قضايا معاصرة

التجنيد للإرهاب والتحرّش والابتزاز عبر الإنترنت
إعداد: ريما سليم ضوميط

أولادنا معرّضون لمخاطر كبيرة وإليكم سبل الحماية

 

مع اجتياح الإنترنت المنازل والمدارس والجامعات، أصبح الإبحار في العالم الافتراضي متاحًا لجميع الأعمار، لا سيّما وأن عددًا من المدارس بات يعتمد اللوحات الإلكترونيّة المتّصلة بالانترنت كأساسٍ في البرنامج التعليمي.
مما لا شك فيه أن استخدام الانترنت كوسيلة تعليميّة، يغني الأطفال بالمعلومات والمصادر التثقيفية، إلّا أنّ استخدامه كوسيلة ترفيهيّة من دون حسيبٍ أو رقيب قد يودي بالأولاد إلى متاهاتٍ غريبة، ويعرّضهم لمخاطرٍ جدّية، من أبرزها العنف والإرهاب والتنمّر والتحرّش الجنسي.

 

التجنيد للإرهاب
أكّدت دراسة أجراها المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة، أنّ تنظيم «داعش» استفاد بشكل كبير من التطورات التكنولوجية الهائلة لتجنيد وحشد الفئات الشبابية، باعتبارها الأكثر احتكاكًا بالتكنولوجيا. ويُلاحَظ تركيز التجنيد عبر الإنترنت على فئات القاصرين والمراهقين عن طريق بثّ مواد تسترعي انتباه هذه الفئات، كألعاب الفيديو وقصص الأطفال والأناشيد. وبموازاة ذلك، يتمّ نشر رسائل وإعلانات تحرّض على العنف وتروّج لارتكاب أعمال إرهابية، لينتهي الأمر ببعض المستهدَفين إلى الدخول في اتصال مباشر مع العناصر المتطرفين والانضمام لصفوفهم.
في هذا الإطار، أظهرت نتائج تحقيقاتٍ قضائيّة في فرنسا أنّ حكايات المراهقين الفرنسيين الّذين انضمّوا إلى تنظيم «داعش» جميعها متشابهة، فهم مراهقون ومراهقات يقضون معظم أوقاتهم في غرفهم يشاهدون الفيديوهات، ولا علاقة لتطرّفهم بقاعات الصلاة السلفيّة. فغالبيّة الجهاديين لم يلتقوا بمن جنّدهم إلا في آخر لحظة على الحدود التركيّة - السوريّة، وكل الأمور الأخرى تمّت عبر الفضاء الافتراضي.
 

الاستغلال والتحرّش الجنسي
إنّ انتشار المواقع الإباحيّة المجانيّة على شبكة الإنترنت، يتيح وصول محتواها إلى المراهقين بسهولةٍ، ما يجعلهم يفهمون الجنس بطريقةٍ خاطئة ومنحرفة. في الإطار نفسه، يشكّل الإنترنت ممرًّا خفيًّا للمتحرشين جنسيًا الذين يستغلّون مواقع التواصل الإجتماعي للإيقاع بضحاياهم. وغالبًا ما يقوم هؤلاء بخداع الأطفال عبر انتحالهم شخصيّة أخرى، وقد يقنعونهم بإرسال صورٍ عارية لهم، ويمكن للمعتدي أيضًا أن يرسل صورًا أو فيديوهات إباحيّة تساهم في انحراف الأطفال الّذين يتلقّونها. بعدها يقوم الفاعل بعمليّة ابتزاز للطفل أو المراهق وتهديده بنشر محتوى معيّن ما لم يستجب لطلباته، ما يجرّ الضحيّة إلى مزيدٍ من الأخطاء ويجعلها فريسةً سهلة للاستغلال الجنسي. كما يلجأ المتحرّشون إلى وسائل مختلفة للإيقاع بضحاياهم. فقد يغرون الأطفال والمراهقين مثلًا بالتسجيل في مسابقةٍ ما، أو تعبئة نموذج معلومات من أجل الحصول على جوائز، أو تحميل لعبة ما، فينتزعون منهم معلومات شخصيّة بما فيها هويّتهم الكاملة وعنوان السكن والمدرسة، ويستغلّونها لأغراضهم الخبيثة.
 
الشبكة المظلمة
تزخر الشبكة الإلكترونيّة بالمواقع الخطرة، كتلك التي تندرج في إطار «الشبكة المظلمة» (The dark web) وهي تشجّع الأطفال والمراهقين على الأعمال غير المشروعة، والعنصريّة، وعبادة الشيطان، وتعاطي المخدّرات، حتى أنّ بعضها يقدّم معلومات وإرشادات حول كيفيّة تحضير المخدّرات وتعاطيها، وكيفيّة إعداد المتفجّرات. تندرج في دائرة الخطر أيضًا، التطبيقات والألعاب الإلكترونيّة التي تهدف إلى تدمير الأطفال والمراهقين، كمثل لعبة Blue whale التي تشجّع الّلاعبين على الانتحار من خلال مجموعة تحديّاتٍ، تفرض عليهم اجتيازها عبر خمسين مرحلة، حيث يتمّ في المرحلة الأخيرة تحدّي اللاعب بأن يرتكب جريمة انتحار. وقد ذكرت السلطات الروسيّة أنّ 130 مراهقًا روسيًّا لاقوا حتفهم بسبب هذه الّلعبة.

 

التنمّر السيبراني
هو هجومٌ شنيع يطال الطفل على شبكة الإنترنت ويدفعه إلى الشعور بأنّه وحيد ومنبوذ، ما يمكن أن يودي به إلى الاكتئاب، حتى أنّه تم تسجيل حالات انتحار في عدّة دول بسبب الوقوع ضحيّة هذا التنمّر.
من مظاهر التنمّر السيبراني، إرسال تهديدات أو صورٍ عدائيّة أو عزل الضحيّة عن المجموعة، أو السخرية والإهانة وتشويه السمعة عبر المواقع الاجتماعيّة أو غرف الدردشة.
 
الوضع في لبنان
يعتقد البعض أن ما نسمعه ونقرأه عن أخطار الإنترنت إنّما يحدث بعيدًا عن لبنان، في دولٍ تختلف عنّا من حيث القيم والعادات والتقاليد، وهم يظنّون أن أطفالنا هم في منأى عمّا يحصل في دولٍ أخرى، لكنّ الوقائع وللأسف تشير إلى عكس ذلك.
ففي دراسة حديثة قامت بها الجامعة الأنطونيّة حول استخدام الأطفال والمراهقين للإنترنت في لبنان، تبيّن أن 66 بالمئة من تلامذة المدارس الذين شملهم الإحصاء يتواصلون مع شخص غريب، وأن 73 بالمئة من المستفتين في الميدان من الأطفال خارج المدراس، متّصلون بغريب. وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن 19 بالمئة من المستطلعين في المدارس تلقّوا رسالة من مجموعة متطرفة، و16 بالمئة من المستطلعين في الميدان تلقّوا رسائل مشابهة، وأنّ 16 بالمئة من طلاب المدارس المستطلعين يعرفون تطبيقات يستخدمها المتطرفون، في حين ارتفعت النسبة إلى 50 بالمئة من المستطلعين خارج المدارس. وأشارت الدراسة إلى أن 10 بالمئة من طلاب المدارس متصلون بشبكات متطرفة، في حين أن 28 بالمئة من المستطلعين من خارج المدارس متّصلون بشبكاتٍ مماثلة.
من جهة أخرى، أكّد مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي ضبط عدد من الجرائم طالت قاصرات على الإنترنت، تمّ التحرّش بهن، أو التنمّر عليهن، أو استمالتهن لنشر صور خاصة بهنّ على الإنترنت. وأشار المكتب المذكور إلى أنّه يعمل على الرصد والتحقيق في جميع جرائم المعلوماتية لدى تقديم الضحيّة أي شكوى، موضحًا أنّه يتلقّى شكاوى المواطنين على الخط الساخن 293293/01.
في إطارٍ مماثل، قام المجلس الأعلى للطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع جمعيّة «حماية» وبدعم من «مؤسسة الرؤيا العالمية» بفتح صفـــحــة e-helpline علـى موقــــع www.himaya.org لتلقّي شكاوى الأطفال حول الانتهاكات التي يتعرّضون لها على الإنترنت ومتابعتها.
بدورهــا، أمّنت وزارة الاتصـالات خدمة المراقبـة الأبويـة Parental control التي تتيــح مراقبــة المواقــع التي يزورهــا الأطفال، وتقوم بحذف المحتويات غير المناسبة من عنفٍ، ومخدّرات، وجنس، لقاء بدلٍ شهري قيمته 2000 ليرة لبنانية زائد الضريبة على القيمة المضافة.
وللمزيد من المعلومات حول كيفية الاشتراك في هذه الخدمة، يمكن مراجعة شركة Ogero أو مزوّدي خدمات الانترنت في لبنان.
 

الآثار السلبيّة للإنترنت
تؤكّد الأبحاث والدراسات أن الاستخدام المفرط للإنترنت يؤثّر سلبًا على نموّ الأولاد على المستوى الذهني والاجتماعي والنفسي والصحّي. فجلوس الطفل أو المراهق أمام شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة يحوّله إلى إنسان عدائي، سيّىء الطباع، لا سيّما لدى انغماسه في الألعاب التي تشجّع العنف، وهذا ما يلاحظه الأهل من خلال ردود الفعل العصبيّة لأولادهم. ويودي الإنترنت بالأطفال أيضًا إلى الانطوائيّة وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع، لذلك نلاحظ أن معظم أطفال هذا الجيل لا يجيدون تكوين صداقات مع الغير، كما أنّهم لا يحسنون ابتكار ألعابٍ في أوقات فراغهم، لأن جلوسهم في موقع المتلقّي أمام الشاشة يقتل حسّ الخلق والإبداع لديهم. بالإضافة إلى ذلك، يؤدّي الانترنت إلى تراجع المهارات الذهنيّة والّلغويّة لدى الطفل، حيث أنّه يبعده عن المطالعة والقراءة، ويضعف مخزونه الّلغوي، كما يساهم في استعمال خاطىء للمصطلحات والتعابير نتيجة استعمال الّلغة الخاصة بالرسائل الإلكترونيّة، وهو أيضًا يغنيه عن استخدام الحسابات الذهنيّة التي تطوّر عمل الدماغ. في الإطار نفسه، يؤدي الاستخدام المفرط للانترنت إلى مشاكل صحيّة في الرقبة والظهر والنظر، كما يؤدّي الجلوس المستمر أمام الشاشة وعدم ممارسة الرياضة، إلى الخمول والسمنة.

 

إرشادات وتوصيات للأهل
قد لا يستطيع الأهل أن يحجبوا الإنترنت عن الأطفال والمراهقين، لكنّهم يستطيعون مراقبة أولادهم بصورةٍ مستمرّة، وتوعيتهم حول أخطار العالم الافتراضي.
في ما يلي بعض النصائح التي تساعدكم على حماية أطفالكم على الإنترنت.
- ضعوا جهاز الكمبيوتر، ومختلف الألعاب الإلكترونية المتّصلة بالإنترنت في مكانٍ عام حيث يمكن مراقبة ما يشاهده أولادكم وما يقومون به.
- أظهروا لأطفالكم أنّكم تثقون بهم وتحترمون خصوصيتهم، وعلمّوهم حماية أنفسهم عبر الحفاظ على خصوصيّتهم وعدم إفشاء معلوماتهم الشخصيّة مثل الاسم، تاريخ الميلاد، عنوان المنزل والمدرسة، وأرقام الهاتف بهدف الحماية من المتحرّشين والمتنمّرين.
• حدّدوا أوقات استخدام الانترنت والألعاب الإلكترونية بطريقة متوازنة وعادلة، واتّفقوا مع أطفالكم على لائحة المواقع المسموح لهم بزيارتها. من الممكن مراجعة هذه اللائحة معًا وإضافة مواقع أخرى عند الطلب.
• قوموا بزيارة المواقع التي تعرض مخاطر الإنترنت وبعض المواقع الالكترونيّة، للتعرّف إلى الأخطار التي تهدّد سلامة أطفالكم، وحذّروهم منها.
• استخدموا دائمًا برامج الحماية من الفيروسات وبرامج المراقبة الأبويّة لتفادي أخطار القرصنة والعنف والإباحيّة.
• تأكدوا أن محتويات الألعاب الالكترونية تتلاءم مع عمر أطفالكم، لأن الكثير من الألعاب يحتوي على مشاهد دموية وعنيفة تؤثّر سلبًا على شخصية الأطفال وتصرّفاتهم.
• شاركوا أطفالكم تجربتهم على الإنترنت واستمتعوا بتصفّح المواقع معًا. تعلّموا كيفية استخدام الأدوات التي يستخدمها أطفالكم: مدوّنات، بريد الكتروني، التراسل الفوري. ادخلوا عالمهم وافتحوا قنوات التواصل والحوار العائلي، اسألوهم عن اهتماماتهم ومخاوفهم، ووجّهوهم إلى المواقع التعليمية. فالوسيلة الأفضل لحماية أطفالكم هي الثقة المتبادلة والمصارحة والحوار الدائم والمنفتح بين الطرفين.
 
المراجع:
http://www.e-aman.com/arabic/parents-corner.html
- دراسة لوزارة الشؤون الاجتماعيّة- المجلس الأعلى للطفولة.
- دراسة للمركز التربوي للبحوث والإنماء www.crdp.org.

 


متصفحات ومحركات بحث آمن للأطفال

• http://www.kidzui.com
• http://www.buddybrowser.com
• http://www.ajkids.com
• http://www.yahooligans.com
• http://www.kidsites.com
• http://www.kidsclick.org