قضايا ساخنة

الجرائم الإلكترونية: الاستغلال الجنسي والتحرّش بالأطفال في رأس القائمة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في ظل الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الحديثة ارتفعت نسبة الجرائم الإلكترونية بشكل غير مسبوق. وما يدعو إلى القلق بشكل خاص هو ازدياد جرائم الاستغلال الجنسي والتحرّش بالأطفال في ظل إجراءات الحجر المنزلي التي فرضها انتشار وباء كورونا. فالكبار والصغار على السواء باتوا يمضون وقتًا طويلًا أمام شاشات الأجهزة الذكية، ويتواصلون في الكثير من الأحيان مع أشخاص لا يعرفونهم، ما يُسهّل وقوعهم ضحية الجرائم الإلكترونية، ويُعرّضهم لأضرار جسيمة.

 

الجريمة الإلكترونية هي فعل يتسبب بضرر جسيم للأفراد أو الجماعات والمؤسسات، ويهدف إلى سرقة معلومات واستخدامها من أجل التسبب بأذى نفسي ومادي جسيم للضحية، أو إفشاء أسرار أمنية مهمة تخص مؤسسات الدولة أو بيانات وحسابات خاصة بالمصارف والأشخاص. تتشابه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية في ما يتعلق بوجود الجاني والضحية وفعل الجريمة. لكنّها تختلف عن الجريمة العادية باختلاف البيئات والوسائل المستخدمة. فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تتم من دون وجود الشخص مرتكب الجريمة في مكان الحدث، كما أنّ الوسيلة المستخدمة هي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة والشبكات المعلوماتية. أما دوافع هذه الجريمة فمتعددة، بدءًا من تحقيق مكاسب مادية وصولًا إلى الانتقام وتحقيق أهداف سياسية، مرورًا بالتسلية ومحاولة إثبات الذات وسواها.

 

الجرائم الإلكترونية الأكثر انتشارًا
يشير العقيد جوزف مسلّم، مسؤول العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، إلى أنّ الجرائم الإلكترونية الأكثر انتشارًا حاليًا هي الآتية: الابتزاز الإلكتروني والتشهير والقدح والذم والتهديد والاحتيال وقرصنة الحسابات الإلكترونية...
إنّ طرق مكافحة الجرائم الإلكترونية وفق العقيد مسلّم متعددة، أهمها ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم بالطرق المتاحة وتوقيفهم بالتنسيق مع القضاء المختص عبر استخراج الأدلة والآثار الرقمية من المعلومات المتوافرة، ومن خلال تعقّب الحسابات المشتبه بها والقيام بالإجراءات التقنية اللازمة، واستدراج الفاعلين أو مداهمتهم وتوقيفهم.
في ما يتعلق بالحد من انتشار هذه الجريمة هناك عدة عوامل تتضافر لتشكل رادعًا لعدم انتشارها. بالدرجة الأولى هناك مسؤولية على الأهل الذين يجب أن يكونوا واعين لما يمكن أن يتعرض له أبناؤهم، وأن يعملوا على توعيتهم حول الاستعمال الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي، والبقاء على مسافة قريبة منهم ومراقبتهم بغية تجنيبهم الوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية. ويوضح العقيد مسلّم: في المقابل نعمل من جهتنا على توعية شرائح المجتمع جميعها، من خلال عدة إجراءات منها:
• تعميم البيانات المتعلقة بتوقيف الأشخاص المرتكبين لمثل هذه الجرائم، ونشر الإحصاءات حول هذه الجرائم بشكل دوري والتنبيه من خطورة ارتفاع نِسَبها، وذلك عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي العائدة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
• تنظيم ندوات توعوية (محاضرات في المدارس والجامعات)، التعاون مع الجمعيات، إنتاج منشورات إرشادية وتوزيعها على جميع الأراضي اللبنانية، إجراء مقابلات إعلامية، إنتاج ومضات توعوية لنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من إجراءات الحجر الصحي المتّبعة حاليًا، تتابع قوى الأمن الداخلي عملها التوعوي بشكل طبيعي، إذ استمر إلقاء المحاضرات ضمن الضوابط الصحية وعبر الإنترنت، وتمّ تكثيف العمل في المكاتب المعنية لجهة تلقّي الشكاوى ومعالجتها، وإجراء التعقبات والتحقيقات الفنية.
في ما يتعلق بالنصائح، قدَّم العقيد مسلّم أربعة نماذج إرشادية تم إنتاجها من قبل المديرية تتضمن نصائح لحماية العائلة والأطفال والأجهزة الإلكترونية والمعاملات المالية من مخاطر الإنترنت (للاطّلاع عليها يمكن زيارة الموقع الإلكتروني www.isf.gov.lb).

 

ازدياد نسبة الجرائم الإلكترونية خلال فترة الحجر المنزلي
ردًا على سؤال حول ارتفاع جرائم الابتزاز والتحرش الجنسي خلال فترة الحجر المنزلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكّد العقيد مسلّم ازديادها مع ارتفاع كبير في نسبة الشكاوى وصل إلى 307,5% بين العامَين 2019 و2020. كذلك ارتفعت جرائم ابتزاز القُصَّر بنسبة 754,50% بسبب الحجر وتمضية وقت أطول على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى غيرها من الأسباب، الأمر الذي سمح لمرتكبي هذه الجرائم باستغلال هذا الوضع.
أما الفئة الأكثر استهدافًا للابتزاز والتحرش الإلكتروني فهي فئة الإناث ( بين الخامسة عشرة والخمسين) وهي الأعلى بين الشكاوى الواردة إذ تُشكل نسبة 70% منها تقريبًا. معظم الفاعلين هم من الشباب والناضجين، أما معظم الضحايا فهم من الشباب والقاصرين.

 

التعامل مع الشكاوى
كيف تتعاملون مع هذه الشكاوى؟ يجيب العقيد مسلّم: نتعامل مع شكاوى الابتزاز والتحرش الإلكتروني بطريقة فورية من خلال المباشرة بإجراءات التحقيق، إذ يتم الاستماع إلى الإفادات، والعمل على ضبط الأدلّة الجرمية، وإجراء التعقبات الفنية والتقنية والتحريات التقليدية وصولًا إلى كشف المرتكبين وسَوقهم إلى العدالة، بناءً على الشكاوى أو الإخبارات أو التكاليف التي تَرِد إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، وذلك بإشراف الجهات القضائية المختصة.
هذه الإجراءات تتم من خلال التنسيق الفوري بين فرع الشكاوى في شعبة العلاقات العامة، وهو المكتب الذي يتلقّى هذا النوع من الشكاوى، ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، قبل إرسال الشكوى إليه على وجه السرعة للبدء في معالجتها.

 

تطوّر الجريمة الإلكترونية
يستخدم الهاكر عدة أساليب في تنفيذ الجريمة الإلكترونية تتطور بشكل مستمر مع تطور التكنولوجيا وتقنيات الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي. تستغل هذه الأساليب بمجملها الثغرات في برامج الحماية أو في البرامج ذاتها للوصول إلى المعلومات الخاصة واستغلالها. لذلك لا بد من الحذر التام والعمل على حماية البيانات الشخصية بواسطة البرامج الخاصة واتباع إرشادات الجهات المختصة، وقبل كل شيء توعية الأولاد والقاصرين حول المخاطر التي قد يتعرضون لها في أثناء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت عمومًا.