الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط: التغيير في الأولويات؟

الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط: التغيير في الأولويات؟
إعداد: أ.د أمين لبوس
أستاذ في الحقوق في الجامعة اللبنانية

المقدّمة

"لن تصبح أوروبا دولة موحدة، لكنها ستكون منظمة ذات أجهزة تشريعية متكاملة تستطيع من خلالها الدول الأعضاء اعتماد سياسة دفاعية وخارجية مشتركة"[1] بحسب تأكيد خافيير سولانا، المنسق السابق للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي.

يؤدي الاتحاد الأوروبي دورًا رئيسًا على الساحة الدولية، وله مسؤوليات ومصالح أمنية واقتصادية على الصعيدَين الإقليمي والعالمي. من خلال سياسته الخارجية المشتركة، يحاول الاتحاد الأوروبي أن يتكلم بصوتٍ واحد في المسائل الدولية التي تمس مصالحه. فمنذ اتفاقية روما في العام 1957، تسعى الدول الأوروبية لوضع سياسة أورو - متوسطية، قائمة على المصالح المشتركة ما بين الدول الغربية بمرحلةٍ أولى ومن ثم بين ضفتَي المتوسط، خصوصًا في مجالات الأمن والتعاون ونشر قيم دولة القانون.

إن لمنطقة الشرق الأوسط أهمية بالغة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهو يؤدي دور الوسيط لدعم عملية السلام في الشرق الأوسط، واعتراف الدول الأعضاء بضرورة إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في مباحثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في وقت كانت فيه منظمة التحرير الفلسطينية تُعد منظمة إرهابية بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، كذلك يعمل الاتحاد الأوروبي مع جيرانه في جنوب البحر المتوسط وشرقه، على تحقيق الرخاء الاقتصادي والحوكمة الرشيدة، وينشط اليوم على دعم الحلول السلمية بين دول الخليج، وفي سوريا، العراق وليبيا.

ولكن وعلى الرغم من مبادراته المتعددة، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق تقدّم كبير نحو تطبيق أهداف سياسته الخارجية في المنطقة. فالفقر والبطالة لا يزالان منتشران في معظم الدول العربية المشاطئة للبحر المتوسط، والعبور إلى دولة القانون وإجراء الإصلاحات السياسية المطلوبة لا يزالان بطيئين، كما أن النزاعات والحروب المختلفة التي تهدد الشرق الأوسط لا تزال قائمة.

إن هيكلية الاتحاد الأوروبي لا تساعد على أخذ القرارات بشكلٍ سريع، لأن لكل دولة مكونة للاتحاد الأوروبي سياسة ومصالح مختلفة عن بعضها البعض. فالقرارات التي تصدر، والمواقف التي تتخذ ضمن الاتحاد الأوروبي، تكون في معظم الأحيان ترجمة لمصالح الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي، فتعمل على تطبيق سياستها لا سياسة الاتحاد الموحدة. كما إن النظام الداخلي للاتحاد الأوروبي يعطي الدول حق الفيتو عندما تتعلق القرارات بالسيادة، وذلك يعطّل تشكيل أي استراتيجية موحدة.

مع بداية الثورات العربية، تراجع تأثير السياسات الأوروبية ونفوذ الاتحاد على دول الجوار. كان حضور الاتحاد ضعيفًا، ودعمه للتغيير كان أقل من المتوقع، ما أدى إلى استمرار الانتقادات الموجهة للسياسات الأوروبية من قوى المجتمع المدني في المنطقة[2]. الاتحاد الأوروبي أُجبر على التعامل مع المتغيرات كضرورةٍ للحفاظ على مصالحه، لا كفرصةٍ يمكن استثمارها.

هل اهتمامات الاتحاد الأوروبي اليوم أصبحت اقتصادية وأمنية أكثر من كونها سياسية؟ وهل الاتجاه المستقبلي يتحوّل نحو الاقتصاد ويبتعد عن السياسة؟

إن الاجابة على هذه التساؤلات تأتي من خلال دراسة علاقات الاتحاد الأوروبي السياسية والاقتصادية والأمنية مع بعض دول الجوار غير المستقرة، والقضايا المهددة لأمن الاتحاد واستقراره مثل الإرهاب، الحروب، الصراعات والأزمات في دول الجوار (ليبيا، سوريا ولبنان) والملفات التي تمس اقتصاده (أزمة الخليج والعلاقات مع تركيا).

 

السياسات الأوروبية: التغيير في الأولويات لمواجهة المخاطر الأمنية

قام الاتحاد الأوروبي منذ نشأته على دعم التنمية الاقتصادية والحوكمة الرشيدة، ولكن اندلاع الثورات العربية وانتشار الإرهاب دفع الاتحاد لتغيير أولوياته من إنمائية إلى أمنية.

 

1- أهداف السياسة الخارجية الأوروبية المشتركة

تم اعتماد السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي على ضوء معاهدة ماستريخت[3] (1992)، والتي تم تعزيزها من خلال المعاهدات اللاحقة، كمعاهدة أمستردام[4] (1999)، ومعاهدة نيس[5] (2003)، ومعاهدة لشبونة[6] (2009). تعمل السياسة الأوروبية على الحفاظ على قيم الاتحاد الأوروبي، ومصالحه الأساسية، الأمنية، استقلاله، نزاهته، وعلى نشر الديموقراطية وتعزيزها وسيادة القانون، كذلك على احترام تطبيق حقوق الإنسان ومبادىء القانون الدولي. كما يساهم في الحفاظ على السلام، ومنع النزاعات، وتعزيز الأمن الدولي وتقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية[7] .

قام الاتحاد الأوروبي وفي محاولة لدعم التنمية الاقتصادية والحوكمة الرشيدة، بتعزيز علاقاته مع معظم الدول الشرق أوسطية، فقدّم لدول المنطقة امتيازات تجارية[8] ومساعدات تنموية في شتى المجالات. فمن خلال عملية برشلونة[9] الهادفة إلى توحيد صوت الاتحاد الأوروبي دوليًا تعززت سياسته الخارجية، وحاليًا ومن خلال "الاتحاد من أجل المتوسط''، حاولت الدول الأعضاء تشجيع التعاون الإقليمي بين دول المنطقة وبين بعضها البعض. فعملية برشلونة قد وضعت أسسًا لعلاقاتٍ إقليمية جديدة، وكانت نقطة تحوّل في العلاقات الأوروبية المتوسطية. كان من أهداف هذه العملية أولًا، خلق منطقة سلام واستقرار في حوض البحر المتوسط عبر تعزيز الحوار السياسي والأمني (السلة السياسية). ثانيًا، بناء منطقة للازدهار المشترك من خلال شراكة اقتصادية ومالية، وتأسيس تدريجي لمنطقة تجارية حرة بحلول 2010 (السلة الاقتصادية). ثالثًا، تشجيع الحوار بين الثقافات والتبادل بين الشعوب من خلال شراكة ثقافية، اجتماعية وبشرية (السلة الثقافية).

حاول الاتحاد الأوروبي مع إطلاقه للاستراتيجية العالمية الجديدة للاتحاد في العام 2016، منع تحوّل الكثير من الأوضاع غير المستقرة في دول الشرق الأوسط إلى حروب جديدة، وكوارث إنسانية وأزمات جديدة للاجئين، والحفاظ على التواصل مع دول الجوار الذي ساعدها على مواجهة الأزمات. فقام الاتحاد مثلًا بتدريب خفر السواحل الليبي، وتمويل البرامج الداعمة للاجئين السوريين، والمجتمعات المضيفة لهم. كذلك، دعَم الاتحاد المنظمات الإقليمية، والتعاون المتعدد الأطراف وبخاصةٍ من خلال الاتحاد من أجل المتوسط، في مجالات مثل "أمن الحدود، حركة المرور، مكافحة الإرهاب، المنظمات غير الحكومية، الأمن الغذائي، المياه، الطاقة، المناخ، البنية التحتية وإدارة الكوارث". أما في تركيا، فطوّر الاتحاد التعاون القطاعي في محاولة للحفاظ على الديموقراطية التركية. وفي الخليج، واصل الاتحاد التعاون مع مجلس التعاون الخليجي ودول الخليج بشكلٍ منفصل.

إن اعتماد الاتحاد الأوروبي "للمرونة" كقاعدةٍ لهذه الاستراتيجية، مكّنه من خلق مفهوم يُرسي توازنًا بين أجندة الاتحاد الأوروبي والواقع في دول الجوار، مواجهة التغيير، تسهيل التواصل بين الدول فيما بينها والعمل سويًا[10].

 

1- الثورات العربية: تحديات جديدة لسياسات الاتحاد الأوروبي

إن اندلاع الثورات العربية ونتائجها أدت إلى مراجعة الاتحاد الأوروبي لسياسته تجاه جنوب المتوسط، إذ مثّلت اختبارًا للاتحاد الأوروبي وتحديًا له، من حيث قدرته على التعامل مع الأزمات الدولية والتحديات الخارجية.

إن الاتحاد الأوروبي فوجئ بالثورات، وجاءت ردة فعله على عدة مراحل، على الرغم من وجود برنامج للاتحاد يركّز على التحولات الجارية في المنطقة. ففي 21 شباط 2011، أصدر المجلس الأوروبي بيانًا داعمًا للثورات العربية الجارية، ولكنه في نفس الوقت ركّز على مكافحة الهجرة غير الشرعية. كذلك أصدر الاتحاد الأوروبي بيانين، أحدهما يتعلق مباشرة بالمنطقة، والآخر أكثر شمولية حول سياسة الجوار الأوروبية. هذان البيانان لديهم أهمية وبخاصةٍ، لأنهما ينظّمان العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر المتوسط، ويحددان مستقبل الاتجاهات الرئيسة للاستراتيجية الأوروبية في ما يتعلق بالحوض. هاتان الوثيقتان الرسميتان هما الوحيدتان اللتان تستهدفان الأحداث الدائرة على وجه التحديد في العالم العربي.

هذه الأزمات الناتجة عن الثورات العربية كشفت الاختلالات الجوهرية التي تعانيها سياسته الخارجية، والتي دفعت الاتحاد إلى مراجعة أولوياته وسياساته تجاه دول جنوب المتوسط، فكان التعامل مع الثورات العربية بطيء جدًا، بسبب الانقسام الداخلي الحاد في المواقف بين دول الاتحاد حول كيفية مواجهة هذه الأحداث.

ففي ظل هذه الانقسامات الداخلية والصراعات المؤسساتية، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من طرح خريطة طريق عملية للتعامل مع الثورات العربية، فأصبح دوره قائمًا على مراقبة الأوضاع، ودعم المواقف الأميركية في بعض الدول.

إن أولوية الاتحاد خلال هذه الثورات كان الاستمرار في تعاونه الأمني مع دول الجوار، لمواجهة الكثير من التهديدات الآتية منها، والمهددة لأمنه كالهجرة غير الشرعية، الإرهاب، وتأمين إمدادات الطاقة. مع العلم، تعارُض هذا التعاون في كثير من الأحيان مع سياسة الاتحاد الأوروبي للترويج للديموقراطية، فمقابل التعاون الأمني، كان الاتحاد الأوروبي يتغاضى عن بعض الممارسات غير الديموقراطية لهذه الدول[11].

كذلك، ما زال الاتحاد يعتمد على الكثير من الآليات التي استعملها قبل العام 2011 للترويج للديموقراطية، وفي مقدمتها المشروطية والتمايز. فالمشروطية تتعلق بالمساعدات الأوروبية لدول الجوار والفرص للمشاركة في مشاريع مشتركة، أو الوصول إلى السوق الموحدة. يمكننا تلخيص المبدأ كالآتي: كلما أجرت بلدان الجوار الأوروبية إصلاحات مؤسساتية، اقتصادية أو سياسية، قدّم الاتحاد الأوروبي دعمًا أكبر (مالي، تقني، اقتصادي). أما التمايز، فهو يسمح لكل بلد "جار" للاتحاد الأوروبي بتحديد درجة التعاون، التي يرغب فيها مع الاتحاد.

التغيير الذي حدث بين طرفَي المتوسط هو دعم الاتحاد للمجتمع المدني، وذلك باستحداث آليتَين جديدتَين، هما "الجوار للمجتمع المدني"، و"المؤسسة الأوروبية من أجل الديموقراطية" مع استمرار الحسابات الأمنية والاستراتيجية، كمحددٍ لسياسة الاتحاد الأوروبي المروجة للديموقراطية.

 

2- الاتحاد الأوروبي والحرب على الإرهاب

يعتمد أمن الاتحاد الأوروبي بشكلٍ مباشر على أمن جواره واستقراره، لذلك فإن من أولوياته تعزيز العمل والتعاون في مكافحة الإرهاب مع دول الجوار والشريكة، وتعزيز الأمن على الحدود الذي يعد خط الدفاع الأول لمنع حركة الإرهابيين وعرقلتها في الحد الأدنى. لقد طوّر الاتحاد شبكة من خبراء في مكافحة الإرهاب، تم نشرهم في دول جنوب المتوسط، كما أقام سلسلة من حوارات حول اتباع أفضل الاستراتيجيات، واستعمال الوسائل المناسبة في مكافحة الإرهاب مع الدول الشريكة، كما يتم تبادل المعلومات حول شبكات الإرهابيين. يعتبر الاتحاد الأوروبي أن أفضل طريقة لمعالجة التطرف الديني، والتصدي للأعمال الإرهابية بفعاليةٍ، هي التعاون بطريقةٍ شاملة ومتضافرة مع دول حوض المتوسط.

اعتمد الاتحاد الأوروبي برنامجًا بقيمة 17.5 مليون يورو، للتصدي للتهديد الإرهابي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سيعالج هذا البرنامج الذي يمتد لثلاث سنوات، العوامل المحركة للإرهاب في المنطقة، والتهديدات التي يشكلها، وذلك من أجل تحسين الأمن الإنساني، تعزيز استقرار الدول وتدعيم المجتمعات، لأن الإرهاب والتطرف العنيف يشكلان تهديدًا كبيرًا لدول الشرق الأوسط ومجتمعاته وشمال أفريقيا. سيتضمن البرنامج مكونًا أوليًا سيساهم في تعزيز قدرات الجهات الحكومية الفاعلة، التي تؤدي دورًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. سيركز الجزء الثاني من البرنامج على الشراكات بين السلطات العامة والشباب والمجتمعات المحلية، لمعالجة أسباب التطرف في مجتمعات دول الجوار.

كذلك، إن مشروع "شراكة" الممول من الاتحاد الأوروبي، يضع قدرات الشرطة الأوروبية وخبرات الإنتربول في متناول الأجهزة الأمنية، في ثماني دول من الشرق الأوسط: الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، دولة فلسطين وتونس. ويهدف إلى مساعدتها على تحديد الأفراد والجماعات الإرهابية واعتراضها، من خلال استخدام التكنولوجيا وبناء القدرات وإعداد عمليات مشتركة للشرطة.

ولمنع الإرهابيين من عبور الحدود، يربط مشروع "شراكة" الأجهزة الأمنية بشبكة I-24/7 (نظام الاتصال الدولي الآمن للشرطة التابع للإنتربول)، لا سيما في المطارات والموانئ والحدود، إذ يمكنهم تبادل المعلومات بطريقةٍ مباشرة، والوصول إلى قواعد البيانات الجنائية العالمية في الاتحاد. وبما أن الإرهاب بين المقاتلين والإرهابيين الأجانب العائدين من مناطق النزاع، يستخدمون وثائق سفر مزورة أو مسروقة، فمن الأهمية أن يتمتع حرس الحدود بالقدرة على الوصول المباشر إلى قاعدة بيانات مستندات السفر المسروقة، أو المفقودة من الإنتربول. لذلك، يتم تدريب العاملين الميدانيين على استخدام قواعد البيانات الجنائية العالمية للإنتربول في التحقيقات والعمليات الإقليمية. يحث أيضًا المشروع على تبادل المعلومات الميدانية من قبل الدول المشاركة، مما يسمح فهم كيفية عمل الشبكات الإرهابية، واكتشاف التهديدات الجديدة، وإصدار تحذيرات مبكرة في أنحاء المنطقة كافة.

كما التزم الاتحاد الأوروبي مواجهة تهديدات "داعش"، وأيضًا تحقيق السلام والاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصةٍ في سوريا والعراق، فدعم التحالف الدولي محاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

 

3- الاتحاد الأوروربي والصراعات العسكرية في دول الجوار

لتحقيق السلام والاستقرار في دول الجوار، يعد الاتحاد الأوروبي الانتقال السياسي الشامل في سوريا، وإنشاء حكم سياسي عادل في العراق، والاستقرار في ليبيا، من الأمور الحاسمة للسلام والاستقرار المستدامَين في المنطقة.

دعم الاتحاد الأوروبي دور الأمم المتحدة، والمساعي التي يقوم بها مبعوثا الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي مستورا (Staffan de Mistura)، ومن ثم جير بدرسن(Geir Pedersen). بالنسبة للاتحاد، إن محاربة "داعش" يجب أن تتم بالتوازي مع البحث عن حلول سياسية واقتصادية مستدامة، وخصوصًا في ظل قيام "داعش" بأعمالٍ وحشية ضد المواطنين في سوريا والعراق، "وهذا لا يشكل تهديدًا للشركاء في منطقة الشرق الأوسط فقط، وإنما أيضًا يشكل تهديدًا لأوروبا والأمن الدولي بشكلٍ عام"[12].

دول الاتحاد مقتنعة بأن استقرار القارة الأوروبية لن يتحقق طالما بقيت الحرب السورية من دون حل سياسي وأمني، ولعل قضية اللاجئين السوريين وعودة إرهابيي داعش إلى دول الاتحاد، هي من أهم القضايا التي تؤثّر بشكلٍ مباشر على أمن دول الاتحاد الأوروبي.

على المستوى السياسي، دعم الاتحاد الأوروبي في مجلس الأمن الدولي، مجموعة أصدقاء سوريا التي كانت تطالب برحيل الرئيس الأسد، كذلك شجع الأطراف الإقليمية، على تأدية دور بنّاء لإنهاء الحرب. أما على المستوى العسكري، فدَعم الاتحاد الأوروبي إقامة تحالف لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، لعدم امتلاك الاتحاد قدرات عسكرية تمكّنه من التدخل في سوريا (تعتمد القدرة العسكرية للاتحاد الأوروبي كليًا على فرنسا وبريطانيا).

ورغم المقاطعة السياسية والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري، بقيت بعض قنوات الاتصال غير رسمية بين الطرفَين، وقد تمثّلت بزياراتٍ لبعض السياسيين والأحزاب الأوروبية إلى دمشق، إلى جانب بعض العلاقات التجارية من قبل بعض الشركات الأوروبية[13]. أما على الصعيد الاستخباراتي، فاستمر التعاون مع أجهزة النظام الأمنية سواء بشكلٍ مباشر أو عن طريق أطراف ثالثة. ازداد التنسيق مع تصاعد العمليات الإرهابية في أوروبا، وأصبح التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية السورية ضرورة لمكافحة الإرهاب، والحصول على أسماء المقاتلين الأوروبيين في صفوف الجماعات الإرهابية الذين يقاتلون في سوريا ، وأي معلومات عن المجموعات الجهادية الأوروبية.

أما اليوم، فإن التعاون بين الاتحاد الأوروبي والنظام السوري أصبح علنيًا، ولم يعد يقتصر على الجانب الأمني المخابراتي، بل امتد للتمهيد لإعادة العلاقات الدبلوماسية. لكن مع ذلك، يرى الاتحاد أنه من الضروري حصر تدخّله فقط في المجال الإغاثي حتى إيجاد حل سياسي، وهذا ما يكسبه شرعية في الإدارة المحلية.

أما في الموضوع الليبي فقد حاول الاتحاد الأوروربي إيجاد حل دائم وسلمي بعد انهيار نظام القذافي.

بدأت الثورة الليبية في شرق ليبيا في مدينتَي "البيضاء وبنغازي"، مطالبة بإصلاحٍ اقتصادي، ثم انتقلت إلى الدعوة لإسقاط النظام بعد استعمال العنف من قبل قوات الرئيس القذافي. وفي 17 آذار 2011، قرر مجلس الأمن فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا بقرارٍ أممي رقم 1973، إذ قامت كل من القوات الأميركية والفرنسية والبريطانية بقصف قوات الرئيس القذافي. وفي 20 تشرين الأول 2011 جرى اغتيال القذافي، وبعد ذلك بثلاثة أيام أُعلن تحرير ليبيا بالكامل.

ومنذ إسقاط نظام الرئيس القذافي، تشهد ليبيا صراعات على السلطة بين العديد من المنظمات المسلحة، وعشرات القبائل التي تعد المكون الأساسي للمجتمع الليبي، وسط انعدام تام للمحاسبة والمساءلة. كذلك تتفاقم الانقسامات السياسية والعسكرية في ليبيا، ولم تنجح المساعي لوضع المجموعات المتناحرة حول طاولة المفاوضات. ومنذ إطلاق الميسّر خليفة حفتر عملية عسكرية، في نيسان ٢٠١٩ لم ينجح مجلس الأمن الدولي في فرض وقف لإطلاق النار في البلاد التي تعاني من الفوضى، منذ سقوط نظام القذافي في العام 2011. إن القتال القائم بين الطرفَين تسبب في نزوح واسع النطاق للمدنيين، زيادة الهجرة غير الشرعية وخسائر في الأرواح، إضافة إلى أنه يهدد البنية التحتية بما في ذلك حقول النفط والمطارات المدنية.

الموقف الأوروبي واضح بالنسبة لهذه الأحداث، وهو حل الأزمة التي تشهدها ليبيا سياسيًا، من دون تدخلات خارجية، فالاتحاد يواصل دعمه الكامل لعملية الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، وجهود الممثل الأممي الخاص غسان سلامة الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في ليبيا.

كذلك، إن دول الاتحاد وافقت على "تعديل" العملية البحرية "صوفيا"، لـمحاربة ظاهرة تهريب البشر ما بين شواطئ شمال أفريقيا وبخاصةٍ بين ليبيا وأوروبا، وملاحقة شبكات التهريب وتفكيكها[14] (بسبب اعتراض إيطاليا على نظام حصص استقبال اللاجئين)، لكي تركز على تنفيذ حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وتدريب حرس السواحل الليبية، لضمان وضع حل دائم لمشكلة اللاجئين عبر البحر المتوسط. صوفيا ستكتفي بالمراقبة الجوية للسواحل، خصوصًا مع حدوث تراجع ملموس في أعداد اللاجئين إلى أوروبا، والتخلي عن السفن الحربية في البحر المتوسط للقيام بمهام مراقبة اللاجئين.

كذلك، فإن الاتحاد الأوروبي سيدرس أيضًا كيفية المساعدة في مراقبة وقف إطلاق النار في البلاد عند دخوله حيّز التنفيذ، على أن يحل محل الهدنة الموجودة حاليًا.

 

الاتحاد الأوروبي: دور محدود للقضية الفلسطينية وداعم للبنان

يؤدي الاتحاد الأوروبي دورًا متقدمًا في دعم الاقتصاد اللبناني والدفع باتجاه إجراء الإصلاحات اللازمة للخروج من أزمته المالية والاقتصادية، كما يحاول أن يضطلع بدور الوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

1. العلاقات المتينة بين الاتحاد الأوروبي ولبنان

تجمع الاتحاد الأوروبي ولبنان علاقة قديمة وقوية، قائمة على التعاون والعمل المشترك في عدة قطاعات. فقد وقّع لبنان مع المجموعة الأوروبية أول اتفاقية تعاون في العام 1977، والتي كانت قد أعطت لبنان تسهيلات في التبادل التجاري ومساعدات في التنمية الاقتصادية. في العام 2002، وقّع لبنان والاتحاد الأوروبي اتفاقية الشراكة في لوكسمبورغ، وبدأ تطبيقها في العام 2006، وبعد استكمال إجراءات المصادقة عليها، حلّت اتفاقية الشراكة بين لبنان والاتحاد الأوروبي محل الاتفاق الذي عُقد بين الطرفَين في العام 1977. جاءت هذه الاتفاقية لتعزّز العلاقات اللبنانية-الأوروبية، المصالح المشتركة وتحسين التعاون. عمليًا، سهلت هذه الاتفاقية عملية دخول المنتجات اللبنانية إلى السوق الأوروبي، مع إعفاء السلع الصناعية اللبنانية والأوروبية من الرسوم الجمركية تدريجيًا (السلع اللبنانية تُعفى مباشرة)، فشكّلت تلك الاتفاقية بالنسبة إلى لبنان، فرصة للانفتاح على الأسواق الأوروبية ووسيلة لإنجاح عملية دخوله في عالم الاقتصاد.

تتركّز اليوم، أولويات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، على دعم الاقتصاد اللبناني عمومًا، وذلك في إطار الاستجابة السريعة للأزمة الإنسانية الناجمة عن النزوح الكبير لأكثر من مليون ونصف مليون سوري إلى لبنان. ففي حين يواجه لبنان تحديات متزايدة، لا سيما بسبب الأزمة في سوريا، عزّز الاتحاد الأوروبي دعمه للبنان، فساهم في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، ودعْم التعليم والعمل على الحوكمة الرشيدة والتبادل التجاري. كما يعمل الاتحاد الأوروبي على تحقيق النمو وخلق فرص عمل، والترويج لصورة لبنان كمجتمعٍ تعددي وديمقراطي[15].

يعمل الاتحاد الأوروبي أيضًا على تطوير البنى التحتية في لبنان، وإيجاد فرص جديدة للقطاع الخاص، ودعم أهداف التنمية الطويلة الأمد للبنان. فقد خصص الاتحاد حوالى 1.6 مليار يورو لمساعدة لبنان من 2011 حتى 2018. كما يموّل الاتحاد الأوروبي المشاريع الداعمة للنازحين والمجتمعات المضيفة، فمنذ بداية الأزمة السورية، خصص الاتحاد الأوروبي حوالى مليار يورو لمساعدة لبنان على إدارة أزمة النازحين. يشمل هذا المبلغ مساعدات إنسانية بقيمة 439 مليون يورو لدعم النازحين واللبنانيين، و249مليون يورو من الآلية الأوروبية للجوار لدعم قدرات المؤسسات اللبنانية على المستويَين المركزي والمحلي، وعلى تأمين الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية اللبنانية للنازحين السوريين والفلسطينيين القادمين من سوريا. كما تم تخصيص 224.2 مليون يورو من الصندوق الائتماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي للاستجابة للأزمة السورية. وسيساهم في مشاريع تم إطلاقها من خلال آلية المساهمة في الاستقرار والسلام بقيمة 57 مليون يورو في تعزيز الاستقرار، وحكم القانون، والمصالحة في البلاد[16]. في 2018، خصص الاتحاد الأوروبي مبلغًا قدره 50 مليون يورو لدعم القوى الأمنية اللبنانية، حتى العام2020 لتعزيز الأمن، مكافحة الإرهاب وضبط الحدود[17].

في ظل التحركات الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الأول 2019 وتأليف الحكومة، عاد الاتحاد الأوروبي ليؤكد من جديد على الشراكة القوية مع لبنان وشعبه، ودعمه المتواصل لاستقرار لبنان ووحدته، وسلامة أراضيه وسيادته واستقلاله السياسي[18]، وفي الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية من خلال مشروع سيدر، فضلًا عن المساعدة في تعزيز الحكم الرشيد والمساءلة ومكافحة الفساد[19].

على الرغم من دعم لبنان سياسيًا واقتصاديًا، والطلب دائمًا بتحييد لبنان وعدم زجه في النزاعات والتوترات الإقليمية، تبقى الشراكة بين لبنان والاتحاد الأوروبي على الصعيد الاقتصادي ولا سيما على المستوى التجاري غير متكافئة. فإلغاء الرسوم الجمركية وغيرها من الضرائب بين عامَي 2008 و 2015، خلقت وبسرعةٍ خللًا في الميزان التجاري على حساب لبنان، مما أثّر على ميزان المدفوعات، فازداد الدين الخارجي للبنان. ففي العام 2015، ارتفع العجز التجاري بنسبة 133 ٪ إلى 7.2 مليار يورو[20] (الصادرات اللبنانية إلى الاتحاد الأوروبي لا تتجاوز 300 مليون دولار سنويًا). مع توقيع هذا الاتفاق، عرّض لبنان قطاعاته الاقتصادية غير الجاهزة للمنافسة، ووظائفه لصدمةٍ تنافسية غير مسبوقة مع ثاني أكبر قوة تجارية في العالم، فبالنسبة للكثير من المصدّرين اللبنانيين، التقيد بالمعايير الأوروبية والذي يحتّم تكلفة تعديل إضافية، كان عائقًا لتصدير المنتجات اللبنانية إلى دول الاتحاد الأوروبي، فكان ينبغي منح المساعدات للقطاع الخاص لتمكينه من مواجهة التحديات الأوروبية.

فرض لبنان ضريبة مؤقتة جديدة في العام 2019 (إلى سنة 2022) بنسبة 2٪ على الواردات من الاتحاد الأوروبي، وزيادة الرسوم الجمركية على حوالى 20 منتجًا في محاولة للحد من الهوة في ميزان المدفوعات، تجنّب زيادة الدين الخارجي، حماية قطاعات معينة وزيادة عائدات الضرائب للدولة. هذه فقط تدابير انتقالية ولكنها ضرورية لإعادة بعض التوازن إلى الميزان التجاري. بعد الأزمة التي يعيشها لبنان منذ سنة، تطرح مسألة الخيارات الاستراتيجية الاقتصادية لأول مرة على بساط البحث، بما في ذلك السياسات الحكومية الاقتصادية، وإحداث تغييرات هيكلية في الاقتصاد اللبناني، لتحوّله من اقتصاد ريعي إلى منتج.

 

2- الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية:دعم محدود

إن الموقف الأوروبي الخاص بالصراع العربي الإسرائيلي تبلور سنة 1980 عند إصدار الجماعة الأوروبية إعلان البندقية، الذي كان أول بيان أوروبي رسمي يحدد موقفًا صريحًا من الصراع، متضمنًا اعترافًا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، إلى جانب "حق إسرائيل في الوجود"، كما طالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة بعد حرب 1967، وندّد بالسياسة الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة[21]. كذلك فقد دعم وشارك الاتحاد كمراقبٍ في عملية السلام في مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991، من خلال عمله في اللجان المتعددة الأطراف، والتي أُنيط بها القضايا الفنية وقضايا التعاون المشترك في المنطقة.

بعد توقيع اتفاقية الحكم الانتقالي - أوسلو - بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. في العام 1993، عقدت الدول المانحة على رأسها دول الاتحاد الأوروبي مؤتمرًا لدعم المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية وتنسيقها، التي تَقرر إنشاؤها في إطار تلك الاتفاقية. ثم وقّعت اتفاقية تعاون وتجارة بين الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية في 1997، وكان من أهدافها تمكين السلطة الفلسطينية، إعادة تأهيل البنية التحتية، بناء المرافق العامة، تقوية القطاع الخاص وتعزيز فرص النمو الاقتصادي[22]، وهو ما أدى إلى زيادة حجم الصادرات الفلسطينية إلى أوروبا في العام نفسه بحوالى الضعف، وتخطّت السبعة أضعاف خلال الأعوام 2002 - 2005 على ما كانت عليه في السابق[23].

ولكن، على الرغم من الجهود الاقتصادية والمالية التي بذلها الاتحاد الأوروبي[24]، لم يتمكن من الاضطلاع بدورٍ فعال في عملية التسوية، ولا يزال دوره السياسي وتأثيره محدودًا للغاية في إنتاج حل دائم للصراع العربي - الإسرائيلي. إن عدم قدرة الاتحاد على تأدية دور فعال في عملية السلام وتهميشه، يعودان لعدة أسباب منها: عدم رضى الولايات المتحدة لفكرة مشاركة الاتحاد الأوروبي لها في صنع سياسة الغرب تجاه منطقة الشرق الأوسط، معارضة إسرائيل المبدئية على إدخال أوروبا كطرفٍ فاعل في هذا الصراع بسبب انحيازها إلى الفلسطينيين، وعدم قدرة الاتحاد على بلورة سياسة خارجية موحدة، بسبب الاختلافات بين الدول الأوروبية حول توجهاتها نحو التسوية. ومما يزيد الأمر تعقيدًا، وجود انقسامات بين المكونات السياسية الفلسطينية حول الوسائل التي تسمح للوصول إلى حل نهائي للقضية. ولكن تبقى محددات الدور الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، ضرورة إقامة دولة فلسطينية طبقًا لحدود 1967، من خلال المفاوضات فقط، مع الحفاظ على المبدأ الرئيس للمفاوضات "الأرض مقابل السلام"، ومرجعية قرارَي الأمم المتحدة 242 و338. كما يطلب الاتحاد الأخذ بالمبادرة العربية التي طرحها الأمير عبد اللـه بن عبد العزيز، في قمة بيروت في العام 2002، والداعية إلى التوصل لتسويةٍ نهائية للقضية الفلسطينية.

اعتمد الاتحاد الأوروبي خريطة الطريق كمدخلٍ إلى تسوية الصراع، واعتبرها الأداة الأساسية لتوجيه عملية السلام في الشرق الأوسط. وهو يدعو اليوم إلى استئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، للوصول إلى حل الدولتَين، ورفضه قرار الرئيس الأميركي ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وللتعبير عن موقفه، اختار الاتحاد مقاطعة حفل افتتاح مبنى السفارة، وكانت فقط النمسا وجمهورية التشيك ورومانيا ممثلة في هذا الحفل. ولكن على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يعد طرفًا رسميًا في اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، وله ممثل خاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، يبدو أن دوره لا يمكنه المبادرة وينتظر "خطة كوشنر للسلام".

 

العلاقات الأوروبية مع تركيا ودول الخليج: الحفاظ على التعاون

إن العلاقات الأوروبية مع كل من تركيا ودول التعاون الخليجي محكومة بالأوليات الاقتصادية والأمنية، بحكم الاستثمارات الهائلة للاتحاد في دول الخليج وتركيا والموقع الجغرافي.

 

1- الاتحاد الأوروبي والأزمة الخليجية: الحفاظ على التعاون الاقتصادي

تعيش دول مجلس التعاون الخليجي أسوأ أزمة دبلوماسية حدثت منذ عقود طويلة، ففي الخامس من حزيران 2017، قررت ثلاث دول في منطقة الخليج (السعودية، البحرين والإمارات) بالإضافة إلى مصر، قطع العلاقات الدبلوماسية وفرض حصار اقتصادي ومالي على دولة قطر. إن الاتحاد الأوروبي يضع الأزمة الخليجية في صدارة أولوية أجندة علاقاته مع دول الخليج، لأن الأزمة الخليجية تؤثّر على ثقة الاتحاد في المنطقة[25]. الاتحاد الأوروبي لم يختار أي طرف للوقوف معه بشكلٍ واضح، وذلك بسبب أهمية وحدة مجلس التعاون للاتحاد الأوروبي ومنطقة الخليج بأكملها في إمدادات النفط، وفي الوضع الجيوبوليتيكي الحساس في المنطقة. يعد الاتحاد الأوروبي أن أزمة الخليج تهدد مصالحه في المنطقة[26]، "إننا نرى خطرًا محدقًا يتمثل في تصعيد الموقف وانتشاره بطريقةٍ خطيرة وغير مرغوبة في أوساط أخرى خارج منطقة الخليج مثل أفريقيا، أو جنوب شرق آسيا أو الشرق الأوسط"[27].

يعتقد الاتحاد بأن أكثر الطرق فعالية لضمان تخفيف حدة التوتر سيكون من خلال وساطة إحدى دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر دراية باهتمامات الأطراف المتنازعة ومخاوفها، والابتعاد عن تدويل الأزمة، والتصعيد الذي قد ينعكس على الصراعات الإقليمية (سوريا، العراق، اليمن وليبيا) ويزيدها تعقيدًا وقد يُؤَجِّجها بسبب ارتباطات دول الخليج مع قوى دولية وإقليمية، وعدم تفرّد الولايات المتحدة الأميركية بملف التسوية، بسبب انعدام الثقة بالإدارة الأميركية التي يقودها دونالد ترامب، وبقدرتها على التأثير على الأزمة تأثيرًا إيجابيًا[28].

تحرّك الاتحاد الأوروبي بسرعةٍ وبشكلٍ قوي نحو دول الخليج لتطويق الأزمة وحلها بالحوار والتفاوض، فشجع المبادرة الكويتية لحل الخلاف السعودي الإماراتي البحريني مع دولة قطر مع ضمانات أوروبية (كويتية وأميركية أيضًا).

يمكن للاتحاد الأوروبي أن يضطلع بدور الوسيط بين دول الخليج، وقد ينجح في تهدئة التوترات وتقريب وجهات النظر بين المتنازعين، بسبب خبرته وسمعته الجيدة، وعلاقاته القوية مع كل منها، فالدبلوماسيون الأوروبيون يتحادثون مباشرة مع الأطراف جميعًا في هذه الأزمة[29]. رغم ذلك، يبدو الاتحاد عاجزًا عن الاضطلاع بدورٍ كقوةٍ دبلوماسية، بسبب الاختلافات في وجهات النظر بين دول الأعضاء والأحزاب المكونة لمجلس أوروبا، حول الموقف والتموضع الذي يجب اعتماده في هذه المسألة الحساسة والدقيقة، فبعض الأحزاب (المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين) داخل الاتحاد تؤيد تقوية العلاقات بين السعودية وأوروبا، والبعض الآخر (مثل الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الخضر والحزب اليساري المتطرف) أكثر انتقادًا لتصرفات الرياض في المنطقة[30]. فما دام التوافق صعب المنال داخل الاتحاد الأوروبي، سيظل موقفه من الأزمة ضعيفًا ولن يتمكن من المبادرة وطرح تسوية للأزمة، وسنرى دول الأعضاء تعمل بمفردها مع كل دول الخليج للحفاظ على مصالحها الاقتصادية الوبخاصةٍ. على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي متفق على الدفع في اتجاه الحوار ووقف التصعيد بين الدول الخليجية، إلا أن علاقات أعضائه الثنائية مع طرفَي النزاع وأولوياتهم الاستراتيجية والاقتصادية في الخليج، ستؤثّر حتمًا في سلوكه في مواجهة الأزمة[31]. فمثلًا، أعلنت ألمانيا صراحة رفضها لمطالب السعودية الثلاثة عشر، وتأييدها لموقف الدوحة. يبقى أن الاتحاد الأوروبي - كما هي الحال في الأزمات والحروب الإقليمية الأخرى - ليس قادرًا أن يؤدي دورًا فعالًا بسبب الانقسامات الداخلية التي تعطّل قراراته، وتعرقل استراتجياته التي يمكن استثمارها في الأزمات. حتى الآن، ورغم المحاولات الإقليمية والدولية العديدة للوصول إلى تسوية، لا يبدو أن هناك حلًا سهلًا أو سريعًا لهذه الأزمة.

 

2- العلاقات المتأزمة بين تركيا والاتحاد الأوروبي

يسيطر سوء فهم على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي التي بدأت منذ أكثر من نصف قرن، وكان آخر فصولها توقيع الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا المتعلق بأزمة المهاجرين.

وقّعت تركيا والمجموعة الاقتصادية الأوروبية في 12 أيلول 1963 اتفاق شراكة، ينص على إقامة اتحاد جمركي تدريجي، كمرحلةٍ انتقالية نحو انضمام تركيا إلى المجموعة الأوروبية. دخل الاتحاد الجمركي الذي يشكّل أهم مرحلة من مراحل تكامل تركيا مع الاتحاد الأوروبي، حيّز التنفيذ بتاريخ 1 كانون الثاني 1996. بدأ عهد جديد في العلاقات التركية الأوروبية، بتسجيل طلب ترشّح تركيا لنيل العضوية، خلال قمة رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي، والتي انعقدت في هلسنكي في كانون الأول 1999. وفي 29 تموز2005، وقّعت تركيا "بروتوكول أنقرة" الذي يوسّع اتحادها الجمركي ليشمل الدول العشر المنضمة حديثًا إلى الاتحاد الأوروبي، وفي 4 تشرين الأول 2005، بدأ الاتحاد الأوروبي وتركيا رسميًا مفاوضات الانضمام، على الرغم من معارضة عدد من الدول أبرزها النمسا. وفي حزيران 2006، فتح أول فصول التفاوض الـ35 المخصص لموضوع "العلوم والبحث"، وبعد أشهر من العرقلة، فتح فصل ثان مخصص لـ"السياسة الصناعية والشركات" في آذار 2007، ولكن جمّدت من جديد فرنسا وألمانيا فتح خمسة فصول جديدة. واقترحتا في أيار 2009 "شراكة مميزة مع تركيا لكن ليس انضمامًا فعليًا". وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الجمود، أبدت فرنسا وألمانيا في العام 2013 مؤشرات انفتاح. فرفعت باريس الفيتو عن فتح الفصل 22 المتعلق بالسياسات الإقليمية. ومع الثورة السورية، فر مئات الآلاف من السوريين من النزاع في سوريا إلى أوروبا عبر الحدود التركية، ما استوجب وضع خطة عمل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، تعتزم فيه أنقرة بموجبها ضبط حدودها، فيما يقوم الاتحاد الأوروبي بـ"إعادة تحريك" مفاوضات الانضمام. وُقّع اتفاق بين الطرفَين في آذار حول أزمة الهجرة، تتعهد بموجبه تركيا باستعادة اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى أوروبا بصورةٍ غير شرعية، مقابل استقدام الأوروبا عددًا موازيًا من اللاجئين السوريين مباشرة من تركيا. وقد طالبت تركيا من أجل وقف تدفّق اللاجئين تحريك مفاوضات الانضمام، بالإضافة لإعطائها مساعدة مالية إضافية قدرها 3 مليار يورو تضاف إلى المليارات الثلاثة التي وعدتها بها أوروبا لمساعدة اللاجئين على أراضي تركيا، وإعفاء مواطنيها من تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد اعتبارًا من حزيران 2016 [32].

منذ سنتين، تواجه تركيا كمًا كبيرًا من الأزمات، التحديات والصعوبات في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، بسبب الاختلاف في المواقف على عدة ملفات إقليمية وداخلية من تضييق على الحريات العامة، وسيادة القانون وقمع الأقليات الإثنية. وصل التوتر إلى مرحلة متقدمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، مع تلويح الأخيرة بردٍ عسكري ضد الدول التي تمنعها من متابعة عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجزيرة قبرص المتنازع عليها، فهددت قمة الاتحاد الأوروبي في 20 حزيران 2019 تركيا، بفرض عقوبات مؤلمة إذا لم تُوقف عملياتها "غير الشرعية" للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص[33]. وكان البرلمان الأوروبي قد اتخذ قرارًا في 24 تشرين الثاني 2016، يدعو إلى التجميد المؤقت لمفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بسبب حدوث انتهاكات خطيرة ومستمرة في تركيا لمبادئ سيادة القانون والحريات الأساسية. بالإضافة إلى صعوبات العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، هناك توترات دبلوماسية بين تركيا وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد، بما في ذلك بلغاريا والنمسا وألمانيا وهولندا. فقد انتقدت بلغاريا تركيا لتدخّلها في الانتخابات البرلمانية البلغارية في آذار 2016، ودعم سفير تركيا ووزير الشؤون الاجتماعية حزبًا سياسيًا في بلغاريا مكوّنًا من مواطنين بلغاريين من أصل تركي[34]. إن العلاقات أيضًا معقدة مع النمسا إذ تريد تعليق مفاوضات الانضمام "التي أصبحت الآن مجرد خيال" وهولندا التي دعت في تشرين الأول 2016 إلى تجميد المفاوضات، وساءت العلاقات أكثر في آذار 2017، عندما رفضت السلطات الهولندية السماح للوزراء الأتراك بالمشاركة في الاجتماعات العامة لصالح "نعم" للاستفتاء الدستوري التركي على أراضيها، مع اتهام أردوغان هولندا بالدولة الفاشية والنازية. أصابت التوترات أيضًا العلاقات الألمانية التركية عندما رفضت المستشارة الألمانية مشاركة الأتراك في الاجتماعات الانتخابية في ألمانيا، لصالح التصويت "نعم" في الاستفتاء. في حزيران 2017، منعت الحكومة التركية البرلمانيين الألمان من الوصول إلى قاعدة إنجرليك العسكرية، حيث يتمركز الجنود الألمان. هذا القرار للحكومة التركية كان ردًا على منح ألمانيا حق اللجوء السياسي للجنود المشتبه في مشاركتهم في محاولة انقلاب تموز 2016. فقامت ألمانيا بسحب جنودها من تركيا، وأعادت انتشارهم في الأردن. يأتي إرسال تركيا لميليشيات سورية مقاتلة مدعومة من أنقرة لليبيا، وتوقيعها مع طرابلس مذكرة حول الحدود البحرية والتي سمحت للأتراك بالتنقيب عن الغاز قبالة ساحل جزيرة قبرص ليزيد من حدة التوتر بين الاتحاد وتركيا. فأعرب الاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات على تركيا بسبب أعمال الحفر في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، عن "قلقه الشديد" من التدخل العسكري التركي في ليبيا. إن التدخل التركي على نطاق واسع في ليبيا، من المرجح أن يؤدي إلى سلسلة من الانتقادات الأوروبية، ولكن سيكون له تأثير ضئيل على تركيا، فالأوروبيون خائفون للغاية من ردود فعل تركية، وبخاصةٍ في ما يتعلق بفتح الحدود التركية نحو دول الاتحاد أمام اللاجئين.

منذ بداية العلاقة التشاركية بين تركيا والاتحاد الأوروبي التي بدأت في العام 1959، كان دائمًا موقف الاتحاد تجاه تركيا متناقضًا. أما اليوم، فإن نهج الاتحاد الأوروبي في علاقاته مع تركيا قد شكلته حاجته إلى الأمن بسبب الأزمات التي تهدّد استقرار الاتحاد (إرهاب، لجوء غير شرعي، تهريب مخدرات، إلخ،...) والتغيرات الإقليمية في موازين القوة. أما بالنسبة للأتراك، فإن مفاوضات الانضمام هي العمود الفقري للعلاقات بين الطرفَين، ومن الصعب المضي قدمًا في العلاقات حتى يُحدِث تقدّم فعلي وملموس في هذا المجال، إذ ينبغي تقديم خطة عضوية محددة مع جدول زمني منطقي.

صحيح أن الاتحاد بحاجةٍ لتركيا كحارسةٍ وضابطة لحدوده الشرقية، ولكن انتهاكات تركيا المستمرة والمتزايدة للمياه الإقليمية، والمجال الجوي لليونان وقبرص حسب تقرير المفوضية الأوروبية الصادر في حزيران 2019، السياسات التي يتبناها الرئيس أردوغان إزاء تقييد المجال العام، والخيارات السياسية الإقليمية والدولية وعواقبها على استقرار الاتحاد الأوروبي، تُنبئ بتراجع العلاقات وفرص نيل عضوية كاملة داخل الاتحاد، مع الدعوة حتى إلى تعليق التفاوض مع أنقرة، بشأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. ولكن على الرغم من أن العلاقات السياسية في حدها الأدنى، إلا أن العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تحافظ على مستوى متقدم من التبادل التجاري والاستثمار.

 

الخاتمة

إن هيكلية الاتحاد الأوروبي، تركيبته ونظامه الداخلي الذي يعطي دول الأعضاء حق الفيتو في ما يتعلق بالقرارات الاستراتيجية، لا يساعدان على اتخاذ القرارات بشكلٍ سريع وموحد. كذلك، إن اختلاف السياسات وأهداف الدول المكونة للاتحاد يعيق إتمام النقاشات، فيعرقل أو يعطل اتخاذ أي قرار، موقف أو استراتيجية موحدة تجاه أي مسألة مطروحة على الاتحاد.

قبل الثورات العربية، اتخذت السياسات الأوروبية منحى إصلاحي، فتم تطوير العديد من السياسات بهدف دعم عمليات الإصلاح في مختلف دول الجوار. أما اليوم، فإن اهتمامات الاتحاد الأوروبي مع دول الجوار أصبحت اقتصادية وأمنية، أكثر من كونها سياسية وحيادية في تعاطيها مع الرؤى المختلفة للإصلاح السياسي. فمن أولويات الاتحاد مع دولتَيه الرائدتَين - فرنسا وألمانيا - في علاقته مع دول حوض المتوسط الحد من الهجرة غير الشرعية القادمة من بلدان المنطقة أو عبرها، مكافحة الإرهاب وتحقيق مكاسب اقتصادية عن طريق الصفقات التجارية بالعمل مع ما يُسمى بـ"الحكومات الآمنة" أو الحكومات شبه المستقرة التي تضمن الاستقرار على أراضيها، وغضّ النظر عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وممارسة العنف ضد مواطنيها، ما سيؤدي إلى زيادة التوتر السياسي والاجتماعي - الاقتصادي في كل من دول المنطقة، وسيضعها في دائرة عنف جديدة.

تعطي الاهتمامات الأمنية هذه البلدان شرعية وغطاء دوليًا، وتضع مشاريع الدعم والترويج للديموقراطية، وحقوق الإنسان في أسفل الأولويات تحت ذريعة حماية الدول الأوروبية من الإرهاب.

إن اقتصار التعاون مع دول الجوار بالشق الاقتصادي المالي والأمني، دفع بالقوى الإقليمية والدولية إلى تأدية دور سياسي أكبر في المنطقة، وهمّش دور الاتحاد الأوروبي، فأصبح يمثّل لمعظم دول جنوب المتوسط، مصدرًا مهمًا للمساعدات في مجالات التنمية، مع تأثير محدود على السياسة الدولية والإقليمية، واعتباره متعاونًا مع السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة أو داعمًا لها، وبخاصةٍ في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية (مع العلم أن هناك اختلافًا داخل الاتحاد تجاه السياسة الأميركية، كما أن هناك استعدادًا أقل من قِبَل الأوروبيين لمساعدة أميركا في تطبيق سياستها في المنطقة)، على الرغم من أن الاتحاد يمتلك الكثير من الوسائل السياسية والاقتصادية والإعلامية للتأثير في رسم السياسات في المنطقة.

على الرغم من وضع الاتحاد الأوروبي التنمية الاقتصادية والأمن في مقدمة أولوياته، ما زال الاتحاد يؤدي دورًا أساسيًا للترويج للديموقراطية (ولو خلف الأبواب الموصدة في الاجتماعات الثنائية بين الاتحاد ودول الجوار) والاقتصاد الليبرالي.

صحيح أن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي قوّضت دوره السياسي في دول الجوار، ولكن قربه الجغرافي من منطقة الشرق الأوسط وتفهمه لمشاكله - أكثر من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا - ووجود مصالح اقتصادية ضخمة ربما سيدفعه، إلى اتباع سياسة أكثر فاعلية وإيجابية، وأن يتحمل مسؤولية أكبر تجاه الأخطار التي تواجه العالم المحيط به، وستكون السنوات المقبلة بمثابة اختبار لقدرته على التغلب على هذه الانقسامات المنهكة ويصبح جهة مقررة وفعالة.

 

المراجع

الكتب

• Bastasin Carlo, Saving Europe, Brookings Institution Press, Washington, January, 2015 BindiFrediriga, the foreign policy of the European Union

• Brookings Institution Press, Washington, December, 2009

• Podevin Estelle, l’Union Européenne et la politique étrangère, l’Harmattan, Paris 2010.

• Youngs Richard, Europe in the New Middle East: Opportunity or Exclusion?. Oxford University Press. 2014.

المقالات

•  العربي محمد، ماذا يحضّر الاتحاد الأوروبي لمكافحة المهاجرين. قبالة السواحل الليبية؟

-03-28-2019، https://perma.cc/E7PQ-RK7H

•  عبد الكريم نصر، العلاقات الأوروبية - الفلسطينية: الدور الاقتصادي الأوروبي، مركز الزيتونة للدراسات و الاستشارات، بيروت، تشرين الثاني 2010

 https://perma.cc/AAM6-MC9K

•  هايدي كارس، السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات، السياسة الدولية

http://www.siyassa.org.eg/News/7608.aspx

•  كلارا مارينا أونيل، الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط ماذا يحمل المستقبل؟ 3-1-2012

http://www.siyassa.org.eg/News/1652.aspx

•  مصطفى عبد اللـه مصطفى، الاتحاد الأوروبي يعتمد استراتيجية دفاعية شاملة بعد استهداف مواطنيه في الداخل والخارج،

https://perma.cc/94NX-NE79

•  قيسون إبراهيم، سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا،27 ك1-2016.

https://perma.cc/94NX-NE79

•  ستاسا سالاكانين، اتجاهات السياسة الخارجية الأوروبية في مقاربة الأزمة الخليجية، 4 أيلول2017 .

• http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/09/170904131854664.html2017

•  طلاي إسماعيل، الاتحاد الأوروبي :حريصون على حل الأزمة الخليجية

https://perma.cc/7WQP-W5W

•  سعيد كرم، تركيا والاتحاد الأوروبي.. التقارب المستحيل، في 7 تموز 2019،

https://al-ain.com/article/european-union-turkey

 

المقالات في اللغة الأجنبية

• Bourdillon Yves, Le Liban obtient une aide internationale substantielle, 6 avril 2018, https://www.lesechos.fr/2018/04/le-liban-obtient-une-aide-internationale-substantielle-988284.

• Farah Fréderic, Face à l’UE, le jeu est déséquilibré, 4 octobre 2019, https://www.lecommercedulevant.com/article/29372-frederic-farah-face-a-lue-le-jeu-est-desequilibre.

• Osiewicz, P. “Europe Seeks Peaceful End to Gulf Crisis”, Middle East Institute, 27 June 2017, https://www.mei.edu/content/article/europe-seeks-peaceful-end-gulf-crisis.

 

 

التقارير باللغة العربية

•  أربعة أسباب وراء توتر علاقات قطر مع جيرانها، 5 حزيران 2017.

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-40164799

• ناتالي توتشي "الأجندة الجديدة للاتحاد الأوروبي حول المرونة في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا"، النهار 3-11-2017.

https://perma.cc/N368-6CH3

•  الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطينية

https://perma.cc/8T2L-7BDW

•  تقرير حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان: تعزيز شراكتنا23-06-2017.

https://eeas.eurpa.eu/delegations/lebanon/29271/%D8% AA%D9%82%D8%

•تاريخ من العلاقات "الملتبسة" بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 19-03-2016.

https://perma.cc/6XD8-KUPC

 

تقارير باللغة الأجنبية

•European Commission, Responding to the Syrian crisis , EU support to Resilience in Lebanon, Nov.2018,

•https://ec.europa.eu/neighbourhood-enlargement/sites/near/files/eu-support-to-lebanon-factsheet.pdf

•European Union, 15-03-2018, Speech by High Representative/Vice-President Federica Mogherini at the Rome II Ministerial Meeting to support the Lebanese Armed Forces and the Internal Security Forces.

•European Union https://eeas.europa.eu/headquarters/headquarters-homepage/41450/speech-high-repFederica Mogherini at the doorstep following her meeting with the Foreign Minister of Qatar, Sheikh Mohammed bin Abdulrahman Al-Thani”, European Union External Action Service, 9 July 2017,: goo.gl/NncKVTresentativevice-president-federica-mogherini-rome-ii-ministerial-meeting_en.

•Global strategy https://europa.eu/globalstrategy/en/vision-action

•Peter Stano, Lebanon: Statement by the Spokesperson on the formation of the new Government, European Union, 22-01-2020,

•https://perma.cc/5KD8-AM9Q.

•position on the Middle East crises”, Vote Watch Europe,

http://www.votewatch.eu/blog/this-is-why-the-eu-lacks-a-position-on-the-middle-east-crises/.

•Le Senat, Les relations entre l'Union européenne et la Turquie: état des lieux, http://www.senat.fr/rap/r16-618/r16-61811.html.

 

[1]- أنورمحمد فرج، السياسة الخارجية المشتركة للاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط إعلان برشلونة نموذج

https://www.iasj.net/iasj?func=fulltext&aId=60456

[2]- .Richard Youngs, Europe in the New Middle East: Opportunity or Exclusion? Oxford University Press. 2014

[3]- تهدف معاهدة ماستريخت إلى تعزيز الشرعية الديموقراطية للمؤسسات الأوروبية وتحسين فعاليتها، وتأسيس اتحاد اقتصادي ونقدي، ووضع سياسة خارجية وأمنية مشتركة، وتطوير البعد الاجتماعي للجماعة الأوروبية.

[4]- أدخلت المعاهدة تغييرات كبيرة في معاهدة ماستريخت. معاهدة أمستردام تُعنى بزيادة التركيز على المواطنة وحقوق الأفراد والمزيد من الديموقراطية في شكل زيادة سلطات البرلمان الأوروبي، أيضًا تشكيل عنوان جديد عن العمالة، تحقيق الحريات الاجتماعية، الاهتمام بأمور الأمن والعدالة، ونقطة البداية لتحقيق السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، وتحقيق الإصلاح في المؤسسات العامة للتحضير لتوسّعها.

[5]- رسخت معاهدة نيس قيم حماية حقوق الإنسان عبر خلق آليات تنبيه ومحاسبة دول الاتحاد لدى خرقها لمبدأ من مبادئ الحريات العامة، وروابط تقوية العلاقات الداخلية لبلدان المكونة للاتحاد عبر تقوية التعاون وعدم اشتراط الأغلبية لتحقيق هذا الهدف من جهة، وعبر إلغاء حق النقض الفيتو الذي جاءت به اتفاقية أمستردام.

[6]- نصت معاهدة لشبونة على إعطاء حقوق موسعة لبرلمانات الدول الأعضاء، وضع سياسات مشتركة في مجالات الطاقة والوقود والقضايا المرتبطة بالانحباس الحراري، إعطاء منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي صلاحيات أوسع مما عليه الآن وترأس دولة أوروبية الاتحاد مدة سنتين ونصف السنة، عوض الرئاسة بالمناوبة التي تستمر نصف عام.

[7]- ما هي طبيعة السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي؟ https://perma.cc/J2TZ-VHKF

[8]- الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط، ماذا يحمل المستقبل؟ 3-1-2012 كلارا مارينا أونيل http://www.siyassa.org.eg

[9]- بدأت في العام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورو - متوسطي لتعزيزعلاقاته مع البلدان المطلة على البحر المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. كما اقترح فيه العديد من السياسات من بينها الأمن والاستقرار في منطقة البحر المتوسط، تعزيز الديموقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان. تحقيق شروط تجارية متبادلة مرضية لشركاء المنطقة. وضعت تلك الشراكة الأسس لما بات يعرف بالاتحاد من أجل المتوسط وبناء مؤسساته من دون أن يحل محل الشراكة الأورو - متوسطية.وتضم هذه الشراكة اليوم 44 عضوًا: 27 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و16 دولة في الشراكة هي (ألبانيا، المغرب، البوسنة والهرسك، تركيا، مصر، إسرائيل، الأردن، لبنان، تونس، موريتانيا، موناكو، الجبل الأسود، ليبيا، سوريا والجزائر، فضلًا عن السلطة الوطنية الفلسطينية.

[10]- ناتالي توتشي، "الأجندة الجديدة للاتحاد الأوروبي حول المرونة في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا" النهار 3-11-2017

https://perma.cc/N368-6CH3

[11]- هايدي كارس، السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تجاه جنوب المتوسط في أعقاب الثورات، السياسة الدولية،http://www.siyassa.org.eg/News/7608.aspx

[12]- عبداللـه مصطفى، الاتحاد الأوروبي يعتمد استراتيجية دفاعية شاملة بعد استهداف مواطنيه في الداخل والخارج، الشرق الأوسط، 17-3-2015 https://perma.cc/94NX-NE79

[13]- إبراهيم قيسون، سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا،27 ك1-2016 https://perma.cc/94NX-NE79

[14]- محمد العربي، ماذا يحضّر الاتحاد الأوروبي لمكافحة المهاجرين. قبالة السواحل الليبية ؟-03-28-2019، https://perma.cc/AY27-KM8D

[15]- تقرير حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان: تعزيز شراكتنا23-06-2017 https://perma.cc/SJM5-BLJ7

[16]- تقرير حول العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ولبنان : تعزيز شراكتنا 23-06-2017، مرجع سابق.

[17]- European Union, 15-03-2018, Speech by High Representative/Vice-President Federica Mogherini at the Rome II Ministerial Meeting to support the Lebanese Armed Forces and the Internal Security Forces, https://perma.cc/WV52-ZU7A

[18]- Peter Stano, Lebanon: Statement by the Spokesperson on the formation of the new Government, European Union, 22-01-2020, https://perma.cc/5KD8-AM9Q

[19]-    مساهمة الاتحاد ومؤسساته المالية: 800 مليون دولار، البنك الأوروبي للاستثمار من دولارات أوروبا والبنك الدولي، و1،1 مليار دولار من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية و150 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي

Yves Bourdillon, Le Liban obtient une aide internationale substantielle, 6 avril 2018, https://www.lesechos.fr/2018/04/le-liban-obtient-une-aide-internationale-substantielle-988284

[20]-  Fréderic Farah, Face à l’UE, le jeu est déséquilibré, 4 octobre 2019 https://www.lecommercedulevant.com/article/29372-frederic-farah-face-a-lue-le-jeu-est-desequilibre

[21]- الاتحاد الأوروبي والقضية الفلسطنية https://perma.cc/8T2L-7BDW

[22]- نصر عبد الكريم، العلاقات الأوروبية – الفلسطينية: الدور الاقتصادي الأوروبي، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت، تشرين الثاني 2010. https://perma.cc/FN35-Y97G

[23]- نصر عبد الكريم، مرجع سابق.

[24]- الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للمعونات للفلسطينيين فقد تولى قيادة الجهود الرامية إلى بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وقام بتدريب القوات الأمنية الفلسطينية وقدّم بعثة مراقبة على الحدود بين مصر وغزة.

[25]- إسماعيل طلاي، الاتحاد الاوروبي :حريصون على حل الأزمة الخليجية https://perma.cc/7WQP-W5W

[26]- بالإضافة لاهتماماته الأمنية في هذا الموضوع، فهو يحاول حماية مصالح أعضائه الاقتصادية والمالية في الخليج، إن تجارة البضائع بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي قد وصلت إلى 138.6 مليار يورو في العام 2016، وكانت في صالح الاتحاد إذ إنه صدَّر ما يعادل 100.8 مليار يورو إلى المنطقة في 2016. ستاسا سالاكانين، اتجاهات السياسة الخارجية الأوروبية في مقاربة الأزمة الخليجية، 04 أيلول2017،

http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/09/170904131854664.html2017

[27]- President Federica Mogherini at the doorstep following her meeting with the Foreign Minister of Qatar, Sheikh Mohammed bin Abdulrahman Al-Thani”, European Union External Action Service, 9 July 2017, :goo.gl/NncKVT

[28]- ستاسا سالاكانين، اتجاهات السياسة الخارجية الأوروبية في مقاربة الأزمة الخليجية، 4 أيلول 2017، http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2017/09/170904131854664.html2017

[29]- Osiewicz, P. “Europe Seeks Peaceful End to Gulf Crisis”, Middle East Institute, 27 June 2017, https://www.mei.edu/content/article/europe-seeks-peaceful-end-gulf-crisis

[30]- . “This is why the EU lacks a position on the Middle East crises”, Vote Watch Europe, 4 July 2017, (http://www.votewatch.eu/blog/this-is-why-the-eu-lacks-a-position-on-the-middle-east-crises/

[31]- ستاسا سالاكانين، اتجاهات السياسة الخارجية الأوروبية في مقاربة الأزمة الخليجية، مصدر سابق.

[32]- تاريخ من العلاقات "الملتبسة" بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 19-03-2016 https://perma.cc/6XD8-KUPC

[33]- كرم سعيد، تركيا والاتحاد الأوروبي. التقارب المستحيل، في 7 تموز 2019، https://al-ain.com/article/european-union-turkey

[34]- le Senat, Les relations entre l'Union européenne et la Turquie : état des lieux, http://www.senat.fr/rap/r16-618/r16-61811.html

The European Union in the Middle East: changing priorities?

The European Union (EU) surely has many attributes specific to power (economy, trade, technology, culture, and currency), policies and instruments that deal with the challenges of international policy and the relations with practically all the countries of the planet. Through its common foreign policy, the European Union is trying to speak with one voice to defend its interests.

Since the Rome Agreement of 1957, the European countries have endeavored to set up a Euro-Mediterranean policy based on mutual interests between the countries of the two shores of the Mediterranean, in particular in the fields of security, cooperation and promotion of the values of the rule of law.

In 1995 the EU Member States and the 12 partners of the southern shore of the Mediterranean launched with considerable financial resources a Euro-Mediterranean partnership which included political, economic and socio-cultural objectives. But the partnership turns out to be a failure. In fact, the development gaps between the two shores have widened and the region has remained an unstable area.

The upheavals of 2011 surprised the whole world and urged the Union to define new policies for these countries. Two EU communications published in 2011 organized and redirected the EU policy and strategy towards unstable neighboring countries. The war that continues in Syria, in Libya, the Arab-Israeli peace processes which are bogged down, the geopolitical tensions which remain sharp, the migratory crisis, the terrorist acts which are worsening and the diplomatic crisis between the countries of the Gulf, are major challenges to which the Union must provide answers. Europe’s response for the moment seems timid, safe, economic rather than political and above all does not meet the expectations of the countries in the region or its civil society, and we can see very little support for the change.

In this article, we try to study the political, economic and security policy of the European Union with certain unstable countries in the Middle East, the challenges that threaten the security and stability of the Union such as terrorism, conflicts, the crises in neighboring countries (Libya, Syria and Lebanon) and the issues affecting its economy. (The Gulf crisis and relations with Turkey).

L'Union européenne au Moyen-Orient: changement de priorités?

L’Union européenne (UE) dispose surement de nombreux attributs propres à la puissance (économie, commerce, technologie, culture, monnaie), des politiques et des instruments qui traitent les enjeux de la politique internationale et des relations avec pratiquement tous les pays de la planète. A travers sa politique étrangère commune, l'Union européenne essaye de parler d'une seule voix pour défendre ses intérêts.

Depuis l'accord de Rome de 1957, les pays européens s'efforcent de mettre en place une politique euro-méditerranéenne fondée sur des intérêts mutuels entre les pays de deux rives de la Méditerranée, notamment dans les domaines de la sécurité, de la coopération et de la promotion des valeurs de l'Etat de droit.

En 1995 les États membres de l'UE et les 12 partenaires du rive sud de la méditerrané ont lancé avec des moyens financiers considérables un partenariat euro-méditerranéen qui comportait des objectifs politiques économiques et sociaux-culturel. Mais le partenariat se révèle être un échec. En effet, les écarts de développement entre les deux rives se sont creusés et la région est restée une zone instable.

Les bouleversements de l’année 2011 ont surpris l’ensemble du monde et ont poussé l’Union à la définition de nouvelles politiques pour ces pays. Deux communications de l’UE publiées en 2011, organisent et réorientent la politique et la stratégie de l’UE vis-à-vis des pays du voisinage instables. La guerre qui se poursuit en Syrie, en Libye, les processus de paix israélo-arabe qui s’enlise, les tensions géopolitiques qui restent vives, la crise migratoire, les actes terroristes qui s’amplifient et la crise diplomatique entre les pays du Golfe, sont des défis majeurs auxquels l’Union doit apporter des réponses. La réponse de l’Europe semble pour l’instant timide, plutôt sécuritaire, économique que politique et surtout ne répond pas aux attentes des pays de la région ni à sa société civile et on aperçoit très peu le soutien aux changements.

Dans cet article, on essaye d’étudier les relations politiques, économiques et ceux de la sécurité de l'Union européenne avec certains pays du Moyen Orient instables, les enjeux qui menacent sa sécurité et sa stabilité tels que le terrorisme, les conflits et les crises dans les pays voisins (Libye, Syrie et Liban) et les dossiers affectant son économie. (La crise du Golfe et les relations avec la Turquie).