نحو حياة أفضل

البرمجة اللغوية العصبية كيف تُحسّن حياتنا؟

مَن منّا لا يحلم بالنجاح في حياته المهنية والاجتماعية والعاطفية؟ ومَن منّا لا يرغب في التحكم بأفكاره وانفعالاته وعواطفه، وخصوصًا في نمط سلوكه الذي يحول أحيانًا دون تواصل جيد مع الآخرين ويعيق تقدمه في الحياة؟ يؤكد خبراء في علم البرمجة اللغوية العصبية NLP Neuro-linguistic programming أنّ هذه الأمور ممكنة من خلال تقنيات خاصة تسهم في إعادة برمجة المفاهيم والأنماط السلوكية الخاصة بالفرد، وخلق نماذج سلوكية ناجحة تؤهّله لمواجهة التحديات وتحقيق التقدم والنجاح.

 

علم البرمجة اللغوية العصبية (NLP) هو نهج يسعى إلى فهم اللغة البشرية واستخدامها في توجيه عقل الفرد نحو تحقيق أهدافه وتطوير قدراته الذاتية. يقوم هذا العلم على فكرة مفادها أنّ الأنماط العصبية واللغوية والسلوكية تتفاعل مع بعضها بطرق يمكن فهمها واستغلالها لتحقيق تغييرات إيجابية في حياة الأفراد. وعليه، فهو يستخدم تقنيات تركّز على التفاعل المذكور في إطار إعادة برمجة سلوك الفرد وتعديل طريقة تفكيره ونظرته إلى المفاهيم والصدمات التي شكلتها أحداث الماضي، بغية تمكينه من السيطرة على عقله وسلوكه لاكتساب مهارات مختلفة تساعده في التوصل إلى الإبداع والتميّز، وتحقيق الطموحات والأهداف التي وضعها لنفسه.

تأسس هذا العلم في السبعينيات من القرن الماضي على يد عالم النفس ريتشارد باندلر وعالم اللغة جون جريندر، اللذين اكتشفا أنّ الأنماط اللغوية والسلوكية للأشخاص الناجحين يمكن دراستها ونقلها إلى الآخرين من خلال تقنيات محددة، ما يتيح للأفراد العاديين اكتساب سلوكيات أشخاص استثنائيين حققوا نجاحات باهرة.

 

تطوير المهارات

تُستخدم تقنيات البرمجة اللغوية العصبية كوسيلة فعالة لتدريب المرء على التعامل مع الضغوطات والصدمات النفسية، وكعلاج من الخوف والقلق وبعض أنواع الاكتئاب، كما تُعتمد بشكل خاص في مجال تحسين العلاقات الشخصية والمهنية. ويؤدي العلاج عبر التقنيات المذكورة إلى تطوير مختلف المهارات، إن على الصعيد الشخصي مثل إدارة الوقت، التنظيم، القدرة على الإقناع وتحقيق الأهداف، أو على الصعيد المهني كالمهارات القيادية التي تساعد أرباب العمل والمدراء في تطوير قدراتهم على التواصل وإدارة الفرق. كما يسهم العلاج في إحداث تغيير مهم في شخصية المرء، مثل تعزيز ثقته بنفسه وتقديره لذاته وتدريبه على السيطرة على عواطفه وسلوكه السلبي، ما يساعده في التغلّب على العقبات الشخصية وتحويل السلوك السلبي إلى آخر إيجابي.

ويلجأ الخبراء في علم البرمجة اللغوية العصبية إلى خطوات عدة لتعديل السلوك وتطوير الذات، من بينها:

- رسم الأهداف، حيث يساعدون الأفراد على تحديد أهدافهم بوضوح واستخلاص الخطوات اللازمة لتحقيقها.

- تغيير النماذج العقلية من خلال تدريب الأفراد على تغيير الاعتقادات السلبية أو النماذج العقلية التي تقيّدهم وتمنعهم من التقدم.

- استخدام تقنيات التواصل الفعال لتحسين العلاقات الشخصية والاجتماعية.

- تعليم الأفراد استراتيجيات التفكير والتصرف التي تساعدهم في التغلّب على التحديات وتحقيق النجاح.

- استخدام تقنيات التحرّر العاطفي لمساعدة الأفراد في التغلب على العواطف السلبية وتحريرهم من الإجهاد والقلق.

 

البحث داخل الذات

تساعد تقنيات الـ NLP الأفراد على فهم حالاتهم الذهنية وأنماط تفكيرهم وطريقة تصرفهم. وهي تدرّبهم على إدارة مزاجهم وعواطفهم وإعادة برمجة الطريقة التي يعالجون بها المعلومات. كما تحثّهم على معرفة سبب نجاحهم في الماضي وتحديد كيفية تكرار هذا النجاح بسهولة وكفاءة. ويوضح المدربون أنّ الأفراد هم من يجدون الإجابات لمشكلاتهم، في حين يقتصر دور المعالج على مساعدتهم في البحث عنها داخل ذواتهم.

يستخدم المعالجون مجموعة من التقنيات المتنوّعة، منها:

- التمثيل البصري الذي يستخدم الصور الذهنية لتغيير الطريقة التي يرى بها الشخص العالم.

- إعادة الهيكلة اللغوية من خلال تعديل الألفاظ المستخدمة في التفكير والتحدّث لتعزيز الإيجابية.

- تقنية المرآة، وتقوم على محاكاة لغة الجسد أو نبرة الصوت لخلق رابطة أو تفاهم أعمق مع الآخرين.

- تبنّي النماذج من خلال تقليد السلوكيات الناجحة لأشخاص ناجحين بغية تحقيق نجاح مماثل.

من بين التقنيات أيضًا ما يعرف بموقع الإدراك، وهي تقنية تساعد على تفريغ المشاعر السلبية كي يتمكن المرء من التفكير بطريقة أفضل، ومن النظر إلى خلافاته مع الآخرين من وجهة نظر مغايرة، ما يساعده على تحسين التواصل والسيطرة على انفعالاته، وبالتالي يمنحه القدرة على السيطرة في مواجهة مختلف التحديات والمواقف.

إلى ذلك، هناك التقنية المعروفة بإعادة تشكيل الأطر، وهي تساعد المرء على فتح حوار مع الذات وتحفّزه على التنقيب في لاوعيه وإيجاد الأجوبة للمعضلات التي تعوّق تقدمه كالقلق أو الخوف وغيرها.

يستخدم تقنيات الـ NLP أشخاص متخصصون في هذا المجال، حيث يقومون بتوجيه الجلسات لتصحيح أي تفكير سلبي يمكن أن يؤثر على سلوك المرء وعلى تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية بشكل فعّال.

”تُستخدم تقنيات البرمجة اللغوية العصبية كوسيلة فعالة لتدريب المرء على التعامل مع الضغوطات والصدمات النفسية، وكعلاج من الخوف والقلق وبعض أنواع الاكتئاب، كما تُعتمد بشكل خاص في مجال تحسين العلاقات الشخصية والمهنية.“

”يمكن دراسة الأنماط اللغوية والسلوكية للأشخاص الناجحين ونقلها إلى الآخرين من خلال تقنيات محددة، ما يتيح للأفراد العاديين اكتساب سلوكيات أشخاص استثنائيين حققوا نجاحات باهرة.“