السلاح الذكي والأخلاق

السلاح الذكي والأخلاق
إعداد: العميد الركن حسن أيوب
مدير التوجيه

يبدو أن دخول الروبوتات في النزاعات المسلّحة هو منطقي بقدر كونه محتمًا، فإن كان الأمر يتعلّق بآلات برية أو جوية أو بحرية فالروبرتات تمثّل، من وجهة نظر العسكريين على الأقل، كل الميّزات. فهي أقل كلفةً، وتتكيّف مع كل المواقف، وتوفّر للجندي المعلومات الثمينة وحتى غير المسبوقة، وتحدّ من الخسائر البشرية. ومعظم الأنظمة الروبوتية الموجودة اليوم تُقاد عن بعد، واستقلاليتها تتحدَّد بتصحيح الشائبات والملاحة أو تلافي الحواجز. ولكن هل سيبقى الأمر هكذا ؟ فكلما تعقّدت البرامج الالكترونية واللواقط كلما زادت التجربة لجعل الروبوتات المسلّحة تشغّل ذاتها بذاتها.
ونظرياً أي روبوت قوي وشديد الذكاء ممكن تصنيعه، وتبقى طريقة عمله مسألة مفتوحة على كل التوقّعات والاحتمالات. وخلال الخمسين السنة القادمة سيطغى قسم الذكاء غير البيولوجي على حضارتنا، الذي إذا طبّق على ميادين أخرى مثل الاستراتيجيا فسيكون اتخاذ القرار أو الأسلحة الذكية ما تتميّز به القّوة العسكرية، واذا أخذنا على سبيل المثال النسخة المسلّحة من الطائرة من دون طيّار فلا سبب البتة لوجود إنسان على متنها، وانما يكون طيّارها في حيّز الواقع الافتراضي من حيث يديرها، الأمر الذي يسمح بأن تكون هذه الطائرة أصغر حجماً، وأن تواجه مخاطر أكثر وتحمل تجهيزات لإدارة الوظائف الحيوية، وقد تزّود هذه الأسلحة، وبطريقة متنامية، قدرات معقّدة تسمح لها باتخاذ قراراتها التكتية الخاصة بنفسها. وتقنياً، اعتباراً من العام 2030، سيغدو التدخّل البشري لحظة اتخاذ قرار إطلاق النار غير ضروري، وتصبح المشكلة على المستوى الأخلاقي. أي إلى أي حد يمكن أن تكون آلة مزوّدة ترسانة أسلحة مستقلة ذاتياً وحرةّ في اتخاذ قرارها بإطلاق النار، من دون أن يتدخل الإنسان. فهل يجوز أن يسمح لطائرة من دون طيّار أن تقرّر قصف باص مدرسة لمجرد أن أجهزتها حدّدت بموجب معطياتها أنه عدو ؟
حقيقة ستغيّر معطيات الحرب التقليدية، وستساهم في تحقيق التفوّق التكتي ولكنها ستعدّل جذرياً العلاقة بين الجندي وسلاحه وبالتالي بين الانسان والحرب.
حقيقة نأمل ألا تتحقّق، وأن يحافظ الانسان على ذرّة من الأخلاق والانسانية إزاء أخيه الإنسان.