نحن والقانون

الزواج المدني في لبنان
إعداد: د. نادر عبد العزيز شافي
دكتوراه دولة في الحقوق محام بالإستئناف

لا يوجد في لبنان حتى اليوم قانون موحّد للأحوال الشخصية. فلكل طائفة قوانينها الخاصة ومحاكمها الروحية والشرعية والمذهبية.
ويستنتج من مختلف أحكام التشريعات لدى الطوائف اللبنانية، أن الزواج هو عقد ثنائي علني ذو صفة دينية، يتفّق فيه رجل وإمرأة على الحياة معاً بغية تكوين أسرة. وهو يختلف عن غيره من العقود لأن مفعوله لا ينحصر بطرفيه، بل هو نظام إجتماعي ذو قدسية خاصة، هدفه تكوين الأسرة والتناسل وتبادل التعاون في جو عائلي قوامه الحب والإستقرار والطمأنينة، وهو النطاق الوحيد للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة تحت رعاية الشرائع السماوية.
إلا أن الشروط التي تفرضها التشريعات الدينية قد تكون عقبة أمام بعض الرجال والنساء المنتمين إلى طوائف مختلفة، والذين يريدون الزواج، فيقف عائقاً أمام ارتباطهم، إضافة إلى صعوبة الطلاق لدى بعض الطوائف وكلفته الباهظة التي قد تصل إلى آلاف الدولارات. مما دفع بالبعض إلى اقتراح الأخذ بالزواج المدني بهدف إيجاد الحلول القانونية لتلك المشاكل.

 

تعريف الزواج المدني
يمكن تعريف الزواج المدني بأنه عقد ثنائي بين رجل وإمرأة، بالغين، يتمّ بالرضاء والقبول، كسائر العقود المدنية، موضوعه الاتفاق على إقامة حياة زوجية مشتركة دائمة بين الزوجين.
وقد أقرّت معظم الدول الأجنبية وبعض الدول الاسلامية الزواج المدني، إما بشكل إلزامي وإما بشكل اختياري. وهو يعتبر إلزامياً في كل من فرنسا والمانيا وسويسرا وبلجيكا والسويد وإيطاليا ورومانيا والنروج وموناكو واللوكسمبورغ والبرازيل وأميركا اللاتينية وروسيا. لكنه يعتبر اختيارياً في انكلترا والولايات المتحدة الاميركية واليونان وإسبانيا.
أما القانون اللبناني، فلا يجيز عقد زواج مدني في لبنان، إلا أنه يعترف بالزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. وعليه، فإن الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام.
 

الزواج المدني في لبنان
مشروع الزواج المدني في لبنان ليس حديثاً فهو يعود إلى العام 1951 حين نوقش في البرلمان ثم رُفض. والعام 1960 بدأت جمعيات علمانية تطالب به من جديد عبر التظاهر. وعاد ليطرح في البرلمان من جديد العام 1975. وهو أثار جدلاً كبيراًَ عندما طرحه العام 1998 رئيس الجمهورية الأسبق الراحل الياس الهراوي.
العام 1999 نوقش مشروع قانون الزواج المدني في مجلس الوزراء، حيث تمت الموافقة عليه بالأغلبية (21 صوتاً)، إلا أن رئيس الوزراء رفيق الحريري لم يوقّع على المشروع ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، واعتذر قائلاً: «إن ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك».
قوبل مشروع الزواج المدني الإختياري في لبنان برفض كبير من رجال الدين حتى ولو كان إختيارياً، ولكل من هذه الطوائف أسبابها الخاصة لرفضه. وأمام هذا الواقع يلجأ الكثير من اللبنانيين إلى الزواج المدني خارج لبنان. وتعتبر قبرص إحدى الدول التي يتوجه إليها اللبنانيون الراغبون في عقد هذا الزواج خصوصاً إذا كان أحد الطرفين غير راغب في اعتناق دين الشريك الآخر.

 

الشروط القانونية للزواج المدني
طالما أن الزواج المدني هو عقد ثنائي، يجب أن تتوافر فيه الشروط القانونية العامة للعقود، وهي: الرضى والأهلية والموضوع والسبب والشكل في الحالات التي يفرضها القانون، سنداً للمادة 177 من قانون الموجبات والعقود. إلا أن الطبيعة الخاصة لعقد الزواج المدني، يفرض شروطاً خاصة لكل ركن من أركان هذا العقد، إضافة إلى وجوب أن يكون معقوداً خارج الأراضي اللبنانية لكي يتم الاعتراف به وتسجيله في دوائر النفوس والأحوال الشخصية الرسمية في لبنان.
ويمكن تقسيم الشروط القانونية لعقد الزواج المدني الى شروط شكلية، وأخرى موضوعية.

 

• الشروط الشكلية:
سنداً للمادة 25 من القرار الرقم 60 ل.ر. (13/3/1936) يعتبر عقد الزواج المدني صحيحاً من حيث الشكل، كل زواج معقود في الخارج وفقاً للأصول القانونية الشكلية المطبّقة في البلد الذي عُقد فيه.
وحيث أنه يستفاد مما تقدم أن المشروع اللبناني اعتمد من حيث المبدأ أحكام القانون الدولي الخاص إن لجهة إخضاع زواج اللبنانيين لقانونهم الوطني أو لجهة القول بصحة شكل الزواج الحاصل في الخارج وفقاً لأحكام البلد الذي تمّ فيه، إلا إنه راعى استثناء الخصوصية اللبنانية من حيث كون نظام الأحوال الشخصية في لبنان هو نظام تعددي طائفي، فاستدرك عدم إخضاع المسلمين اللبنانيين لأحكام القرار الرقم 60 تاريخ 1936 وتعديلاته.
وبالتالي، لكي يتم الاعتراف في لبنان بعقد الزواج المدني المعقود في الخارج، يجب أن يكون متوافقاً مع الشروط الشكلية التي يحددها القانون الأجنبي للبلد الذي جرى فيه هذا الزواج، فإذا كان ذلك القانون الأجنبي يفرض شكلية معينة، ككتابته خطياً أو رسمياً لدى كاتب العدل أو دائرة مختصة بقضايا الأحوال الشخصية أو أي مرجع رسمي آخر، يجب أن يكون عقد الزواج المدني مستوفياً تلك الشروط الشكلية.
وهذا تطبيقاً لما هو معمول به في القانون الدولي الخاص استناداً إلى قاعدة «المكان يسود العمل».

 

• الشروط الموضوعية:
يخضع الزواج المدني من الناحية الموضوعية للشروط المحددة في قانون الدولة محل الإبرام، الذي يحدد الشروط الموضوعية للعقد، فإما أن  يطبق قانون الزوجين الشخصي كما هي الحال في فرنسا، وإما أن يطبق قانون محل الابرام كما هي الحال في الولايات المتحدة الأميركية، أو قانون محل الإقامة كما هي الحال في بريطانيا وكندا. فالزواج المدني كمؤسسة قانونية، يجب أن تتوافر في عقده الشروط الأساسية للعقود، وهي الرضى والأهلية والموضوع والسبب. أما صحة تكوين عقد الزواج المدني فتقتضي عدم وجود موانع للزواج، وتحديد المهر والدوطة...

 

القضاء اللبناني والنظر في النزاعات الناشئة عن عقد الزواج المدني
تتعدّد المراجع القضائية اللبنانية المخوّلة النظر في النزاعات الناشئة عن الزواج نظراً الىتعدد الطوائف التي يوجد لكل منها قانونها المستقل، فإلى جانب القضاء المدني هناك القضاء الشرعي بفرعيه المذهبي والروحي للفصل في مسائل الأحوال الشخصية.
وما يعنينا في هذا المجال هو المحكمة المختصة في لبنان للنظر في النزاعات الناشئة عن عقد الزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية، فقد نصت المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية على أنه: «تختص المحاكم اللبنانية المدنية بالنظر في المنازعات الناشئة عن عقد الزواج الذي تم في بلد أجنبي بين لبنانيين أو بين لبناني وأجنبي بالشكل المدني المقرر في قانون ذلك البلد. وتراعى أحكام القوانين المتعلقة باختصاص المحاكم الشرعية والدرزية إذا كان كلا الزوجين من الطوائف المحمدية وأحدهما على الأقل لبنانياً».
وبناءً على ذلك، فإن المحاكم المدنية اللبنانية تكون مختصة للنظر بالنزاعات الناشئة عن الزواج المدني المعقود في الخارج بين مسيحيين، أو بين زوجين مختلفين دينياً (مسلم ومسيحية أو مسيحي ومسلمة)، أو بين مسلمين من مذاهب مختلفة.
أما إذا كان الزواج المدني معقوداً في الخارج بين مسلمين، لبنانيين أو لبناني وأجنبي، من المذهب الديني نفسه (سني أو شيعي)، فتكون المحاكم الشرعية، السنية أو الجعفرية، التي ينتمي اليها الزوجان، مختصة للنظر بتلك النزاعات سنداً للمادة 18 من قانون القضاء الشرعي السني والجعفري (الصادر بتاريخ 16/7/1962). أما إذا كان أحد الزوجين سنياً والآخر شيعياً فيكون الاختصاص للمحكمة الشرعية التابع لها مذهب الزوج سنداً للمادة 61 من قانون القضاء الشرعي المذكور.
يجدر بالإشارة أن بعض المحاكم الشرعية ترفض النظر بهذه النزاعات كونها ناجمة عن زواج مدني معقود خارج الأراضي اللبنانية بشكل مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، مما يشكل عقبة أمام حل هذا النوع من النزاعات، لذلك يلجأ المتخاصمون الى المحاكم المدنية التي قد تقبل باختصاصها، أما إذا رفضت فلا يكون هناك من حل سوى اللجوء الى محكمة حل الخلافات بين المحاكم الشرعية والمدنية لتعيين المرجع المختص بالنزاع المطروح سنداً للمادة 114 أ.م.م.
وإذا كان الزواج المدني معقوداً في الخارج بين لبناني وأجنبي، يعود للمحاكم اللبنانية المدنية صلاحية النظر بالنزاعات الناشئة عنه سنداً للمادة الأولى من القرار 109/1935 والمادة 79 أ.م.م. شرط مراعاة أحكام القوانين المتعلقة باختصاص المحاكم الشرعية والدرزية إذا كان كلا الزوجين من الطوائف المحمدية وأحدهما على الأقل لبنانياً.
أما زواج الأجانب، فيبقى خاضعاً لاختصاص المحاكم المدنية، سواء كان مدنياً أو دينياً سنداً لأحكام المادة الأولى من القرار 109 ل.ر. (14/5/1935) الذي يحدد صلاحية المحاكم المدنية للنظر في زواج غير اللبنانيين.

 

القانون الواحب التطبيق على عقد الزواج المدني
عندما يُطرح على القضاء اللبناني نزاع ناجم عن عقد زواج مدني معقود في الخارج، ويجد نفسه مختصاً للنظر بهذا النزاع، يبدأ البحث عن القانون الواجب التطبيق على هذا الزوج وعلى مفاعيله. وقد تعددت النظريات القانونية لتحديد هذا القانون، ومنها باختصار:

 

• قانون محل عقد الزواج:
أمام عدم وجود قانون مدني يرعى الزواج المدني في لبنان، كان لا بد من تطبيق قانون مكان الاحتفال بالزواج؛ أي قانون الدولة التي عُقد فيها الزواج أو قانون البلد الذي أُبرم فيه شرط أن لا يكون مخالفاً للنظام العام اللبناني.

 

• قانون إرادة الزوجين:
يأخذ أصحاب هذا الاتجاه بمبدأ حرية الزوجين في اختيار القانون الذي يحكم عقد زواجهما بما أن لهما حرية اعتناق المذهب وحرية عقد زواجهما في لبنان أو في الخارج.

 

• قانون الزوج:
يعتبر أنصار هذا الاتجاه أن القانون الواجب التطبيق على عقد الزواج المدني هو قانون الزوج، باعتباره رب العائلة. أما إذا كان قانون الزوج لا يعترف بهذا الزواج المدني، فيتم البحث عن قانون آخر قد يكون قانون محل عقد الزواج أو قانون إرادة الزوجين.

 

• قانون جنسية الزوجين:
يعتبر أصحاب هذا الاتجاه أن زواج اللبنانيين مدنياً في الخارج لا يعبر عن إرادة خضوعهم الى أحكام القانون المدني الذي عُقد الزواج في ظلّه، خصوصاً إذا لم تتح لهم حرية الاختيار لوجودهم في بلد أجنبي لا يعترف إلا بالزواج المدني (كفرنسا مثلاً). من هنا كان لا بد من تطبيق قانون جنسية الزوجين إذا كانا من الجنسية ذاتها.
لكن ذلك قد يثير مسألة هامة على الصعيد الديني، وهي وجوب تطبيق القوانين الدينية بما يتلاءم مع التعاليم الدينية من دون أي تشويه أو تفسير معاكس ومن دون ابتكار قواعد شرعية لا تأخذ بها المراجع الدينية المعنية بها. وهذا ما قد يثير صعوبات جمة أمام القاضي المدني الناظر بالنزاع، والذي عليه التعرف الى القواعد الدينية كافة قبل تحديد وتفسير القاعدة الدينية الواجبة التطبيق على النزاع المطروح أمامه.

 

• قانون محل إقامة الزوجين:
أمام العقبات التي واجهت تحديد القانون الواجب التطبيق على مفاعيل عقد الزواج، اقترح البعض تطبيق قانون محل إقامة الزوجين، باعتباره القانون الموضوعي الذي لا يرجح طرفاً على آخر، ويعبر عن البيئة الاجتماعية التي تتصل بالعلاقة الزوجية. إلا أن الاجتهاد اللبناني لم يأخذ بهذا الاتجاه نظراً الى تعدد الطوائف المعترف بها في لبنان، فأصبح من المستحيل أن يطبق على الأجنبي المقيم في لبنان قانون محل إقامته عندما يكون من دون طائفة أو منتمياً الى طائفة غير معترف بها في لبنان.

 

الوضع القانوني عند تعدد عقود الزواج الدينية والمدنية
قد يلجأ الزوجان الى عقد زواج ديني بعد أن يكونا قد عقدا زواجاً مدنياً خارج لبنان لأسباب اجتماعية أو دينية أو غيرها، مما يطرح التساؤل عن موقف القانون من كلا العقدين وآثار كل عقد. فهل يخضع الزوجان لنظام الزواج المدني أم لنظام الزواج الديني؟ ومن هي المحكمة المختصة للنظر بالنزاعات الناشئة بين الزوجين، المدنية أم الدينية؟

 

• تغليب الزواج الأسبق تاريخاً:
يعتبر هذا الرأي أنه يجب اعتماد التسلسل الزمني للمفاضلة بين الزيجات المعقودة لتحديد المرجع القضائي المختص وظيفياً للنظر بالنزاع، مستنداً الى نص المادة 14 من القانون المختص بتحديد صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف التي نصت على أنه: «... وبحال وجود عقدين صحيحين أو أكثر، فالسلطة المختصة هي التي عقد لديها العقد الأول. وبحال وجود عقدين أو أكثر أحدهما فقط موافق للأصول الواردة فيما يلي فالسلطة المختصة هي التي أجري لديها العقد الصحيح».

 

• تغليب الزواج المسجّل أصولاً:
يعتبر هذا الرأي أن القوانين اللبنانية فرضت تسجيل عقود الزواج في دوائر الأحوال الشخصية المختصة لإعطائها المفاعيل القانونية. وبالتالي، إذا عقد الزوجان عقدي زواج أحدهما مدني والآخر ديني وقاما بتسجيل أحد العقدين فقط في دوائر الأحوال الشخصية الرسمية، يكون العقد المسجّل هو الواجب الأخذ به. فإذا جرى تسجيل عقد الزواج المدني، يكون هذا العقد هو الساري المفعول وتكون المحاكم المدنية هي المختصة للنظر بالنزاعات الزوجية، أما إذا سجّل الزوجان عقد الزواج الديني، فيُعمل بهذا الزواج وتكون المحاكم الدينية المسجّل لديها هي المختصة للنظر بالنزاعات الزوجية.

 

• تغليب العقد الديني على العقد المدني:
اعتبر الاجتهاد الراجح في المحاكم اللبنانية أنه في حال تعدد عقود الزواج بين مدنية ودينية، تكون الغلبة للعقد الديني، وتكون الصلاحية للمحاكم الدينية الطائفية المختصة للنظر بالدعاوى الناشئة عن الزواج، حتى ولو تذرّع أحد الطرفين بأن الزواج الديني قد عُقد لأسباب اجتماعية محضة من دون نية التقيد بأحكامه.
وقد اعتبر الاجتهاد اللبناني أنه من المسلّم به في الفقه والاجتهاد اللبنانيين وفي حقل القانون الدولي الخاص أن المرء يخضع في أحواله الشخصية لقانونه الوطني، وأن العقد يخضع من حيث الشكل لقانون محل انعقاده إعمالاً لقاعدة المكان يسود العقد. وتطبيقاً للمبادئ آنفة الذكر يخضع زواج اللبنانيين أينما حصل لأحكام قانونهم الوطني إلا في ما ورد عليه استثناء، وهذا ما كرسته وأكدته المادتان 10 و24 من القرار 60، إذ نصت على أنه في ما عدا الاستثناء المنصوص عليه في المادة 25 يكون لاغياً وليس له مفعول الزواج المحتفل به.
إذاً فإن إجراء عقد الزواج أمام المرجع المدني وتالياً أمام المرجع الديني يجعل الرابطة الزوجية مقبولة من نظام الأحوال الشخصية التابع له الزوجان معاً فيخضعها لسلطانه، وبالتالي تنتفي الحاجة والضرورة من إخضاعها للقانون المدني الأجنبي كحالة وحل استثنائيين وذلك عندما يحصل الزواج المدني في الخارج منفرداً ويستعيد مبدأ حكم القانون الشخصي في الأحوال الشخصية سيادته على الموضوع لأنه الأصل. فالنزاع المحكوم أساساً بقواعد مدنية يدخل ضمن اختصاص القضاء المدني، أما النزاع المحكوم بقواعد مذهبية فيدخل ضمن اختصاص القضاء المذهبي وهذا الحل اعتمده الفقه والاجتهاد قبل وضع نص المادة 79 أصول جديدة. وقد جاءت هذه المادة لتكرّس الحل السابق، باعتبار الزواج القائم بين الفريقين خاضعاً لأحكام قانون الأحوال الشخصية الخاصة بكل طائفة من الطوائف المعترف بها في لبنان.
كما اعتبر الاجتهاد اللبناني أن اتجاه الزوجين لإبرام زواج ديني بالرغم من وجود زواج مدني خارج لبنان دليل على إيمان الزوجين بهذا الزواج الديني، فتعطى الأولوية له تكريساً لمبدأ حرية المعتقد وتطبيقاً لنوايا الطرفين، خصوصاً أن الدستور اللبناني كرّس حماية الطوائف المعترف بها وبنظام أحوالها الشخصية.

 

أين يكمن الحل؟
أمام كل هذه الصعوبات التي تعترض الزواج المدني المعقود خارج لبنان، لا بد من إيجاد حلول قانونية وعملية للمشاكل المرتبطة بالعلاقات الزوجية من أجل تحقيق الاستقرار والسلام العائلي الذي يشكّل أساس الاستقرار والسلام في المجتمع، وذلك إما بوضع قانون خاص بالزواج المدني، وإما بتوحيد الحلول القضائية؛ إذا لا يجوز أن تصدر عدة أحكام قضائية مختلفة كلياً في وضع حلول متناقضة للمشاكل ذاتها المتعلقة بالعلاقات الزوجية الناجمة عن النزاعات المرتبطة بعقد الزواج المدني. كما لا يجوز أن يتم الاعتراف بالزواج المدني المعقود خارج لبنان ويتم تسجيله في قيود النفوس وسجلات الأحوال الشخصية اللبنانية، ويُحظّر عقد هذا الزواج على الأراضي اللبنانية، فالحل هو إما بمنع هذا النوع من الزواج، وإما بوضع قانون خاص ينظّم شروطه ومفاعيله القانونية كافة، للحد من الاحتيال على القانون.


المراجع:
• د. بشير البيلاني: قوانين الأحوال الشخصية في لبنان، دار العلم للملايين، بيروت 1995.
• القاضي أنطوان الناشف ومحافظ الشمال خليل الهندي: الزواج المدني الاختياري في لبنان، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان 1998.
• القاضي جون القزي: الزواج المدني، بيروت 2007.
• د. ادمون نعيم: الوجيز في القانون الدولي الخاص، بيروت 1967.
• د. مصطفى منصور: المختصر في القانون الدولي الخاص، بيروت 1991.
• د. سامي منصور: حدود ومجالات التغيير في النظام القانوني العائلي، 1996.
• Emile Tyan: Précis de Droit International privé Librairie Antoine éd. 1966.


موجبات عقد الزواج المدني
1- عدم اقتران أحد الطرفين بزواج سابق ويجب الإبلاغ عن الرغبة في الزواج قبل 15 يوماً من إبرام عقد الزواج المدني.
2- يجب على الأزواج الإنتظار ثلاث سنوات قبل تقديم طلب طلاق.
3- يقبل الطلاق في حال الخيانة، ويلغى الزواج في حال الخطأ في الشخص والغش والإكراه.
ويتبين من مضمون هذا المشروع، أن شروط الطلاق أو إلغاء الزواج المدني قاسية، فالزواج المدني هو عقد غير قصير المدة وليس بالإمكان حلّه بسهولة.