trending

الجميع مراسل... ولكن!
إعداد: ندين البلعة خيرالله
تصوير: جوزاف برّاك

من أين بتنا نعرف المعلومة حتى قبل نشرها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة؟ من المواطن... فالصور والفيديوهات الأولى لانفجار مرفأ بيروت الكارثي مثلًا، كان مصدرها الأول مواطنون عاينوا الحادثة أو كانوا موجودين لحظة وقوعها ونجوا! فما هي أهمية إعلام المواطن وخطورته؟

 

بات أي شخص، موجود بالصدفة في مكان الحدث، يخرج هاتفه من جيبه، يصوّر، وينشر... إنّه عصر الهواتف الذكية التي حوّلت أي مواطن عادي إلى مراسل لحدثٍ ما في وقتٍ ما. فالتطورات الكبيرة التي طرأت على الإعلام، مع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصال، حوّلت الإعلام من مهنة كان يمارسها المختصون إلى هواية يمارسها المواطن في أي موقع كان، وبتنا نسمع بإعلام الشارع أو المواطن المراسل أو إعلام وسائل التواصل الاجتماعي...

اقتحمت الهواتف الذكية ميدان العمل الإعلامي، وخصوصًا منذ حوالى ١٠ سنوات مع ما سُمي بالربيع العربي. ظهر الإعلام الذي يصنعه أو يشترك في صنعه المواطن، ووسيلته الرئيسة في ذلك هي استخدام الهاتف المحمول واستخدام المنصات والتطبيقات الإعلامية الجديدة، خصوصًا شبكات التواصل الاجتماعي، وبذلك تحول الهاتف المحمول من وظيفة الاتصالات الشخصية إلى القيام بالوظيفة الإعلامية بكل أبعادها وأهدافها.

يتميز إعلام المواطن بعدد من الخصائص المستمدة من طبيعة الإعلام الجديد، أبرزها:

• التفاعلية: يتبادل المواطن المراسل والمتلقي الأدوار، وينشأ حوار بين الطرفَين على عكس الإعلام التقليدي الذي يكون فيه المتلقي سلبيًا لا تفاعلي.

• الانتشار: يتيح إعلام المواطن لكل شخص يملك أدوات بسيطة أن يكون ناشرًا يرسل رسالته إلى الآخرين، خصوصًا إذا كان في موقع الحدث، وبالطرق شتى (صورة، فيديو، تسجيل صوتي...).

• الحركة والمرونة: تتنقّل الوسائل الجديدة بسهولة مع المتلقي والمرسل أينما وُجدا، مثل الحاسوب المتنقل، وآلة الانترنت، والهاتف المحمول...

• الكونية: أصبحت بيئة الاتصال بيئة عالمية، تتخطى حواجز الزمان والمكان والرقابة, فما يحدث في مجتمع تجده يُعرض في مجتمع آخر في الوقت نفسه.

إنّ الهواتف المحمولة والذكية مكّنت عددًا كبيرًا من الأشخاص ممارسة مهنة الإعلام من خلال مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ولكن... الخطورة في هذه العملية تكمن في أنّ بعض الأخبار التي تُنشَر قد تكون، عن قصد أو عن غير قصد، غير دقيقة وغير مسؤولة، وخطيرة في بعض الأحيان، فتؤدّي إلى العبث بالأمن القومي وأمن المجتمع. وهذا ما نشهده كثيرًا في الآونة الأخيرة، ما يُحتّم على الجهات المعنية إصدار البيانات التوضيحية وتكذيب الشائعات.

من هنا تأتي بعض النصائح للمواطنين الذين يتحولون فجأةً إلى مراسلين، حتى من دون إدراك ذلك:

- إنّ نشر الإشاعة من دون التحقق منها يفقد الثقة بالإعلام وبالمؤسسات الرسمية، لذا فإنّ التأكد من المعلومة قبل نشرها وتداولها من شأنه حماية المجتمع وتحصينه ضد الإشاعات.

- يجب نشر ما من شأنه تعزيز المصلحة العامة والابتعاد عن التشهير والتجريح والإساءة المباشرة وغير المباشرة لأي شخص أو جهة من خلال النشر والتعليق.

- يجب التقيد بأخذ المعلومة والخبر من الجهات والمصادر الرسمية والموثوقة، والتحقق من مصادر المعلومة قبل تداولها ونشرها، والتصدي لمن يحاول استغلال المواقع في الإساءة للآخرين أو نشر أخبار مضللة ومغلوطة.

يمكنك أن تكون مراسلًا إعلاميًا حتى لو لم يكن هذا مجال تخصّصك، ولكن الأخبار ليست لعبة ولا وسيلة تستغلّها لاكتساب الشهرة على حساب الأمن والمجتمع وكرامة الأشخاص والمصداقية. فلا تعبث وتطلق الإشاعات، لأنّه ما من مستور إلّا وظهر، وسرعان ما ستنجلي الحقيقية!