التوجهات الصينية نحو منطقة آسيا الوسطى

التوجهات الصينية نحو منطقة آسيا الوسطى
إعداد: الرائد أيوب مهنا
ضابط في الجيش اللبناني

المقدمة

تُعد الصين بما تملكه من مقومات طبيعية وجغرافية وبيئية وسكانية، من كُبريات الدول ذات القوة الاقتصادية والتطور الصناعي، فضلًا عن أنها دولة نووية، إضافة إلى كونها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، كل هذه الميزات دفعت الصين لتأدية دور بارز في سوق السلع والانتشار الدولي تمهيدًا لقطبيتها الدولية.

 

وبرزت الصين، الدولة التي يتجاوز عدد سكانها الـ ١.٣ مليار نسمة، على مدى السنوات الماضية كقوةٍ اقتصادية عالمية لا يمكن تجاهلها، فهي تعد حاليًا أكبر اقتصاد في العالم من ناحية القوة الشرائية، والثاني بعد الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية، ومن المتوقع أن تصبح الأكبر مع نهاية العقد القادم[1]. أما على المستوى العالمي فتحاول الصين الاندماج أكثر في الاقتصاد العالمي، والتفاعل بشكلٍ أعمق وأكثر تأثيرًا في الأحداث الدولية، والمساهمة في حفظ السلم الدولي، والاضطلاع بمهام الوساطة في عديد النزاعات الدولية.

عرفت تفاعلات الصين في النظام الدولي تحولًا كبيرًا منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، وترسخ أكثر مع نهاية الحرب الباردة، وأدى ذلك إلى تخلّيها تدريجيًا عن "سياسة الحذر" وبخاصةٍ على المستوى الإقليمي، من خلال تَشارك قيم السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي وتَشارك تجاربها مع دول الجوار في المجال الاقتصادي.

نجم عن زوال النظام الجيو-سياسي للحرب الباردة نتائج رئيسة، تمثلت بظهور منطقة جرى تغييبها منذ أن كانت تحت المظلة السوفياتية، وهو ما انطوى على تسميتها بجمهوريات آسيا الوسطى، حيث أدّت عن ولادة هذه الجمهوريات إلى تكوين جيو-سياسي كامل للفضاء الجغرافي بالمنطقة، وسمحت بظهور دول المنطقة الخمس: أوزباكستان، كازاخستان، تركمانستان، طاجيكستان وقرغيزستان من جديد ككياناتٍ سياسية وثقافية واجتماعية متمايزة عن محيطها. فمن الناحية الجيوبوليتيكية، تعد آسيا الوسطى امتدادًا طبيعيًا للقوقاز، وجزءًا من "أوراسيا" التي تُعد قلب الأرض، وتتجلى الأهمية الجيو-استراتيجية الرئيسة لآسيا الوسطى في عاملَين رئيسَين، وهما: اكتشاف احتياطيات معدة من الموارد الطاقوية، وثانيًا كونها ممرًا محوريًا لأنابيب النفط والغاز، وطرق المواصلات التي تنطلق منها بكل الاتجاهات.

أدى تفكك الاتحاد السوفياتي إلى خلق فراغ استراتيجي في منطقة آسيا الوسطى، مهّد الطريق لانضمام لاعبين جدد يريدون السيطرة على إمكانات هذه المنطقة المهمة اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، والواقع كانت الصين من بين أهم هؤلاء اللاعبين، خصوصًا أنها تتقاسم مع آسيا الوسطى حدودًا طويلة كما تتقاسم معها امتدادات عرقية متداخلة، لذلك شعرت الصين بالحاجة إلى إعادة تنظيم الرؤية الاستراتيجية لآسيا عامةً وآسيا الوسطى وبخاصةٍ بما يحقق مصالحها.

تشهد منطقة آسيا الوسطى إعادة توازن كبير للقوى مع تقلص الدور الروسي وصعود الصين كواحدٍ من أكثر اللاعبين المؤثرين في المنطقة.

يعود صعود الصين في آسيا الوسطى إلى نظرتها الأوسع لوصل المنطقة، ولشهيتها المفتوحة لمصادر الطاقة، وهي على خلاف روسيا، لا تستخدم الضغط السياسي لإبقاء المنطقة ضمن توجهها العام، فإن عدم وجود أجندة سياسية مُعلنة، باستثناء الاستقرار الإقليمي الذي ترى بكين إمكانية تحقيقه عبر التنمية الاقتصادية، يجعل من الصين جذابة بشكلٍ خاص للحكومات المحلية[2].

تُمثل منطقة آسيا الوسطى من الناحية الاستراتيجية الساحة الخلفية ومجال النفوذ التقليدي للصين، نظرًا لما لها من روابط تاريخية وحضارية وثقافية واقتصادية وتجارية مع دول المنطقة، حيث تأتي المنطقة ضمن أولويات صناع القرار الصينيين عند وضعهم لاستراتيجياتهم في مختلف المجالات، سواء تعلق الأمر بالحفاظ على مكانة الصين الإقليمية والعمل على تحقيق طموحاتها العالمية في وجه القوى الساعية لعرقلة مسار صعودها المتسارع من جهة، أو تعلق بتحقيق أمن الطاقة المتصل بتوفير الموارد الطاقوية اللازمة للاحتياجات المتزايدة للبلاد في كل حين، وتجنّب كل ما من شأنه أن يؤثّر في موثوقية الإمدادات واستمرارية تدفّقها من جهة أخرى.

تهدف الصین من خلال التوجه نحو منطقة آسیا الوسطى إلى تحقیق تأمین طویل المدى لإمداداتها الطاقویة، ضمن استراتیجیاتها لأمن الطاقة، بالإضافة إلى مجابهة التهدیدات ذات الصفة الجیو-أمنیة المرتبطة بالتحولات الجیو-سیاسیة والجیو-استراتیجیة التي تعرفها منطقة آسیا الوسطى بعد نهایة الحرب الباردة واشتداد حالة الاستقطاب الإقلیمي والدولي للمنطقة من قبل فاعلین ولاعبین جیو-استراتیجیین مثل الولایات المتحدة الأميركیة وروسیا والاتحاد الأوروبي، ولا ینفصل هذا التوجه الصیني عن الإطار العام لانخراط الصین في الشؤون الدولیة في سیاق مخرجات الصعود الصیني والاضطلاع بدورٍ أكثر حضورًا ونشاطًا بشأن قضایا السیاسة العالمیة، وفي هذا البحث سنحاول استكشاف أسباب التوجه الصیني نحو منطقة آسيا الوسطى وذلك من خلال:

 

القسم الأول: دوافع الاهتمام الصيني بمنطقة آسيا الوسطى

تُعد الصين من أوائل الدول التي قامت بالاعتراف بدول آسيا الوسطى بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق في العام 1991، فبدلًا من أن تجاور الصين دولة واحدة هي الاتحاد السوفياتي تعددت إلى مجموعة دول تجاورها، وأصبح لزامًا على الصين تسوية مشكلاتها الحدودية معها عوضًا عن الاتحاد السوفياتي[3]، ولهذا سعت الصين إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع جاراتها الجدد، وتبادل الزيارات الرسمية معها، إذ أكدت الصين ضرورة التعايش السلمي وتحقيق الرخاء المشترك، ودعم الاستقرار والأمن الإقليمي، وقد نتج عن تلك الزيارات توقيع اتفاقيات ومعاهدات خاصة في الشؤون الأمنية والعسكرية، وإعادة رسم الحدود بين الطرفَين[4]، بحيث يبلغ طول الحدود بين الصين ودول آسيا الوسطى الثلاث، كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، أكثر من 3000 كيلومتر، وهناك العديد من القوميات العابرة للحدود بينهما[5].

أعلن رئيس وزراء الصين لي بانغ Lie Peng، بعد زيارة جمهوريات آسيا الوسطى في العام 1994، أن سياسة الصين تجاه الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى ترتكز على أربع مبادئ أساسية هي تعزيز التعايش السلمي، تعزيز الرخاء الاقتصادي، حرية الاختيار للأنموذج الاقتصادي، واحترام سيادة الإقليم وسلامته[6].

إن معرفة توجهات الصين تجاه منطقة آسيا الوسطى تقتضي معرفة الدوافع الأساسية والمهمة التي قادت الصين إلى التوجه نحو المنطقة، وما هي طبيعة الصراع المثار حولها. فلذلك، تحركت الصين لإيجاد إطار رسمي يربطها بتلك المنطقة، وكان وراء التحرك الصيني مجموعة من الدوافع وهي:

 

أولًا: الدوافع السياسية والأمنية

إن الصين قوة آسيوية فاعلة لها تأثيرها، وتسعى لتأخذ موقعها على الساحة الدولية بصورةٍ فاعلة وبخاصةٍ بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، ولتحقيق هذا الهدف فهي تعمل على تنفيذه بمختلف المستويات[7].

إن الأوضاع الأمنية في دول آسيا الوسطى تفرز تأثيراتها على الأمن في المناطق الغربية للصين، وإن عدم استقرار الأوضاع السياسية في هذه الدول، فضلًا عن الاضطرابات الإقليمية التي يولدها تنافس الدول الكبرى وصراعها إذ تُشكل مجتمعة تهديدات على الأمن القومي الصيني، وفي حال وقوع اضطرابات في جمهوريات آسيا الوسطى، فمن الصعب جدًا أن تكون الصين بمعزلٍ عنها، كما هو الحال في الحرب الأهلية الطاجكستانية، والاضطرابات التي أثارتها الحركة الإسلامية في أوزباكستان، لم تنعكس سلبًا على حركة التبادل التجاري بين الصين ودول المنطقة فحسب، بل امتدت إلى إقليم سينجيانغ الصيني، نظرًا للتداخل العرقي بين الإقليم وجمهوريات آسيا الوسطى من ناحية، وإن القوى الداعية إلى استقلال تركستان الشرقية المهددة للأمن القومي الصيني[8]، والمرتبطة مع الحركة الإسلامية الأوزباكستانية وغيرها من المنظمات الراديكالية الأخرى، قد قامت بأعمالٍ عسكرية في إقليم سينجيانغ الصيني، والتي تتخذ من جمهوريات آسيا الوسطى جبهة أمامية وقاعدة انطلاق لها لتجزئة الصين وتمزيق وحدتها، فإذا ما أرادت الصين حل مشكلة تركستان الشرقية فإنها ستواجه الكثير من الصعوبات بعيدًا عن تنسيق دول آسيا الوسطى ومساعدتها من ناحية أخرى، ومن الناحية الجيو-سياسية الأمنية، فإن الصين تُعد الجار القريب لمنطقة آسيا الوسطى وتشكل هذه المنطقة ممرًا للنقل البري والاتصالات بين الصين وأوروبا والشرق الأوسط بينما تعطي الصين لجمهوريات آسيا الوسطى الحبيسة ممرًا جغرافيًا آمنًا نحو المحيط الهادئ[9].

إن مخاوف الصين من تصاعد النزعة القومية والدينية الراديكالية المتطرفة في دول وسط آسيا، وما يتصل بها من صراعات قد تنعكس سلبًا على استقرار إقليمها الغربي سينجيانغ، ولقد عززت تلك المخاوف تصاعد موجة الإرهاب الدولي، وإعلان الولايات المتحدة حربها ضد الإرهاب في أعقاب أحداث 11 أيلول 2001، إذ دخلت القوات العسكرية الأميركية آسيا الوسطى ورابطت فيها، وعادت القواعد العسكرية الأميركية على مقربة من سينجيانغ الصينية، الأمر الذي أدى إلى تغيير في مكانة جمهوريات آسيا الوسطى ووضعيتها، التي تشكل الفناء الخلفي الاستراتيجي للصين، وبذلك ازدادت التهديدات الأمنية التقليدية التي تواجه المناطق الغربية للصين[10].

إن اهتمام الصين لاستتباب الأمن على حدودها الطويلة مع جمهوريات آسيا الوسطى دفعها إلى إيجاد تفاهمات ثنائية وجماعية مع دول المنطقة، من أجل الحفاظ على أمن الحدود واستقرارها، وإيجاد مناطق حدودية منزوعة السلاح[11]، وانطلاقًا من ذلك عقدت الصين مع جمهوريات آسيا الوسطى مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات، ولعل من أهمها الاتفاقيات المتعلقة بشأن الخلاف الحدودي بين الصين وقرغيزستان، إذ وقّع كلا البلدَين على بروتوكول في العام 1996 لتسوية النزاع الحدودي، واتفاق في العام 1999 الذي حصلت بموجبه الصين على 95 ألف هكتار من الأراضي تم التنازل عنها من جمهورية قيرغيزستان، وهاتان الاتفاقيتان دفعتا إلى تعميق العلاقات الودية بين البلدَين، وفي العام 2002 وقّعت جمهورية طاجيكستان خلال زيارة الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمانوف إلى الصين اتفاقية تتنازل بموجبها طاجيكستان عن 1000 كلم٢ للصين، وتم التصديق عليها في العام [12].

يتضح لنا مما سبق، أن الجانب الأمني هو من الأسباب الرئيسة التي دفعت الصين إلى الاهتمام بمنطقة آسيا الوسطى، والتي جاء جزء كبير منه في إطار منظمة شنغهاي، إذ نجحت في استقطاب جمهوريات آسيا الوسطى بشكلٍ كبير ضد التوجهات الغربية التي تسعى لفرض أجندتها على الأنظمة الديكتاتورية التي لا تريد الخضوع لضغوط الغرب في ما يتعلق بملفات حقوق الإنسان والديموقراطية.لقد ركزت الصين على مسألة الحدود ووقعت عدة اتفاقيات بغية تعزيز الثقة على طول الحدود، كما أكد الصينيون وما زالوا على مسائل الأمن وقضايا الأقليات الانفصالية والتطرف الديني، بالإضافة إلى مسألة تجارة المخدرات والأسلحة المتزايدة في منطقة آسيا الوسطى[13].

 

ثانيًا: الدوافع الجيو-استراتيجية

إن الصين تُبدي مخاوفها من تنامي الوجود الأميركي في المنطقة بشكلٍ مباشر وعلى حدودها الغربية، ولذلك عملت بكين على تقوية الروابط مع دول آسيا الوسطى وروسيا للحد من التغلغل الأميركي في المنطقة، الذي يتخفى خلف أقنعة تتعلق بحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية ونشر الديموقراطية. فالتهديد المتنامي الذي تمثله الولايات المتحدة الأميركية على الصين انطلاقًا من أراضي آسيا الوسطى يتمثل في الاستثمار الأميركي في النزعة الانفصالية في إقليم التيبت وسنجيانغ، وهذا ما دفع الصين إلى التعاون مع روسيا ودول آسيا الوسطى والاعتراف المتبادل بالمصالح المشتركة لكليهما في المنطقة.

 

ثالثًا: الدوافع الاقتصادية

يُعد الاقتصاد الصيني من الاقتصادات الصاعدة والواعدة، بفضل السوق الاستهلاكية الواسعة التي تُحصي ما يفوق المليار مستهلك، وقد أصبحت الصين من أكبر الأسواق المُغرية للاستثمار الأجنبي، أضف إلى ذلك حجم استثمارات الصين في الخارج والتي بلغت 416 مليار دولار[14] في العام 2012.

لقد اندفعت الصين نحو منطقة آسيا الوسطى انطلاقًا من واقعها الاقتصادي المتنامي والذي يفوق 10% سنويًا، وهذا التطور في الاقتصاد جعلها بحاجةٍ ماسة إلى موارد الطاقة كالنفط والغاز، وتنويع إمدادات وارداتها من الطاقة، فاندفعت نحو آسيا الوسطى لتأمين احتياجاتها الطاقوية فضلًا عن القوقاز وإيران والعراق[15].

بالإضافة إلى ذلك، فالتبادل التجاري بين الصين ودول آسيا الوسطى بلغ نحو 20مليار دولار خلال العام 2015، إذ أصبحت الشريك التجاري الأول لأوزباكستان إذ بلغ حجم التبادل التجاري للعام 2016 نحو 3 مليار دولار، وقد استثمرت بمشاريع الطاقة في كازاخستان نحو 23.6 مليار دولار، وتستورد من تركمانستان نحو30 متر مكعب من الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب الغاز (الصين-آسيا الوسطى) والذي يعمل منذ العام 2009 [16] .

وفضلًا عما تقدم فإن الاهتمام الصين بتقوية علاقتها مع دول آسيا الوسطى قد وسع التقارب الاقتصادي بينهما وازدهرت حركة التجارة، لغرض الحفاظ على جوهر المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى وتأمين مصادر الطاقة لتلبية النمو الاقتصادي المطّرد. وهذا الدافع الاقتصادي كان هو الهدف الأهم من سياسة الصين في منطقة آسيا الوسطى.

 

القسم الثاني: السياسة الخارجية الصينية تجاه منطقة آسيا الوسطى

على مدار ثلاثة عقود من حكم ماو تسي تونغ (1949 - 1976)، اكتسبت السياسة الخارجية الصينية طابعًا ثوريًا، وكان هدف تصدير الثورة إلى الخارج محركًا رئيسًا لسياسة بكين الخارجية، وفي العقود الثلاثة التالية، اتسمت معالم السياسة الخارجية الصينية في عهد دينغ شياو بنغ (1978 - 1992) بالاعتدال والانفتاح الكبيريَن، وبقيت السياسة الخارجية الصينية في عهدَي الرئيسَين جيانغ زيمين وهو جينتاو أكثر حرصًا على تعزيز جهود التنمية الداخلية عبر تأمين بيئة إقليمية ودولية مسالمة، وبقي مبدأ دينغ "إخفاء القدرات وانتظار الوقت" موجهًا رئيسًا للسياسة الخارجية الصينية طوال هذه المرحلة[17].

مع انتقال القيادة في بكين من هو جين شاو إلى شي جين بينغ في بداية العام 2013، بدت السياسة الخارجية الصينية أوسع نشاطًا وأكثر طموحًا بالشكل الذي يوحي بتخلّي بكين عن مبدأ بناء القدرات وانتظار الوقت، وضمن هذا السياق، تُشكل الأبعاد الجيو-سياسية لمبادرة الحزام والطريق ودعم بكين لنمطٍ جديد لعلاقات القوى الكبرى أبرز مؤشرات التحول الواضح في نهج السياسة الخارجية الصينية.

قُسمت السياسة الخارجية الصينية على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى 1949-1978 شكل الاقتصاد الموجه والنظام السياسي اللينيني والسياسة الخارجية الثورية سماتها الرئيسة، المرحلة الثانية التي بدأت مع دينغ في العام 1978 واستمرت مع خلفائه لغاية انفجار الأزمة المالية في العام 2008 وطُبعت بنظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وبسيادة طابع الانفتاح والاعتدال على سياستها الخارجية[18]، المرحلة الثالثة اعتبارًا من منتصف عهد هو جينتاو والمستمرة حتى يومنا هذا، بحيث أصبحت الصين من القوى الكبرى وذات قدرات اقتصادية هائلة، مُنتهجة سياسة خارجية رفيعة المستوى.

وإدراكًا من الصين أن الانطلاق نحو العالمية والمساهمة الفعالة في تشكيل البُنية المستقبلية للنظام الدولي لا بد أن تسبقها مكانة إقليمية تساعدها على تحقيق المصالح الصينية على المستوى العالمي، إذ حرصت على انتهاج سياسة أمن الجوار مع الدول المحيطة بها، وقد كان تطور علاقاتها مع جيرانها سببًا في ضم الصين في عضوية عدد من المؤسسات الإقليمية، كمنتدى التعاون الاقتصادي لبلدان آسيا والمحيط الهادئ، والمنبر الاقتصادي لرابطة دول جنوب آسيا[19].

ومع استقلال جمهوريات آسيا الوسطى، وجدت الصين في ذلك فرصة لرسم علاقات مع تلك الدول تعود عليها بالفائدة، فعملت أولًا على حل المشكلات الحدودية والمطالب الإقليمية، وعلى الصعيد الدبلوماسي اعترفت الصين بسيادة جمهوريات آسيا الوسطى في العام 1991، وأقامت في العام 1992علاقات دبلوماسية مع الجمهوريات الخمس الناشئة [20].

يُدرك الخبراء الاستراتيجيون الصينيون جيدًا أن الأهمية الاستراتيجية لجمهوريات آسيا الوسطى آخذة في التزايد، وأن المنطقة سيكون لها نفوذ مُعتبر في القرن الحادي والعشرين، خصوصًا وأن المنطقة وما جاورها من مناطق أخرى ستؤدي دورًا مهمًا في إمداد العالم بمصادر الطاقة[21]. وبالإضافة إلى أن الأهمية الجيو-اقتصادية لمنطقة آسيا الوسطى مرتبطة بامتلاكها لثرواتٍ طبيعية ولكونها أسواقًا إقليمية، فإن الاحتياطيات التي تحويها منطقة آسيا الوسطى من الثروات الطبيعية يجعل منها منطقة حيوية بالنسبة للصين[22].

فمع مطلع الألفية الجديدة تحول مركز اهتمام الصين في علاقاتها مع جمهوريات آسيا الوسطى، من التركيز على القضايا الأمنية والسياسية التي سادت طيلة سنوات التسعينيات، لتأخذ قضايا الطاقة مكانة محورية، إضافة للدروس التي تعلمتها بكين من حرب العراق وغيرها من الاضطرابات في مناطق إنتاج الطاقة، ما دفعها إلى التفكير والعمل جديًا على تنويع مصادر إمداداتها الطاقوية، وفي هذا الإطار تطورت العلاقات الاقتصادية بين الصين وجمهوريات آسيا الوسطى بشكلٍ أسرع وبخاصةٍ في ما يتعلق بمجال الطاقة[23].

وبالإضافة إلى ذلك، تتمتع منطقة آسيا الوسطى بخصائص جغرافية ترفع من قيمتها الاستراتيجية للصين، فهي محاذية لها ولثلاثٍ من دولها حدودٌ مباشرة معها (كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان)، وهذا ما يمكّن من نقل النفط والغاز نحو البر الصيني ومنه نحو أكثر المناطق الصينية استهلاكًا للطاقة والمُتركزة خصوصًا في الساحل الشرقي، وهذا يُمكّن بكين من تجنّب مرور إمداداتها النفطية من المسطحات المائية الواسعة للمحيطَين الهادئ والهندي، والمضائق البحرية الخطيرة وعلى رأسها مضيق ملقا[24]. في هذا السياق، سعت الصين ضمن استراتيجيتها الرامية إلى توسيع استثماراتها الطاقوية خارج حدودها استراتيجية التوجه نحو الخارج، للتمركز في آسيا الوسطى والاستثمار في دولها، خصوصا في المجال الطاقوي.

لذلك أقامت الصين مع دول آسيا الوسطى علاقات جيدة منذ استقلالها، فجاء التحرك السياسي الصيني تجاه جمهوريات آسيا الوسطى لتحقيق جُملة أهداف، أهمها[25]:

1- تطوير العلاقات التجارية والمالية والاقتصادية والسياسية مع هذه الجمهوريات.

2- تعزيز العلاقات العسكرية عبر إقامة القواعد العسكرية فيها.

3- الحفاظ على استقلالية هذه الجمهوريات من الهيمنة سواء أكانت أميركية أو روسية.

4-    الإحلال تدريجيًا محل روسيا باعتبارها قوة مهيمنة إقليمية وكبرى من دون استفزازها.

5-    مواجهة تأثير الوجود الأميركي في أفغانستان وبعض دول هذه المنطقة.

وانتهجت الصين تجاه دول آسيا الوسطى سياسة حُسن الجوار التي حددتها القيادة المركزية، وانطلاقًا من هذه السياسة، يمكن استعراض أولويات السياسة الصينية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في منطقة آسيا الوسطى بما يأتي:

•  صیاغة سیاسة وطنیة تجاه دول آسیا الوسطى ترتبط بالأمن الصیني الداخلي، فحسب العقیدة العسكریة الصینیة، هناك تأكید على فرضیة النزاعات المحدودة في المناطق الحدودیة داخل البلد أو خارجه.

لقد عقدت الصین مع الدول المجاورة وبخاصةٍ كل من: روسیا، كازاخستان، قیرغیزستان، وطاجيكستان سلسلة من الاتفاقیات لضمان الأمن على طول حدود تركستان الشرقیة.

• ضمان محیط آمن ومستقر، كي تتفرغ الصین على تحدیث وعصرنة اقتصادها، ولكي تضاعف في الوقت نفسه نفوذها، ولا تترك الفرصة لأي دولة أجنبیة أن تهددها من خلال استغلال خلافات الصین مع دول الجوار، وعلیه یمكننا أن نعتبر السیاسة الخارجیة الصینیة تجاه دول آسیا الوسطى جزءًا من هذه السیاسة. لذلك عملت على تحسين علاقاتها الثنائية مع كل دولة من دول آسيا الوسطى على حدة، وتعزيز دور منظمة شنغهاي للتعاون، فوقعت الصين عدد من الاتفاقيات مع دول آسيا الوسطى، مثلًا أوزباكستان وقعت في العام ٢٠٠٤ إلى جانب بكين إعلان مشترك يُمهد الطريق أمام تعميق العلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات: السياسة، الاقتصاد، الطاقة، المعادن، المواصلات، النقل، الاتصالات إضافةً إلى العمل المشترك على مكافحة الإرهاب..[26].

• تتجلى استراتيجية جمهورية الصين الشعبية في منطقة آسيا الوسطى بتحويل هذه الأخيرة إلى شريك اقتصادي فاعل لها في المنطقة، والاستفادة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي لربط شرق آسيا بغرب أوروبا، وهذا كان جُلّ اهتمام منظمة شنغهاي للتعاون التي تم إنشاؤها لهذه الغاية في الأصل، ومن خلالها تسعى الصين إلى تقوية علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، وتعزيز التعاون معها لمواجهة أي تهديد أمني، سياسي، اقتصادي ممكن أن تتعرض له، بالإضافة إلى مجالَي الطاقة والتجارة إلى جانب حل المشاكل الحدودية المتبقية في المنطقة[27]. وبذلك تكون الصين قد خلقت روابط جديدة للمنطقة بهدف توسيع خياراتها عن طريق الحد من اعتمادها الاقتصادي على "السوق الواحدة، والمستهلك الواحد، والمجموعة الواحدة من إمدادات البنى التحتية" وبالتالي الحد من اعتمادها على "نقطة نقل وعبور واحدة"، ما يساعد جمهوريات المنطقة على تعزيز استقلالها عن النفوذ الروسي، وذلك كله يتم على شكل "التجارة التبادلية": تقوم بكين باستيراد النفط والغاز من كازاخستان وأوزباكستان وتركمانستان، والمعادن (كالذهب والنحاس) من طاجياكيستان وقيرغيزستان، وفي المقابل تقوم الصين بتصدير المنتوجات والسلع المصنعة (كالآلات والمنسوجات) إليها، ذلك يضمن للصين حصولها على ما تحتاجه من مصادر الطاقة والموارد الأولية المتوفرة ضمن الأراضي الوسط آسيوية[28].

• الدور الذي تؤديه منطقة آسيا الوسطى في نجاح مبادرة "الحزام والطريق"، تُعد آسيا الوسطى من بين المناطق التي يشملها المشروع الصيني نظرًا لأهميتها الاستراتيجية وموقعها الجيو-سياسي، فالمنطقة تُمثل نقطة عبور لاثنين من ستة مشاريع رئيسة للممر الاقتصادي (الصين وآسيا الوسطى وغرب آسيا والجسر البري الأوراسي الجديد)، والتي سيكون لهما تأثير في التطور الاقتصادي من جهة والسيناريو الجيو-سياسي من جهة أخرى[29].

وتحول الموقف الصيني بعد زيارة الرئيس شي جين بنيغ في العام 2013 إلى أربع من دول آسيا الوسطى والمشاركة في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، إلى تعزيز العلاقات بين هذه الدول والتعاون الإقليمي وأصبحت آسيا الوسطى شريكًا استراتيجيًا للصين في المسائل الاقتصادية والتجارية وفي مجال الطاقة، وأكد الرئيس الصيني "إن الصين لن تتدخل في الشؤون الداخلية لدول آسيا الوسطى ولن تسعى مطلقًا إلى هيمنة أو بناء منطقة نفوذ في المنطقة"[30]، وفي الوقت ذاته أكد أن آسيا الوسطى تُشكل سوقًا استهلاكيًا رائجًا للسلع الصينية.

ومُجمل القول، إن السیاسة الصینیة في آسیا الوسطى، تُعد حلقة أساسیة وجزءًا من منظومة أمنیة أكثر اتساعًا تشمل مجمل قارة آسیا، تحاول الصین من خلالها مقاومة السیاسة الأميركیة التي تُحسن انتهاز الفرص واستغلال نقاط ضعف خصومها، فالولایات المتحدة الأميركیة استطاعت أن توظف التوتر الحاصل في علاقات الصین مع بعض جیرانها كالفيیتنام والفیلیبین وتحولها إلى أوراق ضغط ومساومة، وجعلت من دول رابطة دول جنوب شرق آسیا (A.S.E.A.N)الإطار الذي تنتظم فيه المصالح الأميركیة، ولهذا السبب بادرت الصین على تثمین علاقاتها مع جمهوریات آسیا الوسطى وإضفائها طابعًا تعاونیًا منظمًا من خلال منتدى شنغهاي، الذي تحول إلى منظمة مهیكلة تسعى إلى توحید التوجهات والسیاسات الأمنیة في المنطقة، كما أن منظمة شنغهاي أصبحت القناة التي تتجمع فیها المطالب الروسیة والصینیة المتطابقة. بالتالي فإن العلاقات الثنائية بين الصين ودول آسيا الوسطى قائمة على الأساس البراغماتي المنفعي المتبادل، والتعاون المشترك.

 

القسم الثالث: الاستراتيجية الطاقوية الصينية في منطقة آسيا الوسطى

أدى تحول الصين منذ العام 1993 إلى دولة مستوردة للنفط دورًا أساسيًا في تبنّي صانع القرار الصيني استراتيجية أمن الطاقة، فمن المعروف أن الصين أصبحت دولة مصدرة للنفط منذ سبعينيات القرن الماضي حيث تحولت في العام 1978 عند انفتاحها على العالم الخارجي إلى واحدة من المنتجَين الرئيسَين للنفط في العالم بحجم إنتاج يومي يفوق المليوني برميل [31].

وتدل المؤشرات الاقتصادية الصينية أن البلاد تستورد حاليًا حوالى 90% من حاجتها الطاقوية، وتُقدّر وكالة الطاقة الدولية أنها ستكون الدولة الأولى عالميًا في استيراد الطاقة في العام 2025، فالمشكلة الأساسية التي يعاني منها الأمن الطاقوي الصيني يتمثل في التزايد الهائل على الطلب واعتمادها المفرط على النفط المستورد.

 

أولًا: الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة

توصلت بكين إلى وضع استراتيجية سُميت باستراتيجية أمن الطاقة الصينية والتي تهدف بالدرجة الأساس إلى ضمان أمن الإمدادات النفطية، والوصول إلى مخزون استراتيجي من النفط يكفي لسد الحاجة من الطاقة في ظل اقتصاد ينمو بصورةٍ سريعة، ولمواجهة هذا الوضع المُعقد عملت الصين في اتجاهَين رئيسَين، تجاه داخلي يعمل على تكثيف عمليات المسح والتنقيب في محاولة لزيادة حجم الإنتاج أو على الأقل استقراره وزيادة الاحتياط الطاقوي الداخلي عن طريق الاكتشافات، أما الاتجاه الثاني يعمل على البحث عن حصص وأسهم في حقول النفط والغاز الطبيعي في الخارج عن طريق الاستثمار أو التنقيب.

يرى صُناع القرار الصيني أن الأداة والوسيلة التي تعمل على تحقيق مُتطلبات هذه الاستراتيجية هي شركات النفط الوطنية الصينية، وفي مقدمتها مؤسسة البترول الوطنية الصينية CNPC والمؤسسة الوطنية الصينية للبتروكيماويات SINOPEC والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحريCNOOC، بحيث تقوم هذه المؤسسات الكبرى بالبحث في شتى أنحاء العالم عن صفقات، استثمارات، استكشاف، تنقيب حقول منتجة وتطويرها وشراء حصص في مجال الطاقة.

وتقوم الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة الهادفة لمواجهة المشاكل والتحديات، على عدد من المرتكزات التي تتمحور حول العناصر الآتية[32]:

1-   ضمان الوفرة: تنظر الصين بحساسيةٍ لمسألة وفرة الموارد الطاقوية خدمة للأهداف القومية التي تسعى لتحقيقها، حيث أن توفر إمدادات كافية من النفط والغاز الطبيعي يُعد عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة.

2-   موثوقية الإمدادات: ما يزيد في أهمية مبدأ موثوقية الإمدادات هو كون الصين دولة تعتمد في توفير أهم احتياجاتها الطاقوية على الاستيراد من الخارج ومن مناطق بعيدة، ومع تزايد الأهمية الاستراتيجية لضمان إمدادات ذات موثوقية عالية بالنسبة للصين في ظل تعقّد التحديات التي تعيق ذلك، فلا يستبعد الخبراء لجوء الصين لاستعمال القوة أو التهديد باستعمالها من أجل حماية إمداداتها الطاقوية، ولهذا تُضاعف الصين جهودها لضمان الممرات البحرية وطرق النقل المهمة لشحنات النفط.

3-   الحصول على إمدادات بأسعارٍ مقبولة: من وجهة نظر الحكومة الصينية فأمن الطاقة يتدعم بفضل أسعار لا تكون جد منخفضة ولا مرتفعة جدًا في الوقت ذاته كي لا تتأثر الأهداف القومية الكبرى، فالقيادة الصينية تبحث عن أسعار منخفضة بما فيه الكفاية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي ضمن عناصر معينة، وفي الوقت ذاته لا ترغب القيادة في أسعار جد منخفضة لأن ذلك سيزيد من عمليات التكرير وتزايد الطلب الصيني على النفط الذي له تأثير كبير في الأسعار والأسواق العالمية، ويدفع بأسعار النفط نحو مستويات قياسية، فكونها ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم يجعل من سياستها الطاقوية ذات تأثير في سوق الطاقة العالمي[33].

4-   تحسين كفاءة الطاقة: إن عامل كفاءة استعمال الموارد الطاقوية أو فعاليتها يؤثر بشكلٍ كبير في مدى تحقيق أمن الطاقة، لأن المشكلة لا تكمن في نقص الموارد الطاقوية أو في كيفية تلبيتها فحسب، بل في كيفية استغلال الموارد المتوافرة أو استهلاكها أيضًا، ما يتسبب في هدر قدر معتبر من الطاقة، وهذا ما يجعل السعي لتحسين كفاءة الطاقة ركيزة أساسية في استراتيجية أمن الطاقة الصينية[34].

5-   التنويع في مصادر الإمدادات في ظل استراتيجية "التوجه نحو الخارج": تسعى الصين إلى تنويع إمداداتها الطاقوية من مناطق أخرى غير الشرق الأوسط مثل أفريقيا وبخاصةٍ السودان وأنجولا وليبيا ونيجيريا ومنطقة آسيا الوسطى وروسيا، وكذلك تعمل الصين على تنويع وارداتها من الطاقة عن طريق التوسع في التجارة البرية غير الساحلية للتخفيف من نقاط الضعف الجيو-سياسية في الاعتماد على جانب واحد ألا وهو سطح البحر[35].

 

ثانيًا: مشاريع الطاقة الصينية في آسيا الوسطى

اعتمدت الصين في منطقة آسيا الوسطى استراتيجية طاقوية تقوم على دبلوماسية الطاقة في سعيها لتحقيق أمنها الطاقوي، فتبنت سياسة تقوم على تحسين العلاقات وتوطيدها مع دول المنطقة في جميع المجالات السياسية والتجارية والثقافية والأمنية، لبناء جسور الثقة مع جمهوريات آسيا الوسطى و كسب الأفضلية لديها في الحصول على حقوق التنقيب والاستغلال والتطوير في الحقول النفطية والغازية، والظفر بمشاريع لتحسين البنى التحتية اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في تلك الدول من تجهيز الحقول وبناء محطات التكرير وإنشاء خطوط نقل النفط والغاز منها مباشرة نحو الحدود الغربية للصين ومنها لبقية أنحاء البلاد.

 

وتنقسم الاستثمارات الصينية في قطاع الطاقة في آسيا الوسطى إلى:

1-   محور الاستثمار في استغلال الحقوق النفطية والغازية وتطويرهما: سعت الصين لتوسيع استثماراتها الطاقوية وذلك خارج حدودها لتتمركز في آسيا الوسطى، حيث كان تركيزها بالأساس على كازاخستان كونها غنية بالاحتياطات النفطية واحتوائها على مخزونات من الغاز الطبيعي، وتُعد المصدر الأول للنفط الصيني القادم من آسيا الوسطى، كما استفادت الصين أيضًا من الثروة الغازية التي تتمتع بها تركمانستان وقامت الشركة الصينية للتكنولوجيا النفطية والتطوير في العام 2004 بتوقيع عقد لتزويد شركة تركمان غاز بمعداتٍ قيمتها 14.5 مليون دولار، حيث قامت بالعديد من عمليات الحفر والتنقيب في أرجاء البلاد أهمها عملية التنقيب في حقل شاتليك الغازي وهو أقدم حقل غاز في تركمانستان، أما في ما يخص أوزباكستان رغم قلة ثروتها الغازية والنفطية مقارنة بتركمانستان وكازاخستان إلا أنها لم تخرج عن نطاق الاهتمام الصيني، فعقدت معها صفقات واتفاقيات لتطوير النفط والغاز واستثمارات أخرى، فوقعت مع شركة أوزباك نفط غاز في العام 2006 اتفاقية قُدّرت بحوالى 210 مليون دولار حيث تمكنت الشركات الصينية من الحصول على حقوق تكرير احتياطيات النفط والغاز في أوزباكستان[36].

2-   محور بناء أنابيب وطرق نقل النفط والغاز وتطويرها: استثمرت الصين في بناء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز نحو الأسواق الصينية، ويُعد مشروع بناء أنبوب لنقل النفط بالموازاة مع بناء أنبوب آخر لنقل الغاز من كازاخستان نحو مقاطعة "سينجيانغ" في غرب الصين، من أكثر المشاريع الطاقوية الخارجية الصينية طموحًا حيث يصل الأنبوبان إلى مقاطعة تركستان الشرقية "سينجيانغ" الصينية على الحدود مع كازاخستان، ومنها إلى السواحل الشرقية الأكثر استهلاكًا للطاقة مثل مقاطعة شنغهاي، وتصل القدرة التصديرية لهذا الأنبوب الممتد على مسافة أكثر من 3000 كلم إلى ما بين 800 ألف ومليون برميل من النفط يوميًا، وتم تجسيد المشروع عبر ثلاثة مراحل، ووصل إلى طاقته القصوى في العام [37]2011. وتعود فكرة بناء أهم خط أنابيب لنقل النفط يربط بين كازاخستان والصين والمعروف بـ"أتاسو–ألاشانكو" إلى العام 1993، وفي أيلول من العام 1997 وقّعت شركة النفط الوطنية الصينية و"كازموناي غاز" الكازاخية مذكرة تفاهم لبناء خط أنابيب نحو غرب الصين كلفته 3.5 مليار دولار، ويهدف إلى زيادة القدرة التصديرية للنفط الكازاخي إلى الصين، كما تم التوقيع في 14 آب من العام 2009 في بكين على بروتوكول لإنشاء خط أنابيب آخر لنقل الغاز.[38]

وبالاتجاه نحو تركمانستان، نجحت الصين في تجسيد مشروع أنبوب الغاز الرابط بينها وبين تركمانستان في 14 كانون الأول من العام 2009 على امتداد 4350 ميل وبتكلفة 10 مليار دولار، على أن ينقل للصين ما بين 30 و 40 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي خلال ثلاثين سنة تبتدئ من سنة 2012.[39] فضلًا عن هذا فقد وقّعت الصين اتفاقيات مع أوزباكستان وإيران حول مشاريع نقل الغاز إلى الصين، وكذلك مشروع نقل الغاز من تركمانستان عبر أفغانستان وإلى باكستان والهند[40].

ونظرًا لزيادة قدرة الاقتصاد الصيني ومحاولة لكسب النفوذ الإقليمي والدولي، لجأت إلى شراء أصول شركات الطاقة والتي تعود ملكيتها لدول آسيا الوسطى، واستثمرت في مجال خطوط الأنابيب الجديدة لإيصال موارد الطاقة من حقول الغاز الطبيعي في بحر قزوين إلى السوق الصيني، وبالإضافة إلى ذلك قامت بدعم القطاع المصرفي في كازاخستان بنحو 10 مليار دولار لتفادي الأزمة المصرفية في العام 2008، مقابل شراء أسهم في شركة الغاز الحكومية، فضلًا عن الاستثمارات في مشاريع البنى التحتية في دول آسيا الوسطى، فاستخدام الصين لهذه الأموال الضخمة يُعطيها مزايا جيو-سياسية كبيرة في المنطقة[41].

ونظرًا لافتقار دول آسيا الوسطى لخياراتٍ بديلة، وعدم قدرتها على الوصول لأنابيب من غير تلك التابعة لروسيا، فإنه قد بدا لها من المهم جدًا أن تجد شبكات نقل جديدة لصادراتها من النفط والغاز. فهذه الدول تبحث عن خيارات متنوعة من خطوط الأنابيب للابتعاد عن ضغط روسيا والدخول لأسواقٍ ومستهلكين مختلفين في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا[42]. فوجدت تلك الدول في الصين والولايات المتحدة الأميركية ملاذًا استراتيجيًا للانعتاق ولو نسبيًا من الهيمنة الروسية، فالصين انخرطت بكثافةٍ في علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع جمهوريات آسيا الوسطى عمادها العامل الطاقوي، فقدّمت نفسها لجمهوريات المنطقة باعتبارها بديلًا للاحتكار الروسي من جهة، ولمنافسة النفوذ الأميركي هناك من جهة ثانية.

ولذلك يُعد وضع منطقة آسيا الوسطى ضمن الاهتمامات الرئيسة لاستراتيجية الطاقة الصينية أمرًا منطقيًا، وبالنظر لما لاحظناه من غنى وتنوع في الموارد الطاقوية التي تمتلكها دول مثل كازاخستان وتركمانستان وحتى أوزباكستان، إضافة إلى محاذاتها لروسيا العملاق الطاقوي العالمي ومجاورتها لحوض بحر قزوين، وقربها الجغرافي من الصين عبر حدودها الغربية، كلها عوامل شجعت الصين في إطار استراتيجياتها الطاقوية العامة "التوجه نحو الخارج" والاستراتيجية الخاصة بآسيا الوسطى وروسيا وهي "التوجه غربًا"، على توطين استثماراتها في مشاريع الاستغلال والتنقيب والاستخراج في حقول النفط والغاز في الدول المنتجة للطاقة في المنطقة، وإنشاء خطوط أنابيب جديدة تربطها مباشرة بمناطق الإنتاج في آسيا الوسطى، مثل أنبوب النفط "أتاسو-ألاشانكو" من كازاخستان وأنبوب الغاز الطبيعي من تركمانستان، وشجعت بكين على شراء شركات نفطية والحصول على نصيب من شركات طاقوية في مشاريع ضخمة لتطوير الحقول النفطية والغازية في دول المنطقة، ويعود ذلك الفضل إلى دبلوماسيتها الطاقوية النشيطة على كل المستويات لكسب ود النظم الحاكمة في جمهوريات آسيا الوسطى وصداقتها.

 

الخـاتمــة

شكّلت عودة منطقة آسيا الوسطى إلى المسرح الدولي ظاهرة مهمة في العلاقات الدولية، جذبت أنظار العديد من الدول الإقليمية والدولية إليها في إطار ما تتمتع به من موقع استراتيجي مميز ومن غنى بالثروات الطبيعية كالطاقة والمعادن، ما أدى إلى اندفاع القوى الدولية والإقليمية نحوها، فسارعت العديد من القوى العالمية، للاعتراف بها وبناء علاقات معها كونها منطقة رخوة سياسيًا وحبيسة وبحاجةٍ للاتصال بالعالم الخارجي، ساعية لملء الفراغ الجيو-سياسي في هذه المنطقة.

أما بالنسبة للصين التي تتقاسم مع منطقة آسيا الوسطى حدودًا طويلة كما تتقاسم معها امتدادات عرقية متداخلة، فكان الدافع وراء التوجهات الصينية باتجاه منطقة آسيا الوسطى، هو سعيها لخلق بيئة إقليمية ودولية تُسهل لها تفعيل قدراتها الاقتصادية ونموها من جهة، والحفاظ عل سيادة وضعها السياسي واستقلاله من جهة أخرى، أضف إلى ذلك حرص الصين على البحث عن الموارد الطبيعية لا سيما مصادر الطاقة لتلبية احتياجات القطاع الصناعي، بحيث أصبح دافعًا مهمًا أيضًا في تشكيل تحالفات الصين ورسم سياستها الخارجية في السنوات الأخيرة، وهذا ما يُفسر بشكلٍ جليّ التوجهات الصينية حيال جمهوريات آسيا الوسطى. من هنا، كان حرص الصين على تأدية دور مهم في تنمية اقتصاديات هذه الجمهوريات وربطها بالاقتصاد الصيني، وذلك لتحقيق هدف مزدوج الأبعاد، فمن ناحية ضمان الاستقرار وكبح جماح التطرف المدفوع بدوافع الفقر، بما يضمن أمن إمدادات الطاقة من آسيا الوسطى باتجاه الصين، وكذلك فتح أسواق جديدة للصادرات الصينية سواء في آسيا الوسطى أو عبرها باتجاه أوروبا، الأمر الذي وضعها في مواجهة النفوذ الأميركي في المنطقة، ما أجبرها على تبنّي استراتيجية القوة الناعمة للنفوذ إلى دول المنطقة، وتحقيق مصالحها، عبر الارتكاز على منظمة شنغهاي للتعاون.

نجحت جمهوريات آسيا الوسطى في لفت الانتباه إليها وجذب العديد من القوى الإقليمية والدولية، وأبرزها الصين التي وجدت فيها منطقة مصالح حيوية مستقبلية، فالتوجه الصيني إلى المنطقة للبحث عن الموارد والنفوذ (وبخاصةٍ الطاقة) سيزيد من أهمية المنطقة المستقبلية، وأبرز ما سيساهم في ذلك هو الآتي:

1-    سيبقى أمن الطاقة أحد أهم المُحددات الأساسية في استراتيجيات القوى الدولية والإقليمية المتنافسة على منطقة آسيا الوسطى، فالسيطرة على مصادر الطاقة، وتأمين إمداداتها في ظل تزايد الطلب عليها، قد يُشكل مدخلًا للصراع وعدم الاستقرار في المنطقة مستقبلًا.

2-    إن التوجه الصيني نحو منطقة آسيا الوسطى، قد يدفع إلى صراعات من نوع جديد تتمثل بحروب أنابيب الغاز، حيث يشكل الغاز مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين، سواء من حيث كونه بديلًا طاقويًا عن النفط أو من حيث أهميته باعتباره طاقة نظيفة، ولهذا فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي "الغازي" في منطقة آسيا الوسطى والتحكم في خطوط الأنابيب الدولية سيشكل محور الصراع والتنافس بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في المنطقة مستقبلًا.

3-    تكشف آليات الصراع الدولي الحالي أن النظام العالمي الجديد يتشكل وفق صيرورة تقوم على منظومات القوة الاقتصادية والهيمنة العسكرية التي ترتكز على حجر أساس هو الطاقة بشكلٍ عام وعلى الغاز الطبيعي بشكلٍ خاص. ومن هنا، يمكن فهم آليات التوجهات الصينية نحو منطقة آسيا الوسطى، والتي تشي باقتراب تبدّل النظام العالمي من هيمنة القطب الواحد إلى نظام آخر متعدد الأقطاب.

إن التوجه الصيني نحو منطقة آسيا الوسطى، أعطى لجمهوريات المنطقة خيارات متعددة، يتعيّن عليها استغلالها لتمتين علاقاتها الاقتصادية والأمنية، فتعدّد القوى الفاعلة في المنطقة يسمح لدول آسيا الوسطى باكتساب هامش من المناورة بتوظيف كل العوامل التي تؤهلها لتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية، فهي ليست مضطرة ومُرغمة على حصر علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع جهة واحدة فقط، كما أنها ليست مُلزمة بتنفيذ سياسات لا تخدم مصالحها، وهو ما جعل القوى الخارجية الفاعلة تسعى إلى تأكيد حرصها على أمن هذه المنطقة، وتجنّبها للتدخل مباشرة في الصراعات الداخلية، بل إن بعض هذه الدول كانت أحرص على تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة، خوفًا من انتشار الفوضى الناتجة عن الصراعات العرقية إليها، فالصين تخشى من اتساع الاضطرابات العرقية إلى إقليم تركستان الشرقية، وعليه فمن مصلحتها أن تكون دول آسيا الوسطى قادرة على تحجيم الصراعات العرقية داخلها. ولعل أهم ما يجب على جمهوريات آسيا الوسطى القيام به:

1-    ضرورة بناء شبكة تعاونية بين جمهوريات آسيا الوسطى لتخطّي عقبات الانهيار الاقتصادي ومواجهة سياسة الزحف الدولي والإقليمي نحو المنطقة.

2-    استغلال الاستثمار الخارجي بما يخدم المصالح الاقتصادية لدول المنطقة.

3-    العمل على بناء قدرات تكنولوجية من خلال تأهيل الخبرات العلمية والتقنية من أجل الاستثمار الداخلي والرفع من اقتصاديات الدول.

 

المراجع العربية

● عبدالسلام نوير، العرب وجمهوريات آسيا الوسطى، مركز الدراسات الآسيوية، القاهرة، 2005.

● محمد السيد سليم، آسيا والتحولات العالمية، القاهرة، مركز الدراسات الآسيوية، الطبعة الأولى، 1998.

● جعفر حسن عترسي، فوضوية العالم وميزان القوى هيكلية العالم الجديد صراع الأرض والنفط والأسواق إلى ما بعد سقوط بغداد، بيروت، دار المحبة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، 2003.

● حميد شهاب أحمد، التنافس الإقليمي والدولي في منطقة الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 28، 2005.

● أبو بكر فتحي الدسوقي، العلاقات الروسية الصينية محددات الخلاف وآفاق التعاون، مجلة السياسة الدولية، القاهرة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد170، تشرين الأول 2007.

● أحمد عبد الجبار عبداللـه، الصين والتوازن الاستراتيجي العالمي بعد العام 2001 وآفاق المستقبل، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، الطبعة الأولى، 2015.

● إبتسام محمد عبد، سياسة الصين الآسيوية، أوراق دولية، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد120، 2003.

● تلميذ أحمد، الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية التنافس على موارد الطاقة، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة الأولى.

● ماهر بن إبراهيم القصير، المشروع الأورو-آسيوي من الإقليمية إلى الدولية، العالم بين الحالة اللاقطبية والنظام العالمي متعدد الأقطاب، القاهرة، دار الفكر، 2014.

● عباس سعدون رفعت، التوجهات الصينية حيال جمهوريات آسيا الوسطى، مجلة السياسة الدولية، القاهرة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 173، كانون الثاني 2008.

● وليد سليم عبد الحي، المكانة المستقبلية للصين في النظام الدولي 1978-2010، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2000.

● جانغ يون لينغ، الحزام والطريق: تحولات الدبلوماسية الصينية في القرن الـ21، القاهرة، دار صفصافة للنشر، الطبعة الأولى، 2017.

● عبد القادر محمد فهمي، دور الصين في البنية الهيكلية للنظام الدولي، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2010.

● عبد القادر دندن، حرب الأنابيب في آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين: الصراع الروسي-الصيني-الأميركي، ألمانيا، مجلة قضايا آسيوية، المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، العدد الثالث، كانون الأول 2020.

● لبنى خميس مهدي، الولايات المتحدة الأميركية والتنافس على منطقة آسيا الوسطى بعد أحداث 11 أيلول 2001، مجلة قضايا سياسية، بغداد، العددان 23-24، 2011.

● محمد أحمد جبر نهلة، طريق الحرير: استراتيجية القوة الناعمة، شؤون عربية، مصر، العدد 176، 2018.

● باهر مردان، استراتيجية أمن الطاقة الصينية ودور الشركات النفطية الوطنية في تحقيق متطلباتها، بكين، 2012.

● محمد خديجة عرفة، الصين وبدائل الطاقة رؤية مستقبلية، السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر،العدد 164، نيسان 2006.

● محمد خديجة عرفة، تأسيس وتطور منظمة شنغهاي للتعاون، قراءات، فلسطين، مركز التخطيط الفلسطيني، المجلد الثامن، العدد الخامس، أيار 2005.

● أفيري جولد شتاين، مستقبل باهر، تفسير وصول الصين، ترجمة مصطفى قاسم، القاھرة: المركز القومي للترجمة، 2010.

● محمد مصطفى الخياط، الصين وخيار الطاقة البديلة، السياسة الدولية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد 173، تموز 2008.

● ستار جبار علاوي، الأزمة السياسية في قيرغيزيا، أوراق دولية، بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 189، أيار 2010 .

● علي حسن بكير، دبلوماسية الصين النفطية، الأبعاد والانعكاسات، لبنان، دار المنهل اللبناني، 2010.

● ماركريتا أسنوفا، الصراع على آسيا الوسطى قديم يتجدد، مجلة آفاق المستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، العدد 4، 2010.

● مطيع اللـه تائب، الصين وإيران وتركيا: اللاعبون الجدد في آسيا الوسطى، قطر، مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، 2007،http://www.aljazeera.net/knwledgegate.

● بول سترونسكي، موسكو بكين:والإطار الجيو-سياسي لآسيا الوسطى، 10 تشرين الأول 2018،

 www.kassioum.org/report .

 

المراجع الأجنبية

Adiljan Umaror and Dmitry pashkun, tensions in Sino –central Asian Relations and their implications for Regional security, conflict studies Researcher, centile Academy of United Kingdom, Central Asia, 2006.

Sun Zhuangzi, The Relationship between China and Central Asia, Edited by Iwashita Akihiro Eager Eyes Fixed on Eurasia Russia and its neighbors in crisis Copyright, 2007 by the Slavic Research Central Japanese.

Leonard Mark., China 3.0, London: European Council on Foreign Relations. 2012.

Irina Ionela Pop., China’s energy strategy in Central Asia: Interactions with Russia, India and Japan. UNISCI discussion papers, N° 24, October 2010.

Mohammad-Reza Djalili et Thierry Kellner, Géopolitique de la Nouvelle Asie Centrale: De la Fin de l’URSS à l’après-11Septembre, 4ème Édition, The Graduate Institute Geneva, 2006.

Martin Russel, China’s Role in Central Asia, European Parliamentary Research Service, European Union, June 2017.

Ingolf Kiesow. China quest for energy: Impact upon foreign and security policy. Defense analysis report, Swedish defense research defense agency, Stockholm, November 2004.

Guo Xuetang. "The energy security in Central Eurasia: The geopolitical implications to China’s energy security". The China and Eurasia forum quarterly: V 4, N°. 4. 2006.

The World Economic League Table 2017,Centre for Economics and Business Research 26 December 2016,https://www.cebr.com/welt-2017/

 

 


[1]-     The World Economic League Table 2017,Centre for Economics and Business Research 26 December 2016, Available On Internet At: https://www.cebr.com/welt-2017/ Accessed

.On:29/4/2022

[2]-     بول سترونسكي، موسكو بكين:والإطار الجيو-سياسي لآسيا الوسطى، 10 تشرين الأول 2018، راجع الموقع على الإنترنت

 www.kassioum.org/report، تم الاطلاع 28/9/2022.

[3]-     عبدالسلام نوير، العرب وجمهوريات آسيا الوسطى، مركز الدراسات الآسيوية، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2005، ص 15.

[4]-     المرجع نفسه، ص 14.

[5]-     محمد السيد سليم، آسيا والتحولات العالمية، القاهرة، مركز الدراسات الآسيوية، الطبعة الأولى، 1998، ص 332.

[6]-     Adiljan Umaror and Dmitry pashkun, tensions in Sino –central Asian Relations and their implications for

.Regional security, conflict studies Researcher, centile Academy of united kingdom, Central Asia, 2006,p 5

[7]-     جعفر حسن عترسي، فوضوية العالم وميزان القوى هيكلية العالم الجديد صراع الأرض والنفط والأسواق إلى ما بعد سقوط بغداد، بيروت، دار المحبة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، 2003، ص 349.

[8]-     حميد شهاب أحمد، التنافس الإقليمي والدولي في منطقة الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، مجلة دراسات دولية، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 28، 2005، ص 14.

[9]-     Sun Zhuangzi, The Relationship between China and Central Asia, Edited by Iwashita Akihiro Eager Eyes Fixed

.on Eurasia Russia and it's neighbors in crisis Copyright, 2007by the Slavic Research Central Japanese, p 92

[10]-    أبو بكر فتحي الدسوقي، العلاقات الروسية الصينية محددات الخلاف وآفاق التعاون، مجلة السياسة الدولية، القاهرة

مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 170، أكتوبر 2007، ص 42.

[11]-    أحمد عبد الجبار عبدالله، الصين والتوازن الاستراتيجي العالمي بعد العام 2001 وآفاق المستقبل، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، الطبعة الأولى، 2015، ص 332.

[12]-    إبتسام محمد عبد، سياسة الصين الآسيوية، أوراق دولية، جامعة بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 120، 2003، ص 11.

[13]-    تلميذ أحمد، الصين والهند والولايات المتحدة الأميركية التنافس على موارد الطاقة، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة الأولى، ص 105.

[14]-    عباس سعدون رفعت، التوجهات الصينية حيال جمهوريات آسيا الوسطى، مجلة السياسة الدولية، القاهرة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 173، كانون الثاني 2008، ص 626.

[15]-    مطيع اللـه تائب، الصين وإيران وتركيا: اللاعبون الجدد في آسيا الوسطى، قطر، مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، 2007، ص 11. متوفر على الإنترنت على الموقع التالي: http://www.aljazeera.net/knwledgegate، تم الاطلاع 2/4/2022.

[16]-    وليد سليم عبد الحي، المكانة المستقبلية للصين في النظام الدولي 1978-2010، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2000، ص 163-171 .

[17]-    جانغ يون لينغ، الحزام والطريق: تحولات الدبلوماسية الصينية في القرن الـ 21، القاهرة، دار صفصافة للنشر، الطبعة الأولى، 2017، ص 45.

[18]-    .Leonard Mark., China 3.0, London: European Council on Foreign Relations. 2012, p. 24

[19]-    عبد القادر محمد فهمي، دور الصين في البنية الهيكلية للنظام الدولي، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2010، ص 28.

[20]-    - Irina Ionela Pop., China’s energy strategy in Central Asia: Interactions with Russia, India and Japan. UNISCI

.discussion papers, N° 24, October 2010. p 198

[21]-    عبد القادر دندن، حرب الأنابيب في آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين: الصراع الروسي-الصيني-الأميركي، ألمانيا، مجلة قضايا آسيوية، المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية، العدد الثالث، كانون الأول 2020، ص 30.

[22]-    عبد القادر دندن، حرب الأنابيب في آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين: الصراع الروسي-الصيني-الأميركي، مرجع سبق ذكره، ص 28.

[23]-    .Irina Ionela Pop., China’s energy strategy in Central Asia: Interactions with Russia, India and Japan, Op. Cit. p 198

[24]-    يعد مضيق ملقا من أهم الممرات الاستراتيجية المائية في العالم، وهو أطول مضيق للملاحة البحرية في العالم. يبلغ طوله حوالى 800 كلم، وعرضه ما بين 50 و320 كلم وعمقه ما يقارب الـ23 مترًا. يقع المضيق بين كل من ماليزيا وإندونيسيا كما تقع سنغافورة على طرفه، وهو يربط بين المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ؛ الأمر الذي يجعله مركز تقاطع تجاريًا بين أوروبا وآسيا في المحيط الهادئ. ويشكّل مضيق ملقا حاليًا حوالى 40% من تجارة العالم، كما يشهد مرور ما بين 80 إلى 90% من الواردات النفطية لدول مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. ويشكّل المضيق جزءًا مهمًا من الطرق التي تربط العرب بالصين والشرق الأوسط بجنوب شرقي آسيا تجاريًا منذ قرون. علي حسين باكير، تحولات الطاقة وجيوبوليتبك الممرات البحرية " ملقا" نموذجًا، مركز الجزيرة للدراسات، حزيران 2014، الموقع على الإنترنت: https://studies.aljazeera.net/ar، تم الاطلاع بتاريخ 8/12/2022.

[25]-    - لبنى خميس مهدي، الولايات المتحدة الأميركية والتنافس على منطقة آسيا الوسطى بعد أحداث 11 أيلول 2001، مجلة قضايا سياسية، بغداد، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، العددان23-24، 2011، ص 104.

[26]-    Mohammad-Reza Djalili et Thierry Kellner, Géopolitique de la Nouvelle Asie Centrale: De la Fin de l’URSS

.à l’après-11Septembre, 4ème Édition, The Graduate Institute Geneva, 2006, p:12-13

[27]-    .Paul Goble, China’s “Soft Power” in Central Asia Both More and Less than it Appears,Op.Cit

[28]-    - Martin Russel, China’s Role in Central Asia, European Parliamentary Research Service, European Union,

.June 2017, p: 1

[29]-    - محمد أحمد جبر نهلة، طريق الحرير: إستراتيجية القوة الناعمة، شؤون عربية،مصر، عدد: 176، 2018،ص: 163.

[30]-    باهر مردان، العلاقات الصينية مع دول أسيا الوسطى، شبكة المعلومات الدولية ، بكين،2014، الموقع على الأنترنت:

 http://www.academia.edu، تم الإطلاع بتاريخ 28/10/2022.

[31]-    باهر مردان، استراتيجية أمن الطاقة الصينية ودور الشركات النفطية الوطنية في تحقيق متطلباتها، بكين، 2012، ص 10.

[32]-    محمد خديجة عرفة، الصين وبدائل الطاقة رؤية مستقبلية، السياسة الدولية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر- الأهرام، العدد 164، نيسان 2006، ص 15-16.

[33]-    أفيري جولد شتاين، مستقبل باهر: تفسير وصول الصين، ترجمة مصطفى قاسم، القاھرة، المركز القومي للترجمة، 2010، ص 65.

[34]-    محمد مصطفى الخياط، الصين وخيار الطاقة البديلة، السياسة الدولية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، عدد:173، تموز 2008، ص 17.

[35]-    - ستار جبار علاوي، الأزمة السياسية في قيرغيزيا، أوراق دولية، جامعه بغداد، مركز الدراسات الدولية، العدد 189، أيار 2010، ص 5.

[36]-    محمد خديجة عرفة، تأسيس وتطور منظمة شنغهاي للتعاون، قراءات استراتيجية، فلسطين، مركز التخطيط الفلسطيني، المجلد الثامن، العدد الخامس، أيار 2005، ص 27-28.

[37]-    Ingolf Kiesow. China quest for energy: Impact upon foreign and security policy. Defense analysis report.Swedish defense research defense agency, Stockholm, November 2004. p18

[38]-    علي حسن بكير، دبلوماسية الصين النفطية: الأبعاد والانعكاسات، لبنان، دار المنهل اللبناني، 2010، ص 75.

[39]-    .Irina Ionela Pop. China’s energy strategy in Central Asia: Interactions with Russia, India and Japan, Op. Cit. p 209

[40]-    لبنى خميس مهدي، الولايات المتحدة الأميركية والتنافس على منطقة آسيا الوسطى بعد أحداث 11 أيلول 2001، مرجع سبق ذكره، ص 113.

[41]-    ماركريتا أسنوفا، الصراع على آسيا الوسطى قديم يتجدد، مجلة آفاق المستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، العدد:4، 2010، ص 102.

[42]-    Guo Xuetang. "The energy security in Central Eurasia: The geopolitical implications to China’s energy

.security". The China and Eurasia forum quarterly: V 4, N°. 4. 2006. P 126

Chinese trends towards the Central Asian region

Maj. Ayoub Mhana

 

The return of the Central Asian region to the international stage was an important phenomenon in international relations, which attracted the attention of many regional and international countries to it in the context of its distinguished strategic location and rich natural resources such as energy and minerals. The disintegration of the Soviet Union led to the creation of a strategic vacuum in the region, paving the way for the accession of new players who want to control the capabilities of this important region economically, politically and in terms of security. Indeed, China was among the most important of these players, especially as it shares long borders with Central Asia as well as overlapping ethnic extensions.

The Central Asian region strategically represents the backyard and the traditional sphere of influence of China, due to its historical, civilizational, cultural, economic and commercial ties with the countries of the region, as the region comes among the priorities of Chinese decision-makers when setting their strategies in various fields.

From here, the motive behind the Chinese orientations towards the Central Asian region was its endeavor to create a regional and international environment that would facilitate its activation and growth of its economic capabilities on the one hand, and to preserve the sovereignty and independence of its political position on the other hand, in addition to that China’s keenness to search for natural resources, especially energy sources. To meet the needs of the industrial sector. Hence China's keenness to play an important role in developing the economies of these republics and linking them to the Chinese economy, in order to achieve a two-dimensional goal, in terms of ensuring stability and curbing extremism motivated by poverty motives, in a way that guarantees the security of energy supplies from Central Asia towards China, as well as opening new markets. For Chinese exports, whether in Central Asia or through it towards Europe, which put it in the face of American influence in the region, forcing it to adopt a strategy of soft power to influence the countries of the region, and achieve its interests, by relying on the Shanghai Cooperation Organization.

The Chinese orientation towards the Central Asian region gave the republics of the region multiple options, which they must exploit to strengthen their economic and security relations.

Tendances chinoises vers la région de l'Asie centrale

Maj.Ayoub Mhana

 

Le retour de la région de l'Asie centrale sur la scène internationale est un phénomène important dans les relations internationales, qui attire sur elle l'attention de nombreux pays régionaux et internationaux compte tenu de son emplacement stratégique distingué et de ses riches ressources naturelles telles que l'énergie et les minéraux. La désintégration de l'Union soviétique a conduit à la création d'un vide stratégique dans la région, ouvrant la voie à l'adhésion de nouveaux joueurs désireux de contrôler les capacités de cette région importante sur les plans économique, politique et sécuritaire. parmi les plus importants de ces joueurs, d'autant plus qu'il partage de longues frontières avec l'Asie centrale ainsi que des extensions ethniques qui se chevauchent. 

La région d'Asie centrale représente stratégiquement l'arrière-cour et la sphère d'influence traditionnelle de la Chine, en raison de ses liens historiques, civilisationnels, culturels, économiques et commerciaux avec les pays de la région, car la région figure parmi les priorités des décideurs chinois lorsqu'ils définir leurs stratégies dans divers domaines

De là, le motif derrière les orientations chinoises vers la région de l'Asie centrale était son effort pour créer un environnement régional et international qui faciliterait son activation et la croissance de ses capacités économiques d'une part, et pour préserver la souveraineté et l'indépendance de son politique position d'autre part, à cela s'ajoute l'empressement de la Chine à rechercher des ressources naturelles, notamment énergétiques, pour répondre aux besoins du secteur industriel. D'où la volonté de la Chine de jouer un rôle important dans le développement des économies de ces républiques et de les relier à l'économie chinoise, afin d'atteindre un objectif à deux dimensions, en termes de stabilité et de lutte contre l'extrémisme motivé par la pauvreté, d'une manière qui garantit la sécurité des approvisionnements énergétiques de l'Asie centrale vers la Chine, ainsi que l'ouverture de nouveaux marchés. Pour les exportations chinoises, que ce soit en Asie centrale ou à travers elle vers l'Europe, ce qui la met face à l'influence américaine dans la région, l'obligeant à adopter une stratégie de soft power pour influencer les pays de la région, et réaliser ses intérêts, en s'appuyant sur l'Organisation de coopération de Shanghai.

L'orientation chinoise vers la région de l'Asie centrale a donné aux républiques de la région de multiples options, qu'elles doivent exploiter pour renforcer leurs relations économiques et sécuritaires.