تسلّح وتكنولوجيا

البنتاغون يصمّم طائرة فضائية عسكرية لمهام قتالية في الأماكن الساخنة من العالم
إعداد: كمال مساعد
باحث في الشؤون الإستراتيجية

كشفت مجلة التايمز أن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تعكف على تصميم طائرة فضاء لنقل قوات المارينز لمهام قتالية ومدجّجة بالسلاح الى أي نقطة ساخنة في العالم خلال أربع ساعات فقط. وطالب البنتاغون مهندسيه بوضع النماذج الأولية للطائرة الفضائية التي أطلق عليها الإسم الحركي «النسر الساخن» (Hot Eagle)، ومن المتوقع دخولها الخدمة خلال 11 عاماً، وفق «التايمز».

 

النسر الساخن
كان العقيد مارك براون، الناطق بإسم سلاح الطيران الأميركي، قد أكد أن إجتماعات جرت بين خبراء وكالة «ناسا» و«البنتاغون» لوضع الخطط العملية لبناء «النسر الساخن» إنطلاقاً من التقنية الثورية التي استخدمها بيرت روتان، في بناء سفينة الفضاء «الفارس الأبيض»، أحد مشاريع ريتشارد برانسون.

يطلق «النسر الساخن» من حاملة طائرات، أو من صاروخ يتسع لسفينة فضاء صغيرة تحمل 13 عنصراً من «القوات الفضائية»، الى ارتفاع 50 ميلاً في الفضاء بعيداً عن أنظمة الرادار والدفاعات الجوية المعادية، والهبوط بالقوة القتالية في أرض العدو. لذا يوازن خبراء البنتاغون بين طائرة فضاء تتخطى أنظمة الرادار والدفاعات الجوية، والهبوط بالقوة القتالية في أرض العدو, وطائرة فضاء بسيطة يمكن للقوات المقاتلة إتلافها قبيل نقلهم بمروحيات عسكرية، أو مركبة أكثر تعقيداً يمكن إستخدامها في رحلة العودة كذلك.
وكانت قوات المارينز قد طالبت البنتاغون منذ سنوات، بدعم القوة بطائرة فضاء عسكرية، وهذا ما طالب به قائد قيادة المارينز المركزية حينذاك، الجنرال جيمس واتيس، بتدشين الطائرة الفضائية العام 2019.
وكانت شركة لوكهيد مارتن قد كشفت عن تصميمات الطائرات الهجومية المستقبلية الأسرع من الصوت التي تقوم بإختراق الأجواء المحصّنة في المراحل الأولى من المعركة، وتقوم بإلقاء الذخائر والأسلحة الموجّهة في الوقت الحرج على الأهداف العالية القيمة. وتقوم  الشركة بالدراسات التي يقودها معهد الأبحاث بسلاح الجو الأميركي لاختيار أفضل التصميمات لطائرة المستقبل الهجومية البعيدة المدى.

هذا بالرغم من أن القوات الجوية الأميركية تستخدم الطائرات القاذفة الإستراتيجية البعيدة المدى الموجودة لديها في الخدمة حالياً مثل طائرات B1 وB52، حتى العام 2040. إلا أنها توظف التقنية الجديدة بالدرجة الأولى لتطوير الجيل القادم ولبدء برنامج التطوير حوالى العام 2012 لتدخل الأجيال التالية الخدمة الفعلية في بداية العام 2020م.

وتؤكد لوكهيد مارتن أن الطائرة المستقبلية ستكون سرعتها ما بين 2 ماك (ضعف سرعة الصوت) و4 ماك وذات أجنحة منسحبة الى الخلف ومحرّك ضخم. أما الطاقم فيتألف من الطيار ومشغل لأنظمة التسليح والحمولة المتوقعة ما بين 68.2 كلغ و18140 كلغ. والمدى القتالي المتوقع 4827 كيلومتراً من دون إعادة تزوّد الوقود في الجو.

وكانت السلطات العسكرية الأميركية قد أطلقت برامج لتطوير نظم أسلحة جوية تمتاز بسرعات عالية جداً يمكنها استهداف الأعداء على مساحة الكرة الأرضية إنطلاقاً من الأراضي الأميركية.ولهذا قدّمت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية (داربا) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) منحاً لعشر شركات، ولمدة ستة أشهر، لدراسة تحديد الأنظمة والخيارات، ثم يقوّم البنتاغون هذه النتائج وتبدأ مرحلة تخطيط وتطوير لاحقة، لمدة ثلاث سنوات في إنتاج صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت «هايبر سونيك كروز فيهيكل HCV»، أي العربة الجوالة الفوق صوتية، ويستعمل لأكثر من مرة، وباستطاعته الإنطلاق من مدرج عادي في الولايات المتحدة لضرب هدفه على بعد 16700 كلم حيث يتمثل الهدف النهائي والمعلن لسنة 2025.

 

نظام الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت
تؤكد مجلة نيو ساينتست العلمية البريطانية أن الخبراء في معهد لكزنغتون، وهو مركز لتحليل المعلومات في العاصمة واشنطن، يشيرون الى وجود حاجة إستراتيجية الى ضرب أهداف عسكرية بعيدة وخطرة، ولا يمكن إصابتها إلا خلال وقت قصير حيث الصواريخ الحالية بطيئة نسبياً ما يعني أن الهدف يمكنه التحرك قبل وصول الصاروخ. ولحل هذه المشكلة يتم اللجوء الى استخدام قواعد عسكرية في دول أجنبية، الأمر الذي لا يخلو من صعوبات سياسية ولوجستية، فيما استعمال نظام الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (الهايبرسونيك)، يقدّم حلاً لهاتين المشكلتين. ويؤكد الخبراء أن التحديات التقنية التي يطرحها البرنامج صعبة ودقيقة، إذ أن إختراق الأجواء بسرعة تفوق سرعة الصوت يتطلب مواداً تقاوم الحرارة العالية الناتجة عن الإحتكاك بالهواء. أما المرور في الفضاء، أي فوق طبقات الجو، والذي يجنّبنا هذه المشكلة، فيتطلب ايضاً إستحداث نوع جديد من الصواريخ تكون مزيجاً بين الصاروخ والطائرة.

 

الإستغناء عن القواعد المتقدمة
تأتي خطوة الولايات المتحدة الأميركية، في محاولة للإستغناء عن قواعدها المتقدمة من مناطق النزاع العالمية، خصوصاً وأن عدة دول أبدت تحفظات عن ما يتعلق باستخدام أراضيها كقواعد إنطلاق للعمليات العسكرية الأميركية. وهذا ما دفع البنتاغون، الى طلب إستشارة سريعة لدراسة كيفية التوجه الى عدم الإعتماد على القواعد العسكرية في الخارج إن في الدول الصديقة أو غير الصديقة. ولهذا كشفت وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة الدفاعية وسلاح الجو الأميركي، عن مناقصة لإطلاق عربة الملاحة الفوق صوتية، التي بمقدورها، بين ساعتين وأربع ساعات من إطلاقها من داخل الولايات المتحدة الأميركية، أن توجّه ضربة عسكرية في أي منطقة في العالم بحمولة قدرها 12000 رطل.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة ذي غارديان، أن الولايات المتحدة تستعد لتصنيع جيل جديد من الأسلحة الخيالية، ما يتيح لها ضرب الأعداء من الأراضي الأميركية بواسطة مركبات تفوق سرعتها سرعة الصوت وتقطع مسافة تسعة آلاف ميل خلال أقل من ساعتين لضرب الأهداف بسرعة فائقة, وهذا يحرر واشنطن في غضون الـ 25 سنة القادمة، من الإعتماد على حلفائها الإقليميين وقواعدها الخارجية، كجزء من خطة الإكتفاء الذاتي لحروبها المستقبلية.


المراجع:
• مجلة Janes العسكرية المتخصصة: كشفت النقاب عن مشروع لوكهيد مارتن حول تصميمات طائرات الهجوم المستقبلية، آذار 2008.
• مجلة التايمز الأميركية: تكشف أن البنتاغون يصمم طائرة فضاء عسكرية، 20 / 10 / 2008.
• وكالة أبحاث المشاريع داربا: وزارة الدفاع الأميركية تسعى لإيجاد تكنولوجيا جديدة تسمح بإنزال وحدات عسكرية في المناطق الساخنة، الوكالات العالمية 26 / 10 / 2008.
• وكالة ناسا الفضائية: كشف العقيد مارك برون عن إجتماعات بين وكالة ناسا ووزارة الدفاع الأميركية - البنتاغون لوضع خطط لبناء النسر الساخن - الوكالات الدولية على الإنترنت في 20 / 10 / 2008.