السرية 803
إعداد: ندين البلعة

الاندفاع والمناقبية


تميزت معركة نهر البارد بدقة التنسيق وعمق التعاون بين مختلف القطع المشاركة، حيث قاتلت سرايا من ألوية المشاة الى جانب المغاوير ومغاوير البحر والمجوقل، بكفاءة وبسالة وروح معنوية عالية. هذه المعركة، معركة الجيش، بل معركة لبنان، هذه القناعة عبّر عنها الجميع الى أي قطعة انتموا. وكمثال على هذا التنسيق والتعاون، وُضعت سرية من اللواء الثامن بتصرف اللواء الخامس.

 

هنا استشهد... وهنا جُرح
في جولتنا على أرض المخيم راح أفراد من السرية 803 في اللواء الثامن يشيرون الى نقاط تركت أثراً في نفسهم، ويشرحون بعض المهام الأساسية التي قاموا بها.
على الطريق المؤدية الى «طريق النضال» - هذا الطريق الذي شقّه اللواء الخامس وصولاً الى منطقة ناجي العلي والتعاونية - دلّنا قائد السرية 803 على غرفة كان أفراد اللواء يتمركزون فيها. في هذه الغرفة ذخائر وأسلحة كان العسكريون يستخدمونها في معركتهم. ويضيف المقدم «في آخر طريق النضال، وبالتحديد قرب التعاونية، أصيب قائد السرية 803 السابق، وكان على رأس عسكرييه، استشهد معه عسكري وأصيب آخرون، كان ذلك بتاريخ 24 آب».
«هذا اليوم كان هو الأسوأ. ولكننا تابعنا مهامنا ولم نيأس أبداً».

 

اندفاع وأخلاق
ويتحدث مساعد قائد السرية 803 بفخر عن إندفاع العسكر في أداء مهامهم: لم يتركوا لحظة إلا واستغلوها لإنجاز مهامهم. أحياناً كنا نضطر الى إجبارهم على التوقف حفاظاً على أرواحهم.
وينوّّه المقدم بأخلاقية العسكريين وانضباطهم وما أبدوه من مشاعر إنسانية. «على الرغم من شراسة المعركة والمعتدين، كانت التعليمات واضحة حتى من قائد لوائنا البعيد عن الجبهة بإنقاذ كل من يستسلم وعدم قتله، وقد نفّذوها بكل انضباط».
ويضيف قائلاً: «عندما كنا متمركزين في مدارس الأونروا، اكتشفنا ملجأً أمامنا سمعنا فيه أصوات بكاء أولاد، أعطينا الأوامر بتفادي إطلاق النار تلافياً لإصابة النساء أو الأولاد وعملنا على مناداتهم للإستسلام».
معاون يشغل وظيفة آمر حضيرة في الفصيلة الثالثة من السرية 803 يقول لنا: خدمت 23 سنة في الجيش، هذه الحرب هي الأسوأ. لم نخض مثلها من قبل. نحن مدربون على الحرب النظامية وهنا قاتلنا تنظيماً إرهابياً لا يلتزم قواعد الحرب وقوانينها. لكننا أنجزنا المهمة بفضل عزيمتنا وإصرارنا. رقيب أول يؤكد ما قاله رفيقه: «لم يكن قتالاً عادياً. إننا نحارب مجموعات إرهابية لا قوانين قتال تتبعها، وهذا ما زاد الحرب شراسة».

 

فقدنا رفاقاً وأخوة
وإذا سألتهم عن الشهداء، يجيب أحدهم وصورة الرقيب الشهيد بيار أمين بوضلع على صدره: «فقدنا رفاقاً وأخوة. كلما سقط أحد منا، كان سقوطه يعطينا اندفاعاً».
عريف من السرية نفسها يضيف الى ما ذكره رفاقه: «هؤلاء الإرهابيون لا يقيمون اعتباراً للحياة ولا حرمة عندهم للموت، كانوا يفخخون أنفسهم لينفّذوا هجومات انتحارية ضدنا. وكانوا يفخخون الجثث، كانت بينهم نساء، كن يقاتلن ويرمين العبوات... هنا (يشير الى دشمة) كنا نسمع صوت امرأة تصرخ طوال الوقت، كانت تقاتل معهم».

 

لم أشعر من قبل بهذه السعادة
تنتهي جولتنا مع السرية 803 بلقاء مع أحد المجنّدين، خبرتي لا تتعدى السنتين يقول، «لكن الحمد لله قمنا بواجبنا، الضباط والرفاق دائماً الى جانبنا، اكتسبت الكثير من الخبرة في هذه المعركة، وأفكر بالتطوّع في الجيش. لقد أصبحت أكثر ارتباطاً بهذه المؤسسة».
أمّا عن لحظات الانتصار فيقول: «لم أشعر في حياتي من قبل بهذا القدر من السعادة».