ذكراهم خالدة

شارع باسمه في دير الأحمر

«إغفر لهم يا أبتاه، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون...» (لوقا 23 - 34).
تحت هذا العنوان جاءت الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد النقيب المغوار مارون الياس الليطاني، يوم الأحد في 24 أيار 2009 في قريته دير الأحمر - البقاع، حيث أُطلق إسمه على أحد شوارعها، وأقيم قداس لراحة نفسه.
حضر الإحتفال ممثل رئيس الجمهورية، قائمقام بعلبك - الهرمل الأستاذ عمر ياسين،  العميد غسان بركات قائد منطقة البقاع ممثلاً وزير الداخلية والبلديات، قائد فوج المغاوير العقيد الركن شامل روكز ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي؛ بالإضافة الى ممثلين عن القوى الأمنية كافة، رئيس ومجلس أعضاء بلدية دير الأحمر وحشد من أهل الشهيد وأصدقائه ورفاق السلاح وأهالي البلدة.

الإحتفال
النشيد الوطني إفتتاحاً، عزفه عناصر من موسيقى الجيش، ودقيقة صمت عن أرواح الشهداء الطاهرة، دشّن من بعدها قائد فوج المغاوير العقيد الركن شامل روكز ممثلاً قائد الجيش والمطران سمعان عطاالله راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونية، مع أهل الشهيد وحشد من أهالي القرية، الشارع الذي حمل إسم النقيب الشهيد. وعلى أنغام نشيد الشهداء، وُضعت أكاليل من الزهر على نصبه التذكاري.
بعدها انتقل الجميع الى باحة كنيسة مار يوسف، حيث ترأس الذبيحة الإلهية راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر المارونية المطران سمعان عطاالله.

العظة
المطران عطاالله، في عظته، أكّد «أننا مدعوون الى تثمين استشهاد أبناء مؤسسة الجيش، ووضعه في المكان الذي يستحق، لأن استشهادهم هو مشاركة فعلية ومساهمة كبيرة في خلق أرض جديدة، في خلق وطن جديد، هو لبنان العيش معاً، مع كل ما تتضمّن هذه القضية من معانٍ سامية وقيم خالدة. فنحن أبناء القديسين وحَمَلَة رسالة المحبة والأخوة والعدالة والسلام. والوطن، المدعوون الى بنيانه، هو وطن هذه القيم، قيم الخير والحق والجمال، قيم الخلاص والحياة، لا موطن القهر والظلم والبكاء والنحيب والمرض والموت».
وقال إن التحديات كثيرة وقوى الشر متوحشة، «غير أن تضحيات جميع أبناء هذا الوطن النبلاء الشرفاء، وعلى رأسها تضحيات القوى العسكرية والأمنية، وبخاصة تضحية النقيب المغوار الشهيد مارون الليطاني، الذي نحيي ذكراه اليوم، وآلام ذوي هؤلاء الأبطال، ولا سيما الوالدين والوالدات ومعاناتهم، والحرقة التي تكوي قلوبهم وتعذّب نفوسهم، كل ذلك يكون مخزوناً ضخماً، يتحول الى مناعة في جسم هذا الوطن وتاريخه، فلا يقوى عليه أعداؤه، لأنه صاحب حق، والحق لا يُعلى عليه، وحامل رسالة خالدة، والرسالة السامية لا تموت».
وختم: «تذكار السنتين على استشهاد النقيب المغوار الشهيد مارون الليطاني يشكّل، بالنسبة الينا، كما وبالنسبة الى والديه، نداء لإعادة الأمور الى نصابها، فلا يضيع استشهاده أو يذهب سدى، بل يبقى شهيدنا شهيد مؤسسته والعائلة، ويصبح هكذا شهيد الوطن...» داعياً للرب «أن يضمّه الى جموع الأبرار والصدّيقين الذين يبنون أرضاً جديدة، تشهد للسماء الجديدة، سماء الحق والحرية والحب والحياة».

قائد الفوج
النقيب الشهيد مارون الياس الليطاني كان بطلاً من أبطال فوج المغاوير. أحبه كل من تعرّف اليه، واحتفظ منه بذكرى البطولة والشهادة.
وقائد الفوج العقيد الركن شامل روكز، ممثلاً قائد الجيش، كانت له كلمة أراد من خلالها تكريم الشهيد البار، وقد استهلها بالقول:
«في بقاع الخصب والعطاء، وفي بلدة دير الأحمر الأبية، نلتقي اليوم لنكرّم إبنها البار، النقيب الشهيد مارون الليطاني. هذا البطل، الذي تعملق مارداً في معركة السيادة والكرامة الوطنية، وهو يواجه الإرهاب المجرم في نهر البارد، مسطّراً بدمائه الزكية، صفحات خالدة في الإقدام والشجاعة ونكران الذات، والتفاني في أداء الواجب، ومقدّماً مثالاً ناصعاً عن أبناء هذه المنطقة العزيزة، الذين لم يبخلوا يوماً في تقديم الغالي والنفيس على مذبح الوطن».
وأضاف قائلاً:
«سنتان مضتا على معركة نهر البارد، ولا تزال أحداث هذه المعركة ومشاهدها، ماثلة في أذهان المواطنين، وحاضرة في كل ضمير حي. والأمر ليس غريباً على الإطلاق، بعد أن شكّلت محطة بارزة في تاريخ لبنان الحديث، تميّزت بطبيعتها وظروفها ونتائجها، وبتوحّد اللبنانيين ووقوفهم صفاً متراصاً الى جانب جيشهم، وببسالة هذا الجيش، والإنجاز الكبير الذي حقّقه بفضل دماء شهدائه الأبطال.
نستذكرك اليوم وكل يوم، بقلوب ملؤها الفخر والإعتزاز. ومن هنا، من أحضان بلدتك الوفية، التي ضمّت جسدك الطاهر والى الأبد، وأمام هذا الشارع الشامخ باسمك، وهذه اللوحة الشاهدة على عظمة بطولاتك ونبل إخلاصك، نعاهدك بأن نصون مبادئك وقيمك، التي نذرت حياتك لها، وأن نحفظ شعلة تضحياتك، لتبقى منارة هدي للأجيال، وقدوة راسخة في الضمائر والنفوس».
 

وتوجّه الى رفاق الشهيد بالقول:
«لتكن شجاعته وتضحياته مثالاً وحافزاً لكم. وليكن إيمانكم على قدر إيمان شهدائكم، الذين تطمئن نفوسهم في العلياء، وهم يرونكم تحتضنون وطنكم ببزاتكم المرقطة، التي أضحت رمزاً ومفخرة لكل مواطن لبناني.
باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، أتوجّه الى ذوي الشهيد وأقربائه ورفاقه ومحبيه، بأحرّ التعازي، وأشكر كل من أسهم في إقامة هذا الإحتفال، تكريماً للشهيد ووفاء لتضحياته.
المجد والخلود للشهيد ورفاقه الأبرار، ولتبق مآثرهم ذخراً للوطن، وذكراهم العطرة، أثراً طيباً على طريق الشرف والتضحية والوفاء».