التوتر بين الكوريتين: أثر البُعد الجغرافي والتحالف السياسي

التوتر بين الكوريتين: أثر البُعد الجغرافي والتحالف السياسي
إعداد: د. نبيـل سـرور
أستاذ جامعي وباحث بالشؤون الدولية

المقدّمة

 على الرغم من تغلّب القادة الكوريين على المحاولات الأوروبية والأميركية للتحكم بالتجارة طوال قرون، إلا أنهم لم يتمكنوا من مواجهة قوة اليابان المتنامية على الصعيدين الصناعي والعسكري، وطموحها الاستعماري للسيطرة على الجزيرة الكورية ومقدراتها وثرواتها .

كان الحُكم الاستعماري الياباني الذي دام من أواخر العام 1910 حتى شهر آب من العام 1945 بالغ القسوة على كوريا وشعبها. وعلى خلاف بعض القوى الاستعمارية الأوروبية التي اعتمدت على الشعوب الأصلية في مستعمراتها، فوظفتهم لخدمة نظامها البيروقراطي، فقد أرسلت اليابان 70,000 مسؤول لتطبيق نظام قانوني للتمييز العنصري ضد المجموعات الكورية الإثنية.

 وبعد مرحلة أولى من الاحتلال، حاولت السلطات اليابانية إلغاء الحضارة الكورية، وتمّ اقتلاع الأرستقراطية الكورية وبيروقراطية المحاكم الكورية، وسيطرت التكتلات اليابانية على الاقتصاد وانتشرت السُخرة والـّرق الجنسي، وأجبر الكوريون على التخلي عن البوذية والكونفوشية، وعلى التعبد في معبد شينتو الذي يعتقد بقدسيته اليابانيون، وتمّ منع استعمال الكتب الكورية وتعليم الأبجدية واللغة والتاريخ.

وعلى الرغم من أنّ اليابان تشدد على التطورات الإيجابية التي شهدتها كوريا في عهدها (كالتصنيع وتطور النقل الحديث والاتصالات)، إلا أنّ هذا لا ينفي الاعتراف الياباني بقسوة الاحتلال وتعاطيه الظالم مع الشعب الكوري الذي دام لسنوات.

 

أولًا: تقسيم الكوريتين وأيديولوجيا المحاور الكبرى

في نهاية العام 1910 احتلت اليابان كوريا، وقد استمرّ ذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي العام 1945 وافق كل من الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية على استسلام القوات اليابانية في كوريا، في أعقاب مجريات الحرب، لتصبح كوريا مقسمة إلى قسمين على امتداد خط عرض 38، حيث يحكم الاتحاد السوفياتي الشمال، وتحكم الولايات المتحدة الجنوب.

لقد أدت هذه الظروف إلى تقسيم كوريا بواسطة القوتين الكبريين. ولكن الوضع تفاقم لعدم اتـفاقهما على شروط الاستقلال الكوري. وبدأت الحرب الباردة وأدّى التنافس بعد نشوء حكومتين إلى تمحور سياستهما حول الأيديولوجيات الخاصة بالقوتين الكبريين، ممّا أدى في النهاية إلى إيجاد كيانين منفصلين، هما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

تُعتبر كوريا الشمالية (رسميًا جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية) دولة ذات حزب واحد، إيديولوجية شيوعية خاصة بها، عرفت بالزوتشيه Juche أو الاعتماد على الذات، وهي تُعتبر اليوم من أكثر دول العالم سعيًا إلى التسلح غير التقليدي، ويعتبر اقتصادها أقل نموًا من اقتصاد كوريا الجنوبية، التي تعززت أوضاعها من خلال صناعات ثقيلة وتكنولوجيا متقدمة، ودعم أميركي على جميع المستويات.

هذا ويبلغ عدد سكان كوريا الشمالية 24 مليون شخص تقريبًا، وكانت حتى العام 2008 تحتل المرتبة 48 بين الدول الأكثر كثافة من حيث عدد السكان.

وبسبب تحكُّم حكومة سلطات كوريا الشمالية بالمعلومات، فما من بيانات اقتصادية كافية؛ غير أن البنك الدولي صنف كوريا الشمالية في العام 2010 دولة منخفضة الدخل، وذلك بسبب الضعف الاقتصادي الذي تعانيه بنيتها، مما انعكس سلبًا على واقع المواطنين ماليًا واقتصاديًا. ومنذ منتصف التسعينيات، يقدر عدد الذين ماتوا بسبب النقص في الأغذية، الذي يعود سببه إلى مزيج من الكوارث الطبيعية وسوء الإدارة الاقتصادية للحكومة، بمليوني شخص.

تجدر الإشارة إلى أنّ كوريا الشمالية كانت قد تلقت كميات كبيرة من المساعدات الغذائية في العقد السابق، إلا أنّ الحكومة تخصص جزءًا كبيرًا من موازنتها للجيش وهي تتبع سياسة عسكرية متشددة،  تتمسك بموجبها بتطوير الأسلحة النووية.

ويتعارض سجل كوريا الشمالية الاقتصادي والسياسي تمامًا مع سجل كوريا الجنوبية (رسميًا جمهورية كوريا)، التي هي دولة ذات أحزاب متعددة، وتعتمد على اقتصاد السوق الرأسمالي والباب المفتوح، ولها عضوية في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى عضويتها في مجموعة العشرين.

وقد خرجت من حقبة  الحكم السلطوي، لتصبح ديمقراطية ثابتة وذات اقتصاد متين   إذ احتلت في العام 2010 المرتبة 14، بين أكبر اقتصادات العالم لجهة حجم الناتج المحلي الإجمالي.

 

ثانيًا: الحرب في كوريا ومجرياتها ونتائجها

كما سبق وذكرنا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945، قامـت روسـيا باحتلال الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية مؤسسة هناك نظامًا شيوعيًا يدين بولائه للاتحاد السوفياتي السابق. وكانـت الولايـات المتحدة تسيطر على الجـزء الجنوبي حيث أقامت نظامًا ديمـقراطيًا. وكان يفصل بيـن الجزأين الكوريين خط العرض 38.

في كانون الأول 1948 انسحبت روسيا من الجزء الشمالي مطالبة الولايات المتحدة بالانسحاب من الجزء الجنوبي، وهو ما تم فعلًا.

وانتهزت كوريا الشمالية - التي كانت أكثر تسليحًا من شقيقتها الجنوبية - الفرصة فأطلقت العنان لقواتها يوم 25 حزيران 1950 متجاوزة خط العرض 38. وبدأت الأزمة الكورية التي تحولت بسرعة - في ظل الحرب الباردة - إلى أزمة دولية ظلت نيران حربها مشتعلة لسنوات طويلة. قامت الولايات المتحدة بعد يومين من غزو كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، واستصدار قرار في غياب الاتحاد السوفياتي ينص على اتخاذ عقوبات عسكرية ضد كوريا الشمالية، فتشكلت وفق القرار قوة تتكون من 16 دولة للفصل بين الدولتين.

وطالب الرئيس الأميركي في حينه هاري ترومان، قوات حلف شمال الأطلسي البحرية والجوية أن تهبّ لنصرة الكوريين الجنوبيين، وأن تحمي جزيرة تايوان من احتمال غزو شيوعي آخر، كما أمر القوات البرية الأميركية المقيمة في اليابان بالتوجه إلى كوريا الجنوبية.

وتكوّن التحالف الذي حشدته أميركا - بغطاء من الأمم المتحدة - من أستراليا وبلجيكا ولوكسمبورغ وكندا وبريطانيا وكولومبيا وأثيوبيا واليونان وهولندا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وتايلند وتركيا، في حين بعثت الدانمارك والهند والسويد فرقا طبية. وقاد هذه القوات الجنرال الأميركي دوغلاس ماك آرثر الحاكم العسكري لليابان يومئذ.

كان المخطط العسكري الكوري الشمالي صارمًا، فبعد خمسة أيام من الغـزو، هاجمت القوات الشمالية سيئول عاصمة كوريا الجنوبية محاصرة خصومها في قطاع أرضي ضيق حـول المدينة الساحلية "بوسان" في الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة الكورية.

جاء رد فعل الولايات المتحدة بعد شهرين ونصف، ففي 15 أيلول 1950 قام الجنرال الأميركي ماك آرثر بإنزال بحري خلف خطوط الدفاع الكورية الشمالية، وتحصنت قواته قرب إنشون وهي مدينة ساحلية في غرب كوريا الجنوبية وتبعد عن العاصمة سيئول نحو أربعين كيلومترًا غربًا.

ولم يمضِ أسبوعان حتى تجلى النصر الأميركي على الكوريين الشماليين، فاستعيدت سيئول يوم 28 أيلول، وأُرغم الكوريون الشماليون في الثلاثين من الشهر نفسه على التراجع إلى حدود خط العرض 38.

أمر الرئيس الأميركي هاري ترومان – إيمانًا منه بضرورة التخلص من الشيوعيين- الجنرال ماك آرثر وقواته، بتجاوز خط العرض 38، وتتبّع جيوش الكوريين الشماليين حتى إخراج آخر شيوعي من شبه الجزيرة الكورية.

وفي 7 تشرين الأول 1950 دخلت القوات الأممية تحت الزعامة الأميركية كوريا الشمالية واحتلت يوم 18 من الشهر نفسه بيونغ يانغ العاصمة، وبحلول الـ25 من ذلك الشهر وصلت بعض طلائع جيش الجنرال ماك آرثر إلى ضفاف نهر "يالو" الفاصل بين شبه الجزيرة الكورية والصين.

عندها قررت الصين المشاركة في الحرب، فشنت هجوما شرسًا ضد الأميركيين وحلفائهم في معركة حاسمة تراجع على إثرها الأميركيون وحلفاؤهم، فاستغل الصينيون نجاحهم وطفقوا يهاجمون الأراضي الكورية.

وكانت الظروف لصالح الجيش الصيني حيث كان البرد قارسًا ممّا تسبّب في إرهاق جنود الجنرال ماك آرثر وتشتيتهم، علمًا أنّ الجيش الصيني المهاجم بلغ عدد عناصره 340 ألف جندي، وكان يتمتع بتجهيز عسكري جيد.

وبفضل الجيش الصيني المهاجم عادت بيونغ يانغ إلى الشيوعيين بعد سبعة أسابيع من الاحتلال الأميركي، أي يوم 4 كانون الأول 1950. وبعد شهر من ذلك أعاد الصينيون احتلال سيئول يوم 4 كانون الثاني 1951. إلّا أنّ الجيش الأميركي قام في الثامن من يوم 21 كانون الثاني 1951 بمـؤازرة القوات الأممية بهجوم كاسح على الجيش الصيني في كوريا الجنوبية خلال عـملية عرفت باسم "عملية كيلر". وتمّت استعادة سيئول يوم 14 آذار من العام نفسه بعد الانسحاب الصيني منها، وظل الجيش الأميركي يزحف شمالا حتى وصل إلى خط العرض 38 وتجاوزه قليلًا في 22 نيسان 1951.

وكان الجنرال ماك آرثر حريصًا على متابعة الهجوم العسكري فعُزل وعُين الجنرال ماثيو ريدغواي الذي كان أكثر اعتدالًا من سلفه، وهي إشارة أميركية إلى تغيير في الاستراتيجية.

 

كانت أعداد الجيوش المحاربة في الأزمة الكورية كالآتي:

الولايات المتحدة: 260 ألف جندي.

الأمم المتحدة: 35 ألف جندي.

كوريا الجنوبية: 340 ألف جندي.

كوريا الشمالية والصين مجتمعتين: 865 ألف جندي.

اضطلع السلاح الجوي بدور مهم وحاسم في معارك الحرب الكورية، فلأول مرة وبعد الحرب العالمية الثانية تم استعمال الطائرات العسكرية بشكل مكثف.

كما برزت قوة الصين في مجال الهجوم الجوي، فكان لديها 1400 طائرة عسكريـة نصفها من نوع ميغ/15 السوفياتية التي كانت يومها أفضل طائرة عسكرية في العالم. ولم يتم التغلب على قوة الطيران الصيني إلا بعد أن طوّرت أميركا في تلك السنة طائرة أف 16، وبها استطاعت مواجهة الميغ/15.

وقد ركّزت أميركا على قطع طرق إمدادات الجيش الصيني، وعلى تدمير مطارات كوريا الشمالية والسكك الحديدية والجسور والمعامل الكهربائية والمراكز الصناعية. كما قصفت القواعد الكورية الشمالية الواقعة على الشواطئ.

وعرفت الحرب الكورية معاملات وصفت بالوحشية من كلا الطرفين، فقد اتهمت كل من كوريا الشمالية والصين الولايات المتحدة باستعمال أسلحة بيولوجية ضد جنودهما، كما تعرّض الأسرى من الجنود الأميركيين وحلفائهم إلى أبشع أنواع التعذيب على أيدي الشيوعيين.

 

وقد بلغ عدد الخسائر البشرية في الحرب الكورية ما بين قتيل ومفقود وجريح نحو أربعة ملايين شخص، وكان الضحايا المدنيون ضعف الضحايا العسكريين كما يلي أدناه:

- كوريا:

- الجنوبية: 147 ألف جندي قتيل، و210 آلاف جريح.

- الشمالية: ثلاثمائة ألف جندي قتيل، و220 ألف جريح.

- تجاوز عدد الضحايا المدنيين الكوريين مليوني قتيل.

 

- الولايات المتحدة:

 157 ألفا و530 ضحية.

- حلفاء الولايات المتحدة (الجيش الأممي)

16  ألفا و532 ضحية، منهم 3094 قتيلا.

 

- الصين:

تسعمائة ألف ضحية منهم مائتا ألف قتيل.

منذ 23 حزيران 1951 وبعد سنة من المعارك الحامـية، أصبـح الصراع الكوري بين طرفين لا غالب ولا مغلوب بينهما، فلا الأميركيون وحلفاؤهم دحروا المد الشيوعي في شبه الجزيرة، ولا الشيوعيون الكوريون وحلفاؤهم الصينيـون استطاعوا توحيد شطري كوريا تحت اللون الأحمر.

وقد عرض ممثل الاتحاد السوفياتي في الأمم المتحدة مبادرة لوقف إطلاق النار. ولم يتمّ التوصّل إلى اتفاق بين الأمم المتحدة والصين إلا في 27 تموز 1953 بقرية "بانمونغوم" الواقعة على خط العرض 38 الفاصل بين الكوريتين.

وهكذا نستنتج أن الصراع بين الكوريتين أخذ أبعادًا دولية وسياسية، تتخطى البُعد الإقليمي في مفاعيله، لتفرض واقعا من الخصومة المتبادلة بتداعيات عسكرية على الأرض، يمكن أن تؤجج لصراعٍ بين الدولتين، قد يكون مدخلا لحرب إقليمية تتصارع فيها عدّة دول تشكل أقطابًا في النظام الدولي الجديد.

 

ثالثًا: سباق التسلح بين الكوريتين والتوتر الدائم

يشكّل القلق من احتمالات تصاعد سباق التسلح النووي بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية أحد هواجس السياسة الصينية والروسية على حد سواء. كما تخشى الصين من تضرر علاقاتها التجارية مع الكوريتين في حال اشتداد المنافسة بينهما، مع ملاحظة أنّ حجم التبادل التجاري مع كوريا الجنوبية يعادل ستة أضعاف حجم التبادل التجاري مع كوريا الشمالية، على الرغم من العلاقات السياسية التقليدية بين كوريا الشمالية والصين[1]. أضف إلى ذلك المخاوف من أن النزاع بين الكوريتين قد يؤدي إلى تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة من كوريا الشمالية إلى منشوريا. وتتركز العلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية من خلال مقاطعة شاندونج على غرار الحالة السائدة بين الصين والدول الاخرى المجاورة، حيث تحظى المناطق الحدودية بالنصيب الأكبر من العلاقات.

وقد أدت الصين دورًا إيجابيًا في تشجيع كوريا الشمالية على الدخول في "الإطار الأميركي – الكوري الشمالي" الخاص بالمشروعات النووية الكورية. ومن المعروف أنّ لدى الولايات المتحدة الأميركية واليابان شكوكًا بأنّ كوريا الشمالية في طريقها إلى إنتاج أسلحة غير تقليدية، ولا سيما في المجال النووي.

 ومن هنا سعت الولايات المتحدة عبر الصين من ناحية، وعبر الضغوط المختلفة من ناحية أخرى، إلى إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن مشروعاتها النووية مقابل أن تقوم الولايات المتحدة الأميركية بمدها بمفاعلات نووية للأغراض السلمية، إلى جانب تقديم المساعدات في المجال الغذائي بشكل خاص. وقد تعثرت هذه المفاوضات التي شارك فيها مندوبون عن الولايات المتحدة الأميركية وكوريا والصين خلال النصف الثاني من العام 1997.

ويعتقد بعض المحللين أنّ كلا من الصين واليابان لا ترغبان في وحدة كوريا لما لها من قدرة على تعريض مصالحهما للخطر في حال تحققها[2]. ولكن يمكن عدم  الاتفاق مع هذا الرأي، لأن استمرار التجزئة الكورية يبقي احتمالات المواجهة قائمة بينهما، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى تورط الدول الكبرى في هذا الصراع، غير أنّ الاحتمال الأكبر يكمن في سعي الولايات المتحدة الأميركية واليابان والصين لتطبيع العلاقات بين الكوريتين (وهو ما تبدو مؤشراته في الإطار الذي سبق أن أشرنا إليه)، إلى جانب احتمالات كبيرة في التغيير السياسي في كوريا الشمالية، سواء أخذ هذا التغيير الشكل الذي يجري في الصين أم أخذ  شكلاً أكثر جذرية.

لقد كان هناك اعتقاد راسخٌ لدى جميع الأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة والمعنية بالأزمة الكورية المزمنة، أن لا أحد يريد اندلاع حرب جديدة في القارة الآسيوية، لأنه يكفيها عناء حربي العراق وأفغانستان خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتوترات الأزلية في مناطق الصراع القديمة، مثل كشمير وشبه جزيرة ميندناو في الفيليبين، وفطاني جنوبي تايلاند، ومنطقة القبائل في باكستان. وعلى الرغم من التاريخ الطويل للأزمة الكورية، والسجل الحافل بالتوترات بين كلّ من كوريا الشمالية والجنوبية، إلا أن حدة هذه التوترات مهما ارتفعت حدّتها، ومهما تصاعدت لغة التهديد المتبادلة المرافقة لها فإنّ ثمة اتفاقًا ضمنيًا، على ألا عودة لحرب سنة 1950، التي استمرت ثلاث سنوات، وأعادت رسم خريطة التحالفات والولاءات في القارة الآسيوية، وكانت فاتحة حقبة الحرب الباردة التي استمرت لعقود بين قطبي العالم الحديث (أميركا والاتحاد السوفياتي).

وعلى الرغم من أن البلدين ما زالا في حالة حرب من الناحية السياسية ووفق الأعراف الدولية، ذلك أن حرب سنة 1950 قد توقفت سنة 1953 بموجب اتفاق هدنة لوقف إطلاق النار، وليس بموجب اتفاقية سلام نهائية، إلا أنه لا أحد يريد العودة للمربع رقم صفر مهما تكن الأفعال وردودها[3].

ونشير إلى أن القوات العسكرية لكوريا الشمالية المشهورة بالاستفزاز وأحيانًا بالتهوّر، قد قامت في فترات معينة ببعض الأعمال العنيفة، مثلما حدث في  يناير سنة 1968، عندما أقدمت  وحدة من كورية شمالية قوامها 32 عنصرًا علي شن هجوم على مقر الرئاسة بسيؤول في محاولة لاغتيال الرئيس الكوري الجنوبي بارك شونغ وتم قتل أو أسر جميع المهاجمين. ومثل ما وقع في آب 1974 عندما قام عميل كوري شمالي بإطلاق النار على الرئيس الجنوبي بارك شونغ خلال إلقائه خطابًا ولكنه أخطأ المرمى وأصاب العيار الناري زوجة الرئيس مما أدى لوفاتها، ثم الضربة العنيفة التي سددها عملاء كوريون شماليون في أكتوبر 1983، عندما قاموا بتفجير مجمع تجاري في ميانمار قبل أن يزوره الرئيس الجنوبي شون هو هوان بفترة وجيزة، والحادث أودى بحياة 20 شخصا منهم 4 وزراء كوريون جنوبيون... وفي هذه الاستفزازات العنيفة كلّها، وما تلاها من أعمال استفزازية أخرى، كان من شأنها شن حرب عند أضعف دولة، مارست كوريا الجنوبية أقصى درجات ضبط النفس، فتم تجاوز تلك الأزمات كلها. وكان للدور الأميركي الراغب في تهدئة الأوضاع وبقائها في خانة التوترات فقط، دور كبير في الموقف الكوري الجنوبي المتخاذل، على حد وصف كثير من المراقبين للأوضاع في شبه الجزيرة الكورية[4].

 

رابعًا: التصعيد على جانبي الحدود وتبادل الإتهامات

من منطلق التوتر الذي يشعل فتيل الإحتكاك الدائم بين الدولتين الجارتين، تتواصل الاستفزازات المتبادلة في عملية جس نبض محتدمة على جانبي الحدود بين الدولتين وفي تصعيد عسكري هو الأول والأخطر منذ حرب الكوريتين في العام 1953، قامت كوريا الشمالية في آب الماضي بإلقاء مئات القذائف المدفعية على جزيرة يونبيونغ بكوريا الجنوبية في البحر الأصفر، والمجاورة لمنطقة حدود بحرية محل نزاع بين الطرفين، وهو ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص بينهم عسكريان، وقد ردت القوات الجنوبية بطلقات مدفعية مماثلة، وتوعدت بالثأر لقتلاها.

برّرت كوريا الشمالية هذا القصف، بأنّه جاء ردًا على قصف تعرّضت له، فضلًا عن تخوّفها من التدريبات العسكرية التي يجريها الجيشان الأميركي والكـوري الجنوبي في البحر الأصفر بمشاركة حاملة الطائرات الأميركية "يو أس أس جورج واشنطن" التي تعمل بالطاقة النووية وتحمل 75 طائرة حربية، وطاقمًا يزيد على 6000 فرد. واعتبرت بيونغ يانغ هذه المناورات تمهيدًا لشن حرب كورية جديدة، كما حذّرت الصين أميركا بدورها من أي نشاط عسكري في منطـقتها الاقتصادية الحصرية التي تمتد إلى أبعد من مياهها الإقليمية وصولاً إلى 370 كيلومترًا من سواحلها.

ومن جانبها حاولت الولايات المتحدة تهدئة مخاوف الصين على لسان وزارة الدفاع الأميركية التي أكدت أن تلك المناورات "ليست موجهة" إلى الصين، وأنه تم إبلاغ بكين بها، مطالبة إياها بتصعيد ضغوطها على كوريا الشمالية لوقف الاستـفزازات.

ومن المعروف أنّ الصين هي الراعي المالي والسياسي الأول لنظام بيونغ يانغ، وأنّ الولايات المتحدة كانت تتطلع دومًا لبكين باعتبارها الأمل الوحيد لها لممارسة الضغط على ذلك النظام من أجل الحد من طموحاته النووية. وإلى جانب التدريبات العسكرية فقد تحدّث عسكريون ومحللون عن أسباب أخرى للتصعيد الكوري تتعلق بمـحاولة بيونغ يانغ الضغط على الولايات المتحدة لاستئناف المباحثات الخاصة بالبرنامـج النووي من دون انتظار وقف عملية التخصيب، فضلًا عن رغبة كوريا الشمالية في توقيع اتفاق سلام، من شأنه إنهاء حالة المواجهة مع الولايات المتحدة.

وعليه فمن المتوقع أن تشهد المنطقة المزيد من التصعيد الشمالي، لكن من دون أن تقدم كوريا الشمالية، وهي الأضعف من الناحية الاقتصادية، على خوض الحرب، فهي تعرف أنّ ذلك ربما يؤدي إلى نهايتها.

كما يرغب "كيم جونج أون" الوريث المختار للزعيم الكوري الشمالي" كيم يونج إيل"، والذي يفتقر إلى الخبرة والشعبية، في إظهار صلابته أمام المؤسسة العسكرية في بـلاده التي سيحتاج إلى دعمها في المستقبل.

 وبالنسبة لكوريا الجنوبية فهي ستعمل على تجنّب الحرب وتفعـيل حضـورها الإقتصادي، وربما تعمل في ما بعد على إجراء مفاوضات، وتخشى سيئول من أن تؤدي الحرب لخسارتها للرخاء الذي حقـقته بشق الأنفس، وهي تعمل على ترسيخ تحالفها مع الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يبدو واضحًا منذ الأزمة حيث دعت الولايات المتحدة كوريا الشمالية إلى وقـف عملياتها.

وفي هذا الصدد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية باستمرار، أنّ الولايات المتحدة "ملتزمة بشدة" بالدفاع عن كوريا الجنوبية، و"بالحفاظ على استقرار الســلام والأمن الإقليمي، كما أعلن عن مشاركة الولايات المتحدة لكـوريا الجنــوبية فـي تدريبــات مشتركة بقرب المنطقة محل الخلاف، من دون إهمال الدور الصيني وأهميته ودوره المساند كحليف استراتيجي لكوريا الشمالية".

ويرجع الاهتمام الأميركي باحتواء هذه الأزمة، التي تعد تحديًا جيوبوليتـيكيًا خطيـرًا لواشنطن، إلى الاقتناع بأنّ احتدام القتال بين الدولتين سيـضع العاصمة الكورية الجنوبية في دائرة الخطر المباشر، فهي تقع في نطـاق المدافـع الكورية الشمالية طويلة المدى. علاوة على أنّ ذلك القتال قد يعرض للخطر مصير 25 ألف جندي أميركي منتشرين في قواعد بحرية وبرية بموجب بنود المعاهدة الدفاعية الموقعة بينهما، كما يهدّد بالخطر حياة ما يقرب من 50 ألف أميركي مدني يعيشون في تلك الدولة، ويتركز الجزء الأكبر منهم في العاصمة سيئول.

 

 لذا فإن الخيارات المتاحة أمام الولايات المتحدة للرد محدودة، وهو ما يجبـر إدارة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، وقبله الإدارات الأميركية المتعاقبة، على التصرف بحذر شديد. ولكن ذلك الحذر يمكن أن يفسر من قـِبل النـظام الكــوري الشمالي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته على أنّه ضعف. من ناحية أخرى فإن تلويـح الولايات المتحدة باستخدام القوة بعد الهجوم الذي شنته كوريا الشمالية قد يؤدي - من ناحية أخرى - إلى تفاقم الأزمة.

وفي دراسة لمعهد الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن في مؤتمر عقد حول التوتر في كوريا وأبعاده المحتملة، تكونت رؤية إستراتيجية تجاه كوريا، عززها تحليل مطابق لوزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر، مفادها: "إنّ السياسة الأميركية تجاه كوريا الشمالية تقوم على أنّ تلك الـدولة تُعتـبر (أرض الخيارات البشعة)، لأنّ أميركا تضطر في سبيل التعامل معها إلى المفاضلة بيـن الخيارات السيئة، والأسوأ، والأكثر سوءًا".

وبالنسبة إلى الصين وموقفها تجاه الموضوع الكوري، فمن المرجح أن تحمي حليفتها كوريا الشمالية في حال تعرضها للعدوان، فهذا القصف، وأي توتر يحصل بين الكوريتين، يعد اختبارًا مهمًا لكيفية تحقيق الصين التوازن بين دورها كحليف رئيسي وحيد لبيونغ يانغ، والمطالب الدولية بالضغط على كوريا الشمالية بل ومعاقبتها.

وفي حال مقاومة الصين المطالبة بتوجيه توبيخ أقوىلها، فقد تتأثر مكانتها الإقليمية، وهو مبعث قلق قد يؤثر أيضًا على أسلوب تفكير المسؤولين في بكين.

وقد شكا مسؤولون أميركيون من رد فعل الصين "الواهي" إزاء القصف الكوري الشمالي.

ومن الممكن أن يزيد ذلك من الضغط على بكين لانتقاد الشمال، بل  وفرض عقوبات من المحتمل أن تكون من خلال مجلس الأمن.

 وتعتبر الصين كوريا الشمالية حليفًا استراتيجيًا في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وعلى مدار العام أظهر الرئيس الصيني مدى استعداده لاستثمار مـكانة سياسية ومعونات اقتصادية في بيونجيانج.

تجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنه على المستوى الجغرافي، تمتد حدود الصـين مع كوريا الشمالية لمسافة 1415 كيلومترًا، وأجزاء منها أنهار تتجمد في الشتاء، وهي تخشى الصين أن تصبح الحدود ممرًا للاجئين والاضطرابات إذا ما انهار النظام هناك.

ويُّعد الهجوم الكوري الشمالي آخر الاستفزازات في قائمة طويلة تعود إلى العام 2007 والسنوات التي سبقتها. كما أنه يأتي عقب حادث إغراق مدمرة كورية جنوبية "شيونان" بالقرب من الحدود البحرية المتنازع عليها، ممّا أدى إلى مصرع عدد كبير من أفراد طاقمها. وهناك احتمال كبير أن تكون تلك المدمّرة قد تعرضت لهجوم بالطوربيد من قبل غواصة كورية شمالية، وفق محللين عسكريين أميركيين وكوريين جنوبيين.

وفي 26 آذار 2010 أدى انفجار مجهول الأسباب إلى شطر السفينة الحربية الكورية الجنوبية "شيونان" بالبحر الأصفر إلى نصفين مما أدى إلى مقتل 46 من بحارتها، وعندها اضطربت الأوضاع الإقليمية بشدة وضغطت أميركا على كوريا الجنوبية من أجل قبول تحقيق دولي يؤدي إلى عقوبات متوقعة على الشمالية. وفي 20 أيار 2010 خلصت التحقيقات الدولية والتي أشرفت عليها كوريا الجنوبية نفسها إلى أن إصابة السفينة الحربية الكورية الجنوبية ناجمة عن إصابتها بطوربيد أطلقته غواصة كورية شمالية وبيونغ يانغ نفت علاقتها بالحادث بمنتهي الشدة، وفي 24 أيار 2010 أعلنت كوريا الجنوبية عن قطع العلاقات التجارية مع جارتها الشمالية ومنع السفن الشمالية من دخول مياهها الإقليمية[5].

 

 وفي النهاية تثير هذه الأزمة مخاوف من أن تكون "أجندة" الاستفزاز الكوري - الكوري بغض النظر عن البادئ والمتجاوب برد الفعل المتوقع هي "أجندة" عالمية، فقد يكون في الأمر استفزاز أميركي- كوري جنوبي متعمدًا لكوريا الشمالية بل واستفزاز غير مباشر للصين العدو الاقتصادي الأول للولايات المتحدة، وعدم رضا الأمريكيين عن الرفض الصيني للرضوخ للمطالب الأميركية بإعادة تقويم اليوان الصيني لصالح الدولار الأمريكي المتداعي، ناهيك عن القلق المتصاعد للولايات المتحدة من ازدياد النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري للصين إقليميًا وعالميًا.

 

خامسًا: أسباب انقلاب معادلة التوازن بين الكوريتين

تقوم المعادلة الكورية على ضغوط غير عنيفة على كوريا الشمالية، في الوقت الذي تضمن فيه كوريا الجنوبية سلامة حدودها وأمنها، وغض الطرف عن الطموحات النووية لكوريا الشمالية طالما أنها لن تؤثر في منظومة التوازن العسكري في المنطقة. وظلت هذه المعادلة قائمة حتى كانت تطورات الأحداث الأخيرة في خلال العام 2010، التي دفعت بالمنطقة إلى حافة حرب وشيكة قد يتورّط فيها سائر الأطراف الإقليمية.

فما هي الأسباب وراء هذا التغير المفاجئ؟

لقد بدأت أولى علامات تغير معادلة التوازن الكوري، والتي حرصت أميركا على إبقائها متزنة لفترة طويلة، مع إغراق المدمرة "شيونان".

وبرغم التهدئة وانخفاض تداعيات ملف إغراق السفينة الحربية الكورية الجنوبية شيونان، فقد برز على أرض الواقع المزيد من المعطيات والمعلومات الجديدة التي تشير إلى أنّ تحالف واشنطن – سيئول، يسعى بشكل حثيث باتجاه المزيد من التصعيد في مواجهة بيونغ يانغ، وذلك عن طريق جرّ كوريا الشمالية إلى حرب محدودة بدأت بالقصف المدفعي العنيف الذي أقدمت عليه القوات الشمالية يوم الثلثاء 23 تشرين الثاني من العام ذاته[6].

بدأت أولى خطوات الاستدراج الأميركي عندما قامت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون بزيارة كوريا الجنوبية، وأعلنت عن سلسلة عقوبات أميركية جديدة على كوريا الشمالية، ثم قامت وبرفقتها وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بزيارة المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين الكوريتين، وخلال وجودهما في هذه المنطقة أعلنت كلينتون عن المزيد من التصريحات الساخنة التي حملت طابع التهديد والوعيد لكوريا الشمالية. وبعدها تم الإعلان عن انعقاد فعاليات لقاء "آسيا – الباسفيك" الأمني الذي استضافته فييتنام، ويركز هذه المرة على قضايا الأمن والنزاعات في المنطقة.

وكانت التوقعات كلها تشير إلى وجود نيات مبيّتة من جانب أميركا وكوريا الجنوبية وحلفائهما، لجهة دفع فعاليات اللقاء باتجاه إدانة كوريا الشمالية والسعي لفرض المزيد من الضغوط الآسيوية والدولية عليها.

وقد استبقت كوريا الشمالية تلك القمّة بقصف مدفعي لجزيرة جنوبية على الحدود أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وفرار مدنيين. ثم جاء الإعلان عن المناورات الأميركية الكورية المشتركة بمحاذاة خط الهدنة الفاصل بين الكوريتين ليطلق كل المخاوف الشمالية من عمل عسكري ما، تخطط له واشنطن وسيول[7].

غير أنّ السّر الحقيقي وراء استدراج أميركا لكوريا الشمالية كان رغبة الأميركيين في التعرّف إلى حقيقة القدرات النووية والعسكرية لبيونغ يانغ. فقد كشف آخر التسريبات بأنّ الأجهزة الأميركية والكورية الجنوبية تعاني من فجوة المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالقدرات الحقيقية لكوريا الشمالية، إذ بقيت التخمينات الأميركية تتحدث عن وجود "28" منشأة نووية كورية شمالية تعمل في مجالات معالجة اليورانيوم الخام وتخصيبه، والماء الثقيل والماء الخفيف، وما شابه ذلك من المنشآت النووية.

ولكن صدقية تلك المعلومات قد تعرضت لصدمة كبرى عندما برز تقرير مخابراتي كوري جنوبي، ويتحدّث عن وجود حوالى 100 منشأة نووية كورية شمالية على الأقل. ثم جاءت الصدمة الثانية في مجال تخمين القدرات القتالية للصواريخ الكورية، عندما تحدّثت التقارير الأميركية عن القدرات الصاروخية الكورية الشمالية على أساس عدم قدرتها على الوصول إلى داخل العمق الأميركي، وعدم قدرتها على حمل الرؤوس الحربية ثقيلة الوزن، وأيضًا عدم الدقة في إصابة الهدف، إلى أنّ تبيّن لاحقًا أنّ القدرات الصاروخية الباليستية لكوريا الشمالية تتميّز بالمدى الطويل، وبحمل الرؤوس الحربية الثقيلة، وبالدقة المعقولة لجهة إصابة الهدف. وإضافة إلى ذلك فقد تبين أنّ كوريا الشمالية تملك عددًا من الصواريخ يتجاوز أضعاف التقديرات الأميركية والكورية الجنوبية[8].

إنّ أميركا، في استدراجها كوريا الشمالية إلى حرب، لن ترضي أحدًا من الأطراف الإقليمية، وهذا ظاهر من التنديد الروسي بالهجوم الشمالي، وهي تتحرك بحسابات دقيقة ولأغراض استخباراتية محضة، مع الحرص على عدم جعل الحرب تخرج عن حجمها المخطط له سلفًا، وهذا ما لم تدركه القيادة العسكرية الشمالية التي  تحاول استعراض قوتها بصورة تتمناها المخابرات الأميركية.

 

سادسًا: أبرز محطات التوتر بين الكوريتين

21/01/1968: كومندوس كوري شمالي قوامه 32 عنصرا يشن هجوما على مقر الرئاسة بسيئول في محاولة لاغتيال الرئيس الكوري الجنوبي بارك شونغ أدى إلى قتل أو أسر جميع المهاجمين.

15/08/1974: قام عميل كوري شمالي بإطلاق النار على الرئيس الجنوبي بارك شونغ هي خلال إلقائه خطابا، ولكنه أخطأ المرمى وأصاب زوجة الرئيس وأدى إلى وفاتها.

09/10/ 1983: عملاء كوريون شماليون يقومون بتفجير مجمع تجاري في ميانمار قبل أن يزوره الرئيس الجنوبي شون هو هوان بفترة وجيزة، وأودى الحادث بحياة 20 شخصا منهم 4 وزراء كوريون جنوبيون.

29/11/1987: انفجار قنبلة ُوضعت على متن طائرة كورية جنوبية أدى إلى مقتل 115 شخصا كانوا على متنها، واتهمت سيئول بيونغ يانغ بتدبير الحادث.

سبتمبر 1996: إنزال غواصة فريق كوماندوس على شواطئ كوريا الجنوبية، ومطاردة الجنوبيين لأعضاء الفريق ومقتل  24 من عناصره وأسر واحد وفقدان آخر.

15/06/1999: اندلاع مواجهة بحرية بين الجانبين على الحدود في البحر الأصفر، وهي الأولى من نوعها منذ انتهاء الحرب، وانتهاء العملية بغرق سفينة حربية شمالية على متنها 20 بحارًا.

29/06/2002: اندلاع مواجهة ثانية بين الجانبين على الحدود في البحر الأصفر وغرق سفينة حربية كورية شمالية. ومقتل 13 شماليا في حادث حصل خلال استضافة سيئول لمونديال كرة القدم بالاشتراك مع اليابان.

10/11/2009: اشتباك جديد على الحدود بالبحر الأصفر حيث تبادل الجانبان إطلاق نار أدى إلى اندلاع النيران بسفينة حربية شمالية.

26/03/2010: انفجار مجهول الأسباب هز السفينة الحربية الكورية الجنوبية "شيونان" بالبحر الأصفر وأدى إلى انشطارها ومقتل 46 من بحارتها.

20/05/2010: تحقيقات دولية ذكرت أنّ إصابة السفينة الحربية الكورية الجنوبية ناجمة عن إصابتها بطوربيد أطلقته غواصة كورية شمالية، ونفي بيونغ يانغ علاقتها بالحادث.

24/05/2010: أعلنت كوريا الجنوبية قطع العلاقات التجارية مع جارتها الشمالية ومنع السفن الشمالية من دخول مياهها.

29/10/2010: ارتفاع درجة التوتر مجددًا قبيل انعقاد قمة مجموعة العشرين بسيول إثر تبادل لإطلاق النار على الحدود بين البلدين.

23/11/2010: تبادل للقصف بين الجانبين أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وفرار مدنيين إثر قصف مدفعي كوري شمالي على جزيرة جنوبية على الحدود.

26/8/2013 توتّر شديد على جانبي الحدود، حيث عبرت فرقاطة حربية كورية شمالية المياه المشتركة، تبع ذلك خرق كوري مماثل، مما أدّى إلى تدهور الأوضاع والحشد المتبادل والتهديدات على أنواعها.

 13/7/2014 مناورات كورية جنوبية كورية مشتركة مع وحدات من المارينز من القوات البحرية الأميركية المرابطة في الجزيرة، اعتبرتها سيئول  استفزازًا، وأعلنت حالة التأهب على مدى البلاد.

سابعًا: آفاق الوضع الراهن بين الكوريتين

من الواضح للمتتبع لمسار العلاقات بين الكوريتين، أن هناك بوادر أزمـات متواصلة ومتلاحقة في كل محطّة أو مفصل زمني، تنذر بالوقوع مع كـل حدث سياسي أو عسكري أو دعائي، إذ تعتبر كل من الدولتين أنّه استفزاز أو استهداف لها ولاستقرارها السياسي ضمن حـدودها .

ومع حلول شهر تموز من العام الحالي 2015، تزايد التوتر على ضفتي الجزيرتين المتنازعتين، وارتفع منسوب التحدي بين الدولتين الجارتين، من خلال الحشود العسكرية المتبادلة على خلفية الأعلام الدعائية المتبادلة[9].

ومن المعروف أنّ كلًا من الدولتين تدور في فلك دولة أخرى، فبينما ترتبط كوريا الجنوبية بمعاهدات وتحالفات عسكرية واقتصادية مع الولايات المتحدة الأميركية، وتقوّم فيها قاعدة أميركية عسكرية تضم ما يزيد عن ثلاثين ألف جندي أميركي، تلتقي كوريا الشمالية مع جارتها الصين في الكثير من الأسس المشتركة على المستويات السياسية، وتتبادل معها الزيارارت والوفود وتقاسمها الرؤى الأيديولوجية المشتركة .

ومع بدايات آب الجاري، أعلنت سيئول أنّ مفاوضات على مستوى عال تجـري، بين قادة كوريين شماليين وجنوبيين، قبل ساعتين من انتهاء مهلة إنذار وجّهته بيونغ يانغ إلى الجنوب.

وتجدر الإشارة إلى أنّ القوات الكورية الجنوبية  قد وُضعت في حالة "تأهّب قصوى"، بعدما هدّدت بيونغ يانغ بشنّ حرب، ما لم تُوقف سيئول حملتها الدعائية عبر مكبرات الصوت على الحدود بين البلدين.

وقال رئيس مكتب الأمن الوطني التابع لمكتب الرئاسة الكوري الجنـوبي كيـم كيو-هيون، أنّ كوريا الشمالية اقترحت على بلاده إجراء محادثات على مستوى عال بين كبار مسؤولي الكوريتين، مشيراً إلى أن المحادثات ستُعقد في أقـرب موعد  بتوقيت غرينيتش في قرية بان مون جو الحدودية[10]

ويُشارك في المحادثات من الجانب الجنوبي مستشار الأمن القومي الكـوري الجنوبي كيم كوان-جين ووزير التوحيد هونغ يونغ-بيو، فيما يشـارك مـن الجانب الشمالي مدير مكتب السياسة العامة في الجيش الكوري الشمالي هوانغ بيونغ-سو وسكرتـير شؤون كوريا الجنوبية في حزب "العمال" كيم يانغ-أون.

وفي وقفة مع يوميات التوتر الدائم بين الجارتين خلال شهر آب 2015 :

- قالت كوريا الشمالية ليل الجمعة-السبت 14/15-8-2015، أنّ قـواتها علـى الحدود أصبحت في وضع "التسلح الكامل والاستعداد للقتال" مع انتهاء المهـلة عند الساعة الخامسة  ( 8,30 بتوقيت غرينتش).

- وحذّر وزير الخارجية الكوري الشمالي من أن الوضع "وصل إلى شفـير حرب"، مؤكداً أن "جيشنا وشعبنا على استعداد للمجازفة بحرب شاملة ليس فقط كردّ فعل بل للدفاع عن النظام الذي اخترناه".

- من جهته، أكد مساعد المندوب الدائم لبيونغ يانغ في الأمم المتحدة " ميونغ هون "إذا لم تستجب كوريا الجنوبية لإنذارنا (بوقف الدعاية)، فإنّ ردّ فـعلنا العسـكري سيُصبح حتمياً وسيكون قويًا جدًا".

وتملك الأسرة الدولية خبرة طويلة في تـهديدات كوريـا الشمالية، لكنـها تخشى تصعيداً ممكنًا، مع أن كثيرين يرون أن ذلك ليس سوى محاولة جديدة من بيونغ يانغ للفت الأنظار.

- وتأكيدًا لضعف الثقة بين الجانبين، علق الباحث في مركز المعهد الآسيـوي للدراسات السياسية في سيول جيمس كين حول التوتر المتصاعد بين الكوريتين: "نظرًا لماضيهم في أسلـوب التفاوض والتهديدات، من المحتمل أن ينفّذوا تهديداتهم بعمل عسكري ضئـيل ومحدود". لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذه التهديدات خطيرة، ولا يمكن استبعـاد أن تُـوجّـه كوريا الشمالية ضربة ما. وقال: "إذا حدث ذلك، فإنّ كوريا الجنوبية يجـب أن تكون حازمة وتردّ فوراً لتؤكد انها لن تخضع للترهيب"، مؤكداً أنّ "أي شـيء أقل من ذلك سيُشكّل دعوة لمزيد من الاستفزاز".

- وقال متحدث باسم الرئاسة الكورية الجنوبية:"نحن مستعدون للردّ بقوة عـلى أي عمل استفزازي كوري شمالي".

- وتدليلًا على الوضع الآخذ بالتأزم بين الجزيرتين، نقلت وكالة الأنباء الكـورية الجنوبية (يونهاب) في يوم السبت الواقع فيه 18/7/2015 عن مصادر عسكرية قولها بتاريخ سابق، أنّ بيونغ يانغ نشرت وحـداتها المدفعية على الحدود لتوجيه ضـربة محتملة إلى مكبّرات الصوت الكـوريـة الجنوبية التي تبثّ دعاية عـبر الحـدود وأضاف أنّ ثماني مقاتلات أميركية وكورية جنوبية قـامت بمحـاكاة عمـليات قصف "يُمكن أن تُشكّل إنذارًا لكوريا الشمالية".

وحاليًا، لا وجود لأي مخاوف في صفوف السكان الكوريين الجنوبيين، الذيـن اعتادوا لسنوات تهديدات الشمال بحرب وشيكة لا تقع.

تجدر الإشارة، وعطفًا على ما كنا قد ذكرناه أعلاه، إلى أنّ الكوريتين في حالة حرب منذ 65 عامًا على الصعيد الوطني والعملاني، إذ أن الحرب بينهـما (1950-1953) انتهت بوقف لإطـلاق النار، ولم يُوقّع أي اتفاق سلام رسمي بين الدولتين منذ ذلك الحين.

ويعود آخر هجوم مباشر من الشمال على الجنوب إلى شهر تشرين الثاني من العـام 2010، عنـدما قصفت بيونغ يانغ جزيرة يونبيونغ الحدودية الكورية الجنوبـية، ممّا أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وجنديين كوريين جنوبيين.

- وفي خطاب مقتضب له بتاريخ 13/7/2015 في نيـويورك تنـاول الأوضـاع الدولية، دعا الأميـن العام للأمم المتحدة بان كي مون، الكوريتين من جديد، لوضع حد للتـوتّر المثيـر للقلق في شبه الجزيرة المقسّمة.

وقالت متحدثة باسمه أنّه "يحضّ الطرفين على الامتـناع عن اتخـاذ أي تدابير أخرى قد تزيد من حدّة التوتر". كما دعت الصين إلى الهدوء وضبــط النفس مع ذلك فإنّ الوضع مشرّع على كل المتغيرات والملفات التي تعيشها آسيا والعالم في اكثر من نقطة ساخنة.

 

خاتـمة:

ما من شك في أنّ الأوضاع الدولية المتوترة، والتنافس بين الولايات المتـحدة والصيـن، والخلاف الأميركي الروسي في أكثر من ملف، والعداء الأيديولوجي الذي كان قائمًا على خلفيات استعمارية، لها الأثر الكبير في التوتر الذي ينسحب على العلاقات بين الكوريتين، بحيث أصبحت كلتا الجزيرتين، نقطة التوتر الذي تُختزل من خلاله جميع الخلافات ومظاهرها العملية والميدانية.

وعليه فقد أصبح أي عمل عسكري أو مناورات أو دعايات إعلامية، بمنزلة الاستفزاز المتبادل الذي يستجلب رد فعل، يتمثّل بخلال عرض متبادل للقوة، في ما يشبه استعدادًا وشيكًا لحرب مقبلة.

وفي ظل احتدام الملفات الملتهبة في الشرق الأوسط، من سوريا إلى اليمن ففلسطين والبحرين، وما تمثل هذه الملفات من حالات خلاف دولية، تصطف فيها القوى الكبرى والإقليمية في تحالفات صارمة وصلبة حفاظًا على مصالحها وحضورها الحيوي والإستراتيجي في أكثر مناطق العالم غنى بالثروات النفطية ومنابع الغاز، يبدو أنّ الكوريتين ستكونان مسرحًا لحالات فعل ورد فعل، يعكسان واقع الانقسام الدولي بمحاوره الجديدة وصراعاته وتنافسه العسكري بأبعادٍ اقتصادية واضحة.

وأخيرًا يبقى تقاسم المصالح وتوزيعها هو الذي يحكم العلاقات الدولية، ويجعل الأفرقاء المعنيين من القوى الكبرى، حريصين على عدم اندلاع شرارة الحروب في أي نقطة ملتهبة من العالم. ذلك أن هذه القوى المسيطرة تدرك جيدًا أنّ مفاعيل أي حرب قد تقع، يصبح من الصعب لجمها، وقد تخرج عن السيطرة مع احتدامها بين أفرقاء الصراع، بحيث تورط الجهة التي تشعلها، وتؤدي بها إلى المزيد من الخسائر والنتائج غير المتوقعة على  أكثر من صعيد.

 

[1]-     Johns Andrews, the study of political adaptation,op, cit,  166,2008,p: 44

 

[2]-     توماس ويلبورن،الصين وتحدي الكوريتين،  ترجمة المركز العربي للدراسات  الدولية ، لندن 2008، ص60

 

[3]-     راجع مقالة: د. شريف عبد العزيز، تحت عنوان "الأزمة الكورية .. أسرار اللعبة في أيادي أميركا"، منشورة في موقع "مفكرة الاسلام" الإلكتروني بتاريخ 24/11/2010، على شبكة الإنترنت:

http://www.islammemo.cc/hadath-el-saa/Kasf-twoKoria/2010/11/24/111742.html

 

[4]-     - علي حسين باكير، "الدور الصيني في شبه الجزيرة الكورية: لعبة مزدوجة تحصّن موقع بيونغيانغ"، منشورة في جريدة الحياة بتاريخ 14/12/2010.

 

[5]-     د. شريف عبد العزيز، مقالة تحت عنوان "الأزمة الكورية .. أسرار اللعبة في أيادي أميركا"، الدار العربية للعلوم السياسية، القاهرة ص 13.

 

[6]-     علي حسين باكير، "الدور الصيني في شبه الجزيرة الكورية"، مرجع سابق، ص 26

 

[7]-     لمزيد حول الوضع القانوني للكوريتين وآثاره، راجع:  تاي جين، "عدم مشروعية المعاهدات القسرية  للقيادة اليابانية ، من خلال ضم الجزر المجاورة للامبراطورية العظمى "،  اللجنة الوطنية الكورية لليونسكو، المجلد 36، العدد 4، 1996.

- أيضا راجع فيما يختص بالبعد الإقتصادي للنظامين الكوريين الشمالي والجنوبي :  دنيس هارت، من التقليد إلى الاستهلاك : بناء ثقافة الرأسمالية في كوريا الجنوبية سيول :بالتعاون مع  Jimoon- dang .،  مترجم عن الإنكليزية، دار الحداثة ،  القاهرة  2003.

[8]-     د. شريف عبد العزيز، "الأزمة الكورية .. أسرار اللعبة في أيادي أميركا"، مرجع سابق، ص 16.

 

[9]-     - للمزيد راجع : "الكوريتين  بين العداء التقليدي والتاريخ المشترك"، محمد عبد السلام، الدار الأندلسية للطباعة والنشر، الرباط، 2008

 

[10]-    - شون، توك شو. "كوريا في جغرافيا المحيط الهادىء "، مقالة مترجمة من الإنكليزية، ص 14

 

Tensions between the Koreas: Impact of the geographic dimension and political alliancer

Despite the fact that the leaders in South and North Korea have triumphed over European and American attempts to have a dominant influence over trade for centuries they have failed to confront Japan’s growing power on the industrial and military levels and its colonial ambitions to control the Korean island and reign over its riches and capabilities.
The Chinese uneasiness due to the potential escalation in the nuclear arms race between North Korea and South Korea represents one of the concerns in Chinese and Russian policy alike. Furthermore, China fears to damage its commercial relations with both Koreas in case this competition intensified.
Therefore, the United States has strived through China on one hand and using different points of pressure on the other hand to convince Korea in order to relinquish its nuclear program in return of providing it with nuclear reactors for pacific reasons in addition to providing aids and particularly in term of food substances. These negotiations which embarked delegates from the USA, North Korea and China have failed during the second half of 1997.
In light of the escalation of tense issues in the Middle East, starting with Syria, Yemen, Palestine and Bahrain it seems that the Koreas will be subjected to actions and reactions in a way that reflects International divisions with the emergence of the new axes, their conflicts, and military rivalry with economic dimensions.
Finally, the balance of interests remains the factor that controls international relations and prompts concerned world powers to remain keen on driving away the triggers of wars in any tense region around the globe.

La tension entre les deux Corées: l’effet de l’étendue géographique et de l’alliance politique

Malgré que les leaders coréens aient réussi à dépasser toutes les tentatives européennes et américaines visant à contrôler le commerce tout le long des siècles, ils n’ont cependant pas réussi à faire face à la force du Japon qui se développe sur les niveaux industriel et militaire, et ses ambitions coloniales pour contrôler l’île coréenne et ses ressources.
L’inquiétude chinoise des possibilités de la montée de la course d’armement nucléaire entre la Corée du Nord et la Corée du Sud constitue un des soucis de la politique chinoise ainsi que russe. La Chine craint que ses relations commerciales avec les deux Corée s’endommagent, au cas où la compétition avec ces deux pays augmente.
C’est alors que les Etats Unis ont œuvré, tantôt à travers la Chine, tantôt à travers les différentes pressions, pour convaincre la Corée du Nord de céder ses projets nucléaires. En contrepartie, les Etats Unis lui offre des centrales nucléaires à buts nocifs, sans oublier les aides, surtout au niveau nutritif. Ces négociations auxquelles ont participé des délégués des Etats Unis, de la Corée et de la Chine lors de la deuxième partie de l’année 1997, s’entravèrent.
A l’ombre des dossiers brulants au Moyen Orient, allant de la Syrie, arrivant au Yémen, la Palestine et le Bahreïn, il parait que les deux Corées seraient le point de départ de cas d’actes et de réactions, tout en reflétant la réalité de la division internationale avec ses nouveaux axes, ses conflits et sa compétition militaire avec ses étendues économiques…
Finalement reste la balance au niveau des intérêts qui dirige les relations internationales, et pousse par la suite, les parties concernées des forces importantes, à ne pas allumer la flamme des guerres dans n’importe quelle région bouillonnante dans le monde.