كلمات

الحالة الوطنية
إعداد: العميد الركن الياس فرحات
مدير التوجيه

مضت سنتان على اندحار العدو الاسرائيلي عن جنوبنا, بعد احتلال دام اكثر من اثنين وعشرين عاماً. لم يكن احد يتصور ان الجزء المحتل سوف يعود الى رحاب الوطن, وان الارض سوف تعود الى اصحابها, وان الناس الرازحين تحت الاحتلال سوف يعودون الى احضان وطنهم ودولتهم بعد هذا الغياب القسري الطويل.
لم يكن احد يتصور ان الاحتلال سينتـهي من دون معاهـدات ملزمة, او إتفاقـات مذلّة, او تسويـات رخيصـة, او تنازلات كبيرة. كان معظم المعنيين يتحدث عن شروط لإنهاء الاحتلال, وعن احتمالات لما قد يفرض علينا جرّاء زواله. لكن ان يرحل العدو مندحراً من دون شـروط فهذا كان صعب المنال, إلا عند المقاومـين الابطـال الذين اشتدت عزيمتهم, وضربوا جنود الاحتلال على ارضنا بشجاعة وإقدام, مستندين الى دعـم جيـشهم الذي ربـض على خطوط المواجهة مع العدو, وتصدى ببسالة لاعتداءاته رغم تفاوت الوسائل, ومستنـدين ايضاً الى دعـم الشعب اللبناني بأسره.
هذه الحالة الوطنية صمدت بوجه مؤامرات العدو واعتداءاتـه الوحشية التي طاولت البشر والحجر, ودمرت البنى التحتية ومنهـا محطات تحويل الكهرباء التي ضُربت احداها اربع مرات, ثم اعيد اصلاحها بإرادة الدولـة والمقاومة, من دون ان تؤدي هذه الضربات الى اي انحراف عن الخـط الوطني المقاوم لدى الدولة والشعـب. وعلى عكـس اهداف العدو, تعززت الحالة الوطنية وتوثـقـت الوحدة بين ابناء الشعـب اللبناني بعد كل عـدوان, وخرج الشعب اكثر صلابـة وتصميمـاً على تحقيـق اهدافـه في تحرير الارض.
واليـوم, وبعد سنتـين من التحرير الأول, نعـود ونتذكر كلام قـائد الجيش العماد ميشال سليمان في امر اليوم بمناسبة عيد المقاومـة والتحرير حيـث خاطـب العسكريـين قائـلاً: “ان اولى مهماتكـم هي حمايـة الإنتصـار الوطنـي مما يخطـط له العدو”. وفعلاً ان هذا الانتصار الكبير والتاريخي والذي اشعّ على العرب والعالم بقيم المقاومة والبطولة والتضحية في سبيل الوطن, هذا الانتصار بدأ يتعرض منذ اليوم الاول لحملات اسرائيلية في الإعلام وفي السياسة وفي مختلـف المياديـن. لقد شعر العدو بخطر الحالة الوطنيـة التي انتجـت المقاومـة وحققـت التحرير, كما قلق من صلابة الوحدة الوطنية التي طالمـا سعى لضربها, فانـبرى لاستخدام امكاناته من اجل النيل من الانتصار الوطني. لكن الجيش, وتحديداً القيادة استطـاعت ان تحمـيه في مناسبات عديدة, فكانـت العـين على الداخل بصيرة وحكيمة وملتزمة بالقرار السياسي للسلطة الاجرائية, وملتزمة بالنهج الوطني لفخامة رئيس البلاد العماد اميل لحود. من هنا أتى الحفاظ على الأمن موازياً للحفاظ على الوحدة, وبقيـت تدابيـر الأمـن الوقائـية وحماية الحريات الشغل الشاغل في الاستحقاقات الوطنية, وخصوصـاً الانتخابات النيابيـة, والتجمعـات الشعبية على اختلافها, من سياسية واجتماعية ودينية ورياضية وغيرها.
لقد حمى جيش الوطن المقاومة البطلة, ودعمها, وكان لها سنداً وظهيراً وعمقاً استراتيجياً وتكتياً, وكذلك حماها عندما حمى المناخ الوطني الباعث لها والداعم للتحرير, فكان قوياً حازماً, وكان حكيماً عاقلاً, وسوف يظل امل الشعب في الدفاع عن الارض وحفط أمن المواطن وكرامته, وحماية الانتصار الوطني مهما بلغت التضحيات, وسوف تبقى الحالة الوطنية اللبنانية قائمة وسائدة رغم مكائد العدو ودسائسه واعتداءاته.
لنبقَ جميعاً ودائماً داخل الحالة الوطنية.