- En
- Fr
- عربي
معرض
في ظل التحديات التي يواجهها لبنان، يبرز الجيش اللبناني كرمز للوحدة والأمل، ليس فقط من خلال دوره العسكري، بل أيضًا عبر مشاركته الفاعلة في المناسبات الوطنية والاجتماعية. في المعرض الميلادي Christmas In Action الذي حمل هذه السنة عنوان Light of Hope، كان للجيش حضورٌ مميّـز من خلال المنشورات والمطبوعات الصادرة عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه. كما جرى خلال المعرض التعريف بالمؤسسة العسكرية وشروط التطوع فيها، إلى جانب توعية المواطنين حول مخاطر الألغام والقنابل غير المنفجرة، والأبرز أنّه نشر، من خلال مشاركته، الشعور بالأمان والطمأنينة في نفوس الزائرين والمشاركين.
انطلق معرض Christmas In Action منذ نحو 14 سنة بمشاركة متواضعة من ١٨ حِرَفيًا لبنانيًا، وأخذ يتطور تدريجًا، ليصبح حدثًا شاملًا. زاد عدد المشاركين، وأُضيف سوق الطعام، كما استُحدثت مساحة خاصة بالأطفال، ثم أُدرج البرنامج الموسيقي الاحتفالي المتنوع الذي يمتد طوال فترة المعرض... فقرات ونشاطات أُضيفت على مراحل، حتى وصل المعرض إلى مستواه الحالي إذ بات يضاهي القرى الميلادية الشهيرة في عدد من العواصم العالمية.
خلال هذا العام، جرى التحضير للمعرض في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان، من هنا جاء اختيار عنوان Light of Hope ليجسّد التحدي والإصرار على نشر الأمل وسط الأزمات.
استقبال مميز
فور عبور الباب العريض للـ Forum De Beyrouth حيث أقيم المعرض، تستقبلك وجوه باسمة ترتدي البزّة العسكرية، تعكس التزام الجيش اللبناني بمهمته السامية في حماية المواطن والسهر على راحته. الفارق هنا أنّ التنفيذ يتخذ طابعًا مختلفًا عن الميدان، لكنه يحافظ على جوهر المهمة: نشر الأمل وبث الطمأنينة بين الزائرين.
يتعرّف الزائرون على المؤسسة العسكرية وعلى أبرز الشروط للتطوع فيها. واللافت كان إبداء العديد من الشباب، ذكورًا وإناثًا، رغبتهم في التطوع في الجيش إذ كانوا يستفسرون بحماسةٍ عن كل التفاصيل المتعلّقة بهذا الشأن. أحدهم قال مبتسمًا فيما كان يطّلع على شروط التطوع في الكلية الحربية: «كنت من المشاركين في مخيم الكلية الحربية لطلاب المدارس وحللت في المرتبة الأولى. من الممكن جدًّا أن أرتدي البزة العسكرية يومًا ما».
هدايا رمزية بمعانٍ وطنية
إلى جانب التعريف بالمؤسسة، عرض الجيش اللبناني مجموعة من الكتب والمطبوعات الصادرة عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه وبعض الأغراض والأصناف التي تحمل شعاره، متيحًا للزائرين شراء هدايا رمزية تحمل قيمة معنوية كبيرة. وشهد جناحه إقبالًا لافتًا من الأطفال والشباب الذين تهافتوا لاقتناء قبعات ملوّنة بالأحمر، الأبيض، الأسود، والمرقّط، وجميعها مزيّـنة بشعار الجيش. كما حظيت المفكرات، الصغيرة منها والكبيرة، باهتمام الحضور لا سيما بين الراغبين في تقديم هدايا عملية لأصدقائهم وزملائهم. وكذلك استقطبت المعروضات الأخرى المتنوعة مختلف الأذواق والفئات العمرية. توضح غرايس إحدى الزائرات، أنّها تتوجّه كل عام مباشرة إلى جناح الجيش خصيصًا لشراء مفكرة جديدة، وقالت: «أنتظر هذه المفكرة من عام إلى آخر لاستخدامها في عملي.» من جهتها، عبّرت أمال عن إعجابها بحضور الجيش في هذا الحدث، مؤكدة: «من الرائع جدًا رؤية الجيش يقف جنبًا إلى جنب مع المواطنين.»
التوعية حول مخاطر الألغام
لم يغِب موضوع التوعية عن Christmas In Action، فبعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، برزت الحاجة الملحّة لتوعية المواطنين حول مخاطر الألغام والقنابل العنقودية والذخائر غير المنفجرة. لذلك، شارك عسكريون من المركز اللبناني للأعمال المتعلقة بالألغام في المعرض، حيث عرضوا نماذج حقيقية من هذه المخلفات، بعد التأكد من نزع المواد المتفجرة منها، بهدف تعريف الزوار بأشكالها وطرق الوقاية من خطرها.
أبدى الزوار اهتمامًا كبيرًا، وطرحوا العديد من الأسئلة حول كيفية التعرف على هذه المخلفات والتعامل معها. أحد الأسئلة تمحور حول ما يُعرض في المسلسلات من أن الألغام لا تنفجر فور لمسها، بل بعد إزالة الثقل عنها. أوضح الخبراء أن هذا الأمر غير دقيق، وأن الألغام تنفجر عند الضغط عليها مباشرة. وسأل أحدهم عمّا إذا كان الجيش اللبناني يستخدم هذه الألغام والقنابل، فجاء الرد بأنّ المؤسسة العسكرية تلتزم الاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد، وتعمل بجدية على إزالتها والتوعية من مخاطرها.
…حول مشاركة الجيش في المعرض
أوضح العميد حسين غدار مدير التوجيه في مقابلة أجرتها معه المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI أنّ الأهداف الكامنة في المشاركة الثانية للجيش في المعرض الميلادي Christmas In Action هي أولً عرض المنشورات والمطبوعات الصادرة عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه، من مجلة الجيش ومجلة الدفاع الوطني اللبناني إلى صدى الثكنات. كما هدفت هذه المشاركة إلى توعية المواطنين حول خطر القنابل والذخائر غير المنفجرة من مخلفات العدوان الإسرائيلي على لبنان. من ناحية أخرى، فإنّ تشجيع الشباب اللبناني للانتساب إلى المؤسسة العسكرية هو أيضًا أحد الأهداف المنشودة. وقد أشار العميد غدار خلال المقابلة إلى فتح باب التطوّع للراغبين في النتساب إلى المؤسسة العسكرية بصفة ضباط اختصاصيّين في مجالت الطب والصيدلة والهندسة، إضافةً إلى رتباء وجنود متمرّنين، إذ أعلنت وزارة الدفاع الوطني – قيادة الجيش عن حاجتها إلى ذلك.
في الختام، أكّد العميد غدار أنّ المهمات التي ينفّذها العسكريون نابعة من واجب وطني يتجسّد في حماية لبنان واللبنانيين، رغم صعوبة الظروف والتحديات التي يواجهها الوطن.
عتاد خاص ومميّز
إلى جانب الذخائر المعروضة، يتضمّن جناح الجيش بزّات عمل تختلف عن الزي العسكري التقليدي، وأعتدة غير مألوفة. هي بزات وأعتدة خاصة بفوج الهندسة، يستخدمها في أثناء التعامل مع العبوات والذخائر والقنابل غير المنفجرة، وقد جاء التركيز عليها من وحي المرحلة إذ يعمل الجيش حاليًا على تنظيف المناطق من الألغام والذخائر غير المنفجرة التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على لبنان. من أبرز المعروضات، بزة خبير المتفجرات التي تزن نحو 49 كيلوغرامًا مع خوذة للرأس وزنها 6 كيلوغرامات، وتُستخدم عند الحاجة للتدخل في التعامل مع العبوات الناسفة والمتفجرات. هناك أيضًا بزة متحسّس الألغام الزرقاء التي تُرتدى فوق البزة العسكرية العادية، يستعملها العسكريون في عمليات نزع الألغام مصحوبةً بآلة «متحسّسة الألغام» التي تطلق استشعارات عند وجود معادن تحت الأرض فيتدخل الخبير يدويًا لينزع اللغم.
في إحدى الزوايا، توقفت لوري ابنة السبع سنوات أمام طائرة Drone يستخدمها فوج الهندسة للتصوير والاستطلاع من مسافات بعيدة. من جهتها، عبّرت بريسيلا عن انبهارها بالروبوت ذي التحكّم عن بُعد الذي يُستخدم أيضًا للتعامل مع العبوات.
بالإضافة إلى ما تقدّم، عرض فوج الهندسة قذيفة من عيار 155 ملم، مدفع مياه لخلخلة العبوات، وماكينة الأشعة X-ray المستخدمة لتصوير مكونات العبوات والأجسام المشبوهة. وقد شدّد الفوج على عدم لمس المواطنين أي جسم غريب يرونه وإنّما التبليغ عنه.
الأمل على وجوه الجميع
تؤكّد المديرة المؤسسة في In-Action Events السيدة سينتيا وردة أنّ الهدف المنشود من المعرض قد تحقّق، وتقول: «كنا نرى الارتياح والفرح في وجوه الزائرين لمعرفتهم أنّه أصبح بإمكانهم التوجه إلى مكان واحد يستطيعون فيه أن يقضوا وقتًا ممتعًا ويتسوّقوا ويشاهدوا العروض معًا كعائلة واحدة، مهما كانت أعمار أفرادها». وتضيف أنّ هذه الأجواء الإيجابية انعكست حتى في أثناء انتظار الزائرين في الطوابير للوصول إلى وجهتهم.
كان التحدي الأكبر بحسب السيدة وردة في اتّخاذ القرار بإقامة المعرض بعد العدوان المدمّر الذي شهده لبنان. وتقول: «من بعدها، سار كل شيء بسلاسةٍ رغم صعوبة العمل الذي كان ينتظرنا. كان علينا تأكيد مشاركة الحِرفيين والبائعين، بناء القرية الميلادية من الصفر، وحجز الفرق الموسيقية المتنوعة من حانات بيروت ومحيطها». والجدير ذكره، أنّ موسيقى الجيش كانت حاضرة بألحانها العذبة في حفل افتتاح المعرض واختتامه، عازفةً أجمل الأغاني الوطنية والترانيم الميلادية، تشدو فيها ألحان الأمل والفرح اللذين كانا باديين على وجوه الحاضرين في أثناء تفاعلهم مع المؤدين والعازفين، معبّرين عن حبّهم وامتنانهم للمؤسسة العسكرية.
وتضيف أنّ جميع المعروضات حملت توقيعًا لبنانيًا، سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة مع إضافة لمسات لبنانية عليها. كما أنّ البرنامج الفني المرافق كان متنوعًا ليرضي جميع الأذواق من مختلف الفئات العمرية. وجدير بالذكر أنّ النقل التلفزيوني اليومي والمباشر أسهم في نقل الأجواء إلى المشاهدين في بيوتهم، ما سمح لأكبر عدد ممكن من اللبنانيين بعيش أجواء عيد الميلاد الفرِحة سواء في الفوروم أم في منازلهم كما تؤكّد السيدة وردة، التي أثنت على ثقة المموّلين بهم ودعمهم ماديًا ومعنويًا.
عمل بلا كلَل
من جانبه، يؤكد مدير In-Action Events جو حرب أنهم عملوا جاهدين لجعل المعرض أشبه بقرية تتضمن كل ما تحتاجه العائلات لقضاء وقت ممتع. ويشير إلى أنّهم تعاملوا مع العديد من المحلات والعارضين الجدد هذا العام لتقديم تنوع وتطور عن المعارض السابقة. إلى ذلك، يقول مؤكدًا: «لم ننسَ الأطفال الذين كان لهم منطقة خاصة بهم، تمتد على مساحة نحو 3500 متر مربع، فيها نشاطات وألعاب مصمَّمة لتسمح للأهل بالبقاء مع أولادهم من دون أن يملّوا».
من الناحية الاقتصادية، يوضح السيد حرب أنّ عدد العارضين تجاوز الـ 150، وأنّ العائلات المستفيدة ماديًا من المعرض، بشكلٍ مباشر وغير مباشر، تفوق 1500 عائلة، بما في ذلك التجار، مقدمو الخدمات، المعلنون، الإعلاميون، والنجّارون الذين بنوا القرية. ويضيف: «هذا العمل المشترك عاد بفوائده المادية والمعنوية على الجميع، ورؤية البسمة على وجوه أكثر من 100 ألف زائر قصدونا تؤكد نجاحنا في تحقيق هدفنا». كذلك، يشير إلى أنّ الجهات الراعية للمعرض كانت عمليًا شريكةً فيه، حيث تم تبادل الآراء والأفكار بهدف الوصول إلى أفضل صورة للمعرض. كما أن اختيار العارضين خضع لمعايير تضمن أسعارًا مدروسة وتناسق الأصناف مع فكرة المعرض.
ونوّه السيد حرب بمشاركة الجيش اللبناني، مؤكدًا أنّ وجوده في المعرض يمنح الأمان والثقة. وأوضح أنّ التنسيق مع المؤسسة العسكرية بدأ قبل بدء المشروع للتأكد من بعض التفاصيل وإمكان تنفيذه في ظل الظروف الراهنة. إلى ذلك، لفت حرب إلى الحداثة التي تميّز بها الجناح الخاص بالجيش، الأمر الذي يعكس مدى تطوره من مختلف النواحي وخصوصًا لناحية العتاد والتوعية.
في معرض Christmas In Action، أسفر التنسيق المثمر بين المنظّمين والجيش عن تقديم تجربة فريدة تعكس روح التعاون والتضامن في المجتمع اللبناني، ما أتاح للزوار فرصة الاستمتاع بالنشاطات المتنوعة والشعور بالأمان والطمأنينة.