الحدود البحرية للبنان: تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة

الحدود البحرية للبنان: تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة
إعداد: د. ريان عساف
دكتور في القانون ومحامية في الاستئناف

المقدمة

كان من المعتقد خلال عقود أن أغلب الدول الواقعة على شرق البحر المتوسط محرومة أو لا نصيب لها من موارد الطاقة الوفيرة في الشرق الأوسط. لكن السنوات الماضية شهدت اكتشاف حقل غاز بحري واحتياطات نفطية كبيرة في هذه المنطقة.

في العام 2010، صدر تقرير عن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية قدّر احتياطات الغاز في الحوض الشرقي للبحر المتوسط ب122 تريليون قدم مكعّب و1,7 مليار برميل من النفط[1].

في لبنان، كثرت التقديرات وتفاوتت الأرقام التي تشير إلى كميات كبيرة من النفط والغاز؛ إلا أنّ وزير الطاقة والمياه عام 2013 أعلن أن التقديرات تشير إلى أنّ لدى لبنان 95,9 تريليون قدم مكعب من الغاز و865 مليون برميل من النفط في 45% من مياهه الاقتصادية[2].

 شكّلت هذه الكميّات حافزًا للبنان (كما لدول الجوار) لتطوير قوانينه البحرية واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة والمناسبة وفق القانون الدولي للاستعداد والتمكن من الاستفادة من هذه الثروات الطبيعيّة. من أهمّ الخطوات المتخذة في هذا الإطار، تحديد مناطقه البحرية واعلانها، لاسيما المنطقة البحرية التي تمارس عليها الدولة حقوقًا سيادية بهدف استكشاف مواردها الطبيعيّة واستغلالها ألا وهي المنطقة الاقتصادية الخالصة "المنطقة".

إنّ موضوع هذه الدراسة، محصور بمسألة تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وترسيمها والتي تختزن جزءًا كبيرًا من ثروة لبنان النفطية، فنضيء في مرحلة أولى على مفهوم هذه المنطقة في القانون الدولي ونظامها القانوني وأهميتها قبل أن نستعرض في مرحلة ثانية الخطوات التي اتخذها لبنان لتحديد منطقته، ونقدّم بعض الاقتراحات التي قد تساهم بتحصين الموقف اللبناني في هذا الاطار. أمّا مواضيع استثمار الثروة النفطية وإشكالية البدء بهذا الاستثمار قبل البتّ النهائي لمسألة ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية، فيمكن أن تكون موضع دراسة أخرى.

1- المنطقة الاقتصادية الخالصة في القانون الدولي: تاريخها مفهومها وأهميتها

على مدى قرون عديدة، تطوّر قانون البحار الدولي استنادًا إلى القانون العرفي والاتفاقيات. فبعد أن كانت المياه الاقليمية للدولة، التي تمارس عليها سيادتها خارج إقليمها البري ومياهها الداخلية، تمتدّ إلى 3 أميال بحرية (6 كلم)، تمّ تمديدها إلى 12 ميل بحري مقاسة من خط الأساس (22,2 كلم). وقد كانت هناك مطالبات لم تلقَ قبولاً بتمديد إضافي لهذه المنطقة لتمتد إلى 200 ميل بحري. لم يعترف ببحر إقليمي تتعدى مساحته ال12 ميل بحري، ولكن في العام 1982 اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار "الاتفاقية" منطقة بحرية سمّيت بالمنطقة الاقتصادية الخالصة تمتدّ إلى 200 ميل بحري من خط الأساس (حوالى 370 كلم). الاتفاقية  غالبًاّ ما يعبّر عنها على أنها "رزمة متكاملة من مفاهيم أو حلول معتمدة[3]“package deal” رمت إلى التوفيق بين مصالح مختلف الدول التي شاركت في المؤتمر[4]، وقد شكّلت المنطقة الاقتصادية الخالصة عنصرًا أساسيًا من هذه الرزمة. في حين تمارس الدولة سيادة كاملة على بحرها الاقليمي، يعترف لها بحقوق سيادية في المنطقة الاقتصادية الخالصة.

حظيت المنطقة بقبول سريع وواسع في ممارسات الدول وتعتبر اليوم جزءًا من القانون الدولي العرفي (Customary International Law). في تموز/يوليو 1994 [5]، من أصل 142 دولة ساحليّة ، 94 دولة أعلنت منطقتها الاقتصادية الخالصة التي تمتدّ 200 ميل بحري.

أ- لمحة تاريخية: إضاءة على المرحلة التي سبقت الموافقة على اتفاقية قانون البحار

تاريخيًا، أول من مارس سيادة حصرية على الموارد البحرية إلى ما بعد المياه الاقليمية كانت الولايات المتحدة الأميركية في إعلان ترومان (Truman Act)  الصادر في 28 أيلول/ سبتمبر 1945 حول الجرف القاري[6].

وإذا كانت بعض المبادئ التي تضمّنها إعلان ترومان قد كان لها التأثير المباشر ووجدت طريقها إلى الاتفاقية، إلا أن "الآباء الحقيقيين" للمنطقة الاقتصادية الخالصة كانت بعض الدول اللاتينية. فبموجب الاعلان الصادر عن رئيس التشيلي في 23 حزيران/يونيو 1947 والمرسوم 781 الصادر في الأول من آب/أغسطس من العام ذاته عن حكومة البيرو، أنشئت مناطق بحرية تمتدّ ل200 ميل بحري[7].

إعلان ترومان كان له الأثر ليس فقط على بعض دول أميركا اللاتينية، إنّما أيضًا على بعض الدول العربية. سلسلة إعلانات أحاديّة تمّ اعتمادها من قبل 10 دول عربية وإمارات خلال مدة زمنية قصيرة (شهرين) من العام 1949 (المملكة العربية السعودية في 28 أيار/مايو 1949؛ مملكة البحرين في 5/6/1949؛ دولة قطر في 8/6/1949؛ إمارة أبو ظبي في 10/6/1949؛ دولة الكويت في 12/6/1949؛ إمارة دبي في 14/6/1949؛ إمارة الشارقة في 16/6/1949؛ إمارة رأس الخيمة في 17/6/1949؛ إمارة أم القيوين في 20/6/1949؛ إمارة عجمان في 20/6/1949)[8]. الاعلانات أكّدت سيادة هذه الدول على الثروات النفطية في الجرف القاري.

بعد أن تمّ الاعتراف بالسيادة على موارد منطقة بحرية ذات حدود معيّنة دون ذكر حدودها في إعلاني مونتيفيديو[9] وليما[10] ، ذكرت في إعلان سانتو دومينغو الصادر في 9 حزيران/يونيو 1972 منطقة بحرية بحدود 200 ميل بحري (على الأكثر)، يمكن ممارسة حقوق سيادية عليها وعلى مواردها[11].

لقد توّجت هذه الاعلانات الأحادية أو المحدودة جغرافيًا باعتماد المنطقة الاقتصادية الخالصة كإحدى المناطق البحرية الأساسية و"المميّزة" في اتفاقية قانون البحار.

ب-المنطقة الاقتصادية الخالصة: منطقة بحرية "مميّزة" في اتفاقية قانون البحار

 عقد أول مؤتمر للأمم المتحدة لقانون البحار في العام 1958 وأسفر عن اعتماد ما سمّي باتفاقيات جنيف بشأن قانون البحار. ولم يسفر مؤتمر الأمم المتحدة الثاني لقانون البحار عن أي اتفاق دولي. وكانت اتفاقية قانون البحار لعام 1982 نتيجة لعملية بدأت في العام 1970، وأدّت إلى عقد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار. وفي 17 كانون الأول/ ديسمبر 1970، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلانًا للمبادئ ينظم استخدام قاع البحار والمحيطات، واعتبرتهما تراثًا مشتركًا للانسانية. وقرّرت أيضًا عقد مؤتمر دولي جديد لغرض إنشاء نظام دولي لقانون البحار. وعقدت أول دورة لمؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار في العام 1973. وعلى مدى السنوات التسع الآتية، تفاوض ممثلو أكثر من 160 دولة بشأن أشمل اتفاقية متعدّدة الأطراف في تاريخ القانون الدولي العام: ألا وهي اتفاقية الأمم المتحدة  لقانون البحار. وفي 30 نيسان/ أبريل 1982، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية، التي فتح باب التوقيع عليها في 10 كانون الأول/ديسمبر 1982 في مونتيغو باي، جامايكا. وبحلول موعد إقفال باب التوقيع على الاتفاقية، كان قد وقّع عليها 159 من الدول والكيانات الأخرى. بيد أن الاتفاقية لم يبدأ نفاذها إلا في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1994، بعد مرور 12 شهرًا على الإيداع المطلوب للصك الستين للتصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها. وقد وصفها الأمين العام للامم المتحدة في مناسبة حفل التوقيع على الاتفاقية بأنها "ربما تكون أهم صك قانوني خلال القرن".

لقد خصّص القسم الخامس من اتفاقية قانون البحار للمنطقة الاقتصادية الخالصة ونظامها القانوني.  فالمادة 55 وتحت عنوان "النظام القانوني المميّز للمنطقة الاقتصادية الخالصة" وضعت النظام القانوني وفرّقت المنطقة الاقتصادية عن المياه الاقليمية نصّت على ما يلي:

 "المنطقة الاقتصادية الخالصة هي منطقة واقعة وراء البحر الاقليمي وملاصقة له يحكمها النظام القانوني المميّز المقرّر في هذا الجزء، وبموجبه تخضع حقوق الدولة الساحلية وولايتها وحقوق الدول الأخرى وحريتها للأحكام ذات الصلة من هذه الاتفاقية".

في ما يتعلّق بامتداد المنطقة الاقتصادية الخالصة تنص المادة 57 من الاتفاقية على ألا تمتدّ إلى أكثر من 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الاقليمي.

أما المادة 56 وتحت عنوان "حقوق الدول الساحلية وولايتها وواجباتها في المنطقة الاقتصادية الخالصة" فنصت على أنّه للدولة الساحلية، في المنطقة الاقتصادية الخالصة:

- حقوق سيادية لغرض استكشاف الموارد الطبيعية واستغلالها، الحيّة منها وغير الحيّة، للمياه التي تعلو قاع البحر ولقاع البحر وباطن أرضه وحفظ هذه الموارد وإدارتها، وكذلك في ما يتعلّق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الاقتصاديين للمنطقة، كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

- ولاية على الوجه المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة من الاتفاقية في ما يتعلّق بما يلي:

• إقامة الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات واستعمالها.

• البحث العلمي البحري.

• حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.

• الحقوق والواجبات الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية.

لقد انضمّ لبنان بموجب القانون 295 تاريخ 22 شباط/فبراير 1994 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. واستنادًا إلى هذه الاتفاقية، اتخذت الحكومة اللبنانية عددًا من الخطوات الغاية منها إعلان منطقته الاقتصادية الخالصة. 

2- المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان: بين القانون والواقع

لبنان دولة ساحليّة تقع على البحر الأبيض المتوسط، وأي ادعاء من قبله أو من قبل أي دولة بصورة منفردة بحقوق على مناطق بحرية بصورة منفردة قد يمسّ حقوق الدول الأخرى على هذه المناطق.

فبموجب المادة 74 من اتفاقية قانون البحار، يتم تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المتلاصقة عن طريق الاتفاق على أساس القانون الدولي من أجل التوصل إلى حل منصف. وفي انتظار التوصل إلى اتفاق، تبذل الدول المعنية بروح من التفاهم والتعاون، قصارى جهودها للدخول في ترتيبات مؤقّتة ذات طابع عملي، وتعمل خلال الفترة الانتقالية على عدم تعريض التوصل إلى الاتفاق النهائي للخطر أو إعاقته.

سوف نستعرض، وفق التسلسل الزمني، المراحل التي مرّ بها تحديد لبنان لمنطقته لغاية اليوم، قبل أن نقترح بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها في المستقبل للمحافظة على حقوقنا في هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز في خضمّ الخلافات التي يشهدها تعيين حدود المنطقة مع دول الجوار.  

أ- الخطوات العملية المتخذة من الدولة لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وفق الاتفاقية والمشاكل التي تواجهها في هذا الاطار

منذ العام 2007، اتخذت المؤسسات الدستورية عدة إجراءات ترمي إلى تحديد المنطقة الاقتصادية وإعلانها.

• الاتفاق بين الجمهورية اللبنانية وجمهورية قبرص لتحديد الحدود بين البلدين

لبنان وقبرص دولتان ذات سواحل متقابلة تتداخل مناطقهما الاقتصادية الخالصة، مما دفعهما إلى إبرام اتفاق حول تحديد المنطقة الاقتصادية لكل منهما. بتاريخ 17 كانون الثاني/يناير 2007، تم توقيع اتفاق ثنائي بين لبنان وقبرص لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين.

ينص الاتفاق في مادته الأولى على أنّه "يتمّ تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الطرفين بالاستناد إلى خط المنتصف الذي تكون كل نقطة على طول امتداده متساوية الأبعاد من أقرب نقطة على خطوط الأساس لكلا الطرفين" كما هو معرّف ومحدّد وفق النقاط المحددة من (1)[12] إلى (6)[13]  المبيّنة في قائمة الاحداثيات الجغرافية" الملحقة بالاتفاق والتي وقّع عليها الطرفان.

تنص المادة الخامسة من الاتفاق بين لبنان وقبرص على أن الاتفاق يبرم وفق الأصول الدستورية المتبعة في كل بلد ويصبح ساري المفعول عند تبادل الطرفين وثائق الابرام. فيكون الاتفاق بين لبنان وقبرص لم يدخل حيّز التنفيذ حتى تاريخه، لعدم المصادقة عليه أصولاً من مجلس النواب وفق قواعد القانون الدولي.

وقد نصّت الاتفاقية مع قبرص في مادتها الثالثة على ما يأتي: "إذا دخل أي طرف من الطرفين في مفاوضات تهدف إلى تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة مع دولة أخرى، يتعين على هذا الطرف إبلاغ الآخر والتشاور معه قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدولة الاخرى، إذا ما تعلّق التحديد بإحداثيات النقطتين 1 أو 6".

المنهجية أعلاه وفق الطريقتين الآتيتين:

1- الخط الوسطي البحتي (STRICT EQUIDISTANT LINE) على كامل الحدود البحرية من الجهة الشمالية (مع سوريا) والغربية (مع قبرص) وحتى حدود المياه الاقليمية عن الجهة الجنوبية (مع فلسطين المحتلة).

2- الخط العامودي (PERPENDICULAR BISECTOR) للاتجاه العام للشاطئ على الحدود البحرية الجنوبية (مع فلسطين المحتلة) اعتبارًاً من حدود المياه الاقليمية اللبنانية الجنوبية وحتى الالتقاء بالحدود الغربية للمنطقة الاقتصادية الخالصة (من 12 ميل بحري إلى النقطة 23 [14]).

تجدر الاشارة إلى أنّ  الجيش اللبناني أجرى في العام 2011 مراجعة تقنيّة لما تمّ انجازه من قبل اللجنة المذكورة للوقوف على دقّة العمل في ما خصّ نقاط الأساس وتطبيق منهجيّة الترسيم وإحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة وتوصّل إلى رسم خطوط حدودية أكثر دقّة وكانت النتيجة: إعتماد إحداثيات نقاط حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التي وضعتها اللجنة المشتركة ولاسيّما أنّها قد صدرت بالمرسوم6433/2011 وأنّ المرسوم المذكور ترك الباب مفتوحًا أمام إمكان مراجعة هذه الحدود وتحسينها عند توافر بيانات أكثر دقّة وفق الحاجة.

ب- إيداع لبنان الأمم المتحدة الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة

بتاريخ 19⁄10⁄2010، أودع لبنان الأمم المتحدة الاحداثيات الجغرافية للجزء الجنوبي لمنطقته الاقتصادية الخالصة [15] التي تمتدّ من النقطة B1 وموقعها رأس الناقورة إلى النقطة 23.

• الاتفاق بين قبرص وإسرائيل

بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2010، تمّ توقيع إتفاق بين قبرص وإسرائيل لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما وقد دخل حيّز التنفيذ بتاريخ 25 شباط/فبراير 2011، وأودعت نسخة منه لدى الأمم المتحدة . 

وقد نصّت المادة الأولى منه على أنّ المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الطرفين تحدّد بالرجوع إلى خط المنتصف المحدّد في الفقرة الثانية من المادة نفسها بالنقاط 1 (النقطة الأولى من الخط  والتي تكون النقطة الثلاثية الأبعاد بين قبرص ولبنان وإسرائيل) والنقطة 12. فيكون الاتفاق بين قبرص وإسرائيل قد اعتمد النقطة (1) أساسًا للتحديد دون مراعاة الموقف اللبناني الذي اعتمد النقطة 23؛ واعتبر النقاط (1) و (6) الوارد ذكرها في الاتفاق مع قبرص نقطتين ثلاثيتين مؤقتتين.

• التحديد الاسرائيلي الأحادي الجانب للحدود مع لبنان، المغفل للحدود التي أودعها لبنان الأمم المتحدة[16]

بتاريخ 12/7/2011 أودعت بعثة إسرائيل الدائمة لدى الأمم المتحدة لائحة الاحداثيات الجغرافية  للجزء الشمالي من المياه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة التي يدّعي العدو الاسرائيلي أنها عائدة لها. وقد اعتمدت النقطة (1) المذكورة في اتفاقها مع قبرص والتي كما ذكرنا أعلاه لا يوافق عليها لبنان، مقتطعة بذلك مساحة قدرها حوالى 860 كلم 2 من المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة للبنان.

بتاريخ 22 آب/أغسطس 2011 وبموجب رسالة موجهة من وزير الخارجية اللبنانية إلى أمين عام الأمم المتحدة، وبعد إعادة التذكير بالرسائل المؤرخة في 9 آب/ أغسطس 2010 و11 تشرين الأول/ أوكتوبر 2010 والتي أودع لبنان بموجبها الاحداثيات الجغرافية العائدة على التوالي للحدود الجنوبية والجنوبية الغربية للمنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة له، والرسالة المؤرخة في 20/6/2011 والتي أبدى فيها لبنان اعتراضه رسميًا على الاتفاق الموقع بين جمهورية قبرص وإسرائيل في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 حول تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما، رفض لبنان الاحداثيات الجغرافية المودعة من قبل بعثة إسرائيل الدائمة لدى المم المتحدة في 12/7/2011، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ التدابير التي يراها مناسبة وتكليف من يلزم لرسم خط يتناسب مع الحدود البحرية اللبنانية المودعة الأمم المتحدة على غرار الخط الأزرق البري، وتكليف قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان بمراقبة هذا الخط وذلك حفاظًا على السلم والأمن الدوليين. واعتبرت وزارة الخارجية في رسالتها أنه يتبيّن من الاحداثيات التي أودعتها إسرائيل أن النقطة 31 تنتهك بشكل صارخ مبادىء القانون الدولي وتشكّل اعتداء على سيادة لبنان، إذ إنّ هذه النقطة تقع شمال حدود لبنان المعترف بها دوليًا كما حددت في اتفاق بوليه نيوكومب وأكّدت في اتفاق الهدنة الموقّع بتاريخ 23 آذار/مارس 1949 وهي النقطة المعروفة B1 وموقعها رأس الناقورة. كما ورد أنه يتبيّن أن الاحداثيات التي أودعتها إسرائيل تنتهك وتعتدي بشكلٍ فاضح على حقوق لبنان السيادية والاقتصادية في مياهه الاقليمية ومنطقته الاقتصادية  وتقتطع منهما مساحة 860 كلم2  وتهدّد السلم والأمن الدوليين.

• اعتراض لبنان لدى الأمم المتحدة في 20 حزيران/يونيو 2011  بواسطة وزارة الخارجية على الاتفاق الموقّع بين قبرص وإسرائيل

بتاريخ 20/6/2011، أرسل وزير الخارجية اللبناني، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يعترض فيها على الاتفاق الموقع بين قبرص وإسرائيل. وقد أشار في الرسالة إلى أنّ "النقطة (1) لا تشكّل النهاية الجنوبية لخط الوسط بين الجمهورية اللبنانية والجمهورية القبرصية الذي يفصل ما بين المنطقة الاقتصادية العائدة لكل منهما وإنّما تعتبر نقطة مشتركة بين لبنان وقبرص فقط وهي نقطة غير نهائية وبالتالي لا يمكن اعتبارها نقطة انطلاق بين قبرص وأي دولة أخرى خصوصًا وأنّها تعتبر نقطة كسائر النقاط على هذا الخط ... إعتمد الاتفاق المذكور النقطة (1) كنقطة فصل مشتركة بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يتنافى كلّيًا مع النقاط الجغرافية التي كان قد سبق أن أودعها لبنان لدى الأمم المتحدة وبحيث تمّ قضم جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة للبنان، وهذا ما يشكّل اعتداءً صارخًا على حقوقه السيادية على منطقته الاقتصادية الخالصة... تعترض دولة لبنان على الاتفاق الموقّع بين قبرص وإسرائيل حول تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة كونه يطال نقاطًا تقع شمالي خط الحدود البحرية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية المحدّد ما بين النقطة B1 والنقطة (23)، وتتمنّى على الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ جميع التدابير التي يراها مناسبة تجنّبًا لأي نزاع، وحفاظًا على السلم والأمن الدوليين". 

• رسالة لبنان إلى قبرص والرد القبرصي عليها

بتاريخ 19 أيار/مايو 2011، وجّهت وزارة الخارجية اللبنانية رسالة إلى جمهورية قبرص تتعلّق باتفاقية تعيين حدود المنطقة الاقتصادية للبلدين العام 2007 وتضمّنت اعتراضا فيها على الاتفاق الموقع بين إسرائيل وقبرص حول تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة ولاسيما النقطة المشتركة، وفق المبادئ التي سبق أن أشير إليها في هذه الدراسة.

بتاريخ 28 حزيران/يونيو 2011، ردّ وزير خارجية قبرص على الرسالة. وقد ورد في رسالته ما يلي:

- إنّ الاتفاقية بين لبنان وقبرص تعتبر تطورًا نوعيًا ملحوظًا في علاقات البلدين، ويتطلّع قدمًا لإنهاء إجراءات التصديق عليها في لبنان بحيث تدخل الاتفاقية حيّز التنفيذ إذ إن تنفيذ هذه الاتفاقية سيحفظ المصالح المشتركة للبلدين ويساهم بشكل ملموس في تعزيز المكانة الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية للبنان وقبرص في المنطقة ككل.

- إنّ جمهورية قبرص لن تقوم في أي وقت من الأوقات بأي عمل يمكن أن يلحق ضررًا بحقوق لبنان ومصالحه في ظل القانون الدولي. وإنّ الاتفاقية بين جمهورية قبرص ودولة إسرائيل حول تعيين حدود منطقتهم الخالصة لا تخرق بأي شكل من الأشكال سيادة لبنان أو أيًا من حقوقه الأخرى في ظل القانون الدولي.

- الاتفاقية الثنائية الموقعة بين لبنان وقبرص تتضمّن أحكامًا محدّدة بشأن مراجعة الاحداثيات الجغرافية في ضوء اتفاق مستقبلي ممكن حول تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة مع دول أخرى مجاورة ويتضمّن الاتفاق بين قبرص وإسرائيل أحكاماَ مشابهة.

- تحديد "نقطة مشتركة" يمكن فقط أن يكون نتيجة اتفاقية تشمل الأطراف المعنيّة، واستنادًا إلى اتفاقية فيينا حول قانون المعاهدات أي اتفاقية بين دول لا تنتج حقوقًا أو التزامات على دولة ثالثة من دون موافقتها. ينطبق هذا النص بشكل طبيعي على الاتفاقية بين قبرص ولبنان والاتفاقية بين قبرص وإسرائيل.

وتجدر الاشارة في إطار النقطة الاخيرة المشار إليها أعلاه من الرسالة، إلى أنّ الإدارة الأميركيّة قدّمت عبر مبعوثيها إلى المنطقة اقتراحات لحلّ المشكلة، إلا أنّ هذه المحاولات لم توصل لغاية الآن إلى حلّ. 

• صدور قانون تحديد المناطق البحرية اللبنانية

بتاريخ 17/8/2011 صدر القانون رقم 163 (قانون تحديد واعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية صدر في الجريدة الرسمية رقم 39 تاريخ 25/8/2011) الذي تحدّد فيه الجمهورية اللبنانية مياهها الداخلية وبحرها الاقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري تطبيقًا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار والتي دخلت حيّز التنفيذ في 5/1/1995.

حدّد القانون خط الأساس للساحل اللبناني، وهو الخط الذي يبدأ منه قياس عرض المناطق البحرية (المادة الثانية تنص على أن يحدّد خط الأساس باعتماد حدّ أدنى الجزر والخطوط المستقيمة التي تصل بين نقاط أساس مناسبة بما يتوافق مع أحكام القانون الدولي، إعتبارًا من منتصف مصب النهر الكبير شمالاً وصولاً إلى نقطة انطلاق خط الهدنة موضوع اتفاقية الهدنة العام 1949 جنوبًا). والمياه الداخلية (وهي المياه الواقعة على الجانب المواجه للبرّ من خط الأساس - المادة 3 من الاتفاقية) والبحر الاقليمي (الذي يحدّد عرضه بمسافة 12 ميلاً بحريًا مقيسة من خط الأساس - المادة 4) والمنطقة المتاخمة (التي تقع وراء البحر الاقليمي وتلاصقه وتمتد أربعة وعشرين ميلاً بحريًا مقوسة من خط الأساس – المادة الخامسة) والجرف القاري (الذي يشمل قاع أرض المساحات المغمورة وباطنها، والتي تمتد إلى ما وراء البحر الاقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم الجمهورية اللبنانية البري حتى مسافة 200 ميلٍ بحريٍ من خط الأساس- المادة الثامنة).

كما عرّف القانون في المادة السادسة المنطقة الاقتصادية للبنان التي تقاس من خط الأساس وتمتد إلى أقصى الحدود المتاحة على ألا تتعدى مسافة 200 ميل بحري وتمتد غربًا لتكون حدودها الدنيا في البحر:

1- من الناحية الشمالية الغربية: النقطة الواقعة على المسافة ذاتها من أقرب النقاط على ساحل كل من الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية وجمهورية قبرص.

2- من الناحية الجنوبية الغربية: النقطة الواقعة على المسافة ذاتها من أقرب النقاط على ساحل كل من الجمهورية اللبنانية وجمهورية قبرص وفلسطين المحتلة.

كما يحدّد القانون في المادة السابعة حقوق الجمهورية اللبنانية وولايتها وواجباتها في المنطقة الاقتصادية الخالصة، فتمارس الجمهورية اللبنانية في المنطقة الاقتصادية الخالصة:

1-حقوق سيادية لغرض استكشاف الموارد الطبيعية واستغلالها ، الحية منها وغير الحية، للمياه التي تعلو قاع البحار ولقاع البحر وباطن أرضه، وحفظ هذه الموارد وإدارتها، وكذلك في ما يتعلق بالأنشطة الأخرى للاستكشاف والاستغلال الإقتصاديين للمنطقة، كإنتاج الطاقة من المياه والتيارات والرياح.

2- ولاية على الوجه المنصوص عليه في الأحكام ذات الصلة من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في ما يتعلق بما يلي:     

أ- إقامة الجزر الإصطناعية والمنشآت والتركيبات واستعمالها.

ب- البحث العلمي البحري.

ج- حماية البيئة البحرية والحفاظ عليها.

وتضيف المادة الثامنة أنّ الدولة اللبنانية  تمارس في المنطقة الاقتصادية الخالصة، الحقوق والواجبات الأخرى المنصوص عليها في إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وغيرها من الإتفاقيات وقواعد القانون الدولي.

كما تضمّن القانون أحكامًا متفرّقة تتعلّق بالكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة على الجرف القاري والجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وفي الجرف القاري وحق المرور البريء للسفن في البحر الاقليمي وحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها والأشياء الأثرية والتاريخية التي يعثر عليها في البحر بالإضافة إلى البحث العلمي البحري. 

• صدور المرسوم رقم 6433 /2011 الذي حدّد إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان

بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2011، صدر المرسوم رقم 6433 (تحديد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية) (صدر في الجريدة الرسمية – العدد 47 تاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2011). عرّف المرسوم المنطقة الاقتصادية الخالصة في مادته الأولى على أنها المنطقة التي "تقع وراء البحر الاقليمي وتشمل كامل المنطقة المتاخمة وتمتد باتجاه أعالي البحار مقوسة من خط الأساس استنادًا إلى أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار". وتمّ في المرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للجمهورية اللبنانية بموجب لوائح إحداثيات نقاط بحرية مرفقة بالمرسوم، وذلك من الجهات الجنوبية والغربية والشمالية. وقد نص المرسوم على إمكان مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها وبالتالي تعديل لوائح احداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقّة ووفق الحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنيّة.

• الوفد الذي شكله مجلس الوزراء للذهاب إلى قبرص في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 لاستكمال المفاوضات المتعلّقة بموضوع حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة

 بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 صدر عن مجلس الوزراء القرار رقم 16 كلّف بموجبه وفد برئاسة وزير الخارجية والمغتربين وعضوية عدد من الخبراء والمستشارين السفر إلى قبرص[17] لاستكمال المفاوضات المتعلّقة بموضوع الحدود البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين. وقد زار وفد قبرصي لبنان بعدها للغاية نفسها.

• الحدود الشمالية للمنطقة الاقتصادية الخالصة

لم تتخذ لغاية اليوم خطوات مشتركة مع الجانب السوري[18] لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة لكل من البلدين وتحديدها. إلا أنّ لبنان قد حدّد بموجب المرسوم الصادر عن مجلس الوزراء والمذكور أعلاه الحدود الشمالية لمنطقته الاقتصادية الخالصة.

2- بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها تقنيًا والتي يمكن أن تدعّم الموقف اللبناني

من الواضح أن لبنان يواجه بعض المشاكل في ترسيم حدوده البحرية. وهذه المشاكل سوف يكون لها أثر مباشر على عملية استخراج النفط والثروات في المناطق البحرية. لا يمكن مواجهة هذه المشاكل وتحصين الموقف اللبناني وحقوق لبنان دون تضافر جميع الجهود لتأمين تنسيق تام بين مختلف المكوّنات على المستويين السياسي والتقني.

على الصعيد السياسي، المطلوب جهوزية كاملة من المؤسسات الدستورية والمكوّنات السياسية لاتخاذ القرارات المناسبة التي تحفظ حقوق لبنان بإشراف مباشر من رئيس الدولة الذي ينيط به الدستور اللبناني في المادة 49 المحافظة على استقلال لبنان ووحدة وسلامة أراضيه.

إلا أن السلطة السياسية، ولكي تكون قادرة على اتخاذ الخطوات المناسبة وتقديرها، تحتاج إلى إحاطة تقنيّة عميقة لحقوق لبنان وواجباته وفق القانون الدولي، ولجميع جوانب المشاكل التي يواجهها في مسار ترسيمه لحدوده، لاسيما منطقته الاقتصادية الخالصة التي تختزن جزءًا كبيرًا من ثروته النفطية. إنّ الاحاطة التقنيّة تشمل المعرفة الدقيقة لجميع تقنيات الترسيم التي اعتمدتها الاتفاقية واجتهادات المحاكم الدوليّة، وإلمامًا عميقًا بقوانين المحاكم والهيئات الدولية التي تعنى بقانون البحار وشروط اللجوء إليها والأصول المتّبعة أمامها بالإضافة إلى الاجتهاد الدولي في هذا المجال. إنّ تأمين هذا التنسيق المشار إليه يمرّ بتشكيل هيئة دائمة تعنى بحدود لبنان البحرية (يمكن أن تشمل صلاحياتها أيضًا الحدود البرّية)؛ يحصر بها الشق التقني. إنّ الدقة التقنية ضرورية سواء قرّر لبنان اللجوء إلى التفاوض مع قبرص أو إلى المحاكم والهيئات الدولية لحماية حقوقه. فإنّ نجاح أي تفاوض يحتاج إلى إمساك دقيق بالنواحي التقنية للموضوع لغاية التأقلم مع قواعد التفاوض. إنّ عدم الادراك الدقيق من الطرف المفاوض لحقوقه قد يؤدّي إلى نتائج يشوبها الغبن وحلول غير متكافئة. وأي ترسيم للحدود يتمّ استنادًا إلى اتفاقية قانون البحار التي تتضمّن القواعد القانونية للترسيم وتبيّن حقوق الأطراف؛ والتي يحتاج تفسيرها أو تطبيقها لجهود قانونيين متخصصين بقانون البحار.

 بالإضافة إلى ذلك، اليوم، وبعد أن صدر قانون تحديد المناطق البحرية، والمرسوم الذي حدّد إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، وقد تبيّن وجود "تداخل" في المناطق الاقتصادية بين لبنان والدول ذات السواحل المقابلة والمتلاصقة، أخذ الموضوع بعدًا وطابعًا قانونيين إذ ينبغي البحث عن الوسائل القانونية الممكنة والخطوات الممكن اتخاذها من قبل الدولة اللبنانية لمواجهة تجاهل الحدود التي أبلغ لبنان عنها الأمم المتحدة، وقضم مساحة 860 كلم من منطقته الاقتصادية الخالصة. بعد أن أودع لبنان الأمم المتحدة إحداثيات منطقته الخالصة، بات يواجه تحدّي الدفاع عن هذه الحدود بكل الوسائل القانونية المتاحة. من هذا المنطلق، يقترح أن تضمّ الهيئة خبراء ولاسيما قانونيين متخصصين في مجال قانون البحار، كما يقترح أن تعطى إمكان التعاقد مع مكاتب محاماة عالمية لديها خبرة طويلة أمام المحاكم الدولية المعنيّة بفض النزاعات التي تنشأ عن ترسيم الحدود. فتكون مهمّتها الأساسية تحضير ملف متكامل حول كيفية حماية حقوق لبنان في حدوده والوسائل الفضلى لتحصين هذه الحقوق وتحصيلها، إن من خلال التفاوض أو من خلال عرض نزاعاتنا على المحاكم الدولية المعنية (محكمة العدل الدولية والمحكمة الدولية لقانون البحار – ITLOS –  أو اللجوء إلى التحكيم حيث تتوافر شروطه)؛ من حيث إمكان الإقدام على هذه الخطوات واللجوء إلى هذه المحاكم بالإضافة إلى مدى إمكان نجاح خطوة كهذه.

"من أعطي كثيرًا يطلب منه الكثير، ومن اؤتمن على الكثير يطالب بأكثر"[19]. لقد أعطي لبنان ثروة كبيرة تفوق التوقعات وربما أحلام اللبنانيين، وهو مؤتمن عليها. والدولة اللبنانية مطالبة اليوم بأن تكون على قدر المسؤولية فتتخذ الخطوات المناسبة للمحافظة على هذه الثروة وعلى حقوق اللبنانيين بها. والتاريخ سيكون شاهدًا على ذلك.

 

[1]-

 

       

[2]- تصريح وزير الطاقة والمياه آنذاك لوكالة رويترز في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2013.

 

[3]-  اتخذ قرار خلال المؤتمر الثالث للأمم المتحدة حول قانون البحار بأنّ اتفاقية قانون البحار في العام 1982 سوف تعتمد كرزمة متكاملة (من التنازلات)

 

[4]-

 

 

 

 

 

 

 

[5]-دخلت الاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار حيّز التنفيذ بتاريخ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1994

 

[6]- ينص الاعلان على ما يلي:

"having concern for the urgency of conserving and prudently utilizing its natural resources, the government of the United States regards the natural resources of the subsoil and seabed of the continental shelf  beneath the high seas but contiguous to the coasts of the United States as appertaining to the United States, subject to its jurisdiction and control”.

 

[7]- يلاحظ أنّ في إعلان ترومان كما في إعلان التشيلي والبيرو، تمّت المحافظة على حرية الملاحة.

8-

[8]

 

[9]- إعلان مونتيفيديو الصادر في 8 أيار/مايو 1970 (وقعت عليه الدول الآتية: الاكوادور، باناما، البرازيل، التشيلي، البيرو، سلفادور، الأرجنتين، نيكاراغوا)

 

[10]-  إعلان ليما الصادر بتاريخ 8 آب/أغسطس  1970 (وقعت عليه الدول الآتية: الاكوادور، باناما، البرازيل، التشيلي، البيرو، سلفادور، الأرجنتين، نيكاراغوا، كولومبيا، جمهورية الدومينيكان، غواتيمالا، هوندوراس، مكسيكو)

 

[11]- ورد في الاعلان ما يأتي:

“…sovereignty or jurisdiction of a coastal State extends beyond its territory and its internal waters to an area of sea adjacent to its coasts to a maximum distance of 200 nautical miles, as well as to the airspace above and the bed and subsoil of that sea”.

وقد ورد في الاعلان أيضًا:

The coastal State has sovereign rights over the renewable and non-renewable natural resources which are found in waters, in the sea-bed and in the subsoil of an area adjacent to the territorial sea called patrimonial sea. The breadth of this zone should be the subject of an international agreement, preferably of a world-wide scope. The whole of the area of both the territorial sea and the patrimonial sea, taking into account geographic circumstances, should not exceed a maximum of 200 nautical miles.

في أفريقيا، إعلان أديس أبابا الصادر بتاريخ 2/7/1973 إعترف بحق كل دولة ساحليّة بإنشاء منطقة إقتصادية خالصة خلف المياه الاقليميّة على ألا تتجاوز حدودها ال 200 ميل بحري تقاس من نقاط الأساس التي تعتمد لتحديد المياه الاقليمية.

 

[12]ذات الاحداثيات:

12-('' 00 .40'38˚N33 ,''00 .40'53˚E33)

[13]-('' 00 .40'38˚N33 ,''00 .40'53˚E33)

 

[14]- ('' 17 .51'31˚N33 ,''78 .8'46˚E33)

 

[15]- .LBN.htm

 

[16]- .ISR.htm

 

[17]- ليوم واحد بين 21 و 25 تشرين الثاني/ نوفمبر2011.

 

[18]-   تجدر الاشارة إلى أنّ الدولة السورية لم تنضمّ إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

 

[19]-  الانجيل المقدس، لوقا 12⁄ 48.

 

The Lebanese Naval border: Demarcation of the exclusive economic zone

Through decades of time, most of the States situated to the East of the Mediterranean were considered deprived if not lacking any portion of the abundant sources of power in the Middle East. However, the past few years have witnessed the discovery of a gas field and large oil reserves in this region.
In Lebanon, estimates have increased and numbers varied and indicated the existence of large quantities of oil and gas. Water and Energy minister declared in 2013 that Lebanon amasses 95.9 trillion cubic feet of gas and 865 million barrel of oil in 45% of its exclusive economic zone.
These quantities have driven Lebanon (as well as other States in the region) to develop their naval laws and to take the necessary and adequate legal steps according to the International law in order to be prepared and able to benefit from these natural treasures. Some of the most important steps taken in this concern are materialized in the demarcation of the naval areas and particularly the naval area where the State exercises sovereign rights with the aim of discovering its natural resources and exploiting them. This area is commonly known as the Exclusive economic zone.
The subject of this study is limited to the issue of demarcating the exclusive economic zone which amasses a large portion of Lebanon’s oil wealth. Thus, we will be shedding light on the concept and importance of this region according to the International Law just before tackling in the second stage the steps taken by Lebanon to demarcate its economic zone and offering some suggestions which might contribute to strengthen the Lebanese position in this regard.
 

Les frontières maritimes du Liban: Délimitation de la zone économique exclusive

On croyait il ya quelques décennies que la majorité des pays se situant sur la Mer  méditerranée sont privés des sources d’énergie se trouvant au Moyen- Orient. Cependant, les dernières années ont témoigné la découverte d’un nouveau champ maritime de gaz et de grandes réserves pétrolières dans cette région.
Au Liban, les estimations se sont multipliées et les nombres indiquant les grandes quantités de pétrole et de gaz ont varié, mais le Ministre de l’Energie et de l’Eau avait déclaré en 2013 que selon les estimations, le Liban possède dans 45% de son eau économique,  95.9 trillions de m2 de gaz et 856 millions de barils de pétrole.
Ces quantités furent un motif pour le Liban (ainsi qu’aux pays voisins) le poussant à développer ses lois maritimes et à prendre les mesures légales nécessaires et convenables, conformément au Droit International, afin de se préparer et de bénéficier de ces ressources naturelles. Parmi les mesures les plus importantes prises à ce niveau, était la délimitation des zones maritimes du Liban, surtout la zone maritime sur laquelle l’Etat exerce des droits souverains, dans le but de découvrir et de profiter de ses ressources naturelles, en d’autres termes il s’agit de la zone économique exclusive «la Zone».
L’objet de cette recherche est limité à la définition et à la délimitation de la Zone économique exclusive qui contient un grand pourcentage de réserves pétrolières du Liban. Par conséquent, on met l’accent en premier lieu sur la définition de cette zone selon le Droit international, son règlement légal, et son importance avant de présenter en second lieu les mesures prises par le Liban afin de limiter sa zone. On y donne également des suggestions qui pourraient être utiles quant au renforcement de la position libanaise à ce propos.