دورة تدريبية

الجيش يدرّب اليونيفيل على كشف منتحلي الشخصية والتحقق من الوثائق
إعداد: جان دارك أبي ياغي

نظّم المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية، بالتنسيق مع مشروع دعم هولندا للوكالات الحدودية الهولندية المنفّذ من قبل المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في بيروت (ICMPD)، دورة بعنوان: «منتحلو الشخصية والوثائق» Imposters and Documents (ID) Course تابعها عسكريون من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في مقرّها – الناقورة.


تُعتبـر هذه الدورة ثمـرة جهود مشتركة بين الجيش اللبناني والشرطة العسكرية الملكية الهولندية وهي دورة تأسيسية موجهة خصيصًا للعاملين في السلك العسكري. تهدف إلى تزويد المشاركين المهارات التي تمكّنهم من رصد منتحلي الشخصية وتحديدهم بسرعةٍ ودقة، والتأكّد من صحة المستندات (جوازات السفر، العملات النقدية، الهويات، إلخ).
 

أهمية الدورة
أهميـة الدورة وفـق ما يرى رئيـس المركز العقـيد الركن محمـد العفّـي هي أنّهـا تعكــس مـرة أخـرى التـقـدّم الحقيـقي المحـرز في مجال التدريبات التي يقدمها الجيش اللبناني. وهي تمكّن الجنـود الذين يقفـون على المعابـر الحدودية البرية من ضبط الأشخاص المشتبه فيهم أو منتحلي الصفة، والتحقق من الوثائق الموجودة بحوزتهم (عملات ، هويات، أو أي مستند آخر).
تابع العاملون في المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية دورات في كشف التزوير في لبنان وهولندا، وهم مدرِّبون معتمدون في مجال أمن الوثائق، ولديهم خبرة عالية في هذا المجال.
 

برنامج التدريب
يشير العقيد الركن العفّي إلى أنّ السفارة الهولندية هي بمثابة الراعي لنشاطات المركز إذ قدّمت هبة قدرها مليون و800 ألف يورو لتطوير قدراته. وهو يعتبر هذه الدورة سابقة في التعاون الدولي في لبنان، إذ إنّها المرة الأولى التي يوظّف فيها مدرّبو الجيش اللبناني المواد والمهارات التي طوّرتها هولندا من خلال مشاريعها، لتقديم التدريب لزملائهم في اليونيفيل.
بعد أن لاقت الفكرة قبولاً من قيادة الجيش وقيادة اليونيفيل، وضع الجانبان برنامجًا للدورة تحدث عنه رئيس فريق التدريب الرائد حسن حركه (حائز شهادة خبير في أمن الوثائق ومنتحلي الشخصية من الوكالة الأوروبية للحدود وخفر السواحل (Frontex) والشرطة الملكية الهولندية)، فأوضح أنّه تضمّن موضوعين أساسيين: منتحلو الشخصية وأمن الوثائق، أما مدة الدورة فكانت ثلاثة أيام.
يتعلق الموضوع الأول بالأشخاص الذين يستفيدون من الأوراق الثبوتية لشخصٍ ما (جواز سفر، رخصة قيادة، هوية...) ليتحوّلوا إلى أشخاص يشبهون أصحاب المستند، هؤلاء يُسمّون منتحلي الشخصية. يتمّ تدريب هذه المادة من خلال تمارين تركز على دراسة السبب الرئيس لانتحال الشخصية. بعدها يتمّ التدريب على الموضوع الثاني وهو أمن الوثائق، وذلك من خلال دراسة المستند بحد ذاته (سواء كان جواز سفر، أو هوية في حالة العمال الأجانب، أو أختام دخول وخروج). كما تتضمن الدورة التدريب على بعض التقنيات الأساسية التي تسهّل على العنصر الأمني إجراء التدقيق الأولي الميداني للوثائق، باستخدام وسائل ومعدات محدودة وبسيطة (العين المجردة أو المعدات التي بحوزة فوج الحدود البرية) لكشف المشاكل المتعلقة بالمستند. وفي حال وجود شبهة، يقوم العنصر بتبليغ المعنيين لإجراء المقتضى، فهو غير مخوّل البتّ بأمر الوثيقة.
 

آلية التدريب
لحماية الوثائق القيّمة من أي عملية تزوير أو سرقة أو سوء استخدام، يدخل في تصنيعها ما يُسمى بالعلامات الأمنية، وهي العناصر التي تجعل من الصعب التلاعب بالوثيقة أو نسخها. تختلف هذه العلامات وفق نوع الوثيقة، فكلما زادت قيمتها احتوت عددًا أكبر من العلامات الأمنية الأكثر كلفة وتعقيدًا.
وقد تعرّف المتدرِّبون في الدورة إلى هذه العلامات فضلاً عن التعرّف إلى المواد الأولية المستعملة في صناعة الوثائق ومراحل طباعتها، وكل ما يجب معرفته من قبل الشخص الذي يفحص المستند.
تمّ تطوير جميع المواد التدريبية المستخدمة خلال الدورة من قبل الفريق التدريبي لدى الجيش اللبناني وبدعمٍ من المشروع الهولندي. كما تمّ تقييم جميع خطط الدروس والموافقة عليها من قبل الشرطة العسكرية الملكية الهولندية، وهي الجهة الخبيرة الأساسية في مجال أمن الوثائق في أوروبا، ما يضمن التزام المواد التدريبية المعايير الدولية.
وانطلاقًا من إيمان المركز بأهمية إعداد مدرِّبين رتباء وليس فقط ضباط، تولّى التدريب فريق ضم ضباطًا ورتباء.
 

المتابعون
تابع الدورة 15 عنصرًا من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) من رتبة مؤهل إلى رتبة مقدّم (ضباط تابعون للشرطة العسكرية ومسؤولون عن مختبر الأدلّة الجنائية في بلدانهم)، وهم يمثلون تسع دول: إسبانيا، إيطاليا، فرنسا، البرازيل، الفيليبين، إندونيسيا، سيريلانكا، تانزانيا، ولبنان.
ويشير الرائد حركه إلى أنّ المميز في هذه الدورة هو أنّها المرة الأولى التي يقف فيها عناصر من الجيش اللبناني (مهما كانت رتبهم) أمام الأجانب لتدريبهم وتلقينهم معلومات جديدة حول أمن الوثائق اعتبروها مهمة لطبيعة عملهم، كما أكّدوا في أكثر من تصريح. وقد أشادوا بقدرات المدرِّبين العالية وأُعجبوا بإتقانهم السليم للغة الإنكليزية إذ لم تكن عائقًا للذين يتكلمون لغات أجنبية أخرى.
تجدر الإشارة إلى أنّ المركز يستقبل حاليًا فائضًا من الطلبات للمشاركة في هذه الدورات نظرًا لنجاحها وأهميتها.
 

ثقة كاملة
يعتبر السيد أدريان كوبر مدير المشروع الهولندي لدعم الجيش، أنّ الهدف الأساسي من هذه الدورة هو تسهيل عملية التواصل والتنسيق بين اليونيفيل والجيش، مع كامل الثقة بأنّ التدريبات الخاصة «بأمن الوثائق» التي يقدّمها فريق المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية هي على المستوى المطلوب. وقد حقق المركز على هذا الصعيد أهدافًا مهمة جدًا خوّلته للمرة الأولى تدريب عناصر وضباط من اليونيفيل.
وهو يلفت إلى أنّ التنسيق والتعاون بين المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD والجيش قائم منذ عدة سنوات. وحاليًا، يتمّ تنفيذ خمسة مشاريع من قبل الـICMPD مموَّلة من الحكومة الهولندية. وتصب هذه المشاريع في إطار دعم قدرات المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية وتطويرها ليصبح مركزًا مستقلاً قادرًا على القيام بمهماته على أكمل وجه.
 

شهادات المدرِّبين
• ساره صالح (ضابط المشروع الهولندي): شاركت في هذه الدورة من منطلق الدعم الذي تقدمه هولندا للوكالات الحدودية اللبنانية IBM. وكمدرِّبة وخبيرة في أمن الوثائق. أودّ أن أنوّه بأنّ التنسيق بين ضباط المركز الرئيسي لتدريب أفواج الحدود البرية وبين اليونيفيل أدّى إلى نجاح هذه الدورة. تألف فريق التدريب من خمسة عناصر بين ضباط ورتباء ومدنيين، مع الإشارة إلى أنّ المشروع الهولندي يدعم تطوير المدرِّبين الرتباء كما الضباط في المهمات التدريبية. وقالت: بدأت خبرتي في هذا المجال منذ حوالى ثلاث سنوات فبعد أن تدرّبت مع الشرطة الملكية الهولندية، شاركت في تدريب القوى الأمنية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام بالإضافة إلى عناصر من مصرف لبنان، إلاّ أنّها المرة الأولى التي أشعر فيها بهذه الحماسة إذ لمست ردّة فعل المتدرِّبين التي لم تكن متوقعة بالنسبة لنا من حيث التفاعل والجو الإيجابي، ويعود الفضل في ذلك إلى مهارة المدرِّبين واعتمادهم التمارين التطبيقية ما أضفى الحيوية على أجواء التدريب. وقد تجلّى اندفاع المتدرِّبين من خلال المطالبة بدوراتٍ مماثلة أو على مستوى أعلى.
• الملازم أول الياس منصور (مدرِّب أمن وثائق): هي المرة الأولى التي أقف فيها أمام الأجانب كمدرِّب مع العلم أنني تابعت عدة دورات معهم، وقد أثبتت هذه الدورة مدى قدرة الجيش في نقل خبراته إلى الأجانب وتفاعلهم الإيجابي معها. في بادئ الأمر اعتقدنا أنّ اللغة ستكون عائقًا بيننا، لكن سرعان ما تبدد القلق، إذ اكتشفنا أنّنا نتكلم اللغة الإنكليزية أفضل منهم. أكسبتنا هذه الدورة مزيدًا من الخبرات التي توظّف في ضبط الحدود البرية. أتمنى أن نواصل هذا النوع من التدريب لعناصر اليونيفيل ولغيرهم، وأن ننقل هذه الخبرة إلى خارج لبنان.
• الرقيب جوزيت نخله (مدرِّبة أمن وثائق): كانت الدورة بشكلٍ عام ناجحة وفاقت كل التوقعات. كرفاقي المدرِّبين لم يكن سهلاً الوقوف أمام الأجانب في بادئ الأمر، لكنّني تخطيت هذا الحاجز بسرعةٍ لأنّ خبرتي في التدريب ليست جديدة كوني أدرِّب رفاقي العسكريين في المركز. أود أن أشكر رئيس المركز وضباطه على الثقة التي أولوني إياها لتأدية هذه المهمة، ولمساهمتي في التحضير اللوجستي للدورة بجدارةٍ، مع الإشارة إلى أنّ السياسة الاجتماعية المتّبعة في المركز لا تميّز بين الرجل والمرأة، وتعطي الجنود الإناث دورًا فاعلًا في تأدية المهمات العسكرية. وقد كان لهذا الأمر صدًى إيجابي لدى المتدرِّبين.
 

المركز الرئيسي لتطوير سياسات الهجرة
هو منظمة دولية تأسست في العام 1993، ومقرها في فيينا. تضم 17 دولة عضوًا وتنشط في أكثر من 90 دولة في جميع أنحاء العالم.
تعتبر هذه المنظمة أنّ الشرق الأوسط منطقة ذات أولوية ويسهم نهجها المكوّن من ثلاث ركائز أساسية (وهي الربط الهيكلي بين بحوث الهجرة وحواراتها وبناء القدرات)، في تحسين سياسات الهجرة وتطويرها في أنحاء العالم. يتمتع المركز الدولي بمكانة مراقب للأمم المتحدة ويتعاون مع أكثر من 200 شريك بما في ذلك مؤسسات الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة.