التنمية بين نعمة العولمة ونقمتها

التنمية بين نعمة العولمة ونقمتها
إعداد: د. كميل حبيب
استاذ في كلية الحقوق، الجامعة اللبنانية

مصطلح العولمة بات من الطروحات أو المفردات الأكثر رواجاً في القرن العشرين لكنه بدأ بالظهور تحديد منذ أواسط الستينات انطلاقاً من تجربة حرب فيتنام والدور الذي لعبه التلفزيون. بحيث حولت الشاشة الصغيرة، المواطنين: من مجرد مشاهدين إلى مشاركين في اللعبة. هذا الأمر أدى إلى اختفاء الحواجز بين المدنيين والعسكريين في السبعينات تم إطلاق تعبير المدينة الكونية حيث تشابك الكومبيوتر بالتلفزيون بالتلفون والاتصالات اللاسلكية. هذا التشابك حول العالم إلى عقدة علاقات متشابكة ومتداخلة متوترة ومتحركة. في الثمانينات صار مصطلح Globalization مألوفاً في معاهدة إدارة الأعمال الأميركية وفي الصحافة الاقتصادية الانكلوساكسونية.وكان هذا المصطلح يعني الحركة المعقدة لانفتاح الحدود الاقتصادية وليونة التشريعات مما يشجع النشاطات الاقتصادية الرأسمالية على توسيع رقعة عملها ليشمل المعمورة برمتها.

تجدر الإشارة إلى أن التطور الهائل لوسائل الاتصال أعطى لمصطلح Globalization معنى وصدقيّة وقضى على المسافات والحواجز قبل أن يسقط آخر جدار كان يقسم العالم إلى كتلتين كبيرتين. وذلك في برلين في تشرين الثاني عام 1989. بعد ذلك بدا الحديث يتوسع ليشمل الشركات المتعددة الجنسيات باعتبارها الشرط الأساسي للنجاح والاستقرار لأنها تتيح الاستفادة من تفاوت الديناميات بين مختلف المناطق وصياغة استراتيجيات كلية لمجموع مكونات الشركة. في هذه الفترة نفسها راج في الولايات المتحدة شعار ثورة الاتصالات التي تنمي الرغبة بالاستهلاك وحس المسؤولية الجماعية مساحة الحكم الفردي وانتفاضة الشباب والنساء والموضة هذه الثورة أعلنت موت الأيديولوجيا والطوباويات الخيرة. للاعتناق تساعدها في ذلك الأزمات الدولية كحرب الخليج الثانية.

أن انهيار حائط برلين وانتهاء الحرب الباردة كرسا بنظر الأميركيين طبعاً الولايات المتحدة والمفاهيم التي ترعرعت فيها فمن الان وصاعداً يبدو أن هناك كلية واحدة ممكنة ويبدو هنا ايضاً قاعدة العظمى الأميركية هي في الجزء الاكبر منها هيمنتها على السوق العالمية للاتصالات وهكذا فان العلماء المثقفين قد حققوا ما عجز عنه منذ زمن طويل العسكريون ورجال الدولة فأسواق الرساميل ومنتجات الخدمات والإدارة والتقنيات والفبركة باتوا كلهم كليّين بالطبيعة وصارت الحرية في حد تعبيراتها تعني ممارسة التجارة بالرغم من أن هذه الأخيرة قسمت العالم بين عشرين في المئة من الناس الذين تتمركز في أيديهم ثمانين في المئة من القدرات الشرائية في حين أن الثمانين في المئة الباقين منهم يسعون وراء لقمة العيش دون جدوى في كثير من الأحيان[1].

في سياق بحثه عن المعنى الحقيقي للعولمة يميز الإمام محمد مهدي شمي الدين بين مصطلحي النظام العالمي والعالمية ففي رأيه أن مصطلح النظام العالمي هو لغة للتعبير عن طموح نحو إيجاد نظام سياسي عالمي تهيمن فيه أو تفرض فيه قوة وحيدة أو تحالف قوى هيمنة سياسية انطلاقاً من مصالحها المادية ونظرتها الفلسفية على اكبر قدر ممكن من دول وشعوب العالم([2]) ومع العلم أن مفهوم النظام العالمي الجديد قد شاع أثناء حرب الخليج الثانية (1990-1992) إلا أن خصائصه قد برزت في حقبات تاريخية قديمة تمثلت في ما سمي بالسلم الروماني Pax Romana فلا شيء جديداً في النظام العالمي الجديد من حيث كونه آلية لممارسة سياسية للتأثير على المصالح التي تسعى إليها أو تدافع عنها مجموعة القوى العظمى.. وليس ثمة ضرورة تدعو إلى أن يكون لهذا النظام العالمي علاقة بالثقافة والحضارة ([3]) أما العالمية يتابع الإمام شمي الدين فهي تعبير عن مجال قد يكون بعيداً عن السياسة والاقتصاد بل هي تعبير عن التنوع الثقافي فالعالمية تعني الاعتراف بالتبادل الاعتراف بالادوار بحيث يكون العالم منفتحاً على بعضه مع الاحتفاظ بتنوعاته ([4])

من جهته يرى حسنين توفيق ابراهيم أن النظام العالمي الجديد له جذوره وامتداداتها التي يمكن تتبعها فالمرحلة ما قبل حرب الخليج الثانية. فقد سبق لحركة عدم الانحياز أن طالبت منذ السبعينات بقيام"نظام اقتصادي عالمي جديد" يحقق قدراً أكبر من العدالة في توزيع الموارد والثروات بين دول الشمال المتقدم ودول الجنوب السائر على طريق النمو. كما تزايد استخدام مفهوم النظام العالمي الجديد في أعقاب وصول ميخائيل غورباتشوف الى السلطة في اتحاد السوفياتي السابق عام 1985 وتبنيه البيروسترويكا (إعادة البناء) والغلاسنوست (الانفتاح). وقد استندت أفكار غورباتشوف الى رؤية معينة للنظام العالمي مفادها إحلال مبدأ توازن المصالح محل الحوار والتعاون الدولي، وقبول مبدأ التعدد والاختلاف في الأنظمة السياسية والاجتماعية واحترام اختيارات الشعوب([5]).

في ضوء هذه الخلفية فإن الجديد الذي حدث مع بداية حرب الخليج الثانية هو تبني الولايات المتحدة الأميركية للمفهوم والتشديد على عدد من القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية العليا مثل: الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان والاستقرار والتنمية واحترام قواعد القانون الدولي... الخ. وعلى الرغم من المعاني الايجابية التي يتضمنها هذا التصور الأميركي لمفهوم النظام العالمي الجديد، الا أن ممارسات وسياسات واشنطن غالباً ما ابتعدت عن هذه المعاني، يساعدها على ذلك امتلاكها لشبكة الاتصالات ولقدرتها الاقتصادية والعسكرية الضخمة. من هنا نلاحظ أن هناك اتفاق بين العديد من الباحثين على اعتبار مفهوم العولمة مرادفاً لمفهوم الأمركة. ويقول الإمام شمس الدين في هذا الصدد أن العولمة تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً... إنها سيطرة القوى الكبرى والغالبة، وهي الى جانب السيطرة الاقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية، وتستخدم كل تنوع ثقافي في سبيل التنكيل بالآخرين وارهابهم لأجل استتباعهم ثقافياً([6]).

بغض النظر عن ذلك، ثمة من يعتقد أن مفهوم العولمة يشير الى مجموعة الظواهر والمتغيرات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتكنولوجية والمعلوماتية التي تمتد تفاعلاتها لتشمل معظم دول العالم ومناطقه. وبهذا المعنى فإن العولمة تعبر عن مرحلة تاريخية في تطور العالم، جوهرها تحقيق المزيد من الترابط والتداخل والتأثير المتبادل بين الدول والمناطق المختلفة. وإذا كان مفهوم يشير الىمرحلة تاريخية في تطور العالم. فإن هذه المرحلة لم تكتمل بعد حيث أن العديد من الظواهر والتطورات المرتبطة بالعولمة لا تزال في حالة تفاعل، وإن الكثير من نتائجها الايجابية والسلبية لم تتبلور بصورة واضحة بعد. أخيراً، يمكننا القول أنه اذا كان النظام العالمي الجديد قد اتبط بطموحات وتطلعات وسياسات بعض الدول والتيارات السياسية والفكرية، فإن مفهوم العولمة يشير الى بعض الظواهر والتغيرات التي تحدث على الساحة العالمية والتي سوف تؤدي الى مزيد من الترابط والتداخل بين دول العالم([7]).

يعالج هذا البحث تأثير العولمة كنظام اقتصادي وسياسي على الدول السائرة على طريق النمو. زكما أن للعولمة أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك فإن تأثيراتها تطال كل نواحي الحياة بالنسبة لدول الجنوب، حتى الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي ضد صربيا عام 1999 تدخل هي الأخرى في سياق البعد العسكري للعولمة بزعامة الولايات المتحدة الأميركية. ولا بد من الاشارة الى أن يترتب على العولمة من نتائج سوف يصيب بمخاطره العالم العربي بشكل خاص. لذا سوف نعالج القسم الأخير من هذا البحث الوضع العربي الراهن وكيفية معالجتها في ظل العولمة. أخيراً ينتهي هذا الفصل الى عدد من التوصيات التي لا بد منها استناداً الى فهمنا لطبيعة العولمة والنتائج المرتبطة بها.

 

أولاً: مؤشرات العولمة

إن الدور الجديد الذي تقوم به الشركات متعددة الجنسيات يعتبر مؤشراً هاماً لنظام العولمة الاقتصادي. ويمكننا ملاحظة ذلك من خلال المعطيات التالية:

  1. تقوم الشركات متعددة الجنسيات بتصنيع منتجاتها في الدول الأخرى حيث تتوفر اليد العاملة الرخيصة.
  2. ازدياد عدد الشركات متعددة الجنسيات بسبب سهولة الاتصالات.
  3. النجاح الكبير الذي تحققه تلك الشركات على الصعيد العالمي. مثال على ذلك أن القوة الاقتصادية لشركة Mitsubishi اليابانية أكبر من كل الشركات النمساوية مجتمعة. كما أن القوة المادية لشركة Excon الأميركية أكبر بكثير من قدرة الدول الايرانية.

المؤشر الثاني لنظام العولمة يظهر أيضاً من خلال الدور الذي تلعبه المنظمات الدولية غير الحكومية على الصعيد الدولي. فالقوة المالية لهذه المنظمات وخبراتها قد تخطت قدرات بعض الحكومات والمنظمات الدولية الحكومية. فالمنظمات غير الحكومية توفر الكثير من المساعدات في حقول التعليم والصحة والتنمية ومراقبة تنفيذ الالتزامات الدولية. أما الأهمية القصوى لعمل المنظمات غير الحكومية فتكمن في قدرتها على منافسة الكثير من الحكومات. فبإمكان المنظمات غير الحكومية التوجه مباشرة الى الشعب حول قضايا معينة كالبيئة والمعتقلين السياسيين مثلاً، دون الأخذ بعين الاعتبار رأي الحكومة المحلية في ذلك. وأخيراً، تمكنت المنظمات الدولية غير الحكومية من الدخول الى صلب عمل المنظمات الدولية الحكومية والتأثير في عملية ترتيب أولوياتها ومحاسبتها أمام الرأي العام العالمي([8]).

المؤشر الثالث لبروز نظام العولمة يتعلق بعصر الاتصالات المذهل وما حققه على الصعيد الدولي. وتشير التقديرات أنه في عام 1988 كان هناك حوالي 100 مليون إنسان يعملون على شبكة الانترنت، وأنه في عام 2005 سيكون هناك حوالي مليار انسان يعملون على تلك الشبكة. المسألة هنا ليست مسألة اعتاد متبادل بين الشعوب أوجدته شبكة الاتصالات[9] الدولية أحدثت تغييراً جذرياً في التنظيم الاقتصادي الدولي، خاصة بما وفرته من أساليب عمل حديثة للشركات المتعددة الجنسيات وللمنظمات غير الحكومية.

لقد زادت شبكة الاتصالات الدولية من القدرات العسكرية للولايات المتحدة الأميركية لدرجة أن العولمة أصبحت مرادفة للأميركية، وما في ذلك من تأثيرات على أوضاع بلدان العالم الثالث الاقتصادية والسياسية. أضف الى ذلك أن مظلة المعلوماتية زادت من اعتماد الدول على واشنطن في ما يخص الأزمات الدولية. كل هذا يعطي لأميركا دوراً جديداً في قيادة العالم والهيمنة عليه. والحقيقة التاريخية لا تزال قائمة في أن من يملك المعلومات والمعرفة يملك أيضاً القوة. فبإمكان واشنطن إحداث تغييرات جذرية في أنظمة الدول من خلال حربها الاعلانية والاعلامية عبر أجهزة الانترنت. أخيراً، إن سيطرة الولايات المتحدة على شبكة الاتصالات الدولية قد ساعدتها، مثلاً، على اكتشاف برنامج كوريا الشمالية للتسلح النووي، والى فضح التعاون الروسي- الصيني بشأن بناء مصانع نووية في ايران([10]).

على الصعيد السياسي، يعيش مفهوم الدولة- الأمة أزمة لا سابق لها بسبب تعرض الدولة لمنافسة شديدة من لاعبين يزدادون عدداً وقوة على المسرح الدولي: الشركات متعددة الجنسيات، جماعات الضغط، وسائل الاعلام والاتصال، المنظمات غير الحكومية والأفراد... الخ. في الاطار نفسه يتعرض مفهوم السيادة الوطنية للخلل لأسباب منها وجود ملكيات انسانية مشتركة تفلت من منطق التقطيع السيادي الخاص جمعاء. والأمثلة المشابهة كثيرة وهي تدل على أن الدولة لم تعد تملك حرية التصرف في أرضها، الأمر الذي يعرّض مبدأ السيادة نفسه للخطر([11]).

من المظاهر العديدة لأزمة الدولة- الأمة في ظل العولمة هي أن العلاقات الدولية تسير اليوم في مستوى فوق الوطني. وهذه الحالة تنطبق على الاتحاد الأوروبي حيث يميل ولاء المواطنين للإزدواج وتقوم الدولة بالاتحاد مع كيانات أخرى لها شخصيتها ومواردها وبيروقراطيتها الخاصة. وهنا لا بد من الملاحظة أنه في حين يميل نجم الدولة الى الأفول في بعض المجتمعات الصناعية (خاصة في أوروبا) فإن مجتمعات بشرية كثيرة في جنوب المعمورة لم تدخل في عصر الدولة، الأمر الذي يزيد من عمق الهوة الفاصلة ما بين المجتمعات البشرية رغم رياح العولمة التي تهب عليها.

إن جميع مظاهر العولمة هذه لا تلغي دور الدولة كوحدة أساسية مكونة للمجتمع الدولي. وقد تخفض العولمة من دور الدولة، لكنها لا تلغيه. حسبنا الاشارة الى ارتفاع عدد الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة الى 188 دولة عام 1999. صحيح ان المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية هو الى ضمور، لكن علينا التنبّه الى ردود الفعل "المحافظة" التي تظهر في الشرق والغرب، وفي الشمال والجنوب. بالطبع، قد تقود ثورة المعلومات والثقافة الحديثة الى مزيد من تشابك المصالح الدولية، لكنها ستقف عند مصالح الدول ولو بنسب متفاوتة ومختلفة. فالمصالح الدولية ليست متوافقة دائماً وكثيراً ما تتناقض. أضف الى ذلك أن الاختلافات الحضارية مستمرة، ولو أن التفاعل الحضاري الى صعود ملحوظ.

 

ثانياً: تأثيرات العولمة

لقد أصبح تيار العولمة بمختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية والاعلامية، من التيارات التي تشغل مساحات هامة وشاسعة في الفكر الانساني، لما لهذا التيار من تأثير عميق على مجمل أوجه الحياة. وتبعاً لهذه الأهمية انقسم الباحثون والدارسون لهذا التيار بين مؤيد ومعارض. فالقسم الأول يعتبر العولمة مسيرة حتمية وطبيعية للتطور الشامل الذي أصاب النشاط الانساني وخصوصاً في العقود الأخيرة من هذا القرن. ومن هذه الزاوية يمكن مقارنة العولمة بالثورة الصناعية في القرن التاسع عشر والتي هزمت كل أولئك الذين أرادوا الوقوف في وجهها. فالمنحنى الايجابي لمسيرة العولمة يمكن ملاحظته في أنشطة وتفاعلات دولية عدة نذكر منها:

  1. بروز اتجاه عالمي لنزع الأسلحة النووية، والحد من انتاج وتجارة الأسلحة التقليدية توخياً لسلم دولي أكثر رسوخاً. مع الاشارة الى أن العوامل المادية التي ما تزال تتحكم بالقرار الدول، تحد من هذا الاتجاه أو تخفف اندفاعه.
  2. تزايد الحاجة لتضامن عالمي من أجل حماية البيئة الطبيعية بعد التلوث الصناعي الهائل الذي أصابها، واتجاه الدول والجماعات الانسانية نحو تكوين منظمات مدنية وحكومية، اقليمية ودولية، في اطار الحفاظ على البيئة. خصوصاً وأن التلوث يؤثر مباشرة في النشاط الزراعي والمياه العذبة والهواء.
  3. انتشار مصالح "التنمية البشرية المستديمة" في اطار التأكيد على دور الانسان في التنمية وسيلة وغاية، بالتزامن مع تطور الاهتمامات العالمية بالبيئة وانعكاس هذا الانتشار على القانون الدولي من حيث السعي لتطوير مضمونه كي يتلاءم  مع الحاجات التنموية والبيئية .
  4. اندفاع مسيرة حقوق عالمياً، بتشجيع من الغرب بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وتطور المفاهيم المتعلقة بها على الصعيدين السياسي والقانوني. مع الاشارة الى أن المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية والخصوصية الحضارية للأمم والشعوب ما يزالان يحدان من عالمية حقوق الانسان ومن الجهود الغربية في هذا المجال
  5. تطور مفهوم الأمن ليشمل في ما يشمل الأمن البشري، الذي يعني أن يمارس الناس خياراتهم بحرية وأمان على الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية كافة. والأمن الدولي لا يتحقق أيضاً من خلال الأمن البشري. أما نجاح هذا التوجه العالمي فيبقى بإيجاد نسق جديد من التعاون بين الدول والمنظمات الاقليمية والدولية.
  6. طرح "العولمة الاقتصادية" على نطاق واسع بعد تزايد دور الشركات متعددة الجنسيات، وتأسيس المنظمة العالمية للتجارة مع ما يتضمن كل ذلك من تعزيز فرص القوة الاقتصادية للدول الكبرى. بتعبير آخر، قد يتفاعل الخلل الموجود في النظام الاقتصادي الدولي إذا ما تركّز الغنى والفقر في مناطق ودول محددة من العالم.
  7. دخول العالم ثورة هائلة في ميدان المعلومات والاتصالات. فلا أسرار مطوية على الشعوب والدول، والدور التقليدي السيادي للدولة الى تراجع طالما أن الأقمار الصناعية وشبكة المعلومات والاتصالات المستندة إلى التقنية الحديثة قادرة على اختراق الحدود والجماعات والمجتمعات والتأثير فيها على كافة المستويات بما فيها المستويين الثقافي والحضاري([12]).

لكن، وفي مسحة تشاؤمية الأبعاد لتأثيرات العولمة على عالمنا اليوم، يعتبر غسان العزي أن العولمة هي أميركية الطابع. وهو يقول في هذا الصدد: "اقتصادياً يبدو أن العولمة، التي هي السمة الرئيسية لهذا النظام العالمي قدر زاحف لا تقاومه إلا القلة القليلة الضعيفة أو المستضعفة. وهذه العولمة تقوم أساساً على ركيزتين اقتصادية وإعلامية. وموقع السياسة فيها يبقى غامضاً يعوزه الوضوح"([13]). أولاً على الصعيد الاقتصادي فإن العلاقة بين الشروط الداخلية والخارجية للنشاط الاقتصادي تجد نفسها في حال التباس عميق. فمع الانفتاح العام على المستوى العالمي لحركة المال والاقتصاد والتجارة، فإن الآفاق الإنتاجية والتبادلات تنتظم أكثر فأكثر تبعاً لقواعد بلد والمحددة في مساحة ووقت معينين لم تعد لها الا أهمية ضئيلة وثانوية وكمتغيرات يجري العمل على تقليص آثارها الى الحد الأدنى الممكن([14]) وبدل العمل على التأقلم مع ظرف دولي معين أو شروط دولية عابرة تفرض نفسها على الحقل الاقتصادي الداخلي فإن ما يفرض نفسه مع العولمة المتنامية هو التعايش الصعب، بل المستحيل أحياناً، بالنسبة لبعض شركات كبرى متعددة الجنسية، وترسم شكله مؤشرات عالمية، مثل أسعار العملات القوية وأسعر المواد الأولية ونسب الفوائد المصرفية والهوامش التجارية، صار لها الأولوية على المؤشرات الاقتصادية الداخلية.

أضف إلى كلّ ذلك قانون السوق لا ينتج انتظاماً وشفافية كما يُشاع, واليد الخفيّة لا تدير لعبة إقتصاديّة تلقائيّة أو عفويّة. فالعولمة تعتمد على بنى تدخل سلطوي خارجي تعمل على المستوى العالمي مثل مجلس إدارة جماعة G7 ومعايير إعادة الهيكلة البنيوية التي يفرضها صندوق النقد الدولي والتي لا تترك هامشاً واسعاً لسيادة الدول وحريّتها في إدارة اقتصاداتها. وهكذا, فإنّ الليبراليّة المعولمة ليست رديفاً للحريّة ولا نتاجاً للعبة عفويّة آليّة. إنّها في بعض الأحيان أقرب ما تكون لتلك الإدارة الموجّهة لاقتصاد صار موجّهاً أكثر منه تلقائياً.
وهكذا, فمن الناحية الإقتصاديّة تظهر العولمة وكأنّها شرّ لا بدّ من التصدّي له بشتّى الوسائل وخطر على المجتمع البشري يؤدّي إلى ازدياد هائل في معدّلات البطالة وتالياً رمي الناس في الشوارع, وانخفاض الأجور أي تدهور مستوى المعيشة وتقلّص الخدمات الإجتماعيّة التي تقدّمها الدولة, أي نهاية مفهوم دولة الرعاية الإجتماعيّة وابتعاد الحكومات عن التدخّل في النشاط الإقتصادي وحصر دورها في حراسة النظام وأخيراً تعميق الهوّة بين الفقراء والأثرياء الذين يتحكّمون بمصائر الدول.
في هذا الإطار يمكن وضع كتاب فخ العولمة حيث يحاول المؤلّفان بيتر مارتين وشومان تبيان الآثار السلبيّة والمدمّرة لتيّار العولمة الجارف. فهما يتوقّعان أنّه في القرن المقبل فإن عشرين في المئة من سكّان الأرض فقط هم الذين سوف يمكنهم العمل والحصول على المدخول والعيش برغد وسلام. أمّا بالنسبة للـ80 بالمئة الباقية فتمثّل السكّان الخائفين من الحاجة الذين لن يمكنهم العيش إلا بالإحسان والتبرّعات وأعمال الخير. واحتياجات الفقراء أصبحت عبئاً لا يُطاق في زمن المنافسة العالميّة ˜واممية رأس المالŒ وتهديد أصحاب رؤوس الأموال بالهرب ما لم تستجب الحكومات لمطالبهم المتعدّدة مثل منحهم التنازلات الضريبيّة السخيّة وتقديم مشروعات البنية التحتيّة لهم مجّاناً ([15]).
إنّ الفكرة المحوريّة التي يحاول الكتاب إبرازها هي دور الدولة وإمكان إعادة تعزيزه في التدخّل المباشر لحماية المكتسبات الإجتماعيّة التي نالتها الفئة العاملة على مرّ العقود وكذلك تأمين فرص العمل للقادرين. إنّ الضغوط التي تمارسها المؤسّسات الماليّة على الدول وحكوماتها تهدف إلى خفض الضرائب على الثروة والاستثمارات وخصخصة كلّ الخدمات الماليّة وخفض الإنفاق الحكومي على الخدمات والرعاية الإجتماعيّة. وحتى الآن لم تتجرّأ أي حكومة على مواجهة هذه القوى العاتية. وبالتالي فقد كان على كلّ الراغبين بإصلاح الحال الإذعان للردّ والصد دائماً وأبدً([16]).
ويتطرّق الكتاب بشكل خاص إلى ما تعانيه الدول النامية في زمن العولمة. فـ358 مليارديراً يمتلكون معاً ثروة تضاهي ما يملكه 2,5 مليار من سكّان المعمورة أي نصف سكّان العالم. ويستمرّ في الإنخفاض ما تقدّمه الدول الصناعيّة من معونة إلى الدول النامية. ويضرب المؤلّفان مثلاً على ذلك المانيا التي قدّمت عام 1994 ما يساوي 0,34 في المئة من مجموع نتاجها القومي الإجمالي. وانخفضت هذه النسبة إلى 0,31 في المئة أي نسبة 10 في المئة عام 1995. مقابل ذلك ارتفعت مديونيّة الدول النامية, إذ بلغت عام 1996, 8,94 تريليون دولار أي أنّها ارتفعت إلى ضعف ما كانت عليه قبل عشرة أعوام.
إنّ السؤال الذي يمكن طرحه بعد كلّ هذه القضايا المثيرة والحسّاسة الواردة في الكتاب هو: إلى أين ستصل العولمة؟ فإذا كانت الثروة ستتجمّع أكثر فأكثر في أيدي قلّة من الناس, وإذا كانت معدّلات البطالة ستقفز في شكل هائل, وإذا كانت القوّة الشرائيّة لأولئك العاطلين عن العمل ستنخفض تبعاً لعدم توافر فرص العمل, معنى ذلك أنّ الإنتاج سيتدهور هو أيضاً وبأنّ الركود الإقتصادي أو الأزمات الإقتصاديّة ستتوالى باستمرار. يجيب الكتاب عن كلّ هذه التساؤلات بالقول: على الكل التصدّي لهذه الموجة الجديدة (العولمة) التي غزت العالم ومن أبرز أبطالها القطاع الحالي والمضاربين الذين سماهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك دون مواربة وباء الايدز في الاقتصاد العالمي.
من جهته, رأى الإمام محمّد مهدي شمس الدين أنّ العولمة تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً. وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاءً فولكلوريّاً لمجرّد الإستمتاع وليس لتنمية وإخصاب الذات الإنسانيّة. إنّها سيطرة القوى الكبرى والغالبة, وهي إلى جانب السيطرة الإقتصاديّة والسياسيّة تمارس السيطرة الثقافيّة وتستخدم كلّ تنوّع ثقافي في سبيل التنكيل بالآخرين وإرهابهم لأجل استتباعهم ثقافيّاً ([17]). وأعرب شمس الدين عن اعتقاده أنّ العولمة بالصيغة الأميركيّة التي يحاولون فرضها على العالم لا تمثّل تحدّياً بقدر ما تمثّل غزواً. فهي مشروع يتسلّح بواقع الهيمنة على السياسة والإقتصاد من جهة, وبالقدرة غير المسبوقة في توجيه الإعلام من جهة أخرى. كما أنّها تتسلّح أيضاً بالقدرة على التشريع على المستوى الدولي. ولذا فإنّ العولمة لا تمثّل في نظرنا تحدّياً, بل تمثّل غزواً لا بدّ من مقاومته ([18]). إنّ العولمة, يعرّف طبيعتها الإمام شمس الدين, بارة عن عولمة 20 أو 25من سكّان العالم على حساب 75 أو 80 من سكّانه, حيث أنّ فريق العولمة يسيطر على مصائر باقي العالم, ويهيمن على اقتصاده وعلى أسواقه وعلى كياناته الوطنيّة وعلى هويّته الثقافيّة ([19]).
أمّا بالنسبة لأهداف العولمة فيحدّدها الإمام شمس الدين على النحو التالي:
1- ­ العولمة تهدف إلى السيطرة الإقتصاديّة تحت شعار دعوى أنّها تؤدّي إلى ارتفاع مستوى الحياة للدول, وإلى إقامة توزيع أفضل للإقتصاد. كما تهدف إلى السيطرة الثقافيّة التي تؤدّي إلى تشويه أو تذويب الشخصيّة الخاصّة.
2- ­ العولمة تهدف إلى تشجيع عوامل التفتّت والإنقسام داخل المجتمعات الأخرى, وإلى إثارة التناقضات العرقيّة والدينيّة والمذهبيّة بين الأقوام داخل المجتمعات. وتؤدّي بهذه المجتمعات إلى حروب وتوتّرات داخليّة تتيح الاستيلاء عليها, والهيمنة عليها وعلى اقتصادها. إنّها تتيح تفتيت البنى الثقافيّة والأخلاقيّة وأنظمة القيم داخل كلّ مجتمع وداخل كلّ حضارة لمصلحة تيّار الحداثة. كما يتجلّى في ما يسمّى الحضارة الأميركيّة والثقافة الأميركيّة ونمط الحياة والعيش الأميركي.
3-­ تؤدّي العولمة إلى هشاشة الدولة تجاه الخارج فلا تعود متماسكة أمام القوى العظمى التي تسيطر على تيّارات العولمة في الإقتصاد وفي الثقافة وفي السياسة وفي الإعلام.
إنّ فسح المجال للعولمة في مجال الإقتصاد يؤدّي إلى إفساح المجال لسيطرة الشركات العملاقة متعدّدة الجنسيّات والتي لا تعترف بالدول ولا بالحدود ولا بالشعوب ولا بالأخلاق. بل تؤدّي إلى تدمير القيم الأخلاقيّة التي يجب أن تحكم الإقتصاد والتنمية والعلم. وقد تسخّر كلّ ذلك لزيادة الأرباح ولقمع كلّ تطلّع يؤنسن الإقتصاد ويؤنسن العلم.
4-­ إنّ العولمة بالنّسبة إلى العالم الثالث أو معظم العالم تعني التلقّي والاستتباع. تعني أن يكون دور الآخرين هو الخضوع. أن يكون موقعهم موقع تلقّي التعليمات, وتلقّي صيغ الحياة والعيش. والاستتباع في المجال الاقتصادي والسياسي, بدل الحوار وبدل الاشتراك في صناعة صيغ الحياة وصيغ المجتمع.
5-­ تهدف العولمة إلى تدمير قوى المناعة التي تجعل من دول العالم الثالث قوّة منافسة على مستوى المستقبل في المجال الحضاري, بكلّ ما يعنيه ذلك من علوم وثقافة وتكييف. أو إخضاع هذه الشعوب وإخضاع هذه الأمم لأجل أن تكون سوقاً لاستهلاك المواد المصنّعة ومصدّراً للمواد الخام, ومصدّراً للأيدي العاملة الرخيصة ([20]).
وأخيراً, ومن الناحية العسكريّة, إنّ سيطرة الولايات المتّحدة الأميركيّة على وسائل الاتصال الحديثة قد جعل منها القوّة العسكريّة العظمى بإمتياز. فكارثة الخليج الثانية وحرب كوسوفو أظهرتا بوضوح قدرة واشنطن على شن حروب دونما أيّة خسائر ماديّة أو بشريّة تذكر. حتى حلفاء أميركا التقليديين, وأغلبهم دول غربيّة متطوّرة, يعتمدون على مظلّة المعلومات الأميركيّة في تفسيرهم للأزمات الدوليّة. هذا يعني أنّ الحاجة إلى المعلومات أعطى واشنطن القدرة على جمع الحلفاء والحفاظ على تماسكهم في الحروب آنفة الذكر. أخيراً, إنّ إمتلاك واشنطن للمعرفة العلميّة والتكنولوجيّة قد أتاح لها التنسيق بين قدراتها العسكريّة وأهداف سياستها الخارجيّة, والتي تتضمّن:
1-­ زعزعة الأنظمة الشيوعيّة المتبقّية في العالم.
2-­ دعم الأنظمة الديمقراطيّة الحديثة العهد.
3-­ أن يكون لها الكلمة الفصل في حلّ النزاعات الدوليّة.
4- ­ محاربة الإرهاب الدولي والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل ([21]).
تجدر الإشارة إلى أنّ سيطرة الولايات المتّحدة على نظام الإتصالات العسكريّة والإستخباريّة قد جعل من حلفائها الغربيين والأعضاء في حلف شمال الأطلسي أتباعاً لها وليسوا شركاء معها في الحلف الواحد. هذا يظهر جليّاً من خلال قراءتنا للوثيقة الرسميّة التي أصدرها حلف شمال الأطلسي في الذكرى الخمسين لإنشائه وتوافقت الدول الاعضاء على الاسناد للحلف مهمّة إدارة الأزمات الدوليّة ومكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل ([22]). وما في كلّ ذلك من محاولة لتغييب إرادة المجتمع الدولي ولمنظّمة الأمم المتّحدة ولكلّ الأعراف والمواثيق الدوليّة.

ثالثاً: العرب والعولمة
يتحدّث برهان غليون, أستاذ ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في السوربون, عن العولمة وأوهام المجتمع المعلوماتي ([23]), وهو يقول في هذا الصدد: بعكس ما تميل إلى إشاعته الأدبيّات الكثيرة والمتنامية اليوم حول العولمة, يبدو لي أنّ الأكثر بروزاً في ما يسمّى اليوم مجتمع المعلوماتيّة, هو الطابع المعقّد أو المركّب أيضاً لهذا المجتمع والتناقضات العميقة التي يحملها ([24]). وبرأيه فإنّ العولمة تبرز في سياق ما يسمّيه سبعة مفارقات تاريخيّة هي التالية:
1- ­ المفارقة التاريخيّة الأولى أنّه في اللحظة التي يسير العالم أكثر من أيّ حقبة سابقة نحو الإندماج ووحدة المصير بالفعل, يبدو هذا العالم أكثر انفراطاً وتصدّعاً ممّا كان عليه في أيّ وقت مضى. ويشير الكاتب هنا إلى إنهيار آمال دول الجنوب في التنمية, تلاشي مفهوم الوطنيّة في معظم دول الجنوب, وبروز العقائد الدينيّة أو العنصريّة المتطرّفة.
2- ­ المفارقة التاريخيّة الثانية أنّه في الوقت الذي لا تكفّ أجهزة الإعلام والمسؤولون الدوليّون عن التذكير بضرورة تجاوز الحدود السياسيّة وتكوين السوق العالميّة الجبّارة, لم يحصل إن كانت الحدود مغلقة تماماً أمام تنقّل الأشخاص بين الشمال والجنوب كما هي عليه الآن.
3 -­ المفارقة التاريخيّة الثالثة أنّه في الوقت الذي سمحت وسائل الإعلام التي فجّرتها ثورة الإتصالات السلكيّة واللاسلكيّة لجميع سكّان المعمورة بالتواصل المادّي عبر الحدود, يكاد التواصل الإنساني والروحي ينعدم تماماً ويخلي مكانه لمختلف أشكال التعالي والإنطواء على الذات. فلم تزدهر العنصريّة وحركات العداء للأجانب والاعتداء عليهم في أيّ حقبة سابقة كما تنمو اليوم في ظلّ ثورة الإتّصالات والمعلومات في وسط المجتمعات الصناعيّة. ولم يحصل أن عرفت البلاد النامية دوافع أكبر للعودة إلى الماضي والتمسّك بالتقاليد والتقوقع الثقافي والاثني والطائفي والقبلي الذي قاد في الكثير من البلدان نحو التصفيات الجماعيّة اللاإنسانيّة.
4-­ المفارقة التاريخيّة الرابعة أنّه في الوقت الذي يشهد المجتمع الدولي من دون أيّ شك أكبر طفرة في تقدّمه التقني, تتّسع كما لو لم يحصل في أيّ تاريخ ماضٍ رقعة المناطق المحتاجة التي يسكنها الفقر وتهدّدها المجاعة.
5 -­ المفارقة التاريخيّة الخامسة أنّه في الوقت الذي أصبحت الثقافة تحتلّ القطاع الأوّل في الإقتصاد, وأصبح قطاع الصناعة الثقافيّة والإعلاميّة والمعلوماتيّة والإتصالات هو القطاع الرائد في الحياة الإقتصاديّة والأكثر مردوداً وربحيّة, تسيطر ايديولوجيّة السوق الإقتصاديّة.
6 -­ المفارقة التاريخيّة السادسة أنّه في الوقت الذي تتحوّل الليبراليّة إلى دين الحياة العموميّة والكتاب المقدّس للعلاقات الدوليّة, لا تكفّ السياسات الحمائيّة عن النمو كما لو أنّ الإنفتاح هو سياسة مطلوبة فقط من الدول الأضعف تجاه الدول الأقوى منها.
7 - المفارقة التاريخيّة السابعة أنّه في الوقت الذي يخلق عصر المعلومات والعولمة الدخول في عصر الرأسماليّة المنسجمة, وعصر التقدّم المضمون لجميع سكّان العالم, وعصر الحضارة الجديدة, لم يكن النّظام العالمي الجديد (العولمة) يتّسم في أيّ مرحلة سابقة من تاريخه بانعدام الأمن والاضطراب وعدم التوازن والحيرة والقلق والخراب السياسي والأخلاقي كما يتّسم به اليوم ([25]).
ويتطرّق غليون في دراسته إلى ما يسمّيه مخاطر الثورة التقنيّة معلناً أنّ الثغرات التقنيّة التي تقود إليها الثورات العلميّة لا تقود تلقائيّاً إلى تحسين شروط حياة المجتمعات أو الإنسان عموماً وبالمطلق. ذلك أنها لا تحصل في الفراغ ولكنّها تحصل دائماً في سياق تاريخي يعكس توزيع القوى الإجتماعيّة أو الدوليّة, والذي يستفيد منها بالدرجة الأولى هي تلك القوى التي تملك وسائل السيطرة عليها. وباختصار أنّ كلّ ثورة تقنيّة تزيد من قوّة القوي الذي يكون هو نفسه وراء حصولها, وتضعف أكثر موقف الضعيف أصلاً. وبذلك فهي تعمّق التناقضات الموجودة وتفتح مجالات جديدة لنشوء قوى أكبر وأكثر قدرة على السيطرة من القوى التي كانت موجودة قبلها ([26]). هذا الأمر ينطبق على ثورة الإتصالات والمعلومات التي سوف تقود حتماً إلى تعزيز سيطرة تلك الدول والمجموعات البشريّة التي تتحكّم بالعناصر الرئيسيّة لهذه الثورة وهي المعرفة العلميّة والخبرة التقنيّة والرساميل المتراكمة الكبرى والأسواق الواسعة والموارد البشريّة والطبيعيّة. وسوف يسمح لها هذا التقدّم التقني الجديد بالتفوّق أكثر وفرض سياساتها ومصالحها على جميع من هو أضعف منها. وسوف يسمح اكتساح الأسواق الضعيفة الحاصل اليوم, والذي تتكفّل بتحقيقه السياسات الليبراليّة المفروضة سياسيّاً من الدول الكبرى والمؤسّسات الماليّة الدوليّة. أخيراً, سوف تجر الثورة المعلوماتيّة أيضاً في سياق الرأسماليّة إلى تهميش ثلاثة أرباع البشريّة وحرمان أفرادها من أيّ دور أو مكان أو موقع أو هويّة أو شخصيّة قوميّة.
العالم العربي هو جزء من العالم الثالث, وقد سعت البلدان العربيّة منذ استقلالها إلى التخلّص من علاقات التبعيّة مع مستعمريها السابقين. فاستثمرت هذه البلدان بكثافة في البنى التحتيّة. إلا انها أخفقت في تطوير أنظمتها الوطنيّة للعلم والثقافة. كما أنّها تعاني من نقص في أمنها الغذائي, أو في ميدان التصنيع الذي يعتمد على استيراد معدّات رأسماليّة وقطع غيار وتجهيزات وخدمات تقنيّة. زد على ذلك إخفاق البلدان العربيّة في إستخدام أسواقها الوطنيّة لإطلاق صناعة الإلكترونيّات فيها. والسبب الرئيسي في هذا الضعف الصناعي لأجهزة الالكترونيّات يعود إلى وجود إحدى وعشرين سوقاً مستقلّة. وهذا المستوى المرتفع من التوزّع إلى جانب غياب علاقات تجاريّة فعّالة ضمن العالم العربي حال دون محاولات تجاريّة لتلبية جزء من الطلب عبر الإنتاج المحلّي ([27]).
تجدر الإشارة إلى أنّ أكثر البلدان العربيّة هي على بينة من الأثر الضار لهذا التوزّع في السياسات الوطنيّة للدفاع والتصنيع. وقد سعت إلى إقامة مشاريع مشتركة لم تكن مع ذلك ناجحة. ودخلت البلدان العربيّة صناعة الالكترونيّات عن طريق تجميع أجهزة التلفزيون والتلفون والراديو. إلاّ أن صناعات التصنيع هذه لم يكن في مقدورها مماشاة التغيير الثقافي السريع. ويبدو أنّ حظوظ التجميع العربيّة لصناعة الكومبيوتر أغلقت أبوابها لأنّها ليست قادرة على مجاراة السوق العالميّة السريعة التغيير. والمشكلة تعود في الأصل إلى أنّ الصناعة برمّتها أقيمت من قبل اقتصادات مركزيّة التخطيط. فلم يكن بمقدور مديري المصانع مجاراة التغيير السريع في نوعيّة وتصميم أجهزة الراديو والتلفزيون. وقد سعوا في الوقت ذاته إلى ضمان أسواقهم عن طريق الحماية الضريبيّة بدلاً من المنافسة على أساس النوعيّة والإبداع والكلفة. لقد أخفقوا في إرضاء المستهلك العربي.
هل يمكن للبلدان العربيّة مواجهة تحدّيات العولمة؟ لقد استثمرت البلدان العربيّة بكثافة في تنمية اليد العاملة المحترفة والجامعات. والبحث والتطوير كوسائط لنقل الثقافة واكتسابها. وهكذا فإنّ هناك الآن قاعدة فكريّة كبيرة يمكن البناء عليها. وأكثر معالم هذه القاعدة الفكريّة بروزاً كونها مجزّأة ينقصها الترابط والمكانة الدوليّة والأهم من ذلك أنّها منعزلة عن الإقتصاد القومي العربي.
يسود العالم العربي اليوم موقفان سهلان من العولمة:
1- ­ موقف الرفض المطلق وسلاحه الانغلاق الكلّي وما يتبع ذلك من ردود فعل سلبيّة حربيّة.
2- موقف القبول التام للعولمة وما تمارسه من اختراق ثقافي واستتباع حضاري, شعاره الانفتاح على العصر والمراهنة على الحداثة. ولا مفر من تصنيف هذين الموقفين ضمن المواقف اللاتاريخيّة التي تواجه المشاكل, لا يرى صاحب هذا الموقف مخرجاً من المشاكل إلاّ بالهروب منها, إمّا إلى الوراء وإمّا إلى الأمام. فالانغلاق موقف سلبي غير فاعل, ذلك لأنّ فعله الموجّه ضدّ الاختراق الثقافي والاقتصادي... أي محاربته... لا ينال الاختراق ولا يمسّه ولا يفعل فيه أيّ فعل, بل فعله موجّه كلّه إلى الذات قصد تحصينها. والتحصين إنّما يكون مفيداً عندما يكون المتحاربان على نسبة معقولة من تكافؤ القوى والقدرات. إمّا عندما يتعلّق الأمر بظاهرة عالميّة تدخل جميع البيوت وتفعل فعلها بالإغراء والعدوى والحاجة, ويفرضها أصحابها فرضاً بتخطيط وستراتيجيا, فإن الإنغلاق على هذه الحالة ينقلب إلى موت بطيء قد تدخله بطولات مدهشة ولكنّ صاحبه محكوم عليه بالإخفاق.
ومثل الانغلاق مثل مقابله الإغتراب. إنّ ثقافة الاغتراب, أي أيديولوجية الارتماء في أحضان العولمة والاندماج فيها, ثقافة تنطلق من الفراغ, أي من اللاهوية, وبالتالي فهي لا تستطيع أن تبني هويّة ولا كياناً. ويقول أصحاب هذا الموقف أنّه لا فائدة في المقاومة ولا في الالتجاء إلى التراث, بل يجب الانخراط في العولمة من دون تردّد ومن دون حدود, لأنّها ظاهرة حضاريّة عالميّة لا يمكن الوقوف ضدّها ولا تحقيق التقدّم خارجها. إنّ الأمر يتعلّق بـقطار يجب أن تركبه, وهو ماضٍ في طريقه بنا أو من دوننا ([28]).
إن الجواب العربي عن سؤال مواجهة العولمة يجب أن ينطلق من العمل داخل الثقافة العربيّة نفسها. فمن المؤكّد أنّه لولا الضعف الداخلي لما استطاع الفعل الخارجي أن يمارس تأثيره بالصورة التي تجعل منه خطراً على الكيان والهويّة. إن حاجتنا إلى الدفاع عن هويّتنا الثقافيّة لا تقلّ عن حاجتنا إلى اكتساب الأسس والأدوات التي لا بدّ منها للدخول عصر العلم والثقافة, وفي مقدّمتها العقلانيّة والديمقراطيّة. ويقول محمّد عابد الجابري في هذا الصدد: إن نجاح أي بلد من البلدان, النامية منها أو التي هي في طريق النمو, نجاحها في الحفاظ على الهويّة والدفاع عن الخصوصيّة, مشروط أكثر من أيّ وقت مضى بمدى عمق عمليّة التحديث الجارية في هذا البلد, عمليّة الانخراط الواعي, النامي والمتجذّر, في عصر العلم والثقافة ([29]). والوسيلة في كلّ ذلك يضيف الجابري, واحدة: اعتماد الإمكانيّات اللامحدودة التي توفّرها العولمة نفسها, أعني الجوانب الإيجابيّة منها, وفي مقدّمتها العلم والثقافة ([30]). ان الحكومات العربيّة مدعوّة إلى بناء الشراكة داخل العالم العربي قبل إقامتها مع أوروبا كلّ دولة على حدة.

من هذا المنطلق, يدعو محمّد الأطرش إلى ما يلي:
أوّلاً, إقامة منظومة أمنيّة إقليميّة عربيّة. أمّا الهدف الأساسي من إقامة هذه المنظومة فهو تأمين أمن الوطن العربي وتأمين أمن أقطاره من داخل النظام العربي بدلاً من استيراد بعض الأقطار العربيّة لأمنها من أميركا لقاء تكلفة إقتصاديّة وسياسيّة باهظة.
ثانياً, يتعيّن العمل على تحقيق تنمية عربيّة نشطة وعادلة, وتتصف بدرجة عالية من الإستقلاليّة, وتهدف ليس فحسب إلى التقليل من تحدّيات المرحلة الراهنة من تطوّر النّظام الرأسمالي, وإنّما إلى رفع مستوى غالبيّة الناس أيضاً.
ثالثاً, إنشاء سوق عربيّة مشتركة, وتستند هذه القضيّة إلى ثلاث مسائل رئيسيّة:
1- ­ الهويّة العربيّة والإنتماء القومي.
2 -­ ضرورات دعم الأمن القومي العربي.
3- ­ المصلحة الإقتصاديّة المشتركة.
أمّا أهم المنافع الإقتصاديّة للسوق فتتضمّن ما يأتي:
أ ­ سيدعم توسيع حجم السوق العربيّة التنمية العربيّة, ويمكّننا إلى درجة أفضل من إقامة صناعات ثقيلة وصناعات حربيّة.
ب ­ إنّها قادرة على التخفيف من حدّة التبعيّة للخارج.
ج ­ دعم المركز التفاوضي العربي في الإقتصاد الدولي الراهن.
د ­ تحسين المركز العربي التفاوضي تجاه الغات ([31]).
من جهته, يرى سليمان المنذري أنّه من الغرابة أن يظلّ التفكّك لا التكامل هو السمة الغالبة على الإقتصاد العربي في منطقة تملك كلّ مقوّمات التكامل. ويكفي الإشارة إلى الموارد الإقتصاديّة الوفيرة وتنوّعها والتي يندر وجودها في أيّ منطقة نامية أخرى. ولعلّ هذا التفكّك الإقتصادي ورديفه التنافر السياسي سيظلاّن من أسباب التخلّف الإقتصادي والإجتماعي وضياع الموارد وتبديدها في الدول العربيّة ناهيك عن أثر العوامل الخارجيّة ممثّلة بالتبعيّة والحروب والعدوان ([32]). وإذا كان الخطاب السياسي قد عاد مجدّداً يدعو إلى إحياء السوق العربيّة المشتركة, فإنّ ذلك يمثّل مناخاً مؤاتياً لبدء العمل وفقاً لخطّة قوميّة تتوافر من أجل تنفيذها كلّ الجهود المخلصة.
ويبقى السؤال: ما هي الخطوط العامّة لخطّة إحياء السوق العربيّة المشتركة في عصر العولمة؟
1- ­ تشكيل هيئة من كبار المفكّرين الإقتصاديين العرب لوضع ميثاق جديد للسوق العربيّة المشتركة.
2- ­ إنشأ منظّمة السوق العربيّة المشتركة ويتكوّن نواة جهازها التنفيذي من الإدارات العامّة التالية:
أ ­ إدارة تحرير التبادل التجاري وتوحيد التعرفة الجمركيّة.
ب ­ إدارة انتقال الأشخاص والقوى العاملة.
ج ­ إدارة الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال.
د ­ إدارة النقل والترانزيت.
ه ­ إدارة الإحصاء.
3-­ إيلاء دور أكثر تحديداً وفعاليّة لمجلس محافظي البنوك المركزيّة في تنسيق السياسات النقديّة والتعاون النقدي والمصرفي.
4- ­ وضع خطّة إعلاميّة قوميّة لنشر الوعي القومي بأهميّة السوق العربيّة المشتركة والعمل على تنفيذها.
5 -­ إدخال مادّة التكامل الإقتصادي العربي في المناهج الدراسيّة وعلى مستوى الجامعات أيضاً.
وبإختصار, على البلدان العربيّة أن تسارع إلى تنظيم أحوالها الإقتصاديّة كي تنال احترام العالم الخارجي وتقديره لها كقوّة إقتصاديّة لها حسابها في عصر العولمة.

خلاصة
عالج هذا البحث تأثيرات العولمة الإقتصاديّة والعسكريّة والسياسيّة, كما أفرد مقطعاً خاصّاً لمعالجة هموم وحالة العالم العربي في ظلّ النظام الإقتصادي العالمي الجديد. ولأنّ العولمة تشكّل نمطاً جديداً من أنماط الاستعمار والهيمنة الغربيين, فهناك دعوة ملحّة من قبل دول العالم الثالث إلى ضرورة الإستماع إلى مطالبها على قاعدة المساواة في قضايا حقوق الإنسان التي نصّت عليها شرعة الأمم المتّحدة. ويمكن ملاحظة ذلك على ثلاثة أصعدة هي:
1- ­ على الصعيد السياسي: تعديل تكوين مجلس الأمن بحيث يكون أوسع تمثيلاً وأكثر ديمقراطيّة عبر إلغاء نظام الفيتو الإفرادي والإستعاضة عنه بنظام التوافق بين أكثريّة الأعضاء الدائمين.
2-­ على الصعيد القضائي: تطوير صلاحيّات محكمة العدل الدوليّة واختصاصاتها لتمكينها من متابعة القضايا والحالات التي تمسّ حقوق الإنسان وحريّاته أو تشكّل جرائم ضدّ سلامة البيئة والمناخ والطبيعة.
3-­ على الصعيد الإنمائي العام: ويتضمّن هذا البرنامج تعزيز برامج التغذية وتعميم مكافحة الأميّة وتعزيز برامج التنمية الإقتصاديّة من خلال نظام الأمم المتّحدة وتوجيهها أكثر فأكثر خارج إطار الحكومات ومؤسّساتها, كإنشاء هيئات للتسليف الدولي للأفراد والمؤسّسات الإنمائيّة غير الحكوميّة وعدم حصر ذلك بالدول المحتاجة.
علينا أن ندرك أنّ النظام الدولي ليس نظاماً أحاديّاً بالرّغم من تعاظم القدرات الأميركيّة. فليس بمقدور واشنطن التحدّث بإسم المجتمع الدولي الذي يبدو منقسماً أكثر من أيّ وقت مضى على أسس ثقافيّة وحضاريّة. فخلال مؤتمر عقد في جامعة Harvard عام 1997 تمّ الكشف على أنّ أكثر المثقّفين في الصين وروسيا وأفريقيا والعالمين العربي والإسلامي ينظرون إلى واشنطن على كونها تمثّل خطراً على مجتمعاتهم. أضف إلى ذلك أنّ أكثر دول العالم ترفض التدخّل الأميركي في شؤونها الداخليّة. ولقد أشار إلى ذلك نلسون منديللا, الرئيس السابق لجنوب أفريقيا, بقوله: لا يمكننا أن نقبل بقيام دولة ما بدور شرطي العالم ([33]). خلاصة القول أنّ السياسة الدوليّـة مرتبطة اليوم بـصراع الثقـافـات أو أنّهـا تعكس هذا الصراع. الثقافة هي السلاح الوحيد المتبقّي أمام دول العالم في ظلّ نظام العولمة, فالإرث الحضاري يمنع, مثلاً, على الصين الشعبيّة وروسيا مجاراة الولايات المتّحدة في نظرتها إلى الأزمات الدوليّة, وبـاختصار شديد, فالنظام الدولي هو نظام أحادي ومتعدّد القطبيّة في آن معاً.
أخيراً, تبرز العولمة في سياق مفارقة تاريخيّة كبيرة. ففي الوقت الذي سمحت وسائل الإعلام التي فجّرتها ثورة الإتصالات, لجميع سكّان المعمورة بالتواصل المادي عبر الحدود, بدأت المجتمعات الإنسانيّة تدرك أكثر من أيّ زمن مضى أنّ الهويّة الثقافيّة لا تكتمل إلا إذا كانت مرجعيّتها جماع الوطن والدولة والأمّة. فإذا استطعنا الإجابة عن السؤال التاريخي: من نحن؟, لأمكننا التنبّه إلى مخاطر العولمة ومواجهتها والاستفادة منها من منطلقات إرثنا الحضاري وعلى قواعد العقلانيّة والديمقراطيّة.


[1] غسان العزّي: العولمة وإشكالياتها, الحوار, عدد 37, شتاء 1999, ص 45 ­ 47.

[2] محمد مهدي شمس الدين: العولمة وأنسنة العولمة, الحوار, المصدر السابق, ص 6 ­ 7.

[3] المصدر السابق, ص 7.

[4] المصدر السابق, ص 7.

[5] حسنين توفيق ابراهيم: العلاقة بين أطروحتي نظام عالمي جديد وعولمة, الحوار, المصدر السابق, ص 71.

[6] محمّد مهدي شمس الدين: العولمة وأنسنة العولمة, الحوار, المصدر السابق, ص 76 ­ 80.

[7] المصدر السابق, 73 ­ 74.

[8] Jessics T. Mathews. APower Shifts, Foreign Affairs, January - February, 1997.

[9] R. Heohane and J. Nye. JR. زPower and Interdependence In the Information Ageس, Foreign Affairs. September - October 1998, P. 81 - 82.

[10] Samuel P. Huntington, زThe Lonely Superpowerس, Foreign Affairs, March - April, 1999. P. 39.

[11] غسّان العزّي, ˜العولمة واشكالياتهاŒ, المصدر السابق, ص 55.

[12] أنظر عدنان السيّد حسين, نظريّة العلاقات الدوليّة, بيروت: منشورات الجامعة اللبنانيّة, 1998, ص 141 ­ 142.

[13] غسّان العزّي, ˜العولمة وإشكاليّاتهاŒ, الحوار, المصدر السابق, ص 53.

[14] المصدر السابق, ص 53.

[15] هانس بيتر مارتين وهارلد شومان, فخ العولمة, صادر عن دار المعرفة, عدد 238, تشرين الأوّل 1998.

[16] المصدر السابق, ص 163.

[17] محمّد مهدي شمس الدين: العولمة وأنسنة العولمة, الحوار, المصدر السابق, ص 7 ­ 8.

[18] المصدر السابق, ص 8.

[19] المصدر السابق, ص 14.

[20] المصدر السابق, ص 8 ­ 15.

[21] J. Nye. JR. and W. Owens زAmericaصs Information Edgeس, Foreign Affairs, March - April 1996.

[22] النهار, 26 نيسان 1999, ص 11.[23] برهان غليون: العولمة وأوهام المجتمع المعلوماتي: تجديد الفكر الإشتراكي, شؤون الأوسط, عدد 77, تشرين الثاني, 1998.

[24] المصدر السابق, ص 47.

[25] المصدر السابق, ص 47 ­ 50.

[26] المصدر السابق, ص 51.

[27] أنطوان زحلان, العولمة والتطوّر الثقافي, العرب والعولمة, مركز دراسات الوحدة العربيّة, بيروت: حزيران 1998, ص 81 ­ 82.

[28] محمّد عابد الجابري, العرب والعولمة: العولمة والهديّة الثقافيّة, المصدر السابق, ص305.

[29] المصدر السابق, ص 307.

[30] المصدر السابق, ص 307.

[31] محمّد الأطرش, العرب والعولمة: ما العمل؟. المصدر السابق, ص 420 ­ 430.

[32] سليمان المنذري, السوق العربيّة المشتركة في عصر العولمة, القاهرة, مكتبة مدبولي, 1999, ص 260.

[33] Samuel P. Huntington. زThe Lonely Superpowerس. Foreign Affairs. P. 43.