الخليج في الجيوستراتيجية الأميركية

الخليج في الجيوستراتيجية الأميركية
إعداد: عبد الجليل زيد مرهون
خبير بحريني في الشؤون الخليجية

لا زال الخليج العربي يمثل المسرح الأكثر حيوية في المعايير الجيوستراتيجية الأميركية على الصعيد الكوني. وبعد "عاصفة الصحراء" بدت الولايات المتحدة وقد تمسكت بقوة غير مسبوقة، بمقولة الربط بين الأمن الأميركي وأمن الطاقة النفطية. وإذا كانت حرب الخليج قد أعطت الولايـات المتحدة قدرة إضافية على التحكم بمنابع الطاقة فإن عملية "إعادة الأمل" التي نفذت في الصومـال بين سنتين من تلك الحرب، قد أتاحت لواشنطن ممارسة مزيد من الضبط الأمني على ممرات الطاقة. وبعد ذلك جاءت قضية الاحتلال لجزيرة "حنيش الكبرى" اليمنية، لتدعم هذا الضبط، حيث كان النزاع الأريتري-اليمني في أحد أوجهه، خطوة أميركية إستباقية في إطار النزاع داخل المعسكر الغربي نفسه.

بيد أن المكاسب الأميركية هذه لم تكن خالية من التحديات، أو دون ثغرات أساسية. فقد بدأ يتضح جلياً أن الوجود العسكري الأميركي في الخليج ذو كلفـة باهظة على أكثر من صعيد. كما أن سياسة احتواء العراق وإيران لم يُقدر لها السير وفق التصورات التي تم ترويجها. كذلك فإن العقوبات المفروضة على العراق بضغط أميركي باتت عامل خلاف بين دول التحالف الذي نفذ "عاصفة الصحراء". واليوم، تبدو أزمة المفتشين الدوليين المكلفين نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وكأنها عامل إذكاء لحرب باردة جديدة بين واشنطن وموسكو.

وفي ظل هذا الواقع الصعب، يجهد الخبراء الأميركيون، ومؤسسات الأبحاث في الولايات المتحدة، في إعادة صوغ نماذج ستراتيجية وسياسية قادرة على حفظ مكانة الولايات المتحدة في الخليج، بيد أن التحديات لا تزال متعاظمة على أكثر من صعيد.

 

أولاً: أمن الخليج في معادلة الحرب الباردة

في سنوات الحرب الباردة الأولى سعت الولايات المتحدة إلى خلق نظام يقوم على تحالفات ثنائية أو متعدّدة الطرف والحفاظ عليه في منطقة الخليج كجزء من إستراتيجيتها العالمية الهادفة إلى احتواء الاتحاد السوفياتي. بيد أن تدخلات الولايات المتحدة في المنطقة أفضت إلى ردات فعـل عكسية محلية ضد السياسة الاميركية، فدعم واشنطن لحلف بغداد، مثلاً، زاد من حدّة الانقسام بين القوى المحافظة والراديكالية في المنطقة، وحفز السوفيات على تبنّي تدابيرهم المقابلة الخاصة بهم على الصعيد الإقليمي([1]). كما أن التدابير الأميركية التي رمت إلى تحويل إيران إلى "قلعة عسكرية" و "شرطي إقليمي" ساهمت جزئياً في تشكيل الرأي العام المنادي بسقوط الشاه.

وفيما عزز مبدأ أيزنهاور سياسة الاحتواء عبر معاداة الحركة الراديكالية العربية بوصفها "من تجليات الشيوعية الدولية" اتخذ مبدأ نيكسون موقفاً مختلفاً بعض الشيء. وقد سعى نيكسون تحديداً إلى تجنب تكرار تجربة فيتنام وذلك من خلال الارتكاز إلى قوى إقليمية محلية بدلاً من التدخل المباشر. وعلى الصعيد الخليجي، رعى نيكسون نظام أمني ثنائي القطـب تقوم فيه طهران بدور الشرطي الإقليمي وتمارس فيه الرياض دوراً سياسياً ومالياً.

بيد أن ترتيبات نيكسون في الخليج كان مآلها إلى الإخفاق. فالولايات المتحدة لم تكن في واقع الأمر تمتلك ما يمكنها من ضمان السيطرة الكاملة على منظومات الأسلحة المباعة إلى المنطقة، كما كانت عاجزة عن التأثير الفاعل في آليات السياسة الداخلية الإيرانية أو في العلاقات الإيرانية-السعودية. وحين اتضح مع حلول أواخر عقد السبعينات تعثر جهود التعاون بين الدولتين وتزايد الخلافات الإقليمية بينهما لم يكن أمام الولايات المتحدة أي خيار فاعل لإعادة الاعتبار لمبدأ القطبين التوأمين، وفي نهاية المطاف سقط الشاه في طهران، لتتبدد كل إجراءات الولايات المتحدة العسكرية والأمنية هناك([2]).

يقول تقرير أميركي مقدم إلى لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس: إن سير الأحداث في منطقة الخليج منذ العام 1978 يوصى بأن مبدأ نيكسون قد استند إلى أسس مزعزعة، فقد جاء سقوط الشاه وانهيار المؤسسة العسكرية الإيرانية ليجرد إيران من دورهـا كشرطي للخليج. وفيما يتعلق بالدول العربية الخليجية، ومن بينها السعودية، فإن النجوة بين المقومات الدفاعية الموجودة ومستويات القوة القائمة من ناحية، والقدرات العسكرية الفعالة من ناحية أخرى تظل واسعة للغاية رغم الإنفاق الدفاعي الضخم وعمليات النقل الواسعة للأسلحة لهذه الدول. ويظل الاستقرار السياسي داخل دول الخليج ضعيفاً. كما أن تعاظـم القوة السوفياتية والألمانية الشرقية والكوبية بالأسلحة والاتصالات والتسهيلات والمستشارين في جمهورية اليمن الديمقراطية وأثيوبيا ظل مصدر قلق لمخططي الدفاع الأميركيين لسنوات عديدة. وضاعف الغزو السوفياتي لأفغانستان من الإدراك العام بعدم كفاية القوات الأميركية المتاحة للرد على أية مواجهة محتملة في منطقة الخليج، كما أظهر الغياب العام لمساندة الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة([3]).

ويرى التقرير أن الضعف النسبي لقدرة الولايات المتحدة على وضع قوة أميركية في المنطقة "جاء مصحوباً بضعف واضح لمخابراتها وافتقار صنّاع السياسة الأميركيين إلى تقييم متكامل لديناميات تلك المجتمعات الخليجية التي تجتاز تغيراً سريعا". وأدى هذا النقص إلى إخفاق في التنبؤ والاستعداد لتطورات سياسية حدثت في المنطقة وكان يمكن التأثير فيها بنحو مختلف، فكثيراً ما كانت النظرة إلى المنطقة مبنية على نماذج سياسية واقتصادية مستقاة من الخبرة الغربية. وحال ذلك دون فهم التطورات المحتملة داخل دول المنطقة وفيما بينها. "وضاعف من ذلك نقص المعلومات عن النزعات الدينية والإعجاب الشعبي بهذه أو تلك من شتى الجماعات المتنافسة على السلطة"([4]).

وللرد على التطورات المتسارعة،أخذت إدارة كارتر على عاتقها في خريف 1979 تأسيس إطار أمني جديد في منطقة الخليج العربي، يشتمل على زيادة الوجود البحري الاميركي بشكل أساسي في المحيط الهندي، وفرز وحدات أميركية كقوات للتدخل السريع، من أجل نقل القدرات العسكرية الاميركية إلى المنطقة بسرعة وفاعلية، ومن أجل هذه الجهود توصلت إدارة كارتر إلى اتفاقات تمكنها من الحصول على تسهيلات بحرية وجوية معينة في كل من عُمان وكينيا والصومال([5])

وفي 23 كانون الثاني/ يناير 1980، أعلن الرئيس كارتر مبدأه في خطاب إلى الأمة قائلاً : " إن أي محاولة لأي قوة خارجية للسيطرة على الخليج "الفارسي" تعتبر اعتداد على المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأميركية. ومثل هذا الاعتداء سيرد عليه بأي وسيلة مناسبة، بما في ذلك الرد العسكري" ([6])

إن مبدأ كارتر المتجسد بشكل جزئي بقوات التدخل السريع، وباتفاقيات التسهيلات العسكرية، هو بمثابة سياسة تفتش عن تطبيـق ذي معنى، فهناك ثغرة واسعة بين مفهوم السياسة وبين قدراتها الحقيقية على الردع والرد.

وفي الحقيقة إن الاستعمال الكلي والفعال لكل التسهيلات التي نص عليها في الاتفاقيات الثلاث، وفي دييفوغارسيا لم يكن ممكناً قبل مرور عدة سنوات، وذلك بسبب البنى التحتية المطلوب إنجازها، والتي قدرت تكاليفهـا بمليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، فإن كلفة البرنامج الخاص بقوات التدخل السريع تقدر ب10 مليارات دولار، وذلك دون أن يشمل هذا البرنامج تدابير وجهود صغيرة وغيرمحددة ضرورية لتحضير قوات التدخل السريع للقتال([7])

بيد أن المعضلة الأهم في الستراتيجية المرتكزة إلى نشر قوات تدخل سريع في الخليج قد تمثلت في صعوبة نقل القوات ضمن فترة زمنية مناسبة([8])

إن قوات التدخل السريع مؤلفة من وحدات موجودة وليس من قوات جديدة، إلى ذلك فإن قوات التدخل السريع تعتمد بالنسبة للمواصلات عبر البحار على نفس المعدات المخصصة لمهمات إسناد الطوارئ في حلف شمال الأطلسي، لهذا فإن أي إعاقة للزيادة في مستوى القوات، أو إعاقة لمساعدات من دول صديقـة أخرى تجعل الولايات المتحدة مجبرة على الرد على حالات طارئة في آن واحد في الخليج العربي وفي أوروبا، أو حتى في الخليج العربي وفي آسيا.

كذلك، فإن القيود القائمة على حجم وتحرك قوات الولايات المتحدة تؤمن للاتحاد السوفياتي- الذي يتمتع بميزة خطوط داخلية للاتصالات والإمداد وصولاً إلى مسارح النزاعات المحتملة الثلاث-القدرة على خلق عمليات الهاء وتشتيت في مناطق غير مسرح العمليات المقصود. ففي ظروف سابقة، كما حدث في منشوريـا وتشيكوسوفاكيا، فإن الاتحاد السوفياتي وظف الغطاء السياسي والمفاجأة العسكرية لحرمان خصومه من مهلة إنذار وللتعتيم على أبعاد وطبيعة هجومه([9])

وعندما تسلم الرئيس ريغان السلطة في مطلع العام 1981 أعلن عن تمسكه بالأفكار الرئيسية التي تضمنها "مبدأ كارتر"، وتعهده بإكمال بناء قوة الانتشار السريع([10])

وطرح اليمين المحافظ، الذي انتعش في عهد ريغان، مقولة مفادها أن أمن أوروبا يتعرض لأخطار متصاعدة بسبب النزعات المتفجرة في الشرق الأوسط، فهذه النزعات مضافاً إليها عدم الاستقرار في الداخل، كانت تهدد انتظـام موارد النفط من الخليج. وفي الوقت نفسه، فإن هذه التطورات مضافاً إليهـا الفراغ العسكري كانت تتيح خيارات جديدة للاتحاد السوفياتي لتوسيع نفوذه بأسلوب التدخل المباشر  أو غير المباشر مما كان يعني تهديد الأمن الأوروبي في العمق([11])

وفي ضوء ذلك، فإن لا اتفاقية شمال الأطلسي- التي تركز على الدفاع عن منطقة الأطلسي- ولا اتفاقية الأمن اليبانية-الأميركية- التي تقتصر على الأراضي اليبانية- كانتا كافيتين لمواجهة التحديات السوفياتية، الأمر الذي كان يبرر الحاجة لاتخاذ تدابير أكثر جدوى، جسدها مبدأ "الإجماع الستراتيجي" الذي بلوره الجنرال الكسندر هيغ. ويقضي هذا المبدأ بعقد اتفاق مع الدول المعتدلة الحليفة للغرب في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب غربي آسيا لاحتواء الأطمـاع السوفياتية. وبالمفهوم الستراتيجي، فإت الاتفاق يقضي بخلق ما يمكن تسميته "تبوس الأضواء" وذلك بتدعيم قدرات أربع دول رئيسية في هاتين المنطقتين هي: مصر، إسرائيل، تركيا والباكستان، وذلك على أمل ان تنضم إليها فيما بعد كل من العربية السعودية والأردن. وهذه الدول الست التي نظر إليها على أنها حجر الأساس في "الإجماع الستراتيجي" تتميز باحتلالها مواقع استراتيجية حيوية، فمصر تسيطر على قناة السويس، وتركيا على مضيقي البوسفور والدرونيل، والباكستان مشاطئة لبحر العرب، الذي يعد معبراً لمضيق هرمز والخليج ويتصل بالمحيط الهندي، أما العربية السعودية فإنها تحتل موقعاً متميزاً بيت البحر الأحمر والخليج.وأخيراً، فإن الأردن وإسرائيـل يشكلان معاً الطريق التقليدية التي تربط آسيا الصغرى بإفريقيا([12])

 

ثانياً: تطورات نهاية الثمانينات

كان "الإجماع الستراتيجي" محاولة أميركية طموحة بالمعيار الأميركي، بيد أنها محاولة فحسب، إذ اصطدمت بعقبات الاحتقان السياسي المتزايد في المنطقة، حيث ضمت إسرائيل الجولان عام 1981، واجتاحت لبنان في السنة الثانية، وأصبح الخليج وأفغانستان والقرن الأفريقي مناطق ملتهبة بفعل حروب طاحنة وعنيفة.

وفي أواخر الولاية الثانية للرئيس ريغان، بدا المناخ الدولي في طريقه لانفراج نسبي بفعل توجهات الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، حيث تم الانسحاب من أفغانستان، وتوقفت المعارك في القرن الأفريقي، وتزامن ذلكن وربما على سبيل الصدفة، مع وقف الحرب العراقية-الإيرانية.

هذا التحوّل في المناخ الدولي بدا تحويلاً إيجابياً،إلا أنه بالنسبة للولايات المتحدة بدا حذراً ومحفوفاً بالمخاطر "الملتبسة".

ففي الخليج، بدت الإدارة الأميركية تتوجس من مستقبل القوة العسكرية بكل من إيران والعراق، وبدا الاستمرار في تشجيع سياسة توازن القوى ينطوي على قدر كبير من المغامرة، إلا أن إدارة الرئيس جورج بوش، التي استلمت من إدارة ريغان "بيئة مفككة"، لم تكن لديها ستراتيجية خاصة للتعامل مع التطورات المستجدة، وعلى الرغم من ذلك فقد رفعت شعاراً كبيراً هو "إتهاء القوى العظمى الإقليمية"، وهو يعني في التطبيق الخليجي تحجيم القوتين الإيرانية والعراقية، إلا أن إدارة بوش لم تطرح برنامجاً محدداً في هذا السبيل ولم تدخل في مفاوضات ستراتيجية، أو حتى سياسية ، مع الإيرانيين والعراقيين([13]).

وبالنسبة إلى أفغانستان فإن الانسحاب السوفياتي خلق ما يعرف "بفراغ قوى" لا توجد حكومة وفاق وطني لملئه، وكانت النتيجة حرباً أهلية لا تزال مستمرة، وجدت هذه المعضلة خلفها معضلة أكثر خطورة في الحسابات الأميركية، ألا وهي النفوذ الإيراني في أفغانستان، كما أن الروس الذين خرجوا من الباب عادوا من النافذة عبر حلفاء محليين جدد.

وفي القرن الأفريقي، انتهى الاقتتال في أريتريا وأوغادين متزامناً مع وصول النظام الإسلامي إلى السودان لتبدأ موجة جديدة من المخاوف الأميركية.

أما على الصعيد الدولي فقد اصطدمت مباحثات تقليص اِلأسلحة الستراتيجية "ستارت" بإخفاق مفاوضات الحد من الأسلحة التقليدية، وخرجت أصوات أميركية تنادي بضرورة الربط بين المسارين التقليدي والستراتيجي([14]).

وإضافة إلى ذلك، خرجت دعوات تنادي بضرورة إعادة النظر في الموقف الأميركي من "ستارت" نفسها. يقول الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في دراسة نشرها في شتاء العام 1989: "إن مشكلتنا على المستوى الستراتيجي التي برزت في أواسط السبعينات والتي تهدد بأن تصبح أسوأ بكثير من التسعينات هي الهشاشة المتزايدة لصواريخنا المنصوبة على الأرض ولمنظومات القيادة والمراقبة لدينا في مواجهة أي هجوم يحقق ضربة مهولة يتم شنه بالصواريخ السوفياتية القوية جداً وذات الدقة البالغة([15]).

ويرى نيكسون أن الجهود الأميركية الرامية إلى تقليص الأسلحة الستراتيجة بنسبة خمسين بالمائة بالغت في تركيزها على مجرد الاختزال العددي لمجموعة الأسلحة النووية بدلاً من التركيز على الحد من "هشاشة" القوة الستراتيجية لدى الولايات المتحدة([16]).

وتقضي مباحثات "ستارت" التي لا تزال موضع جدل مثير في الولايات المتحدة، بأن تقوم روسيا أو الولايات المتحدة بتقليص ترسانتيهما إلى 1600 قاعدة إطلاق بما فيها القاذفات الثقيلة والصواريخ العابرة للقارات والصواريخ الباليستية المطلقة من الغواصات، وإلى 6000 رأس نووي يسمح بوضع 4900 منها أن تكون محمولة بصواريخ باليستية.

لقد بدا واضحاً أن الضغوط "تبدلت" ولم تنتهي بالنسبة إلى صانعي الستراتيجية الأميركية. يقول نيكسون في دراسته سابقة الذكر: علينا أن نتفق حول طرق الدفاع عن المصالح الغربية المشتركة خارج أوروبا. ففي العام 1949 كلن الغرب يواجه خطر التدخل السوفياتي المباشر وسط أوروبا. أما في السنوات الأخيرة، حيث التنافس بين الشرق والغرب في أوروبا متركز على المستوى السياسي، فإن التحدي السوفياتي المباشر وغير المباشر قد تم بشكل رئيسي في العالم الثالث. وقد حملت الولايات المتحدة القسط الأكبر من أعباء مواجهة "أعمال التخريب وحروب الانابة" التي شنتها موسكو، وذلك حتى تتم المحافظة على مناطق مثل الخليج، على الرغم من أن منطقة الخليج هي أهم بالنسبة إلى أوروبا الغربية مما هي بالنسبة للولايات المتحدة. "وما لم نتوصل إلى صياغة إطار أمني عالمي شامل أكثر تكافؤاً وتوازناً فإن من المحتم أن يؤدي الضغط المتزايد على الولايات المتحدة إلى تقليص ذي شأن في تعداد القوات الأميركية التي تلتزم بها الولايات المتحدة أمام حلف الناتو"([17])

ماذا كان يعني كل ذلك بالنسبة للسياسة الأميركية في الخليج العربي؟ لا ريب أن الوضع بات أكثر تعقيداً في منظومة الحسابـات الستراتيجية للولايات المتحدة، إلا أنه لم يكن واضحاً تماماً ما الذي كان بمقدور واشنطن أن تفعله في المنطقة حتى قبل ساعة واحدة من الاجتيـاح العراقي للكويت في فجر الثاني من آب. فهذا الاجتياح عبر في أحد أبعاده عن سوء تقدير أميركي لطبيعة المعضلة التي تعيشها المنطقة([18])

 

ثالثاً: عاصفة الصحراء وآلة الحرب الأميركية    

مع الاجتياح العراقي للكويت، بدت واشنطن أمام حرب إرادات بالغة الشدة، فقد أضحت أمام وضع دونه كثيراً أزمة الصواريخ الكوبية في خليج الخنازير، وحرب الكوريتين، وحتى الغزو السوفياتي لأفغانستان. وفي الإدراك الأميركي فإن إمدادات النفط وحقوله الغنية في الكويت والعربية السعودية باتت على كف عفريت، كما أن "أمن إسرائيل" حليفها الرئيس في الشرق الأوسط بات موضع تساؤل فعلي.

وفي نهاية المطاف، قررت واشنطن خوض حرب شبه عالمية لإخراج القوات العراقية من الكويت، إلا أنها امتنعت عن "مواصلة الحرب" حتى يسقط نظام الرئيس العراقي صدام حسيـن، كي لا يكون غريمها الإقليمي الآخر، إيران، المستفيد الأول من هذه الحرب.

كان إبقاء حكم الرئيس العراقي صدام قراراً سياسياً، أملته المقاربة الأميركية الخاصة للبيئة الإقليمية، بيد أن تدمير البنية الأساسية للعراق كان البعد الأكثر ستراتيجية في هذه المقاربة([19])

واليوم، وبعد مرور سنوات عدة، لا تزال طبيعة هذه الحرب مجهولة لدى العديدين في الولايات المتحدة والمنطقة، وتحديداً لجهة بعدها التدميري غير المسبوق في تاريخ البشرية. لذا يبدو من المفيد التوقف عند الخطوط العامة لهذه القضية.

في الثلاثين من تشرين الثاني/نوفمبر 1990 تعهد الرئيس بوش قائلاً: "لن تكون هذه فيتنام أخرى. إذ اضطر أي جندي اميركي إلى دخول المعركة فإن ذلك الجندي سوف يجد وراءه قوة كافية ليخرج منتصراً.. لن أوافق قط بالقيام بأي جهد ناقص"([20])

وانسجاماً مع هذه النظرة تم الايعاز للجنرال نورمان شوارتزكوف ومعاونيه باستخدام ما هو "ضروري" من القوة، مهمـا كانت، من أجل الحصول على نصر سريع وحاسم. وعلى الرغم من استبعاد استخدام الأسلحة النووية فإن شوارتزكوف كان مسموحاً أن يستخدم أية أسلحة أخرى من ترسانة الولايات المتحدة بما فيها الذخائر القوية الجديدة المصممة من أجل خوض حرب شاملة ضد الاتحاد السوفياتي.

إن ما يقدر ب 85000 طن من القنابل غير النووية "التقليدية" انهال على كل من العراق والكويت خلال فترة القتال، وهذه الذخائر مجتمعة أحدثت قوة تدميرية مساوية لخمس من الهيروشيمات. كما أن كميات مماثلة من الصواريخ والقذائف وحميم المدفعية تم قذفها في أثناء حرب الخليج، مما جعل هذه الحرب الأكثر كثافة نارية منذ الحرب العالمية الثانية. إن العديد من هذه الذخائر المصممة للاستخدام ضد القوات السوفياتية في أوروبا قد جرى استعمالها للمرة الأولى في ساحة القتال خلال عملية "عاصفة الصحراء"([21]).

لقد اشتملت الذخائر على أسلحة "خفيفة" بالغة الإتقان مثل التوماهاوك وصواريخ بيف واي II Pav Way الموجهة بالليزر، وقنابل "صامتة" من النوع الذي تم استخدامه في كل من كوريا وفيتنام، غير أن ما ميز حرب الخليج إلى هذا الحد المثير هو الاستخدام الواسع (والتجريبي في الغالب) لجيـل جديد من الذخائر المصممة لتحدث آثار تدميرية موازية لآثار الأسلحة النووية التكتيكية، فهذه الذخائر مثل الوقود المتفجر والقنابل المتسللة والقنابل العنقودية ذات الانتشار الواسع انهالت على مساحات واسعة وبكميات كبيرة من أجل تدمير التحصينات والملاجئ الموجودة تحت الأرض وفي سبيل شل الدبابات والعربات ولقتل الأفراد وتشويههم. كما أن عدداً كبيراً من الإصابات كان لقنابل وصواريخ أخطأت أهدافها المقصودة فانفجرت بين الأوساط المدنية([22]).

ولعل أكثر الأسلحة التي استخدمت في حرب الخليج إثارة للرعب هي التالية:

- منظومة إطلاق جملة من الصواريخ (M.L.R.S): وهذا السلاح تم إنتاجه عام 1983 وقد جرى استخدامه في القتال للمرة الأولى في حرب الخليج. إنه وعاء متحرك أشبه بالصندوق يستطيع أن يقذف اثنـي عشر صاروخاً تحمل مئات القنابل الفردية التي تغطي مساحة تصل عشرين ميلاً. وحسب كلام وزير الدفاع الأميركي "تستطيع منصة واحدة أن تقذف حمولتهـا المؤلفة من اثني عشر صاروخاً خلال ما يقل عن دقيقة واحدة مغطية مساحة توازي مساحـة ستة ملاعب لكرة القدم بما يقرب من 7700 قذيفة شبيهة بالقنبلة اليدوية وفعالـة ضد الأفراد من جهة وضد الأهداف المدرعة بدروع خفيفة". وخلال "عاصفة الصحراء" تم استخدام العشرات من هذه المنصات في الغالب بصورة متزايدة باصقة سيولاً غزيرة من حمم القنابل المتفجرة وهي السيول التي عرفت لدى الجنود الأميركيين باسم "أمطار الفولاذ" فوق مساحات توازي مساحات المدن. وهذا السلاح الذي تم إنتاجه في الولايات المتحدة يجري الآن إنتاجه بصورة مشتركة في كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا.   

- منظومة صاروخ الجيش التكتيكي (ATACM): تم تطوير هذا السلاح من قبل الجيش الأميركي في الثمانينات لتجهيز الخطوط الأمامية التابعة لحلف الأطلسي بصاروخ أرض-أرض قادر على ضرب قواعد حلف وارسو ومدافعة في عمق أراضي الخصم. وعلى الرغم أن هذا السلاح كان ما يزال طور التجريب أواخر العام 1990، فقد تم نقله على عجل لاستخدامه ضد القوات العراقية.

- التوماهوك: إنه صاروخ "كروز" يطلق من البحر، مصمم لمهاجمة السفن والأهداف البريـة الثمينة. يبلغ مدى التوماهوك الأرضي أو البري الذي جرى استخدامه في الخليج 700 ميلاً بحرياً ويحمل رأساً حربياً يزن ألف رطل إنجليزي، كما يمكن إطلاقه من البواخر الطافية ومن الغواصات.

وحسب وزير الدفاع الأميركي، فقد تم إطلاق ما يقرب من 240 صاروخاً من طراز توماهوك على القوات العراقية خلال الأسبوعين الأولين من الحرب.

- قذيفة (L.G.B.) موجهة بالليزر: وهي القذيفة المألوفة لدى ملايين الأميركيين نتيجة التغطية التلفزيونية الواسعة لآثارها من طراز GBU-10 "بيف واي-2"، وهي التي استهدفت القواعد والمنشآت العسكريـة العراقية بما فيها بعض تلك الموجودة في قلب بغداد. إن هذه القنبلة التي يصل وزنها 2000 رطلاً تحمل كشافاً يعمل بالليزر يجري تركيزه على شعاع من الليزر يكومن موجهاً نحو الهدف من قبل أحد عناصر طاقة الطائرة القاذفة أو طائرة أخرى مرافقة. وعلى الرغم من تباهي المسؤولين الأميركيين لدقة إصابة هذه القذائف فإنها كثيراً ما أخطأت أهدافها إذ أصابت منشآت مجاورة فأحدثت الكثير من الإصابات المدنية.

- قذائف الوقود السائل المتفجرة في الجو F.A.E. : باتت هذه القذائف التي شكلت أحد أغنى الأسلحة التي استخدمت في حرب الخليج بديلاً قادراً على أن يحل محل الذخائر النووية التكتيكية في الهجوم على الوحدات المتمركزة في الدشم وعلى التحصينات المنيعة.

وقذائف F.A.E. هي في الأساس قنابل كبيرة مملوءة بأنواع شديدة الاحتراق من الوقود السائل مصحوبة بشحنة متفجرة وعند إسقاط هذا النوع من القذائف على بقعة الهدف فإن الوقود السائل ينتشر مثل سحابـة فوق الهدف، ولدى إشعال الشحنة المتفجرة تتحول السحابة إلى كتلة نارية هائلة تحيط بكل شيء موجود في دائرة يصل قطرها إلى مئات الياردات. وأي إنسان يكون موجوداً في هذه الدائرة يمكن أن تأكله ألسنة اللهب أو يتعرض للاختناق نتيجة انعدام الأوكسيجين أو أن ينسحق تحت وطأة الأبنية المتداعية.

واحتوى تقرير رسمي أميركي وصفاً لمدى الطاقة الرهيبة التي ينطوي عليها هذا السلاح. يقول التقرير: "ما أن يتم التفجير حتى يصل ضغط بالغ الشدة يمكنه أن يصل إلى 420 رطلاً فوق كل بوصة (إنش) مربعة في وسط الكتلة الضبابية. ومع انتشار اللهب المتفجر نحو أطراف الكتلـة فإن عملية الانتشار هذه تكون مصحوبة بضغط تفوق سرعته سرعة الصوت، إذ تصل إلى 1852 متراً في الثانية، أي ستة أضعاف سرعة الصوت (مما يخلق قوة كافيـة لتحطيم الدشم المحصنة) ومع احتراق الوقود تتابع الموجة تحركها وهي تولـد ضغوطاً شديدة جداً ذات طاقة تدميرية هائلة إلى مسافات غير قليلة. إن الضغوط الناجمة عن قذائف F.A.E. هي ضغوط قريبة من تلك التي تحدثها أية أسلحة نووية على مسافات قصيرة"([23]).

 

رابعاً: التداعيات الستراتيجية لـ"عاصفة الصحراء"

إضافة إلى أبعادها الميدانية التدميرية الطابع، فإن حرب الخليج الثانية بتداعياتها المباشرة والضمنية تعد سبقاً ستراتيجياً حققته الولايات المتحدة على منافسيها داخل المعسكر الغربي ذاته. ويمكن النظر إلى إحكام الضربة الأميركية على منابع النفط في الخليج باعتبارها البعد الأهم في هذا السبق([24]).

وفي إطار مقولة أمن الطاقة ذاته، فإن "عاصفة الصحراء" شكلت "المقدمة الستراتيجية" لعملية "إعادة الأمل" في الصومال، التي قصد منها ستراتيجياً إحكام القبضة على ممرات الطاقة النفطية، ذلك أن الصومال، بخصوصياته الجيوسياسية، يعد قاعدة إشراف وتوجيه للمناطق الواقعة في شرق أفريقيا وجنوبها الغربي، وهو قاعدة ضبط وتموين للخطوط التجارية الدولية المارة بين الشرق والغرب عبر خليج عدن ومضيق باب المندب، وهو بذلك يشرف على مداخل المحيط الهندي ومخارجه، وعلى مداخل البحر الأحمر وخليج عدن والطرق المواجهة لباب المندب والطرق الموصلة إلى جنوب غرب آسيا والخليج، وعلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، التي تعد الآن القاعدة العسكرية الأميركية الأولى خارج الولايات المتحدة. ومن هنا، فإن الوجود الأميركي في الخليج والصومال قد وضع منابع النفط وإمداداته بين فكّي كماشة أميركية.

وبعد "عاصفة الصحراء" و "إعادة الأمل" وانطلاقاً منهما، فإن الخطوة الأميركية الثالثة، في سياق بعد الطاقة، تتمثل في احتمـال وضع قوات أميركية في جزيرة "حنيش الكبرى" اليمنية، التي غدت تحت السيطرة الأريترية منذ كانون الأول/ديسمبر 1995، إثر هجوم أريتري مباغت. ومسألة وضع قوات أميركية في "حنيش الكبرى" لمحت أريتريا إلى إمكانية حدوثه، أو القبول به، منذ اليـوم الأول لاحتلال الجزيرة. وقد لقي هذا الطرح تجاوباً يمنياً في إطار ترتيبات "مؤقتة". وفي نيسان/إبريل 1998 بدا من سير لجنة التحكيم الدولية في النزاع أن الجانب اليمنـي يمسك بالعديد من الوثائق التي ترجح حقه في استعادة الجزيرة، وبما أن القـوات الأريترية لن تنسحب دون مقابل أو ضمانات، فإن وضع قوات أميركية في الجزيرة يبدو الآن أكثر احتمالاً([25]).

ولا بد من  التشديد، هنا، على البعد الدولي في قضية "حنيش الكبرى"، فما حدث في كانون الأول/ديسمبر 1995 لم يكن مجرد نزاع أريتري-يمني، ولا مجرد نزاع مصري-إسرائيلي على مستقبل البحر الأحمر، تعبر عنه صدمات عسكرية بين أسمرا وصنعاء. إن ما حدث جزء من الصراع الستراتيجي الجديد بين أوروبا والولايات المتحدة في مرحلة ما بعد "عاصفة الصحراء"، ذلك أن الوجود الأميركي في "حنيش الكبرى" إذا ما تحقق فعلاً فسيكون خطوة أخرى على طريق تعزيز القبضة على ممرات الطاقة النفطية المندفقة من الخليج إلى العالم الصناعي([26]).

ومن التجليات الدولية لحقيقة السبق الستراتيجي وإلى تجلياتها الإقليمية، يمكن ملاحظة أن "عاصفة الصحراء"، إضافة إلى تدميرها أكبر قوة ستراتيجية في الخليج وهي العراق، قد وضعت من جهة أخرى إيران في وضع ستراتيجي حرج، حيث باتت محاصرة عسكرياً. ويمكن التشديد على أن الوجود العسكري الأميركي المتقدم في المنطقة قد حدّ من قدرة إيران على إستننفاذ مزايا التفوق الجيوسياسي النسبي الذي تتمتع به، وتحديداً فإن هذا الوجود قد أضعف من قابلية ذراعها البحري في الخليج العربي وبحر العرب.

كذلك، فإن الوجود الأميركي في جنوب شرق تركيا، الذي جاء على خلفية "عاصفة الصحراء" وتحت ذريعة حماية أكراد العـراق قد أدى إلى كشف الجناح الشمالي الغربي لإيران، وتعرض أنظمتها الدفاعية في هذا الجناح لمراقبة الرادارات الجوية الأميركية.

وبعد العراق وإيران، يمكن النظر إلى السعودية كأحد المعنيين الإقليميين الرئيسيين بـ"عاصفة الصحراء"، فقد كان في طليعة الأهداف الستراتيجية لـ"عاصفة الصحراء" منع قيام قوى إقليمية كبرى، وهذه مقولة لا تنطبق على العراق وإيران فحسب، بل كذلك على دول مثل السعودية ومصر.

لقد لامست "عاصفة الصحراء" اعتبارات الأمن القومي السعودي، وذلك من جراء الميزات الستراتيجية المتقدمة التي باتت تتمتع بها القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة، الأمر الذي يفرض تحدياً ستراتيجياً على أكثر من صعيد.

إلى ذلك، يمكن النظر إلى مبدأ "الاحتواء المزدوج" لإيران والعراق باعتباره تأخيراً نظرياً مبكراً للتداعيات الستراتيجية لـ"عاصفة الصحراء". لقد أُعلن هذا المبدأ في ربيع العام 1973، وكانت تلك المرة الأولى التي تطرح فيها فكرة الاحتواء منذ انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي.

ومن الزاوية الستراتيجية، يشكل مبدأ "الاحتواء المزدوج" اختراقاً في المفاهيم السائدة، فهو انعطاف حاسم عن سياسة توازن القوى التي شكلت دليلاً للسياسة الأميركية في الخليج لعقدين من الزمن، وجاء الاجتياح العراقي للكويت عام 1990 ليؤكد إفلاسها.

 

خامساً: أزمة المفتشين الدوليين أو حرب الإرادات

وفي أواخر العام 1997، جاءت أزمة المفتشين الدوليين في العراق لتقدم صورة واحدة لطبيعة التحديات التي تعترض تنفيذ سياسة الاحتواء المزدوج.

وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1997 اتخذت القيادة العراقية قراراً بعدم التعامل مع حملة الجنسية الأميركية من مفتشـي اللجنة الدولية المكلفة نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق. الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى تعليق أنشطة اللجنة مؤقتاً كخطوة احتجاجية. وسارعت وزارة الخارجية الأميركية للتحذير من أن "نتائج خطيرة" قد تترتب على القرار العراقي.

وفي 12 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً حمل الرقم 1137 أدان الإجراء العراقي، وطالب في بنديه الثاني والثالث الحكومة العراقية بأن تلغي قرارها بوقف التعامل مع حملة الجنسية الأميركية من مفتشي اللجنة الخاصة. وبأن تتعاون "بالكامل وعلى الفور ودون شروط أو قيود" مع هذه اللجنة. أما البند الرابع من القرار الدولـي فقد نصّ على "أن تمنع الدول دون تأخير دخول أو عبور أقاليمها من جانب جميـع المسؤولين العراقيين وأفراد القوات المسلحة" المسؤولين عن عرقلة عمل اللجنة الدولية الخاصة.

وفي اليوم التالي، رد العراق على قرار مجلس الأمن الدولي بطرد حملة الجنسية الأميركية العاملين في اللجنة الدولية، في قرار اتُخِذ على وجه السرعة وتم تنفيذه فوراً، حيث رُحّل ستة أميركيين براً إلى الأردن في ساعة متأخرة من المساء وأعقب هذه الخطوة امتداد واسع للأزمة، حيث سعـت الولايات المتحدة للرد عسكرياً على بغداد إلا أنها لم تستطع بلورة الإجماع الدولي والإقليمي اللازم لهذا الرد. وفي 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1997 تم التوصل إلى اتفاق قضى بتراجع العراق عن قراره وسماحه للمفتشين الأميركيين بالعودة إلى بغداد ومزاولة مهامهم مع فريق اللجنة الدولية الخاصة. وقد أُعلن عن الاتفاق إثر اجتماع عقده في جنيف ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تم ترتيبه بمبادرة روسية وساد اعتقاد بأن واشنطن هي التي أوعزت إلى موسكو الدخول على خط الأزمة للخروج باتفاق لا غالب ولا ومغلوب يحفظ ماء وجه الطرفين.

وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 1997، عادت الأزمة لتتجدد بين العراق والأمم المتحدة والولايات المتحدة، وذلك بعد أن أعلن ريتشارد بتلر رئيس اللجنة الدولية الخاصة المكلفة نزع أسلحة الدمار الشامـل العراقية أن العراق أبلغ اللجنة رفضه القاطع لتفتيش القصور الرئاسية ومكاتب الوزارات وأن جميع أسلحته المحظورة قد أزيلت وأنه لن يقدم أي معلومات جديدة عنها.

وبدأت حرب أعصاب جديدة بين واشنطن وبغداد، استطاع فيها العراقيون كسب أوساط شعبية ورسمية لم يكونوا قد كسبوها في الجولة السابقة. كما أن الرأي العام الأميركي بدا غير مستعد في المجمل لدخول بلاده في مواجهة عسكرية جديدة في الخليج العربي. خاصة وأن أهدافها النهائية لم تكن واضحة، فالمسؤولين الأميركين كرروا التأكيد على أنهم لا يهدفون إسقاط الرئيس العراقي صدام حسين في أية عملية عسكرية محتملة. كما أن مقولة تدمير "مواقع حساسة" في العراق لم تقنع الرأي العام الأميركي، لأن جدواها غير مؤكدة، كما أن احتمال تعرض عدد واسع من المدنيين العراقيين للخطر كان شبه محتم في تقديرات العديد من الخبراء.

وفي ظل أجواء محتدمة ومتوترة عالمياً، وصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إلى بغداد، وبعد جولة مباحثات عقدها مع الرئيس صدام حسين ومسؤولين عراقيين آخرين، تم الاتفاق على "مذكرة تفاهم" وقعها عنان عن الأمم المتحدة ونائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز عن العراق، وذلك في 23 شباط/فبراير 1998. وفي الثالث من آذار /مارس 1998 صادق مجلس الأمن الدولي على مذكرة التفاهم في قرار حمل الرقم 1154.

في مدلولها النهائي، تعد مذكرة التفاهم "نصف انتصار" و "نصف هزيمة" للأطراف المعنية كافة. وهي "نصف مكسب" للمجتمع الدولي. وما يقال عن مذكرة التفاهم يقال بصورة أكثر وضوحاً عن القرار الرقم 1154.

لقد نزعت "المهمة الصعبة" التي قام بها عنان فتيل حرب ثالثة في الخليج كادت تكون محققة، دون أن تفعل ما هو أكثر من ذلك.

ومن الناحية التقنية البحتة، قلص القرار 1154 بصورة ضمنية مبررات الاستنفاذ الفعّال للجهود الدبلوماسية عند اندلاع أي أزمة جديدة بين العراق والأمم المتحدة، هذا من وجهة النظر العامة. أما من وجهة النظر الأميركية، فإن القرار أعطى "تفويضاً صريحاً" باستخدام القوة تلقائياً للرد على أي إخلال عراقي في تنفيذ بنود مذكرة التفاهم.

وبالنسبة للعراق، شكلت المذكرة ما يمكن اعتباره ضوءاً في نهاية النفق، وهذا ما أشار إليه مضمون البندين السادس والسابع.

كذلك، تحقق الفقرة (أ) من البند الرابع مطلباً عراقياً آخر، من حيث نصها على إضافة "دبلوماسيين يعينهم الأمين العام" إلى فريـق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في المواقع الرئاسية، ويرأس هذا الفريق من قبل مفوض عام يعينه الأمين العام. وهذا يعني على الصعيد العملي أن بغداد قد استطاعت وضع كوفي عنان كثقل موازن للرئيس التنفيذي للجنة الخاصة ريتشارد بتلر، الذي يتّهمه العراق بالانحياز للولايات المتحدة.

وعنان الذي مثّل نقطة تجاذب في صراع الإرادات، اتّجه لتعزيز دوره بتعيين الدبلوماسي الهندي المتقاعد بواكاش شاه مبعوثـاً خاصاً له إلى العراق ليكون قناة اتصال جديدة بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة.

وفي بُعد ثالث، يقدم النص الوارد في البند الثالث من المذكرة، والقاضي "بتعهّد اليونيسكوم احترام نواحي الاهتمام المشروعة للعراق ذات العلاقة بالأمن القومي والسيادة والكرامة" مبرراً قانونياً لأي احتجاج محتمل من قبل بغداد على سلوك بعض المفتشين الدوليين.

كذلك، تمثلت إحدى النتائج غير المباشرة لأزمة المفتشين الدوليين في السماح بزيادة الإنتاج النفطي المصرّح به للعراق بموجب القرار الدولي الرقم 986 المعروف ببرنامج "النفط مقابل الغذاء"، إذ وافقت الأمم المتحدة على رفع هذا الإنتاج من قيمة ملياري دولار كل ستة أشهر إلى أكثر من خمسة مليارات دولار للفترة ذاتها. وهذا مكسب ينطوي على أبعاد حيوية للعراقيين.

وبالنسبة لحكومة الرئيس صدّام حسين فإن المكسب الأهم تمثّل في قدرتها على مواصلة لعبة شد الحبل حتى نهاية الأزمة، دون أن تسمح لهذه الأزمة بالوصول إلى نقطة الانفجار، لإدراكها التام بأن هذا الانفجار لن يكون في مصلحتها.

أما الولايات المتحدة، فقد استطاعت بسهولة، هي الأخرى، القول بأنها كسبت المعركة، وأن "الدبلوماسية المدعومة بالقوة" قد حققت ثمارها.

وبالنسبة إلى روسيا، حليف العراق الأساسي في الأزمة، فقد حصدت دبلوماسياً ما خسرته الولايات المتحدة، وكانت العلاقة بين الكسب الروسي والخسارة الأميركية محض ترضية. ويمكن القول أن موسكو قد انتقمت خلال هذه الأزمة من واشنطن لإصرار هذه الأخيرة على توسيع حلف شمال الأطلنطي باتجاه شرق أوروبا . وفولا انتهاء المواجهة، طالبت موسكو بتعيين نائب روسي لرئيس اللجنة الخاصة بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، وأمكن النظر إلى تلك المطالبة باعتبارها محاولة لتكريس إنجازات موسكو الدبلوماسية، والبدء بقطف ثمار هذا الإنجاز. وما لا يمكن إغفاله في هذا الإطار أن لروسيا رهانات كبيرة على العراق.

فالروس يراهنون على نفط العراق الذي قارب احتياطه المؤكد المائتي مليار برميل، كما أنهم بلد دائن لبغداد بمليارات عدة من الدولارات. وكلما شعرت موسكو بالضغط في شرق أوروبا فإنها تنتقم من واشنطن في آسيا الوسطى وتعزز اقترابها الستراتيجي من إيران والعراق([27]).

 

سادساً: إعادة تأطير الاحتواء

إن التفسير الأميركي الرسمي لمصلحة المواجهة مع بغداد لم يقنع العديد من الشخصيات الأميركية، وقاد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ترينت لوت حملة ضد مذكرة التفاهم، وضد الأمين العام للأمم المتحدة، الذي رأى أنه "أساء كثيراً إلى مصداقية الأمم المتحدة بإبرامه ما يبدو أنه اتفاق خاص مع التي ينتهك بطريقة فاضحة قرارات الأمم المتحدة". ورأى لوت أن "الاتفاق الذي تفاوض عنان عليه بشأن العراق لا يعالج بصورة كافية الخطر الذي يشكله (الرئيس العراقي) صدام حسين"، مضيفاً أن الاتفاق يعطي الرئيس صدام قدرة لا يستحقها للتأثير على أعمال التفتيش([28]).

وبعيداً عن هذا الجدل، الذي لم يتخطى الحسابات الداخلية الأميركية، ثار السؤال التالي: ما التي ستفعله الولايات المتحدة، أو بالأحرى ما الذي يمكنها أن تفعله لامتصاص التداعيات السالبة لما حدث في الخليج في شتاء العام 1998، والذي يمكن له أن يتكرر في أي وقت آخر؟

من الواضح أن الحشد العسكري بمستوياته الراهنة لا يمكن أن يشكل هدفاً قائماً بذاته إلا بالمعيار المحلي فقط، كما أن اللجوء للاستخدام الفعلي لهذا الحشد لا بد أن يأتي على خلفية خرق عراقي محسوس لمذكرة التفاهـم. كذلك، فإن الولايات المتحدة لا يمكنها التورط علناً في فعل مباشر لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين.

وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت، قفزت على الجدل الدائر بالقول أن مذكرة التفاهم مثّلت تراجعاً من قبل الرئيس صدام حسين، وأن الولايات المتحدة ماضية في سياسة احتواء العراق([29]).

وبعد أيام من تصريحات السيدة أولبرايت، رأى مساعدها لشؤون الشرق الأدنى مارتن إنديك أنه في حال حصلت نظرياً عملية "تطبيع" للعلاقات الأميركية-الإيرانية لن تكون هناك بالضرورة حاجة إلى "تطبيع" العلاقات مع العراق بهدف إيجاد توازن للقوى في منطقة الخليج العربي، موضحاً أن "الولايات المتحدة هي التي تحفظ ميزان القوى هناك". وقال إنديك "إن أي تطبيع محتمل مع إيران سيساعد على المضي في سياسة احتواء العراق"([30]).

حديث إنديك هذا، الذي أدلى به في الثالث من آذار/مارس 1998، ينطوي على تأطير ستراتيجي جديد لمبدأ الاحتواء، بل يمكن القول أن هذا التأطير هو من أهم التصورات الستراتيجية التي أولدها مناخ أزمة شتاء 1998 بين العراق والأم المتحدة والولايات المتحدة.

إن مقاربة إنديك هذه قد تضمنت رؤية أميركية هي الأكثر شداً للانتباه على مستوى تصورات الولايات المتحدة المتعلقة بالخليج العربـي خلال السنوات الأربع الماضية. لم تكن هذه المقاربة انعطافاً حاسماً في المفاهيم السائدة لكنها مواكبة معرفية لقطار الأحداث المتجه بسرعة متزايدة. ولكن على الرغم من ذلك تبقى مقاربة إنديك بحاجة إلى معالجة معرفية على المستويين المنهجي والمضمون.

من الزاوية المنهجية، هناك إشكالية اقتراب، أو تعايش، بين طرفي المقاربة: طرف الوجود الأميركي المتطور في الخليج العربي (الذي يمكنه أن يكون ثقلاً موازياً)، وطرف العلاقات الأميركية-الإيرانية المتقدمة، أو الحسنة المنضبطة وغير المتوترة. إن العلاقة بين طرفي المقاربة تبدو هنا ذات طبيعة عكسية في أفضل الافتراضات. وصفرية في الأسوأ. أي أن النمو في الطرف الأول سيعني بالضرورة انخفاضاً مساوٍ في الطرف الثاني.

ومن الزاوية المضمونية، فإن الإشكالية التي تثور هنا هي مدى إمكانية أن تكون القوة بمفهومها العسكري المجرد موازناً للدولة بثقلها الكلّي، الذي لا تمثل القوة العسكرية سوى أحد عناصره، حيث تبرز العناصر الأخرى للقوة ديموغرافياً واقتصادياً وجغرافياً. والقوة العسكرية الأميركية في الخليج العربي ليست تعبيراً موازياً للولايات المتحدة كدولة.

ثمة افتراض أساسي ربما أخذت به ضمناً مقاربة إنديك من دون أن يتضح ذلك في حروف النص. هذا الافتراض هو أن يكون إنديك قد قصد بالقوة العسكرية الأميركية في الخليج على أنها مضمون أولي أو أساسي، كمّي أو نوعي، لنظام أمني إقليمي ترتضيه الأطراف الإقليمية كافة، بما في ذلك إيران نفسها.هذا الافتراض في حال وجوده يحل الإشكالية الأولى، أي إشكالية الإطار المنهجـي للمقاربة، لكنه لا يقترب من حل الإشكالية الأخرى أي إشكالية المضمون، لأنه في التحليـل الأخير فإن الدولة لا توازنها سوى دولة تماثلها أو تتفوق عليها في القوة وتعاكسها أو تقابلها في الاتجاه. على أن هذا التعاكس أو التقابل لا يعني بالضرورة وجود بعد صراعـي للتوازن. كالذي كان قائماً بين إيران والعراق.

هذا النقد، أو هذا النقاش، لا يقلل من المضمون الستراتيجي لمقاربة إنديك الداعي لإيجاد موازن لإيران من خارج المقاربات التقليدية، أو لنقل من خارج النظام القديم الذي ساد الخليج العربي.

إن غياب هذا الموازن يعني استمرار معضلة التوازنات، أو الفراغ الستراتيجي، في الخليج العربي. وهو واقع لا يخدم أي من الدول الخليجية بما في ذلك إيران نفسها، فالفراغ الستراتيجي من شأنه أن يصعد، عن حقيقة أو وهم، هواجس دول الخليج العربية تجاه القوة الإيرانية ويحد تالياً من فرص التقارب بينها وبين طهران([31]).

إن هناك حاجة لإعادة صوغ منظومة المفاهيم الستراتيجية السائدة في منطقة الخليج، بما يفضي لخلق نمازج أمنية قادرة على احتواء عوامل التوتر الإقليمي والحد من تداعياتها. إن عودة العراق لممارسة دوره السياسي والستراتيجي في البيئة الخليجية يجب أن لا تكون مثار ريبة لدى الأطراف المحليين، كما أن اليمن وباكستان يجب أن يعطيا دوراً في ترتيبات أمن الخليج كي تنسجم هذه الترتيبات مع الحقائق الجغرافية للمنطقة.


*- خبير بحراني في الشؤون الخليجية.

[1]- See FULLER Graham E., "Respecting Regional Realities", Foreign Policy, No. 83, (Spring 1991), pp. 159-177.

[2]- عبد الجليل زيد مرهون. "أمن الخليج بعد الحرب الباردة"، بيروت، دار النهار للنشر، 1997.

[3]- Foreign Affairs and National Defense Division, Congressional Research Service, Library of Congress, Saudi Arabia and The United States: the New Context in an Evolving Special Relationship, Report Prepared for the Committee on Foreign Affairs: U.S House of Representatives (U.S G.P.O. Washington), August 1981.

[4]- Ibid.

[5]-  Report Of the Delegation to the Indian Ocean. Area of the Committee on Armed Services. Hous Of Representatives; U.S. Government Printing Office, Washington, 1980.

[6]-  State of the union address. Department of state Bulletin. Vol.80 February 1980. Special supplement: B.

[7]- "U.S. Security Interests the Persian Gulf", Report Of a Staff Study mission to the Persian Gulf, Middle East, and Horn of Africa, Oct.21- Nov.13, 1980, to the committee on Foreign Affairs, U.S. Hous of Representatives, March 16, 1981; U.S. Government Printing Office, Washington : 1981.

[8]- Ibid.

[9]-  Ibid.

[10]- عبد الرحمن النعيمي: "الصراع على الخليج العربي"، بيروت: دار الكنوز الأدبية، 1994 (طبعة ثانية)،ص 81-82.

[11]- رأى البعض أن منطقة الخليج العربي غدت في الثمانينات مركزاً للصراع بين الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة بدرجة تساوي في أهميتها ما كانت عليه أوروبا في الأربعينات. أنظر:

Robert Tucker, quoted in: Fred Halliday, Soviet Policy in the Arc of Crisis (Washington, D.C. : Institute For Policy Studies, 1981), p.9.   

[12]- إسماعيل صبري مقلد: "الإجماع الستراتيجي في الشرق الاوسط" ، مجلة المجالس الكويتية، العدد 602، 25 كانون الأول/ديسمبر 1982، ص30

[13]- أنظر : عبد الجليل زيد مرهون: "الخليج بين الحرب الباردة والنظام العالمي الجديد"، "أخبار الخليج" (البحرين) 30 تشرين الأول /نوفمبر 1994.

[14]- يتبنى هذه النظرة اتجاه الحرب الباردة الدولية (Cold War Internationalism)، أنظر على سبيل المثال: Robert W. Tucker, "The New Reagan Doctrine rest on misplaced optimism", New York Times, 9-4-1986. وحول مواقف الاتجاه المحافظ الجديد المتشددة من الاتحاد السوفياتي، أنظر : Reichley James, "The Reagan Coalition", Brookings Review, (Winter 1982), pp. 6-9.

[15]- Nixon Richard, "American Foreign Policy: The Bush Agenda", Foreign Affairs, Vol. 68, No. 1, 1989.

[16]- Ibid.

[17]- Ibid

[18]- أخذ بهذا الرأي مارتن انديك، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى في دراسة نشرها في مجلة Foreign Affairs"" (مجلد 71، عدد 1-1992) رأى انديك-ولم يكن قد تولى حينها أي منصب رسمي-أن ما حدث في الخليج في صيف العام 1990 هو نتاج سوء تقدير مشترك أميركي عراقي خليجي.

[19]- انظر: انديك، نفس المصدر.

[20]- اقتبس نص العبارة من دراسة هامة عن الأسلحة المستخدمة في حرب الخليج نشرها ميكايل كلير Micheal Klare في مجلة The Nation""-حزيران/يونيو 1991.

[21]- كلير.

[22]- المصدر نفسه.

[23]- المصدر نفسه.

[24]- عبد الجليل زيد مرهون:"أمن الخليج بعد الحرب الباردة"، مصدر سابق.

[25]-لمزيد من التفاصيل عن النزاع الأريتري-اليمني، أنظر: عبد الجليل زيد مرهون، "النزاع الأريتري-اليمني في الستراتيجيات الإقليمية والدولية"، النهار، 24و25و26/1/1996. 

[26]-  لإطار خلفي عن العلاقات الأميركية-الأريترية، أنظر: عبد الجليل زيد مرهون، "المسألة الأريترية في ما بعد الحرب الباردة"، السفير، 24/7/1998.

[27]- عبد الجليل زيد مرهون، "قراءة سياسية في مذكرة التفاهم بين العراق والأمم المتحدة: نصف انتصار ونصف هزيمة ونصف مكسب للعالم"، القبس، (الكويت)، 14/3/1998.

[28]- المصدر نفسه.

[29]- المصدر نفسه.

[30]- الحياة، 5/3/1998.

[31]- عبد الجليل زيد مرهون: "العلاقات العراقية- الخليجية ومستقبل الأمن في الخليج"، "المستقبل العربي"،      آذار /مارس 1998.