ما العمل؟

الإيجابية: السلاح الأقوى لمواجهة الضغوط النفسية
إعداد: روجينا خليل الشختورة

ممّا لا شك فيه أنّ الأوضاع المعيشية الصعبة التي نمرّ بها تضعنا تحت كمّ هائل من الضغوط التي ترهق أعصابنا. فكيف يمكننا المواجهة والصمود أمام المصاعب ومنعها من تدميرنا؟


يؤكّد الاختصاصي في علم النفس الإيجابي ميلاد حدشيتي لمجلة «الجيش» أنّ المرونة النفسية هي الحلّ، وهي تُختصَر بقدرة الفرد على تخطي الصعاب للوقوف مجددًا بعد العاصفة، فيعود إلى حياته الطبيعية قوّيًا غير منكسر.

 

التفاؤل والتركيز على الحلّ
ينظر الإنسان المرن إلى الأزمات التي تواجهه بتفاؤل ويعتبرها فرصة تمكّنه من التطوّر والتكيّف مع المشكلات، وتزوّده القدرة على التحمّل. يعتقد البعض أنّ التفاؤل في ظلّ الأزمات أمر سطحي وبعيد عن الواقعية، لكن في الحقيقة يكمن التفاؤل في تفسير المشكلة بطريقة بناءة ومفيدة. فالمتفائل يتعامل مع المشكلة على أنها ظرفية مهما كانت صعبة، وهذا ما يسهّل مواجهتها.
ويؤكّد حدشيتي أنّ الإنسان يميل بشكل عفوي للاتجاه إلى المشكلة وينسى التركيز على الحلّ الذي ينبغي أن يشكّل محور الاهتمام في الأزمات. ففي ظلّ أزمة كورونا مثلًا، نتابع الأخبار على التلفاز وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ليلًا نهارًا، ويتمحور اهتمامنا حول تداعيات هذا الفيروس، وننسى أننا في أمان كوننا نلتزم الحجر المنزلي. إذًا من الأفضل ألا نغرق بالأفكار السوداء وأن نوجّه انتباهنا إلى أمور أخرى فنشغل أنفسنا بأفكار إيجابية. وهنا يشير حدشيتي إلى ما يُعرَف بـ«التنبيه الذهني» وهو تمرين تنفّس يساعد على الرجوع إلى الحاضر، واستجماع الأفكار التي اتّجهت نحو المستقبل. وهناك أيضًا تمارين لتشغيل الحواس الخمس مثل الكتابة والرسم والمشي بالطبيعة والانشغال بالطبخ وغيرها.
 

الأفكار والمشاعر الإيجابية
يعتقد البعض أن التفكير الزائد بأي مشكلة تعترضهم يوصلهم إلى حلّها وهذا تفكير خاطئ وفق حدشيتي، وهو يشير إلى أنّ الإنسان المرن يركّز على الأفكار البنّاءة وليس على الأفكار السلبية التي قد تسبّب له ضغطًا نفسيًا كبيرًا. وهو ينصح بعدم تصديق النظريات السلبية، لا سيما إذا كانت غير مبنية على حقائق وإثباتات.
القلق والخوف والشعور بالذنب مشاعر مزعجة تسبّب لنا أمراضًا كثيرة أهمها الضغط النفسي، ويجب استبدالها بمشاعر إيجابية كالشعور بالامتنان والافتخار والفرح والصفاء، هذه المشاعر الصغيرة علينا أن نبحث عنها بأنفسنا فهي وإن لم تدم لوقت طويل تمدّنا بالطاقة والراحة.

 

السلوكيات البنّاءة والحوافز
الاعتماد على سلوكيات بنّاءة كالقراءة، ونَشِطة كممارسة الرياضة أو الزراعة، يساعد الإنسان على تخطي الأزمات التي تواجهه، أما السلوكيات الهدّامة، كالغضب والصراخ، والاستراتيجيات السلبية كالانطواء والانزواء، فتزيد من حدّة الأزمة. أضف إلى ذلك الحوافز التي تساعدنا على مواجهة أي مشكلة تعترضنا بطاقة أكبر، فالإنسان المرن يضع أمامه حوافز وأهدافًا يسعى لتحقيقها فلا يستسلم ويقع ضحية اليأس.

 

التواصل العائلي والاجتماعي
التواصل مع العائلة والأصدقاء وخلق روابط اجتماعية من أهمّ الوسائل لتخفيف الضغط النفسي، وبالتالي تشكيل نظام الحماية والدعم الذي يساعد في تشتيت الانتباه عمَّا يُؤَرِّق، إضافةً إلى توفير الدعم والمساعدة على تحمُّل تقلُّبات الحياة. لذا، علينا أن نعزّز علاقاتنا بالآخرين. فنجان قهوة مع صديق أو مراسَلَة قريب عبر الإنترنت، من الأمور البسيطة التي تخفّف عنا وطأة الضغوط.
وفي الختام يرى حدشيتي أنّ كل مشكلة تعترضنا تعطينا فرصة للتعلّم منها ومن تجاربها. إذًا علينا أن نتنبه لما اكتسبناه بعد أي مشكلة، هو ما يُعتبر جزءًا ناميًا من شخصيتنا، وأن نتعلم من كل محنة كي نستعيد عافيتنا النفسية.

 

تمارين التنفّس
يفيد موقع Focus.de، بأنّ توماس لوي، أستاذ علم النفس الجسدي والعلاج النفسي في مستشفى جامعة ريجنسبورغ، يقول: «تجعلنا الحياة اليومية في حالة توتر، ولكن بمساعدة خدعة بسيطة يمكننا تجنب هذا التوتر». ويقترح لوي تعلم طريقة بسيطة للتنفس تعتمد على استمرار عملية الشهيق أربع ثوانٍ، والزفير سبع ثوانٍ مع تكرارها عدة مرات، لأن عملية التنفس هي القاسم المشترك لجميع طرق الاسترخاء. وهذا يساعد كثيرًا في حالات التوتر النفسي المزمن والقلق الحاد وحالات اضطراب النوم.
ويقول: «من المهم أن تكون مدة الزفير دائمًا أطول من مدة الشهيق، كما أنّ هذه التمارين يجب أن تتكرر». لذلك يقترح استمرارها لمدة ١١ دقيقة لغالبية الناس، أما استمرارها لمدة ربع ساعة فيؤدي إلى استرخاء الجميع تقريبًا.
ويضيف البروفيسور لوي: «هذه الطريقة في التنفس تستخدم في رياضة اليوغا أيضًا، لأن ميزتها تكمن في سهولة استخدامها في حياتنا اليومية». لذلك يقترح تكرارها عدة مرات في اليوم للتخلص من التوتر النفسي.