إقتصاد ومال

البورصات العالمية تشهد تقلبات حادة
إعداد: تريز منصور
تصوير: شربل طوبيا

تشهد الأسواق المالية العالمية تذبذبات كثيرة في السنوات الأخيرة، نتيجة تطور قطاع الإتصالات وانفتاح الأسواق، وتفاعلها بسرعة قياسية. ونشطت عمليات الإستثمار في الأسهم عبر الإنترنت من قبل الآلاف في العالم، من دون أي إدراك لحجم السوق والشركات المدرجة. وبغياب تام في معظم الحالات لاستشاريين يرشدون المستثمرين، تمادى الغش في العرض، الأمر الذي أدى الى ارتفاع كبير في أسعار الأسهم ومن ثم الى انخفاض حاد، نتجت عنه خسائر فادحة، مُنِيَ بها المستثمرون. من جهتها قامت الأسواق بحركات تصحيحية عديدة لاستيعاب الخلل.

ماذا حصل في بورصة نيويورك، ولماذا الخلل في بورصة طوكيو والبورصات العربية؟ ما هو تأثير الخلل في أسواق الأسهم على الإقتصادات العالمية، وبالتالي على القطاعات الإنتاجية؟

أسئلة عديدة حملتها مجلة «الجيش» الى رئيس بورصة بيروت الدكتور فادي خلف، واثنين من أهل الشأن.

 

ما هي دلالات الظاهرة وما مصير المستثمرين؟

د. خلف: البورصة ليست لعبة والاستثمار يقتضي معرفة الأسواق بدقة

• ما هو مفهوم الإستثمار، وأين تكمن أهميته في الأدوات المالية كالأسهم مثلاً؟

- أظهرت إحدى الدراسات التي أُجريت على القطاعات الاقتصادية المتنوعة عبر مؤشر داو جونز، أن الإستثمار الأهم والذي أعطى مردوداً كبيراً منذ العام 1950 وحتى العام 2000، هو الإستثمار في الأسهم. وهذا يعني أن الإستثمار في الشركات الذي هو طويل الأمد، يعطي المردود الأوفر.

وأضاف قائلاً:

النظرة السائدة بين الناس، أن الذي «يلعب في البورصة يخسر أمواله»، وهذا صحيح لأن البورصة ليست لعبة، وإنما هي عملية إستثمار مدروسة ودقيقة، وتحتاج الى مَن يتقن قراءة السوق. ومَن يرغب في الإستثمار في أسهم الشركات، عليه أن يفكر دائماً بأنه سوف يكون شريكاً في هذه الشركة وليس مضارباً، فالإستثمار في الأسهم لن يجلب للمستثمر الربح الدائم، ثمة ربح أحياناً وخسارة في أحيان أخرى.

يندرج مفهوم الإستثمار في إطار توظيف رأسمال معين، وقد يكون ذلك من خلال شركة ما. لكن هذا النوع من الإستثمارات تشوبه معوقات كثيرة، خصوصاً إذا لم يمتلك المستثمر المعرفة الكافية حول القطاع الذي يريد الإستثمار فيه. من هنا تكمن أهمية الإستثمار عبر الأسواق المالية، لأنها توفر الليونة في الحركة والسهولة في نقل نوعية الإستثمار من قطاع الى آخر، وفق حركة السوق، في حين أن عملية تغيير نوعية الأعمال في الشركات تحتاج الى الوقت والمال.

 

أثر إنتعاش الاقتصاد العالمي

• شهدت الأسواق المالية المختلفة هبوطاً حاداً في أسعار الأسهم في السنوات الأخيرة، ما هو سبب ذلك، وكيف تقرأه؟

- هناك أسواق أسهم متعددة ومتنوعة، كأسواق المواد الأولية وأسواق البترول والمعادن والحديد... وتنعكس حركة هذه الأسهم على حركة القطاعات. فمثلاً تنخفض أسعار قيمة أسهم شركات الطيران، عندما ترتفع قيمة أسهم شركات التنقيب عن النفط، باعتبار أن كلفة الطيران قد ارتفعت مع ارتفاع كلفة النفط.

لقد انتعش الاقتصاد العالمي في الآونة الأخيرة، عندما انتعشت أسواق مال دولتي الهند والصين، اللتين تشكلان ثلث سكان العالم.

لقد كانت حركة التطور التكنولوجي في هذه الدول بطيئة نسبياً، لناحية الصناعة وشراء السيارات وغيرها... ولكن الماردين الصيني والهندي إستيقظا، ونما الاقتصاد فيهما وتطور بشكل مطّرد، ما يعني أنه بحاجة كبيرة الى خيرات الأرض من معادن ثمينة وحديد وغيرها...

وهذا يبرز أن التطور الكبير أثّر من جهة على الطلب العالمي من المواد الأولية، ومن جهة أخرى أثّر على تطور الأعمال وتفاعلها مع بعضها في البلدان الأخرى.

وهناك تأثيرات أخرى قد تتعرض لها أسواق الأسهم، وهي أسعار العملات. فعند حصول أي تبادل تجاري مثلاً بين الصين والولايات المتحدة، تلجأ الأخيرة الى ممارسة الضغوطات على الصين للحد من المضاربة، الأمر الذي يدفعها الى رفع عملتها الوطنية، ما يؤدي الى رفع كلفة التصدير. يضاف الى ذلك، تأثير الفوائد على العملات، فإن أي انخفاض أو ارتفاع تعرفه يؤثر على أسواق الأسهم. فعندما ترتفع الفوائد ترتفع معها كلفة الاستدانة من المصارف، وبالتالي ترتفع كلفة الإنتاج وتنخفض قيمة الأسهم.

هذه تأثيرات مباشرة، ولكن يحصل أحياناً أن نسب الفوائد تسجّل إرتفاعاً ملحوظاً لأسباب أخرى متعددة، وقد لا تؤدي الى انخفاض في أسعار الأسهم. 

الى ذلك، فإن ارتفاع الفوائد على العملة يؤدي الى إنخفاض حجم عمليات الإستثمار في الأسهم، باعتبار أن المستثمر يبحث دائماً عن الربح الوفير، تأميناً منه لثمن مخاطر الإستثمار.

 

حركة الأسهم وتأثير قطاع النفط عليها

• الى أي مدى ترتبط حركة الأسهم عالمياً ببعضها؟

- إن الأسواق المالية والتجارية العالمية مرتبط بعضها بالبعض الآخر، لذا فإن أي نهضة إقتصادية عالمية تحصل، تتفاعل معها قارات العالم بأسره.

فقبل العولمة، أي في أواخر الثمانينيات، كان الأوروبيون يترقبون نمو الإقتصاد الأميركي، آملين تفاعل الاقتصاد الأوروبي معه بعد نحو سنتين. اليوم الوضع مختلف، مع العولمة تتفاعل الإقتصادات العالمية في فترة زمنية قصيرة نسبياً، ووفق حجمها.

 

• ماذا عن تأثير قطاع النفط على أسواق الأسهم، هل هو كبير أم ثانوي؟

- الطلب الهندي والصيني الكثيف على المواد الأولية ومنها النفط، أثّر كثيراً على ارتفاع أسعار هذه المواد. وإرتفاع أسعار النفط أثّر سلباً على القطاعات الإقتصادية في العالم وعلى أسعار أسهمها. فكلما ارتفعت أسعار النفط، ارتفعت معها كلفة الإنتاج وانخفضت قيمة الأسهم.

ولكن من ناحية أخرى، فإن الطفرة النفطية (إرتفاع أسعار النفط)، نشّطت الإقتصادات العربية ورفعت نسب النمو، فهذه الاقتصادات منتجة للنفط ومصدرة له. هذا الأمر أوجد فائضاً من السيولة، تمّ استثمارها في الدول العربية المنتجة والمصدّرة، عبر شركات وصناعات جديدة أخرى، غير النفط، بغية إيجاد إستمرارية لعملية النمو، وعدم حصرها في الصناعات النفطية.

وطبعاً انعكس هذا الفائض من السيولة على أسواق الأسهم، فارتفع الطلب على الأسهم، وتجاوزت أسعارها في بعض الأوقات المعدلات المسموح بها، ودخلت المضاربة، حيث بلغت قيمتها نسباً عالية جداً، تفوق قيمتها الحقيقية، ما اضطر أصحاب الشركات الى بيعها، اقتناصاً منهم لفرصة الربح الوفير.

هذه الحالة في أسواق الأسهم، تستدعي حركة تصحيحية قوية. وهذا ما حصل في الأسواق المالية العربية في صيف 2006، حيث انخفضت أسعار النفط وأسعار الأسهم بشكل قوي، وكان لذلك أثر كبير على محيط الدول الخليجية (المنتجة للنفط والمصدرة له) وبالتالي على المنطقة العربية.

إستفاد لبنان من فائض الطفرة النفطية، باعتبار أن العديد من المستثمرين العرب استثمروا أموالهم فيه، لا سيما أن أسعار الأسهم في السوق اللبنانية كانت وما زالت معتدلة ومنطقية، مقابل إرتفاع هائل للأسهم في دول الخليج. وقد إستوعب لبنان هذه الحركة التصحيحية القوية، بطريقة هادئة.

 

بورصة نيويورك

• ماذا وراء الخلل الذي شهدته بورصة نيويورك مع نهاية العام 2006، ما هي أسبابه ونتائجه؟

- إنخفضت الأسهم العالمية في العامين 2002 و2003 من جراء أحداث 11 أيلول، ومن ثم عادت وارتفعت، ما أدى الى حصول بعض الأرباح، خصوصاً في قطاع العقارات، ومن ثم جرت الحركة التصحيحية للأسواق.  

الأرباح التي تحققت خيبت على ما يبدو آمال المستثمرين في نهاية العام، ما انعكس سلباً على الأسواق والأسعار على حد سواء.

ولكن الخلل الذي حصل مؤخراً في الأسواق العالمية وخصوصاً الأميركية منها (بورصة نيويورك) لم تعرف أسبابه لغاية اليوم. فهل هو إنخفاض ناتج عن حركة إستيعابية وتصحيحية للسنتين الأخيرتين، للإنطلاق مجدداً؟ أم أنها فترة خلل سوف تكون طويلة؟ الجواب رهن للمستقبل.

من جهة أخرى، فإن النمو ما زال مشجعاً، ما يعكس إمكان وجود إستراحة لفترة معينة نجهل مدتها، بانتظار إتخاذ الإتجاهات الأساسية منحى تصاعدياً.

 

• هل للسياسة تأثير مباشر على حركة إنخفاض الأسهم وحجم تداولها؟

- قد تؤثر السياسة على حركة الأسهم، كما وأن حركة الأسهم قد تنعكس على السياسة. ولكن السؤال الأهم يبقى مرتبطاً بالسياسة الإقتصادية للحزب الحاكم في الولايات المتحدة الأميركية. فهل الخطة الإقتصادية تنموية؟ أم هي خطة تهدف الى رفع سعر الدولار أو خفضه؟ هل هي خطة تصديرية تؤثر على ميزان المدفوعات، أم أنها تهدف الى خفض العجز بالموازنة؟  

عادة، تتأثر الأسواق بالخطة الإقتصادية الموضوعة، والدليل على ذلك، حالات الترقب والإنتظار التي تشهدها الأسواق المالية في أثناء مداخلة الحاكم الإحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الأميركية، أمام اللجان الإقتصادية والمالية في الكونغرس. فإن حركة الأسهم تشهد حالات هبوط وصعود بناءً على كل كلمة يقولها هذا الحاكم في مداخلته غير الواضحة عادة، والمتضمنة تلميحات وحسب.

والجدير بالذكر هنا أن حالات الترقب التي يشهدها العالم اليوم، حول ما سيحدث بين أميركا وإيران، سوف تؤثر حتماً على الأسواق المالية من خلال نقطتين:

1- زيادة الخطر والخوف من عمليات ردّات فعل في أوروبا وأميركا شبيهة بـ11 أيلول، من جراء قيام ضربة عسكرية على إيران.

2- المردود السلبي لعمل عسكري على المنطقة العربية والخليج العربي، باعتبارها منبعاً للنفط.

فأي عملية سيكون لها تأثير كبير على أسعار النفط وبالتالي على زيادة كلفة الإنتاج الصناعي وعلى حركة أسواق الأسهم.

أما التصريحات السياسية على المستوى المحلي فلا تؤثر على حركة الأسهم وقيمتها في لبنان، وذلك على عكس ما يعتقده البعض. ولكن التصريحات من قبل الرئيسين الأميركي والإيراني، تنعكس إما إيجاباً فتنتعش الأسواق ويبتعد شبح العقوبات الإقتصادية والحرب والخطر العالمي، لناحية البترول والإستقرار الأمني، وإما سلباً، فتتشنج الأسواق وتجعل العالم بأسره في حالة ترقّب وانتظار. 

 

بورصة بيروت اليوم

• ماذا عن حركة بورصة بيروت اليوم، وهل كان للإعتداءات الإسرائيلية في حرب تموز تأثير كبير على حركة تداول أسهمها؟

- شهدت بورصة بيروت تطوراً إيجابياً خلال العامين 2005 و2006، وشهدت أسهم الشركات المدرجة عليها ارتفاعاً هاماً في أسعارها، ولكنها بقيت ضمن المعقول، كما سبق وذكرنا. أما اليوم فالبورصة تمر في فترة إستراحة ناجمة عن الارتفاع الذي أعقبه إنخفاض في البورصات العربية، إذ أن المستثمرين في حالة بحث عن الوسائل التي يمكن أن تعوّض الخسائر التي منوا بها. وبالتالي خفت وتيرة التدفقات المالية باتجاه بورصة بيروت. 

ويترافق هذا الوضع مع الأحداث الأليمة التي شهدها لبنان الصيف الماضي، ولكن تأثيرها في بعض النواحي كان غير مباشر، باعتبار أن أسعار الأسهم حافظت على مستوياتها، ولم تنخفض بشكل دراماتيكي. وهذا يعود الى أن القيمة الفعلية للشركات المدرجة أسهمها على بورصة بيروت مرتفعة، وأعلى من الأسعار التي يتم التداول بها حالياً.

من ناحية أخرى، انخفض حجم التداول، ففي حين أن قسماً من المستثمرين يغامر ويشتري الأسهم في قيمتها الحالية، إدراكاً منه أن هذه الأسهم سوف تحقق أرباحاً خيالية، فور تذليل العقبات السياسية، ثمة قسم آخر في حالة ترقب ودرس للأوضاع السياسية في المنطقة.

ويمكننا التأكيد أن الإنخفاض البسيط الذي طرأ على أسعار الأسهم المدرجة في بورصة بيروت، ناجم فقط عن الحركة الإستيعابية للإرتفاع الذي حصل سابقاً، وليس عن الأحداث السياسية والأمنية.

 

شركات جديدة على البورصة

• هل سيتم إدراج شركات جديدة على بورصة بيروت؟

- العام 2001، كان عدد الأدوات المالية المدرجة على بورصة بيروت 13 فقط، أما اليوم فقد أصبح عدد الأدوات 25.

وهذه الزيادة نتجت من جراء تعديل النظام الداخلي للبورصة، بشكل يسمح بإدراج كل الأدوات المالية القابلة للتداول.

والإرتفاع الكبير الذي شهدته الأسهم المدرجة في أواخر العام 2005 وأوائل العام 2006، دفع العديد من الشركات العربية والمحلية والمصارف الإستثمارية، الى الإستفسار حول كيفية إدراج أسهمها على بورصة بيروت، والى تحضير الملفات.

وهذه المؤسسات هي اليوم في حالة ترقّب وانتظار الوقت المناسب للإدراج والإستفادة من الأسعار.

 

المارد لن ينام  والطفرة النفطية قادمة من جديد

توقّع الدكتور فادي خلف إرتفاع الطلب على المواد الأولية لأن المارد لن ينام بسهولة. قد يمر بفترات إستراحة، ولكنه لن ينام. وبالتالي فإن الإستثمارات العالمية هامة جداً على المدى الطويل، في حين أن المضاربة لن تؤدي إلا الى الخسارة. فالإستثمار يحقق الربح، شرط حسن اختيار القطاع المناسب، والشركة المناسبة.

وتوقّع الدكتور خلف أن تشهد المنطقة العربية ثورة أو طفرة نفطية ثانية، بحكم استمرار الطلب على المواد الأولية وبالتالي البترول.

وقال في ختام حديثه:

بعد أن تمت الحركة التصحيحية للأسهم وأسعار النفط، فسوف تعود الأسواق العربية الى الإنتعاش من جديد، ربما العام 2008، وتتغذى من الأموال الفائضة.

وبطبيعة الحال، سوف يستفيد لبنان من جديد من هذه الطفرة، وسيترافق ذلك مع وجود شركات جديدة في البورصة قيمتها الفعلية جيدة جداً.

 

ساسين: أسواق الأسهم اللبنانية في حالة ترقّب
نائبة رئيس مجلس إدارة الإعتماد التجاري والعقاري (مؤسسة مالية) السيدة كارول ساسين أجابت بدورها عن أسئلة «الجيش» حول أسواق الأسهم في لبنان والعالم. قالت:

«إن زيادة نسبة السيولة في الأسواق تؤثر على عمل البورصة. لذلك ساهمت الطفرة النفطية في ضخّ سيولة كبيرة في الأسواق العربية، أثّرت إيجاباً على عمل البورصات في المنطقة وكذلك في لبنان، حيث ارتفعت نسبة الإستثمارات العربية والأجنبية فيه بشكل لافت، نظراً الى حجمه.

وأضافت:

«العولمة ككرة الثلج، ساهمت في تفاعل الأسواق المالية بعضها مع البعض الآخر. فالبورصات الأوروبية تتأثر بسرعة فائقة ببورصة نيويورك، وبورصة الصين تؤثر على البورصات العالمية».

وأشارت الى «أن أحداث 11 أيلول أثّرت على بورصة نيويورك وعلى هبوط الأسهم، وهي لغاية اليوم لم ترتفع بشكل ملحوظ».

وقالت ساسين: «إن حركة الفوائد تؤثر على حركة الأسهم. فإن ارتفعت الفوائد، ترتفع نسب الودائع في المصارف، وإن انخفضت، يلجأ المستثمرون الى الإستثمار بالأدوات المالية (الأسهم).

وأشارت ساسين الى أن الفوائد العالمية هي اليوم في طور الإرتفاع من 4/1 5 الى 5.30، بعد أن كانت منذ بضع سنوات تراوح بين 1 و1.30 في المئة».

وعن تأثر الأسواق المالية اللبنانية بالأزمة العالمية وواقعها اليوم قالت: «إن الأسواق المالية لم تتأثر في لبنان بشكل مباشر. فمنذ أواخر العام 2004 ولغاية كانون الثاني 2006 كانت الأسواق في تحسّن مستمر. ولكن عملية الهبوط في الأسعار نتجت وبشكل رئيس عن عملية تصحيح الأسعار، بعد الإندفاع السريع الذي شهدته الأسعار خلال سنة ونصف.

ومن ثم بدأت المشاكل السياسية في شباط من العام نفسه، تلتها حرب تموز، لتساهم أيضاً في إنخفاض الأسعار، ولكنها حافظت على معدلها الوسطي، وعلى عملية تحرك بسيطة ومنطقية. ويمكن القول اليوم إن السوق جاهزة للتحرك، إثر بروز بوادر إيجابية في الأجواء السياسية، وتحسين الخطاب السياسي».

ولفتت ساسين الى أن «الأسهم المتداولة اليوم في البورصة هي أسهم المصارف وسوليدير والكازينو وشركة الترابة وصناديق الإستثمار».

وتمنّت أخيراً على المسؤولين «تفعيل دور البورصة وتحسين الدورة الإقتصادية، لأن معظم دول العالم يضع خططه الإقتصادية، آخذاً في الاعتبار مصالح المستثمرين في بورصاته، لا سيما وأن معظم المساهمين في المؤسسات المدرجة على البورصة هم من عامة الشعب».وأبدت ساسين «قلقاً من الأجواء السياسية القاتمة في المنطقة، ومن حالة ترقّب الحرب، لأنها تؤثر بشكل رئيس على حركة تداول الأسهم».

 

السلطي: الإستثمار يكون أحياناً إعتباطياً

شهدت البورصات في الخليج تقلبات حادة في أسعار الأسهم، الدكتور ناصر السلطي مدير قسم التسويق في البنك العربي الوطني - السعودية الذي التقته «الجيش» على هامش المنتدى الاقتصادي العربي قال: «إن المنافسة أو المضاربة في أسواق الأسهم العربية، أصبحت أخيراً غير مؤسساتية، فمعظم المستثمرين يجري العمليات فردياً عبر الانترنت ومن دون إستشارة اختصاصيين وهم غير مدركين لعمليات الغش الكبيرة التي تسود عمليات العرض. وهذا ما أدى الى رفع الأسعار بطريقة غير مقبولة أو منطقية كما أدى الى خلل في سوق العرض والطلب، والى إنهيارات حادة في الأسعار».

وأضاف: «بقطع النظر عن سبب حدوث التقلبات، فإننا ننظر اليها كمؤشر صحي، لأن من شأن التقلبات أن تعود بالأصول الى قيمتها الأساسية. إن فترات الإستقرار غالباً ما تحفّز المضاربة لمدة تبقى فيها تقييمات الأصول منحرفة أحياناً عن المستويات المعقولة. ومن شأن هذه التقلبات أن تزيد من نفور المستثمرين من التعرض للمخاطر.

عند حصول التقلبات تتجه أسعار الأصول الى الإنخفاض نحو مستويات جد معقولة، أي مستويات أكثر إرتكازاً على الأسس الحقيقية لا على المضاربة. والمستثمرون الذين يجرون مقارنة عقلانية في شراء الأوراق المالية، أحرى بهم أن يرحّبوا بذلك التطور».

وأشار الى أن «الإضطرابات التي حصلت في سوق الرهونات العقارية الرديئة أضرمت آخر جولة من التقلبات. وإن المشاكل التي حصلت في سوق الرهونات تعود الى تصرفات غير مسؤولة».