوك الذي تعتمده للتفاعل مع القضايا التي تشكل محاور استراتيجية بالنسبة إليها. الأمر الذي يدفعنا إلى القول إنّ بحر الصين الجنوبي سيكون بمنزلةٍ واحدة من النطاقات الجيوبوليتيكية الساخنة التي يتوقف عليها مصير العالم، في ظل تعارض المصالح الاستراتيجية لقوى إقليمية ودولية كثيرة هناك، وهو ما يشكل مرتكزات حيوية في نظرتها إلى بحر الصين الجنوبي.

وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب في الانخراط بشكلٍ مباشر في الرؤى المتضاربة حول موضوع السيادة على هذا البحر، كونها تدرك حجم التحسس الذي يتسم به بعض الأطراف حيال أي دور تقوم به في هذا الصدد. فإنّها تجد نفسها مجبرة لعدة اعتبارات جيوبوليتيكية، أن تكون طرفًا مشاركًا في هذا الخلاف، لإدراكها الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها بحر الصين الجنوبي، في ضوء الإمكانات التي يوفرها للصين بغية ممارسة دور القوة العظمى المناهضة بقوةٍ للدور الأميركي، لذا فإنّها تسعى إلى تفعيل الثغر القانونية والجغرافية كافة، التي يمكن أن تستغلها لمصلحة تدخّلها هناك، كي لا يكون هذا النطاق خارج سيطرتها ونفوذها الكامل.

والمصلحة الرئيسية التي تعد الحجر الأساس للدور الأميركي في بحر الصين الجنوبي، تتمثل في مطالبتها للصين بضرورة احترام حرية الملاحة في هذا النطاق، استنادًا إلى القانون الدولي للبحار، الذي ترى بحسب تفسيرها له أنّه يجيز للدول جميعًا استخدام النطاقات الاقتصادية الخالصة في أي نطاق بحري، ما يحتّم على الصين في مثل هذه الحالة احترام القانون الدولي، إن كانت فعلًا تريد أن تكون ضمن منظومة الدول الديموقراطية في العالم. وهي تتخوف من تهديد وجودها الكامل في غرب المحيط الهادئ، عبر اعتراض أسطولها لدى دخوله إلى بحر الصين الجنوبي، وفي هذا الإطار تؤكد الصين أنّها ستعمل على احترام حرية مرور السفن والطائرات عبر هذا النطاق، شرط أن تكون متجهة إلى مكان آخر، وألا تقوم بأي مناورة عسكرية أو جمع بيانات ذات فائدة عسكرية أو استخبارية، في حين تصر واشنطن على أنّ بحر الصين الجنوبي والممرات المؤدية إليه تعد مياهًا دولية، وهي تخضع لقانون حرية الملاحة، الذي يُسمح بموجبه القيام بالتمارين العسكرية وجمع المعلومات ذات الطبيعة العسكرية والاستخبارية[25]. ومن هنا، فإنّ المصلحة الجيوبوليتيكية الأميركية تُبنى قانونًا على الادعاء بأنّ الصين وقّعت اتفاق الأمم المتحدة للبحار، وهي ملزمة بتطبيق بنوده، التي تبيح فكرة حرية الملاحة في البحار الدولية، ومنها بحر الصين الجنوبي.

في المقابل، تردّ الصين على هذا الادعاء، متهمة الولايات المتحدة بالسعي إلى استغلال الثُّغَر القانونية في هذا الاتفاق، الذي لم يشر صراحة إلى فكرة حرية الملاحة بما يضمن وجود نشاط عسكري أو استخباري في النطاقات الاقتصادية الخالصة للدول. وإن حصل مثل هذا الأمر، فهو غير ممكن من دون أخذ الضوء الأخضر من الدول الساحلية المطلة على مثل هذا البحر، وإلا فإنّه يعد خرقًا للسيادة، ولها الحق في الرد على السفن الأجنبية التي تنتهك ما يُعرف بأنّه نطاق سيادتها.

وللتعبير عن العقيدة الجيوبوليتيكية الأميركية في هذا النطاق البحري، يجدر بالإشارة إلى ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون" في المنتدى الإقليمي الآسيوي في تموز2010 "إنّ الولايات المتحدة الأميركية لن تقبل التحديات الصينية لحرية الملاحة للأغراض العسكرية في بحر الصين الجنوبي، ولها مصلحة وطنية في حرية الملاحة والوصول إلى البحار الآسيوية المشتركة، شأنها شأن بقية الأمم، وهي تعمل على ذلك وفق احترامها القانون الدولي[26]".

هذه الرؤية تصطدم عادة بالموقف الصيني المتصلب في هذا الموضوع، والذي ترى فيه مصدرًا من مصادر استنزاف قوتها واستدراجها إلى مواجهات مباشرة، تارة مع الأسطول الأميركي، وأخرى مع القوى الصديقة لأميركا في الإقليم، وتخفي وراء هذه القضية نيتها الحقيقية، عبر العمل على بناء تحالف إقليمي مضاد للمصالح الصينية. لذا، أعلنت الصين أنّ الشرطة ستباشر أعمالها في حماية السيادة الصينية على بحر الصين الجنوبي، من خلال تفتيش السفن الأجنبية التي تمر عبره بشكلٍ غير شرعي، ولا سيما إذا كان مرورها يجري بالقرب من جزيرتَي هاينان وسبراتلي الاستراتيجيتَين بالنسبة لها.

هذه المصالح المتضاربة قادت إلى وقوع كثير من الحوادث الخطرة في بحر الصين الجنوبي، والتي يُنظر إليها على أنّها تشكل مجسات حقيقية لما يمكن أن يحدث في هذا النطاق، من تطورات سلبية في المستقبل، تنذر بمواجهة عسكرية مباشرة بين قوتَين مهمتَين هما: الصين وأميركا.

فعلى سبيل المثال، حدث في نيسان 2001 أن اعترضت طائرة مقاتلة صينية طائرة تجسس أميركية، على بعد 70 كلم إلى الجنوب الشرقي من ساحل جزيرة هاينان. واعتبرت الولايات المتحدة الأميركية أنّ الطائرة التابعة لها كانت تحلّق فوق المياه الدولية، ولها الحق في حرية الطيران في هذا النطاق، فردّت الصين بأنّها كانت تحلّق فوق النطاق الاقتصادي الخالص لها، وبذلك فهي تخضع للقوانين والتنظيمات الصينية[27]، ما أدى إلى توتر العلاقات الأميركية - الصينية وتوقّف تبادل المعلومات الدفاعية بينهما بصورةٍ مؤقتة[28].

وفي العام 2009، اعترضت سفن صينية سفينة أميركية في بحر الصين الجنوبي، حيث قال الجانب الأميركي إنّها غير حربية، وكانت تقوم بمراقبة المحيط، بهدف جمع المعلومات عن أي نشاط يهدد الأسطول الأميركي، على بعد 120 كلم من جزيرة هاينان، وأجبرتها على مغادرة هذا النطاق، معتبرة ذلك سلوكًا عدائيًا تجاه سفنها.

ومن هنا تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى السيطرة على مداخل بحر الصين الجنوبي، بهدف تحجيم النفوذ الصيني وبخاصةٍ مضائق: سوندا ولومبوك ولوزن وملقا، كونها تشكل نقطة ضعف حرجة للصين في استراتيجيتها البحرية، وتقع تحت سيطرة قوى آسيوية متحالفة مع الولايات المتحدة الأميركية، التي تسعى إلى تعزيز تحالفها مع هذه الدول، لربطها بمصير المصالح الأميركية هناك. في محاولة لابتزاز الصين، عبر التأثير السلبي في إمدادات الطاقة إليها، بهدف خنق اقتصادها.

وفي هذا الإطار[29]، سيسعى صانعو الاستراتيجية الأميركية مستقبلًا إلى العمل بكل جهدهم باتجاه تعزيز دورهم ونفوذهم البحري والعسكري والسياسي والاقتصادي في الدول التي تتبع لها هذه المنافذ البحرية المهمة، من أجل عدم فسح المجال أمام الصين للتحكم في مجمل بحر الصين الجنوبي، ومداخله ومخارجه التي باتت على مقربة من الأسطول الصيني، الذي يسعى بدوره إلى كسر هذا الحاجز الجغرافي، عبر نشر القواعد البحرية في مياه الدول الصديقة التي تقيم معها تحالفات استراتيجية مضادة لتلك التي تقوم بها أميركا. ففي الوقت الذي تتزايد فيه حدة المنافسة الصينية - الأميركية من أجل كسب الجائزة التي يمثلها بحر الصين الجنوبي، نجد أنّ هذا التنافس يهدد في جوهره مبدأ الحياد الآسيوي، إذ نجد أنّ دولًا مثل الفيليبين وفييتنام وماليزيا وسنغافورة وأندونيسيا تعمل على تقوية علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، بالطريقة ذاتها التي تعمل فيها أطراف أخرى، مثل كمبوديا ولاوس وتايلاند على تقوية علاقاتها مع الصين، التي بدأت محاولة نشر سلسلة القواعد الخاصة بها في مياه حلفائها عبر تسمية سلسلة اللآلئ الصينية التي ترى فيه الولايات المتحدة الأميركية محاولة صينية لتوسيع مجالها الحيوي البحري، بما يضر بمصالح واشنطن في هذا النطاق. الأمر الذي جعل من فكرة التحكم في المضائق البحرية كمداخل جغرافية لبحر الصين الجنوبي تشكل مصدرًا جوهريًا في قائمة المصالح الأميركية، التي تتقاطع فيها بالضرورة مع مصالح غريمها الآسيوي "الصين".

كما تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى عدم ترك أي فراغ يتيح للصين إمكان ملئه على حساب مصلحتها، خصوصًا أنّ الإدارة الأميركية تدرك جيدًا أنّ حلفاءها هناك ليست لهم القدرة منفردين أو مجتمعين على مواجهة القوة المتنامية للصين. لذا، تعمل عبر تدخلها في التسوية التي يمكن أن تُجرى بين هذه الدول والصين، إلى الحيلولة دون تغييب مصالحها الاستراتيجية العليا، لتحقيق فكرة التوازن مع الطرف الصيني في بحر الصين الجنوبي.

 

مجالات التعاون المستقبلية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية

سنحاول الإضاءة بشكلٍ مختصر على المجال السياسي الاقتصادي والمجال الأمني العسكري لنبيّن مدى إمكان التعاون بينهما:

على الصعيد السياسي الاقتصادي: انطوت التحولات التي شهدتها البيئة الدولية في نهاية عقد الثمانينيات و بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي على تأثير كبير في السياسة الخارجية الأميركية، طغت عليها روح الهيمنة، لما تتمتع به من قدرات عسكرية واقتصادية غير مسبوقة، إلا أنّ ذلك لا يلغي عدم قدرتها على تأمين السيادة الحقيقية على العالم لسببَين[30]:

الأول: تداعي النموذج الحضاري الأميركي من الداخل، إذ لا تملك القيم الحضارية التي يرضى عنها الجميع، والتي تؤهلها للمحافظة على دورها القيادي العالمي خلال القرن الواحد والعشرين[31].

الثاني: موقف القوى العالمية الأخرى الرافض بدرجاتٍ متفاوتة لهيمنتها وسيطرتها الكلية على العالم وتطلعها هي الأخرى إلى قدر من الزعامة والنفوذ على المستويَين الإقليمي والدولي، ففي الفترة السابقة على نهاية الحرب الباردة، كانت قدرة الصين على الدخول في لب الأحداث العالمية وتفاعلاتها لا تزال منخفضة، وبعد ذلك بدأت تتجه إلى الانغماس أكثر في التفاعلات الدولية، بالشكل الذي جعل الولايات المتحدة تأخذ في حساباتها هذا الانغماس، ومن هنا يبرز اتجاه الصين نحو تشكيل بيئة دولية مؤاتية، عبر تأكيد الصداقة مع أندونيسيا وسنغافوره مثلًا، وتقليص التوتر غير الضروري مع كوريا الجنوبية، إضافة إلى توسيع علاقات التعاون مع روسيا. أما على الصعيد الاقتصادي فيبدو أنّ إسهام الاقتصاد الأميركي في الناتج القومي العالمي الذي يفوق 20% حاليًا سينخفض إلى حدود 10 إلى 15% في العام 2021، نظرًا لازدياد إسهام أوروبا والصين واليابان فيه، إضافة إلى اهتزاز ثقة الأميركيين باقتصادهم، وعلى الرغم من هيمنتها على العالم من خلال قوتها الكاسحة على مختلف الصعد، إلا أنّ ذلك لا يغنيها عن إقامة شراكات اقتصادية مع دول أخرى مهمة على الصعيد العالمي كالصين مثلًا، كونها تشكل قوة اقتصادية صاعدة[32].

على الصعيد الأمني العسكري: وهو يعد من أعقد المجالات التي تقترن به العلاقات الأميركية الصينية، وقد دلت على وجود تفاعلات حكمت مضمون هيكلها السياسي خلال المرحلة السابقة على انتهاء الحرب الباردة، فالسياسات التي تتبعها الدولتان في ما بينهما على صعيد هذا المستوى عملت على زيادة حدة التوتر في علاقتهما، ومن ثم الصراع وتحديدًا السياسة تجاه قضية تايوان.

وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، صار من الصعوبة تجاوز مصالح الدولتَين الأمنية والعسكرية على مستوى العلاقات الثنائية.

 

علاقة بحر الصين الجنوبي والدول العربية

بما أنّ صراع النفوذ الأميركي - الصيني بات متشعبًا ويشمل بشكلٍ خاص مناطق إنتاج الطاقة وطرق إمداداتها، فلا بد من الوقوف قليلًا عند علاقة بحر الصين الجنوبي بالدول العربية، فعلى الرغم من عدم وجود تواصل جغرافي - بري بين النطاقَين، فإنّ المساحة البحرية الواسعة الامتداد التي تربط بين أقاليم متنوعة، تجعل من الترابط الجيوبوليتيكي بين ما يجري في بحر الصين الجنوبي ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص أمرًا طبيعيًا، في سياق التحليل الأوسع لما يجري ضمن هذه النطاقات التي باتت غير منعزلة في تداعياتها. خصوصًا أنّ للصراع الأميركي - الصيني أصداء متواصلة في كلا الإقليمَين، وقد زادت الروابط بين الصين والمنطقة العربية، حيث صدَّرت السعودية على سبيل المثال كميات من النفط إلى الصين، تفوق تلك التي صدرتها إلى واشنطن. وفي العام 2009 تفوقت الصين على الولايات المتحدة الأميركية في حجم الصادرات إلى الشرق الأوسط عمومًا، كما عملت للمرة الأولى في تاريخ دبلوماسيتها البحرية المعاصرة على التفكير بشكلٍ جدي في الاقتراب من المياة العربية، عبر مشاريع استراتيجية واعدة، إضافة إلى أنّ خوفها من الإضرار بأمن الممرات في وقت الأزمات مع واشنطن أو الهند دفعها جديًا إلى التفكير في آليات مختلفة، تستطيع من خلالها مد إمكاناتها البحرية إلى مجالات أبعد من المحيط الهندي، باتجاه المسطحات التي تطل على الدول العربية، من أجل تأمين المسارات البحرية لنقل الطاقة[33].

وتدرك الدول العربية حجم العلاقات المتنامية بين بكين وطهران، من خلال توقيع عقود استثمارية كبيرة في مجال الطاقة، تعزز من خلالها مكانة الاقتصاد الإيراني. لذا وجدت نفسها مضطرة إلى التعامل مع الصين بشيءٍ من البراغماتية، التي ربما لا تستسيغها واشنطن كثيرًا، فعمدت إلى تأييد الصين في رفض الدعوة إلى اللجوء للتحكيم الدولي في شأن النزاع حول بحر الصين الجنوبي، وهذا الموقف العربي مرتبط بالاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الطرفَين. كذلك بإمكان استثمار مكانة الصين في التخفيف من وتيرة الأزمات التي خلقها التنافس الإيراني - السعودي في المنطقة، حيث تكون هناك ضرورة للقيام بهذا الدور مستقبلًا.

وتخوّف الدول العربية من حصول أي اضطراب قد يؤدي إلى إغلاق ما تطلق عليه الصين طريق الحرير البحري هرمز – ملقا - بحر الصين الجنوبي، ما سيحدث هزة اقتصادية عنيفة تؤثر فيها سلبًا، دفعها للجنوح إلى فكرة الحل السلمي لمشكلة بحر الصين الجنوبي، والتوقعات تشير إلى أنّ الدول الآسيوية، وعلى رأسها الصين، ستعتمد في العام 2030 على النفط العربي بمعدل 90%. بينما ستتحرر الولايات المتحدة من حتمية الاعتماد على هذا النفط، في ظل بدائل أخرى متاحة أمامها، ما يعني أنّ الصين ستتأثر بأي اضطراب جيوبوليتيكي لاحق قد تشهده القوى الأهم في الخريطة الإنتاجية النفطية في الشرق الأوسط، سواء كان ذلك في السعودية أو في إيران.

 

السيناريوهات المحتملة في بحر الصين الجنوبي

يبدو أنّ هناك ثلاثة سيناريوهات متحكمة حتى اللحظة في صوغ مستقبل بحر الصين الجنوبي، وهي:

سيناريو الواقع القائم[34]: وهو يقوم على أساس استمرار الحال على ما هو عليه بين دول بحر الصين الجنوبي، من خلال تمسك كل منها بالنطاقات البحرية التي تهيمن عليها، في مقابل استمرار المساعي الدبلوماسية لإقناع الصين بالعمل على الرضوخ لمبادئ القانون الدولي وفق ما تراه الدول الأخرى التي تتعارض مع التوجهات الصينية. خصوصًا أنّ هذا الجهد سيكون مدعومًا من الإدارة الأميركية، وهو سيقود إلى الإبقاء على ميزان القوى في هذا النطاق الجغرافي في حالة من التوازن والاستقرار النسبي، الذي يضمن بالحد الأدنى كثيرًا من مصالح القوى المختلفة في هذا البحر.

سيناريو التسوية إعادة ترسيم الحدود البحرية: هذا السيناريو تروج له الولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إعادة ترتيب النطاقات الجغرافية للدول في بحر الصين الجنوبي، بطريقةٍ لا تخلو من دهاء صنّاع القرار السياسي في البيت الأبيض، وتتمثل بالآتي:

- تخصيص مجمل بحر الصين الجنوبي من طريق الخطوط المتساوية إلى خطوط الساحل، مع إهمال جزر سبراتلي وباراسيل، وبذلك تستحصل كل من: الصين وتايوان وفييتنام والفيليبين على مساحات متساوية، على الرغم من أنّ هذا التقسيم الجغرافي سيقود إلى جعل المظاهر كافة والجزر الرئيسية بما فيها باراسيل تحت السيادة الصينية، إلا أنّ الكتلة الجيولوجية لجزر باراسيل لن تكون من حصة الصين وحدها، بل مقسمة بين هذه الدول بشكلٍ عادل.

- وجود رؤية أخرى مشابهة، باستثناء إعطاء الصين جزر باراسيل، ويكون الفرق بين السيناريوَين بأنّ الصين ستحصل في الثاني على جزء إضافي من بحر الصين الجنوبي، على حساب حصة كل من: فييتنام والفيليبين، لكنها في المقابل، ستتمكن بالكاد من الوصول إلى الكتلة الجيولوجية التي تمثلها جزر سبراتلي، ما يجعلها مستبعدة من الهيمنة على هذه الجزر الغنية بمواردها النفطية.

- تخصيص مظاهر جزر سبراتلي بالاعتماد على الحصص الأساسية والمخاوف السياسية. وقد حسم هذا المنهج لإعطاء كل دولة قطاعًا رئيسًا من بحر الصين الجنوبي، بالاعتماد على درجة الادعاء، والوجود في النطاق الذي يجري ادعاؤه، وعلاقات القوة التي تملكها الدولة المدعية، وتم رسم الحدود الجغرافية للسيادة وفق عوامل رئيسية ثلاثة، هي: الجزر المسيطر عليها، الحدود الجغرافية التي تفصل بين مجموعات الجزر، حدود الجرف القاري الذي تدّعيه الأطراف المختلفة[35].

وقد يكون هذا السيناريو مصدرًا مهمًا من مصادر تسوية الخلاف في موضوع بحر الصين الجنوبي، باعتبار أنّ الدول كافة ستكون رابحة فيه، ولن تكون هناك خسارة كبيرة للصين، من خلال تأكيد ست حتميات، ستقلل من إمكان التعرض للمصالح الصينية في هذا البحر، كما أنّها ستكون من المفاتيح الأساسية لإدامة التوازن والاستقرار فيه، وهي:

-وجود الولايات المتحدة الأميركية كقوةٍ عظمى لديها القدرة والدافع لخلق نظام مستقر في هذا الإقليم.

-التوزيع الجغرافي المتوازي للقوى العسكرية.

-تقوية المعايير الدولية للتسوية السلمية للخلافات حول هذا البحر.

-تفضيل الجميع إدامة العلاقات الاقتصادية الدولية في هذا النطاق بشكلٍ سلمي ومستمر.

-وجود المؤسسات المختلفة لترتيب الحوار والتعاون بين دول هذا البحر.

-وجود هيئات محلية كثيرة تفضل هذا السيناريو، الذي تتوافر في ظله الحلول السلمية للجميع.

سيناريو المواجهة العسكرية[36]: يُعد هذا السيناريو من أسوأ المشاهد التي تنتظر هذا النطاق الجغرافي بجزأَيه البري والبحري. وهي المرحلة التي ستفرض على الولايات المتحدة الأميركية لاعتباراتٍ جيوبوليتيكية متعددة، أن تكون مساهمة في أي صراع يجري هناك، بالطريقة التي ستجبرها على التخلي عن أي دور دبلوماسي فيه شيء من الحيادية، ويدفعها حلفاؤها باتجاه ممارسة كل السياسات التسليحية والعدوانية، التي من شأنها أن تحرق هذا الإقليم وتدخله إلى مساحة واسعة من الفوضى والاقتتال.

يمكن لهذا السيناريو أن يتدحرج على الشكل الآتي: "تقوم إحدى السفن التي تحمل العلم الصيني بالإبحار في المياه المحيطة في جزر سبراتلي، التي تدّعي الدول الباقية سيادتها عليها، تقوم هذه الدول بالسيطرة على السفينة الصينية بسبب إبحارها وسعيها إلى الصيد أو القيام بأي نشاط آخر بطريقةٍ غير قانونية. ستعترض الصين وتردّ بأحقيتها في هذا العمل من خلال القانون الدولي للبحار، في إثر ذلك، سيتصاعد الخلاف بين هذه الأطراف على تفسير القانون الدولي، وسيحصل الشيء ذاته حين تسمح الدول الآسيوية للشركات الأجنبية بإجراء المسح الزلزالي في هذا النطاق من أجل الموارد الهيدروكربونية، وكذلك من أجل القيام بأعمال حفر الآبار النفطية هناك، حيث يتوقع أن تقوم الصين بعرقلة هذه المشاريع وإجبار الشركات على التوقف عن العمل هناك. عندئذ، ستعترض الدول الآسيوية، مستخدمة ادعاءاتها الخاصة بذلك. وهو ما يهيئ المنطقة لمستقبلٍ دموي إذا انفلتت الأمور من زمام السيطرة، وفشلت القيادات هناك في موضوع إدارة الأزمة التي يبدو أنّ الجميع لن يتحمل نتائجها الكارثية إن حصلت، وهو ما يجعل هذا السيناريو من أكثر المشاهد خطورة وأقلها ضمانًا لعملية تنمية هذا البحر والاستفادة من موارده النفطية وتأمين طريقه الملاحي ذي القيمة الاستراتيجية العالية.

 

المراجع

- Christopher J. Pehrson, String of Pearls: Meeting the Challenge of China’s Power Across the Asian Littoral Strategic Studies Institute, July 2006.

-Jeffre Madrick, The End of Affluence, The National Interest no. 45, 1996, p. 89

 Ji Guoxing, Rough Waters in the South China Sea: Navigation Issues and Confidence-Building Measures, East-Wast Analysis, no. 53 August 2001, p.2.

- Leszek Buszynski & Christopher Roberts, The South China Sea and Australia’s Regional Security Environment, National Security College Occasional, no. 5, September 2013, pp. 4-5.

- Mark J. Valencia, JON M. Van Dyke & Noel A. Ludwig, Sharing the Resources of the South China Sea, Hawaii: University of Hawaii Press, 1999, pp. 143-146.

- Michael Wesley, China Flexes: the dispute over the outh China Sea will come to affect more than just China's near neighbours, September 2016, p.2.

- Petter Dutton, Three Disoutes and Three Objectives-China and the South China sea, Naval War College Review, vol. 64, no. 4, Autumn 2011, p.25.

- Robert Beckman, The Unclos Dispute Settlement System and the South China sea, paper presented at: The South China sea: Recent Developments and Implications Towards Peaceful Dispute Resolution, Kuala Lumpur, Malaysia, 12-13 December 2011, pp. 13-14.

-UNEP, GEF, SCS, Lnad-Based Pollution in The South China sea Gullaya Wattayakorn & John C. Pernett, eds Bangkok, 2007, p.1

-William Pfaff, The Question of Hegemony, Foreign Affairs Vol. 80, no. 1, 2001: pp. 221-223

-Zbigniew Brzezinski, Out of Control, Global Turmoil on the Eve of Twenty-First Century, New York, NY: Charles Scribner’s, 1993,pp. 85-202.

-أزاد أحمد علي، الأبعاد الجيواستراتيجية للخلاف الأميركي الصيني حول تشييد الجزر الاصطناعية، مركز رووداو للدراسات، 2016، ص 8-10.

-سفيان بلمادي، جوسياسة المضائق البحرية الاستراتيجية وأمن إمدادات الطاقة مضيق ملكا وأثره على أمن الطاقة الصيني نموذجًا، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية تخصص دراسات أمنية دولية، الجزائر، العام 2015، ص 32-33.

-عبد الصمد سعدون عبد اللـه، الصراع على موارد الطاقة دراسة لمقومات القوة في السلوك الدولي للصين، المجلة العربية للعلوم السياسية، بيروت، لبنان، العدد 15، الجمعية العربية للعلوم السياسية، صيف 2007، ص 107-112.

-عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطّاقة في محيطها الإقليمي، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر، باتتة، 2013، ص 280.

-لبنى جصاص، دور التكتلات الإقليمية في تحقيق الأمن الإقليمي، دراسة حالة: رابطة دول جنوب شرق آسيا، رسالة ماستر، جامعة محمد خضير، بسكرة، 2010، ص 133.

-مايكل كلير، الحروب على الموارد الجغرافية الجديدة للنزاعات العالمية، ترجمة: عدنان حسن، بيروت، لبنان: دار الكتاب العربي، 2002، ص 125-126-132-133.

-هدي متيكس، وصدقي عابدين، قضايا الأمن في آسيا، مركز الدراسات الأسيوية، القاهرة، مصر، 2004، ص 205 - 206.

-يونس مؤيد يونس، أدوار القوى الآسيوية الكبرى في التوازن الاستراتيجي في آسيا بعد الحرب الباردة وآفاقها المستقبلية، الأكاديميون للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2015، ص 174.

-Angguntari C. Sari, Three Possible Scenarios in South China Sea, Jakarata Post Newspaper, 31122012 accessed on 20102019, at: https:goo.glK13w7x.

-Michael Richardson, Maritime Lines of conflict in South China Sea, The Japan Times, 1532009, accessed on 30102019, at: https:goo.glhk58Up.

- أندريا بومن وآخرون، انعدام الأمن البحري في شرق آسيا، ترجمة: إيمان سويد، تاريخ: 4 آذار 2013، تم الاطلاع عليه بتاريخ: 17102019، منشور على الرابط:

http:www.rsgleb.orgarticle.php?id=

-باهر مردان، الصين ونزاعات بحر الصين الجنوبي والشرقي، ص 2-3، دراسة بنسخة pdf منشورة على الموقع:

 https:www.academia.edu6003157

-دياري صالح مجيد، بحر الصين الجنوبي: تحليل جيوبوليتيكي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بيروت- لبنان تشرين الثاني 2018 منشور على الرابط: https:books.google.com.lbbooks?id=

-دينا شرين محمد شفيق إبراهيم، معضلة بحر الصين الجنوبي وإمكانية حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا والصين - المركز الديموقراطي العربي موجودة على الرابط: نوفمبر21 -2

 http:democraticac.de?p=40233

-سونغ أي قوه، حقائق قضية بحر الصين الجنوبي، منشور بجريد الأهرام، مرجع سابق، تم الاطلاع عليه بتاريخ: 15102019 على الرابط:

http:www.chinabelaraby.com

-ممدوح الشومان، الواقعية الهجومية: المهيمن الإقليمي ومحدودية هيمنته، تاريخ النشر 3112016، تم الاطلاع عليه بتاريخ 17102019 منشور على الرابط: https:a3wadqash.com?p=284

-نهى خالد، موازين القوى في شرق آسيا، تاريخ النشر: 09012015، تم الاطلاع بتاريخ: 17102019، منشور على الرابط:

 www.noonpost.orgcontent4970


[1]- دينا شرين محمد شفيق إبراهيم، معضلة بحر الصين الجنوبي وإمكانية حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا والصين – المركز الديموقراطي العربي موجودة على الرابط: http://democraticac.de/?p=40233 21- نوفمبر 2016.

 

[2]- مايكل كلير، الحروب على الموارد الجغرافية الجديدة للنزاعات العالمية، ترجمة: عدنان حسن، بيروت، لبنان: دار الكتاب العربي، 2002، ص 125-126.

 

[3]-UNEP, GEF, SCS, Lnad-Based Pollution in The South China sea Gullaya Wattayakorn & John C. Pernett, eds, Bangkok, 2007, p.1

 

[4]-عبد الصمد سعدون عبد اللـه، الصراع على موارد الطاقة دراسة لمقومات القوة في السلوك الدولي للصين، المجلة العربية للعلوم السياسية، بيروت، لبنان، العدد 15، الجمعية العربية للعلوم السياسية، صيف 2007، ص 107.

 

[5]- دياري صالح مجيد، بحر الصين الجنوبي: تحليل جيوبوليتيكي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بيروت - لبنان تشرين الثاني 2018 منشور على الرابط: https://books.google.com.lb/books?id.

 

[6]- أزاد أحمد علي، الأبعاد الجيو استراتيجية للخلاف الأميركي الصيني حول تشييد الجزر الاصطناعية، مركز رووداو للدراسات، 2016، ص 8 - 10.

 

[7]- سفيان بلمادي، جوسياسة المضائق البحرية الاستراتيجية وأمن إمدادات الطاقة مضيق ملكا وأثره على أمن الطاقة الصيني نموذجًا، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية تخصص دراسات أمنية دولية، الجزائر، سنة 2015، ص 32-33.

 

[8]- عبد الصمد سعدون عبد اللـه، الصراع على موارد الطاقة دراسة لمقومات القوة في السلوك الدولي للصين، مرجع سابق، ص 112.

 

[9]- باهر مردان، الصين ونزاعات بحر الصين الجنوبي والشرقي، ص 2 - 3، دراسة بنسخة pdf منشورة على الموقع:

https://www.academia.edu/6003157.

 

[10]- مايكل كلير، الحروب على موارد الجغرافيا الجديدة للنزاعات العالمية، مرجع سابق، ص 132.

 

[11]- مايكل كلير، الحروب على موارد الجغرافيا الجديدة للنزاعات العالمية، مرجع سابق.

 

[12]- سونغ أي قوه، حقائق قضية بحر الصين الجنوبي، منشور بجريدة الأهرام، مرجع سابق، تم الاطلاع عليه بتاريخ: 15/10/2019 على الرابط: http://www.chinabelaraby.com.

 

[13]- لبنى جصاص، دور التكتلات الإقليمية في تحقيق الأمن الإقليمي، دراسة حالة: رابطة دول جنوب شرق آسيا، رسالة ماستر، جامعة محمد خضير، بسكرة، 2010، ص 133.

 

[14]-هدي متيكس، وصدقي عابدين، قضايا الأمن في آسيا، مركز الدراسات الأسيوية، القاهرة، مصر، 2004، ص 205.

 

[15]-هدي متيكس، وصدقي عابدين، قضايا الأمن في آسيا، المرجع نفسه، ص 206.

 

[16]-عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة في محيطها الإقليمي، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية تخصص: علاقات دولية، جامعة الحاج لخضر، باتتة، 2013، ص 280.

 

[17]- يونس مؤيد يونس، أدوار القوى الآسيوية الكبرى في التوازن الاستراتيجي في آسيا بعد الحرب الباردة وآفاقها المستقبلية، الأكاديميون للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2015، ص 174.

 

[18]- أندريا بومن وآخرون، انعدام الأمن البحري في شرق آسيا، ترجمة: إيمان سويد، تاريخ: 4 آذار 2013، تم الاطلاع عليه بتاريخ: 17/10/2019، منشور على الرابط: http://www.rsgleb.org/article.php?id

 

[19]- أندريا بومن وآخرون، انعدام الأمن البحري في شرق آسيا، مرجع سابق.

 

[20]-المرجع نفسه.

 

[21]- ممدوح الشومان، الواقعية الهجومية: المهيمن الإقليمي ومحدودية هيمنته، تاريخ النشر 3/11/2016، تم الاطلاع عليه بتاريخ 17/10/2019 منشور على الرابط: https://a3wadqash.com/?p=284.

 

[22]- نهى خالد، موازين القوى في شرق آسيا، تاريخ النشر: 09/01/2015، تم الاطلاع بتاريخ: 17/10/2019، منشور على الرابط:

www.noonpost.org/content/4970.

 

[23]- Christopher J. Pehrson, String of Pearls: Meeting the Challenge of China’s Power Across the Asian Littoral

.Strategic Studies Institute, July 2006

 

[24]-    Christopher J. Pehrson, String of Pearls مرجع سابق.

 

[25]-Michael Wesley, China Flexes: the dispute over the South China Sea will come to affect more than just China's

.near neighbours, September 2016, p.2

 

[26]-Petter Dutton, Three Disoutes and Three Objectives-China and the South China sea, Naval War College

.Review, vol. 64, no. 4, Autumn 2011, p.25

 

[27]-Ji Guoxing, Rough Waters in the South China Sea: Navigation Issues and Confidence-Building Measures, East

-Wast Analysis, no. 53 August 2001, p.2.

 

[28]-Michael Richardson, Maritime Lines of conflict in South China Sea, The Japan Times, 15/3/2009, accessed on

.30/10/2019, at: https://goo.gl/hk58Up.

 

[29]-.Michael Wesley, China Flexes, p. 2

 

[30]-.William Pfaff, The Question of Hegemony, Foreign Affairs Vol. 80, no. 1, 2001: pp. 221-223

 

[31]-Zbigniew Brzezinski, Out of Control, Global Turmoil on the Eve of Twenty-First Century, New York, NY

.Charles Scribner’s, 1993, pp. 85-202

[32]-.Jeffre Madrick, The End of Affluence, The National Interest no. 45, 1996, p. 89

 

[33]- Leszek Buszynski & Christopher Roberts, The South China Sea and Australia’s Regional Security Environment

National Security College Occasional, no. 5, September 2013, pp. 4-5.

 

[34]- Angguntari C. Sari, Three Possible Scenarios in South China Sea, Jakarata Post Newspaper, 31/12/2012

accessed on 20/10/2019, at: https://goo.gl/K13w7x.

 

[35]- Mark J. Valencia, JON M. Van Dyke & Noel A. Ludwig, Sharing the Resources of the South China Sea

.Hawaii: University of Hawaii Press, 1999, pp. 143-146

 

[36]- Robert Beckman, The Unclos Dispute Settlement System and the South China sea, paper presented at: The South China sea: Recent Developments and Implications Towards Peaceful Dispute Resolution, Kuala Lumpur

.Malaysia, 12-13 December 2011, pp. 13-14

the geostrategic importance of the South China Sea and the Chinese-American rivality

After a long time during which the South China Sea did not have a significant importance, things changed dramatically after the end of the First World War, and the major countries became aware of the importance of its geographical location and the complex of maritime transportation that it represents, as more than half of the world trade passes through it and gives power to those who govern it to control the most important international trade routes. In addition to what this sea contains in terms of huge reserves in the field of energy (oil and gas), furthermore to its richness in fish resources, on which about (300) million people of the region’s population depend for their livelihood. This made the South China Sea occupies the ladder of international concerns, and the most prominent element for developing strategies. The big countries, led by the United States of America, have worked to fuel conflicts between the countries bordering the South China Sea.

The conflict over the South China Sea witnessed a typical shift through multiple stages, and the United States of America entered the crisis line immediately after the year 2010 by encouraging countries in conflict with China to file lawsuits to the International Court of Arbitration, as happened with the Philippines.

There have also been several direct frictions between the United States of America and China, including what happened in 2001 and 2009.

Basing on these facts, there will be four disctint results about the destiny of South Shina Sea:

-  The current situation: It is based on the continuation of the situation as it is.

- Redrawing maritime borders: in a manner that satisfies the conflicting countries, with adequate guarantees.

- Military confrontation: This scenario is considered one of the worst scenes, which prepares the region for a bloody future.

- Resorting to international arbitration: The countries in conflict with China seek a legal justification to prove their rights in parts of the South China Sea and to show China a country outside international law and this matter is not without the risk of escalation.

Finally, a comprehensive framework must be put in place to resolve the dispute over the South China Sea, in a manner that guarantees the interests of the conflicting countries, and tends towards collective cooperation in exploiting the resources of this sea for the sake of sustainable development and securing the well-being of its people.

l'importance géostratégique de la mer de Chine mériodionale et la rivalité Chinoise-Américaine

Depuis longtemps, la mer de Chine méridionale représente un enjeu peu significatif. Or la situation a radicalement changé après la fin de la Première Guerre Mondiale, surtout quand les grands pays ont pris conscience de l’importance de sa situation géographique étant un point de rencontre pour le transport maritime et parce qu’il occupe plus que la moitié du commerce mondial. Pour cela, ceux qui ont le pouvoir de le diriger, peuvent également contrôler les routes commerciales internationales les plus essentielles. De plus, ce qui fait de cette mer d’une importance significative, c’est qu’elle présente un enorme réserve de ressources non renouvelables (pétrole et gaz) et des ressources halieutiques, desquelles dépend environ (300) millions de personnes de la population de la région pour leur survie. En conséquence, la mer de Chine méridionale occupe l'échelle des préoccupations internationales et constitue l'élément le plus fondamental afin de fixer des decisions stratégiques. Il en résulte de cela que les grands pays, dirigés par les États-Unis, cherchent à alimenter les conflits entre les pays voisins de la mer de Chine méridionale.

Le conflit sur la mer de Chine méridionale a connu un changement à travers plusieurs phases. Après l’année 2010, les États-Unis est entré directement dans le conflit en encourageant les pays adversaires de la Chine pour se plaigner devant la Cour Internationale d'Arbitrage, comme il s'est produit avec Les Philippines. Outre cela, il y a eu également plusieurs frictions directes entre les États-Unis et la Chine, notamment ce qui s'est passé en 2001 et 2009.

Vu cette réalité, quatre possibilités semblent contrôler l'avenir de la mer de Chine méridionale. Nous en citons :

- Le statu quo: il est basé sur le maintien de la situation telle qu'elle est.

- Redessiner les frontières maritimes: d'une manière à satisfaire les pays en conflit avec des garanties adéquates.

- Affrontement militaire: Ce scénario est considéré comme la scène la plus pire, qui prépare la région à un avenir sanglant.

- Recours à l'arbitrage international: les pays en conflit avec la Chine cherchent une justification légale pour prouver leur éligibilité dans certaines zones de la mer de Chine méridionale et montrer que la Chine est un pays qui ne respecte pas les droits internationaux ce qui peut agraver la situation.

Enfin, il est primordial de mettre en place un cadre global pour résoudre les différences sur la mer de Chine méridionale, d'une manière à garantir les intérêts des pays en conflit et assurer une coopération collective pour exploiter les ressources de cette mer afin de réaliser le développement durable et assurer le bien-être de la population.