الالتفاف على السلام

الالتفاف على السلام
إعداد: العميد الركن الياس فرحات
مدير التوجيه

 

السلام كل واحد لا يمكن تجزئته انه مفهوم شامل يتضمن الى جانب الامن، اعادة الحقوق وتسوية العلاقات في جميع جوانبها.
انطلاقاً من هذا المفهوم واذا راجعنا مجمل مبادرات السلام العربية لا سيما اعلان بيروت المنبثق عن المبادرة السعودية، نجد ان العرب كانوا دائماً اصحاب مشاريع سلام فيما لم تقدم اسرائيل اي مشروع للسلام منذ انشائها عام 1948 ومنذ بداية الصراع العربي الاسرائيلي تنازع المنطقة مفهومان: السلام عند العرب والامن عند اسرائيل اذا كان السلام يحقق الامن ويعيد الحقوق الى اصحابها فإن الامن وحسب المفهوم الاسرائيلي يعني الاخضاع والاحتلال حتى اذا حدثت مقاومة اختل الامن واقامت اسرائيل الدنيا واستنفرت محافلها في كل مكان لتطرح مسألة امن اسرائيل.
انطلقت اسرائيل من مفهوم الامن الى مفهوم الحدود الآمنة هذه الحدود المطاطة التي لا تعرف استقراراً عند مكان اين تبدأ واين تنتهي؟ لا احد يعلم. لكنها تبدأ وتنتهي حيث يتحقق الامن لاسرائيل واذا سلمنا جدلاً ان اسرائيل تريد توسع حدودها الشرقية لتحقيق الامن فإنها سوف تصل حتماً سوى الهند والصين واذا عارض احد اسرائيل في كل المشرق فإنها ستلتف حول العالم.
ولعل اخطر تظهير لمفهوم الامن والحدود الآمنة كان انشاء منطقة امنية في جنوب لبنان اثناء اجتياح 1978. دافعت اسرائيل عن نظرية المنطقة الامنية لكن هذه النظرية اخذت شيئاً فشيئاً في الافول تحت ضربات المقاومة حتى انتهت مع اندحار القوات الاسرائيلية عن جنوب لبنان.
اذا اعتمدنا نظرية المنطقة الامنية فإن اي بلد في العالم يشعر بتهديد امني من البلد الجار، يحتل منطقة امنية وهكذا تنتهي هذه النظرية بادخال دول العالم المتجاور في نزاعات لا نهاية لها.
سقطت المنطقة الامنية وبدأ مفهوم الحدود الامنية يسقط مع فشل كل الاجتياحات لمناطق الحكم الذاتي الفلسطيني وهذا كله تمهيد لفشل مفهوم الامن. ولن يبقى الا مفهوم السلام ان كل الطروحات الامنية الاسرائيلية ما هي الا التفاف على السلام ومحاولات لتأسيس نزاعات جديدة.
بين الامن والسلام تكمن حقيقة الصراع.