ذكراهم خالدة

البحر يحتضن ذكرى مغاويره
إعداد: باسكال معوض بو مارون


لأن شهادتهم ساطعة في كل زمان ومكان


في ثكنة ميلاد الندّاف - عمشيت، وبحضور ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي قائد فوج مغاوير البحر العقيد الركن عبد الكريم هاشم, ومدير العمليات العميد الركن مارون الحتي، ورئيس الغرفة العسكرية العميد الركن جورج شريم، ورئيس فرع العمليات في مديرية المخابرات العميد الركن أنطونيوس ابراهيم، وعدد من الضباط وأهالي شهداء الفوج، جرى حفل تسليم شهادات وشارات ودروع لعسكريّي الفوج وذوي شهدائه وبعض المدنيين، وذلك بمناسبة إقامة نصب تذكاري لكل شهيد تحت سطح الماء.


وفاءً لشهداء الفوج
افتتح الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم ألقى العقيد الركن هاشم كلمة جاء فيها:
«اسمحوا لي بداية أن أرحب بكم فردًا فردًا، وأن أنقل إليكم تحية قائد الجيش العماد جان قهوجي، وشكره على حضوركم بيننا في هذا الإحتفال، الذي أردنا من خلاله التعبير عن وفاء الفوج لشهدائه الأبرار، ولعائلاتهم التي كابدت الصبر على الآلام والجراح، وكان لها النصيب الوافر من التضحية، كما أردنا التعبير عن تقديرنا لضباط الفوج وعسكرييه، أكانوا في الخدمة الفعلية أم في التقاعد، والذين بفضل سواعدهم المفتولة وعزائمهم الصلبة، ارتفعت دعائم الفوج، واستطاع تحقيق الإنجاز تلو الآخر في مسيرته الزاخرة بمحبة لبنان، وإرادة التضحية بالغالي والنفيس في سبيله.
 

أيها الأخوة الأعزاء
إن الشهادة في سبيل الوطن هي أنبل ما يمكن أن يقدمه المرء على دروب العطاء الإنساني، فأنّى لنا في حضرة شهدائنا الأبرار، أن نعدد خصالهم الحميدة ومآثرهم الخالدة، وهم النخبة من الرجال الأوفياء الشجعان، الذين برّوا بالعهد والقسم، فأقرنوا الإيمان بفعل الشهادة الساطع كنور الشمس، دمًا زكيًا طاهرًا، ينتصر للحق ويجرف الباطل، ويؤكد للقاصي والداني أن وطننا لبنان هو موطن العزة والكرامة والعنفوان، وهو كطائر الفينيق المنتفض من الرماد، العصي على الموت والفناء.
 

أيها الحفل الكريم
مع قناعتنا الراسخة بأن الوفاء للشهداء يكون قبل كل شيء بالتزام مبادئهم وقيمهم والحفاظ على إنجازاتهم، بادرنا في خطوة رمزية إلى إقامة نصب تذكاري لكل شهيد تحت سطح الماء، وهي خطوة تحمل في دلالتها ومعانيها، خصوصية مغوار البحر، المستعد أبدًا لتلبية نداء الواجب في كل زمانٍ ومكان، وتكون بمنزلة شاهد أمام الأجيال على عظمة تضحيات الشهداء ومآثرهم البطولية في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب والعابثين بأمن الوطن والمواطن.
عهدنا لكم أيها الأخوة أن تبقى المؤسسة العسكرية عائلتكم الكبرى وملاذكم الدائم في كل ما تصبون إليه، وعهدنا للشهداء أن نمضي على خطاهم، وأن تبقى ذكراهم العطرة حية في الضمائر والنفوس، وشعلة نستنير بها على درب الشرف والتضحية والوفاء».

 

شوق وحنين
بعد ذلك تمّ تسليم الشهادات والدروع للضبّاط الذين تولّوا قيادة الفوج، ثم لأهالي الشهداء وبعدها للمدنيين الذين ساهموا مع الجيش في معارك نهر البارد. وختامًا قدّمت الشهادات والشارات للعسكريين في الخدمة الفعلية ولرتباء وأفراد متقاعدين خدموا في الفوج سابقًا. من ثم تمّ عرض فيلم وثائقي ظهر خلاله شهداء الفوج في أثناء تمريناتهم وفي لقطات متفرّقة صُوِّرت في وقت سابق، ما أثار مشاعر الشوق والحنين لدى الأهالي. كما تضمّن الفيلم مشاهد عن مراحل تحضير اللوحات الحجرية وصنعها ووضعها ضمن النصب التذكاري للشهداء تحت الماء.
بعد الفيلم الوثائقي وقف الجميع على الشاطئ حيث أبحرت زوارق تحمل على متنها زوجات الضباط الشهداء مع العقيد الركن هاشم وعدد من الضباط والرتباء، ووضعت أكاليل من الزهر على صفحة الماء فوق النصب التذكاري.
عاد الجميع بعدها إلى مقصف الفوج حيث اختتم الحفل بكوكتيل شرب خلاله الجميع نخب الشهداء الأبطال، والجيش والوطن.

 

النصب التذكاري
استغرق العمل في النصب التذكاري تحت الماء حوالى 6 أشهر؛ في البداية تمّ تخطيط أنموذج الأرزة ورسمه ثم وضع تحت الماء. بعدها أنزل عناصر الفوج النصب الحجرية واحدًا واحدًا بعد أن حفروا عليها أسماء الشهداء مع وضع مادة مقاومة تمنع مياه البحر من محوها، وثبتوها في أماكنها المحددة تحت الماء وضمن الأنموذج بحسب رتب الشهداء. ووضعت على قمة الأرزة لوحة بتاريخ إقامة النصب وبرعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي.