الخريطة الحزبية والسياسية في أسرائيل: دينامية الانقسامات والتحولات

الخريطة الحزبية والسياسية في أسرائيل: دينامية الانقسامات والتحولات
إعداد: احسان مرتضى
باحث في الشؤون الاسرائيلية

مقدمة

تعتبر التعددية الأثنية من أبرز سمات المجتمع الصهيوني، مجتمع المستوطنين المهاجرين الذين قدموا من مختلف أصقاع الدنيا حاملين معهم موروثاتهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وتحت تأثير هذه التعددية المستقطبة، ظهرت التعددية الحزبية التي جسدت واقع التشرذم السياسي في الكيان الصهيوني. وما من شك في أن الهجرات المتعاقبة والمتوالية صعوداً أو هبوطاً، من وإلى الكيان، تقوم بدور حساس وفعال لجهة الحفاظ أو عدم الحفاظ على تناسب القوى الحزبية والسياسية وتوازنها، وطبيعة توزعها واقتسامها على أساس المفاتيح الحزبية أي بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل حزب أثناء الانتخابات العامة.

الواقع ان الهجرات تتسبب غالباً بحالات من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي، لاسيما على ضوء سعي المهاجرين الجدد (حالة اليهود الروس بصورة خاصة) إلى تحسين أوضاعهم ومواقعهم في سلم الأفضليات الاجتماعية. ومع مرور الزمن، من الطبيعي ان يتحول المهاجرون الجدد إلى مهاجرين قدماء، وينخرطون بالتالي في لعبة تقاسم "الجبنة" الداخلية، بعد أن تخف تأثيرات الأحزاب التي استقبلتهم للمرة الأولى على أرض إسرائيل. وهنا تبدأ رحلة البحث عن ارتباط جديد بحزب جديد يرضي تطلعاتهم المتجددة ([1]).

وبفعل تشرذم المصالح، تشرذمت الخريطة الحزبية والسياسية الإسرائيلية، حتى باتت تحفل بمختلف أنواع الأحزاب التي يمكن تصور وجودها في قارة بأكملها، بحيث بات من الصعب الإتيان على ذكر أيديولوجيا ما في العالم من دون أن نجد لها تجسيداً في أحد الأحزاب الإسرائيلية سواء كانت علمانية أو دينية، يسارية أو يمينية، وسطية أو شوفينية أو ليبرالية الخ... وإذ انطوت هذه الظاهرة على أبعاد سلبية كما تقدم فإنها مع ذلك يمكن أن تنطوي على أبعاد إيجابية لصالح اسرائيل من أبرزها ما يلي:

1- إعطاء اللعبة الديمقراطية في الكنيست (البرلمان) والانتخابات العامة قدراً أكبر من الصدقية.

2- امتصاص ظواهر الاحتجاج والتململ والانشقاق، سواء داخل الأحزاب الكبيرة والصغيرة أم في أوساط المجتمع الإسرائيلي.

3- المساهمة في تسهيل المهمة السياسية للكيان العبري في المنطقة، من خلال التلاعب بألوان الطيف السياسي ما بين متطرفين ومتساهلين، بهدف إحداث الفرقة والبلبلة في صفوف الجانب العربي والفلسطيني بين مؤيد أو معارض لهذا الحزب أو ذاك )المبادرات السياسية الوهمية التي لا تنتهي ولا تؤدي في النهاية إلى أية نتيجة عملية).

4- الأحزاب السياسية هي التي توفر الطاقة البشرية اللازمة للأهداف والآليات العسكرية الصهيونية وهي التي تساعد أيضاً في تجذير الهجرة والاستيطان وتوريط الشباب اليهودي في مشاريع وقضايا لا خروج منها بسهولة.

5- التغطية على فشل الصهيونية في دمج الطوائف والمذاهب اليهودية المختلفة من علمانية أو دينية.

6- المساهمة في اللعبة السياسية الدولية والدخول على أكثر من خط حزبي وسياسي في العالم وخصوصاً في الدول صاحبة القرار مثل أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وسواها.

7- إن طبيعة الأحزاب الإسرائيلية وتبني اغلبها الصهيونية كأيديولوجيا سياسية، يجعل الصراع ينحصر بينها على كيفية الوصول إلى السلطة والسيطرة على مواقع اتخاذ القرار اكثر من أي شيء آخر، وذلك ضمن الإطار العام المتفق عليه لمصلحة الدولة. وهذا ما عبر عنه رئيس أركان العدو السابق رفائيل ايتان بقوله: "إن الفارق بين الأحزاب اليوم في إسرائيل أصبح شبه منعدم.. والخلاف بينها يدور فقط في القضايا الهامشية"([2]). ولهذا السبب أصبحت الانقسامات الحزبية عملية شبه بديهية ولا تشكل خرقاً للنواميس الحزبية أو الأيديولوجية. وبوسع الطرف المنقسم، سواء أكان فرداً أم جماعة، أن يبقى في أحضان الحزب الأم، أو أن يبدل تحالفه مع كتل أخرى. وكثيراً ما نرى حلفاء الكتلة الواحدة يتحولون إلى أخصام ثم يعودون إلى مواقعهم السابقة مثلما حصل مع دافيد ليفي وروني ميلو وايهود أولمرت ودان مريدور وسواهم، ممن خرجوا من الليكود ثم عادوا اليه.

انطلاقاً من هذه المقدمة العامة، سنحاول تسليط أكبر قدر من الضوء على الصيرورات الحزبية والسياسية في الكيان الصهيوني، مع محاولة استقراء واستطلاع مختلف التحولات التي طرأت على هذه الصيرورات على مدى العقد المنصرم الذي شهد تطورات دراماتيكية كبيرة ومفصلية بصورة خاصة في الحزبين الكبيرين الأساسيين: الليكود والعمل.

 

1- مرحلة جديدة من الانقسامات الحزبية

يتكون النسيج الاجتماعي الإسرائيلي من مكونات غير متجانسة، تضم بقايا السكان الشرعيين من الشعب الفلسطيني في أراضي 1948، وأخلاطاً متنافرة من المستوطنين الذين قدموا الى فلسطين بطرق مختلفة وأوقات مختلفة من سائر أنحاء العالم. وعلى الرغم محاولة إسرائيل صهر هذه العناصر في بوتقة واحدة من خلال تعميم الأيديولوجيا الصهيونية بتياراتها المختلفة (العلمانية، الاشتراكية، الليبرالية والدينية)، فقد كانت النتائج مخيبة للآمال، إذ أنه بعد مرور نحو 56 سنة على إنشاء الدولة، تبدو الروابط الصهيونية المفروضة في حالة اضمحلال تدريجي، ويرتفع بدلاً منها الصوت الأثني والديني اللاصهيوني والقطاعي المصلحي والقومي العربي والإسلامي والتقليدي، بحيث تتغير التوازنات الحزبية والسياسية منذرة بتحولات شاملة في البنية القومية الإسرائيلية، تتجلى في النقاط والدلالات التالية:

1- فشل النظرية الصهيونية في إقامة المجتمع الخالي من التناقضات، وفشل الزواج المقدس بين الدين والدولة.

2- افتضاح جوهر الصهيونية الفاشي أمام الرأي العام العالمي والمحلي.

3- عدم مقدرة حزب واحد على تشكيل حكومة بمفرده، وحتمية دخول الأحزاب الصغيرة في مختلف الائتلافات الحكومية، مما يعطيها القدرة على حرية المناورة والابتزاز المالي والسياسي.

4- تزايد الأحزاب الطائفية والأثنية والقطاعية نتيجة الاستقطاب المتفاقم بين مختلف مجموعات المهاجرين القدماء والجدد من حيث تضارب المصالح في شأن تقاسم المنافع الوطنية.

من هنا تبدو العلاقة بين مكونات الطيف الحزبي والخريطة السياسية المنوطة به، علاقة صراع جدي وربما دموي في بعض الأحيان سواء على صعيد العلاقات بين المتدينين والعلمانيين (مصرع رابين) أم على صعيد العلاقات القومية العربية واليهودية أيضاً ([3]). فهذه الانقسامات هي مظاهر لصراعات ممتدة تتضمن أبعاداً طبقية وثقافية وحضارية تضرب جذورها في أساس البنيان الإسرائيلي.(أنظر خريطة الانقسامات الإسرائيلية).


 

 

 

ولقد اتخذت هذه الانقسامات والصراعات مع مرور الزمن، أطراً سياسية مؤسسية تعبر عنها وتكرسها، وتنعكس بصورة مباشرة في الأداء السياسي العام للدولة وائتلافاتها الحكومية المختلفة.

وهكذا وبدلاً من ان تتحول "دولة إسرائيل" الى نوع من "جمهورية فاضلة" بالنسبة لجميع اليهود في العالم، فإنها تحولت إلى ساحة صراع واختلاف بين تيارات حزبية وأثنية تعيش التضارب والتناقض بين انتماءاتها الأيديولوجية السابقة وواقعها الاستيطاني الجديد. فاليهودي الروسي الذي كان يهودياً أولاً وروسياً ثانياً في روسيا، عاد ليكون روسياً أولاً ويهوديا ثانياً في إسرائيل، وكذلك هي الحال بالنسبة للمغاربة والأثيوبيين وحتى الأميركيين والأوروبيين، لاسيما بعد أن انكشفت آليات التمييز الطبقي والاثني والثقافي وتهافتت شعارات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسواها. وتبين أن ما يسمى باليمين واليسار في إسرائيل لا يخضع أي منهما لمعايير ثابتة وواضحة بل ثمة اعتبارات متعددة لتحديد ذلك أهمها:

  • من حيث الهوية، وبالأخص تحديد الموقف من الدين، فإن الأحزاب التقليدية والمتدينة تبدو أحزاباً يمينية، مقابل الأحزاب العلمانية التي ترفع شعارات حقوق الإنسان والمساواة والتي تندرج ضمن اليسار.
  • من حيث التكوين الطبقي، يبدو أن الأمر ينطوي على مفارقة، إذ تمثل الأحزاب اليسارية الطبقات المترفة وفئة الرأسماليين الكبار الداعين إلى التسويات السلمية، في حين أن جمهورها هو من بين الطبقات الدنيا الفقيرة، وإن كان هذا الأمر قد تعدل خلال العقد الأخير عندما يئست هذه الطبقات من تمثيل الحزبين الكبيرين (العمل والليكود) لمصالحهما، فنشأت الأحزاب القطاعية مثل شاس والأحزاب الروسية والأحزاب القومية العربية الخ...
  • من حيث الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي، إذ يبدو موقف الأحزاب المتشددة في التمسك بالأراضي المحتلة عام1967 يمينياً، والآخر المتساهل يسارياً، في حين طرأ تحول حقيقي على مواقف الأحزاب اليسارية، وفي مقدمتها حزبا العمل وميرتس، التي تنصلت من مساعيها التسووية (إسقاط أوسلو ورفض العودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967) والانتقال يميناً بهدف الفوز في الانتخابات البرلمانية والخاصة برئاسة الحكومة، والحدّ من الخسائر الكبيرة، وبذلك اتسعت المساحة المشتركة التي تجمع الأحزاب اليهودية من اليمين واليسار في الوسط، في مقابل الأحزاب العربية التي بقيت لوحدها مع فلول الشيوعيين تمثل اليسار الحقيقي في إسرائيل.

على ضوء ما تقدم اختلطت ألوان الطيف الحزبي والسياسي داخل الكيان العبري، وازدادت حدة المنافسة والصراع بين أحزاب الخط الواحد، فشهدنا صراعاً علمانياً علمانياً (بين حزبي شينوي وميرتس) ودينياً دينياً (بين شاس ويهدوت هاتوراه والمفدال) وصراعاً بين ممثلي الروس (مثل الصراع بين حزبي إسرائيل بعالياه وإسرائيل بيتنا).

وتبين أنه توجد أحزاب ذات مواقف ملتبسة ويصعب تصنيفها مثل حزب شاس الذي هو حزب ديني شرقي ولكنه لا يقوم على أصوات المتدينين بالضرورة بل على أصوات اليهود الشرقيين، وخصوصاً المغاربة ممن يقفون موقفاً وسطاً بين العلمانية والتدين، إنما تجمعهم معاناة الفقر والتخلف الثقافي والتمييز الأثني. وموقف هذا الحزب من عملية التسوية لا يصنف يمينياً ولا يسارياً، بل هو موقف نفعي. والشاهد على ذلك أن هذا الحزب هدد بإسقاط حكومة رابين بالانسحاب منها احتجاجاً على اتفاق أوسلو عام ,1993 ثم هدد بإسقاط حكومة نتنياهو احتجاجا على تلكُّئه في تطبيق اتفاق واي ريفر، وهدد بإسقاط حكومة باراك إذا انسحب من الجولان ... ومغزى هذا أنه يتخذ من القضايا السياسية وسيلة ابتزاز لا أكثر من أجل دعم ميزانية شبكة مؤسساته الخدماتية والتربوية والاجتماعية الخاصة باليهود الشرقيين حصراً.

 

2- الأحزاب وتموضعها في الهيكلية السياسية

أشرنا إلى أن المجتمع الإسرائيلي يخضع لانقسامات عديدة اثنية ودينية وأيديولوجية تشكل المنطلق لولادة وفرز مختلف الأحزاب ضمن دوائر تصنيف اصطلاحية يمكن إجمالها في التصنيفات التالية:

1- على مستوى الانقسامات الأثنية هناك أحزاب عديدة أهمها عند اليهود: الليكود، العمل، شينوي، ميرتس، شاس، المفدال، يهدوت، هاتوراه والوحدة الوطنية، وعند العرب: الحركة الإسلامية، الديمقراطي العربي، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمّع الوطني الديمقراطي والحركة العربية للتغيير.

2- على مستوى الانقسام بين علمانيين ومتدينين نجد من الأحزاب العلمانية أحزاب عربية مثل الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحزب الديمقراطي العربي، والتجمع الديمقراطي العربي والحركة الحزبية للتغيير، واخرى يهودية مثل العمل والليكود وميرتس وشينوي والمركز وإسرائيل بعالياه وإسرائيل بيتنا والوحدة الوطنية وشعب واحد.

3- على مستوى الانقسام الأيديولوجي نجد أحزاب اليمين (وهي قسمان يميني ديني مثل شاس والمفدال ويهودية التوراه، ويميني علماني مثل الوحدة الوطنية وإسرائيل بعالياه وإسرائيل بيتنا والليكود وغيشر). ثم أحزاب اليسار (وهي يسار يهودي أقرب إلى الوسط مثل ميرتس وشينوي والعمل والمركز وشعب واحد، ثم يسار عربي مثل القائمة العربية الموحدة والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير).

على ضوء هذه التصنيفات سنورد بعض الملخصات التعريفية بأبرز الأحزاب الاسرائيلية، على أن نخصص البحث التفصيلي الموسع للحزبين الكبيرين (الليكود والعمل) لكونهما الجوادين الأساسيين القادرين على جر الدولة في هذا الاتجاه المصيري أو ذاك، وأيضاً لضرورات أخرى تفرضها مساحة البحث، علماً بأن عدد الأحزاب الممثلة في الكنيست السادس عشر الحالي هو 13 حزباً، وكان هذا العدد في الكنيست السابق 12 حزبا*ً.

-  حزب شاس (حزب حراس التوراة الشرقيين): ظهر في أوائل السبعينات بقيادة زعيمه الروحي الحاخام عوفديا يوسف. وهو يعبر عن اتجاهات دينية وأثنية (اليهود الشرقيين وخصوصاً المغاربة). فاز في انتخابات عام 1984 بأربعة مقاعد. شارك في ائتلاف عام 1992 بزعامة رابين، ثم انسحب منه من دون أن ينضم الى المعارضة. وفي انتخابات عام 1996 حصل على 10 مقاعد في الكنيست، وفي انتخابات عام 1999 فاز بـ 17 مقعداً وأصبح القوة الدينية الأولى والقوة السياسية الثالثة في إسرائيل، لكنه ما لبث أن تراجع إلى 11 مقعداً فقط في انتخابات 28 كانون الثاني 2003.

- حزب شينوي (التغيير): تأسس عام 1974 بزعامة البروفسور آمنون روبنشتاين اثر انشقاقه عن حزب العمل. وهو حزب ليبرالي يدعم عملية التسوية المشروطة ويؤيد الخصخصة والاقتصاد الحر. يقوده حالياً تومي (يوسف) لابيد المحامي والصحافي اللاذع اللسان الذي قاد حملة قاسية ضد الحاخامات. قفز تمثيله في الكنيست من 6 مقاعد سابقاً الى 15 مقعداً في الكنيست الحالي.

-  حزب ميرتس: يساري علماني تشكل قبيل انتخابات عام 1992 من اندماج ثلاثة أحزاب صغيرة هي المابام وراتس وشينوي. من أهدافه دعم الحقوق الإنسانية والمدنية، والمساواة التامة بين جميع المواطنين رجالاً ونساءً وينادي بالحفاظ على أمن إسرائيل والقيم الإنسانية الصهيونية. كان تمثيله في الكنيست السابق 10 مقاعد وانخفض في الكنيست الحالي الى 6مقاعد فقط. من قادته : شولاميت الوني ويوسي ساريد.

 - المفدال (ديني قومي يميني متطرف): تكون من اندماج حزبين هما همزراحي وهبوعيل همزراحي وذلك في صيف عام .1956 اتصف بالاعتدال في مواقفه السياسية والدينية في بداية طريقه، ولكن الانتصار الصهيوني عام 1967 جذبه نحو التطرف فراح ينادي بإسرائيل الكبرى والاستيطان وضم الأراضي العربية المحتلة. ارتفع تمثيله من 5 مقاعد في الكنيست السابق حتى 6 مقاعد في الكنيست الحالي. من ابرز قادته الحاليين آفي ايتام المعروف بتطرفه الاقصى حتى على يمين شارون.

 - إسرائيل بعالياه (يميني­وسطي) يشكل المهاجرون الروس قاعدته الانتخابية الأساسية، يقوده نتان شرانسكي الذي سبق أن شارك في حكومتي نتنياهو وباراك. انخفض تمثيله من 6 مقاعد في الكنيست السابق إلى اثنين فقط في الكنيست الحالي مما دفعه للذوبان ضمن حزب الليكود.

-  حزب الوسط (المركز): معتدل يدعم عملية التسوية. تأسس عام 1999. من ابرز قياداته: وزير الدفاع في حكومة نتنياهو السابقة الجنرال اسحق موردخاي ورئيس الأركان السابق آمنون شاحاك الذي رشح نفسه لمنصب رئاسة الوزراء في انتخابات عام 1999وداليا رابين ابنة رئيس الحكومة الراحل اسحق رابين. انفرط عقد هذا الحزب اثر خلافات جوهرية بين قياداته ولم يعد له من وجود.

 - يهودية التوراة: تشكل قبل انتخابات عام 1988 من اندماج ثلاثة أحزاب دينية هي: اغودات يسرائيل وديغل هاتوراه وموريا، وهي على التوالي الأحزاب اليهودية الدينية في كل من إسرائيل وأوروبا وأميركا. قاد الحزب الحاخام شاخ الاشكنازي الغربي الداعي إلى إقامة دولة يهودية خاضعة للشرائع الدينية لا المدنية. ارتفع تمثيله من4 مقاعد في الكنيست السابق الى5 مقاعد في الكنيست الحالي.

 - الاتحاد الوطني: تحالف يميني ديني علماني تشكل من مجموعة أحزاب صغيرة. يقوده افيغدور ليبرمان المشهور بتصريحاته النارية مثل التهديد بقصف السد العالي وقصف طهران. وكان من قادته الجنرال العنصري المعروف رحبعام زئيفي داعية (الترانسفير) الأول الذي تمت تصفيته على أيدي عناصر من منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اثر اغتيال امينها العام ابو علي مصطفى. وقد انخفض تمثيله من 8 مقاعد في الكنيست السابق إلى 7 مقاعد في الكنيست الحالي.

إلى جانب هذه الأحزاب اليهودية توجد أحزاب أخرى تمثل الحضور السياسي العربي بنوع خاص نكتفي بتعداد أبرزها: القائمة العربية الموحدة، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، التجمع الوطني الديمقراطي (بلد).

انطلاقاً من هذا الاستعراض ننتقل للخوض تفصيلياً في أنشطة وصيرورات الحزبين الكبيرين سياسياً وتنظيمياً، لما لهذين الحزبين من دور جوهري في اتخاذ القرارات المصيرية على الصعيدين المحلي والاقليمي:

 

1­  حزب العمل

تأسس عام 1968 ثم تحالف مع المابام عام 1969 تحت اسم المعراخ (التجمع)، وفي عام 1992 انسحب المابام وبقي حزب العمل لوحده. عام 1999، وفي سعي من زعيم الحزب ايهود باراك لزيادة شعبيته وتغيير صورته كحزب للنخبة اليهودية الغربية العلمانية، تحالف مع حركتين هامشيتين هما ميماد([4]) وغيشر([5]) ودخل الانتخابات في حينه تحت اسم "اسرائيل واحدة". وحصلت قائمته على 26 مقعداً في الكنيست الخامس عشر من بينها 22 مقعدا لحزب العمل وحده، وفاز زعيم القائمة ايهود باراك برئاسة الوزراء. إلا أن باراك وحكومته سقطا في حمأة مفاوضات كامب ديفيد الفاشلة عام 2000، وذلك عندما عرضا على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قبول الإملاءات الإسرائيلية والأميركية أثناء ولاية كلينتون؛ وهكذا تم الإعلان إسرائيلياً وأميركياً انه لا يوجد شريك فلسطيني لعملية السلام، الامر الذي مهّد الطريق أمام ارييل شارون لتحقيق فوز منقطع النظير، طارحاً تصوراً للامتناع عن التفاوض مع الفلسطينيين واقامة حكومة وحدة وطنية تواجه المجتمع الفلسطيني بالقوة. وظهر جلياً ان شارون هو بطل المرحلة بعد باراك وانه هو الوحيد القادر على زيادة قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمل ثمن المواجهة والقادر ان يزيد من قدرة الدولة على امتصاص الضغط الخارجي بمشاركة حزب العمل في السلطة ([6] (.

سبق لباراك أن تعرض لضربتين قاسيتين قبل سقوطه النهائي: الأولى استقالة وزير خارجيته دافيد ليفي، والثانية الانتقادات اللاذعة التي وجهها اليه الحاخام عوفديا يوسف الزعيم الروحي لحزب شاس الديني الشرقي، وقد زادت الضربة الأولى من تفكك ائتلافه في حين أضعفت الثانية من مكانة باراك في الشارع الديني ([7]). هذا ناهيك بخطاياه الكبرى تجاه العرب عندما ساهم في تسهيل انتهاك شارون لباحة المسجد الأقصى واعطائه الأوامر لقمع تظاهرات عرب الداخل الاحتجاجية مما أفضى الى سقوط 13 شهيداً، كانوا يحتجون على قمع إخوانهم المنتفضين، وذلك خلافاً للمزاعم الديمقراطية الإسرائيلية.

لقد بدأت حكومة باراك في العام 1999 بائتلاف واسع يحظى بتأييد 75 عضواً في الكنيست من أصل 120 عضواً، أي ما يعادل 60.8% من مجموع أعضاء الكنيست، وهي نسبة عالية جداً في تاريخ الكنيست والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وكان هذا الائتلاف يضم الكتل التالية:

 ­ إسرائيل واحدة (العمل + ميماد + غيشر) = 26 عضو كنيست

 ­ شاس 17 عضو كنيست

­  ميرتس 10 أعضاء كنيست

 ­ المركز (الوسط) 9 أعضاء كنيست

 ­ إسرائيل بعالياه 6 أعضاء كنيست

 ­ المفدال (ديني أشكنازي) 5 أعضاء كنيست

­ يهودية التوراة عضوا كنيست (2)

وبعد شهرين ويومين من تشكيل الائتلاف أي في 6/9/1999، أعلنت كتلة يهودية التوراة والمفدال عن انسحابهما من الائتلاف، فبقي 68صوتاً.  وبتاريخ 21/6/2000 انسحبت كتلة ميرتس من الائتلاف على خلفية الخلاف مع شاس، فبقي للائتلاف 58 صوتاً ولكن هذه الكتلة ظلت تؤيد الائتلاف من خارجه. وبعد سنة وخمسة أيام أي بتاريخ 9/7/2000 انسحبت في يوم واحد كتلتا شاس ويسرائيل بعالياه فبقي للائتلاف 37 صوتاً في الكنيست فقط.

وبتاريخ 10/7/2000 انسحبت كتلة المفدال من الائتلاف فتراجع عدد أعضائه في الكنيست الى 35 عضواً. وفي يوم 2/8/2000 استقال من الحكومة وزير الخارجية دافيد ليفي، وصوّت مع شقيقه في كتلة غيشر (مكسيم ليفي) لصالح الحل المبكر للكنيست، فبقي في ائتلاف باراك 32 عضو كنيست فقط من مجموع أعضاء الكنيست ال 120، من بينهم 24 عضواً من حزب إسرائيل واحدة وستة أعضاء من حزب الوسط (المركز).

إلا أن هذا الائتلاف تمتع في الوقت نفسه بدعم خارجي من كتلة ميرتس (10 أعضاء) والكتلة العربية (10 أعضاء) وخصوصاً في مسائل حجب الثقة على أرضية صيرورات العملية السلمية. وحظي كذلك بدعم نسبي من كتلة الخيار الديمقراطي، التي انشقت عن حزب إسرائيل بعالياه (مقعدان) وكتلة عام احاد (شعب واحد) ولها مقعدان وكتلة شينوي (التغيير) ولها ستة مقاعد، وبذلك وقف باراك على شفير الهاوية بأغلبية متأرجحة لا تتجاوز 60 صوتاً ([8]).

حاول باراك بيع فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية لحزب الليكود بزعامة شارون، إلا أن هذا الأخير رفض البضاعة بدعوى إفلاس باراك وحكومته على الرغم من وجود من كان يوافق على إجراء مباحثات جدية مع حزب العمل داخل قيادة الليكود ([9]).

وانتقل باراك لتسويق بضاعته على كل من حركة ميرتس وحركة شينوي وحزب شاس ولكن من دون جدوى، خصوصاً على خلفية الكراهية المستحكمة والمتجددة ما بين حزبي ميرتس وشينوي العلمانيين وحزب شاس الديني السلفي الشرقي.

وحاول باراك أيضاً، في آخر أيام سلطته، التركيز على تشكيل ائتلاف علماني باستبعاد الأحزاب و الكتل الدينية الأساسية، يضم إسرائيل واحدة (24)، وميرتس (10)، وشينوي (6)، والوسط (6)، وإسرائيل بعالياه (4)، والخيار الديموقراطي (2)، وشعب واحد (2)، بالإضافة إلى الكتل العربية (10)، فيكون المجموع 64 صوتاً ([10]).

في غضون ذلك، أعلن باراك عن خطة للإصلاح المدني والاجتماعي وصفت بأنها الأولى في تاريخ إسرائيل، كما وصفت بالثورة العلمانية، وشكل طاقمين لتنفيذ هذه الإصلاحات، يضم الاول الوزراء: يوسي بيلين وشلومو بن عامي وميخائيل ملكيئور، وذلك لمناقشة بنود الإصلاحات التي تتناول: صياغة الدستور، إلغاء وزارة الأديان، اعتماد الزواج المدني، إقرار خدمة وطنية مدنية، اعتماد مواد التربية الوطنية واللغة الإنكليزية والرياضيات في جميع المدارس التي تموّلها الدولة. ويضم الثاني كلاً من يوسي بيلين ودان مريدور وهدفه العمل على إعداد الإجراءات التشريعية للبنود المختلفة لمشروع الإصلاح

([11]).

أثارت هذه الخطة ردود فعل متباينة حيث اعتبرها الليكود مجرد مناورة انتخابية، وقال زعيمه آرييل شارون أنها قد تشمل مواضيع جادة ولكن ليس من السهل البتّ فيها ([12]). وأعربت الأوساط الدينية بطبيعة الحال عن رفضها القاطع لهذه الخطة، ودعا بعضها إلى مناقشتها على لسان زعيم حزب ميماد ميخائيل ملكيئور، في حين حظي المشروع بتأييد حزبي إسرائيل واحدة وميرتس. ورأت المصادر الصحفية أن الخطة جيدة ولكن الأمل في تنفيذها ضعيف جداً في الظروف السياسية القائمة في إسرائيل والمنطقة. وهكذا بدأت الاستطلاعات تنعي باراك وتؤكد انزلاقه في منزلق خطر لا رجوع عنه لصالح صعود اليمين وعلى رأسه كل من نتنياهو وشارون.

على الأثر تزايدت الصراعات الداخلية في حزب العمل، وبدأت حرب الوراثة، فزاد التوتر بين باراك ورئيس الكنيست (من حزب العمل) ابراهام بورغ. ولجأ باراك لتحصين نفسه إلى الدعوة لتشكيل حكومة طوارئ تضم الكتل التالية: إسرائيل واحدة ميرتس والليكود وإسرائيل بعالياه والمفدال وشينوي والخيار الديموقراطي وشعب واحد ([13]).

ومما عرضه باراك على شارون:

­       التطورات الأخيرة (انتفاضة الأقصى) خلقت تحديا أمنياً­سياسياً معقداً وواقعاً صعباً يتمثل في الاعتبارات التالية: خرق الاتفاقات من الجانب الفلسطيني، واللجوء إلى القوة والتوتر في الشمال، ونشر قوات عراقية بالقرب من الحدود الأردنية السورية، والحماس الشعبي في العالم العربي، هذا كله أوجد واقعاً انعكس على الواقع الداخلي في إسرائيل بشكل يدعو إلى تكاتف جميع القوى السياسية في إطار جبهة طوارئ.

­       على ضوء حالة الطوارئ نقترح الانضمام الى حكومة طوارئ برئاسة رئيس الحكومة وزير الدفاع ايهود باراك

­       ستدعى إلى حكومة الطوارئ معظم كتل الكنيست ويتم الانضمام إلى هذه الحكومة وفق اتفاق.

­       تعود إسرائيل إلى التفاوض مع الفلسطينيين والدول العربية وفقاً لقرار مجلس الوزراء الأمني ­ السياسي.

­       يعتبر رؤساء الكتل التي تنضم الى ائتلاف الطوارئ أعضاء في لجنة وزراء شؤون الأمن القومي.

­       من حق، كل أربعة أعضاء في اللجنة، المطالبة برفض أي قرار حول أي موضوع، لكن قبل اتخاذ القرار، وفي حال الإجماع يعتبر القرار ساري المفعول، أما في حال عدم الإجماع فيرفع الموضوع من دون تصويت، إلى الحكومة بكامل هيئتها من أجل اتخاذ القرار.

­       يتم تحديد جدول أعمال مجلس الوزراء، من قبل رئيس الحكومة، بالتشاور مع الوزير الذي يمثل ثاني أكبر كتلة في الكنيست بعد كتلة رئيس الحكومة ([14] (..

في المقابل عرض شارون خطة سياسية مضادة بشأن تشكيل حكومة طوارئ تشمل ما يلي:

­       البدء فوراً بنشر الجيش تدريجياً في مناطق حيوية أمنية في غور الأردن وفي منطقة الخليل "صحراء يهودا" في غزة ونابلس من اجل السيطرة على الضفة الغربية، وعرقلة محاولة السيطرة الفلسطينية عليها بدعم من الأمم المتحدة.

­       التنصل من الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع الجانب الفلسطيني.

­       السعي الى اتفاق انتقالي مع السلطة الفلسطينية من دون إطار زمني، وتقام منطقة فلسطينية بموجب هذا الاتفاق على مناطق) أ و ب) وعلى مساحة 40% فقط من مساحة الضفة الغربية، مع فرض قيود أمنية على السيادة، والاحتفاظ بحق السيطرة في الجو والمعابر الحدودية.

­       تبقى المنطقة (س) في الضفة الغربية تحت السيطرة الإسرائيلية حتى التسوية الدائمة باستثناء الانسحاب من نسبة 1%

([15]).

ونشرت الصحف الإسرائيلية خطة مشتركة ناقشها باراك وشارون وجاء فيها ما يلي:

­       الفصل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

­       الإعلان عن غور الأردن كمنطقة أمنية إسرائيلية.

­       دعم كتل الاستيطان، غوش آرييل، غوش عتسيون، وغيرها.

­       الحفاظ على الوضع الراهن في القدس ([16]).

إلا أن هذا الاقتراح واجه معارضة شديدة من قبل العديد من الكتل ولا سيما داخل حزب العمل حيث أعرب العديد من القادة عن معارضتهم لاشراك الليكود في الحكومة ورفضوا شروط شارون.

وهكذا واجه باراك الخيارات التالية:

­       التوجه إلى انتخابات رئيس الحكومة من دون حل الكنيست.

­       حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات.

­       إقامة حكومة طوارئ تضم الليكود، وهذا يعني نهاية العملية السلمية (أوسلو).

­       إعادة الائتلاف الحكومي السابق، وهذا يعني تجميد الإصلاحات المدنية والمزيد من الخضوع لابتزازات حركة شاس.

على ضوء ما تقدم تزايدت الأصوات في حزب العمل مطالبة بتحديد شخص آخر غير باراك للانتخابات القادمة ([17]). وعندما أجريت الانتخابات في شباط 2001 وأدت إلى فوز شارون الساحق على باراك، أعلن هذا الأخير التسليم بهزيمته والاستقالة من رئاسة حزبه ومن عضوية الكنيست والانسحاب من الحياة السياسية، إلا أنه أعلن في وقت لاحق عن استعداده للمشاركة كوزير دفاع في حكومة شارون، فواجه معارضة شديدة من داخل حزبه وتشكلت في وجهه كتلة أقطاب تضم أبراهام بورغ وشلومو بن عامي ويوسي بيلين وصالح طريف، وحمّلوه مسؤولية الهزيمة ([18]).

هكذا بدأت حرب الوراثة في حزب العمل وطرحت أسماء عديدة منها أبراهام بورغ وشلومو بن عامي وحاييم رامون، كما طرحت أسماء بنيامين بن اليعازر، وأفرايم سنيه وسواهم. وطالب شمعون بيرس بانتخابه بالإجماع لرئاسة الحزب مؤقتاً، غير أن طلبه رفض ([19]). ووافق الحزب على الانضمام إلى حكومة وحدة وطنية، إلا أن هذا الانضمام عجّل في تقزيم الحزب والإسراع في انشقاقه، فانسحب منه كل من يوسي بيلين وياعال ديان وتسالي ريشيف.

بعد غياب باراك عن الساحة السياسية، حاول حزب العمل إعادة رص صفوفه وبناء قيادته من جديد، ولكن العكس هو الذي حصل، اذ انفلتت غرائز السلطة لدى هذه القيادات من عقالها، وبدلا من ان تكون الانتخابات التمهيدية (برايمريز) وسيلة لانتخاب زعيم جديد مجمع عليه في لحظة طوارىء، فانها أسفرت عن تعميق الأزمة التنظيمية والأيديولوجية داخل صفوفه. وقد جاء فوز رئيس الكنيست أبراهام بورغ على وزير الدفاع الأسبق بنيامين بن اليعازر فوزاً غير مقنع، اذ لم يتجاوز الفارق بينهما بضع مئات من الأصوات فقط، إلى جانب الاتهامات الفجة التي وجهت إلى بورغ بتزوير الانتخابات، إلى حد أن اللجنة القضائية التي أشرفت على سير الانتخابات لم تعلن عن بورغ زعيما للحزب، على الرغم من أنها أشارت الى فوزه على بن اليعازر. وبدلا من التفرغ لإعادة تنظيم الحزب وجد بورغ نفسه مندفعا للرد على اتهامه بالتزوير، في وقت أعلن كبار رجال الحزب مثل شمعون بيريس وشلومو بن عامي وحاييم رامون أنه لم يكن هناك أي مبرر في الأساس لاجراء مثل هذه الانتخابات في وقت لن يشارك الحزب في حكومة وحدة وطنية برئاسة شارون.

هذا الوضع أدى الى نشوء ثلاثة معسكرات أساسية في الحزب:

  1. الأول بزعامة وزير الدفاع في حكومة شارون وبنيامين بن اليعازر، ويدعو ويعمل لقمع الانتفاضة باعتبارها "حملة إرهاب منظم تشنّها السلطة بالتعاون مع المنظمات الفلسطينية لاستنزاف إسرائيل وإجبارها على تقديم تنازلات تهدد مستقبل الدولة" ويسخر من الذين يذكرونه بالخلافات الأيديولوجية بين العمل والليكود.
  2. الثاني بزعامة ابراهام بورغ الذي فاجأ الحلبة السياسية في العام 1983 عندما انضم لصفوف حزب العمل، مع انه نجل يوسف بورغ  زعيم حزب المفدال الذي يمثل المستوطنين وأنصار الصهيونية الدينية. وهذا المعسكر يتهم معسكر بن اليعازر صراحة بأنه يريد تذويب حزب العمل بالليكود، ويقول انه ليس بمقدور سياسة شارون ­بن اليعازر القمعية وضع حد لانتفاضة الأقصى، لأنه لا يوجد لدى هؤلاء أي برنامج سياسي للتسوية الحقيقية.
  3. الثالث يضم قادة في الحزب مثل حاييم رامون وشلومو بن عامي، وبدرجة أقل شمعون بيريس، الذين يرون في انفسهم الأهلية والأولوية لتزعم الحزب.

 

على ضوء ما تقدم دعا يوسي بيلين الى تشكيل اطار حزبي جديد يمثل اليسار في إسرائيل، ولا يشترط في أن تكون كل مركبات هذا الإطار صهيونية، بل يمكن ان يكون على غرار الأحزاب الديموقراطية الاجتماعية في أوروبا الغربية ليمثل بديلا أيديولوجياً عن التحالف بين الليكود والعمل ([20].(

هذا المخاض الطويل والمؤلم في حزب العمل أفضى بتاريخ 19/11/2002 إلى انتخابات داخلية لاختيار رئيس جديد للحزب اثر صراع الديوك الدامي بين بن اليعازر وبورغ. وترشح للمنصب كل من رئيس الحزب السابق بنيامين بن اليعازر وعميرام متسناع وحاييم رامون. وفاز متسناع الذي أصبح بالتالي مرشح حزب العمل لمنصب رئاسة الحكومة ([21].(

والزعيم الجديد لحزب العمل، عميرام متسناع يهودي أشكنازي خلافا لبن اليعازر ذي الأصل العراقي الشرقي. خدم في الجيش ما بين 1963­1993 وتخرج برتبة لواء بعد أن فقد الأمل في المنافسة على رئاسة الأركان ([22]). وهو مشهور بموقفه الحازم المعارض لشارون على أرضية حرب لبنان عام 1982 مما دفع بهذا الأخير، وكان وزيراً للدفاع في حينه، إلى المطالبة بإقصائه عن الجيش، ولكن رئيس الحكومة مناحيم بيغن رفض طلبه. انتخب عام 1993 كرئيس لبلدية حيفا، وبقي في هذا المنصب لولايتين ثم استقال للمنافسة على رئاسة حزب العمل. يصف نفسه بأنه طائر مختلف ويقول: "لقد أوجدت لغة سياسية مختلفة في السنوات العشر التي عملت فيها في السياسة. أنا أعرف كيف أتحدث باستقامة، وأعرف أيضاً  كيف استخدم المقالب السياسية" ([23]).

وصفه الكاتب يوئيل ماركوس بأنه رجل رمادي منضبط، ويتميز بأنه لم يجرّب، لكنه أيضا لم يتسخ في السياسة، وانتصاره المفاجئ دلالة لا بأس بها بالنسبة لحزب فقد هويته واتجاهه السياسي ([24]). ورأى فيه بعضهم خصلتين يحتاجهما أي سياسي جيد هما: الإحساس الناجح بالوقت والجرأة. وقد تجلت الأولى في قراءته الصحيحة للوضع العام في إسرائيل وفي حزب العمل، في حين تجلت الثانية في الإعلان عن استعداده للتحدث مع ياسر عرفات إذا لم يكن أمامه خيار آخر ([25]). من أفكاره السياسية الدعوة إلى إخلاء قطاع غزة وتفكيك المستوطنات هناك، والدعوة إلى فصل أحادي الجانب، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، بهدف تحديد حدود إسرائيل. وحاول الإيحاء بأنه سيعمل ليكون الوريث الحقيقي لإسحاق رابين قائلاً "سأقاتل الإرهاب وكأنه لا توجد مسيرة سلمية، وسأجري مفاوضات سلمية، وكأنه لا يوجد إرهاب" ([26]).

أكد متسناع وجود "جروح بليغة ودماء في حزب العمل. لذلك يجب توحيد الصفوف. يجب البدء بالوحدة" ([27]). وأوضح أنه مع حكومة وحدة وطنية لكن ليس بأي ثمن. فالاشتراك في مثل هكذا حكومة يجب أن يكون مشروطاً باستعداد أطرافها "للانفصال عن الفلسطينيين والاعتراف بالدولة الفلسطينية واخلاء مستوطنات قطاع غزة وبعض مستوطنات الضفة الغربية".

 

وإذ أخفقت الجهود لتشكيل حكومة وحدة، فمشروع متسناع كان إسقاط الحكومة التي ستقوم برئاسة شارون. وبالفعل قامت حكومة شارون الثانية ذات الطابع اليميني الواضح وضمت الليكود وشينوي والمفدال والاتحاد الوطني (68 مقعداً). وأطل عميرام متسناع من موقعه في حضيض الهزيمة أمام شارون يرى أن كل شيء يعمل ضده من داخل الحزب وخارجه. ووجد أن واجبه الأول هو إعادة تثبيت مكانته الداخلية في حزب العمل ومحاربة الدعم لحكومة شارون، ولكن جهوده كلها ذهبت سدى خصوصاً ازاء مكائد بن اليعازر وافرايم سنيه. وفي هذا السياق دعت رئيسة كتلة حزب العمل في الكنيست، داليا انسيك، المحسوبة على معسكر بن اليعازر، إلى إجراء انتخابات جديدة ومسبقة لرئاسة الحزب. واعتبر متسناع نفسه بريئا من تراجع الحزب وهزيمته ورد ذلك الى أسباب أكثر عمقاً وذات طابع تاريخي. وزعم بن اليعازر (من صقور الحزب) أن مواقف متسناع جرّت الحزب بعيدا في اتجاه اليسار الى درجة تحويله إلى ميرتس رقم 2 من الناحية السياسية والى شينوي آخر من الناحية الاجتماعية. ومما قاله بن اليعازر في هذا المجال "إن من يركض يساراً أبعد من ميرتس عليه ألا يفاجأ بالنتائج والهزيمة".

لا شك في أن مشاركة بيريس في حكومة شارون التي قضت على أوسلو وأعادت احتلال الضفة الغربية وقضت على السلطة الفلسطينية، قد شطبت عملياً البرنامج السياسي النظري لحزب العمل. وقد توحد المحللون الإسرائيليون وراء الموقف القائل أن مشاركة حزب العمل في حكومة الوحدة، قد عبرت عن فقدان الحزب لهويته، وأنها كانت بمثابة ضربة قاضية لمكانة الحزب ومساهمة ملموسة في تعزيز مكانة شارون المنقطعة النظير.

ان انسحاب بن اليعازر عشية الانتخابات الداخلية في الحزب من حكومة الوحدة وفوز متسناع، لم يوجد برنامجا سياسيا لهذا الحزب المتلون، ناهيك عن ان انتخاب متسناع لرئاسة الحزب أعطى الانطباع المضلل بأن ناخبي العمل يريدون حزباً أكثر يسارية، مع ان الانتخابات الداخلية التي أجريت في نهاية العام 2002 لتحديد القائمة الانتخابية الحزبية، جاءت لتثبت أن الأمر ليس كذلك، حيث أن الأماكن الأولى من قائمة الحزب قد أعطيت للعناصر الموالية سياسياً لبن اليعازر الملقب شارون حزب العمل. وما من شك بأن هزيمة يوسي بيلين، أحد أهم رموز نهج أوسلو، ثم خروجه من الحزب، شكلا نقطة مفصلية في تاريخه، الأمر الذي تجسد أيضاً في انفصال ياعيل ديان وانضمامها إلى حزب ميرتس.

كل هذه الأجواء السلبية داخل الحزب حملت زعيمه متسناع على الاستقالة وانتخاب شمعون بيريس كزعيم مؤقت له. وهذا ما حمل بيريس على القول: "إن على حزب العمل الآن، إجراء بحث جدي في السبل الأفضل والأسلم لترميم الحزب واعادته إلى موقعه الذي يستحقه في الدولة".

الجدير بالذكر أن متسناع، لدى استقالته من رئاسة حزب العمل، أعلن أنه سيحافظ مرحلياً على عضويته العادية ومقعده في الكنيست في إطار كتلة الحزب ([28]). علماً بأن حزبا العمل وميماد لم يحصلا في انتخابات 28كانون الثاني 2003 إلا على 16 مقعداً، في حين كان له لهما الكنيست السابق 26 مقعداً.

في المقابل يلاحظ أن الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تتخبط فيها إسرائيل في ظل ولاية شارون الثانية تؤدي إلى ضعضعة مصداقية القيادة السياسية بكل أحزابها، وكانت ستؤدي بحزب العمل، في حال دخوله الحكومة، الى نوع من الانتحار السياسي. أما الآن فيشكل حزب العمل أقلية مقابل الأكثرية اليمينية المتطرفة التي تدفع بإسرائيل والمنطقة نحو المجهول. وتراجع حزب العمل في الحالتين يعني أن الحزب(الذي كان خلال تاريخ إسرائيل يمثل الخط المركزي المرن سياسياً، والقادر على المناورة مع الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية، والذي أوجد علاقات واسعة في العالم) قد أصبح عديم التأثير، الأمر الذي أضر بصدقية وقوة المؤسسة السياسية الإسرائيلية على المدى البعيد. وأولى تباشير هذا التردي تتجلى داخلياً في تيار معارضي الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة عام 1967، والمواقف السياسية الممنوعة التي عبر عنها رئيس الأركان الجنرال موشيه يعالون وأربعة من قادة الشاباك السابقين، بالإضافة إلى مئات ضباط وأفراد القوات الخاصة والطيران وقوات الاحتياط.

وحاليا يجري الحديث في حزب العمل عن هدية عالية القيمة ستقدم الى زعيم الحزب المؤقت شمعون بيريس، الذي حصل على رئاسة الحزب ورئاسة المعارضة حتى كانون الأول 2005 بناءً لحل وسط تسعى مختلف القوى الأساسية داخل الحزب للتوصل إليه، من دون انتخابات داخلية ومن دون أوجاع في الرأس. وهذه التوقعات تتقاطع مع الافتراض بأن شارون سيسقط، بسبب القضايا الفضائحية والقانونية التي تورط بها.وفي مثل هذا الوضع يكلف رئيس الدولة أحد أعضاء الكنيست تشكيل حكومة بديلة. وبيريس مقتنع بأنه سيكون الرجل البديل وليس نتنياهو. فالتوقعات تشير إلى أن حزب شينوي سينشق عن الحكومة الائتلافية مع الليكود خصوصاً إذا وقف نتنياهو على رأس هذا الأخير ([29]).

 

2.تكتل الليكود

تأسس تكتل الليكود عام 1973، بتشجيع كبير من آرييل شارون، وذلك من تحالف حزبَي حيروت والأحرار(الليبراليين) بهدف كسر احتكار حزب مباي (العمل لاحقاً) للسلطة، وبالفعل حقق مبتغاه هذا عام 1977 بالتعاون مع القواعد اليهودية الشرقية الناقمة على سياسات حزب العمل. ثم اندمجت مكوناته عام 1985 وحلّت هياكلها التنظيمية وأصبح الليكود قطباً موازياً لحزب العمل في السياسة الإسرائيلية الداخلية.

في انتخابات عام 1999 تشرذم الليكود وفشل في الاحتفاظ بالسلطة وهَزم زعيمه بنيامين نتنياهو أمام منافسه زعيم حزب العمل ايهود باراك في انتخابات رئاسة الوزراء، وحصل الحزب على 19 مقعداً في الكنيست الخامس عشر، أما في الكنيست الحالي (السادس عشر) فقد حصل على 39 مقعداً، مضاعفاً قوته التمثيلية.

آمن الحزب بفكرة "أرض إسرائيل الكاملة" وبمنح الفلسطينيين في أراضي 1967 في الضفة والقطاع حكماً ذاتياً محدوداً، وعارض اتفاقيات أوسلو، ولكنه اضطر تكتيكياً للتكيّف مع الأمر الواقع والتعايش بطريقة أو بأخرى مع عملية التسوية والعمل على إفشالها من الداخل لا سيما منذ تولى نتنياهو السلطة عام 1996. واعتمد الحزب في ذلك على التحالف مع القوى اليمينية، والتي أصبح لها مكانة هامة في ظله، وأثار بذلك نقمة الجمهور الإسرائيلي العلماني، بما في ذلك أعضاء من الليكود الذين استقالوا من حكومة نتنياهو وانسحبوا من الليكود نفسه بعد فشلهم في إطاحة نتنياهو، مثل روني ميلو وايهود اولمرت. وفي عام 1999 تم إسقاط نتنياهو، وتولى شارون قيادة الحزب كرئيس مؤقت بعد أن عانى الحزب من أزمة كبيرة في صياغة برامجه، خصوصاً إزاء موضوع التسوية مع الفلسطينيين والدولة الفلسطينية والتصدي لزعيم حزب العمل ايهود باراك.

 

بعد الأزمة التي تعرضت لها حكومة ايهود باراك أواخر العام 2000 في المجالين السياسي والعملي، تقرر إجراء انتخابات لمنصب رئاسة الحكومة. وقد جرت هذه الانتخابات بالفعل في 6/2/2001 وللمرة الأخيرة وفقاً لقانون الانتخابات المباشرة من قبل الشعب. وفي تاريخ 7/3/2001 تم إلغاء قانون الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة، والعودة إلى التمثيل النسبي السابق. وكانت جرت ثلاثة انتخابات وفق هذا القانون على امتداد تسع سنوات منذ العام 1996, فاز في الأولى بنيامين نتنياهو على شمعون بيرس، وفي الثانية باراك على بنيامين نتنياهو، وفي الثالثة أي عام 2001 فاز آرييل شارون على ايهود باراك.

وفي رأي أنصار الإلغاء أن الانتخاب المباشر أظهر تشوّهات في القانون الذي تبيّن أنه لا يتيح المجال لديموقراطية مستقرة، ويوجد فرصاً كبيرة لحصول انشقاقات في الأحزاب الكبيرة، ويفصل رئيس الحكومة عن الكنيست، ويعزز من قوة المساومة لمجموعات المصالح.

وكان هذا القانون أقر من قبل في محاولة لإيجاد وضع سياسي جديد لرئيس الحكومة، من خلال إيجاد فرصة تسمح له بأن يستمد قوته من الشعب، وليس من الكنيست، إلا أن المحاولة فشلت فشلاً ذريعاً ([30]).

ولقد تبين من استطلاعات الرأي الإسرائيلية عشية الانتخابات المباشرة الأخيرة لرئاسة الوزراء أن فرص مرشح اليمين آرييل شارون للفوز هي أفضل بكثير من فرص أيهود باراك بعد ان فقد هذا الأخير "سحره السياسي" الذي مكّنه في عام 1999 من الفوز على مرشح اليمين بنيامين نتنياهو بفارق عشر نقاط. وإذ تعددت الاجتهادات حول سبب فشل باراك وتراجع شعبيته، سواء على مستوى الأسلوب أو الأيديولوجيا، فإنه مما لا شك فيه أن عدم تمكنه من التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين أو السوريين كما سبق ووعد أثناء حملته الانتخابية السابقة، هو السبب الأهم وراء خيبة أمل الإسرائيليين الذين صوّتوا له وحملوه إلى السلطة.

ونتيجة لمحاولات اليمين، وفي مقدمته الليكود، الإطاحة بحكومة باراك، بسبب الشلل والاستقطاب الكامل داخل الكنيست الذي تميل غالبية الأحزاب الممثلة فيه الى اليمين، إضافة إلى انفجار انتفاضة الأقصى، انقلب السحر على الساحر وانكشفت أوراق باراك الحقيقية، فلجأ إلى استعمال الدبابات والمروحيات ضد المدنيين الفلسطينيين مهددا باندلاع حرب إقليمية إن لم يستجب الفلسطينيون لشروطه، فأخطأ كالذين سبقوه في حزب العمل لاعتباره أن القوة المفرطة سترفع من شعبيته. واتضح أن غريزة الإسرائيلي السياسية تقول أنه إذا كان لا بد من استمرار الاحتلال واستعمال القوة واللجوء إلى منطق الحرب، فإن ذلك من اختصاص اليمين الذي أثبت انه أكثر دموية وأكثر نجاعة من "اليسار" في هذا الميدان.

وفي قراءة سياسية أولية رأى الإسرائيليون أن باراك ينوي سحب الجنود الإسرائيليين من الضفة الغربية، وهي مجازفة لا بد منها لعملية الانفصال عن الفلسطينيين، وضم 80% من المستوطنين. والقراءة الثانية اعتبرت أن شارون هو الذي سيحارب من أجل الحفاظ على وحدة أراضي إسرائيل الكبرى وعلى دور الجيش الإسرائيلي فيها وفي الدفاع عن إسرائيل بوجه "الإرهابيين" الفلسطينيين.

 

بهذا المعنى لم تتمحور الانتخابات في شباط عام 2001 في ذهن الإسرائيليين حول القبول بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني والاعتراف بالسيادة الفلسطينية الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، بل حول أفضل السبل للحفاظ على الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين وفلسطين. ومن هنا فإن تلك الانتخابات لم تطرح بديلاً جديداً للفلسطينيين وعلى بقدر ما عكست البدائل المحدودة التي وضعها المرشحان شارون وباراك أمام الإسرائيليين بخصوص مستقبل العلاقة مع الفلسطينيين.

 

ولقد تبين أن باراك يريد تحويل الاحتلال إلى هيمنة ووضع حد للاندماج الديموغرافي بين اليهود والعرب عن طريق الفصل القسري، بينما رأى شارون أنه لابد من الحفاظ على مستوى معين من العنف والاحتلال لأنه لا يمكن الثقة بالعرب. وبذلك فإن السلام ليس خياراً مطروحاً على إسرائيل على الإطلاق. ومن الناحية العملية أيدت الأحزاب الدينية موقف شارون بالإضافة إلى حزبي اليهود الروس "إسرائيل بعالياه" بزعامة أناتولي شيرانسكي و"إسرائيل بيتنا" بزعامة اليميني المتطرف ليبرمان. وانقسم مؤيدو حزبي "شينوي" (التغيير) بقيادة تومي لابيد و"الوسط" بقيادة الجنرال اسحق موردخاي ما بين شارون وباراك، أما حزب الوسط فقد انتهى كحزب بعد أن انضم رئيس الأركان الأسبق الجنرال آمنون ليفكين شاحاك إلى باراك وانضم دان مريدور لحملة شارون.

 

وقبيل الانتخابات المشار إليها سابقاً ظهر في الأفق أربعة مرشحين لأهم اليهود باراك والى جانبه شمعون بيريس داخل كتلة "إسرائيل واحدة"، وادعى لنفسه القدرة الأفضل على قيادة اليسار والعملية السلمية وعلى توحيد الحزب، إلا أنه تراجع عن ترشيح نفسه تحت الضغوط الداخلية في الحزب ولتفادي تفككه وانقسامه هذا من ناحية، وفي الناحية الأخرى عاد نتنياهو رئيس الوزراء الأسبق الذي استقال من الكنيست واعتزل الحياة السياسية لتقديم نفسه من جديد باعتباره منقذ الدولة من الوضع المتردي الذي أوصلها إليه باراك. لكن قانون الانتخابات كان يشترط في حينه أن يكون رئيس الوزراء عضواً في الكنيست، فاقترح شارون تعديله ودعا إلى حل الكنيست لإجراء انتخابات عامة قبل الموافقة على ترشيح نفسه لقيادة ائتلاف متجانس وذي أغلبية برلمانية. وقد وافق الكنيست على التعديل بخصوص إلغاء عضوية الكنيست كشرط للترشيح، وامتنع عن الموافقة على حل الكنيست، فرفض نتنياهو ترشيح نفسه وخلا الجو تماما لشارون الذي تمتع بتأييد كاسح على باراك ([31]).

 

هكذا انتخب المجتمع الإسرائيلي الاستيطاني آرييل شارون بأغلبية كبيرة في دلالة سياسية تاريخية واضحة تعني ان الإسرائيليين غير جاهزين لفتح ملف الاحتلال أو لسماع الموقف الفلسطيني حول ماهية السلام ومتطلباته الجغرافية والسياسية، وتعني أن إسرائيل الكولونيالية ماضية في تطرفها وانغلاقها، وأنها عاجزة أو بالأحرى رافضة لإعادة النظر في احتلالها وعنصريتها، الأمر الذي انفتح على مرحلة خطرة وطويلة الأمد تقودها الشعبوية اليمينية والأصولية الدينية المتطرفة، والتي ازداد تطرفها اكثر فاكثر في أعقاب أحداث 11 أيلول في الولايات المتحدة وتسلم من يسمون المحافظون الجدد من المتعصبين اليمينيين بزعامة الرئيس جورج بوش الابن سدة السلطة، ممن يؤمنون بصراع الحضارات والحلول العسكرية لكل مشاكل الولايات المتحدة وإسرائيل السياسية والأمنية.

لقد ظهر بشكل واضح أن الفارق السياسي الاهم بين باراك وشارون هو ان الأول متعجرف إلى درجة انه اعتقد أن بإمكانه التوصل إلى سلام شامل ودائم مع الفلسطينيين ضمن الخطوط الحمراء الإسرائيلية، في حين أن الثاني هو على درجة من العنصرية والكراهية والازدراء للعرب تجعله ينفر من فكرة الحل النهائي باعتبار ان لا حل ممكناً معهم يقبله الطرفان، ولذلك فالحل عنده هو في حرب استنزاف طويلة الأمد، مادياً ونفسياً، مع حلول جزئية مرحلية مشروطة بالأداء الأمني الفلسطيني، بحيث يتحتم على ياسر عرفات أن يتحول إلى مجرد عميل صغير، وإلا فالعزل والحصار والاستئصال.

وثمة بعض الملاحظات في ما يتعلق بأسباب خسارة باراك تجدر الإشارة إلى أهمها:

  • تأخر شمعون بيريس في سحب ترشيحه، إذ بقي مرشحاً حتى الأسبوع الأخير من الانتخابات.
  • الاستمرار بالمفاوضات في المسار الفلسطيني رغم اندلاع انتفاضة الأقصى والفشل في التوصل إلى اتفاق واحساس الجمهور بوجود "تنازلات" أكثر من المعقول.
  • تفاقم الصراعات داخل حزب العمل وعجز باراك عن رص صفوف الحزب من خلفه ([32]).

 

لقد وافقت غالبية الأحزاب الإسرائيلية على دعوة شارون لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسته وأجمعت الأحزاب اليمينية على إعطاء الأولوية للمسألة الأمنية، أما بالنسبة لتكتل إسرائيل واحدة(24 مقعداً (وعلى رأسه حزب العمل فقد حصل على وزارات الخارجية، والدفاع، والمواصلات، والزراعة، والتجارة والصناعة، والعلوم، إضافة إلى وزيري دولة. وتم الاتفاق بين الطرفين على المبادئ السياسية التالية:

 ­إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح.

 ­إخلاء مستوطنات معزولة بحسب الحاجة والظروف.

 ­عدم إقامة مستوطنات جديدة.

 ­ إلغاء قانون الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة ([33]).

 

وقد اعتبر الليكود نجاح رئيسه شارون انتصاراً له ولجبهة الأحزاب اليمينية، ومع ذلك كانت هناك مخاوف منذ الساعات الأولى لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية من اندلاع الخلافات بين أعضائها والكتل الحزبية المتمثلة فيها.

وبالفعل ما لبثت التهديدات بإسقاط الحكومة ان توالت من اليمين واليسار على خلفية توسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية.  وأعلن وزير البنى التحتية أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، بأن تجميد الاستيطان لن يؤدي إلى السلام وإنما إلى حل الائتلاف ومعركة انتخابات جديدة. وهدد وزير السياحة رحبعام زئيفي بالانسحاب من الحكومة إذا أوقفت إسرائيل إطلاق النار على الفلسطينيين المنتفضين. وكذلك هدد أعضاء آخرون في الحكومة من حزب شاس بالاستقالة لأسباب تمويلية. وهكذا لم يكد يمضي عام واحد على حكومة الوحدة حتى تبين أن أيامها باتت معدودة على خلفية الفشل التام على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. فبدأت الاستقالات التدريجية منها بدءاً من افيغدور ليبرمان وبيني آلون اللذين طالبا بتصفية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وتدمير البنية التحتية للسلطة الفلسطينية وإعادة احتلال الضفة الغربية. وعلى الأثر ازداد ضغط الكتل اليمينية على شارون لإرغامه على اقتحام المدن والقرى الفلسطينية، فتوقع وزير الخارجية شمعون بيريس سقوط الحكومة، في حين واصل بنيامين نتنياهو، منافس شارون الأول، ضغوطه الشخصية فقال: "لا يوجد مخطط للحكومة، لا هدف ولا سياسة ولا استراتيجية"، وطالب بطرد الرئيس عرفات واقتحام مناطق السلطة وتنفيذ خطة الفصل.

 

وهكذا وبعد مرور نحو سنة وثمانية أشهر انهارت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة شارون على أرضية أزمة شاملة. وتبادل الليكود والعمل التهم محمّلاً كل منهما الآخر مسؤولية تفاقم الأزمة. وكانت هذه الحكومة السادسة في مسلسل الحكومات الإسرائيلية التي لم تنه مدة ولايتها القانونية منذ العام 1992. فلقد انهارت حكومات شامير ورابين وبيريس ونتنياهو وباراك خلال عقد واحد من الزمن، في دلالة واضحة على العجز السياسي في مواجهة قضيتين أساسيتين: الصراع العربي الإسرائيلي عموماً والصراع الفلسطيني الإسرائيلي خصوصاً، وتدهور الاقتصاد الإسرائيلي وتداعياته السلبية على الصعد الاجتماعية.

لقد أخفق شارون في توفير الأمن والسلام مما أدى إلى زيادة النزوح أو الهجرة المعاكسة، وتزايد أعباء الخدمة العسكرية والاحتياطية، وتفاقم مشاكل البطالة والفقر، الأمر الذي مهّد الطريق أمام اندلاع معركة انتخابية جديدة لاختيار كنيست جديد ورئيس حكومة جديد.

ووجد بعض المراقبين أن هذا الانهيار انطلق من لعبة سياسية شخصية قام بها طامحون داخل العمل والليكود بنوع خاص حيث تنافس ميتسناع وبن اليعازر على زعامة حزب العمل، مما دفع الأخير إلى مواجهة بائسة مع شارون، في حين دفعت المنافسة بين نتنياهو وشارون في الليكود إلى رفض الأخير التنازل أو التوصل إلى حلول وسط مع حزب العمل. وفي آخر المطاف تم حل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات اثر انسداد الآفاق الاستراتيجية الإسرائيلية في مجالات الأمن والسلام والرفاه بنوع خاص، وتشكلت خارطة حزبية جديدة تضم، وفق جريدة معاريف، قائمة الأحزاب والحركات الأساسية المسجلة في إسرائيل، أي حوالي 61 حزبا وحركة ([34])، وصل منها إلى الكنيست 15 حزباً. فأجريت الانتخابات العامة في شباط 2003 وفاز شارون فيها مجددا على رأس الليكود بصورة ساحقة، جنباً إلى جنب مع صعود مفاجئ لحزب شينوي وتراجع العمل وميرتس. وفسّر الكاتب يوئيل ماركوس نتائج الكنيست السادسة عشرة بقوله: ان صعود شينوي يعبر عن احتجاج على عدم المساواة في تحمّل الأعباء، ويجسد بداية انتفاضة ضد التفرقة والتمييز في تحمل عبء الخدمة العسكرية وضد الإكراه الديني.

ورأى ماركوس في فوز شارون ظاهرة غير عادية ولا يوجد لها أي مبرر موضوعي او ذاتي. ذلك ان وضع المواطن الفرد بات أسوأ من أي وقت مضى، والدولة باتت أوضاعها في الحضيض، ومكانتها الدولية متدهورة. وأعاد الكاتب فوز شارون إلى الفراغ القيادي في الجهاز السياسي على خلفية الترويج لعدم وجود شريك للسلام، والإعلان عن تعهده بمسار الرئيس بوش القائم على إقامة دولة فلسطينية ([35]).

وباختصار فقد وجد شارون الفائز أنه أمام عدة خيارات سياسية لتشكيل الحكومة أهمها:

  1. حكومة يمينية دينية ضيقة: تحظى بأربعة وستين صوتا في الكنيست وتضم ائتلافا من الليكود (38 مقعدا) وإسرائيل بعاليا (مقعدان) والأحزاب الدينية (22 مقعدا) وهي: شاس (11) والمفدال (6) ويهودية التوراة (5)، وبوسع هذا الائتلاف ان يكون مستقراً ولكنه لن يكون قادراً على حل أزمات إسرائيل المستعصية في الأمن والاقتصاد والسياسة.
  2. حكومة يمينية دينية واسعة: وتحظى بتأييد 69 صوتا هي:الليكود (38) وإسرائيل بعاليا (2) والاتحاد القومي (7) والأحزاب الدينية (22). وقد تجنب شارون هذا الخيار بسبب مواقف وبرنامج حزب الاتحاد القومي اليميني المتطرف.
  3. حكومة علمانية: تحظى بتأييد 76 صوتا وتضم الليكود (38) والعمل (19) وشينوي (15) وإسرائيل بعاليا (2) وعام احاد (3). ويتميز مثل هذا الائتلاف بقدرته على استئناف المسيرة السياسية وعلى القيام بإصلاحات اقتصادية، إلا انه قد يؤدي إلى انشقاق الليكود وخسارة الأحزاب الدينية، كما وان حزب العمل قد يرفضه.
  4. حكومة وحدة واسعة: تحظى بدعم 91 صوتاً وتضم ائتلافاً من جميع الكتل باستثناء ميرتس وشينوي والكتل العربية. وكان هذا خياراً مرغوباً من شارون إلا أن إمكانية تجسيده كانت ضعيفة للغاية.

 

في آخر المطاف شكّل شارون ائتلافاً يضم الليكود وشينوي والمفدال والاتحاد الوطني ويحظى بدعم 68 صوتا في الكنيست، وشكل حكومته الثانية المؤلفة من 23 وزيراً منهم 14 من الليكود، و5 من شينوي ووزيران لكل من المفدال والاتحاد القومي. ومن أبرز هؤلاء الوزراء عن الليكود: سيلفان شالوم (نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية)، إيهود اولمرت (نائب رئيس الحكومة ووزير التجارة والصناعة) بنيامين نتنياهو (وزير المالية) شاؤول موفاز (وزير الدفاع) ليمور ليفنات (وزيرة التعليم والتربية) يسرائيل كاتس (وزير الزراعة) ودان مريدور (وزير دولة للشؤون الاستراتيجية والخدمات السرية). ومن أبرزهم عن شينوي تومي لابيد (نائب رئيس الحكومة وزير العدل) ومن المفدال أفي إيتام (وزير الإسكان) ومن الاتحاد القومي أفيغدور ليبرمان (وزير المواصلات) وبيني ايالون (وزير السياحة).وضمت هذه الحكومة 11 ضابطاً كبيراً في الاحتياط (مقابل 13 في الحكومة السابقة).

أما بالنسبة لحزب العمل فقد اتخذ قراراً بالإجماع بتاريخ 6/2/2003 بعدم الانضمام الى الحكومة، واعتبر رئيسه عميرام متسناع أن أسباب الهزيمة التي مني بها تعود إلى مشاركته في حكومة شارون الأولى ومشكلات أخرى كضعف الواقعية وانعدام الثقة وفقدان الوحدة والانضباط.

مهما يكن من أمر فإن الفوز الساحق الذي حققه شارون داخل حزبه خصوصاً، وفي إسرائيل عموماً، إنما يعود حسب رأي المحللين الإسرائيليين إلى ثلاثة اعتبارات هي: نجاحه في زيادة عدد أعضاء الليكود في استطلاعات الرأي وتعيين منافسه بنيامين نتنياهو وزيراً للمالية. وفي ظل ولاية شارون انضم إلى الليكود أيضاً رئيس الأركان الأسبق ووزير الدفاع الحالي شاؤول موفاز كما وعاد إلى الحزب أيضاً، بعد خمس سنوات من الانسحاب، زعيم حركة غيشر دافيد ليفي، وبذلك تكون حركة غيشر قد تلاشت من الخارطة الحزبية ([36]).

وكان جاكي ابن دافيد ليفي قد سبق أباه في العودة إلى الحزب وهو الذي تولى اتصالات إعادة والده. كذلك انضم إلى الحزب، افيغدور كهلاني المعروف بتشبثه الشديد بهضبة الجولان، وهو الذي كان قد خاض انتخابات الكنيست الخامسة عشرة على قائمة الطريق الثالث، غير ان القائمة لم تتجاوز نسبة الحسم المطلوبة.

هذا الوضع من القوة والتفوق لم يلبث ان اعترته شوائب كثيرة كان أولها وأبرزها تعرض الليكود لأزمة داخلية حيث كشف النقاب عن تبرعات غير قانونية دفعت لدعم حملة شارون الانتخابية لرئاسة الليكود عام 1999.  وقدّرت الأموال التي حصل عليها شارون بمليون ونصف مليون دولار مما أخضعه لتهمة الفساد وتلقي الرشوة مع ابنيه عومري وجلعاد وأحد المقربين منه وهو آربيه جنجر. وحصلت أزمات متعاقبة على خلفية قبول أو عدم قبول خارطة الطريق الرباعية التي تنص من ضمن ماتنص عليه على إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للاستمرار.

وما يزال شارون يتعرض لمساءلة وتحقيقات قضائية وبوليسية تحد من عنفوانه من ناحية وتزيد من تطرفه من ناحية أخرى، علماً بأنه نفى أن يكون يفكر بالاستقالة، مفضلاً الفرار إلى الأمام بتأكيده أنه باق على رأس حكومته حتى العام 2007، تاريخ نهاية ولايته الحالية.

من أجل ذلك يدور الآن صراع معلن داخل الليكود حول من يخلف شارون. نتنياهو أم شاؤول موفاز؟ ولكن ثمة أيضاً اسم ثالث هو ايهود أولمرت الذي كان رئيساً لبلدية القدس الغربية والمقرّب من خط شارون.

استطلاعات الرأي قبيل تقديم لائحة اتهام ضد شارون، كانت بدأت تؤشر على انخفاض شعبيته بصورة لم يسبق لها مثيل منذ تسلمه السلطة قبل ثلاث سنوات.

وعلى ضوء هذه الاستطلاعات ([37]) ثمة التي تغني عن التخمين في ما يتعلق بمستقبل خارطة إسرائيل السياسية ما بعد شارون. وقد اخترنا منها بعضها مع الأجوبة التي نالتها كما نشرتها الصحف الإسرائيلية

 

■   هل أنت راض أم غير راض عن أداء رئيس الوزراء آرييل شارون بشكل عام؟

درجة الرضا:    راض                  غير راض                                     لا أدري

النسبة:          36 %                   54 %                                 10%

 

 ■ مَن بين الشخصيات التالية تفضل أن يحل محل شارون كرئيس لليكود ومرشح لرئاسة الوزراء؟

  1. في أوساط مصوتي الليكود:

        نتنياهو 41%

        موفاز 18%

        أولمرت 9%

        ليفنات 8%

        سلفان شالوم 6%

 

        وإذا كان المرشحان الوحيدان هما نتنياهو وموفاز؟

        في أوساط مصوتي الليكود:

        نتنياهو 52%

        موفاز 38%

       

3­     وإذا كان المرشحان الوحيدان هما نتنياهو وأولمرت؟

        نتنياهو 56%

        أولمرت 26%

 


[1] آلان آريان،الشعب يختار، دراسة في السلوك الانتخابي في إسرائيل، لندن1973 ص146.

[2]يديعوت أحرونوت، 20/5/1983.

[3]انظر في هذا الشان حبيب قهوجي في الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني ص 371 وما بعدها وأيضاً جلال الدين عز الدين علي في خريطة الانقسامات الداخلية الإسرائيلية، على موقع الإنترنت

www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/qpolitic-june-2000/qpolitic15.asp#hadash

  • لمزيد من التفاصيل انظر مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 53 شتاء 2003 ص62 وما بعدها وأيضا موقع الجزيرة على العنون www.aljazeera.net/in-depth/israeli-elections/

[4] حزب ميماد هو حزب ديني معتدل ظهر عام 1988 بزعامة الحاخام يهودا عميتال ويعتمد على اليهود الاشكينازيم (الغربيين) ، من الطبقة الوسطى، ويتناغم في كثير من مواقفه مع حزب العمل.

[5]حزب غيشر (الجسر) كان بزعامة دافيد ليفي، وزير الخارجية الأسبق في حكومة نتنياهو، وهو يقوم أساسا على اليهود المغاربة الذين كانوا في حزب الليكود وخرجوا منه.

موقع عزمي بشارة على شبكة الإنترنت    www.org/views/azmi-bishara/2002/nov 08..html 

[6]انظر مجلة الأرض العدد 9 ايلول 2000 ص:68 وما بعدها.

[7]يديعوت أحرونوت 3/8/2000 ص:3

[8] معاريف 27/8/2000 ص:7

[9] معاريف 29/8/2000 ص: 2 رون ليفين

[10] هآرتس 21/8/2000 يوسي ورنر ص: 10

[11] المصدر نفسه

[12] هآرتس 13/10/2000 ص:5 يوسي ورنر.

[13] هآرتس 24/10/2000 ص:3

[14] هآرتس 23/10/2000 آلوف بن

[15] معاريف 15/10/2000 ص: 7

[16] هآرتس 20/10/2000 ص: .1

[17] يديعوت أحرونوت 18/2/2000 ص: 2 يوفال كارني.

[18] يديعوت أحرونوت 27/2/2000 ص:4 يوفال كارني.

[19] انظر في هذا الشأن: صالح محمد النعماني على موقع الإنترنت:

[20] www.islam-online.net/arabic/politics/2001/og/article8.html

[21] معاريف 21/11/2002

[22] هآرتس 20/11/2002

[23] يديعوت أحر ونوت 22/11/2002

[24] هآرتس 22/11/2002

[25] معاريف 20/11/2002

[26] يديعوت أحرونوت 22/11/2002

[27] المصدر نفسه

[28] انظر موقع المشهد الإسرائيلي على شبكة الإنترنت تاريخ 5/5/2003

[29] انظر في هذا الشأن معاريف 29/1/2004 شالوم يروشالمي

[30] افتتاحية يديعوت أحرونوت 8/3/2001 ص:2

[31] مجلة دراسات شرق أوسطية، السنة الخامسة العدد ,14 شتاء 2000/2001 ص: 43

[32] هآرتس 6/2/2001 ص:3 يوسي ورنر

[33] يديعوت أحر ونوت 12/2/2001 يوفال كارني، ص:3

[34] معاريف 11/11/.2002

[35] هآرتس 4/2/2003

[36] معاريف 15/11/2002

[37] معاريف 10/1/2004

The Political Map and The Parties in Israel: The dynamism of divisions and transformations
The research tackles the developments and changes which occurred during the last period of time and changed the map of parties in Israel and it was marked generally by the fallback of some parties and the progress of others and the appearance of divisions in the different political fronts with the unprecedented emergence of some religiously and politically intransigent parties.
The appearance of sectorial, ethnic, and sectarian parties manifests in this study due to the entrance of new groups of settlers like the Russian Jews and the Ethiopian Falashs.
The appearance of these groups caused more and more dissociation in the Israeli political arena on the predominant racial tone.
All this happened in the organizational frameworks of the parties and expressed contrasting conceptions and ideologies according to the cultural and social and educational sources which emanated from it.
It also appears that the different conflicts in the tissue of the Israeli community’s components led to deep contrasts, and were imprinted, due to the prescription of time, the political frameworks which indirectly influenced the internal Israeli political game and reflected on the general political performance of the government and on its different governmental alliances.
The research continues to stress on the components of the principal parties in the Israeli Society, whether Jewish or Arabic, and displays the essential features of the ethnic and ideological divisions of the Israeli parties in addition to the positions of these parties in view of the political and national and religious identity and the formations of classes and the Arabo-Israeli conflict in all its complications.
The research also emphasizes primarily on the two major parties in Israel, i.e., The Labour and The Likud, reviewing the internal reactions and the political and intellectual conflicts that they witnessed.
The research concludes in displaying the facts of variations of the leaderships showing their failure or success in their political work and inside the parties and sums up with raising the prospective horizons of these conflicts between the parties according to surveys inside Israel.

La carte politique et les partis en Israël:Le dynamisme des scissions et des transformations.
Le chercheur traite le sujet des développements et des variables qui ont surgi dernièrement sur la carte des partis en Israël. Cette période fut marquée en général par le recul des partis et la progression d’autres ainsi que l’apparition des scissions au niveau des différents fronts politiques avec l’émergence sans précédent, des partis intransigeants, religieusement et politiquement. Au cours de la recherche, se clarifie l’apparition des partis sectoriels, éthniques ou confessionnels et ce à cause de l’infiltration de nouveaux groupes de colons comme les russes juifs et les Ethiopiens. Tous ces faits ont causé plus d’incohérence au sein des partis israéliens, sur le rythme de l’intonation raciste dominante, ainsi que dans des cadres organisationnels des partis exprimant des concepts et des idéologies contradictoires selon les programmes culturels, sociaux et éducatifs qui en émanent.
Il s’avère que les différents conflits au sein de la société israélienne ont causé des contradictions profondes et ont pris, à travers le temps, l’aspect des cadres politiques qui se sont reflétés directement au niveau du jeu politique israélien interne, et au niveau de la performance politique générale de l’Etat et de ses différentes coalitions.
Le chercheur continue à insister sur les compositions des partis, efficaces dans la société israélienne, qu’elles soient juives ou arabes, et expose les plus importants aspects des divisions éthniques et idéologiques des partis israéliens et les positions qu’elles présentent vis à vis les questions de l’identité religieuse, nationale et politique et les formations des classes, ainsi que le dilemme du conflit arabe-israélien et ses différentes complications.
Le chercheur insiste sur les deux grands partis en Israël: “les Travailleurs” et le “Likud” tout en exposant les interactions internes et les conflits intellectuels et politiques qu’ils ont connu. La recherche conclut en évoquant les changements au niveau des commandements tout en classifiant leurs échecs ou leurs réussites au niveau des partis et de la politique et termine en évoquant le futur de ces conflits selon les sondages d’opinion à l’intérieur d’Israël.