طب وصحة

التهاب السحايا
إعداد: جان دارك ابي ياغي

تقوم الجامعة الاميركية في بيروت بدراسة حول لقاح السحايا بالتعاون مع الجيش اللبناني. واللقاح عبارة عن مزيج من لقاحين معروفين مسجّلين لدى وزارة الصحة اللبنانية، ومتداولين في الأسواق الدوائية اللبنانية والعالمية.

هدف هذه الدراسة اظهار فعالية هذا اللقاح لناحية طول فترة الحماية المناعية التي يؤمنها والتي قد تصل الى 10 سنوات، في حين ان اللقاح المستعمل حالياً يؤدي الى فترة حماية اقصاها 3 سنوات. المشاركة اختيارية وبإمكان أي شخص الاشتراك اذا توافرت فيه الشروط اللازمة.

ما هو مرض السحايا وماذا عن اللقاح الذي يجري العمل لتطويره؟ التفاصيل في هذا التحقيق.

 

يصيب الاطفال والشباب وينتشر في التجمعات الكبرى

تعاون بين الجامعة الاميركية والجيش اللبناني

لتطوير لقاح يؤمن مزيداً من الحماية

 

لمن يهمه الأمر

لكل من يرغب في الاشتراك أو لمزيد من المعلومات حول الدراسة، يمكن الاتصال بدائرة الاطفال في الجامعة الاميركية في بيروت على الارقام التالية:

- د. سحر قوبر:  679028 -03.

- د. جورج كرم: 905117 -70.

- د. ايلي ابو جودة: 492103 -03.

أما بالنسبة الى عناصر الجيش الذين يرغبون الخضوع لهذه الدراسة، فقد عممت القيادة مذكرة على القطع والألوية كلها تقضي برفع أسماء الراغبين الى الطبابة العسكرية التي بدورها تحدد بالتنسيق مع الجامعة الاميركية في بيروت موعد اللقاح الذي يتم في دائرة طب الاطفال، بطريقة مجانية. تبدأ الدراسة في 1 آذار 2007 لمدة 5 أشهر.

 

المرض واعراضه

التهاب السحايا هو التهاب الاغشية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي وهو من اخطر الامراض الجرثومية التي قد تصيب الانسان. من اسبابه: الجراثيم الآتية: Hemophiles Influenza, Streptococcus Pneumoniae, Neisseria Meningitidisو والفيروسات، والسلّ، والطفيليات، والفطريات... واسباب نادرة كالادوية والسرطانات.

يسبب التهاب السحايا حرارة مرتفعة، وألماً شديداً في الرأس والرقبة، واختلاجات، وتغيّم في الوعي يصل احياناً الى درجة الغيبوبة.

يصيب التهاب السحايا مختلف الاعمار، ويتركز في الاطفال دون الخمس سنوات والشباب، خصوصاً طلاب الجامعات وعناصر الجيش، ما يدل على اهمية التجمعات المكتظّة في انتشار المرض.

ينتقل هذا المرض بواسطة الهواء والرذاذ التنفسي. وتحدث 500،000 حالة سنوياً في العالم. يراوح معدل الوفيات بين 5 -10٪ في الدول المتقدمة ويرتفع الى 20٪ في الدول النامية، ما ينتج عنه 50،000 حالة وفاة حول العالم سنوياً.

 

مضاعفات التهاب السحايا

يؤدي التهاب السحايا الى مضاعفات جهازية، كتسمّم في الدم، تجلّط داخل الاوعية الدموية، التهاب المفاصل، قصور حاد في جهاز التنفس... مضاعفات عصبية، كاضطرابات في الاوعية الدماغية، ارتفاع الضغط الدماغي، اختلاجات تغيّم في القدرات العقلية، صمم، تأخر في الذكاء والملكات الفكرية، تجمّع القيح في الدماغ... من هنا تقضي الاهمية القصوى بالوقاية من هذا الداء عن طريق اللقاح (Vaccination).

 

ما هو لقاح السحايا؟

لقاحات السحايا نوعان:

 

• اللقاح المتعدد السكريات:

يتألف من السكريات المكونة للغلاف الخارجي لـ»Neisseria Meningitidis», يحوي اربعة انواع من السكريات (A, C, Y, W 135)، ويدوم مفعوله من سنة الى ثلاث سنوات.

لا ينشّط هذا اللقاح الذاكرة المناعية (الخلايا التائية T lymphocytes) المسؤولة عن المناعة البعيدة الامد، وهو لا يعطى للاطفال دون السنتين.

 

• اللقاح المزدوج (المرتبط):

يتكوّن هذا اللقاح من السكريات المذكورة سابقاً مضافاً اليها بروتين جرثومة «Clostridium Tetani» التي تسبب مرض الكزاز (TT).  بفضل هذه التركيبة (اضافة البروتين) يعطي هذا اللقاح مناعة تدوم اكثر من 5 سنوات، كما انه يؤدي الى تنشيط خلايا الذاكرة المناعية الطويلة الامد. إن بروتين «Clostridium Tetani» هو ما يُعرف اليوم بلقاح الكزاز، وهو متداول منذ العام 1924، وقد استعمل بنجاح كبير لمنع مرض الكزاز في الفِرق العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.

ويجري العمل اليوم على تطوير لقاح جديد يضم اللقاحين السابقي الذكر، ويؤمن فترة حماية قد تصل الى 10 سنوات.

 

مراحل تطبيق اللقاح

تشمل الدراسة متطوعين من عمر 2-10 سنوات ومن عمر 18 - 55 سنة. وتتم على مرحلتين: في الزيارة الاولى يتم فحص المتطوع فحصاً سريرياً للتأكد من صحته ثم تسحب منه عينة من الدم (5 مل)، بعدها يعطى اللقاح بالعضل أو تحت الجلد، إثر اللقاح يُعطى المتطوع بطاقة لتدوين أي أعراض جانبية قد تحصل معه على مدى شهر. تكون الزيارة الثانية بعد شهر على أخذ اللقاح وعندها تسحب منه عينة ثانية من الدم.

 

المشاركة وشروطها

المشاركة اختيارية، وبإمكان أي شخص الاشتراك اذا توافرت فيه الشروط اللازمة وهي:

• أشخاص بصحة جيدة تراوح اعمارهم بين 2 - 10 سنوات و18 - 55 سنة.

• قد أكملو،ا جدول لقاحاتهم.

• على النساء ان يكنّ غير حوامل وغير مخططات للحمل خلال فترة الدراسة.

ولا يمكن الاشتراك لكل من الآتي ذكرهم:

- المشارك في دراسة أخرى.

- المضعف مناعياً، او الذي يتناول ادوية تضعف الجهاز المناعي.

- من اخذ لقاح السحايا سابقاً.

- مَن اخذ لقاح الكزاز (TT) خلال الشهر السابق من بدء الدراسة.

- المصاب بمرض السحايا سابقاً.

- المصاب بعاهة خلقية أو مرض مزمن.

- مَن يعاني أمراضاً في الجهاز العصبي أو  مرض الصرع.

- مَن يكون مريضاً عند أخذ اللقاح.

- المرضعات والحوامل.

- مَن يتناول الاضداد المناعية (Immuniglobulins) أو أي من منتجات الدم خلال فترة الدراسة.

- مدمن الكحول.

يجدر بالاشارة انه قد يحدث بعض المضاعفات الجانبية بسبب اللقاح إلا أنها نادرة كألم، احمرار، وتورم مكان حقن اللقاح، ارتفاع في الحرارة، فقدان الشهية، تعب عام.

 

التعاون مع الجيش اللبناني

وجّهت الجامعة الاميركية في بيروت الى رئاسة الطبابة العسكرية في الجيش اللبناني كتاباً تطلب فيه التعاون لإجراء الدراسة، كون المؤسسة العسكرية نموذجاً للتجمعات الكبرى.

ولمنع أي التباسات حول جوانب هذه الدراسة، أوضحت الجامعة الاميركية ما يلي:

أولاً، إن الدراسة ليست حول مكونات لقاح السحايا المستحدث، بل هي حول مدة المناعة التي يمكن ان يقدمها هذا اللقاح للجسم البشري. إن لقاح السحايا المستحدث هو عبارة عن مزيج لقاحين معروفين، متداولين، وتنصح بهما وزارة الصحة في لبنان وأكثرية دول العالم المتمدن من حيث الامانة والجودة. الاول هو لقاح السحايا القديم والمتداول حالياً «Mencevax» الذي يؤمن الحماية من جرثومة Neisseria Meningitis لمدة لا تزيد عن 2 - 3 سنوات. اما اللقاح الثاني فهو لقاح الكزاز المعروف الذي يؤمن الحماية من جرثومة الكزاز لمدة 10 سنوات أو أكثر. إن مزج هذين اللقاحين - كما هو الحال في كثير من اللقاحات المتداولة حالياً - في لقاح السحايا المستحدث، موضوع الدراسة، من المتوقع ان يؤمن الحماية من جرثومة Neisseria Meningitis المسببة لمرض السحايا وجرثومة الكزاز لما يزيد على خمس سنوات (وقد تصل الى 10 سنوات). اضافة الى ذلك، أجريت دراسات اولية حول هذا اللقاح في بريطانيا وغيرها من الدول الاوروبية على ما يزيد من أكثر من الف طفل واثبت جودته وفعاليته.

ثانياً، إن هذه الدراسة معروفة المصدر حيث إن الشركة الداعمة هي شركة «Glaxo Smith Kline» للادوية والمنتجات الطبية وموافق عليها من قبل المركز الاعلى للدراسات الطبية في الجامعة الاميركية في بيروت (IRB) حسب ارشادات «Good Clinical Practice» و«International Clinical Pracitces» العالمية.

بعد ذلك ألقيت في المدرسة الحربية محاضرة حول الموضوع (بتاريخ 27/1/2007)، بحضور ضباط التوجيه في الجيش اللبناني، شددت على ان هذا اللقاح موجه الى اماكن التجمعات البشرية حيث تنتقل الجرثومة المسببة للسحايا بسرعة، لذلك فإن العديد من  الاطباء، الممرضات، التلاميذ، والعاملين في مستشفى الجامعة الاميركية ومن خارجها سوف يشتركون في هذه الدراسة.

 

الجيش في سباق مع التطور العلمي

سبق للجيش ان كان قدوة من حيث المساهمة في التطور العلمي والتقني. والدراسة حول لقاح السحايا تقع في هذه الخانة، وقد وافق عليها قائد الجيش، وكانت الاولى علمياً ما أدى الى وضع الجيش على الصفحة العلمية العالمية. من هنا، فإن توجيهاته تركز على عدم انتظار المرض، انما محاربته قبل حدوثه. وقد اعطى هذا الموضوع الاهتمام الكافي لتأمين ما يلزم لمعالجته، مع تشديده على أن يفهم العسكري انه ليس حقل تجارب إنما المهم هو تحسين الوضع الصحي في الجيش لأن «درهم وقاية خير من قنطار علاج».

من جهته شجّع رئيس الطبابة العميد الطبيب نديم العاكوم العسكريين على التقدّم من هذا اللقاح طالما ان سلبياته لا تتعدى المخاطر المعروفة التي قد تنتج عن أي دواء، مع العلم ان اللقاحات المستعملة معروفة من قبل وزارة الصحة اللبنانية والشعب.

وفي حال حصول عوارض طبيعية كالتي تحدث مع أي لقاح، فإن شركة التأمين تغطي كل الأضرار الناتجة لغاية 5 ملايين جنيه استرليني وفقاً لقوانين البلد الذي تجرى فيه الدراسة.