ذكراهم خالدة

البلدات والقرى تواصل إحياء ذكرى الشهداء
إعداد: نينا عقل خليل - جان دارك ابي ياغي

احتفالات وصلوات ونصب تخلد العطاءات السخية

تابعت بلدات الشهداء تكريم أبنائها الذيـن افتدوا الوطن بحياتهم. وبحضور ممثلين عن قيادة الجيش أقيمت عدة احتفالات تزامن توقيتها مع تاريخ استشهاد ضباط وعسكريين، حيث شهدت بلدات الشهداء وقراهم إقامة نصب تذكارية تخليداً لذكرى الشهداء الأبرار.

 

إحياء ذكرى المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري
لمناسبة مرور عام على استشهاد المقدم المغوار صبحي العاقوري، أقامت قيادة الجيش وعائلة الشهيد قداساً وجنازاً عن راحة نفسه وذلك في كنيسة مار يوسف - دير الأحمر.
ترأس الذبيحة الإلهية راعي أبرشية بعلبك - دير الأحمر المارونية المطران سمعان عطالله وعاونه النائب العام الأب حنا رحمة والآباء بول كيروز، إيلي عاقوري، ملحم شيت وجورج ليشع، جهاد سعادة والشماس سمير مهنا.
حضر القداس ممثل رئيس الجمهورية اللواء الركن جورج الهاشم، ممثل رئيس مجلس النواب الرائد ماهر طفيلي، ممثل رئيس مجلس الوزراء قائمقام بعلبك عمر ياسين، ممثل وزير الدفاع وقائد الجيش العميد فؤاد خوري، ممثل مدير عام أمن الدولة العقيد محمد مكحل، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي الرائد مروان سليلاتي، ممثل مدير عام الأمن العام الرائد ديب مشيك، ممثل قائد الدرك آمر فصيلة دير الأحمر الملازم زياد رياشي، وممثلون عن رؤساء الأحزاب وفاعليات سياسية واجتماعية ودينية وحشد من المواطنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران سمعان عطالله عظة بعنوان: «أين الباحث في أمور هذا الزمان»؟ ومما جاء فيها:
«سنة مرّت على سقوط المقدم المغوار صبحي أسعد العاقوري، كما سقط ما يناهز المئتين من عديد الجيش المفدى، الى جانب العدد الكبير من الذين عُوّقوا وشوّهوا: كلهم سقطوا ضحية الإرهاب ودفاعاً عن سيادة الوطن، سيادة الأرض واستقلال الشعب اللبناني الأبيّ... سنة مرّت وما زالت تستوقفنا أسئلة كثيرة على كل صعيد، والجراح التي فُتحت في كل جسم من أجسام اللبنانيين أوجعت بعنف وما زالت...».
وأضاف «كيف ننظر الى هذه الأحداث، المأسوية في حد ذاتها»؟ كيف نقرأها؟ أي جواب نعطيه على إراقة دماء أبنائنا وسفكها على جبهات الإرهابيين والأمّارين بالسوء؟ هل نعمل، وهل يعمل المسؤولون، وعلى كل الصعد، لتوجيه التضحيات السخية بحيث تصب في أهدافها وتنال مبتغاها فتبني عملية فداء لبنان وشعبه، كما وعملية إفتداء المعتدين أنفسهم، فيرجع الشرير عن غيّه ويستيقظ من ضلاله وتسود فضيلة احترام الآخر وتصان حقوقه وتحفظ كرامته والحرية؟».
«بعد سنة على استشهاد المقدم المغوار صبحي أسعد العاقوري، وكل شهيد للجيش اللبناني هو صبحي، من حق الذين فتح استشهاده هذا، جرحاً بليغاً في قلوبهم وعقولهم، أن يطرحوا على المسؤولين عن البلاد والعباد، على جميع المستويات، السؤال التالي الوحيد الأوحد: والآن، كيف حال الوطن؟ هذا السؤال طرحته، قديماً، أُمّ كانت غارقة في الصلاة، فيما ابنها على جبهة الحرب، عندما أتوها حاملين نبأ استشهاده: «كيف حال الوطن»؟ تلك كانت ردّة فعلها».
وختم قائلاً: «مع هذا السؤال وبالرغم من أن  الأيام رديئة، فإن لنا ملء الثقة برئيس البلاد، فخامة العماد ميشال سليمان، الآتي من مدرسة الإنضباط والوفاء والشرف والتضحية، بأنه يقود سفينة هذا الوطن الى ميناء السلام، المتعطش اليه كل لبناني أصيل، مخلص وشريف. كما تلك الأم، الحاملة جرحها وتسأل عن حال الوطن، هكذا على كل لبناني شريف أن يتحرّر ويتخطى مصالحه الشخصية ومصالح «انتماءاته» العديدة، ويرفع عالياً علم الوطن، الذي هو في النهاية علم كل لبناني والذي لا يجب أن يعلو عليه أيّ علم آخر...».

 

معرض لصور الشهيد ونصب تذكاري
وكان قد سبق القداس الإلهي والجناز إفتتاح معرض صور للشهيد في قاعة الكنيسة تضمّ مراحل مختلفة من حياته العسكرية، ثم توجّّه الجميع بعد القداس الى ساحة البلدة لإزاحة الستار عن النصب التذكاري حيث أقيم الاحتفال وألقيت الكلمات.
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى عرّيف الاحتفال الإعلامي بسّام برّاك كلمة حيّا فيها روح الشهيد ومعنى الشهادة، وقال:
« أجمل من التمثال هي الحياة. لكن ماذا نفعل حين ينقص من الحياة من نحبهم؟ حين يذهبون الى الشهادة متّكلين على بطولتهم لأن الوطن على الأبطال يتّكل؟
نجدنا نعوّض عنهم بتمثال يشبههم الى حد قريب. هكذا نفعل اليوم كي نرى الشهيد يقف على قدميه كما لو أنه في مقدمة فيلق يخوض المعركة. يتوثّب كما لو أنه في طليعة لواء، ويرفع جبهته كما لو أنه صامد على الجبهة، على خصره سلاحه، يده على الزناد والنار في قلبه أقوى من الرصاص...
ها هو واقف وها نحن ننتظره ليستشهد مرة أخرى ويزيح عن أجسامنا عبء الجبهات، فالشهيد بعد سنة من غيابه تجري في شهامته البطولة كما لو أن الشهامة دمه. يهبّ يقف يتسلح ويحدّق من خلف ستارة التمثال في وطن تحدق به المخاطر. ينادي على العسكر أينما كان العسكر فيصيرون جيشاً. لذا صفقوا لشهيد يحفظ واجباً تحت التراب تلقاه في مؤسسة الشرف والوطنية، صفقوا لبطل يحرّك بقامته التمثال، وقد نفض عن وجهه التراب حين سمع أن الوطن يلزمه الأبطال أنفسهم مرة ثانية، يلزمه المقدم المغوار صبحي العاقوري من جديد...
أوَ تعلمون ما معنى أن يصير جيش شهيداً عن شعب عن أمة عن مدينة أو عاصمة. أوَ تعلمون ما معنى شهادة الجيش؟ هذا معناه أن القسم تمّ وأن الوعد صار، فعندما يوارى شهيد خلف شهيد في مساقط لبنان وتربته، وعندما تعلق صور الأبطال في الطرقات وفوق أعتاب الكنائس والمساجد فلا خوف على أرض من أن تسلب ولا على نهر من أن يحرق ولا على شعب من أن يهلك... هكذا تحرس الأوطان لا بالقول بل بالاستشهاد».

 

كلمة قيادة الجيش
بعد إزاحة الستار عن تمثال المقدم المغوار الشهيد ووضع الأكاليل، عزفت موسيقى الجيش معزوفة الموتى ولازمة النشيد الوطني ولازمة نشيد الشهداء، وتوجّّه ممثل قائد الجيش العميد فؤاد خوري نحو المنصة وألقى كلمة القيادة التي جاء فيها:
على درب الوطن الطويل، محطات مفصلية، حفلت بالكثير من التجارب القاسية التي كادت تهدد مقومات وجود الكيان، وترسم أكثر من علامة استفهام حول مصيره، غير أن اللبنانيين لم يتأخروا يوماً عن أداء واجبهم الوطني، فكانوا في كلّ مرة ينبرون بحميّتهم المعروفة، الى مقاومة الظلم والطغيان، والاستبسال في الدفاع عن أرض الآباء والأجداد، باذلين الدماء والأرواح على مذبح الحرية والكرامة.
وقبل عام كان لبنان على موعد جديد مع محطة هي الأشد قساوة وخطورة في تاريخه المعاصر، فالعدو هو الإرهاب الذي عانت ويلاته ولا تزال معظم شعوب العالم، القريبة منها والبعيدة، وهدف هذا العدو واضح، وهو تفتيت وحدة الوطن وتشويه رسالته التي طالما شكّلت علّة بقائه وعنوان تألق أبنائه، لكن جيش الوطن المؤتمن على قيم الحرية والسيادة والاستقلال، وعلى حماية سلامة أهله، اندفع وكعادته الى ميدان الشرف والواجب، مدعوماً بالتفاف الشعب حوله، يردّ كيد الإرهاب الى نحره، ويقتلع أشواكه الواحدة تلو الأخرى، الى أن تحقق له الإنتصار المنشود، الذي تخضّب بدماء قافلة كبيرة من شهدائه الأبرار، كان في طليعتهم شهيدنا الغالي المقدم صبحي العاقوري، الذي سطّر بوفائه وشجاعته ونكرانه لذاته، أروع ملاحم البطولة والفداء، متوجاً حياته بشهادة حمراء تفوق كل تضحية وتتخطى كل عطاء.


شهيدنا البطل
بعد مرور سنة على استشهادك، لا تزال صورتك البهية، تطبع القلوب والعيون، وخيال قامتك الفارعة يظلل ساحات جيشك، ويجول في كل مكان وطأته قدماك ذات يوم، ولا تنفك نسائم الأرز والسنديان تحمل أنفاسك الندية، لتحدث كلّ ذي سمع عن أخبار بطولاتك ومآثرك، وها نحن الآن نلتقي أهلاً ورفاقاً وأصدقاء، في بلدتك الحبيبة دير الأحمر، الشامخة قبابها نحو السماء كشموخ جبال لبنان، والباسطة ذراعيها للخير والعطاء، تماماً كمثل سهلها الخصب الفسيح، هذه القلعة الوطنية التي وهبت عقلها وقلبها للجيش والوطن، حتى كادت بيوتها وشوارعها لا تحفل إلاّ بأعراس الشهادة، وحقولها لا تزهر إلاّ بمواسم الشهداء الأبطال.
نلتقي اليوم، لا لنعدد خصالك الحميدة وهي أكثر من أن تحصى، بل لنستقي من معين إخلاصك حب الوطن وشغف التضحية في سبيله، ولنجدد العهد لك بأننا على القسم باقون، وعلى دربك ماضون، وأن قافلة شهدائنا لن تتوقف ذوداً عن لبنان الذي افتديته بربيع العمر وزهر الشباب...

 

كلمة إبنة الشهيد
في كلمتها، نادت إبنة الشهيد جويس العاقوري على أبيها وعبّرت له عمّا يختلج قلبها من حزن على فراقه وقالت له:
«بابي، آخر مرة شفتك فيها، كان عيد ميلادي، تلفنتلا للمامي وقلتلها أنا جايي الليلي لنحتفل بعيد جويس، وعملتلي عيدي وكان أحلى عيد.
عيدي السني عيدتو بدونك بس كانو رفقاتك حدي وكنت عارفي أنك معي وعم تشوفني ومبسوط فيي عم بكبر سني.
أنا رح اكبر وانت رح تكون حدي بأول قربانتي وبكل المناسبات بس انت رح تكون ملاكي الحارس بكل الاوقات.
لكل الناس الي رح اتعرف علين، بس اكبر ويسألوني انت بنت مين رح قلون انا بنت البطل الي ضحى بحياتو كرمال لبنان انا بنت الشهيد صبحي العاقوري».

 

كلمة العائلة
كلمة عائلة الشهيد صبحي العاقوري ألقاها الدكتور إيلي العاقوري الذي قال:
«جئنا اليوم بعد عام نحتفل بإحياء ذكرى استشهاد شهيدنا البطل المقدم المغوار صبحي أسعد العاقوري.
أضعف الإيمان أن نكرّمك أيها الشهيد البطل بتشييد نُصب تذكاري لك مع عميق إدراكنا أنه لا يعادل قطرة دم واحدة من دمائك الذكية التي روت تراب لبنان الحبيب، ولكننا شيّدناه ليبقى شعلة تسطع وتتوهج لتنير الطريق أمام الأجيال الصاعدة فتسير على خطاك الى الشهادة لأن أذكى شهادة في هذه الحياة هي شهادة الدم.
مؤسسة الجيش شعارها الشرف والتضحية والوفاء، وقد التزم الشهيد هذا الشعار فكان واحداً من أبناء الشرف وهذا ما تحدّث عنه رفاق السلاح.
وأكثر من ذلك، فقد ضحى حتى بذل الذات في سبيل مؤسسة الجيش اللبناني ووطنه وقد كان وفياً للقسم الذي ولطالما ردده قولاً وجسّده فعلاً:
«أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملاً حفاظاً على علم بلادي وذوداً عن وطني لبنان».
وهذا ما حدث بالفعل والشهادة».
ثم توجّّه الى عائلة الشهيد وأرملته وأولاده:
«إن استشهاد المقدم المغوار صبحي العاقوري هو من أفدح الخسائر إلا أن مآثره وبطولاته خلال حياته لهي أكبر تعزية لكم في هذا المصاب الجلل، مآثر تفتخرون ونفتخر بها ويفتخر لبنان والعالم بها وهي التي سوف تخلّد ذكراه الى الأبد وتستجلب أحرّ الرحمات على نفسه الذكية الطاهرة وتعطيكم الصبر والسلوان».
وعلى الرغم من الأمطار التي هطلت غزيرة في أثناء الاحتفال، لم يتغير البرنامج الرياضي الذي كان مقرراً، فكان عرض تسلق وهبوط قدّمه عناصر فوج المغاوير.
وكان الختام مع موسيقى الجيش التي قدّمت مجموعة من أغانيها الوطنية تكريماً للشهيد فصدحت موسيقاها في أرجاء البلدة يرافقها دعاء الحضور بالحياة الأبدية للمقدم المغوار الشهيد وبالعزة والمنعة للجيش اللبناني.
يجدر بالإشارة أن التمثال مصنوع من مادة البرونز (مصبوب على الشمع)، يبلغ ارتفاعه 185 سنتمتراً مع القاعدة، وقد عمل الفنان نبيل الحلو فترة شهرين لإنجازه.

 

إزاحة الستار في بيت لهيا عن نصب تذكاري للرائد الشهيد ميشال مفلح
أحيت قيادة الجيش وأهالي بلدة بيت لهيا في قضاء راشيا، الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الرائد المغوار الشهيد ميشال جبور مفلح، وذلك في قداس رسمي وشعبي، حضره ممثل رئيس الجمهورية اللواء الركن ميشال منسى، ممثل رئيس مجلس النواب النائب أنطوان سعد، ممثل رئيس مجلس الوزراء القائمقام ذياب سلوم، ممثل قائد الجيش العميد الركن جوزف فرنسيس، وزير الدولة وائل أبو فاعور، ممثل رئيس «كتلة المستقبل» النائب جمال الجراح، النائبان روبير غانم وناصر نصرالله، وممثلون لقيادات سياسية وعسكرية وأمنية وحزبية ونواب ووزراء سابقون ورؤساء بلديات ومخاتير ووفد من قيادة الجيش وحشد من الأهالي.
ترأس القداس المطران منصور حبيقة في حضور متروبوليت صيدا وصور ومرجعيون للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري. وألقى المطران حبيقة عظة اعتبر فيها «أن الشهيد لا يكافأ مهما عملنا له، غير أن الذكر الحسن يصنعه لذاته ولا يستطيع أحد أن ينوب عنه في صنعه».

 

كلمة القيادة
ممثل قائد الجيش العميد الركن جوزف فرنسيس ألقى كلمة قال فيها:
«في بقاع الخصب والخير والعطاء، في بلدة بيت لهيا، المتربعة على سفح جبل حرمون المقدس، المطلة على جنوب الصمود والانتصار، القريبة من راشيا وقلعتها الشامخة، حيث يفوح أريج الحرية والاستقلال قبل أن تحمله الريح في كل صوب واتجاه، نلتقي اليوم أهلاً ورفاقاً وأصدقاء، لنبعث الى روح شهيدنا الغالي ميشال، السلام تلو السلام، مرددين بصوت عال قسم الولاء للوطن: «أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملاً حفاظاً على علم بلادي وذوداً عن وطني لبنان».
وأضاف قائلاً:
منذ نحو سنة، أولاني فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، شرف تمثيله في حفل تأبين الشهيد ميشال، فوقفت أمام نعشه أرثيه، وفي داخلي شعور عميق بأن روحه الطاهرة ترفرف فوق الجموع، وتظلّل كل شارع ومنزل وفسحة من هذه البلدة الحبيبة، وكأني بها تقول: «لا تبخلوا بأبنائكم على الوطن، لا تحزنوا ولا تبكوا لأن الشهيد يحيا يوم مماته. واليوم حظيت مرة أخرى بشرف تمثيل قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري في حفل تكريم الشهيد وإزاحة الستار عن نصبه التذكاري، فأجدني أقف أمام هذا النصب، لا لأنوّه بخصال ميشال الحميدة ومآثره البطولية فحسب، بل لأستلهم من معاني شهادته: حب الوطن والبذل والتضحية في سبيله، ولأعاهده بأننا على القسم باقون، وعلى الدرب نفسها ماضون، وأن قافلة شهدائنا لن تتوقف، ومؤسستنا لن تبخل بالعطاء على مذبح الشهادة، ألم يستشهد بالأمس القريب عشرة عسكريين في طرابلس الفيحاء القريبة من مخيم نهر البارد، حيث واجه الشهيد ورفاقه الأبطال، الإرهاب المجرم، محققين ذاك الانتصار الكبير المقرون بالعزة والكرامة والأخلاق.
وتوجه الى الشهيد بالقول:
لقد سقطت جسداً لا روحاً، وستبقى حياً في ضمير جيشك وشعبك، إذ كنت الفارس الرائد الذي وعد فوفى وراح يختصر الزمن في عطائه، حتى رفعته الشهادة أيقونة على صدر لبنان وبيارق تلوح في كل مكان. وها هم اليوم أبناء بلدتك الأبية الوفية ورفاقك ومحبوك، يتداعون شيباً وشباباً وأطفالاً، ليمنوا أنفسهم ببعض من الإكرام والتقدير لروحك الطاهرة، من خلال إقامة نصب تذكاري لك، يكون شاهداً للأجيال على عظمة تضحياتك، ويكون أمثولة لكل عابر، إنه بدماء الشهداء الأبطال تحيا الأوطان، وتصان الحرية وتحفظ الكرامات.
افتقدك الجيش علماً من أعلامه، ضابطاً عصامياً مستقيماً كحد السيف، شجاعاً مقداماً لا يهاب الخطر ولا يهون أمام الصعاب، افتقدناك رفيق سلاح، يحظى باحترام وتقدير كل من حوله، يندفع في تنفيذ المهمات الى أقصى الحدود. افتقدناك ابن عائلة كريمة، متأصلة المنبت، انضوى ربانها في مؤسسة الجيش فكان عنواناً للمناقبية والإخلاص والولاء، وأبى أن يبارح ميدان التضحية قبل أن يسلمك الأمانة، التي صنتها بالجهد والتعب والعرق، وبالشهادة التي لا تقدر بأي ثمن...».

 

كلمة قائد فوج مغاوير البحر السابق
كذلك، ألقى قائد فوج مغاوير البحر السابق العقيد الركن جورج شريم كلمة أشاد فيها بمزايا الشهيد ومناقبيته وبطولته التي جسّدها على أرض المعركة، ومما قاله:
«أيها الشهيد، بإيمانك بربك ووطنك وجيشك، أزحت جبال الحقد والجهل والتعدي بمحبتك لرفاقك وعسكرييك، انتصرت للحق، حق الوطن الحر والسيد وحق العيش بكرامة لكل لبناني حر.
برجائك بمستقبل لبنان الغالي وجيشه المفدى رقدت تحت التراب، شهيداً، بطلاً، مغواراً، أدى الواجب مرتاح البال، مطمئناً أن الأرض ستبقى مصانة بحمى الجنود البواسل الشجعان.


أيها الرائد الشهيد ميشال مفلح
أتذكرك اليوم بعد سنة من غيابك، كما كل ضابط ورتيب وجندي من فوجك، فوج مغاوير البحر، وأنحني أمامك أيها الشهيد، أنت الذي اخترت درب الصعاب القاسي، درب الشرف والتضحية.
اخترت شعار من يجرؤ فلينضم، شعار فوجك، فاندفعت تعمل وتدرب وتبني وتنظم في وحدتك أيام السلم، بذلت كل جهد وعرق وتعب، أعطيت من ذاتك ليكون رجالك المغاوير مميزين بعملهم وتدريبهم وانضباطهم. أما في الحرب، فلما ناداك الواجب المقدس واجب الدفاع عن الأرض، لبيت النداء، تاركاً كل شيء، حتى الأعز الى قلبك، فتركت الزوجة والطفلين مارك وإيليو ورحت الى تنفيذ مهمتك في نهر البارد لأنك آمنت أن الوطن والجيش بحاجة الى رجاله الأشداء أيام الصعاب.
قاتلت ببسالة وعزم، فما لانت همتك ولا أثنتك الصعاب الكثيرة هناك، هدفك تنفيذ المهمة وتحرير الأرض من غزاة طامعين، لا هدف لهم إلا القتل والحقد والتدمير.
أتذكر اليوم وجهك المشرق المشع وابتسامتك التي لم تفارقنا حتى لحظة استشهادك».

 

كلمة العائلة
ثم ألقى شقيق الرائد الشهيد، فادي مفلح كلمة باسم العائلة، كما كانت كلمة لزوجته.
بعد ذلك، أزاح ممثلا رئيس الجمهورية وقائد الجيش، يحوطهما ذوو الشهيد الستار عن النصب التذكاري للرائد الشهيد ميشال مفلح على وقع نشيد الموت والموسيقى العسكرية.

 

ذكرى النقيب المغوار الشهيد مارون الليطاني
في ذكرى مرور سنة على استشهاده، أقيم قداس إحتفالي في كنيسة سيدة البرج - دير الأحمر، عن راحة نفس النقيب المغوار الشهيد مارون الياس الليطاني، ترأسه المطران سمعان عطاالله راعي أبرشية بعلبك للموارنة.
حضر القداس ممثل فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، قائمقمام بعلبك عمر ياسين؛ ومثّل قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن شوقي المصري، المقدّم محمد مرتضى، بالإضافة الى رؤساء بلديات وفعاليات أمنية وعسكرية واجتماعية.
وقد نوّه المطران عطاالله في عظته بمعاني الشهادة والدور الكبير الذي أدّاه الجيش اللبناني في صدّ العدوان ومحاربة الإرهاب وحماية السلم الأهلي والحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة المجتمع.
وبعد القداس اجتمع الحضور في قاعة الكنيسة في لفتة وفاءٍ وتقدير للشهيد في حفل تخللته كلمات ممزوجة بمشاعر الفخر والحزن في آن.
في البداية كانت كلمة لقائد فوج المغاوير العقيد الركن صالح قيس الذي أشاد بمزايا الشهيد ودعا أهله للإفتخار بإبنهم والصبر على غيابه.
ثم ألقى الملازم الأول المغوار فادي بعقليني كلمة رفاق دورة الشهيد.
بعدها توجّه الأستاذ جوزف السندروسي، مدير مدرسة الثانوية الثقافية - عين الرمانة، وهو من علّم مارون الحرف والوطنية، فسلك دربها شهيداً، بقصيدة من القلب للشهيد وأهله.
وأبت الشقيقة كريستين إلّا أن ترسل مشاعرها، من الأعماق، لشقيقها الذي يرقد في مثواه الأخير؛ وبغصّة كلّمته أمام الجميع، كأختٍ فقدت مِثالها الأعلى.
أمّا كلمة العائلة، فألقتها إبنة خالة الشهيد، الزميلة ندين البلعة، معبّرة عن شوق كل الأحباء للقاء مارون بين يدي الله.
وفي ختام الإحتفال، عُرض على الحضور فيلم وثائقي يتضمّن مقتطفات عن أبرز المحطات في مسيرة النقيب المغوار الشهيد منذ طفولته وحتى استشهاده، أعدّه رفاق دربه في السلاح، عناصر فوج المغاوير بالتنسيق مع عائلة الشهيد.

 

إحتفال في كفرحتى تكريماً للملازم الأول الشهيد علي نصار
أقيم في حسينية بلدة كفرحتى إحتفال تأبيني لمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد الملازم الأول علي مصطفى نصار، حضره اللواء الركن حسن محسن ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والعميد الركن سمير عزيزي ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، ممثلون لوزراء وشخصيات ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من أبناء المنطقة.
بداية النشيد الوطني اللبناني والوقوف دقيقة صمت إجلالاً لروح الشهيد وتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم توجه الحضور الى ساحة البلدة حيث أزيح الستار عن النصب التذكاري للضابط الشهيد.
وتخلل الحفل كلمة لقيادة الجيش وكلمات لكل من رئيس البلدية، عائلة الشهيد ورجال دين. وبعد أن وضع العميد الركن سمير عزيزي إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري، ألقى كلمة القيادة التي جاء فيها:
«لا عطاء أكرم ولا فداء أنبل ولا إيثار أبهى مما لدى الشهيد. إن هذا المتوّج بتضحياته، هو الباني الحق للحياة بما فيها من شرف وعزة وحرية. بعضنا يشهد باللسان أو بالقلم، باليسير من ماله أو بالجزيل مما له، أما أنت يا شهيدنا الغالي فقد شهدت بحياتك وجُدت بعمرك. أنت يا علي يا سيد اللقاء الساطع في المدى الأكبر بين الموت والحياة فوق الأرض الواحدة.


يا شهيدنا البطل
ارتفعت بشهادتك فوق البشر العاديين، لأنك شهدت للحق والكرامة، فأنت عزيز علينا وعلى المؤسسة العسكرية التي افتقدتك وأنت في ربيع العمر، يحدوك إيمان راسخ بقدسية رسالة الجندية وشغف التضحية في سبيل الدفاع عن تراب الوطن وكرامة الجيش.
حضنك الجيش ورعاك فأصبحت نجماً من نجوم الشهادة المتلألئة في سماء الحرية، فأنت يا علي معنا تسهر في خنادق البطولة وعلى ذرى أرض الوطن.
اليوم وبمناسبة مرور سنة على استشهادك، خلّدتك بلدتك كفرحتى وأهاليها بإقامة نصب تذكاري لك لتظل في عقول الأجيال وقلوبها شاهداً للحق على مدى الأزمان.
نقف اليوم يا شهيدنا وفي قلوب الأهل والأحبة ورفاق السلاح مرارة تعصر القلوب وأسى يدمي العيون وفخر واعتزاز بشهادتك يا بطلنا.
كفرحتى هي أرض الشهامة والرجولة والإباء، وفيها سيبقى ذكرك خالداً في القلوب والأرجاء، رمزاً حياً للشجاعة والتضحية والعطاء.
تحية إكبار وإجلال الى روحك الشامخة في عالم الخلود، ودمت أثراً طيباً في النفوس ونبراساً وضاءً في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء».

 

إحتفال تأبيني في ذكرى المعاون الأول المغوار الشهيد وسام حمدان
بلدة شحيم وعائلة المعاون الأول الشهيد وسام محمد حمدان، أحيتا ذكرى استشهاده باحتفال تأبيني أقيم على أرض ملعب جبل سويد.
حضر الحفل ممثل قائد الجيش المقدم وسيم صالح ورفاق الشهيد وأهالي البلدة.
بداية النشيد الوطني اللبناني، ودقيقة صمت إجلالاً لروح الشهيد، بعدها ألقيت كلمات لكل من رئيس البلدية ورئيس النادي الرياضي في البلدة والعائلة.
وألقى المقدم صالح كلمة القيادة، فقال:
«لا عطاء أكرم من عطاء الشهيد، ولا فداء أنبل ولا إيثار أعظم، إنه الكبير المتوج بتضحياته، هو مدماك الحق وطريق الحرية المكللة بالعزة والكرامة. البعض يشهد بالكلمة أو بالقلم، أو يقدم اليسير مما وسعت يداه من مال ورزق ومقتنى، أما الشهيد فهو من يبذل حياته ويجود بزهرة شبابه فداءً لشعبه، فيبقى على مرّ الزمان، سيد اللقاء في الوطن، كما سيد اللقاء في المدى الأبعد، حيث شمس الحياة التي لا تغيب،
ونهر الخلود الذي لا ينضب.
وفي حضرة شهيدنا المغوار وسام، نتطلع بكل فخر واعتزاز تجاه ما قدّمه هذا البطل من تضحيات وما سطّره من مآثر، وهو الذي لم يتأخر لحظة عن أداء واجبه العسكري حين راحت يد الغدر والإرهاب تعبث بأمن شعبه وكرامة جيشه، فانبرى الى ساحة القتال يواجه كيد الأعداء بقسم أكبر من الحياة وإرادة لا تهون ولا تهان، متوغلاً في الشجاعة والبطولة، حتى ارتفع شهيداً عزيزاً كريماً، وكانت شهادته كلمعان البرق تنبئ بقدوم غيث الحرية والانتصار.
وأضاف قائلاً:
من بلدتك الحبيبة شحيم، هذه البلدة الوفية الأبية، المتجذرة في قيمها وتقاليدها اللبنانية العريقة، والتي كانت ولا تزال، السبّاقة في رفد الجيش بخيرة أبنائها، كما الوطن بنخبة الرجالات الذين حلّقوا عالياً في سماء العلم والفكر والإبداع، نعاهدك اليوم أهلاً ورفاقاً وأصدقاء أن نبقى أوفياء للرسالة والقَسَم، أمناء على دمك ودماء رفاقك الأبرار، متمسكين الى أبعد الحدود بالقيم والمبادئ التي نذرت حياتك لها، وثق أيها الشهيد المكلل بالمجد والفخار، بأننا على الدرب نفسها ماضون، وأن قافلة شهدائنا لن تتوقف في سبيل الحفاظ على لبنان، منارة للحرية والكرامة، وقلعة منيعة في وجه العواصف والمحن...
واختتم الحفل، بإقامة مباراة ودية في لعبة كرة القدم بالمناسبة بين النادي الرياضي في البلدة ومنتخب الجيش اللبناني.

 

جباع - الشوف: احتفال ونصب تذكاري للمعاون الشهيد نبيل سليم
في بلدة جباع - الشوف، نظمت قيادة الجيش وأرملة الشهيد المعاون نبيل محمد سليم السيدة فاتن سليم، احتفالاً بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاده في معارك مخيم نهر البارد، حضره ممثل قائد الجيش بالنيابة وذوو الشهيد وأهالي البلدة.
أعقب الاحتفال إزاحة الستار عن نصب تذكاري للشهيد أقيم في ساحة البلدة، حيث وضع ممثل العماد قائد الجيش إكليلاً من الزهر وألقى كلمة قال فيها:
«يسرّني ويشرّفني أن أقف بينكم اليوم ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، في هذا اللقاء المهيب الذي أردتم من خلاله صادقين، توجيه تحية وفاء من الأعماق الى روح إبن بلدتكم المعاون الشهيد نبيل سليم، هذا البطل الذي انبرى الى ساحة القتال يواجه كيد الإرهاب المجرم، متعملقاً في شجاعته وبطولته، حتى عانقته الشهادة ورفعته بأجنحتها السحرية الى قمم المجد والخلود.
إن قدر لبنان أن يكون عبر ماضيه البعيد والقريب، رسالة حضارة للإنسانية جمعاء، وقدر جيشه أن يكون الحارس الأمين لهذه الرسالة، يصونها بالجهد والتعب والعرق، وبضريبة الدم التي لا تقدر بأي ثمن، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد، وهذه المرة من نهر البارد بالتحديد، حين امتدت يد الغدر والإرهاب الى جسم الوطن، للنيل من وحدته وسيادته وكرامة أبنائه، لكن الجيش وكعادته، سارع الى تلبية نداء الواجب، مدعوماً بالتفاف الشعب الذي وقف الى جانبه صفاً واحداً، في مواجهة القتلة المجرمين، الغرباء عن نسيج المجتمع اللبناني وقيمه وتقاليده العريقة، فكان أن تحقق له الانتصار التاريخي، بعد أن قدّم على مذبح الوطن نخبة من رجاله الأبطال، من بينهم سيد لقائنا اليوم، شهيدنا الغالي نبيل، الذي سطّر بدمائه الزكية، ملحمة بطولية رائعة، وصفحات مشرقة في الإخلاص والتضحية والانتصار على الذات.
وإذ حيا روح الشهيد قال:


شهيدنا البطل
في بلدتك الأبية الوفية جباع، مقلع الرجال الأشداء وزهرة جبل العزة والكرامة، نلتقي اليوم أهلاً ورفاقاً وأصدقاء، لنوجه لروحك الطاهرة ألف سلام وسلام، ولنرفع لك نصباً تذكارياً شيّد بالقيم قبل الحجر، علّّه يمنّي النفوس ببعض من الوفاء والتقدير، تجاه ما قدّمته من عطاء، هو أبعد وأعمق من أن يعبّر عنه بكلمات، أو يجسّد بعمل مهما بلغ من إبداع وإتقان وأمام هذا النصب الذي أردناه أن يكون رمزاً لمعاني استشهادك، وشاهداً على عظمة تضحياتك ونبل مآثرك، نعاهدك أن نبقى أوفياء لدمائك، أمناء على مبادئك، راسخين كالأطواد في محبة الوطن، وفي الإيمان بالرسالة والقسم...

 

كفردنيس أحيت ذكرى العريف الشهيد علي عدنان القادري
أحيت بلدة كفردنيس في قضاء راشيا، الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد العريف علي عدنان القادري، الذي استشهد في أثناء قيامه بواجبه في عدوان تموز.
ورعت بلدية كفردنيس حفل إفتتاح دورة الشهيد القادري للكرة الطائرة للعام الثاني على التوالي لموسم صيف 2008، في حضور العقيد الركن جمال الشمعة ممثلاً العماد قائد الجيش، وشخصيات وعدد من الفاعليات والقيادات السياسية والعسكرية ورؤساء بلديات وذوي الشهيد وحشد من الأهالي.
بعد الوقوف دقيقة صمت إجلالاً لروح الشهيد، أعلن السيد سامي التراس أنه «في هذه الذكرى نجدد العهد معاً أن نبقى أوفياء لروحك الخالدة» ثم لفت رئيس بلدية كفردنيس عبد الرحمن الصباحي الى أنه «للسنة الثانية على التوالي تكون الدورة الرياضية باسم الشهيد، علنا بذلك نعطيه بعض الفخر الذي يستحقه».
وألقى إمام البلدة الشيخ أحمد القادري كلمة أبناء البلدة، فأشاد بتضحيات الجيش اللبناني وبسالته وبمزايا الشهيد القادري ووطنيته.
وباسم آل الشهيد، توجّه أحمد وحيد القادري بالشكر الى المؤسسة العسكرية التي هي خير من يدرك معنى الشهادة في سبيل الوطن.
وفي ختام الحفل، قدّم والد الشهيد كأس الدورة لممثل قائد الجيش العقيد الركن الشمعة، كما أهدى كأساً مماثلة لرئيس البلدية.

 

في القلب يا وطن

إرفع جبينك قل في القلب يا وطن
وجيش لبنان حيي أيها الزمنُ
ومن شمال بلادي خذ دروس فدى
وفي بقاع بلادي زهَّر الكفنُ
لقد سكبنا بهذي الأرض أنفسنا
يا طيب أنفاس من في الأرض قد دُفنوا
مذ كُورت هذه الدنيا ونحن هنا
وفوق هاماتنا التاريخ والدِمَنُ
نقاوم الذل لا نحني جبينَ عُلَى
هذي دمانا فلا بُخل ولا ثمن


الى فاروق من «عمّو جورج»
يوم كنا في منزلك لتقديم التعزية برحيلك، سألني والدك السيد علي: هل كان مزعجاً معكم؟ فأجبته: كلا، ولكن من الآن وصاعداً سيصبح غيابه مزعجاً جداً!
لم تأت الى وظيفتك يوم الاثنين كالعادة، هل تقدمت بمأذونية عادية أم سنوية، لأن سنتك الدراسية الأخيرة في الجامعة قد ابتدأت؟
من سمح لك بالتغيب، وهل أنت حر بأن تفعل ما تريد من دون استئذان أحد؟
نجوت من القصف الاسرائيلي أيام عدوان تموز 2006، لتقضي بخرطوشة من بندقية صيد، وحتى وإن كانت مرخّصة، فهل هذا يمنحك الحق القانوني لكي تغادر على حين غرّة؟
من سيسألني يومياً عن كل شيء: عن البلد وما بعد التخرّج والمستقبل والارتباط وألف سؤال وسؤال؟ كنت أحاول أن أبتكر لك أجوبة لأنني بنظرك «عمّو جورج» وكفى!
أعذرني، لغاية تاريخه ليس لدي أية معلومات جديدة عن موضوع زيادة الأجور وهي مسألة أقلقتك كثيراً.
لا بأس، فإن دُفعت فهي حق لك، وإذا تأخرت تكون قد وفّرت على نفسك «سمّ بدن»، فحيث أنت الآن والله أعلم قد يكون «الزعل ممنوع».
كنتَ في سعي دائم نحو كل شيء جميل، وغرفت من الحياة بنهم فكأن إحساسك كان ينبئك بأنك لن تمكث طويلاً، فحاولت الحصول على الكثير في الوقت القليل الذي عشته!
عزيزي فاروق
«صحن الفول» الذي كنا نتناوله على الترويقة أصبح بحصاً لا يُمضغ، والقهوة ستبقى مرّة مهما أضفنا اليها السكر الذي كنت تكثر منه، وكل هذا لأنك لم تعد بيننا ومعنا.