هو وهي

الخيانة الزوجيّة
إعداد: ريما سليم ضوميط

جرح قد لا يشفى أبدًا

 

من بين المشاكل الكثيرة التي تعترض الزواج، ربّما تكون الخيانة هي الأصعب، لأنها وإن لم تهدم البيت وتقضي على الزواج، فهي تخلّف آلامًا نفسيّة، وجروحًا قد لا تندمل أبدًا!
على الرغم من علمهم بهذا الواقع، ما زال الكثير من الأزواج، رجالًا ونساءً، يرتمون في أحضان الخيانة، معرّضين حياتهم الزوجيّة ومستقبل عائلاتهم للانهيار، فما السبب في ذلك؟ وهل من حلول؟ أسئلة يجيب عنها الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل عمّار محمد.


الرصاصة القاتلة
يؤكّد المؤهّل محمد أن الخيانة مرض نفسي، يصيب الحياة الزوجيّة، فينهكها ثم يهلكها، وهي بمثابة الرصاصة القاتلة التي تقضي على علاقة الحب وتدمّرها. ويضيف أن دوافع الخيانة تختلف بين الرجل والمرأة، فالأول قد يخون لإرضاء شهوةٍ جسديّة، أما الأخيرة فتنساق إليها عادةً نتيجة نقصٍ عاطفي وإهمال من قبل الزوج. ويعرض الاختصاصي في علم النفس أبرز الأسباب التي تدفع بأحد الزوجين إلى الخيانة.


أسباب الخيانة عند الرجل
• أجواء التوتّر المستمرّة داخل المنزل:
المشاكل الزوجية اليوميّة وعدم الاتفاق في الرأي على أيّ من الأمور الخاصة بحياة الشريكين والعائلة، قد يدفعان الرجل إلى أحضان امرأة أخرى، إمّا بهدف الهروب من الواقع المزعج أو بهدف الانتقام من زوجته التي تصبح بمثابة عدوّة له.

• حاجة الرجل للشعور بأنه ما زال شابًّا:
هذه الحالة تتزامن عادةً مع أزمة منتصف العمر، حيث يحتاج الرجل إلى الاحساس بأنه ما زال شابًّا وناشطًا جنسيًا، ما قد يدفعه إلى إقامة علاقة جانبيّة أو إلى مطاردة النساء للشعور بأنه ما زال مرغوبًا من قبل الجنس الآخر.

• الشعور بالإهمال وعدم التقدير:
عندما تهمل المرأة زوجها بصورة مستمرّة، فلا يجدها أبدًا في انتظاره عند عودته من العمل، ولا هي تهتم بأيٍّ من أموره، وترفض في معظم الأحيان القيام بعلاقة جنسيّة معه بحجة التعب والإرهاق، فإنه قد يبحث عن الاهتمام والجنس في أحضان امرأة أخرى. وهذا ما قد يفعله أيضًا الرجل الذي يشعر بأن زوجته لا تمنحه التقدير الذي يستحقّه، فهو لا يستطيع إرضاءها مهما فعل، إذ أنها دائمة التذمّر، كثيرة الانتقادات، ولا «يعجبها العجب».

• السعي وراء اللذّة:
 يجد بعض الرجال متعةً كبيرة لدى نجاحهم في «اصطياد فريسة» جديدة، لذا تراهم ينتقلون من علاقة إلى أخرى لإرضاء شعور «الصيّاد» في داخلهم. كذلك، تدفع اللذّة الجسديّة بعض الرجال إلى ممارسة الجنس مع غير زوجاتهم، لأنهم وبحسب تربيتهم، يعتقدون أن ممارسة الجنس مع الزوجة يجب أن يخضع لضوابط معيّنة، لذا فهم يبحثون عنه لدى بنات الهوى، من أجل الانفلات من هذه الضوابط والتصرّف على سجيّتهم. وفي كلا الحالتين، يعتبر المجتمع المسؤول عن هذه الأفكار الخاطئة، لأنه يصفّق للرجل المتعدّد العلاقات ويعتبر أعماله «إنجازات بطوليّة»، في حين أنّه يربّي الفتاة على كبت مشاعرها وعواطفها، فتخشى عندما تصبح امرأة من التصرّف على سجيّتها مع زوجها انطلاقًا من فكرة «العيب» و«الممنوع» التي تربّت عليها.

• موت الحب:
قد يحدث أن تنطفئ شعلة الحب في قلب الزوج، ومن الممكن أيضًا أن يشعر بالملل من العلاقة الروتينيّة، فيبحث عندئذٍ في امرأة أخرى عن التجدّد الذي يحتاجه.


أسباب الخيانة عند المرأة
• فقدان الشعور بالاستقرار والأمان:
حين تتزوج الفتاة، تفترض أن زوجها هو الفارس الذي سيهتم بها ويحميها، ويؤمّن لها الحياة اللائقة. إلّا أن بعض النساء يصطدمن بواقع مغاير، حيث يتهرّب أزواجهن من مسؤولياتهم وواجباتهم تجاه أسرهم، فتحمل المرأة العبء لوحدها، وتشعر حينئذٍ بعدم الأمان، وقد تلجأ إلى الخيانة بحثًا عن الدعم الذي تحتاجه.

• رد الصاع صاعين:
عند اكتشاف خيانة الزوج، قد تشعر المرأة بالدونيّة والرفض، فتلجأ إلى الخيانة انتقامًا من زوجها، ولاسترداد قيمتها الذاتيّة وتحسين نظرتها لذاتها.

• النقص العاطفي وغياب التقدير:
على خلاف الرجل الذي تشدّه الإغراءات الجسديّة، فإن المرأة تضعف أمام الإغراءات العاطفيّة. لذلك قد تقع المرأة الضعيفة، والتي تعاني نقصًا في العاطفة الزوجية، ومن سوء تقدير زوجها لها، في فخ الخيانة، إذا ما لمست العاطفة والاهتمام لدى رجلٍ آخر.


مؤشّرات الخيانة
قد لا يجد الشريك دليلًا قاطعًا على خيانة شريكه، يؤكّد المؤهل محمد، ولكنّه يستطيع حكمًا التنبّه إلى بعض المؤشّرات التي تدلّ على الخيانة. ومن أبرزها عند الرجل:
• الاهتمام الزائد بمظهره وتغيير رائحة عطره أو نوع سيّارته.
• وضع كلمة سر لهاتفه الخلوي الذي كان متاحًا في السابق أمام الزوجة. ليس هذا فحسب، بل انه يجعله صديقه الحميم، الذي يرافقه إلى سريره، ويدخل معه إلى الحمّام. وإذا حدث أن نسيه في المنزل، فسوف يعود مسرعًا لالتقاطه.
• افتعال المشاكل لأتفه الأسباب، وإنهاء الجدل بالخروج غاضبًا من المنزل (حجّة جيّدة للهروب إلى أحضان الحبيبة).
• عدم إبداء رغبة في ممارسة الجنس، وقضاء وقت طويل غير مبرّر خارج المنزل.
• إنفاق مالي غير مبرّر وغير معلن عنه.
  أما أبرز مؤشّرات الخيانة لدى الزوجة فهي الآتية:
• كثرة التذمّر وتعظيم عيوب الزوج والمجاهرة بها للتخفيف من وطأة خيانتها.
• تفادي المشاركة في المناسبات والتجمّعات العائلية لشعورها بالذنب والخوف من افتضاح أمرها.
• خروج متزايد مع «الصديقات» والتهرّب من الإجابات المباشرة حول الأماكن التي تقصدها.
• وضع رقم سرّي للهاتف الخلوي وعدم السماح لأي كان الرد على المكالمات التي تردها.
• الاهتمام الزائد بمظهرها الخارجي، ومحاولتها أن تكون مثيرة في كل عمل تقوم به.
• اختلاق الحجج والأعذار للتهرّب من اللقاءات الحميمة مع الزوج.


لا مبرّر للخيانة
مهما اختلفت أسباب الخيانة وتنوّعت دوافعها، فإنها تبقى غير مقبولة ولا شيء يبرّرها أخلاقيًّا أو اجتماعيًّا أو دينيًّا، يوضح المؤهل محمد. ويضيف أنه عند استحالة العيش مع الشريك أو عدم القدرة على العيش معه أو قبوله، يعتبر الانفصال حلًّا أفضل وأرقى من الخيانة. ولكن قبل الوصول إلى مرحلة الخيانة أو الانفصال، ينصح الاختصاصي في علم النفس، الأزواج الذين يعانون مشاكل زوجيّة، بالمصارحة وعرض أحساسيسهم ومشاعرهم بصدق وشفافية على طاولة الحوار، في محاولة للإصلاح والعودة إلى التناغم في العلاقة، ويدعوهم إلى التحلّي بالنوايا الطيّبة، والتفكير بإيجابيّة، وعدم اليأس من المحاولة مرارًا وتكرارًا لإعادة اللحمة في ما بينهما.