مواسم وخيرات

الدراسات الحديثة تعيد إلى الرمان اعتباره
إعداد: د. حسين حمود
الجامعة اللبنانية - كلية الزراعة


فوائده كبيرة ومردوده جيّد ورعايته سهلة

الأكواز المستديرة المغلقة على حبيبات تتوهج لامعة بلونها الأحمر أو الوردي، باتت على لائحة الفواكه المطلوبة جدًا، ليس فقط لطعمها اللذيذ وإنما لفوائدها الغذائية والعلاجية...
فمنذ سنوات كشفت الأبحاث أهمية الرمان في الوقاية من السرطان ومكافحته، إلى جملة من الفوائد الأخرى. أكثر من ذلك زراعة الرمان مربحة خصوصًا أنه لا يحتاج الكثير من التعب والعناية.

 

شجرة تواجه تقلّبات المناخ
تنتشر زراعة الرمّان في مناطق جنوب غرب آسيا وحوض البحر المتوسط، ويعتقد بأنها نشأت في إيران، ثم انتقلت إلى الشرق العربي ومنه إلى شمال أفريقيا والأندلس مع الفتوحات العربية الإسلاميّة، وبدورهم نقل الإسبان هذه الزراعة إلى أميركا. وتنتشر زراعة الرمّان في الوقت الحاضر على نطاق تجاري في دول إسبانيا وقبرص ولبنان وسوريا والعراق ومصر والسعودية وبعض الولايات الأميركية الجنوبية.
يراوح ارتفاع شجرة الرمّان ما بين 3 و5 أمتار، وهي متساقطة الأوراق، كثيرة الأفرع. تبدأ الشجرة في الإزهار من السنة الثانية أو الثالثة، وتعطي محصولًا تجاريًا بعد السنة الثامنة، وهي شجرة معمّرة.
الرمّان من النباتات التي تتحمّل بشكل جيّد الجفاف وأشعّة الشمس وحرارتها اللافحة، كما تتحمّل في الوقت نفسه انخفاض الحرارة في أشهر الشتاء حتى 13-15 درجة تحت الصفر. ويمكن زراعته حتّى في المناطق التي تصل فيها أدنى درجات الحرارة إلى 25 درجة تحت الصفر. في المقابل تتحمّل شجرة الرمّان ارتفاع الحرارة إلى ما يزيد عن 40 درجة مئوية، وتتأقلم مع عدّة أنواع من التربة سواء كانت فقيرة أم غنيّة، وهي تفضّل الأتربة الطينيّة الرمليّة العميقة والجيّدة الصرف، كما أنّها لا تتأثّر بالملوحة ولا بالأتربة الكلسيّة. من ناحية أخرى، تحتاج أشجار الرمّان لتعطي ثمارًا جيّدة إلى صيف طويل (حوالى خمسة أشهر)، ويناسبها الصيف الحار والجاف، وبكلمة واحدة، لا يفوق الرمّان في تحمّل الظروف القاسية إلاّ النخيل والتين.
 

أنواع الرمّان
هناك نوعان أساسيان من فاكهة الرمّان، الحلو والحامض. وفي لبنان وسوريا العديد من أصناف الرمّان المحليّة والمستوردة وأهمّها: السكّري والهاجوجي وثمارها حلوة المذاق، تؤكل مباشرة وتصلح للعصير، علمًا أن وزن الحبّة الواحدة يصل إلى كيلوغرام أو أكثر. وهناك الوردي أو الماوردي حيث الثمرة كبيرة ومستديرة الشكل ويصل قطرها إلى أكثر من 10 سم وطعمها حلو خال من الحموضة. والملّيسي وثماره متوسطة الحجم، مستديرة الشكل حلوة الطعم، واللفاني الكثير الحموضة، وهذه الميزة جعلته صالحًا لاستخراج دبس الرمّان منه.

 

الخصائص والفوائد
تختلف خصائص الرمّان باختلاف أنواعه. فالحلو يحتوي على السكّر بنسبة 7-10% والماء بنسبة 81% والبروتين (0.6%) والدهون (0.3%)، كما يحتوي على ألياف بنسبة 2% وعلى حمض الليمون (1%) وعلى نسبة ضئيلة من الأملاح المعدنية كالحديد والفوسفور والكبريت والكلسيوم والبوتاس والمنغنيز، ونسبة عالية من الفيتامين C. أمّا بالنسبة للرمّان الحامض فتنخفض فيه نسبة السكّر وترتفع نسبة حمض الليمون حتّى 2%، وهذا يعني أنه أغنى من الليمون نفسه بهذا الحمض، كذلك ترتفع في بذوره نسبة البروتين إلى 9% والدسم إلى 7%. ويتمتّع الرمّان بقيمة غذائية عالية، فكل 100 غرام منه تمدّ الجسم بقرابة 160 سعرة حرارية، كما تصل نسبة الفيتامين C في عصير الرمّان البلدي إلى حوالى 10 ملغ في كل 100 غرام من العصير.
وقد أفادت بحوث طبيّة حديثة أن عصير الرمّان مفيد وصحّي للقلب، وتناول كوب من هذا العصير يوميًا يمكن أن يعيق أو حتى يمنع عوامل تؤدي إلى نوبات قلبية. أضافت هذه البحوث أن الرمّان مقوّ للقلب، يكافح الأورام في الأغشية المخاطية وأنّه من الفواكه المطهّرة للدم، كما أنّه منظّف لمجاري التنفس ويشفي التهابات الحلق وعسر الهضم والإسهال المزمن. وهو يساعد في إزالة حصى الكلى وخفض الحموضة في البول والدّم.

 

الإستخدامات الطبيّة للرمّان
للرمّان إستخدامات كثيرة في مجال الطب أهمها:
- الوقاية من السرطان وعلاجه: ثبت أن خلاصة الرمّان تسبّب موتًا طبيعيًا للخلايا السرطانية من دون أن تؤثر على الخلايا السليمة، وقد استخدم بنجاح في علاج سرطان الثديين.
- علاج أمراض القلب والأوعية الدموية: ثبتت فعالية الرمّان العالية كمضاد لتصلّب الشرايين وكمساعد في استعادة عضلة القلب المضطربة وظائفها الطبيعية.
- مكافحة الإلتهابات والميكروبات: لقد تبيّن أنه فعّال جدًّا كمضاد للفيروسات والبكتيريا والإلتهابات، وكمضاد للعوامل المسبّبة للتشوهات الوراثية، وكمقوّ لجهاز المناعة.
- منع هشاشة العظام: لقد اكّدت عدة أبحاث أن تناول عصير الرمّان يمنع تدهور صحّة العظام والغضاريف.
- خفض الكولسترول: يعمل عصير الرمّان على تخفيض كمية الكولسترول في الدم.
- منع مخاطر السكّري: يمكن أن يؤدي شرب عصير الرمّان إلى تقليل مخاطر مرض السكّري وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المصاحبة له مثل تصلّب الشرايين. حيث أثبتت دراسة أن الأشخاص الذين تناولوا عصير الرمّان انخفض لديهم مستوى تصلّــب الشــرايين.
إلى ذلك تؤكد الأبحاث العلمية أن قشرة الرمّان تحتوي على نسب عالية من مضادات الأكسدة، وأن هذه القشرة المجفّفة تستعمل لعلاج قرحة الجهاز الهضمي، كما يستخدم مسحوق القشرة والساق والجذور في علاج الإسهال وقتل الجراثيم وامتصاص السموم الجرثومية، كذلك يستخدم نقيع قشرة الرمّان في طرد الديدان الشريطية وقتل عدد كبير من الطفيليات وفي علاج البواسير.

 

مستقبل زراعة الرمّان في لبنان
خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبسبب مردوده القليل، ورغبة منهم بزراعات بديلة تعطي ربحًا أوفر، أقدم عدد كبير من المزارعين في لبنان على استئصال أشجار الرمّان من بساتينهم وحدائقهم واستبدلوها بأنواع أخرى من الفاكهة، كالتفاح والإجاص والدرّاق واللوز وغيرها من الأنواع التي لم تصمد كثيرًا بوجه عوامل الطبيعة التي لا ترحم، بينما ظل ما تبقّى من أشجار الرمّان صامدًا. هذه الحقيقة أدركها الكثيرون ويبقى الآن على الدولة أن تقوم بدورها وتؤدي واجبها من حيث تقديم المساعدات المطلوبة للمزارعين وتشجيعهم على زراعة الرمّان من خلال تأمين أصناف ملائمة ومطلوبة وتأمين تصريف الإنتاج في الأسواق العالمية. ولقد تبيّن حديثًا أن هناك جدوى إقتصادية من زراعة الرمّان، فمتوسّط إنتاج الشجرة الجيّدة يقارب حدود المئتي كيلوغرام. وبالتالي فإن الحقل المزروع بخمسين غرسة من الرمّان يعطي ما يقارب عشرين مليون ليرة في السنة إذا بيع المحصول بالمفرّق وأقل من نصف المبلغ بقليل إذا بيع بالجملة.