مؤتمر القمة

الرئيس العماد لحود في افتتاح جلسات القمة العربية

تأكيد على مبادرة السلام العربية للتوصل الى حل شامل وعادل لقضية الشرق الأوسط

 

عقد مجلس جامعة الدول العربية إجتماع قمة في شرم الشيخ استمرت جلساته خلال يومي 28 شباط والأول من آذار. بحث الملوك والرؤساء العرب خلال القمة التهديدات التي يتعرض لها العراق وما يتهدد الدول العربية من مخاطر, وخلصت القمة الى مقررات أبرزها, تأكيد رفض العرب المطلق لضرب العراق أو تهديد أمن وسلامة أي دولة عربية, ودعوة الدول كافة لمساندة الجهود العربية الهادفة الى تجنب الحرب, والمطالبة بإعطاء فرق التفتيش المهلة الكافية لإتمام مهمتها.

في مستهل القمة, ألقى فخامة الرئيس العماد إميل لحود كلمة بصفته الرئيس السابق لمؤتمر القمة العربية الذي انعقد في بيروت خلال العام المنصرم, أكد فيها أن مبادرة السلام العربية تبقى الطريقة الأفضل للتوصل الى حل شامل وعادل لقضية الشرق الأوسط, بعيداً عن الحلول الجزئية والمرحلية.
كما لـفت فخامة الرئيس في كلمته, مجلس الأمن الدولي الى عدم جواز الكيل بمكيالين, والمباشرة بإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالنزاع العربي الإسرائيلي, وبجعل منطقة الشرق الأوسط بأكملها منطقة منزوعـة السـلاح النـووي والبـيولوجي والكيـميائي, الذي يتـكدس بصـورة خاصـة في ترسـانـة الدولـة العـبريـة.
وبعد أن كرر الرفض المطلق للحرب على العراق, خلص العماد لحود الى الدعوة لوجوب التضامن في مواجهة الأخطار المحدقة بالدول العربية جمعاء, وبما يتجاوب مع نبض الشعوب وحرصها على عزتها وكرامتها ووحدتها, وتوقها للسلام والإستقرار والتنمية.
وفي ما يلي النص الكامل لكلمة فخامة الرئيس العماد إميل لحود.

 

أيها الأخوة
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

منذ ما يقارب العام انعقدت قمة بيروت العربية في أجواء أوحت بإمكانية التوصل الى سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط, وأسفرت عن إقرار مبادرة سلام عربية تاريخية بإجماع القادة, وعن مصالحة عربية تجلت بصورة خاصة في التوافق على مشروع قرار متكامل العناصر بشأن الحالة بين الكويت والعراق.
إلا أنه لا يسعنا ونحن نجتمع اليوم في ظروف مصيرية وشديدة الخطورة, إلا أن نقارن بين الأجواء التي كانت سائدة نهاية شهر آذار 2002 ومطلع شهر آذار 2003, وهو موضوع تقرير الرئاسة الموجود أمامكم, لنستخلص العبر ونتبين معالم المرحلة القادمة.
تذكرون أيها الأخوة أنه بموجب قرار قمة بيروت رقم 221, طلب مجلس جامعة الدول العربية من رئاسته تشكيل لجنة خاصة لإجراء الإتصالات اللازمة لدعم مبادرة السلام العربية. وقد قامت الرئاسة بتوزيع هذا القرار كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن, وسارعت بتشكيل اللجنة, وباشرت بإجراء الإتصالات اللازمة لدعم المبادرة.
إلا أنه بعد ساعات من إقرار هذه المبادرة التاريخية, وفي سعي فاضح لاجهاضها, قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي باجتياح الضفة الغربية, متسببة بمجازر جماعية, لا سيما في مخيم جنين, من دون أن يتمكن مجلس الأمن من تنفيذ قراره القاضي بإرسال لجنة لتقصي الحقائق.
في غضون ذلك, تمكن لبنان من استصدار قرار من مؤتمر القمة الفرانكوفونية التاسع الذي انعقد في بيروت, يؤكد على الدعم الكامل لمبادرة السلام العربية, وهو ما زال عاقد العزم في هذا المجال, على الإستمرار في مساعيه لإقناع الدول المعنية والفاعلة بأن مبادرة السلام العربية, تبقى الطريقة الأفضل للتوصل الى حل شامل وعادل لقضية الشرق الأوسط, بعيداً عن الحلول الجزئية والمرحلية التي أثبتت أحداث السنوات الماضية والدامية فشلها.

 

أيها الأخوة
في الوقت الذي نلتقي فيه اليوم لا تزال الأراضي الفلسطينية المحتلة تشهد عدواناً إسرائيلياً إجرامياً ينذر بمزيد من السوء.
لذلك, فإلى جانب تمسكنا بمبادرة السلام العربية, وعدم تخلينا عن خيار السلام كخيار إستراتيجي, علينا الإستمرار في دعم صمود الشعب الفلسطيني, ومواصلة الجهد المشترك لبلورة موقف دولي حازم يسهم في وقف العدوان من دون إبطاء.

 

أيها الأخوة
لقد عقد وزراء الخارجية العرب إجتماعاً طارئاً في القاهرة قبل أيام لبحث موضوع ملحّ ومحدد, هو موضوع الحرب المحتملة على العراق. وجاءت مداخلات الأغلبية العظمى للدول في مجلس الأمن الدولي, ولا سيما الإعلان الفرنسي الألماني الروسي المشترك, ومواقف دول القمة الإفريقية الفرنسية, وقمة دول عدم الإنحياز, ودعوات الفاتيكان لتثبت رفض العالم للحرب وقلقه البالغ من تداعيات مثل هذه الحرب, بما ستسببه من مآس إنسانية ومضاعفات على الصعد الأمنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية. ولا يمكننا بهذه المناسبة من منطلق المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا, إلا أن نؤكد ما ورد في قرار قمة بيروت رقم 221, وأن نكرر رفضنا الحرب على العراق أو على الكويت أو على أية دولة عربية باعتباره تهديداً للأمة العربية جمعاء, علماً بأننا سبق أن دعونا العراق للتعاون مع الأمم المتحدة تلافياً لمنح الذرائع لأي اعتداء عليه, وما زلنا ندعوه لمثل هذا التعاون.
كما لا يسعنا في هذا المجال إلا أن نلفت مجلس الأمن الدولي الى عدم جواز الكيل بمكيالين, والمباشرة بالتالي بإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالنزاع العربي الإسرائيلي, وبجعل منطقة الشرق الأوسط بأكملها منطقة منزوعة السلاح النووي والبيولوجي والكيميائي الذي يتكدس بصورة خاصة في ترسانة الدولة العبرية.

 

أيها الأخوة
إن القرار الخاص بـ”الحالة بين العراق والكويت” الذي أقرته قمة بيروت كل متكامل.
وقد أسفرت الجهود في الأسابيع التي تلت القمة عن انفراجات معينة في مجال انخفاض حدة الحملات الإعلامية وطرح الأفكار الجديدة بموضوع الأسرى والمرتهنين وإعادة بعض الوثائق الى الكويت, إلا أن هذه الإنفراجات بقيت محدودة. كما أن الظروف الضاغطة المحيطة بالحرب المحتملة على العراق, زادت في حدة أجواء الريبة والتوتر والقلق. إلا أن هذه الصعوبات لن تثنينا, في أي حال, عن تكرار الدعوة الصادقة لاستئناف المبادرات والسياسات الكفيلة بتنفيذ قرار قمة بيروت بكامل بنوده.

 

أيها الأخوة
أصحاب العظمة والجلالة والفخامة والسمو

بنتيجة أعمالنا التي سيسجلها علينا التاريخ, لا بد لنا من أن نقوم, بما يمليه علينا واجب التضامن في مواجهة الأخطار المحدقة بالدول العربية جمعاء, وبما يتجاوب مع نبض شعوبنا وحرصها على عزتها وكرامتها ووحدتها وتوقها للسلام والإستقرار والتنمية, كما أن الأجيال الطالعة لن تتسامح مع أي تقاعس أو إخلال من قبلنا في هذا المجال.
علينا أيها الأخوة, أن نؤكد تمسكنا بمبادرة السلام العربية من دون إجتزاء أو انتقاص, وأن نحيي المساعي لتفعيل قرار قمة بيروت الخاص بالحالة بين العراق والكويت, والإلتزام بتنفيذ كامل بنوده إلتزاماً كاملاً وأميناً.
علينا بصورة محددة وعاجلة, في هذه الظروف المصيرية والشديدة الخطورة, أن ننجح في توجيه رسالة واضحة وقوية الى المجتمع الدولي برفض الدول العربية المطلق للعدوان المبيت على العراق ولأي اعتداء على الكويت أو أية دولة عربية أخرى, باعتباره تهديداً للأمة العربية جمعاء.

 

أيها الأخوة
انطلاقاً من هذا العزم, أتمنى لأخي صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة, التوفيق في المسؤوليات الجديدة التي ستلقى على عاتقه, مؤكداً وقوفنا جميعاً الى جانبه, لانجاح مهمته الجليلة. وأول شروط هذا النجاح أن نلتزم قولاً وفعلاً واجب التضامن العربي, كما التزمنا في قمة بيروت, فنتمكن من مواجهة التحديات المحدقة بأوطاننا وشعوبنا.
وفقنا الله, والسلام عليكم.