إقتصاد ومال

البنك الدولي: كلفة النزوح السوري إلى لبنان 7.5 مليارات دولار
إعداد: تريز منصور

وزني:الدعم الدولي الفعلي مرتبط بتشكيل الحكومة

أدى النزوح الكثيف للسوريين بسبب الحرب إلى أزمة إنسانية تشمل تداعياتها النازحين أنفسهم من جهة و البلدان التي تستضيفهم من جهة أخرى، خصوصًا لبنان الذي يتدفّق إليه هؤلاء يوميًا بأعداد كبيرة تفوق قدرته على تأمين حاجاتهم.
فما هي كلفة النزوح السوري إلى لبنان على اقتصاده؟

 

الدكتور وزني: عدد النازحين السوريين في تركيا لم يتجاوز 600 ألف وهو يقارب 1.5 مليون في لبنان
الخبير الإقتصادي الدكتور غازي وزني (مستشار لجنة المال والموازنة) أوضح لمجلة «الجيش» أن ملف النازحين حيوي ويحمل تبعات إقتصادية وإنسانية وأمنية، وهو معرّض للتفاقم في المرحلة القادمة بسبب الزيادة المضطردة في عدد النازحين الذي يرتفع شهريًا بمعدل 150 ألف نازح تقريبًا. وتوٌقع وزني أن يصل العدد في نهاية العام 2013 إلى مليون ونصف نازح تقريبًا، يضاف إليهم العام 2014 نحو مليون نازح. وأشار إلى أن تركيا استطاعت أن تضبط عدد النازحين بحيث لم يتجاوز 600 ألف نازح، علمًا أن عدد سكانها يفوق عدد سكان لبنان بـ19 مرة ومساحتها تفوق مساحته بـ80 مرة أما اقتصادها فأكبر من إقتصاده بـ 20 مرة.
وأكد الدكتور وزني أن «لملف النازحين كلفة إقتصادية ومالية قدّرها البنك الدولي بـ7.5 مليار دولار، وهذه الكلفة تطال الوضع الإقتصادي والمالية العامة والبنية التحتية».
واعتبر أن أهم تداعيات ملف النازحين هي على النحو الآتي:
• من الناحية الإقتصادية: الضرر الأول يتمثّل في خسارة النمو الاقتصادي خلال العامين 2013-2014 حوالى 5.8 في المئة من الناتج المحلي، أي ما قيمته 2.5 في المئة. وتطال هذه الخسارة بالدرجة الأولى القطاع السياحي، الذي تراجع خلال الأعوام الأخيرة أكثر من 30 في المئة، ويتوقّع أن يتراجع في العام الحالي 14 في المئة، مما يعني أن لبنان يكون قد خسر أكثر من  800 ألف سائح، أي بخسارة مداخيل تفوق المليارين والنصف مليار دولار.
أما الضرر الثاني فيطال القطاع التجاري، الذي من المتوقّع أن تتراجع مبيعاته في العام الحالي إلى نحو 30 في المئة، مع زيادة مشكلات المؤسـسات التجارية ماليًا، وعدم قدرتها على سداد إلتزاماتها، مما يهدّد بإقفال العديد منها.
الضرر الثالث، يطال الحركة الإستثمارية، مع الشلل الواضح في القطاع العقاري من خلال تراجع مبيعاته في العام الحالي، وتراجع مساحات البناء حوالى 13 في المئة. إضافة إلى ذلك، فمن المتوقع أن تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه السنة أكثر من 20 في المئة.
• المالية العامة: تظهر المعطيات عدم قدرة المالية العامة على تحمّل كلفة النازحين السوريين، ولا سيّما أن كلفة العجز المقدّر في القطاع المالي تفوق الـ 10.3 في المئة من الناتج المحلي. وتظهر تداعيات استقبال النازحين على المالية العامة في قطاع التعليم، بحيث يلحظ وجود أكثر من 400 ألف طفل سوري تقلّ أعمارهم عن 11 سنة، منهم 100 ألف يحتاجون إلى التعليم والدخول إلى المدارس، بالإضافة إلى من هم في مرحلة التعليم الجامعي.
في ما خصّ القطاع الصحي تُلحظ احتياجات النازحين للطبابة والاستشفاء والأدوية، وخصوصًا أن عددًا كبيرًا منهم لديه أمراض مزمنة ومعدية، بينما اعتمادات وزارة الصحة في الموازنة لا تتعدى 600 مليار ليرة لبنانية.
وأضاف الدكتور وزني: «إن قضية النازحين تتسبّب وفق البنك الدولي بزيادة العجز في المالية العامة خلال العامين 2013-2014 بنسبة تقارب 6 في المئة من الناتج المحلي، وتقارب الخسارة في الإيرادات قيمة 1.5 مليار دولار  مقابل زيادة في الإنفاق بحوالى 1.1 مليار دولار.
• الكلفة على البنى التحتية: تقدّر هذه الكلفة للعامين 2013-2014 بحوالى 600 مليون دولار، وهي تطال بشكل رئيسي الكهرباء، نتيجة تزايد الطلب على الاستهلاك، كما تطال شبكة الصرف الصحي والطرقات...
• التداعيات الإجتماعية: تُظهر التداعيات الاجتماعية بوضوح التزايد الملموس في نسب البطالة، ولا سيّما أن النازحين السوريين بدأوا يدخلون سوق العمل في جميع القطاعات الاقتصادية والمهنية من دون استثناء، وهم أصحاب كفاءة، بينما كان عملهم في السابق يقتصر تقريبًا على قطاعي الزراعة والبناء.
ويؤكد وزني في هذا الإطار أن سوق العمل اللبناني يدخله سنويًا نحو 24 ألف شاب وشابة لبنانية، بينما الإقتصاد اللبناني لا يمكنه توفير سوى 600 فرصة عمل، الأمر الذي يدفع إلى الهجرة، أو إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل. ووجود النازحين   السوريين الذين يعملون برواتب أدنى من رواتب اللبنانيين ومن دون ضمان إجتماعي، يخلق منافسة غير مشروعة للبنانيين. لذلك على الدولة الممثّلة بوزارة العمل، التي أنشأت لجنة للمراقبة ولضبط العمل غير المشروع، زيادة عديد مراقبيها وموظفيها بغية تخفيف التوتّر والصراع القائم بين اللبنانيين والسوريين.
وأشار وزني إلى أن 80 في المئة من النازحين السوريين يعيشون في أوضاع إجتماعية مزرية وصعبة، في حين  أن 20 في المئة منهم في أوضاع إجتماعية ميّسرة، الأمر الذي سيفاقم أزمة الفقر في لبنان.
وفي المقابل يؤكد وزني، أن لتداعيات النزوح السوري إلى لبنان إيجابيات أيضًا، منها تحريك النمو الإقتصادي بفعل الاستهلاك وتحريك القطاع العقاري الجامد منذ العام 2012، من خلال شراء أكثر من 1200 شقة، إضافة إلى تحريك سوق إيجارات الشقق ورفع أسعارها في بيروت والمناطق الجبلية وعكار والبقاع.
 أخيرًا يقول وزني إن « الدولة اللبنانية لا تملك القدرة على تحمّل أعباء كلفة وجود النازحين السوريين، وهي تحتاج إلى دعم دولي، خصوصًا على شكل هبات، ولكن يخشى من عدم مجيء الدعم إلا بعد استقرار الأوضاع السياسية والأمنية الداخلية، أي بعد تشكيل حكومة، تتحمّل أمام المجتمع الدولي مسؤولية إدارة أموال الدعم بشكل شفاف وواضح، ولذلك يمكن القول إنّ ملف النازحين قنبلة موقوتة قد تتفاقم في الأشهر القادمة، إذا لم يعالج بسرعة».  

 

البنك الدولي: خسائر لبنان من جراء الحرب في سوريا وتدفّق النازحين 7.5 مليار دولار
قبيل انعقاد مؤتمر نيويورك في أواخر أيلول الماضي، صدر التقرير الذي أعدّه البنك الدولي بناء على طلب من الحكومة اللبنانية، تحت عنوان «لبنان: التأثير الاقتصادي للصراع السوري».
التقرير الذي أعدّه البنك بالتعاون مع الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. قدّر الخسائر المترتّبة على الإقتصاد اللبناني من جراء الحرب في سوريا وتدفّق اللاجئين إلى الأراضي اللبنانية، بما يقارب الـ 7,5 مليارات دولار، وذلك للفترة الممتدة بين 2011 و 2014.
وقد نشرت النهار في عددها الصادر بتاريخ 19 أيلول 2013 الملخصّ التنفيذي للتقرير،      وأبرز ما جاء فيه:
• إن الصراع بين 2012 - 2014، قد يخفّض معدل النموّ الحقيقي في الناتج المحلي بنحو 2.9 نقطة مئوية لكل سنة، ما سيؤدي الى خسائر كبيرة في الرواتب، الأرباح، الضرائب، والاستهلاك الفردي، والاستثمار، ويدفع نحو 170 ألف لبناني إلى ما تحت خط الفقر، فضلاً عن مليون يعيشون حاليًا دون هذا الخط، ويضاعف البطالة إلى ما يزيد على 20 في المئة، ويقلّص قدرة الحكومة على تحصيل الواردات بشكل ملحوظ بقيمة 1.5 مليار، فيما سيرتفع الانفاق الحكومي بـ1,1 مليار دولار من جراء زيادة الطلب الملحوظ على الخدمات العامة. وتقدّر زيادة الإنفاق اللازمة للإستقرار وإعادة تحقيق الخدمات وجودتها كما كانت قبل النزاع في سوريا بـ2.5 مليار دولار...
• يتجلّى أثر الصراع السوري بوجه خاص في القطاعين التجاري والسياحي...
وتتعرض المالية العامة للبنان لضغط شديد، إذ يقدر اتساع عجز الموازنة بنحو 2,6 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من 2012 الى 2014، بعد نصف عقد من النمو المطرد.
• ويُقدَر الأثر المالي لللأزمة السورية على قطاعات الصحة، والتعليم، وشبكات الأمان الاجتماعي بما يراوح بين 308 و340 مليون دولار ويستلزم الأمر توافر مبلغ ما بين 1,4 و 1,6 مليار دولار (أي بين 3 و3,4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي) لأغراض تحقيق الاستقرار.
• ان زيادة الطلب على الخدمات الصحية أدّى الى إجهاد القطاع الصحي، وازدياد المستحقات غير المدفوعة إلى المستشفيات، والنقص في عدد العمال الصحيين، وازدياد حاد في الأمراض المعدية. ويقدّر التأثير النقدي بـ 38 مليون دولار في 2013 و 48 إلى 69 مليون دولار في 2014)...
• تدنى مستوى إدارة النفايات الصلبة وخدمات البلديات بشكل واضح وملحوظ نتيجة الارتفاع الحاد والمفاجئ في الطلب على هذه الخدمات واستخدامها من اللاجئين، ويبلغ التأثير المالي المتراكم (2012-2014) على إدارة النفايات الصلبة 71 مليون دولار أميركي، وحاجات القطاع البلدي من إجل مبادرات حفظ الاستقرار، ما بين 193 و206 مليون دولار.
• يقدّر الطلب الإضافي على الكهرباء نتيجة توافد اللاجئين السوريين بما بين 231 ميغاواط بنهاية العام 2013 و251 إلى و362 ميغاواط بنهاية 2014. وتُقدَر التكلفة المالية الحالية لتوفير الكهرباء للاجئين بنحو 170 مليون دولار أميركي للعام الحالي 2013 و ما بين 314 و393 مليون دولار أميركي للعام المقبل، حسب تقديرات توافد اللاجئين. ويتطلّب الأمر ما بين 310 و440 مليون دولار أميركي بحلول نهاية 2014 لتحقيق الاستقرار.
• ستشهد المناطق التي تستقطب توافدًا عاليًا للاجئين، مثل عكار وزحلة وبعلبك، زيادة في الحركة المرورية بنسبة تزيد على 50 في المئة على بعض الطرق، مما قد يؤدي إلى زيادة الحوادث.