أبواب مفتوحة

الجيش لمواطنيه كل يوم...
إعداد: باسكال معوّض بومارون

الأخبار التي وردت صباح الأحد ٢٥ آب من ضاحية بيروت الجنوبية جعلت الكثيرين يرددون عبارة «الله يستر». كان القلق مشروعًا نسبةً إلى تاريخ العدو الاسرائيلي. لكنّ المواطنين حسموا الشك بيقين الثقة بجيشهم فتدفّقوا إلى ثكنة بنوا بركات في صور، ليس من الجنوب فقط، بل من عدة مناطق. فما الذي كان ينتظرهم هناك؟

 

«الثكنة إلك اليوم... والجيش إلك كل يوم». يختصر هذا العنوان رسالة أساسية تضمّنها اليوم المفتوح الذي نظمته قيادة قطاع جنوب الليطاني برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون. غير أنّ هذا اليوم كان مفتوحًا لأكثر من رسالة أساسية، فهو كان مفتوحًا للشراكة بين الجيش واليونيفيل والمواطنين. والنشاطات الكثيرة التي حفل بها صبّت في هذا الاتجاه بوسائل مختلفة، وسمحت للمواطنين باختبار نواحي متنوعة من حياة العسكر، وبمعرفة أكثر لعالمهم. كما أنّه كان مفتوحًا لعلاقة أكثر عمقًا بين الجيش والمواطنين يعبّر عنها دوره الاجتماعي التثقيفي.
 

الفكرة والأهداف
تم التركيز على أن يكون هذا اليوم أكثر من مجرد فرصة للأهالي للدخول إلى الثكنة والتعرف إلى عتاد الجيش واليونيفيل وعملهما المشترك وتفاعل الثقافات نتيجة تنوّع جنسيات قوات الأمم المتحدة. فقد برز الحرص على تضمين هذا اليوم رسالة توعية هادفة ترتبط بالبعد الاجتماعي التثقيفي الذي يقوم به الجيش. من هنا تم التخطيط لثلاثة أنواع من النشاطات اشتركت فيها وحدات الجيش واليونيفيل وجمعيات أهلية ومدنية.
 

النشاطات الثقافية
شملت النشاطات الثقافية عروضًا فنية فولكلورية وتذوّق الطعام التقليدي ومحاضرات توعية. وتنوعت العروض فعرّفت الزائرين إلى الفنون والفولكلور في كوريا وإيطاليا وماليزيا وإندونيسيا والصين وغانا وإيرلندا، فضلًا عن الفولوكلور اللبناني. وفي السياق نفسه تذوّق المشاركون ألوان الطعام في مطابخ القوى المشاركة في اليونيفيل وإلى جانبها أطايب المطبخ اللبناني.
وشملت محاضرات التوعية مخاطر الألغام والقنابل العنقودية والمخدرات والسلامة المرورية كما أضاءت على القرار ١٧٠١ ونشاطات اليونيفيل.
كما تنافست فرق رياضية مدنية محلية وفرق من وحدات الجيش واليونيفيل، في سباق السرعة وكرة السلّة المصغرة، وشد الحبل وقلب الإطارات ... وقُدمت عروض رياضية منوعة.
 

النشاطات العسكرية
انقسمت النشاطات العسكرية بين عروضٍ ثابتة وعروض تدليلة على شكل مناوارات صغيرة، ونشاطات ترفيهية شارك فيها المدنيون.
في العروض الثابتة تعرّف المشاركون إلى أسلحة وآليات للجيش واليونيفيل. وفي العروض التدليلية شاهدوا عدة مناورات نفذتها قوى من الطرفين.
أما النشاطات العسكرية الترفيهية فتضمنت سباق حواجز وجولة هوائية للأطفال Pulley وRappel.
أما وحدات الجيش المشاركة: القوات البحرية، لواء المشاة الخامس، لواء المشاة السابع، فوج التدخل الخامس، فوج المضاد للدروع، المكتب الوطني للأعمال المتعلقة بالالغام وفوج الهندسة.

 

الحضور
استُهلّ اليوم المفتوح باحتفال حضره، إضافة إلى ممثل قائد الجيش اللواء الركن ميلاد إسحق، النواب ميشال موسى، علي بزي، ياسين جابر، وعناية عز الدين، رئيس البعثة الدولية في لبنان بالوكالة عمران ريزا ممثلًا قائد الـيونيفيل اللواء ستيفانو دل كول، قائد الـيونيفيل بالوكالة العميد فريدريك بوشيه، قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن روجيه الحلو وحشد من قادة الوحدات الدولية المشاركة في الـيونيفيل، وضباط من الجيش وشخصيات بلدية وروحية وتربوية وفعاليات من المنطقة.


في احتفال الافتتاح
• أكّد اللواء اسحق أنّ ثقة المواطنين بالجيش تستدعي منه اليقظة الدائمة والاستعداد لمواجهة أي طارئ وأشار إلى أن حفظ أمن لبنان واللبنانيين، لاسيما في الجنوب، يعود في جزء كبير منه إلى دور القوات الدولية وتحلّي قيادتها وعناصرها بالحكمة والوعي والمسؤولية وتمسّكهم بشرف المهمة التي أُوكلت إليهم.
• ألقى العميد بوشيه كلمة القائد العام لليونيفيل، فاعتبر أن اليوم المفتوح يشكّل فرصة لتسليط الضوء على التعاون الوثيق واليومي بين اليونيفيل والجيش اللبناني خدمة للسلام والاستقرار، لافتًا إلى أن النشاطات المشتركة بين الطرفين تمثل اليوم أكثر من عشرين في المئة من نشاطات البعثة العملانية للأمم المتحدة في لبنان.
• وزير الدفاع الياس بو صعب الذي حضر لاحقًا تحدث، عن الإقبال الكثيف للأهالي، مشيرًا إلى أنّ «ما نراه اليوم طبيعي»، مثمّنًا الشراكة بين الجيش اللبناني واليونيفيل، خصوصًا وأنّ هذه الأخيرة قامت بجهودٍ كبيرة وحقّقت نتائج ملموسة على الأرض على الصعيد الإنمائي والثقافي والطبي والتربوي، وهو ما جعل أهالي الجنوب يقدّرون عملها.
 

ماذا يقول المنظّمون؟
من جهته تحدث العميد الركن الحلو إلى مجلة «الجيش» عن التحضيرات التي سبقت الحدث وقال: «إنّ التحضير لإقامة هذا اليوم بدأ منذ حوالى الشهر حيث تشكّلت لجان عملت بحرفية عالية لتستقبل الثكنة اللبنانيين في «بيتهم العسكري» جنبًا إلى جنب مع اليونيفيل، وتعاونت مع المجتمع المدني الذي قدّم عددًا من المساعدات العينية لإنجاح هذا الحدث الاستثنائي».
وأضاف: «إنّ التوعية من الآفات الخطيرة كالسرعة والمخدرات والألغام، والتشجيع على الرياضة والثقافة والترفيه الآمن، لا تقلّ أهمية عن الهدف الأساسي لهذا اليوم، ألا وهو تحديد الرسالة المشتركة مع القوات الدولية وإظهار التنسيق التام ومدى تمسّك الطرفين بالشراكة».
وأشار إلى أنّ «اللبنانيين يحبون جيشهم ويسعون دائمًا للتعرّف إليه عن كثب والتقرّب منه، وهو ما قدّمناه لهم في هذا اليوم وقد تعاونت معنا قيادة اليونيفيل بشكلٍ كامل من خلال الدول الـ٤٤ التي تشارك فيها».
وأشار السيد ريزا إلى «نوعين من الشراكة، الأولى استراتيجية تشكّل دعامة العلاقة بين الجيش اللبناني والـيونيفيل، أما الثانية، فبين الأهالي واليونيفيل. وما يحصل اليوم هو خير دليل على مدى متانة هذه الشراكة، وفرصة ليفهم الجميع ماهية عمل الطرفين وطريقة تعاونهما وشراكتهما».
ووصف الجنرال بيشوتا هذا النهار بـ«الرائع» وقال: «نحن هنا اليوم لإظهار قدراتنا، من دون استعراض قوى بل من خلال الانصهار مع محيطنا». مضيفًا، «هو نشاط لإظهار ليس فقط قدراتنا العسكرية بل أيضًا القدرات الإنسانية لجنودنا من خلال استقبالنا وابتسامتنا».
 

فعلها معاليه
تهافت الأهالي إلى الثكنة منذ الصباح الباكر، انتشروا في ساحاتها حيث كانت بانتظارهم مفاجآت عديدة. كبار وصغار اندفعوا إلى آليات الجيش فتسلقوها وعانقوا الجنود، بعضهم تخيّل نفسه مرتديًا البزة يقود الدبابة يومًا ما. وجميعهم احتفظوا باللحظات الجميلة في صور. المناورات والألعاب جذبت اهتمام الجميع، البعض اختبروا مغامرة النزول على الحبل، ومن بينهم وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب الذي رأى فتاة صغيرة تخوض المغامرة، فحذا حذوها...
المتعة نفسها اختبرها السيد فارس وزوجته اللذان شاركا بدافع حبهما للجيش. فهو كان وسيبقى صاحب المكانة الأولى في قلبنا، يقولان. وإذ يشكرانه على النشاطات الترفيهية، يثمّنان النشاطات المتعلقة بالتوعية.
الأسلحة والمعدات المعروضة استقطبت الاهتمام بشكل لافت، كذلك الأمر في ما يتعلق بالنشاطات الرياضية ومنصات التوعية.


جولة في العالم
شملت الاستعراضات التي قدمتها فرق من اليونيفيل فنونًا عديدة، من الرقص والموسيقى والأناشيد إلى الفنون القتالية. «شعرنا أننا نجول العالم في لحظات» تقول السيدة حداد التي اعتبرت اليوم المفتوح حدثًا فريدًا استمتعت به العائلة بأكملها.
«منحب الجيش كتير كتير، واليوم انبسطنا كتير بالرقص والموسيقى والأكل الطيب» يقول الطفل رامي الذي غمر في لفتة عفوية الجندي الذي يقف بقربه. أما شقيقته فعبّرت عن فرحها رقصًا على وقع الموسيقى.
السيدة سميرة الآتية من بلدة الزرارية مع أطفالها الأربعة تشيد بالتنظيم الدقيق الذي أتاح للجميع المعرفة والتسلية وتقول: «الجيش واليونيفيل يساندوننا دومًا».
اليوم نحن في ضيافتهم وقد أظهروا كرمًا ولطفًا كبيرين وأدخلوا الفرح والسعادة إلى قلوب أولادنا».

تصوير: الرقيب جورج فريحة