دراسات وابحاث

الحرب على الإرهاب ونشر الديموقراطية عبر ألوان الربيع حينًا وبلون الدم غالبًا...
إعداد: د. أحمد علو
عميد متقاعد

إن العنف الذي أفرزته حملات الحرب ضد الإرهاب أو أفرزته المجتمعات المعاصرة، وبخاصة تلك المجموعات التكفيرية التي تعمل تحت شعار الدين وتمارس ابشع عمليات الإرهاب وترفض كل القيم الإنسانية وتستبيح كل المحرمات والحريات، يفرض على المجتمع الدولي بشكل عام (الأمم المتحدة) وعلى كل دولة بشكل خاص، وضع استراتيجيات مباشرة وغير مباشرة والتعاون للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدد الحضارة والمجتمعات البشرية بشكل عام.

 

فلسفة الجبناء؟!
أعلن الرئيس الكيني «كينياتا» بعد العملية الإرهابية التي وقعت في 21 أيلول 2013 على مجمع تجاري في العاصمة نيروبي وذهب ضحيتها عشرات القتلى واكثر من 200 جريح من المدنيين العزل والنساء والأطفال، أن «الإرهاب هو فلسفة الجبناء».
وكان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن قد أعلن في 20 أيلول 2001 بعد الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة في 11 أيلول أن: «الحرب على الإرهاب لن تنتهي حتى يتم الوصول إلى كل المجموعات الإرهابية في العالم ووقفها والقضاء عليها،إنها مهمة لن تنتهي».
وفي خطابه في 20 تشرين الثاني من العام ذاته بعيد بدء الحرب على الإرهاب في أفغانستان، خاطب دول العالم بالقول: «إما أن تكونوا معنا أو مع الإرهاب».

 

الحرب على الإرهاب
قامت بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية بابتكار مصطلح الحرب على الإرهاب بجميع الوسائل الممكنة (حملات عسكرية واقتصادية وإعلامية) بهدف القضاء على الإرهاب ومعاقبة الدول التي تدعمه. بدأت هذه الحملة بعد أحداث 11 أيلول من العام 2001 في نيويورك وأدت دورًا مركزيًا في سياسة الرئيس الأميركي جورج بوش على الصعيدين الداخلي والعالمي. وشكلت هذه الحرب انعطافة تاريخية في العلاقات الدولية وصفها العديد من الباحثين بالخطيرة وغير المسبوقة في التاريخ، لكونها حربًا غير واضحة المعالم تتميز عن الحروب التقليدية بتعدد أبعادها وأهدافها ومسارحها.
 في أيار 2010 قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التخلي عن مصطلح «الحرب على الإرهاب»، والتركيز على ما يوصف بـ«الإرهاب الداخلي»، وذلك في استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي. ونصت الوثيقة الصادرة آنذاك على أن الولايات المتحدة «ليست في حالة حرب عالمية على «الإرهاب» أو على «الإسلام»، بل إنها في حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة و«الإرهابيين» المرتبطين بها».

 

11 أيلول والتداعيات
شكلت العملية الإرهابية التي وقعت في 11 أيلول 2001 ضد الولايات المتحدة الأميركية والتي راح ضحيتها حوالى 3 آلاف شخص من المدنيين الأبرياء، نقطة تحول كبرى في مجريات الأحداث العالمية التي أعقبتها، في الولايات المتحدة نفسها وفي معظم دول العالم، وانعكست على سياسات هذه الدول وتوجهاتها الأمنية حيال الداخل الوطني والخارج الدولي. واستنفرت معظم الدول أجهزتها ووسائلها المادية والعسكرية والاستخباراتية وجيوشها تحت شعار الحرب على الإرهاب، وقد بدأتها الولايات المتحدة مع بعض حلفائها بشن حرب على أفغانستان التي تأوي منظمة القاعدة وهي ما تزال مستمرة حتى اليوم، وألحقتها بحرب ضد العراق واحتلته بحجة واهية هي امتلاك أسلحة الدمار الشامل لكونه يشكل خطرًا احتماليًا ضد أمنها في المستقبل.
بعد أقل من 24 ساعة على أحداث 11 أيلول 2001، أعلن حلف شمال الأطلسي أن الهجوم على أي دولة عضو في الحلف هو بمثابة هجوم على كل الدول الأعضاء. وكان لهول العملية تأثير كبير على حشد الدعم الدولي للولايات المتحدة، ونسي الحزبان الرئيسان في الكونغرس ومجلس الشيوخ خلافاتهما الداخلية.
في المقابل برز تباين شاسع بين المواقف الرسمية الحكومية لبعض الدول العربية والإسلامية مع الرأي العام السائد في الشارع الذي كان، إما لامباليًا أو على قناعة بأن الضربة في 11 أيلول كانت نتيجة ما وصفه البعض «بالتدخل الأميركي في شؤون العالم».
إذًا، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب، واعتبرت بعض المناطق الجغرافية مسارح لها، وهذه المناطق هي:
- جنوب آسيا وبالتحديد أفغانستان وباكستان.
- الشرق الأوسط، وبالتحديد العراق والسعودية واليمن.
- جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وبالتحديد الشيشان وجورجيا وأوزبكستان.                                                              
-  جنوب شرق آسيا، وبالتحديد الفيليبين وتايلندا وإندونيسيا.
-  أفريقيا، وبالتحديد جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا وكينيا والصومال والسودان وجمهورية تنزانيا المتحدة.

 

أصابع الاتهام!؟
بعد فترة قصيرة من أحداث 11 أيلول 2001 وجهت الولايات المتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن الذي صرّح في 16 أيلول من على شاشة قناة الجزيرة الإخبارية، أنه لم يقم بتلك العملية التي وحسب تعبيره، «قد تكون جماعة لها أهدافها الخاصة بها وراءها». وفي 28 أيلول صرّح من جديد لصحيفة الأمة Daily Ummat أن ليس له اي علاقة بالضربة ولم يكن على علم بها، ليعود ويعلن في 29 تشرين الأول من العام 2004 مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم. ويجدر بالإشارة هنا أن القوات الأميركية عثرت في تشرين الثاني 2001 على شريط في بيت مهدم من جراء القصف في جلال آباد يظهر أسامة بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية.

 

غزو أفغانستان
يعتبر البعض أن غزو أفغانستان كان أول جولة عسكرية في الحرب على الإرهاب، وكانت القوات المشاركة في البداية هي قوات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقوات التحالف الأفغاني الشمالي التي كانت عبارة عن مجموعة من القوات الأفغانية المختلفة المعارضة لحكومة طالبان الإسلامية. وانضمت في ما بعد إلى الحملة الأميركية قوات من ألمانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وباكستان وبولندا وكوريا الجنوبية.  
بعد أحداث 11 أيلول 2001 وقعت سلسلة من الأحداث التي أدت تدريجًا إلى بلورة فكرة الحرب على العراق ونشوء فكرة محور الشر الذي استعمله الرئيس الأميركي جورج بوش لوصف دول العراق وإيران وكوريا الشمالية، وأيضًا إلى نشوء فكرة الهجوم الإستباقي بهدف الدفاع عن النفس.
حظيت الولايات المتحدة بتأييد شبه مطلق في إعلانها الحرب على الإرهاب وحظيت عملية غزو أفغانستان 2001 بدعم كبير مقارنة بالتشتت في الآراء الذي صاحب الجولة العسكرية الثانية من الحرب على الإرهاب والتي سميت غزو العراق 2003، حيث ساندته المملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية وبولندا وأستراليا فقط، وعارضته كندا وألمانيا وفرنسا وباكستان ونيوزيلندا.

 

آراء في الحرب على الإرهاب
«إنطلاق الكلاشينكوف دليل على عجز الحروف، وصوت الطلقات تعبير عن قصور الكلمات» (الكاتب والمفكر المصري فرج فودة وقد اغتاله الأخوان المسلمون).
«الإرهاب ليس عدوًا، أنه تكتيك» (الكاتب الأميركي فرنسيس فوكوياما).
«الحرب على الإرهاب تبدو وكأنها حرب ضد الإسلام» (المدعي العام الأميركي رامسي كلارك).                   
 رأى بعض منتقدي الحرب على الإرهاب «أن هذه الحرب ما هي إلا صيرورة أميركية للهيمنة على العالم، من خلال السيطرة على منابع النفط و خطوط أنابيبها».
ويرى بعض المفكرين الأميركيين ان الولايات المتحدة الأميركية في حربها على الإرهاب خسرت الكثير من الحريات وربحت القليل من الأمن.
كذلك يرى منتقدون آخرون «أن الحرب على الإرهاب خلقت ايديولوجية الخوف والقمع التي ولّدت اعداء وعززت العنف»، معتبرين أن «الحملة العالمية على الإرهاب أصبحت مبررًا لبعض الحكومات لقمع القوى المعارضة فيها وتجاوز القانون الدولي وحقوق الإنسان، وأن على الحكومات أن تواجه الإرهاب من خلال تعاون دولي يستخدم القانون الدولي ويحترم الحريات المدنية وحقوق الانسان. وكذلك على الحكومات ان تواجه جذور الإرهاب وأسبابه كالتهميش السياسي، والإجحاف بحق بعض الفئات الاجتماعية في بعض الدول التي ترعى الارهاب والفقر».
من جهته يرى المفكر والفيلسوف الأميركي المعاصر نعوم تشومسكي أن «القتل الغاشم للمدنيين هو إرهاب وليس حربًا على الإرهاب».
ويقول المفكر العربي جلال أمين في الموضوع ذاته: «هناك دولة أو مجموعة من الدول وبخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل دأبت على استخدام هذا اللفظ (الإرهاب) لوصف كثير من الأعمال المعادية لها، بل ولتبرير شن حروب ضد دول لا خطر منها، ولا تشكل أى تهديد حقيقي، لتحقيق أهداف غير معلنة، ولا تتفق مع المبادئ الإنسانية السائدة، فبدلًا من ذكر الحقيقة، يقال إن الحرب شُنت «لمكافحة الإرهاب».

 

أبرز العمليات الإرهابية في العالم
نورد في ما يأتي سلسلة من الأحداث التي تم اعتبارها كأسباب لبداية إعلان الحرب على الإرهاب.
• في 26 شباط من العام 1993 تم تفجير سيارة مفخخة في مرأب بناية مركز التجارة العالمية في نيويورك؛ وأسفر هذا الانفجار عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ألف شخص بجروح. قام بتنفيذ هذه العملية حسب وكالة المخابرات الأميركية المواطن الكويتي رمزي يوسف (من أصول باكستانية)، دخل الولايات المتحدة بجواز سفر عراقي، وهو إبن أخ خالد شيخ محمد، أحد قياديي منظمة القاعدة، وقد تم القبض عليه في باكستان العام 2003. وحسب المصدر نفسه فإن يوسف تعاون مع الأميركي من أصول عراقية عبد الرحمن ياسين لوضع السيارة المفخخة في مرأب بناية مركز التجارة العالمية في نيويورك والتي كانت تزن 600 كلغ من مادة «تي إن تي». وقد انفجرت السيارة المفخخة في الساعة 12:17 ظهرًا بتوقيت نيويورك وفرّ يوسف رمزي إلى باكستان بعد ساعات من العملية وبقي فيها إلى أن تم إلقاء القبض عليه في 7 شباط 1995، وحكمت عليه محكمة أميركية بالسجن المؤبد، وهو حاليًا في أحد سجون ولاية كولورادو. أما بالنسبة لعبد الرحمن ياسين فهو من مواليد الولايات المتحدة لأبوين عراقيين، ويعتقد أنه حاليًا في العراق وهو على لائحة المطلوبين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.
• تفجير المبنى الفدرالي في مدينة اوكلاهوما سيتي في الولايات المتحدة في 19 نيسان العام 1995 والذي أودى بحياة 168 شخصًا، ونفذه اميركيان متعاطفان مع حركة «الداووديين».
• في 7 آب 1998 تمّ تفجير سفارتي الولايات المتحدة في دار السلام عاصمة تنزانيا ونيروبي عاصمة كينيا، واتهمت منظمة القاعدة بتنفيذ الهجمتين اللتين أسفرتا عن سقوط 225 قتيلا وجرح أكثر من 4000 شخص. وهذه الهجمة أدت إلى انتشار اسم أسامة بن لادن على النطاق العالمي. وقام الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون بإصدار أوامره (في  20 آب 1998) بقصف أهداف في السودان وأفغانستان بصواريخ «توما هوك»، وكان من ضمن الأهداف مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم الذي زعمت الولايات المتحدة بأنه شركة كانت تساند أسامة بن لادن ماليًا، وقد طالبت حكومة السودان الولايات المتحدة باعتذار رسمي ولكن من دون جدوى. أما في أفغانستان فقد كانت الأهداف عبارة عما وصفه بيل كلينتون بمعسكرات لتدريب الارهابيين.
• في 12 تشرين الأول من العام 2000، تمّ تنفيذ إحدى العمليات الانتحارية على بارجة USS Cole في ميناء عدن في اليمن، وكانت البارجة راسية في المياه اليمنية لغرض التزود بالوقود. وفي الساعة 11:18 قبل الظهر بتوقيت عدن، اقترب قارب صغير من الناقلة واصطدم بها محدثًا انفجارًا خلف فتحة بطول 12 مترًا على جانب الناقلة، فقتل 17 من الملاحين وأصيب 39 آخرون بجروح. وتبين في ما بعد أن منفذي العملية كانا عضوين في منظمة القاعدة.  وبعد أكثر من سنتين وبالتحديد في 3 تشرين الثاني من العام 2002 أطلق عناصر من وكالة المخابرات الأميركية النار على سيارة كانت تقل أبو علي الحارثي وأحمد حجازي فوق الأراضي اليمنية اللذين اعتبرتهما الوكالة من المخططين الرئيسيين للعملية.
• في سياق أبرز العمليات الإرهابية من تفجير سيارات وعمليات انتحارية في أماكن العبادة، وخطف طائرات ونشر الغاز وارتكاب مذابح واحتجاز رهائن وغيرها، والتي وقعت خلال العقدين الماضيين في دول مختلفة في العالم، يمكن ذكر ما يأتي:
- خطف الطائرة الكويتية «الجابرية» (1988).
- نشر غاز السارين في نفق للقطارات في اليابان (1995) من قبل جماعة «أوم شنريكيو» الدينية المتطرفة.
- تفجيرات مانشستر (1996) التي قام بها الجيش الجمهوري الإيرلندي.
- تفجير طائرة البانام الأميركية فوق بلدة لوكربي في اسكوتلندا (1988).
- تفجيرات ارهابية في الرياض والخبر في المملكة العربية السعودية (1995، 1996) قام بها اسامة بن لادن ضد الوجود الاميركي في المملكة.
- عمليات تفجير نفذتها المنظمات الشيشانية ضد روسيا في موسكو (أيلول 1999 وما بعده).
- عمليات ارهابية في الفيليبين (2010 و2011) نفذتها جماعة ابو سياف المرتبطة بالقاعدة.
- عمليات التفجير شبه اليومية في العراق (منذ العام 2003 وصولًا إلى اليوم) والتي ارتكبت ضد المدنيين ومقرات الأمم المتحدة وأماكن العبادة والمقامات الإسلامية والمسيحية، وبخاصة تفجير كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك (31 تشرين الثاني 2010) وامتدادًا الى اليوم.
- تفجيرات مدريد (2004)، وتفجيرات لندن (7 تموز 2005).
- تفجيرات بعض الكنائس في مصر (2011 و2013).
- احتجاز رهائن (16 كانون الثاني 2013) في عين امناس في الجزائر، من قبل متطرفين إسلاميين منشقين عن القاعدة.
- اقتحام احد المراكز التجارية في نيروبي عاصمة كينيا (21 أيلول 2013) وسقوط عشرات القتلى والجرحى واحتجاز رهائن من قبل منظمة الشباب الإسلامي الصومالية الإرهابية.
- تفجير سيارة امام كنيسة في بيشاور في الباكستان (22 أيلول 2013) وسقوط عشرات القتلى و الجرحى.
- هجوم مجموعة إرهابية في نيجيريا تدعى جماعة بوكو حرام (29 أيلول 2013) على إحدى المدارس وقتل أكثر من 50 طالبًا.
• أما في لبــنان فقد حصل العديد من العمليات الإرهابية بالإضافة إلى اغتيال بعض الشخصيــات الوطنية المدنية والعسكــرية، فــإن أبــرز هذه العمليات كان:                              
- الاعتداء على الجيش اللبناني من قبل مجموعة الضنية (2000)، ومجموعة فتح الإسلام (2007)، ومجموعة احمد الأسير (2013)، وقد قام الجيش بالقضاء على هذه المجموعات.
- قيام بعض المجموعات الإرهابية على الحدود اللبنانية - السورية بقتل أو خطف بعض المواطنين اللبنانيين وبعض العسكريين.
- حوادث إطلاق الصواريخ إلى داخل الأراضي اللبنانية من قبل منظمات إرهابية مسلحة في سوريا، وإطلاق صواريخ من الداخل اللبناني باتجاه الضاحية الجنوبية لبيروت واليرزة – بعبدا والجمهور (صيف العام 2013).
- تفجير سيارات مفخخة في الضاحية الجنوبية لبيروت (صيف العام 2013) وأيضًا في بئر العبد والرويس، وأمام مسجدين في طرابلس، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من المدنيين العزل.

 

الحزام الناري
يبدو أن العمليات الإرهابية تتزايد اليوم بوتيرة مرتفعة عن السابق وبخاصة في المناطق التي تشهد ضعفًا أو صراعات داخلية في دولها على السلطة وأشكال أنظمة الحكم، والمتهم الأساسي في هذه العمليات يتمثل في القاعدة والمنظمات الإسلامية التكفيرية المتطرفة المرتبطة بها بشكل أو بآخر. فمن الفيليبين وأندونيسيا إلى ميانمار والهند وأفغانستان والباكستان واليمن فالصومال وكينيا، ومن نيجيريا إلى مالي، ومن الجزائر إلى تونس وليبيا ومصر وسوريا والعراق ولبنان وتركيا والقوقاز، يبدو أن ثمة حزامًا ناريًا يشتعل و يهدد بتفجير المنطقة.
والمفارقة أن معظم هذه الدول إسلامية، وهي إما دول بترولية أو محاذية لدول نفطية ولكنها ذات أهمية جيو ستراتيجية لمرور خطوط انابيب النفط والغاز باتجاه البحار والغرب.
يعتبر بعض المفكرين أن الإرهاب اليوم هو الوجه الآخر للعولمة وهيمنة القطب الواحد، فكلاهما تطرف: عنف السياسات مقابل عنف الأعمال الإرهابية، الغنى الفاحش مقابل الفقر المدقع، عنف الهيمنة واستغلال الشعوب مقابل عنف الهوية وممانعتها لمحاولة الإلغاء من قبل الآخر. كما يجادل البعض الآخر في كون الإرهاب هو حرب الفقراء، وهو استخدام العنف كحرب نفسية لصنع الدعاية ولفت الأنظار.

 

شعارات ومعايير مزدوجة ودم
انطلاقًا مما تقدم يرى البعض أن هذه المنظمات تستخدم الإرهاب بهدف ترويع الناس والحكام للوصول إلى اهدافها وتسلّم الحكم للحفاظ على ثرواتها الوطنية بعد القضاء على الأنظمة السياسية العلمانية القائمة، وبناء امبراطوريتها الإسلامية المزعومة أو هويتها الوطنية.
ويرى البعض الآخر أن بعض هذه المنظمات الإرهابية هو صناعة دولية بهدف «خلق التبرير لمحاربتها». فمن خلال محاربة الإرهاب يتم التدخل في شؤون الدول والشعوب بهدف تغيير الأنظمة المعارضة في العالم أو جعلها تذعن لهيمنة الدول الغربية واستمرار سيطرتها على ثروات هذه الدول من نفط وغاز وموارد اخرى، وتأمين المرور السلس والآمن لهذه الموارد الى الغرب.
ولكن الواضح أن كل هذه الأعمال الإرهابية تستهدف المدنيين العزل بهدف ترويعهم وقتل اكبر عدد منهم من دون مراعاة لدين أو فكر انساني أو سياسي واضح. لذلك من الضروري التصدي لها ومحاربتها أمنيًا وعسكريًا وإعلاميًا، من جهة، ومن جهة أخرى العمل على القضاء على أسبابها من خلال التعليم والتنمية الإقتصادية والبشرية والفكرية، ومراقبة الفضائيات التي تساهم في نشر الجهل والتخلف والأفكار الدينية المتطرفة والمتعصبة، والعمل الجدي من قبل الدول المتقدمة في المساعدة على إقامة الحكم الرشيد والعادل في المجتمعات والدول التي تشكل بيئة حاضنة ولاّدة لمثل هذه الأفكار، وليس الاكتفاء برفع الشعارات الفارغة عن حقوق الإنسان والمعايير المزدوجة في التعامل مع الإرهاب والدفع إلى قيام الثورات ونشر الديمقراطية، تارة بألوان زهور الربيع، وطورًا بألوان قوس قزح والتي تكون غالبًا بلون..الدم.

 

المراجع:
-Terrorismes, violence et propagande, par Francois-Bernard Huyghe (2011).
- en.wikipedia.org/wiki/Criticism_of_the_War_on_Terror‎