إقتصاد ومال

السياسات الضرائبية المعتمدة
إعداد: تريز منصور

ما هي انعكاساتها على النمو وفرص العمل؟

 

تهدف الرؤية الضرائبية في معظم دول العالم إلى تعزيز النمو وتوسيع دائرة فرص العمل، إلا أنه ثمّة تمايز على مستوى السياسات الضرائبية المعتمدة، إذ تنقسم الضرائب إلى مباشرة وغير مباشرة.
لبنان من الدول التي تعتمد على الضرائب غير المباشرة، ولا سيّما ضريبة القيمة المضافة (TVA) لسدّ احتياجات الدولة وتأمين الإيرادات الفورية.
ما هي انعكاسات هذه الضرائب على النمو وفرص العمل والاقتصاد بشكل عام؟
الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني، يلقي الضوء، من خلال حوار أجرته معه مجلة «الجيش».


مفهوم الضريبة
• ما هو مفهوم الضريبة في عالم الاقتصاد؟

- الضريبة هي مبلغ إلزامي من المال تفرضه الدولة على أنشطة المواطن، كضريبة الدخل مثلاً، ومن دون أن يكون لها أي نفع مباشر له، أي من دون أن تقدّم الدولة خدمات معيّنة، وذلك بهدف تغطية نفقاتها أو سدّ احتياجاتها.
والجدير بالذكر في هذا الإطار أن الموازنة تنقسم إلى قسمين:
الأول يتعلّق بالنفقات الجارية، الرواتب والأجور، خدمة الدين العام، والنفقات التشغيلية.
والثاني يتعلّق بالنفقات الاستثمارية (مشاريع الطرقات، المستشفيات، الصرف الصحي...).
وتغطّي الدولة نفقاتها من مصدرين: الإجراءات الضرائبية والاستدانة، كما هو حاصل في لبنان. ومع العلم أن الاستدانة هي قاعدة عامة معتمدة لدى جميع الدول، فإن التحدّي يتعلّق بحجمها. فإذا أخذنا المعايير المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، نجد أن معيار ماستريخ يقتضي بأن يكون العجز أقل من 3 المئة من الناتج المحلي، بينما يتجاوز في لبنان الـ9 في المئة، لذلك نجد أن هذا الأمر مقلق ويحمل مخاطر جدّية للمستقبل الاقتصادي والمالي في لبنان.
أما الرسوم فهي مبالغ مالية يدفعها المواطن بشكل إلزامي لقاء حصوله على خدمات معيّنة كالرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة (TVA) التي تشمل السلع الاستهلاكية والخدماتية (الاتصالات، الكهرباء، المياه والبضائع...). وتصنّف الرسوم من ضمن بنود الضرائب غير المباشرة.
ويضيف: للأسف الشديد، إن السلع في لبنان تخضع لرسمين، الرسم الجمركي والرسم المتعلّق بالضريبة على القيمة المضافة (TVA)، بينما تخضع عالميًا إلى الضريبة على القيمة المضافة (TVA) فقط.

 

بين المباشر وغير المباشر
• ما هي انعكاسات هذا الأمر؟

- من نتائج السياسة الضرائبية طغيان الضرائب غير المباشرة وضعف فعاليتها، وعدم تحقيقها للعدالة الضرائبية والمساواة، إنطلاقًا من توزّع المداخيل، بالإضافة إلى ضعف قدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية.
تمثّل الضرائب المباشرة في لبنان، حوالى 40 في المئة من إجمالي الإيرادات الضرائبية، وهي كالآتي:
- ضريبة الدخل على أرباح الشركات (15 في المئة)، وقد ترتفع النسبة في الموازنة الجديدة إلى 17 في المئة.
- ضريبة الدخل على الرواتب والأجور (تراوح بين 2 و20 في المئة)، وتطال بشكل رئيس موظفي القطاعين العام والخاص، أي الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل. وأقترح في هذا السياق رفع الشطر الأعلى من الضريبة إلى 25 في المئة لتطال المداخيل المرتفعة.
- ضريبة الدخل على فوائد الودائع (5 في المئة)، ومقدّر أن ترتفع في الموازنة الجديدة إلى الـ 7 في المئة، ما يوفّر إيرادات إضافية في مشروع موازنة 2017 (حوالى 410 مليارات ليرة لبنانية).
- الضريبة على البيوعات العقارية، وقد أدرجت الحكومة في الموازنة العامة، إجراءات إصلاحية في هذا القطاع، حيث أُخضعت البيوعات للأفراد إلى الضريبة على الربح العقاري بمعدل 15 في المئة.
أما الضرائب غير المباشرة، فهي تمثّل 60 في المئة من إجمالي الإيرادات الضرائبية، ومن أبرزها: الضريبة على القيمة المضافة TVA، التي تُمثّل 31 في المئة من إجمالي الإيرادات الضرائبية، وتحاول الحكومة رفعها (من 10 إلى 11 في المئة). والرسوم على التجارة والمبادلات الدولية (رسم جمركي على التبغ، البنزين، السيارات...)، وهي تمثّل 19 في المئة من الإيرادات الضرائبية.


رؤية ضرائبية هادفة
• ما هو الهدف من السياسة الضرائبية في لبنان؟

- تهدف الدولة اللبنانية من خلال السياسة الضرائبية التي تعتمدها إلى تعزيز الإيرادات الضرائبية. وتأثير هذه السياسة، في ما يتعلّق بالنمو الاقتصادي وتوسيع دائرة فرص العمل، والوضعين الاجتماعي والمعيشي، هو ضعيف.
ومن الصعب جدًا أن يتمّ وضع رؤية ضرائبية هادفة في لبنان، طالما أن الهدف الأساسي للدولة اللبنانية هو حصرًا تعزيز الإيرادات، الأمر الذي يفسّر لجوءها إلى رفع الضريبة على القيمة المضافة التي تؤمّن إيرادات ضرائبية فورية، تقارب الـ300 مليار ليرة في السنة.
وأخيرًا، يشير وزني إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تعتمد الضريبة غير المباشرة والتي تراوح نسبتها بين 25 و35 في المئة، علمًا أن لبنان يعتمد على الآلية نفسها، بينما تعتمد الولايات المتحدة الأميركية الضرائب المباشرة، والتي تصل معدلاتها في معظم الأحيان إلى 45 في المئة.