كلمتي

الخيمة
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

ليس من خيمة فوق رأس أحد في ظل القانون، كما نقول في مثلنا اللبناني، وما يصيب فلاناً قد يصيب أياً كان من دون تفرقة أو تمييز.

وتنتشر أخبار الخيم، أو الخيمات، عندنا، كلما علا سقف التنافس السياسي بين رجال سياستنا ونسائها، ويهدّد فريق بأن خيماته جاهزة، وبأن مكبرات الصوت جاهزة هي الأخرى ل «سماعي الصوت»، عند كل زاوية من زوايا بيروت.
وجرت العادة ان يكون جنودنا جاهزين لحماية ما يحصل، ولرعايته، ولمنع أي كان من تجاوز الحدود التي يرسمها القانون، والتي ترعاها الشرائع والأعراف وحتمية العيش المشترك في الوطن الواحد: لبنان.
ومع استمرار الجيش في جهوزيته الكاملة لمواصلة رسالته الداخلية تلك، انطلق هذه المرة الى الجنوب ملبياً نداء الواجب الأساسي في حماية حدودنا هناك من أطماع العدو الاسرائيلي، وراح يرفع خيماته بين القمم والوهاد والقرى، يستريح في داخلها بعد أداء مسؤولياته العسكرية اليومية، ويتابع أعماله الإدارية والتحضيرية... يحتمي في داخلها من حرّ الصيف، ويتّقي برد الشتاء، وينطلق بعد كل استراحة للاطمئنان الى سلامة التراب الوطني المقدس، والمشاركة في تعمير ما خرّبته الهمجية الصهيونية، ومساعدة المواطنين في مواجهة مخلفات إسرائيل من القنابل، الذكي منها وغير الذكي، والشرير منها وغير الشرير، مع ان الشر يلفّها جميعاً.
وقد حرص قائد الجيش على مشاركة عسكرييه في العيش داخل تلك الخيمات، وذلك ليس جديداً عليه في كل حال، كما حرص على تقديم الدليل بنفسه على ان الأوتاد قوية ومتينة وكافية، ليس لمواجهة عوامل الطبيعة فحسب، وإنما لإعطاء الدليل على أنها في الوقت الذي تواجه فيه الرياح فإنها تقدم النسيم الطري للأمن والإخاء والوحدة الوطنية وحرية التعبير، ضمن الأصول الديموقراطية التي رعاها لبنان، ويرعاها، على مدى تاريخه.
بذلك، وبذلك فقط، تكون الخيمة الحقيقية هي احترام القانون، والتمييز الواضح بين التنافس الأخوي الإيجابي، والصراع الداخلي المدمّر، كما انها تكون الإيمان المطلق بأن ما يجب ان يوصف به وطننا هو مناخ الحرية المسؤولة، والتنوع الفكري الخصب. وليكن واضحاً أمامنا جميعاً، ان حدود التنافس يجب الاّ تتخطى المعقول والمقبول، بحيث يبقى في الدنيا وطن نتنافس فيه، كما انه يجب الاّ ننسى أنّ ما نستطيع القيام به في بيت أبينا يستحيل علينا في بيوت الغرباء.