الأوضاع الإقتصادية في لبنان خلال الحرب العالمية الثانية

الأوضاع الإقتصادية في لبنان خلال الحرب العالمية الثانية
إعداد: أ.د. بطرس لبكي
أستاذ جامعي خبير إقتصادي

قدمة

إندلعت الحرب العالمية الثانية في صيف 1939 بعد سنين عديدة من الركود الإقتصادي المنطلق من أزمة 1929 العالمية، وبعد اتخاذ أكثرية الدول الصناعية تدابير حمائية لإقتصادها وصناعتها. وتبني أكثرية هذه الدول الديمقراطية منها والدكتاتورية سياسات "كينزية" لتحفيز الإقتصاد من خلال زيادة الإنفاق العام ومن خلال حفز الصناعات الحربية.

من الناحية السياسية كانت عدة حروب سبقت الحرب العالمية الثانية في الصين نتيجة التوسّع الياباني وفي تشيكوسلوفاكيا نتيجة التوسّع الألماني وفي الحبشة نتيجة الإحتلال الإيطالي.

أما في دول المشرق العربي فكانت هذه الدول تغلي بالحركات الوطنية الإستقلالية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ومصر.

وعلى الصعيد اللبناني فكانت الظروف السياسية تتميّز بحركات المطالبة بالإستقلال وعودة الدستور، وكذلك بالمطالبة بتحرير الإقتصاد الوطني في بعض الإمتيازات الأجنبية كحصر التبغ وحماية المؤسسات الإقتصادية الوطنية في عدة قطاعات.

كذلك كانت أكثرية القطاعات الإقتصادية قد خرجت من أزمة 1929 بعضها ضعيف بسبب إرتباطه بالتصدير إلى أوروبا المنهارة إقتصاديا وبعضها منشّط بسبب نموّه العائد إلى ضعف المنافسة الأوروبية لمنتجاته الذي سمح بنمو الإنتاج المحلي.

هذه هي الظروف التي اندلعت من ضمنها الحرب العالمية الثانية وقد أثّرت بشكل أساسي على التطورات الإقتصادية في لبنان من خلال عوامل عدة منها: حاجة الجيوش الحليفة إلى تموين بالسلع المتنوّعة التي حفّزت الإنتاج في مجالات الصناعة والزراعة وحركة خدمات النقل والتجارة والترانزيت والمصارف وغيرها. لكن هذه التطوّرات كانت تجري ضمن أطر مؤسسية حدّدت منذ مطلع الإنتداب الفرنسي على لبنان، وكانت تسمّى بـ”المصالح المشتركة”.
 

1-1 الإطار المؤسّسي للإقتصاد اللبناني في مطلع الحرب العالمية الثانية

"المجلس الأعلى للمصالح المشتركة"

لدى نشوء الإنتداب الفرنسي على ما سمّي "دول المشرق الخاضعة للإنتداب الفرنسي"، والتي أصبحت في المنتصف الثاني من الثلاثينيات الجمهورية السورية والجمهورية اللبنانية، قرّر المنتدب الفرنسي أن ينشىء إدارة إقتصادية واحدة للدولتين في عدة مجالات إقتصادية خاضعة مباشرة للمفوضية السامية في بيروت. وذلك عبر ما سمّي "المجلس الأعلى للمصالح المشتركة". وكان هذا المجلس الكائن في بيروت يضمّ المؤسسات الإقتصادية الأساسية الآتية:

  • إدارة الجمارك التي كانت تشرف على الوحدة الجمركية اللبنانية السورية والتي كانت تشكّل مجالاً واحدًا في التجارة الخارجية يضم الدولتين السورية واللبنانية.
  • مصرف سوريا ولبنان الذي كان إضافة إلى نشاطه كمصرف تجاري يتولّى إصدار النقد (الليرة اللبنانية-السورية) وإدارة السياسة النقدية للمجال اللبناني السوري.
  • إدارة حصر التبغ والتنباك في لبنان وسوريا التي أعطيت إمتيازًا لشركة فرنسية.
  • شبكة السكك الحديدية التي كانت تستثمرها مجموعة من الشركات الفرنسية: شركة دمشق – حماة وامتداداتها التي كانت تستثمر في لبنان خط بيروت رياق – سرغايا وخط رياق – الحدود السورية إلى حمص، وخط طرابلس حمص والمعروفة بـDHP. وجرى في أثناء الحرب العالمية الثانية بناء خط الناقورة – بيروت طرابلس (NBT). وكانت هذه الشركات الفرنسية تحت إشراف مديرية الأشغال العامة بالإتفاق مع مديرية المالية ودائرة الدراسات الإقتصادية التابعة للمفوضية الفرنسية السامية في بيروت. والأمر مماثل بالنسبة لشركات إدارة مرفأ بيروت واستثماره.

هكذا كانت سلطات الإنتداب تسيطر على أهم مفاصل إقتصاد الدولتين اللبنانية والسورية عبر إدارة الوحدة الجمركية والتجارة الخارجية من خلالها، كذلك إدارة النظام النقدي والمصرفي عبر الوحدة النقدية ودور مؤسسة الاصدار في مصرف سوريا ولبنان الفرنسي، وإدارة حصر التبغ والتنباك عبر تلزيمها لشركة فرنسية (الريجي) وإدارة السكك الحديدية والمرافىء.

فكان هناك تعاون بين إدارة “المجلس الأعلى للمصالح المشتركة” التابع للمفوّضية السامية الفرنسية ومجموعة شركات فرنسية تتمتّع بإمتيازات في بعض الحقول: بنك سوريا ولبنان كمؤسسة لإصدار النقد وإدارته، شركة إدارة حصر التبغ والتنباك المتمتعة بإمتياز في مجال إنتاج التبغ والتنباك وتصنيعه وتسويقه وشركات السكك الحديدية وشركات المرافىء.

وعلينا أن نذكر تطوّرات على الصعيد النقدي من خلال الإتفاق الذي عقدته الحكومة اللبنانية مع مصرف سوريا ولبنان عام 1937، لتجديد إمتياز الإصدار والذي فصل العمليتين اللبنانية والسورية ومنح مجال إصدار نقد لبناني على الرغم من السماح بتداول النقدين اللبناني والسوري بالقيمة نفسها في الدولتين. كما نصّ الإتفاق على تعديل إسم مصرف الإصدار من مصرف سوريا ولبنان الكبير إلى مصرف سوريا ولبنان وبقيت العملة اللبنانية كالسورية مرتبطة بالفرنك الفرنسي بسعر صرف /20/ فرنك لليرة.
 

1-2 الوضع الإقتصادي في لبنان على عتبة الحرب العالمية الثانية

كان الإقتصاد اللبناني قد استعاد جزئيًا عافيته في النصف الثاني من الثلاثينيات بعد الكساد الذي أصابه نتيجة الأزمة الإقتصادية العالمية في العام 1929. فالزراعة عادت تسجّل تقدّمًا منذ العام 1934. أما القطاع التجاري الذي أعاقته المادة 11 من إتفاقية الإنتداب التي فتحت أسواقنا للدول الأعضاء في عصبة الأمم من دون المعاملة بالمثل. وقد عوّضت عن ذلك جزئيًا: بعض الإتفاقات التجارية مع الدول المجاورة كفلسطين، والوحدة الإقتصادية والجمركية الفعلية مع سوريا وسوق شرق الأردن الصغيرة، وكذلك برفع الرسوم الجمركية تدريجيًا بدوافع مالية.

أما القطاع الصناعي، فبعد تدهوره حتى 1919 بسبب المنافسة الأوروبية وخصوصًا الإنكليزية، إستعاد هذا القطاع نشاطه منذ النصف الثاني من العشرينيات وحتى 1940 من خلال إستثمار رساميل مهمة في صناعات متنوعة منها: غزل القطن والحرير والصوف ونسيجهم، وحياكة الملابس وخياطتهم، مصانع الإسمنت والقرميد، وحجر "الطوب" (الخفان) والبلاط والقساطل، مصانع الكبريت، والصابون، كذلك المدابغ ومصانع الأحذية، والصناعات الغذائية والكونسروة ومصانع البيرة والكحول والصناعات الخشبية والسجاد والمفروشات ومختلف الصناعات الخفيفة.

لقد عانت أكثرية هذه الصناعات المنافسة الإجنبية على الرغم من الحماية الجمركية، وأصابها الكساد. وقد اندلعت الحرب العالمية الثانية في فترة كان العديد من هذه الصناعات الخاسرة مهدّدة بالزوال.

أما قطاع السياحة والإصطياف والإشتاء، فكان محدود التجهيز والنشاط على الرغم من إمكانات لبنان في هذه المجالات.

كل هذه النشاطات الزراعية والتجارية والصناعية والسياحية لم تكن تؤمّن مصادر دخل كافية للبنانيين، ولم تكن لتؤمّن تغطية عجز ميزاننا التجاري. لكن بعض المصادر الأخرى كانت تؤمّن مصادر دخل إضافية وموارد لتمويل عجز ميزاننا التجاري. وأهمها:

  • إنفاق الجيوش الأجنبية : حوالى 1.35 مليون ليرة تركية ذهبية سنويًا بين 1919 و1939.
  • تحويلات المغتربين والرساميل التي كانوا يوظّفونها في لبنان وكانت تقدّر بمليون ليرة تركية ذهبية، أي ما يعادل مجمل صادراتنا.
  • عائدات توظيف الرساميل اللبنانية في الخارج في محفظات مالية ورساميل موظّفة وأملاك عقارية في الخارج.
  • الجامعات والمدارس والمستشفيات والمؤسّسات الخيرية التي كانت تستجلب مساعدات من الخارج تساهم في توازن ميزان مدفوعاتنا.
  • توظيف رساميل أجنبية في لبنان في مجالات التجهيزات العامة، وهي رساميل ساهمت في توازن ميزان مدفوعاتنا على الرغم من خروج أرباحها وفوائدها واستهلاكاتها.
  • كانت هذه المداخيل كلها تشكّل ما يفوق نصف مستورداتنا.
     

1-3 التطوّرات العسكرية والسياسية في لبنان والمنطقة والعالم وتأثيرها على الوضع الإقتصادي في لبنان

عرفت الأوضاع العسكرية والسياسية تطوّرات جمة في أثناء الحرب العاليمة الثانية غيّرت في النظام العالمي والإقليمي واللبناني.

على الصعيد العالمي وبعد الإنتصارات الأولى لقوى المحور (ألمانيا، إيطاليا، اليابان وحلفاؤهم)، بدأ تراجعها إبتداءً من العام 1941 في سوريا ولبنان على يد القوى البريطانية الزاحفة من فلسطين والأردن وشاركت في هذه الهزيمة قوى "فرنسا الحرة" بقيادة الجنرال ديغول.

وعلى الصعيد اللبناني، إنتصرت القوى الإستقلالية في تشرين الثاني/نوفمبر 1943 بمساعدة الجهات البريطانية الأمر الذي أدى إلى إعلان إستقلال لبنان في 22/11/1943.

ومن نتائج ذلك، إضعاف النفوذ الفرنسي في لبنان وتصاعد النفوذ البريطاني وقد ترجم إقتصاديًا بارتباط الليرة اللبنانية بالليرة الاسترلينية عبر إرتباط الفرنك الفرنسي بالليرة الاسترلينية. وهكذا دخل لبنان تدريجيًا في منطقة الاسترليين لعدة سنوات.

كذلك جرى إلغاء إدارة المصالح المشتركة تدريجيًا منذ أواخر العام 1943، مما سهل نموّ التجارة السورية (على حساب التجارة اللبنانية) المدعومة استيرادًا وتصديرًا من قبل الحكومة السورية.

بعد هذا الاستعراض السريع لأهم المؤثرات على الإقتصاد اللبناني في أثناء الحرب العالمية الثانية ننتقل إلى أهم قطاعات هذا الإقتصاد.
 

2- تطوّر مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي

2-1 تطوّر القطاع الزراعي

سبق لنا وذكرنا إعادة تحرّك القطاع الزراعي إبتداءً من 1934 بعد الصدمة التي أصابته من جراء الأزمة الإقتصادية العالمية. وعلى الرغم من ضعف المعطيات الكمية عن هذا القطاع في أثناء الحرب، يمكننا ذكر ما يأتي:

  • تطوّر فرع إنتاج الفاكهة خلال الحرب: فصادرات الليمون التي كانت تبلغ حوالى 20.000 طن في العام 1939، إرتفعت إلى ضعف هذا الرقم مع أواخر الحرب وذلك بسبب توسّع المساحات المروية في الساحل. أما زراعة الحبوب فكانت تشكّل مكسب عيش حوالى خمس اللبنانيين بسبب الدعم، وأصبحت تغطي بين 25% و30% من حاجات اللبنانيين في أواخر الحرب، على الرغم من ارتفاع كلفة الإنتاج. وكان من الممكن زيادة المساحات المزروعة ثلاثة أضعاف وتحسين المردود وتخفيف الكلفة. وقد جرى دعم هذه الزراعة في أثناء الحرب لتعزيز الإنتاج خوفًا من مآسٍ شبيهة بمجاعة الحرب العالمية الأولى.

اما زراعة الزيتون فكانت تغطي /15.000/ هكتار مزروع فيها 2.5 مليون شجرة وتغطّي حاجات السوق الداخلية بالزيت والزيتون وكذلك حاجات صناعة الصابون وتنتج فائضًا يقدر بـ/3000/ ط، سنويًا للتصدير.

أما زراعة التوت وإنتاج الحرير، فقد استفاقت من كبوتها العائدة إلى الأزمة الإقتصادية العالمية، بسبب طلبات وزارة التموين البريطانية التي حصلت على احتكار شراء الشرانق في لبنان لاستخراج الحرير لإنتاج المظلات الحربية. فقد ساهم ذلك في الحد من تدهور إنتاج الفيالج كما يظهر في الجدول الأول أدناه.
 

الجدول رقم 1- تربية دود القز – عدد العلب الموضوعة في الحضانة ونتاج الفيالج الطازجة

سوريا ولبنان – السنوات من 1938 إلى 1947

 

السنوات

1938

1939

1940

1941

1942

1943

1944

1945

نتاج الفيالج الطازجة

(بالكيلو غرامات)

935,000

814,000

1,200,000

700,000

600,000

612,000

530,000

500,000

عدد العلب الموضوعة في الحضانة

44,900

46,000

44,500

34,000

20,000

20,000

21,000

25,000

 

المصدر : المجلس الأعلى للمصالح المشتركة – دائرة الدراسات الإقتصادية والإحصاءات

مجموعة إحصاآت سوريا ولبنان 1945-1946-1947 – الجزء الثالث – بيروت 1948 – ص 84.

يلاحظ هنا نمو إنتاج الفيالج حتى أواخر العام 1940 وتراجعها في ما بعد.

أما زراعة التبغ فقد أعاق تطوّرها إنشاء إدارة حصر التبغ والتنباك التي كانت على الرغم من ذلك تؤمّن المداخيل المهمة للخزينة. تطوّر الإنتاج كما يأي:
 

جدول رقم 2- تطوّر إنتاج التبغ والتنباك (1941-1945)

السنوات

1941

1942

1943

1944

1945

التبغ بالكيلو

43072

16809

1093

24353

98094

التنباك بالكيلو

173259

141644

49829

49526

124980


المصدر : المجلس الأعلى – مصدر سابق – ص 94.

يتضح هنا نمو إنتاج التبغ بعد العام 1943 وتراجع إنتاج التنباك وذلك حتى العام 1945.

- وأخيرًا، غطّت الزراعات الأخرى كزراعة الخضار والبطاطا والبصل وغيرها حوالى 10.000 هكتار من الأراضي الزراعية الفنية والمروية.

كان حوالى ثلث سكان لبنان يعيشون من الزراعة (على الرغم من تفتت الحيازات) وذلك بشكل كامل. وخمس السكان، بشكل جزئي، حيث الزراعة تسند مصادر أخرى من الدخل.

بخصوص الثروة الحيوانية فقد بلغ حجم القطيع في لبنان أواخر الحرب الأرقام الآتية:
 

جدول رقم 3 – عدد المواشي

 

إبل

حمير

بغال

خيل

خنازير

ماعز

أغنام

أبقار وجواميس

لبنان

2000

26000

6000

8000

1200

500000

21000

24000


المصدر : المجلس الأعلى – مصدر سابق – ص 93.

أما المحاصيل الحيوانية المصدر غير اللحم فقد بلغت آخر الحرب ما يأتي:
 

جدول رقم 4- تقدير المحاصيل الحيوانية المصدر

لبنان

العسل

بمئات الكيلوغرام

البيض

بالآلاف

الصوف الخام

بمئات الكيلوغرام

الحليب

بمئات الكيلوغرام

1945

1,538

65,000

500

250

 

 

 

اما الطاقات الزراعية في لبنان فبلغت في أواخر الحرب ما يأتي:
 

جدول رقم 5- الأراضي المزروعة والأراضي الممكن زرعها

صنف الأرض

أراضي غير مروية

أراضي مروية

مساحات قابلة للزرع ولكنها غير مزروعة

المساحة بالهكتار

195000

30.000

180.000


المصدر : المجلس الأعلى – مصدر سابق – ص 70

ولتطوير هذه الطاقات الزراعية، أنشئت دائرة التسليف الزراعي في شهر كانون الاول/ديسمبر 1943 بموجب المرسوم التشريعي رقم 293/NI. تنحصر مهمة هذه المؤسسة بدرس الوسائل الرامية لتمويل المزارعين اللبنانيين بهدف ازدياد الانتاج الزراعي وتحسينه والقروض مضمونة من قبل الحكومة والأموال مسلفة من شركة التسليف الزراعي وفق إتفاقية معقودة بين الحكومة اللبنانية والشركة المذكورة.
 

2-2: الصناعة وتطورها

ساهمت عدة عوامل في ازدهار القطاع الصناعي في لبنان ونموه في أثناء الحرب العالمية الثانية ومنها:

التوقف شبه الكامل للإتصالات البحرية

ندرة السلع الجاهزة للتصدير في الدول الصناعية الكبرى

الطلبيات الكبيرة الصادرة عن الجيوش المرابطة في البلاد

كل ذلك شكّل حماية وحافزًا غير متوقعين للصناعة في لبنان وعدة بلدان مشرقية، سمحت للصناعة اللبنانية أن تعمل بكامل طاقاتها.

فالصناعات التي أنشئت قبل الحرب، حقّقت أرباحًا كبيرة جدًا خلال الحرب. وحقّقت أغلبية المؤسسات الصناعية اهتلاك منشآتها بشكل كامل وراكمت مخزونات نقدية مهمة.

كما نشأ العديد من الصناعات في أثناء الحرب بسبب الظروف المؤاتية المذكورة أعلاه: كمصفاة النفط في طرابلس، ومصانع الخرضوات والأواني البيتية، والزجاجيات والكرتون والورق والمدابغ والصناعات الغذائية المتنوّعة وصناعات النسيج والخياطة.

لقد أنشئت أكثرية هذه الصناعات بتجهيزات مصنوعة محليًا وصادفت إزدهارًا ملفتًا، بعضها استطاع استرجاع رأسماله بأقل من سنتين.

أما إنتاج مشتقات النفط في مصفاة طرابلس التابعة لشركة نفط العراق (IPC) والتي أنشأها سلاح الهندسة في الجيش البريطاني فقد تطور كما يأتي:
 

جدول رقم 6 – إنتاج مصفاة طرابلس (الكميات بالأطنان)

السنوات

1941

1942

1943

1944

1945

1946

إستهلاك الزيوت المعدنية الخام

99,907

141,505

160,630

190,319

-

226,671


ويشير هذا التطوّر إلى نمو حركة السير والنقل والإنارة بالكازولين وإنتاج الكهرباء والحركة الصناعية حتى بعد إنتهاء الحرب وجلاء الجيوش الأجنبية.

أما صناعة التبغ في لبنان فقد ازداد إنتاج السجاير حتى العام 1945 وانخفض مع جلاء الجيوش الأجنبية وانفتاح السوق للسجاير المستوردة وكذلك الأمر بالنسبة لإنتاج السيكار. أما إنتاج التنباك المعد لمدخني النارجيلة فقد انخفض حتى العام 1944 وعاد وارتفع في ما بعد. كذلك الأمر بالنسبة للدخان المصنوع لسجائر اللف. أما المصانع الثلاثة فلم يزدد عددها لكن عدد عمالها ازداد من 859 عامل في العام 1941 إلى 975 في العام 1947.
 

2-3 قطاع النقل والمواصلات

تطوّر هذا القطاع وفق التطوّر الإقتصادي والسكاني ولحاجات جيوش الحلفاء كما يظهر أدناه:
 

2-3-1 السكك الحديدية

في أثناء الحرب العالمية الثانية، أضيف إلى خط بيروت – رياق – سرغايا – دمشق و رياق – القاع وخط حمص – حماة – حلب وخط طرابلس – حمص (وكانت تديرها شركة DHP)، خط ساحلي بنته الجيوش الحليفة على طول الساحل من الحدود الفلسطينية إلى صور – صيدا – بيروت – طرابلس [1]. ويمكن وصف حركة النقل التجارية للركاب والبضائع وكذلك واردات كل شبكة من الشبكات كما يأي في الجدولين رقم 7 و 8.
 

جدول رقم 7 – حركة النقل التجارية – الركاب والبضائع المنقولة على الخطوط الحديدية (بالآلاف)

سوريا ولبنان – السنوات 1943 إلى 1946

السنوات

الشبكات

البضائع المنقولة

المسافرون المنقولون

الأطنان

العدد

1943

د.ح.ت.

393

555

خ.ح.ح.

170

263

خ.س.ب.

502

140

المجموع

1.065

958

1944

د.ح.ت.

444

556

خ.ح.ح.

121

246

خ.س.ب.

544

136

المجموع

1.109

938

1945

د.ح.ت.

403

427

خ.ح.ح.

225

297

خ.س.ب.

540

114

المجموع

1.168

838

1946

د.ح.ت.

378

450

خ.ح.ح.

173

182

خ.س.ب.

421

111

المجموع

972

743


المصدر: المجلس الأعلى – مصدر سابق – ص 104.

نلاحظ تراجعًا في حركة المسافرين والمسافات التي كانوا يجتازونها بالقطار. أما حركة البضائع فقد ارتفعت حتى 1945 وانخفضت بعد نهاية الحرب. وقد تكون هذه التطوّرات ناتجة عن إنتهاء الحرب وجلاء الجيوش الأجنبية، كما أنها قد تكون ناتجة عن مضاربة النقل بالسيارات والحافلات والشاحنات.

في ما يختص بالنقل العام الحضري، يعكس الجدول رقم 8 إزدياد عدد الركاب بنسبة 33% بين العامين 1943 و1945. يعكس ذلك النموّ السكاني في بيروت ونموّ الحركة الإقتصادية فيها.
 

جدول رقم 8 – المعدّات الثابتة والمتحرّكة والركاب المنقولون

بيروت – من 1943 إلى 1947

 

بيان الشبكات

عدد الركاب المنقولين (بالآلاف)

شركة ترامواي بيروت

30,000

33,000

40,926

37,722

45,884


المصدر: المجلس الأعلى – مصدر سابق – ص 106.
 

2-3-2 حركة المرافئ والملاحة البحرية

تراجعت حركة البواخر في مرفأ بيروت مع مطلع الحرب بين 1939 و1941 وعادت وارتفعت العام 1942 بعد دخول الجيوش البريطانية إلى لبنان. ثم انخفضت في العام 1943 و1944 وحتى 1945 بالنسبة  إلى حركة البضائع.

أما مرفأ طرابلس فقد واجه تطوّرات مختلفة إذ انخفضت حركته جذريا بين 1939 و1941 بسبب الحرب وعادت وارتفعت من دون انقطاع حتى العام 1945 بالنسبة للمستوردات وذلك لأن أغلب البواخر كانت ناقلات نفط ومشتقاته.

أما السفن الشراعية فقد تراجعت حركتها في مرفأي بيروت وطرابلس كالسفن البخارية بخاصة عامي 1941-1942 ولكنها لم تسترجع مستوى نشاطها كالبواخر في السنوات اللاحقة.
 

جدول رقم 9 – حركة مرفأ بيروت وطرابلس

مقارنة دور طرابلس وبيروت وتطوّرهم و والبخاري والشراعي

السنة

حركة البضائع الطن

السفن الداخلة

السفن البخارية الخارجة

السفن البخارية الداخلة

الإستيعاب بالطن

العدد

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

1939

639.059

90.874

416.557

471.461

1.371.341

2.594.763

596 (*)

1.164

1940

-

36.840

-

212.127

550.429

1.029.269

207 (*)

446

1941

-

3.998

-

134.675

45.703

333.994

44 (*)

221

1942

-

9.483

-

268.946

143.598

545.441

144 (*)

423

1943

-

3.110

-

136.633

377.658

548.946

115 (*)

387

1944

1.435.478

 

8.663

-

622.432

255.623

143 (*)

140

1945

-

21.646

-

100.455

879.494

295.115

251 (*)

328

1946

13.499

77.302

29.248

274.260

950.311

1.005.185

369 (*)

880

1947

-

56.924

-

443.785

-

1.622.849

-

1.283

السنة

حركة البضائع الطن

السفن الداخلة

السفن الشراعية الخارجة

السفن الشراعية الداخلة

الإستيعاب بالطن

العدد

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

طرابلس

بيروت

1939

39.904

19.571

14.432

50.839

28.718

36.814

737

964

1940

33.799

13.430

10.328

51.761

23.433

33.899

526

813

1941

10.434

17.104

16.823

48.856

19.298

28.221

494

626

1942

2.065

6.117

5.691

10.979

12.797

17.216

315

453

1943

16.371

7.720

71.540

18.722

18.553

30.409

510

616

1944

219

34.065

4.169

44.738

27.176

38.577

507

629

1945

-

14.944

-

27.073

25.631

30.336

355

437

1946

16.349

9.469

13.289

25.819

14.517

24.392

179

280

1947

-

5.894

-

13.624

-

14.416

-

187

                         

(*) حيث أغلبها ناقلات زيوت فقط

المصدر : "المجلس الأعلى"، مصدر سابق، ص. 107

 

2-3-3 حركة المواصلات: البريد والتلغراف

تطوّر عدد مراكز البريد بشكل محدود جدًا، لكن حجم نشاطها إزداد ما بين 10% و 20% بين 1944 و1945 وكذلك وارداتها. مما يؤشر إلى زيادة حركة البريد والدوريات والطرود.

بخصوص الحوالات البريدية، فالداخلية منها نمت بنسبة 10% سنويًا. أما الحوالات بين لبنان وسوريا فقد ارتفعت بين 1944 و1945 وانخفضت العام 1946. وعلى العكس فقد ارتفعت أعداد رسوم الحوالات البريدية الخارجية ووارداتها بشكل ملحوظ (400% بالنسبة لقيمة الحوالات المسحوبة) و 450% بالنسبة للحوالات بين 1944 و 1946. مما يشير إلى نهوض سريع لحجم هذه الحوالات مع بداية نهاية الحرب وذلك لأسباب عديدة.

وبشأن حركة التلغراف فقد ازداد عدد مكاتبه بنسبة 10% بين 1944 و1946 وزادت حركتها بنسبة 70% من الفترة نفسها على الصعيد الداخلي. أما البرقيات الخارجية فقد تضاعف عدد البرقيات الصادرة وحجمها بين 1944 و1946، كما عدد البرقيات الواردة.
 

3- تطوّر التجارة الخارجية

تطوّرت التجارة الخارجية متأثرةً بظروف الحرب كما سنعرض لاحقًا. مع ملاحظة أن الرسوم البيانية المعروض أدناه هي لأرقام التجارة الخارجية للإتحاد الجمركي اللبناني السوري. وقد قام جبرائيل منسى (رئيس الجمعية للإقتصاد السياسي اللبناني ووكيل وزارة للشؤون الإقتصادية) وهو من أهم من كتب عن الإقتصاد اللبناني في هذه الفترة. (راجع كتابه المذكور في المراجع: التصميم الإنشائي للإقتصاد اللبناني وإصلاح الدولة – منشورات جمعية الإقتصاد السياسي اللبنانية – بيروت 1948)، بتقدير توزّع التجارة الخارجية للإتحاد الجمركي اللبناني السوري خلال الحرب العالمية الثانية كما يأتي:

المستوردات: حصة لبنان: 48% وحصة سوريا: 52%

الصادرات:  حصة لبنان: 25% وحصة سوريا: 75%

هذا هو التقدير الوحيد المتوافر لدينا والمبني على معطيات الجمارك ومصرف سوريا ولبنان ومصادر أخرى وتحليلات الكاتب. وعلينا أن نعتبر أن نصف مستوردات الإتحاد الجمركي اللبناني السوري يعود إلى لبنان وربع صادرات الإتحاد الجمركي اللبناني السوري يعود أيضًا إلى لبنان.

ويتضح من الرسمين البيانين رقم 1 و2 الواردين أدناه أن تجارة الإستيراد تدنت إلى النصف بين 1939 و1941 نظرًا لظروف الحرب وصعوبة المواصلات البحرية والتدني كان أهم بالنسبة للصادرات التي وصلت العام 1942 إلى أقل من 8% من مستواها العام 1939 بسبب صعوبة الملاحة البحرية كما بسبب زيادة الإستهلاك المحلي العائد لوجود الجيوش الحليفة وحاجاتها من السلع المتنوّعة، مما حرّم تجارة التصديرالعديد من سلعها لصالح الإستهلاك المحلي.

 

يتضح أن العجز في الميزان التجاري للإتحاد الجمركي اللبناني السوري قد تضاعف بنسبة 23% بين العام 1939 والعام 1945. سنرى في ما بعد كيف كان هذا العجز يغطى لدى معالجتنا موضوع ميزان المدفوعات.
 

4- تطوّر الأسعار في الداخل
يشير الرسم البياني رقم 3 إلى تطوّر أسعار الجملة والمفرّق ونفقات المعيشة في بيروت بين 1939 و1947 ومن الواضح أن هذه الأسعار إرتفعت بالنسب الآتية:

إرتفاع أسعار الجملة: 72% (بين 30/6/1942 و31/12/1944)

إرتفاع أسعار المفرق: 55% (بين 30/6/1942 و31/12/1944)

كلفة المعيشة: 118% (بين 30/6/1942 و 31/12/1944).

أما أسعار المفرق فقد ارتفعت بين 30/6/1939 و 31/12/1944 بنسبة 775%. مما يشير إلى أن الإرتفاع الأكبر للأسعار جرى من السنوات الأولى للحرب بين 1939 و1942، بسبب إنقطاع التموين بواسطة البحر وضخّ أموال الجيوش الحليفة في الأسواق المحلية تلبية لحاجاتها.

وقد كان لهذا الإرتفاع نتائج إجتماعية سنعالجها في آخر هذه الدراسة.

الرسم البياني رقم 3- الأرقام القياسية لأسعار الجملة، لأسعار المفرق ولنفقات المعيشة في بيروت – السنوات 1939 إلى 1947

المصدر: المجلس الأعلى – مصدر مذكور – ص 22.
 

5- المصارف والنقد

5-1 الوضع المصرفي: مصرف الإصدار، المصارف الأجنبية والمصارف الوطنية

5-1-1 مصرف الإصدار

قبل الحرب بسنتين في 29/5/1937، جدّدت الحكومة اللبنانية الإتفاق مع مصرف سوريا ولبنان الكبير الذي كان بموجبه يقوم هذا المصرف بإصدار النقد، وذلك لمدة 25 عامًا. تغيّر إسم المصرف إلى إسم مصرف سوريا ولبنان، وميّز الإتفاق بين الليرة السورية والليرة اللبنانية. وكان هذا التمييز نظريًا لأن الليرة اللبنانية والليرة السورية ظلّتا تستعملان بحرية عن الدولتين كأنها عملة واحدة وذلك بسبب الوحدة الجمركية وأيضًا إرتباط النقدين بالنقد الفرنسي (20 فرنك فرنسي يساوي ليرة واحدة). وأدخل الإتفاق الجديد بعض التعديلات على عناصر التغطية للنقد.
 

5-1-2 المصارف الأجنبية

كان مصرف سوريا ولبنان بالإضافة إلى دوره كمؤسسة إصدار يضطلع بدورٍ أساسيٍ لتمويل الإقتصاد كمصرف تجاري. وكان له عشرة فروع، يضاف إليه مصارف أجنبية أخرى:

المصرف الفرنسي السوري وكان له أربعة فروع (فرنسي)

بنك دي روما وكان له ستة فروع (إيطالي)

البنك العقاري الجزائري التونسي وكان له أربعة فروع (فرنسي)

الشركة الجزائرية وكان لها فرعان (فرنسي)

البنك الوطني للتجارة والصناعة (فرنسي)

البنك العربي (فلسطيني) الذي فتح فرعه في لبنان العام 1944.
 

5-1-3 المصارف الوطنية

أحصت نشرة مكتب الإحصاءات في 24/5/1940 إضافة إلى المصارف الأجنبية ستة مصارف لبنانية و89 مؤسسة تعاونية للتسليف، نذكر منها: مؤسسة إلياس وإبراهيم صباغ، حكيم إخوان، إميل يوسف تابت، جرجي طراد وأولاده، ربّاط وشركاه، فرعون وشيحا، موسى فريج، مخايل طراد ونخلة تويني، حنا عودة وبنك اسكندر حداد، وبنك مصر سوريا ولبنان. وكانت تتمركز في بيروت وطرابلس وصيدا وصور وزحلة.
 

5-2 التطوّرات النقدية والمصرفية وبعض نتائجها

بسبب ضخ أموال الجيوش الحليفة (التي شكّلت 70% من مداخيل لبنان الخارجية، كما سنرى لدى استعراضنا لميزان المدفوعات)، إرتفع حجم النقد المتداول وودائع المصارف بين عامي 1939 و1945 عشرة أضعاف، كذلك إرتفعت أسعار الجملة والمفرّق وكلفة المعيشة (كما ذكرنا سابقًا) وارتفع سعر الذهب:
 

جدول رقم 11- تطوّر مؤشرات النقد والأسعار والودائع في سوريا ولبنان

حزيران

النقد المتداول

ودائع المصارف

أسعار الجملة

أسعار المفرق

غلاء المعيشة

سعر الذهب

1939

100

100

100

96

100

113

1940

154

132

135

126

-

261

1941

267

114

290

271

-

203

1942

385

239

631

500

275

261

1943

584

503

860

671

419

379

1944

761

732

913

716

537

284

1945

980

982

1019

731

562

333


المصدر: عشي وعياش – مرجع سابق – ص 46

للدلالة على أهمية هذا الإنفاق الذي قدر بـ /800/ مليون ليرة في أثناء الحرب العالمية الثانية، يجب أن نذكر للمقارنة أن كل النفقات المدنية والعسكرية للسلطات الفرنسية في المشرق لم تتجاوز /11/ مليون ليرة في العام 1938. بالإضافة إلى أموال الجيوش البريطانية، تأثّرت الليرة اللبنانية بالأوضاع الصعبة للنقد الفرنسي، إذ أصبح هذا الأخيرغير قابل للتحويل إلى ذهب بسبب فرض الحكومة الفرنسية رقابة على القطع إثر إندلاع الحرب في العام 1939. ومنعت عمليات القطع بين الفرنك والعملات الأخرى بما فيها الجنيه الاسترليني. لكن بعد إنسحاب جيوش ڤيشي في العام 1941 وانتصار الجيوش البريطانية وحلفائهم الديغوليين جرى في أيلول/سبتمبر 1941 ربط الليرة اللبنانية بالجنيه الاسترليني عبر الفرنك الفرنسي. وأصبحت الليرة اللبنانية قابلة للصرف إلى جنيه الاسترليني. إلا أن هذا لم يمنع تدهور الليرة مع الفرنك وخسارة قدرتها الشرائية.

كذلك قيّدت الحكومة الفرنسية حركة الرساميل وعمليات التجارة الخارجية وعمليات الذهب وأخضعت عمليات القطع إلى الدولة بأسعار محدّدة من قبل الدولة. ومنعت تحويل الأموال إلى الخارج.

وقد تأثرت الليرة بالأوضاع والتدابير الفرنسية المذكورة بسبب ارتباطها بالفرنك. أضف إلى ذلك عوامل محلية أهمها نموّ الكتلة النقدية التي ذكرنا، واستفحال المضاربة بهدف إستفادة البعض من ظروف الحرب (القيود على التجارة الخارجية وعلى القطع) لتخزين البضائع من أجل بيعها بأسعار أعلى.وسبّب كل ذلك إرتفاعًا متسارعًا لمعدّل التضخّم ترجم بارتفاع الأسعار (الجملة والمفرق) وارتفاع سعر الذهب، كما إلى ارتفاع حجم الودائع المصرفية الذي ذكرنا اعلاه.

ويشير الرسمين البيانين رقم 4 و 5 إلى ارتفاع سعر الذهب بين 1939 و1947 وارتفاع حجم الأوراق النقدية المتداولة في نفس الفترة.
 

الرسم البياني رقم 4- المتوسط السنوي لسعر الليرة الاسترلينية الذهبية في بورصة بيروت

لبنان – السنوات 1939 إلى 1947.

 

الرسم البياني رقم 5- المتوسط السنوي لحجم أوراق النقد المتداولة في سوريا ولبنان (بملايين الليرات اللبنانية او السورية)

سوريا ولبنان – السنوات 1939 الى 1947

 

5-3- محاولات مكافحة التضخم وارتفاع الأسعار

إزاء هذه الأزمة، تدخّلت السلطات الفرنسية مرارًا للحدّ من تدهور النقد في مقابل الذهب والعملات الأجنبية وللحد من المضاربة. فلجأت إلى التقنين وتسعير بعض المواد الغذائية الأساسية إضافة إلى تدابير نقدية مثل إنشاء مكتب للقطع وتقييد التسليفات وكذلك منع تحرير الإلتزامات بالذهب في مجمل العقود وكذلك استعمال الذهب كضمانة للتسليف.

لكن هذه التدابير لم تكن كافية، لأن الطاقة الإنتاجية للإقتصادين اللبناني والسوري لم تكن كافية لتغطية حاجات السكان، في ظروف لم يكن الإستيراد مباحًا وكان تخزين البضائع من أجل المضاربة مبالغًا فيه. لذلك تابعت الأسعار ارتفاعها. ففي هذه الظروف المتسمة بالندرة ومحدودية الإستيراد، تدفقت أموال الحلفاء (بريطانيا وفرنسا الحرة) بأحجام ووتائر تفوق نموّ الخدمات والسلع المتاحة. مما جعل ميزان المدفوعات بفائض دائم. وكانت هذه الأموال تتشكّل من نفقات الجيوش الحليفة ودعم “صندوق فرنسا الحرة وراء البحار” لمصلحة الحبوب. وهي تغذّي كميات النقد المتداول وكذلك الودائع في المصارف. وللجم المضاربة وكثرة وسائل الدفع وارتفاع الأسعار لجأت السلطات إلى تدابير عدة منها:
 

تنظيم سياسة الحسم

حصرت المفوضية السامية عملية حسم السندات ببعض الأشخاص المسموح لهم بذلك، ولسندات يقل أجلها عن ثلاثين يومًا، إلا بحالات إستثنائية حيث تبت فيها لجان الحسم. وكذلك رفع مصرف سوريا ولبنان سعر الحسم إلى المستوى الأقصى المسموح قانونًا للحدّ من إصدار النقد الكتابي من قبل المصارف التجارية. ولكن هذه التدابير لم تكن فاعلة لأن ارتفاع أسعار الحسم كان ينقل إلى المدينين الذين كانوا يعكسونه برفع الأسعار أي التضخم.
 

تنظيم سوق الذهب

كانت أسعار الذهب ترتفع بعد كل انتصار ألماني وتنخفض بعد كل انتصار إنكليزي، عاكسة مخاوف أصحاب الأموال وتطميناتهم وذلك بين 1939 و1942. ومن أجل تعقيم الذهب بأيدي الجمهور، منعت المصارف والمصرفيين والصيارفة وكل مؤسسات التسليف على أنواعها من منح تسهيلات مضمونة بذهب بكل أشكاله وكذلك بمنع استعماله كضمانة، ومنع الإتجار بالذهب في عمليات لأجل محدّد.

كذلك لتشجيع إقتناء الذهب وتخفيف إقتناء النقود، سمحت السلطات بإستيراد الذهب وشرّع مصرف سوريا ولبنان ببيع الذهب كسبائك وكنقود، مما سمح بإنخفاض سعر الذهب.
 

تدابير في مجالات القطع والضريبة لامتصاص الفائض النقدي

 إبتداءً من أيار/مايو 1943، سمح مكتب القطع ببيع عملات عائدة إلى منطقة الاسترليني (جنيه استرليني، جنيه مصري، جنيه فلسطيني، إلخ...) من المواطنين الراغبين للتخفيف من تداول الليرة.

كذلك أنشأت السلطات في لبنان ضريبة على أرباح الحرب عام 1942 من أجل امتصاص السيولة.
 

5-4 التطوّرات النقدية بعد الإستقلال: إتفاق 25/1/1944

وقّع كل من لبنان وسوريا إتفاقًا نقديًا مع فرنسا وبريطانيا، هدف إلى رفع سعر صرف الليرة نسبة للفرنك وتثبيته نسبة للاسترليني.

كذلك تعهّدت فرنسا لدى كل تخفيض للفرنك بزيادة موجودات مصرف سوريا ولبنان ومكتب القطع بالفرنك نسبة التخفيض نفسها وقد احترمت فرنسا هذا التعهّد لدى تخفيض عملتها في تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر 1945. واستمرت أعمال الصرف تسير باتجاه منطقة الاسترليني.

وكذلك تعهّدت فرنسا بإرجاع الذهب الذي كانت سلطات ڤيشي (المتحالفة مع ألمانيا النازية) قد نقلتها إلى فرنسا. وفي آذار/مارس 1946 ولدى تحديد مكتب القطع البريطانية الإستمرار بسماح شراء نقود في منطقة الإسترليني بالليرات اللبنانية والسورية، إزداد سعر الاسترليني بالنسبة للفرنك. ولم تعد الحكومة الفرنسية تستطيع الإستمرار في التزاماتها تجاه سوريا ولبنان بموجب إتفاق 1944. فألغت الإتفاق الموقّع مع سوريا ولبنان من طرف واحد، ممهدة الطريق أمام حل الوحدة النقدية السورية اللبنانية وكذلك الوحدة الجمركية وتحرير النقد اللبناني من ارتباطه بالفرنك الفرنسي وتحرير سوق القطع في لبنان، وذلك ضمن الإتفاق الموقّع بين لبنان وفرنسا في 6 كانون الثاني/يناير 1948(19).
 

6- تقديرات ميزان المدفوعات وتطوّره

إستطاع جبرايل منسى أن يستخرج من تقارير مصرف سوريا ولبنان الرسمية المرفوعة إلى الجمعية العمومية في 3/7/1945 المعطيات المتعلّقة بتقدير ميزان المدفوعات اللبناني لفترة 1939-1944:

جدول رقم 12- ميزان مدفوعات لبنان 1939 – 1944 بملايين الليرات اللبنانية

 

الخارج

الداخل

التجارة الخارجية الرسمية

المستوردات

الصادرات

243

40

 

التجارة الخارجية غير المنظورة

المستوردات

الصادرات

10

20

التجارة البينية اللبنانية السورية (الأرصدة)

ميزان المنتوجات المحلية

ميزان المدفوعات المستوردة بأسعار الأستيراد

ميزان أرباح المنتوجات المستوردة

300

45

70

 

مصارفات الجيوش الحليفة وغيرها من المداخيل المعلومة

 

850

إرساليات المهاجرين

 

102

توظيف الأموال في الخارج وغيره من الأموال الخارجة المعلومة

30

 

إستيراد الذهب والحجارة الكريمة

14

 

إزدياد الأوراق النقدية المتداولة والودائع

250

 

ميزان مصارفات الأفراد بين سوريا ولبنان

 

60

ميزان توظيف الأموال بين سوريا ولبنان

 

100

المجموع

1172

1172


المصدر: جبرائيل منسى "التصميم الإنشائي للإقتصاد اللبناني وإصلاح الدولة" منشورات جمعية الإقتصاد السياسي اللبنانية – بيروت – 1948 – ص 35.

يتضح من هذا الجدول أن لبنان في اثناء الحرب العالمية الثانية، إستطاع أن يغطي حاجات المقيمين فيه من السلع المستودرة وتوظيفاته في الخارج من خلال مصاريف الجيوش الحليفة وإرساليات المهاجرين ورصيد نفقات السورييين في لبنان ورصيد توظيف الأموال بين سوريا ولبنان.
 

7- المالية العامة في لبنان في أثناء الحرب العالمية الثانية

موازنة الجمهورية اللبنانية

يتضح في الجدول التالي أن المالية العامة للبنان كانت تسجّل فائضًا سنويًا تضاعف عشرين ضعفًا بين 1939 و1945. أما الواردات فقد تضاعفت ثمانية أضعاف في الفترة نفسها والنفقات حوالى ستة أضعاف: وهكذا تكون الدولة قد أدّت دورًا في امتصاص الفائض النقدي المتزايد في هذه المرحلة.

جدول رقم 13 : تقديرات الواردات والنفقات ونتائج قطع حساب موازنة الدولة اللبنانية 1923-1945 (بالآلاف الليرات اللبنانية)

السنوات المالية

الفائض من الواردات

نتائج قطع حساب

تقديرات الواردات والنفقات

النفقات

الواردات

الأصلية والإضافية

الأصلية

1939

1.121

6.370

7.490

7.310

6.369

1940

2.659

6.115

8.774

7.325

6.510

1941

2.940

7.382

10.322

8.158

6.635

1942

4.537

12.116

16.653

14.281

12.505

1943

7.508

21.672

29.180

26.026

21.420

1944

10.217

27.667

37.884

35.211

34.024

1945

23.274

35.921

59.195

47.227

43.765


المصدر : المجلس الأعلى – مرجع مذكور - ص 173 – نقلاً عن وزارة المالية اللبنانية.

إن هيكلية موازنة لبنان في العام 1945 (الجدول 14 أدناه) تشير إلى أن حوالى 60% من الواردات هي من الضرائب غير المباشرة التي تصيب الفقير كما الغني. أما النفقات فربعها يذهب إلى وزارة الداخلية (درك، شرطة، أمن عام) أما أقل من خمسها يذهب إلى وزارة الأشغال العامة (طرق، مباني عامة، مياه، كهرباء ...) وأقل من 10% إلى وزارة الدفاع (الجيش). ويشكّل فائض الموازنة حوالى 40% من مجموع الواردات.

وكل هذا يشير إلى دور إقتصادي وإجتماعي سلبي لمالية الدولة التي كانت تجمع الأموال بأكثرها من المتوسطي الحال والفقراء وتصرف فقط 65% مما تجمع وتنفق 35% على الجيش وقوى الأمن و 8% على التربية و6% على الصحة العامة و2.5% على الزراعة (التي كان يعتاش منها نصف اللبنانيين).
 

جدول رقم 14: موازنة الجمهورية اللبنانية لسنة 1945 (بآلاف الليرات اللبنانية)

تبويب الموازنة

قطع حساب

الواردات

 

الضرائب المباشرة

7.467

الضرائب غير المباشرة

32.538

حاصلات أملاك الدولة

1.083

حاصلات مصالح الإستثمار الصناعي

2.350

واردات منوّعة

7.210

واردات مخففة للنفقات

160

مأخوذات من مال الإحتياط

3.963

الواردات المخصّصة لتغطية نفقات الجيش

3.424

مأخوذات من حاصلات الضريبة

1.000

مجموع الواردات

59.195

النفقات

 

رئاسة الجمهورية

444

مجلس النواب

486

رئاسة مجلس الوزراء

232

وزارة المالية

2.435

وزارة الداخلية

8.875

وزارة الخارجية

586

وزارة العدلية

2.370

وزارة الاشغال العامة

6.970

وزارة التربية الوطنية

3.096

وزارة الاقتصاد الوطني : التموين

372

وزارة التجارة والصناعة

294

وزارة الزراعة

910

وزارة البريد والبرق

1.504

وزارة الدفاع الوطني

3.238

وزارة الصحة والاسعاف العام

2.003

الديون المستحقة

1.828

نفقات السنين السابقة

276

إحتياطي لنفقات غير منتظرة

-

مجموع النفقات

35919

موازنة إدارة المصالح المشتركة في العام 1945 وحصة لبنان منها

شكّلت واردات هذه الموازنة 19 مليون ليرة جلّها من الجمارك، أما النفقات (3.9 مليون ليرة) فأكثرها نفقات إدارة الجمارك. حصة لبنان من هذا الفائض 44% أي 6.8 مليون ليرة بينما فائض موازنة الجمهورية اللبنانية إرتفع إلى حوالى 24 مليون ليرة في العام 1945 أي حوالى أربعة أضعاف فائض المصالح المشتركة. كان يوزّع هذا الفائض بنسبة 56% على الجمهورية اللبنانية وبنسبة 44% على الجمهورية السورية.
 

8- تقديرات الدخل الوطني عام 1945

ذكر الباحث الإقتصادي الدكتور توفيق كسبار رقم 700 مليون ليرة البنانية كدخل وطني في العام 1945 نقلاً عن دراسة للبروفسور ألبير بدر و منظمة التغذية والزراعة (FAO) في العام 1959 ص 13 –II

Lebanon Country Report, FAO, Mediterranean Project - Rome : FAO – 1959

وكان هذا التقدير بالأسعار الجارية.
 

9- السكان، البنية الإجتماعية وتوزيع الدخل

قدّر جبرائيل منسى (في كتابه "التصميم الإنشائي للإقتصاد اللبناني وإصلاح الدولة" – المذكور سابقًا ص 21-23) أن:

"عدد سكان لبنان حوالى 1.100.000 شخص نصفهم يعيش في المدن ونصفهم في الأرياف. 140.000 منهم ملاكون، أكثر من 100.000 عمال (عدا العمال الزراعيين) 40.000 منهم موظفون في القطاع الخاص، و13.000 في القطاع العام بما فيه القوى المسلحة.

هذا التركيب الإجتماعي يشير إلى أن هناك حوالى نصف مليون من صغار الملاكين وأسرهم وأن الأكثرية الساحقة من اللبنانيين من الفئات المحدودة الدخل والعمال اليدويين وأصحاب الدخل المحدود.

أما عدد اللبنانيين الذين يفوق دخلهم السنوي الـ100.000 ليرة لبنانية فعددهم لا يفوق المئة شخص. إن الدخل الوطني الإسمي إرتفع كثيرًا في أثناء الحرب : هناك حوالى 50.000 عامل وشغّيل لبناني عملوا بشكل شبه دائم خلال الحرب لمدة تفوق الأربع سنوات في خدمة الجيوش الحليفة وفي المؤسسات العاملة للمصلحة العسكرية.

لكن غياب سياسة إقتصادية ومالية مناسبة جعلت أكثرية الأرباح المهمة التي تحققت تصبّ بالنهاية في زيادة ثروات بضع مئات من التجار والصناعيين ورجال الأعمال وبعض أصحاب الصفقات.

إن الثروات الضخمة والمتوسطة التي تراكمت في لبنان خلال الحرب حوّلت إلى مبانٍ وذهب وسندات وتوظيفات في الخارج (من 25 إلى 30 مليون جنيه استرليني) وإلى عملة لبنانية ورقية (أكثر من نصف الـ600 مليون ليرة المكونة للعملة الورقية والودائع المصرفية الموجودة أواخر العام 1944).

لكن الحرب شكّلت تجربة قاسية بالنسبة للطبقات الوسطى غير التجارية ولأصحاب المداخيل الثابتة (ملاكين، موظفين في القطاعين الخاص والعام، متقاعدين، مهن حرة). كما أن العمال اليدويين وعلى الرغم من الإرتفاعات الكبيرة التي أصابت أجورهم والتي بلغت خمسة أضعاف مستواها في أول الحرب، فلم يتسنَ لهم تكوين إدخارات، لكنهم تمكّنوا من المحافظة على مستوى مقبول من المعيشة.

فالحرب أطاحت بشكل قوي بموارد معيشة الطبقات الوسطى في المجتمع اللبناني ومستواها وأدّت إلى وجود طبقتين فقط: الميسورون وأصحاب المداخيل المحدودة”. وهي حالة يعتبرها جبرائيل منذرة بمخاطر واضحة.

المراجع
 

  • Eleuthère Elefteriades, "Les chemins de fer en Syrie et au Liban",Etude historique, financière, et économique, Beyrouth 1944, p. 291 -308
  • Abriel Menassa, "Plan de reconstruction de l’économie libanaise et de réforme de l’Etat", Editions Société Libanaise d’Economie Politique,  Beyrouth 1948 p. 10
  • Oussama Chahine, "La monnaie dans l’espace actuel libanais (1800-1964)", Thèse de doctorat de 3ème cycle, Université de Lyon II,  UER Département de Sciences Economiques et de Gestion, Lyon, 1981,  p. 106 – 133
  • Emile Ghattas, "Monetary System of Lebanon", Librairie du Liban p. 75-78 -1968-Beyrouth Oussama Chahine, op cit, p. 106-109
  • جورج عشي وغسان العياش، "تاريخ المصارف في لبنان"، منشورات بنك عوده، بيروت، 2001،  ص. 57-60
  • جورج عشي وغسان العياش، المصدر السابق،  ص. 29-67-68
  • جورج عشي وغسان العياش،  المصدر السابق،  ص. 45-47
  • توفيق كسبار، "إقتصاد لبنان السياسي، 1948-2002، في حدود الليبيرالية   
  • الإقتصادية"، دار النهار، 2005، ص. 314-315315

 


[1]-     Elefteriades, op cit معلومات مشتقة من قبل المؤلف من مصادر مختلفة

“The Economic situation in Lebanon during World War II”

World War II broke out in the summer of 1939 after many years of economic recession that started with the 1929 International crisis and after most industrial nations took preventive measures to safeguard their economies and industries. On the political side, many wars had preceded World War II. However, in the Orient, the region’s nations were simmering with independence movements such as Iraq, Lebanon, Palestine, and Syria. In Lebanon, the political conditions are distinguished with independence movements, the return of the constitution and the calls to liberate national economy from Capitulations. Furthermore, the majority of economic sectors had emerged from the 1929 crisis either weak due to their exports to Europe which was economically collapsed or vitalized thanks to the growth that is related to weak European competition which facilitated the growth of local products.
These were the circumstances which mainly affected the economic developments in Lebanon within an institutional framework defined since the beginning of the French mandate in Lebanon as the “joint interests”.

La situation économique au Liban lors de la Deuxième Guerre Mondiale

La Deuxième Guerre Mondiale a éclaté durant l’été de l’année 1939, après plusieurs années de stagnation économique suite à la crise mondiale de 1929, et après une série de mesures de protection prises par la plupart des pays industriels pour protéger leurs économies et leurs industries. Du côté politique, plusieurs guerres ont précédé la Deuxième Guerre Mondiale. Quant aux pays du Levant arabe, ces derniers étaient secoués par les mouvements nationaux d’indépendance en Iraq, en Syrie, au Liban, en Palestine et en Egypte.
Au niveau libanais, les circonstances politiques se distinguaient par des mouvements réclamant l’Indépendance, avoir recours à la Constitution et la libération de l’économie nationale du régime des capitulations. Certains secteurs économiques étaient également sortis faibles de la crise de 1929, en raison de leur engagement à l’exportation vers l’Europe dévastée économiquement, d’autres étaient plus actifs par leur développement dû à la faiblesse de la compétence européenne de leurs produits, fait qui a permis à leur production locale de se développer.
Ces circonstances ont essentiellement influencé les développements économiques au Liban et qui se produisaient selon des cadres institutionnels définis depuis le mandat français sur le Liban, et qui fut nommé «les intérêts communs».