متقاعد يتذكر

الرقيب المتقاعد سمير جريج
إعداد: باسكال معوض بو مارون

لو كان لي عمر آخر لخدمته في الجيش

 

عندما غادر الجيـش متقاعداً لم يستطع البقاء طويلاً خارج محيطه فعاد إليه موظفاً مدنياً.
الرقيب المتقاعد سمير جريج يروي في هذه الصفحة فصولاً من تجربته العسكرية.

 

أنا من مواليد العام 1934، ولأنني أبديت رغبتي بالانخراط في المؤسسة العسكرية باكراً ساعدني بعض الأصدقاء المحبّين، فاستطعت أن أغيّر تاريخ ميلادي على الهوية... حملت أوراقي مع شلة من أصدقائي وأقربائي الشباب وتوجهنا جميعاً نحو رسالتنا ومستقبلنا الذي قرّرنا أن يكون تحت راية المؤسسة التي تحمي تراب أرضنا الغالية.
غادرنا منازلنا في عكار وحططنا الرحال في منطقة الأونيسكو في ثكنة الأمير بشير ومن هناك بدأت مسيرتنا. تم قبولي في الجيش بعد الخضوع لامتحانات عدة، ثم خضعت لدورة اغرار اصبحت على اثرها جندياً في الجيش اللبناني.  بقيت في فوج المدفعية نحو 3 سنوات نقلت بعدها إلى ثكنة الشيخ عبد الله في بعلبك مع نحو 70عسكرياً من الفوج.
عدت بعد نحو الستة أشهر إلى بيروت وتحديداً إلى الخندق الغميق، حيث عملت في الثكنة لمدة شهرين ثم في ثكنة مفرزة الشواطئ البحرية منذ أواخر العام 1959 وحتى العام 1965 حين نقلت إلى الشعبة الثانية كرئيس مخفر في منطقة جسر الباشا. وكان الأمن في مخيم شاتيلا تابعاً للمخفر فكانت مهمتي في تلك الآونة دقيقة وحسّاسة جداً، إلاّ أنني أدّيت واجبي على أكمل وجه. في أواخر 1969، أصبحت أعمل برتبة صف ضابط صيانة في الحمام العسكري في بيروت لمدة سنة واحدة، وهناك تمّت مكافأتي على عملي المميّز الذي ظهر في محيطي العسكري، فنقلت إلى المحكمة العسكرية كرئيس قلم النيابة العامة. آخر مركز خدمت فيه كان المستشفى العسكري، وبقيت فيه حتى العام 1979 تاريخ تسريحي بعد نحو 24 سنة من الخدمة.
بعد خروجي من الجيش عدت وانضممت اليه مدنياً، فعملت في مديرية القوامة كمفتش مراقب للموظفين والتجار والفواتير وذلك حتى العام 1993، حين غادرت مؤسسة الجيش للمرة الثانية وتركت قلبي فيها.
ويضيف قائلاً: عند انخراطي في الجيش كان معاشي نحو 40 ليرة وكان معاشاً كبيراً آنذاك يكفي لتأمين عيش كريم.
في الجيش، بات لي عائلة راحت تكبر كلما تنقلت من مكان إلى آخر حتى أصبحت على مستوى الجيش ككل، وما زلت أتواصل مع عائلتي العسكرية حتى اليوم، فكل أصدقائي هم من رفاق السلاح السابقين.
ويختم الرقيب المتقاعد جريج قائلاً: كنت سعيداً جداً في الجيش، وكنت أشعر أنني مرتاح جداً لأنني حيث تمنيت أن أكون، فليس هنالك مكان في الدنيا أو وظيفة أحبها أكثر من مؤسسة الجيش.
أدين للجيش بالكثير وأتمنى لو كان لي عمر آخر لأخدمه مرة ثانية...!

تصوير المجند: لوران وهبه