حملة وطنية

الجهود الحثيثة حدّت من خطرها لكنه ما زال قائمًا
إعداد: باسكال معوض بو مارون

الحملة الوطنية التذكيرية: دمّرنا أكثر من 645 ألف لغم ونصف مليون عنقودية ونعد بأرضٍ نظيفة العام 2021

 

رعى قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلاً بعضو المجلس العسكري اللواء الركن نقولا مزهر في قاعة الاحتفالات في فندق مونرو حفل افتتاح «الحملة الوطنية التذكيرية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة»، التي نظّمها المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام بالتعاون مع مديرية التوجيه واللجنة الوطنية للتوعية من الألغام والمكتب الإعلامي العسكري التابع للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي.

 

الإفـتتاح
حضر الافتتاح ممثّل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي العميد طارق عبداللـه، ممثل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم العميد منير عقيقي، ممثل المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة العميد إيلي منسّى، ممثل المدير العام للجمارك شفيق مرعي العقيد أيمن ابراهيم، المدير العام لوزارة البيئة برج هاتجيان، المدير العام للإدارة في الجيش اللواء الركن عبد الرحمن شحيتلي، نقيب الصحافة محمد البعلبكي وعدد كبير من الضباط والشخصيات السياسية والإعلامية والأكاديمية.


كلمة العماد قهوجي
أكّد العماد قهوجي في كلمته التي ألقاها ممثله عضو المجلس العسكري اللواء الركن نقولا مزهر «التزام الجيش محو آثار الألغام والقنابل العنقودية التي خلّفتها الإعتداءات الاسرائيلية»، مشيرًا إلى «تنظيف نحو 55 في المئة من المساحات الملوثة بالألغام والذخائر والأجسام المشبوهة ونحو 70 في المئة من المساحات الملوثة بالقنابل العنقودية».
في مستهل الكلمة وجّه اللواء الركن مزهر «التحية والشكر باسم العماد قهوجي إلى جميع الذين أسهموا في تنظيم الحملة الوطنية التذكيرية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية، من الفريق الإعلامي التابع للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي الصديق، إلى وسائل الإعلام وشركات الإعلان الوطنية، إلى المنظّمات غير الحكومية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، والجمعيات الأهلية الناشطة في هذا المجال، والجامعات والمدارس وسائر الجهات والأشخاص الذين شاركوا في الإعداد للحملة، ماديًا ومعنويًا، آملاً في أن تشكّل هذه المبادرة بما ستتضمّنه من برامج إعلامية وتوجيهية مكثّفة وشاملة، إندفاعة جديدة نحو تحقيق مزيد من التقدم في مسار معالجة مشكلة الألغام والقنابل العنقودية وتداعياتها المستمرة على أكثر من صعيد».
وأضاف: «ليس بالأمر السهل على وطنٍ صغير كلبنان، مساحة وإمكانات، أن يعاني وجود كمٍّ هائل من الألغام والقنابل العنقودية على أرضه، نتيجة الأحداث الداخلية والاعتداءات الإسرائيلية عليه طوال عقود من الزمن، لكنّه ليس من المستحيل على الإطلاق التخلّص من هذه المشكلة، إذا ما توافرت الإرادات الصادقة والمسؤولية الوطنية والإنسانية، التي تفترض من الجميع التضامن والتكافل في مواجهة هذا العدو الخفي والقاتل الصامت. واليوم، ونحن نفتتح هذه الحملة، إنما نؤكّد التزامنا محو تلك الآثار، واستباق نتائجها، تلك النتائج التي تقف عائقًا في وجه مواصلة الكثيرين لأعمالهم اليومية، ومتابعة حياتهم العادية، وهذه حقوق طبيعية للناس جميعًا، خصوصًا بالنسبة إلى مواطنين يؤكّدون استمرار انتسابهم الى الوطن، واستعدادهم للحفاظ على إرث أهلهم، وحرصهم على الإنتقال بهذا الإرث الى الأبناء والأحفاد».
وتابع: «لقد انطلقت قيادة الجيش في معالجتها للمشكلة منذ مطلع التسعينيات، وبالتعاون مع المنظمات غير الحكومية وبعض الجيوش الصديقة والجمعيات الأهلية، عبر ثلاثة اتجاهات، العمل الميداني لنزع الألغام والقنابل العنقودية والأجسام المشبوهة، حملات التوعية والإرشاد التي شملت معظم المناطق اللبنانية، وخصوصًا في منطقتي الجنوب والبقاع الغربي، مساعدة المصابين من خلال إعادة تأهيلهم على المستويين الجسدي والنفسي. ونتيجة الجهود المتواصلة، تمّ لغاية تاريخه تنظيف نحو 55 في المئة من المساحات الملوّثة بالألغام والذخائر والأجسام المشبوهة، ونحو 70 في المئة من المساحات الملوّثة بالقنابل العنقودية، إضافة إلى تحقيق انخفاض سنوي ملموس في عدد الإصابات بين صفوف المواطنين، وهذا ما يعتبر إنجازًا باهرًا يسجّل لجميع الذين شاركوا في تنفيذ المهمة، قياسًا على الحجم الكبير للمشكلة، ومحدودية القدرات والإمكانات، لكننّا على ثقةٍ تامة بأنّه بالمتابعة الجادة لما أنجزناه، وبمزيد من العزم والصبر والتضحية والمبادرات الصديقة، قد نصل بعد بضع سنوات إلى نهاية هذا الطريق الشاق، وتعود أرض لبنان كما عرفها الآباء والأجداد واحة للأمن والأمان والاستقرار».
وختم: «أيها الاخوة الأعزاء، مبروك لكل واحد منكم جهده المبذول لإنجاح هذه الحملة المفعمة بالمعاني والدلالات الوطنية والإنسانية. واعلموا أن جهدكم هذا لن يذهب سدى، فهو في مكان وزمان ما، قد يسهم في منع سقوط ضحية أو أكثر، وبالتالي تجنيب أهلنا الكثير من المآسي والآلام والدموع.
مبروك للبنان إندفاع أبنائه لتلبية نداء الواجب، ومبروك للّبنانيّ، كما للشقيق والصديق، روح المحبة والتضامن السائدة بين الجميع، فبهاتين القيمتين الكبيرتين، ينتصر الوطن، وترتفع راية الإنسانية والسلام».

 

العميد الركن عضيمي
رئيس المركز العميد الركن عماد عضيمي أشار في كلمته إلى أن مشكلة الألغام والقنابل العنقودية في لبنان من «أصعب المشاكل الداخلية التي تؤثّر بشكل سلبي على الوضعين الاجتماعي والاقتصادي، وقد تسببت بسقوط الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح، وانحسبت هذه المشكلة على الحجر كما البشر فأعاقت التوسّع العمراني وعطّلت بناء البنى التحتية وأثَّرت سلبًا على الحركة السياحية والزراعية وغيرها...».
وعرض واقع المشكلة منذ العام 1990 وصولاً إلى عدوان تموز 2006 حيث خلّف العدو الاسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي، ملايين القنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة والأجسام المشبوهة، متعمدًا زرعها بشكل عشوائي على مساحات شاسعة ضمن المناطق الآهلة والزراعية، لتطال أطفالنا وأهلنا وتهدد سلامتهم وحياتهم اليومية.
وإذ أشار إلى «الجهود التي قام بها الجيش اللبناني لتحقيق البرنامج النموذجي لنزع الألغام الذي بدأه العام 1990»، تحدّث العميد عضيمي عن «عمل المركز المستمر في تنفيذ جميع الخطط والعمليات لنزع الألغام»، موضحًا أنه «تمّ لغاية اليوم تدمير أكثر من 645 ألف لغم و500 ألف قنبلة عنقودية وأكثر من 500 قنبلة طيران من كل الأراضي اللبنانية ناهيك عن عشرات آلاف الذخائر غير المنفجرة وتنظيف ملايين الأمتار من أي اثر للتلوّث بالألغام والقنابل العنقودية وقد أعيدت مئات العقارات إلى أصحابها حيث تمّ استثمارها في حقول شتى».
وقال: «مواكبة لهذا التعاون كانت فكرة إطلاق الحملة الوطنية التذكيرية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة، والتي تضاف الى ما سبقها من حملات ونشاطات بهدف رفع مستوى الوعي عند المواطن اللبناني لمواجهة هذه الأشباح الخفيّة بالوقاية والحذر، وكذلك لتسليط الضوء على مشكلة المصابين وعائلاتهم، وعرض الإنجازات المنفّذة، وإبراز الدعم المشكور لمنظمة الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها والاتحاد الأوروبي والدول الشقيقة والصديقة».


العميد ناصيف
قائد فوج الهندســة العميــد إيلي ناصيــف تحدّث عن مشاركة الفوج الذي يعمل إلى جانب مهمـات دعم القتــال الهنــدسي المنوطة به في عمليات نزع الالغام لأهــداف انسانية والتي تنفّذ عادة عند انتهاء الحروب والاعمال العسكرية، وتتضمّن توعية المواطنين ودرء الأخطار عنهم ومساعدة الضحايا وتأهيلهم لإعادة انخراطهم في المجتمع.
وإذ أشــار إلى أفضليات العمــل في نزع الالـغـام وأهم قدرات الفوج ووسائله الحالية، عرض العميد ناصيف أهـم النشاطــات التي نفّذها، ومنهــا كشــف وتنظيـف جميـع البقـع الملغومــة من الوسـط التجــاري لبيروت تسهيلاً لإعادة الاعمار، والمواقـع الأثريــة والأماكن السياحية والأماكن ذات الطابع الديني والتربوي والمحميات، والمرافىء والمرافق العامــة مع فتح المحــاور والطرقات، ونـــزع الألغــام لمواكبــة عملية اعادة المهــجرين إلى قراهــم، ومواكبــة أعمــال إعـادة بسـط سلطــة الدولة على المناطق التي كانــت تحت سيطرة الأحزاب أو الميليشيـات وتـلك التي كانت محتلّة من قبل العــدو الإسرائيلي في الجنوب والبقاع الغربي، إضافة إلى مواكبـة أعمـال اللجنة المكلفة ترسيـم الحدود الجنوبيــة، والمشــاركة بأعمـال التوعية وتسليم أراضٍ وعقارات منظّفــة من الألغـام وبقايـا الحروب إلى السـلطات المعنية أو الى اصحابها المستفيدين.


المقدّم بو مارون
بعدهــا كانت كلمــة للمقدّم بيار بو مارون رئيس المركز الإقليمي للأعمال المتعلّقة بالألغــام، عــرض خلالهــا أرقــامًا حول المساحات المنظّفــة من الألغــام التي وصلت نسبتهــا إلى 53 في المئة أي حوالى 94 مليون متر مربّع، والأخــرى المـلوّثـة بالقــنابل العنقوديــة والتي وصلت نسبتهــا إلى 68 في المئــة أي حـوالى 56 مليون متر مربّــع، والمـوزّعــة بين أراضٍ زراعية وبنى تحتية ومناطق سكنية وأخرى طرق ومحاور رئيسة وأراضٍ جرداء.
ووعد المقدّم بومارون بـ«لبنان خالٍ من القنابل العنقودية بعيد العام 2016 ومن الألغام ومخلّفات الحرب المتفجّرة العام 2021».
ثم عدّد الشركات المحليّة والدولية التي تشــارك في عمليــات إزالة الألغـــام وشــرح كيفــية تناقص عدد الضحايا بشكــل مطّرد منذ عــدوان تمّــوز 2006.


كلمات أخرى
ختامًــا، كانــت كلمات للمديرين الإقلـيميــين للجمعيــات والمنظّمات غير الحكوميــة العاملــة في نزع الألغــام، تمّ التركيــز خلالهـا على الجهود التي تبذل مــن أجل الحصول علــى أفضـل النتائــج المرجوة منها.
عضو «اللجنــة الوطــنية للتــوعيــة من مخاطــر الألغــام» السيد أحمــد رمضــان، كانــت له كلمــة نــوّه فيها بالشراكــة والتكامــل بين القطاعيــن الرسمـي والأهلــي والمـركـز الوطنــي، للوصول إلى وطن خالٍ من الألغــام والقنابــل العنقوديــة، وتمنّى السلام والأمان للجميع.
كـمـا قدّمــت السيدة زهرة جمعة المصابة بإعاقة دائمة من جـراء انفجار قنبلة عنقودية شهادة حيــاة عـن تجربتــهــا مع عالم الإعاقــة ورحلتهـا الطويلة مع الآلام والعــلاج وتصميمــها على متابعــة الحياة بشكل شبه طبيعي على الرغــم من كل الصعـوبات.
وفي ختــام الحفل جرى عرض أفلام وثائقية عــن المراحل والخطوات التي تمّت على هذا الصعيد، ثم اقيــمت مأدبة عشــاء.


نشاطات الحملة
الحملة الوطنية التذكيرية للتوعية من مخاطر الألغام والقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة التي انطلقت في 23 نيسان الماضي واستمرّت مدة 5 أيام متواصلة، تضمّنت فيلمًا وثائقيًا أعدّه المؤهل الأول شربل نصر (من مديرية التوجيه) عن الألغام والقنابل العنقودية تمّ عرضه على محطات التلفزة وفي دور السينما؛ كما تمّ التنسيق مع وسائل الإعلام لتخصيص وقت لمقابلات مع ضبّاط من المركز اللبناني وفوج الهندسة وكان أولها مع تلفزيون الـLBC في برنامج «نهاركم سعيد» مع العميد الركن إيلي ناصيف، وحديث إذاعي لإذاعة النور مع العقيد رولي فارس، ومقابلات مع المقدّم الإداري ماري عبد المسيح في محطات OTV وMTV وTL. وضمن برنامج «اليوم غدًا» شارك المقدّم بيار بو مارون في ندوة عن الموضوع عينه، وفي «الأسبوع في ساعة» تحدّث النقيب شربل نجيم، فيما كان النقيب ابراهيم شرقاوي ضيف تلفزيون المنار في فترته الصباحية.
كما عرضت مسرحية توعية للأطفال في العديد من المدارس؛ وألقيت محاضرات توعية من مخاطر الألغام في الجامعة اللبنانية بمختلف فروعها وفي جامعات الأنطونية، واللبنانية - الكندية، واللبنانية العالمية، تضمّنت تعريفًا بأهمية برامج التوعية التي تسهم بخفض أعداد ضحايا المواطنين الناجمة عن انفجارها نتيجةً لعدم العلم بوجودها أو للتصرفات والمفاهيم الخاطئة.
من جهة ثانية جرى تسليم أراضٍ وحقول منظّفة لأصحابها في مناطق سوق الغرب وتولا البترون، وفي حاروف والشرقية في قضاء النبطية، وآخر في مدينة النبطية، وفي القنطرة - مرجعيون، وفي تبنين - بنت جبيل.
وعلى حواجز الجيش في مختلف المناطق وفي حرم الجامعات والمدارس، تمّ توزيع نشرات توعية للمواطنين ولصق لافتات على الجدران، كما انتشرت ملصقات ومنشورات التوعية على اللوحات الإعلانية.
وفي السياق نفسه، وصلـت خلال الأيام الأربعة للحملة رسائل توعية من مخاطر الألغام، عبر الهواتف النقّالة إلى حوالى 52 ألف مشترك.