أبحاث عسكرية

التصحّر في لبنان
إعداد: تريز منصور


 الواقع والحلول ودور الجيش فيها
أعدّت لجنة مشتركة من مديرية الشؤون الجغرافية وفوج الهندسة، بحثًا تحت عنوان «أثر التصحّر على البيئة في لبنان وكيفية مواجهته، ودور الجيش اللبناني في ذلك»، جرى عرضه في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان بحضور عدد كبير من ضباط القيادة.
ضمّت اللجنة كلاً من رئيس مصلحة الإرشاد والمهمات في مديرية الشؤون الجغرافية العميد الركن زياد الهاشم( رئيسًا)، المقدم جهاد بشعلاني (فوج الهندسة)، الرائد محمد عبد الرزّاق (فوج الهندسة)، الملازم روني جرجس (مديرية الشؤون الجغرافية) والملازم أول حسن الموسوي(مديرية الشؤون الجغرافية).
قسّم البحث إلى فصلين وأربعة أقسام، تناول الفصل الأول مفهوم التصحّر وواقعه وأسباب تفاقمه حول العالم، وواقع تزايد بعض مظاهر التصحر في لبنان. أما الفصل الثاني فقد تناول استراتيجية مواجهة التصحّر ودور الجيش اللبناني فيها، إضافة إلى الخلاصة العامة والتوصيات.
وسلّط الباحثون الضباط الضوء في بحثهم على واقع تزايد بعض مظاهر التصحر في لبنان، حيث تتصحّر الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة، لأن الأنظمة البيئية فيها تكون هشّة وسريعة العطب، لذلك فهي تتدهور بسرعة نتيجة عوامل مختلفة من بينها عوامل مناخية وأنشطة بشرية. وأشاروا إلى أن ثلث الكرة الأرضية معرّض للتصحّر الذي يرغم بليون نسمة من إجمالي سكان العالم على ترك مزارعهم، والهجرة إلى المدن من أجل كسب عيشهم.
واعتبر البحث «أن زحف الرمال من المناطق الصحراوية باتّجاه المناطق المجاورة تحت تأثير الرياح يشكّل حالة استثنائية من حالات التصحّر، لأن المناطق المتصحّرة لم تكن صحارى سابقًا، إنما كانت مناطق منتجة وذات غطاء نباتي يتناسب مع درجة جفافها، لكن التدهور الشديد الذي نتج عن اختلال توازن أنظمتها البيئية، بسبب سوء استغلالها أدّى إلى تغيرات بيئية محلية وجعلها تأخذ صفات أقرب إلى صفات الصحارى.
وأشار البحث إلى أن ما يقارب 60 في المئة من أراضي لبنان معرّضة للتصحر، وإلى أن تنوّع التضاريس فرض تنوّع المناخات، وبالتالي تنوّع الغطاء النباتي والإنتاج الزراعي.
أما في ما خصّ استراتيجية مواجهة التصحّر ودور الجيش، فقد أوضح أن المبادئ العسكرية تكمن في التخطيط والدعم، إعتماد التنمية المستدامة، مبدأ الإستخدام الأمثل للموارد، الإهتمام بالمشاكل الإجتماعية والإقتصادية، إتّباع نهج متميّز للتصدي لها، تحقيق أهداف مكافحة التصحر وتحديد الأولويات والثغرات.
أما الجهود المقدمة من الجيش اللبناني في مواجهة مظاهر التصحُّر، فتكمن في الخطط التي تضعها القيادة لمواجهة الكوارث وحالات التصحُّر، وفي أعمال التحريج التي يقوم بها الجيش، حيث قام بزرع مساحات شاسعة وغرس ملايين الأشجار منذ نشأته الى يومنا هذا، إضافة إلى رشّ البذور في جميع المناطق، ورشّ المبيدات لمكافحة الحشرات، وإخماد الحرائق، وأيضًا مساهمة وحداته بأعمال إنشاء السدود لمصلحة مشاريع الريّ وللتخفيف من هدر الثروة المائية في الكثير من المناطق اللبنانية.
وأوضح الباحثون أبرز المعوقات التي تواجه الجيش هذا المجال، وهي: نقص في التجهيزات، نقص في العنصر البشري المتفرغ، نقص في التوعية البيئية، نقص في القوانين التي ترعى مواضيع الإعتداء على البيئة وعدم تطبيق المتوافر منها، غياب التنسيق بين الوزارات والإدارات العامة وكذلك مع منظمات المجتمع المدني.


أما توصيات البحث فقد جاءت على الشكل الآتي:
- متابعة وملاحقة تطبيق القوانين وتطويرها بشكل دائم.
- وضع مخطط مدروس لزراعة الأراضي الجرداء وتأمين شتول بما يتناسب ومناطق زراعتها، ومتابعتها لمدة سنتين على الأقل (الري - الحماية ...).
- توزيع شتول على العسكريين ليقوموا بغرسها في مناطق إقامتهم.
- وضع مخطط توجيهي مدروس بيئيًا للكسارات وملاحقة التنفيذ.
- تفعيل دور التنظيم المدني وتطوير قوانينه ووضع مخطط للأماكن الصالحة للبناء.
- ترشيد إستخدام المياه على جميع الصعد (منزلي – زراعي – صناعي).
- إعطاء أهمية قصوى لإعادة تدوير النفايات وتكرير المياه المبتذلة واستعمالها للري.
- الإسراع في إنشاء السدود والبرك المائية على مختلف الأراضي اللبنانية.
- إعطاء أهمية للطاقة المتجددة (شمس- هواء وماء) للحدّ من التلوث.
- إقامة دورات ومحاضرات توجيهية بيئية لنشر الوعي في صفوف المدنيين والعسكريين.