متقاعد يتذكر

الرقيب المتقاعد إبراهيم إبراهيم
إعداد: باسكال معوض

يخبر الرقيب المتقاعد ابراهيم قائلاً: عند تطوعنا في الجيش والتحاقنا بالفوج الأول في مرجعيون، لم نسلّم سوى القليل من الثياب والأعتدة، فالفرنسيون لم يقدموا سوى القليل منها لعسكريي فرقة الشرق. وأذكر أن الكثير منا لم يحصل على قبعة نظامية بل كنا نضع منشفة على رأسنا إتقاءً لحرارة الشمس.

وأثناء وجودنا في ثكنة مرجعيون كنا نذهب الى منطقة عين الصحة في ضهر البيدر حيث نقيم هناك صيفاً مخيماً للتدريب. وفي العام 1945 وبينما كنا في المخيم تقرر ذهابنا الى منطقة الرامي في فلسطين، فتحضرنا وحملنا امتعتنا على ظهورنا، وبدأنا مسيرة طويلة دامت نحو سبعة أيام كنا في أثنائها نرتاح في فترة الظهيرة عندما تشتد الشمس ونخيم لقضاء الليل ثم نسير مع خيوط الفجر الأولى. وعلى هذه الحالة بقينا حتى وصلنا الى حدود فلسطين...

 تابعنا السير الى أن وصلنا الى بلدة الرامي حيث بدأنا بمناورة وهمية ولم نكد نطلق نحو 50 طلقة رصاص حتى دق ˜البرازانŒ قائلاً: أوقفوا النار (Cessez Le Feu) . عرفنا بعدها أن السلطات اللبنانية عارضت رغبة السلطات الفرنسية القاضية بإرسالنا الى ليبيا للمشاركة في الحرب الدائرة هناك. وعلى الأثر صدرت الأوامر بالعودة الى مرجعيون.

بقيت في ثكنة مرجعيون حتى العام 1947حيث شكلت الى ثكنة بهجت غانم التي خدمت فيها نحو خمس سنوات رقيت خلالها الى رتبة عريف. ويضيف قائلاً: شاركت في العديد من المهام الأمنية حيث كنا نلاحق المطلوبين والخارجين على القانون.

في العام 1952، تم اختياري للخدمة في المحكمة العسكرية نظراً لانضباطي وكفاءتي. وقد خدمت هناك حتى العام 1970 تاريخ تسريحي من الجيش برتبة رقيب.

عن أحلى ذكرياته يقول الرقيب المتقاعد ابراهيم: كان قائد الفوج الأول أثناء خدمتي في مرجعيون الضابط جميل لحود، وأذكر موقفاً مشهوداً له حدث في عين الصحة أثناء إقامتنا المخيم التدريبي هناك، فقد رأى الضابط لحود آنذاك أن يعلّق العلم اللبناني على المبنى إلا أن الفرنسيين لم يقبلوا بذلك، فما كان منه وعلى مرأى ومسمع الجميع، إلا أن انبرى حاملاً العلم وسار به الى أن علّقه على السارية بكل فخر، قائلاً: "هذا علم بلادي، وهذه منطقة من وطني ويجب أن تحمل راية الوطن كما كل قطعة من هذه الأرض".

ويتابع الرقيب المتقاعد إبراهيم روايته قائلاً:

كان لقائد فوجـنا جمـيل لحـود معـزة خاصـة في قـلوب الجميـع، فحـين قررت السلطات الفرنسية نقله الى بيروت، قام عسـكريو الفـوج بتظـاهرة كبـيرة مطالبـين بالرجوع عن هذا القـرار؛ وقد حاصـرنا مبـنى مركز القيـادة. وبعـد حصار وتظـاهرات دامت 4 أيام كاملـة طلـب منا قائد الفوج لحود فك الحصار وتوقيف التظاهرات والانصياع للأوامر لأن عملـية نقلـه الى العاصمـة ستـسفر عن نتائـج إيجابـية لمصلـحة الوطـن واستـقلاله، فرضـخ الجمـيع للأوامـر...