تحقيق عسكري

الحدود البرية مضبوطة بنسبة 90% والعمل مستمر وصولًا إلى 100%
إعداد: جان دارك أبي ياغي

ينتشر الجيش اللبناني على طول الحدود البرية (نحو 450 كلم) التي تمتد من الناقورة جنوبًا إلى العريضة شمالًا، مرورًا بـ: رميش، مارون الراس، راشيا الوادي، المصنع، عرسال، القاع، الهرمل، شدرا والعبودية.
طبيعة القسم الأكبر من الحدود اللبنانية- السورية، جبلية قاسية جدًا ووعرة، لذلك يُعتبر ضبطها ومنع أي مرور غير شرعي عبرها مهمة على درجة عالية من الصعوبة.
كيف ينفّذ الجيش مهماته الحدودية، وخصوصًا على الحدود البرية، وإلى أي حد تُعتبر هذه الحدود ممسوكة؟ وما هو واقع المعابر غير الشرعية في ظل ما يُحكى عن عمليات تهريب تحرم الدولة إيرادات ضخمة؟
رئيس قسم المراقبة في مديرية العمليات العميد الركن أمين القاعي يتحدّث إلى «الجيش» عن الموضوع.

 

بدايةً، يشير العميد الركن القاعي إلى أنّه عند الحديث عن المعابر ينبغي التمييز بين الجوية والبحرية والبرية منها.
العبور جوًا يتمّ من خلال مطار رفيق الحريري الدولي الذي يتولى حمايته جهاز أمن المطار ( يضم وحدات من الجيش، والأمن العام، وقوى الأمن الداخلي، والجمارك) وفق المهمات المناطة بكل جهاز. في ما يتعلّق بالجيش، تقوم كتيبة حماية ومدافعة بحماية المطار، وهي تعمل بالتعاون مع الأجهزة الأخرى لضبط هذا المعبر وفق تقنية عالية وأجهزة تكنولوجية متطوّرة جدًا.
أما المعابر البحرية فهي المرافئ الشرعية في طرابلس، صيدا، بيروت، وصور. وهي تحت رقابة القوات البحرية، وقوات «اليونيفيل» وفق القرار 1701. وهذه المرافئ مضبوطة بشبكة رادارية تغطي كامل الشاطئ اللبناني، إلّا أنّه يوجد بعض الثغرات المتمثلة بالمراكب المطاطية والخشبية المستعملة من قبل المهرّبين والصيادين لتهريب البشر أو المهاجرين والتي لا تطالها أجهزة الرادار. اليوم يتمّ تحديث المنظومة الرادارية على طول الشاطئ اللبناني، على أمل أن يتمّ تركيب كاميرات في المستقبل القريب كتلك الموجودة على الحدود البرية لضبط هذه المراكب في الليل وفي النهار. في الوقت الحاضر، يتمّ التعويض عن هذا الخلل بالطائرات المسيّرة لمراقبة الشاطئ اللبناني.
بالنسبة إلى المعابر البرية، هناك أربع معابر شرعية على الحدود اللبنانية السورية وهي: المصنع، العبودية، العريضة، والقاع. تقوم آلية العمل على هذه المعابر على التعاون بين الأجهزة الأمنية، إذ يؤمّن الجيش الحماية الأمنية، بينما تقوم بقية الأجهزة بتخليص المعاملات في الداخل، كالتدقيق بأوراق المسافرين، وتخليص البضاعة من قبل الجمارك، ويتولى الدرك مسؤولية المخافر... وأي عبور يتمّ خارج هذه النقاط يُعتبر غير شرعي.
على الحدود الجنوبية يفصل معبر الناقورة بين لبنان وفلسطين المحتلّة، وهو معبر أمني - عسكري تستخدمه عناصر الأمم المتحدة لتنقلاتها.
ويوضح العميد الركن القاعي قائلًا: نظرًا إلى تداخل القرى بين لبنان وسوريا، وبما أنّ ترسيم الحدود غير مكتمل بعد في بعض الأماكن، نجد صعوبة أكثر في ضبط المرور غير الشرعي على الحدود البرية، لذا من الممكن تسجيل بعض الاختراقات. لذلك، شكّلت قيادة الجيش أربعة أفواج لضبط الحدود البرية وحمايتها. يُراوح عديد كل من هذه الأفواج  بين 1400 و1500 عسكري، وبالتالي يبلغ عديدها الإجمالي حوالى ستة آلاف عسكري، كما أُنشئت أبراج للمراقبة مجهّزة بأحدث الكاميرات، وذلك بمساعدةٍ ودعم من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.


• كيف تنتشر هذه الأفواج على الحدود؟ وما هو نطاق عملها؟
- يبلغ طول الحدود البرية الشمالية - الشرقية مع سوريا، حوالى 340 كلم، تنتشر على طول هذه الحدود الأفواج البرية المختصة تساندها ألوية أخرى.
تنفّذ هذه الأفواج انتشارًا واسعًا على حدود لبنان الشمالية (من العريضة وصولاً إلى وادي خالد)، والشرقية (من الهرمل- المصنع وصولاً إلى جبل الشيخ). إذ ينتشر كل فوج على مساحة معينة. ففوج الحدود البرية الأول ينتشر على طول 120 كلم (من أول الحدود الشمالية إلى أول الحدود الشرقية)، وهو مزوّد ثمانية أبراج مجهّزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، ويدعمه لواء المشاة الثاني.
وينتشر فوج الحدود البرية الثاني على طول 75 كلم (من جوار الحشيش، مراح الشعب، الهرمل، القاع، وصولاً إلى وادي الحريق)، ويسانده لواء المشاة التاسع.
وفي ما يتعلّق بفوج الحدود البرية الثالث، فهو ينتشر على طول 75 كلم بين المصنع وجبل الشيخ، ويدعمه لواء المشاة الثالث.
أمّا فوج الحدود البرية الرابع فيتولّى مسؤولية 85 كلم تمتد من وادي الحريق وصولاً إلى معربون، وهو مدعوم بلواء المشاة السادس.
هنا يشير العميد الركن القاعي إلى أنّ فوج التدخل السادس ينتشر في منطقةٍ طبيعتها وعرة جدًا تقع بين معربون والمصنع، وهو ينفّذ أيضًا عمليات حفظ أمن في منطقة البقاع (بين أبلح وكفرزبد). ويضيف: طبيعة المناطق التي تنتشر فيها أفواج الحدود البرية الثاني والرابع والثالث هي بمعظمها جبلية وعرة وقاسية جدًا، تتفاوت فيها الارتفاعات وقد تصل إلى 2400م (مركز عش النسر لفوج الحدود البرية الرابع).
تُعزل هذه المراكز كليًا في فصل الشتاء لمدةٍ غير محدودة (قد تصل إلى أكثر من شهر) لذلك كانت تُخلى نظرًا لصعوبة إيصال الطعام لعسكرييها، واستحالة تبديل العسكر إلّا في الحالات الاستثنائية (مرض أو وفاة)، وهذا ما حصل مع فوج الحدود البرية الرابع هذا العام، إذ بقيت الطريق المؤدية إليه مقفلة مدة ثلاثة أشهر بسبب تراكم الثلوج وقساوة فصل الشتاء. مع ذلك أبقت القيادة على جهوزية هذه المراكز وأمرت بعدم إخلائها لضبط الحدود 100%. فبعد معركة «فجر الجرود»، اتُخذت التدابير اللازمة وتمّ تجهيز هذه المراكز بكل المعدات الضرورية، وخضع عناصرها لتدريباتٍ خاصة أهّلتهم لتنفيذ المهمات المطلوبة، والتصدي لأي طارئ قد يحدث.

 

• كيف يتمّ ضبط الحدود؟
- تقوم الأفواج المنتشرة على الحدود بمراقبتها. لكن طبيعة الأرض في بعض الأماكن تجعل من الصعب تغطيتها بواسطة كاميرات المراقبة التي يصل مداها إلى 10 كلم فقط. لذلك، تُعالَج الثغرات من خلال الاستعانة بحسّاساتٍ (Sensors) تطلق إنذارًا عند مرور أشخاص، عندها تتولى الأمر دورية أو طائرة من دون طيّار. إذًا ثمّة ثغرات، لا معابر غير شرعية. ويمكننا الجزم بأنّ الحدود رغم الكثير من الكلام غير المسؤول، هي مضبوطة بنسبة 90%، ونعمل على ضبط الـ10% الباقية بواسطة الحسّاسات والأجهزة المتطوّرة أو الطائرات المسيّرة  ونصب الكمائن، حيث تتعذّر إقامة مراكز ثابتة.

 

• ما هو التغيـير الذي طـرأ على عمـل أفـواج الحدود البرية بعد عملية «فجر الجرود»؟
- بعد عملية «فجر الجرود» وانتصار الجيش على الإرهاب، تمّ نقل مراكز أبراج فوج الحدود البرية الثاني التي كانت خلف المنطقة التي احتلّها الإرهابيون، إلى الحدود اللبنانية - السورية، أي إلى الأماكن التي أخلاها الإرهابيون بعد اندحارهم. وبالتالي، أصبحت التلال المشرفة على الحدود في عهدة الجيش اللبناني. إلى ذلك، حصلت عملية تبديل وانتشار رافقها بناء أبراج على هذه الحدود اللبنانية.
 وفي هذا السياق أيضًا، بنى فوج الحدود البرية الأول بُرجَين جديدَين (لم يتمّ تجهيزهما بعد) يُضافان إلى الثمانية الموجودة لتصبح عشرة أبراج على الحدود الشمالية، بهدف سدّ الثغرات التي سبق ذكرها، وإزالتها كليًا.

في الخلاصة، يوجد على الحدود الشرقية - الشمالية حوالى 76 مركزًا عسكريًا بين برج وقاعدة لوجستية وقاعدة دوريات، تمّ إنشاؤها بتعاونٍ مشترك بريطاني- أميركي.
كما قدّم الجيش الكندي نظرًا إلى تمرّسه في القتال الجبلي، مساعدة تدريبية، فدرّب عسكريين على كيفية التعامل مع ظروف المناخ القاسية والثلج وتحمّل المشقّات...
كذلك، أشار العميد الركن القاعي إلى تشكيل جنود إناث خضعن لتدريبٍ خاص، إلى أفواج الحدود البرية، وذلك بهدف تسهيل التعاطي مع المجتمعات المحلية على الحدود، وتذليل بعض الصعوبات التي تعترض الجيش في تنفيذ مهماته كمداهمة مخيم أو قرية لها خصوصيتها مثلًا.

 

• ماذا عـن الحدود الجنـوبية البريـة والبحرية؟
- يبلغ طول الحدود البرية مع فلسطين المحتلة 100 كلم بحسب القرار 1701. ينتشر على هذا الخـط لواءان وفوج تدخل: لواء المشاة الخامس من الناقورة إلى رميش، ولواء المشاة السابع من العديسة إلى شبعا وجبل الشيخ، وفوج التدخل الخامس من يــارون إلى العديسة. وثمّة 13 منطقة متحفّظ عليها هي مناطق لبنانية.
في ما خصّ الحـدود البحرية، يطرح استخراج النفط  والخلاف على البلوك رقم 9 مشكلة مع العدو الإسرائيلي، إذ تُقاس المنطقة الاقتصــادية الخالصة والمياه الإقليمية من البرّ، مع العلم أنّ هناك قوانين دولية ترعى هذه العملية.
دور الجيش في هذه العملية تأمين الحمايـة وتوفير الظروف الملائمة للشركات العاملة، وتأمين عملية الإنقاذ عند الضرورة...